الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

صلاة توبة

صلاة توبة

الفصل الخامس والعشرون

صلاة توبة

اشعياء ٦٣:‏١٥–‏٦٤:‏١٢

١،‏ ٢ (‏أ)‏ ما هو القصد من التأديب الالهي؟‏ (‏ب)‏ ايّ خيار سيواجهه اليهود بعدما يؤدبهم يهوه؟‏

كان دمار اورشليم وهيكلها سنة ٦٠٧ ق‌م عملا تأديبيا من يهوه،‏ تعبيرا عن عدم رضاه الشديد.‏ فقد استحقت امة يهوذا المتمردة العقاب الصارم.‏ لكنَّ يهوه لم ينوِ ابادة اليهود.‏ وقد اشار الرسول بولس الى القصد من تأديب يهوه حين قال:‏ «صحيح ان كل تأديب لا يبدو في الحاضر مفرحا،‏ بل محزنا؛‏ ولكنه بعد ذلك يعطي من تدرَّب به ثمر سلام،‏ اي برًّا».‏ —‏ عبرانيين ١٢:‏١١ .‏

٢ فكيف سيتجاوب اليهود مع هذه التجربة الصعبة؟‏ هل سيبغضون تأديب يهوه؟‏ (‏مزمور ٥٠:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ أم سيقبلونه كتدريب لهم؟‏ هل سيتوبون ويُشفَون؟‏ (‏اشعياء ٥٧:‏١٨؛‏ حزقيال ١٨:‏٢٣‏)‏ تشير نبوة اشعيا الى ان بعضا على الاقل من سكان يهوذا السابقين سيتجاوبون حسنا مع التأديب.‏ فمن الاعداد الاخيرة للاصحاح ٦٣ وحتى آخر الاصحاح ٦٤‏،‏ تُصوَّر امة يهوذا شعبا نادما يقترب الى يهوه بتضرعات نابعة من القلب.‏ فالنبي اشعيا،‏ نيابةً عن مواطني بلده في السبي المستقبلي،‏ يتفوَّه بصلاة توبة.‏ وفيها يتكلم عن الاحداث المقبلة كما لو انها حدثت امام عينيه.‏

ابٌ رؤوف

٣ (‏أ)‏ كيف ترفِّع صلاة اشعيا النبوية يهوه؟‏ (‏ب)‏ كيف تُظهر صلاة دانيال ان صلاة اشعيا النبوية تمثِّل افكار اليهود التائبين في بابل؟‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة ٣٦٢ .‏)‏

٣ يصلّي اشعيا الى يهوه قائلا:‏ ‏«تطلَّع من السموات وانظر من مسكن قدسك ومجدك».‏ يتحدث النبي عن السموات الروحية،‏ حيث يسكن يهوه ومخلوقاته الروحانية غير المنظورة.‏ ويمضي اشعيا قائلا،‏ معبِّرا عن افكار اليهود المسبيين:‏ ‏«اين غيرتك وجبروتك.‏ زفير احشائك ومراحمك نحوي امتنعت».‏ ‏(‏اشعياء ٦٣:‏١٥‏)‏ لقد كبت يهوه قوته وضبط مشاعره العميقة —‏ ‹زفير احشائه ومراحمه› —‏ تجاه شعبه.‏ لكنَّ يهوه هو «ابو» الامة اليهودية.‏ صحيح ان ابراهيم وإسرائيل (‏يعقوب)‏ هما جدَّاهم الطبيعيان،‏ ولكن لو عادا الى الحياة لَكان محتملا جدا ان يرفضا ذريتهما المرتدَّة هذه.‏ أما يهوه فرأفته اعظم.‏ (‏مزمور ٢٧:‏١٠‏)‏ يقول اشعيا شاكرا:‏ ‏«انت يا رب ابونا وليُّنا منذ الابد اسمك».‏ —‏ اشعياء ٦٣:‏١٦ ‏.‏

