الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

‏«لا تتكلوا على الرؤساء»‏

‏«لا تتكلوا على الرؤساء»‏

الفصل الحادي عشر

‏«لا تتكلوا على الرؤساء»‏

اشعياء ٥٠:‏​١-‏١١

١،‏ ٢ (‏أ)‏ اية مشورة ملهمة لا يصغي اليها اليهود،‏ وبأية نتيجة؟‏ (‏ب)‏ لماذا يسأل يهوه:‏ ‹اين كتاب الطلاق›؟‏

‏«‏لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده.‏ .‏ .‏ .‏ طوبى لمَن اله يعقوب معينه ورجاؤه على الرب الهه الصانع السموات والارض».‏ (‏مزمور ١٤٦:‏​٣-‏٦‏)‏ ليت اليهود العائشين في ايام اشعيا يعملون بحسب مشورة صاحب المزمور!‏ وليتهم يُولُون «اله يعقوب» ثقتهم،‏ بدلا من الثقة بمصر او اية امة وثنية اخرى!‏ فعندئذ يتدخل يهوه ليحمي يهوذا حين يهاجمها اعداؤها.‏ لكنَّ يهوذا رفضت طلب المساعدة من يهوه.‏ لذلك سيسمح يهوه بأن تدمَّر اورشليم ويؤخذ سكانها الى السبي في بابل.‏

٢ لا يمكن ليهوذا إلا ان تلوم نفسها على ذلك.‏ فلا يمكنها ان تدَّعي بحق ان دمارها حلَّ لأن يهوه غدر بها او لأنه اهمل عهده مع الامة.‏ فالخالق لا ينقض عهوده.‏ (‏ارميا ٣١:‏٣٢؛‏ دانيال ٩:‏٢٧؛‏ كشف ١٥:‏٤‏)‏ ويؤكد يهوه هذا الواقع حين يسأل اليهود:‏ ‏«اين كتاب طلاق امكم التي طلَّقتُها».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏١ أ‏)‏ كانت الشريعة الموسوية تتطلب من الرجل الذي يطلّق زوجته ان يعطيها كتاب طلاق.‏ وهكذا تصبح حرة لتصير لرجل آخر.‏ (‏تثنية ٢٤:‏​١،‏ ٢‏)‏ وبمعنى مجازي اعطى يهوه اخت يهوذا،‏ مملكة اسرائيل،‏ كتابا كهذا،‏ لكنه لم يعطه لمملكة يهوذا.‏ * فهو لا يزال ‹بعلها›.‏ (‏ارميا ٣:‏​٨،‏ ١٤‏،‏ يس‏)‏ وليست يهوذا حرة طبعا ان ترتبط بأمم وثنية.‏ فعلاقة يهوه بها ستستمر الى ان «يأتي شيلون [المسيَّا]».‏ —‏ تكوين ٤٩:‏١٠‏.‏

٣ لأيّ سبب ‹يبيع› يهوه شعبه؟‏

٣ ويسأل يهوه يهوذا ايضا:‏ ‏«مَن هو من غرمائي ‏[‏‏«دائنيَّ»،‏ تف‏] الذي بعتُه اياكم».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏١ ب‏)‏ لن يُرسَل اليهود الى الاسر البابلي كغطاء لدَين اوقع يهوه نفسه فيه.‏ فيهوه ليس كالاسرائيلي الفقير الذي يضطر الى بيع اولاده للدائن كي يصفّي حساباته معه.‏ (‏خروج ٢١:‏٧‏)‏ يشير يهوه الى السبب الحقيقي الذي من اجله يُستعبد شعبه:‏ ‏«هوذا من اجل آثامكم قد بُعتم ومن اجل ذنوبكم طُلِّقت امكم».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏١ ج‏)‏ ان اليهود هم الذين هجروا يهوه؛‏ فهو لم يهجرهم.‏