٤،‏ ٥ (‏أ)‏ بأيّ معنى يُضل يهوه شعبه عن طرقه؟‏ (‏ب)‏ ما نوع العبادة التي يطلبها يهوه؟‏

٤ يمضي اشعيا قائلا بتعبير مخلص:‏ ‏«لماذا اضللتنا يا رب عن طرقك.‏ قسَّيت قلوبنا عن مخافتك.‏ ارجع من اجل عبيدك اسباط ميراثك».‏ ‏(‏اشعياء ٦٣:‏١٧‏)‏ نعم،‏ يصلّي اشعيا ان يلتفت يهوه من جديد الى عبيده.‏ ولكن بأيّ معنى اضلَّ يهوه اليهود عن طرقه؟‏ أَهوَ مسؤول عن تقسِّي قلوبهم الذي جعلهم لا يخافونه؟‏ كلا،‏ لكنه يسمح به،‏ واليهود —‏ من فرط يأسهم —‏ آسفون لأن يهوه اعطاهم هذه الحرية.‏ (‏خروج ٤:‏٢١؛‏ نحميا ٩:‏١٦‏)‏ فهم يودّون لو تدخَّل يهوه ومنعهم من فعل الخطإ.‏

٥ طبعا،‏ لا يتعامل اللّٰه مع البشر بهذه الطريقة.‏ فنحن نملك حرية الاختيار،‏ ويسمح يهوه لنا بأن نقرِّر نحن بأنفسنا هل نطيعه ام لا.‏ (‏تثنية ٣٠:‏​١٥-‏١٩‏)‏ يريد يهوه عبادة نابعة من قلوبٍ وعقول تدفعها المحبة الاصيلة.‏ ولهذا السبب سمح لليهود بأن يمارسوا ارادتهم الحرة،‏ رغم ان ذلك فسح لهم المجال ان يتمردوا عليه.‏ بهذه الطريقة قسَّى قلوبهم.‏ —‏ ٢ أخبار الايام ٣٦:‏​١٤-‏٢١ .‏

٦،‏ ٧ (‏أ)‏ ماذا ينتج من ترك اليهود طرق يهوه؟‏ (‏ب)‏ اية امنية غير مجدية يتمنونها،‏ ولكن ايّ شيء لا يملك اليهود الحق في توقعه؟‏

٦ وما هي النتيجة؟‏ يقول اشعيا نبويا:‏ ‏«الى قليل امتلك شعبُ قدسِك ‏[‏‏«شعبك المقدَّس»،‏ تف‏]‏‏.‏ مضايقونا داسوا مقدسك.‏ قد كنا منذ زمان كالذين لم تحكم عليهم ولم يُدعَ عليهم باسمك».‏ ‏(‏اشعياء ٦٣:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ امتلك شعب يهوه مقدسه فترةً من الوقت.‏ ثم سمح يهوه بأن يدمَّر مقدسه وتُسبى امته.‏ وعندما حدث ذلك،‏ بدا كما لو انه لم يكن هنالك عهد بينه وبين نسل ابراهيم،‏ وكما لو ان اسمه لم يُدعَ عليهم قط.‏ وها اليهود الآن اسرى في بابل،‏ فيصرخون من شدة يأسهم:‏ ‏«ليتك تشق السموات وتنزل.‏ من حضرتك تتزلزل الجبال.‏ كما تشعل النار الهشيم وتجعل النار المياه تغلي لتعرِّف اعداءك اسمك لترتعد الامم من حضرتك».‏ ‏(‏اشعياء ٦٤:‏١،‏ ٢‏)‏ فيهوه قادر ان يخلّص.‏ وبإمكانه دون شك ان ينزل ويحارب عن شعبه،‏ ممزقا الانظمة الحكومية المشبهة بسموات ومحطما الامبراطوريات المشبهة بجبال.‏ ويمكن ان يعرِّف يهوه اسمه بإظهار غيرته النارية من اجل شعبه.‏

٧ كان يهوه قد فعل امورا كهذه في الماضي.‏ يروي اشعيا:‏ ‏«حين صنعت مخاوف لم ننتظرها نزلت تزلزلت الجبال من حضرتك».‏ ‏(‏اشعياء ٦٤:‏٣‏)‏ هذه الاعمال العظيمة هي تأكيد على قدرة يهوه وألوهيته.‏ ولكن لا يحق لليهود غير الامناء في ايام اشعيا ان يتوقعوا من يهوه فعل ذلك من اجلهم.‏

يهوه وحده قادر ان يخلّص

٨ (‏أ)‏ ما هي احدى الطرائق التي يختلف بها يهوه عن آلهة الامم الباطلة؟‏ (‏ب)‏ لماذا لا يتدخل يهوه ويخلّص شعبه،‏ مع ان في مقدوره فعل ذلك؟‏ (‏ج)‏ كيف يقتبس الرسول بولس اشعياء ٦٤:‏٤ ويطبقها؟‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة ٣٦٦ .‏)‏

٨ لا تقوم الآلهة الباطلة بأعمال انقاذية عجائبية لتخلّص عبّادها.‏ يكتب اشعيا:‏ ‏«منذ الازل لم يسمعوا ولم يصغوا.‏ لم ترَ عين الها غيرك يصنع لمَن ينتظره.‏ تلاقي الفرِح الصانع البر.‏ الذين يذكرونك في طرقك».‏ ‏(‏اشعياء ٦٤:‏٤،‏ ٥ أ‏)‏ فيهوه وحده «يكافئ الذين يجدّون في طلبه».‏ (‏عبرانيين ١١:‏٦‏)‏ ويتدخل لحماية صانعي البر والذين يذكرونه.‏ (‏اشعياء ٣٠:‏١٨‏)‏ فهل هذا ما يفعله اليهود؟‏ كلا.‏ يقول اشعيا ليهوه:‏ ‏«لَكَم سخطت علينا لأننا واظبنا على ارتكاب الآثام زمانا طويلا،‏ فكيف لمِثلنا ان يخلُص؟‏» ‏(‏اشعياء ٦٤:‏٥ ب،‏ تف‏)‏ فلأن شعب اللّٰه لهم سجل طويل من المواظبة على ارتكاب الآثام،‏ لا يوجد سبب يجعل يهوه يكبت غضبه ويخلّصهم.‏

٩ ماذا يمكن ان يرجو اليهود التائبون،‏ وماذا نتعلم من ذلك؟‏

٩ ليس بإمكان اليهود ان يغيِّروا الماضي،‏ ولكن اذا تابوا ورجعوا الى العبادة النقية،‏ يمكنهم ان يرجوا الغفران والتمتع بالبركات في المستقبل.‏ وسيكافئ يهوه التائبين في وقته المعيَّن بإطلاقهم من الاسر البابلي.‏ ولكن يلزم ان يصبروا.‏ فمع انهم تابوا،‏ لن يغيِّر يهوه برنامجه.‏ ومع ذلك،‏ فالتحرُّر اكيد في النهاية اذا بقوا ساهرين وتجاوبوا مع مشيئة يهوه.‏ وكذلك اليوم يستمر المسيحيون في انتظار يهوه بصبر.‏ (‏٢ بطرس ٣:‏١١،‏ ١٢‏)‏ فلنتذكر كلمات الرسول بولس الذي قال:‏ «لا يفتر عزمنا في فعل ما هو حسن،‏ لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نعيي».‏ —‏ غلاطية ٦:‏٩ .‏