٤،‏ ٥ كيف يعرب يهوه عن محبته لشعبه،‏ ولكن كيف تتجاوب يهوذا؟‏

٤ يبرز سؤال يهوه التالي مدى محبته لشعبه:‏ ‏«لماذا جئتُ وليس انسان.‏ ناديتُ وليس مجيب».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏٢ أ‏)‏ فبواسطة خدامه الانبياء،‏ جاء يهوه،‏ اذا جاز التعبير،‏ الى موطن شعبه ليطلب منهم بحرارة ان يرجعوا اليه بكل قلوبهم.‏ ولكن لا مجيب له.‏ فاليهود يفضِّلون ان يعتمدوا على الدعم البشري،‏ حتى انهم احيانا يلجأون الى مصر.‏ —‏ اشعياء ٣٠:‏٢؛‏ ٣١:‏​١-‏٣؛‏ ارميا ٣٧:‏​٥-‏٧‏.‏

٥ ولكن هل مصر مصدر خلاص افضل من يهوه؟‏ يبدو ان هؤلاء اليهود غير الامناء نسوا الاحداث التي ادَّت الى ولادة امتهم قبل قرون.‏ يسألهم يهوه:‏ ‏«هل قصرت يدي عن الفداء وهل ليس فيَّ قدرة للانقاذ.‏ هوذا بزجرتي انشّف البحر.‏ اجعل الانهار قفرا.‏ ينتن سمكها من عدم الماء ويموت بالعطش.‏ أُلبس السموات ظلاما وأجعل المسح غطاءها».‏ —‏ اشعياء ٥٠:‏٢ب،‏ ٣‏.‏

٦،‏ ٧ كيف اظهر يهوه قدرته على الانقاذ في وجه الخطر المصري؟‏

٦ في سنة ١٥١٣ ق‌م،‏ كانت مصر تؤدي دور الظالم —‏ لا المنقذ المنتظر —‏ لشعب اللّٰه.‏ فقد كان الاسرائيليون عبيدا في تلك الارض الوثنية.‏ لكنَّ يهوه انقذهم،‏ وما كان اروع هذا الانقاذ!‏ اولا،‏ جلب عشر ضربات على الارض.‏ وبعد الضربة العاشرة التي تميَّزت بقوتها،‏ طلب فرعون مصر من الاسرائيليين ان يغادروا البلد.‏ (‏خروج ٧:‏١٤–‏١٢:‏٣١‏)‏ ولكن بُعيد رحيلهم،‏ تغيَّر قلب فرعون.‏ فجمع جنوده وانطلق وراء الاسرائيليين ليجبرهم على العودة الى مصر.‏ (‏خروج ١٤:‏​٥-‏٩‏)‏ وعندما صار الجنود المصريون وراءهم والبحر الاحمر قدامهم،‏ شعر الاسرائيليون بأنهم عالقون!‏ لكنَّ يهوه كان سيحارب عنهم.‏

٧ منع يهوه تقدُّم المصريين بوضع عمود سحاب بينهم وبين الاسرائيليين.‏ وساد الظلام عند الجانب المصري من السحاب،‏ أما عند الجانب الاسرائيلي فأضاء الليل.‏ (‏خروج ١٤:‏٢٠‏)‏ وفيما الجيوش المصرية واقفة تلازم مكانها،‏ «اجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل وجعل البحر يابسة وانشق الماء».‏ (‏خروج ١٤:‏٢١‏)‏ وعندما انشق الماء،‏ صار بإمكان جميع الشعب —‏ الرجال والنساء والاولاد —‏ ان يعبروا البحر الاحمر الى بَرّ الامان.‏ وبعد ذلك،‏ حين بدأ الشعب يقترب من الشاطئ المقابل،‏ رفع يهوه السحاب.‏ فاستأنف المصريون مطاردتهم المحمومة ودخلوا دون تفكير في قاع البحر.‏ وعندما وصل الشعب الى الشاطئ بأمان،‏ اطلق يهوه المياه وأغرق فرعون وجيوشه.‏ وهكذا حارب يهوه عن شعبه.‏ فيا له من تشجيع للمسيحيين اليوم!‏ —‏ خروج ١٤:‏​٢٣-‏٢٨‏.‏

٨ بسبب تجاهل اية تحذيرات يؤخذ سكان يهوذا الى السبي في النهاية؟‏

٨ في ايام اشعيا،‏ كانت قد مرَّت سبعمئة سنة منذ ذلك الانتصار الالهي.‏ ويهوذا هي الآن امة مستقلة.‏ تدخل يهوذا احيانا في مفاوضات دبلوماسية مع الحكومات الاجنبية،‏ كأشور ومصر.‏ ولكن لا يمكن الوثوق بقادة هذه الامم الوثنية.‏ فهم يضعون دائما مصالحهم الخاصة قبل اية اتفاقيات يعقدونها مع يهوذا.‏ والانبياء،‏ الذين يتكلمون باسم يهوه،‏ يحذِّرون الشعب من مغبة الوثوق بهؤلاء،‏ لكنَّ كلمات الانبياء تلاقي آذانا صمَّاء.‏ وفي النهاية يُسبى اليهود الى بابل ليُستعبدوا هناك ٧٠ سنة.‏ (‏ارميا ٢٥:‏١١‏)‏ لكنَّ يهوه لن ينسى شعبه،‏ ولن يرفضهم الى الابد.‏ ففي الوقت المعين،‏ سيتذكرهم ويفتح الطريق امامهم ليرجعوا الى ارضهم ويردّوا العبادة النقية.‏ ولأيّ هدف؟‏ للإعداد لإتيان شيلون،‏ الذي له يكون خضوع جميع الشعب!‏

شيلون يأتي

٩ مَن هو شيلون،‏ وأيّ نوع من المعلمين هو؟‏

٩ تمرُّ القرون.‏ ويجيء «تمام الزمان» ويَظهر شيلون،‏ الرب يسوع المسيح،‏ على المسرح الارضي.‏ (‏غلاطية ٤:‏٤؛‏ عبرانيين ١:‏​١،‏ ٢‏)‏ وتتجلى محبة يهوه لشعبه بجعل احمّ عشرائه ناطقا بلسانه امام اليهود.‏ فأيّ نوع من الناطقين بلسان اللّٰه يكون يسوع؟‏ مِن أرْقاهم!‏ فيسوع هو اكثر من مجرد ناطق بلسان يهوه؛‏ انه معلم،‏ ومن افضل المعلمين.‏ ولا عجب في ذلك،‏ فمعلمه لا مثيل له:‏ يهوه اللّٰه نفسه.‏ (‏يوحنا ٥:‏٣٠؛‏ ٦:‏٤٥؛‏ ٧:‏​١٥،‏ ١٦،‏ ٤٦؛‏ ٨:‏٢٦‏)‏ ويؤكد ذلك ما يقوله يسوع نبويا بواسطة اشعيا:‏ ‏«اعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف ان اغيث المعيي بكلمة.‏ يوقظ كل صباح.‏ يوقظ لي اذنا لأسمع كالمتعلمين».‏ —‏ اشعياء ٥٠:‏٤‏.‏ *