١٠ ايّ عجز يُعترف به بصراحة في صلاة اشعيا؟‏

١٠ ان صلاة اشعيا النبوية هي اكثر من اعتراف رسمي بالخطية.‏ انها تعبير عن اعتراف الامة الصادق بعجزها عن تخليص نفسها.‏ يقول النبي:‏ ‏«قد صرنا كلنا كنجس وكثوب عِدَّة ‏[‏‏«كثوب قذِر»،‏ تف‏] كل اعمال برنا وقد ذبلنا كورقة وآثامنا كريح تحملنا».‏ ‏(‏اشعياء ٦٤:‏٦‏)‏ لقد توقف اليهود التائبون،‏ بحلول نهاية السبي،‏ عن ممارسة الارتداد.‏ والتفتوا الى يهوه بأعمال البر.‏ لكنهم لا يزالون ناقصين.‏ وأعمالهم الصالحة،‏ وإن كانوا يُمدحون عليها،‏ ليست افضل من ثياب قذرة من جهة التكفير عن الخطايا.‏ فغفران يهوه هو هبة غير مستحقة تدفعها رحمته.‏ وهو ليس شيئا يكتسبه المرء لأنه يستأهله.‏ —‏ روما ٣:‏٢٣،‏ ٢٤ .‏

١١ (‏أ)‏ اية حالة روحية سيئة قائمة بين معظم اليهود المسبيين،‏ وما سبب ذلك على الارجح؟‏ (‏ب)‏ مَن كانوا امثلة رائعة للايمان خلال السبي؟‏

١١ وماذا يرى اشعيا في نظرته الى المستقبل؟‏ يقول النبي:‏ ‏«ليس مَن يدعو باسمك او ينتبه ليتمسك بك لأنك حجبت وجهك عنا وأذبتنا بسبب آثامنا».‏ ‏(‏اشعياء ٦٤:‏٧‏)‏ ان الحالة الروحية للامة مزرية للغاية.‏ فالشعب لا يدعو باسم اللّٰه في الصلاة.‏ ومع انهم غير مذنبين بعدُ بخطية الصنمية الفاضحة،‏ فهُم كما يَظهر مهملون في عبادتهم،‏ ولا احد «ينتبه ليتمسك» بيهوه.‏ فمن الواضح انهم لا يتمتعون بعلاقة جيدة بالخالق.‏ ربما يشعر البعض بأنهم لا يستحقون مخاطبة يهوه في الصلاة.‏ وربما يعيشون حياتهم اليومية الروتينية دون التفكير فيه.‏ طبعا،‏ هنالك بين المسبيين اشخاص هم امثلة حسنة للايمان،‏ مثل دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا وحزقيال.‏ (‏عبرانيين ١١:‏٣٣،‏ ٣٤‏)‏ وباقتراب الـ‍ ٧٠ سنة من السبي من نهايتها،‏ يتهيأ رجال مثل حجاي وزكريا وزربابل ورئيس الكهنة يهوشع لأخذ القيادة في الدعاء باسم يهوه بطريقة ممتازة.‏ ولكن يبدو ان صلاة اشعيا النبوية تصف حالة اغلبية المسبيين.‏

‏«الاستماع افضل من الذبيحة»‏

١٢ كيف يعبِّر اشعيا عن استعداد اليهود التائبين لتغيير مسلكهم؟‏

١٢ يريد اليهود التائبون ان يتغيروا.‏ يصلّي اشعيا الى يهوه،‏ ممثِّلا اياهم:‏ ‏«والآن يا رب انت ابونا.‏ نحن الطين وأنت جابلنا وكلنا عمل يديك».‏ ‏(‏اشعياء ٦٤:‏٨‏)‏ تعترف هذه الكلمات من جديد بسلطة يهوه كأب،‏ او معطي الحياة.‏ (‏ايوب ١٠:‏٩‏)‏ ويشبَّه اليهود الذين يتوبون بالطين الطري.‏ فالذين يتجاوبون مع تأديب يهوه يمكن ان يُشكَّلوا،‏ او يُكيَّفوا،‏ حسب مقاييس اللّٰه.‏ ولكن لا يمكن ان يتحقق ذلك إلا اذا منح يهوه —‏ الذي هو الجابل —‏ الغفران.‏ وهكذا يناشده اشعيا مرة ثانية ان يتذكر ان اليهود شعبه:‏ ‏«لا تسخط كل السخط يا رب ولا تذكر الاثم الى الابد.‏ ها انظر.‏ شعبك كلنا».‏ —‏ اشعياء ٦٤:‏٩ ‏.‏

١٣ ما هي حالة ارض اسرائيل خلال سبي شعب اللّٰه؟‏

١٣ خلال السبي،‏ لا يعاني اليهود فقط آثار اسرهم في ارض وثنية.‏ فخراب اورشليم وهيكلها يجلب التعيير على الههم وعليهم.‏ وتورد صلاة توبة اشعيا بعض الامور التي تسبب هذا التعيير:‏ ‏«مدن قدسك صارت برية.‏ صهيون صارت برية وأورشليم موحشة.‏ بيت قدسنا وجمالنا حيث سبَّحك آباؤنا قد صار حريق نار وكل مشتهياتنا صارت خرابا».‏ —‏ اشعياء ٦٤:‏١٠،‏ ١١ ‏.‏

١٤ (‏أ)‏ كيف سبق يهوه فحذَّر من الحالة القائمة حاليا؟‏ (‏ب)‏ مع ان يهوه سُرَّ بهيكله والذبائح المقدَّمة هناك،‏ ما هو الاهم في نظره؟‏

١٤ يعرف يهوه طبعا الوضع في ارض اليهود الموروثة عن اجدادهم.‏ فقبل نحو ٤٢٠ سنة من دمار اورشليم،‏ حذَّر شعبه من انهم اذا ابتعدوا عن وصاياه وخدموا آلهة اخرى،‏ فإنه ‹يقطعهم عن وجه الارض› ويجعل الهيكل الجميل «عبرة [«خرابا»،‏ ي‌ج‏]».‏ (‏١ ملوك ٩:‏​٦-‏٩‏)‏ صحيح ان يهوه سُرَّ بالارض التي اعطاها لشعبه،‏ والهيكل الرائع الذي بُني إكراما له،‏ والذبائح التي قُدِّمت له.‏ لكنَّ الولاء والطاعة اهم من الاشياء المادية والذبائح.‏ قال النبي صموئيل للملك شاول:‏ «هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب.‏ هوذا الاستماع افضل من الذبيحة والاصغاء افضل من شحم الكباش».‏ —‏ ١ صموئيل ١٥:‏٢٢ .‏

١٥ (‏أ)‏ بماذا يناشد اشعيا يهوه نبويا،‏ وكيف تُستجاب مناشدته؟‏ (‏ب)‏ ماذا ادى الى رفض يهوه اسرائيل كأمة في النهاية؟‏

١٥ ولكن هل يعقل ان ينظر اله اسرائيل الى بلية شعبه التائب ولا يشفق؟‏ هذا هو السؤال الذي يختتم به اشعيا صلاته النبوية.‏ فهو يناشد نيابة عن اليهود المسبيين قائلا:‏ ‏«هل بعد هذا كلِّه تسكت يا رب،‏ وتعتصم بالصمت وتُنزِل بنا اشدَّ البلاء».‏ ‏(‏اشعياء ٦٤:‏١٢‏،‏ تف‏)‏ في النهاية يغفر يهوه لشعبه،‏ وفي سنة ٥٣٧ ق‌م يعيدهم الى ارضهم لكي يستأنفوا العبادة النقية هناك.‏ (‏يوئيل ٢:‏١٣‏)‏ ولكن بعد قرون،‏ دُمِّرت اورشليم وهيكلها من جديد،‏ اذ رفض اللّٰه امة عهده في آخِر الامر.‏ ولماذا؟‏ لأن شعب يهوه كانوا قد ابتعدوا عن وصاياه ورفضوا المسيَّا.‏ (‏يوحنا ١:‏١١؛‏ ٣:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ وعندما حدث ذلك،‏ استبدل يهوه اسرائيل بأمة جديدة،‏ امة روحية هي «اسرائيل اللّٰه».‏ —‏ غلاطية ٦:‏١٦؛‏ ١ بطرس ٢:‏٩ .‏