١٠ كيف يعكس يسوع محبة يهوه لشعبه،‏ وأيّ تجاوب يلقاه يسوع؟‏

١٠ قبل ان يأتي يسوع الى الارض،‏ كان يعمل الى جانب ابيه في السماء.‏ والعلاقة الحميمة التي تربط الآب بالابن موصوفة بأسلوب شعري في الامثال ٨:‏٣٠‏:‏ «كنت عند [يهوه] صانعا .‏ .‏ .‏ [فرِحًا] دائما قدامه».‏ كان يسوع يفرح كثيرا بالاستماع الى ابيه.‏ وشاطر اباه محبته لـ‍ «بني آدم».‏ (‏امثال ٨:‏٣١‏)‏ وعندما يأتي يسوع الى الارض،‏ يغيث «المعيي بكلمة».‏ فهو يستهل خدمته بقراءة آيات معزية من نبوة اشعيا:‏ «روح يهوه عليَّ،‏ لأنه مسحني لأبشِّر الفقراء،‏ .‏ .‏ .‏ لأصرف المسحوقين مطلَقي السراح».‏ (‏لوقا ٤:‏١٨؛‏ اشعياء ٦١:‏١‏)‏ بشارة للفقراء!‏ انتعاش للمتعَبين!‏ كم ينبغي ان يُفرح هذا الاعلان الشعب!‏ ان البعض يفرحون،‏ ولكن ليس الجميع.‏ ففي النهاية يرفض كثيرون الاعتراف بأوراق اعتماد يسوع كشخص متعلم من يهوه.‏

١١ مَن يحملون النير مع يسوع،‏ وبمَ يشعرون؟‏

١١ لكنَّ البعض يريدون ان يسمعوا المزيد.‏ فيتجاوبون بسرور مع دعوة يسوع القلبية:‏ «تعالوا إلي يا جميع المتعبين والمثقلين،‏ وأنا أنعشكم.‏ احملوا نيري عليكم وتعلموا مني،‏ لأني وديع ومتضع القلب،‏ فتجدوا انتعاشا لنفوسكم».‏ (‏متى ١١:‏​٢٨،‏ ٢٩‏)‏ والرجال الذين يصيرون رسل يسوع هم بين الاشخاص الذين يقتربون منه.‏ ويعرف هؤلاء ان حمل النير مع يسوع يعني العمل بكد.‏ فهذا العمل يشمل،‏ بين امور اخرى،‏ الكرازة ببشارة الملكوت الى اطراف الارض.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وعندما ينهمك الرسل والتلاميذ الآخرون في هذا العمل،‏ يجدون انه يجلب فعلا انتعاشا لنفوسهم.‏ وهذا العمل نفسه ينجزه المسيحيون الامناء اليوم،‏ والاشتراك فيه يجلب لهم افراحا مماثلة.‏

ليس معاندا

١٢ بأية طرائق يُظهر يسوع انه يطيع اباه السماوي؟‏

١٢ لا ينسى يسوع ابدا الهدف من مجيئه الى الارض:‏ فعل مشيئة اللّٰه.‏ وقد أُنبئ مسبقا بنظرته هذه:‏ ‏«السيد الرب فتح لي اذنا وأنا لم اعاند.‏ الى الوراء لم ارتد».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏٥‏)‏ لا يكفّ يسوع ابدا عن اطاعة اللّٰه.‏ حتى انه يقول:‏ «لا يقدر الابن أن يعمل شيئا من تلقاء ذاته،‏ إلا ما يرى الآب يعمله».‏ (‏يوحنا ٥:‏١٩‏)‏ فيسوع،‏ خلال وجوده السابق لبشريته،‏ عمل الى جانب ابيه على الارجح طوال ملايين او حتى بلايين السنين.‏ وبعد مجيئه الى الارض،‏ يستمر في اتِّباع ارشادات يهوه.‏ فكم بالاحرى ينبغي لنا نحن،‏ أتباع المسيح الناقصين،‏ ان نحرص على فعل ما يأمر به يهوه!‏