يهوه،‏ «سامع الصلاة»‏

١٦ ماذا يعلّمنا الكتاب المقدس بشأن غفران يهوه؟‏

١٦ يمكننا تعلم دروس مهمة مما حدث لإسرائيل.‏ فمن ذلك نرى ان يهوه «صالح وغفور وكثير الرحمة».‏ (‏مزمور ٨٦:‏٥‏)‏ وكمخلوقات ناقصة،‏ نعتمد على رحمته وغفرانه لخلاصنا.‏ فلا يمكن لأية اعمال نقوم بها ان تجعلنا نستحق هذه البركات.‏ لكنَّ يهوه لا يمنح الغفران دون تمييز.‏ فقط الذين يتوبون عن خطاياهم ويرجعون يمكنهم نيل الغفران الالهي.‏ —‏ اعمال ٣:‏١٩ .‏

١٧،‏ ١٨ (‏أ)‏ كيف نعرف ان يهوه يهتم اهتماما اصيلا بأفكارنا ومشاعرنا؟‏ (‏ب)‏ لماذا يصبر يهوه على البشر الخاطئين؟‏

١٧ ونتعلم ايضا ان يهوه يهتم جدا بأفكارنا ومشاعرنا حين نعبِّر عنها في الصلاة له.‏ فهو «سامع الصلاة».‏ (‏مزمور ٦٥:‏٢،‏ ٣‏)‏ يؤكد لنا الرسول بطرس قائلا:‏ «لأن عيني يهوه على الأبرار،‏ وأذنيه إلى تضرعهم».‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٢‏)‏ وكذلك نتعلم ان صلاة التوبة يجب ان تتضمن اعترافا متواضعا بالخطايا.‏ (‏امثال ٢٨:‏١٣‏)‏ ولكن لا يعني ذلك انه يمكننا استغلال رحمة اللّٰه.‏ فالكتاب المقدس يحذر المسيحيين من ‹قبول نعمة اللّٰه وإخطاء القصد منها›.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٦:‏١ .‏

١٨ ونتعلم اخيرا القصد من صبر اللّٰه نحو شعبه الخاطئ.‏ فقد اوضح الرسول بطرس ان يهوه صبور «لأنه لا يرغب ان يهلك احد،‏ بل ان يبلغ الجميع الى التوبة».‏ (‏٢ بطرس ٣:‏٩‏)‏ لكنَّ الذين يستمرون في استغلال صبر اللّٰه يعاقَبون لا محالة.‏ وعن هذا الموضوع نقرأ:‏ «سيجازي [يهوه] كل واحد حسب أعماله:‏ أما الحياة الأبدية فللذين بالاحتمال في العمل الصالح يطلبون المجد والكرامة وعدم القابلية للفساد؛‏ وأما للمخاصمين والذين يعصون الحق ويطيعون الإثم فسخط وغضب».‏ —‏ روما ٢:‏​٦-‏٨ .‏

١٩ اية صفات لا تتغير سيعرب عنها يهوه دائما؟‏

١٩ بهذه الطريقة تعاملَ اللّٰه مع اسرائيل القديمة.‏ وعلاقتنا بيهوه اليوم تَسُوسها المبادئ نفسها لأنه لا يتغير.‏ ومع انه لا يمتنع عن المعاقبة اذا كانت واجبة،‏ فهو دائما «الرب [«يهوه»،‏ ع‌ج‏] اله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء.‏ حافظ الاحسان الى ألوف.‏ غافر الاثم والمعصية والخطية».‏ —‏ خروج ٣٤:‏٦،‏ ٧ .‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الاطار/‏​الصورتان في الصفحة ٣٦٢]‏

صلاة توبة بفم دانيال

عاش النبي دانيال في بابل طوال فترة الـ‍ ٧٠ سنة من السبي اليهودي.‏ وخلال السنة الـ‍ ٦٨ من السبي،‏ فهم دانيال من نبوة ارميا ان غُربة اسرائيل تقترب من نهايتها.‏ (‏ارميا ٢٥:‏١١؛‏ ٢٩:‏١٠؛‏ دانيال ٩:‏١،‏ ٢‏)‏ فالتفت دانيال الى يهوه في الصلاة —‏ صلاة توبة عن كامل الامة اليهودية.‏ يروي دانيال:‏ «وجَّهت وجهي الى اللّٰه السيد طالبا بالصلاة والتضرعات بالصوم والمسح والرماد.‏ وصليت الى الرب الهي واعترفت».‏ —‏ دانيال ٩:‏٣،‏ ٤ .‏

تفوَّه دانيال بصلاته بعد نحو مئتي سنة من كتابة اشعيا للصلاة النبوية الموجودة في الاصحاحين ٦٣ و ٦٤ من سفره.‏ ولا شك ان كثيرين من اليهود المخلصين صلوا الى يهوه خلال سنوات السبي الصعبة.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يشدد على صلاة دانيال التي تمثِّل كما يَظهر مشاعر كثيرين من اليهود الامناء.‏ وهكذا تُظهر صلاته ان المشاعر المعبَّر عنها في صلاة اشعيا النبوية كانت فعلا مشاعر اليهود الامناء في بابل.‏

لاحظوا بعض التشابهات بين صلاتَي دانيال وإشعيا:‏

اشعياء ٦٣:‏١٦ دانيال ٩:‏١٥

اشعياء ٦٣:‏١٨ دانيال ٩:‏١٧

اشعياء ٦٤:‏​١-‏٣ دانيال ٩:‏١٥

اشعياء ٦٤:‏​٤-‏٧ دانيال ٩:‏​٤-‏٧

اشعياء ٦٤:‏٦ دانيال ٩:‏٩،‏ ١٠

اشعياء ٦٤:‏١٠،‏ ١١ دانيال ٩:‏​١٦-‏١٨

‏[الاطار في الصفحة ٣٦٦]‏

‏«لم ترَ عين»‏

اقتبس الرسول بولس،‏ في رسالته الى اهل كورنثوس،‏ من سفر اشعياء حين كتب:‏ «كما هو مكتوب:‏ ‹لم تر عين،‏ ولا سمعت أذن،‏ ولا خُيِّل إلى قلب إنسان،‏ ما هيأه اللّٰه للذين يحبونه›».‏ (‏١ كورنثوس ٢:‏٩‏)‏ * لا تشير كلمات بولس ولا كلمات اشعيا الى الاشياء التي هيأها يهوه لشعبه في ميراث سماوي او في فردوس ارضي مستقبلي.‏ فبولس يطبق كلمات اشعيا على البركات التي كان المسيحيون في القرن الاول يتمتعون بها،‏ كفهم اعماق اللّٰه ونيل التنور الروحي من يهوه.‏

لا يمكننا ان نفهم الامور الروحية العميقة الا عندما يحين وقت يهوه المعين لكشفها،‏ ولا يمكننا ان نفهمها حتى في ذلك الوقت الا اذا كنا اشخاصا روحيين يتمتعون بعلاقة وثيقة بيهوه.‏ وهكذا تنطبق كلمات بولس على الذين روحياتهم ضعيفة او لا روحيات لديهم.‏ فلا يمكن لعينهم ان ترى،‏ او تميِّز،‏ الحقائق الروحية؛‏ ولا يمكن لأذنهم ان تسمعها او تفهمها.‏ حتى ان معرفة ما هيأه اللّٰه للذين يحبونه لا يمكن ان تدخل قلوب اشخاص كهؤلاء.‏ أما الذين هم منتذرون للّٰه،‏ كما كان بولس،‏ فقد كشف لهم اللّٰه هذه الامور بواسطة روحه.‏ —‏ ١ كورنثوس ٢:‏​١-‏١٦ .‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 56‏ ليست كلمات بولس موجودة في الاسفار العبرانية كما اقتبسها تماما.‏ فيبدو انه جمع افكار اشعياء ٥٢:‏١٥؛‏ ٦٤:‏٤؛‏ و ٦٥:‏١٧ .‏

‏[الصورة في الصفحة ٣٦٧]‏

امتلك شعب اللّٰه اورشليم وهيكلها «الى قليل»‏