١٣ ماذا ينتظر يسوع،‏ ولكن كيف يعرب عن شجاعته؟‏

١٣ ان بعض الذين يرفضون ابنَ يهوه المولودَ الوحيد يضطهدونه،‏ وهذا ايضا أُنبئ به مسبقا:‏ ‏«بذلتُ ظهري للضاربين وخدَّيَّ للناتفين.‏ وجهي لم استر عن العار والبصق».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏٦‏)‏ بحسب النبوة،‏ سيقاسي المسيَّا الالم والإذلال على يد مقاوميه.‏ ويسوع يعرف ذلك.‏ ويعرف ايضا الى ايّ حد سيصل هذا الاضطهاد.‏ لكنه لا يخاف عندما تدنو نهاية حياته على الارض.‏ فبتصميم صلب كالصوان،‏ ينطلق يسوع الى اورشليم حيث ستنتهي حياته البشرية.‏ وفي الطريق الى هناك،‏ يخبر تلاميذه:‏ «ها نحن صاعدون الى أورشليم،‏ وابن الانسان سيسلم الى كبار الكهنة وإلى الكتبة،‏ فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه الى أناس من الأمم،‏ فيهزأون به ويبصقون عليه ويجلدونه ويقتلونه،‏ وبعد ثلاثة ايام يقوم».‏ (‏مرقس ١٠:‏​٣٣،‏ ٣٤‏)‏ وكل هذه المعاملة السيئة ستكون بتحريض من اشخاص هم ادرى الناس بالنبوات:‏ كبار الكهنة والكتبة.‏

١٤،‏ ١٥ كيف تمَّت كلمات اشعيا القائلة ان يسوع سيُضرب ويُذَل؟‏

١٤ في ليلة ١٤ نيسان القمري سنة ٣٣ ب‌م،‏ يذهب يسوع الى بستان جتسيماني مع بعض أتباعه.‏ ويبقى هناك ويصلي.‏ فجأة،‏ يَظهر جمع من الرعاع ويعتقله.‏ لكنه لا يخاف.‏ فهو يعرف ان يهوه معه.‏ ويؤكد يسوع لرسله الخائفين ان بإمكانه،‏ لو اراد،‏ ان يلتمس من ابيه ان يرسل اكثر من اثني عشر فيلقا من الملائكة لإنقاذه،‏ لكنه يضيف:‏ «كيف تتم [عندئذ] الاسفار المقدسة؟‏».‏ —‏ متى ٢٦:‏​٣٦،‏ ٤٧،‏ ٥٣،‏ ٥٤‏.‏

١٥ لقد تمَّ كل ما أُنبئ به عن محن المسيَّا وموته.‏ فبعد محاكمة مزيفة امام السنهدريم،‏ يستجوب بنطيوس بيلاطس يسوع،‏ ثم يأمر بجلده.‏ وكان الجنود الرومان «يضربونه على رأسه بقصبة ويبصقون عليه».‏ وهكذا تمَّت كلمات اشعيا.‏ (‏مرقس ١٤:‏٦٥؛‏ ١٥:‏١٩؛‏ متى ٢٦:‏​٦٧،‏ ٦٨‏)‏ ومع ان الكتاب المقدس لا يذكر ان بعض شعر لحية يسوع نُتف حرفيا —‏ معاملة في غاية الاذلال —‏ فلا بد ان هذا ما حدث،‏ كما انبأ اشعيا.‏ * —‏ نحميا ١٣:‏٢٥‏.‏

١٦ كيف يتصرف يسوع في وجه الضغط الشديد،‏ ولماذا لا يشعر بالخزي؟‏

١٦ عندما يقف يسوع امام بيلاطس،‏ لا يتوسل اليه ان يستبقي حياته،‏ بل يبقى هادئا لأنه يعلم انه يجب ان يموت لكي تتم الاسفار المقدسة.‏ وعندما يقول هذا الحاكم الروماني ان له سلطة ان يحكم على يسوع بالموت او ان يطلق سراحه،‏ يجيب يسوع دون خوف:‏ «لم تكن لك علي سلطة ألبتة لو لم تكن قد أعطيت لك من فوق».‏ (‏يوحنا ١٩:‏١١‏)‏ ويعامل جنود بيلاطس يسوع معاملة لاإنسانية،‏ ولكنهم يفشلون في جعله يشعر بالخزي.‏ ولِمَ الشعور بالخزي؟‏!‏ فهو لا يعاقَب لأنه ارتكب خطأ خطيرا،‏ بل يُضطهد من اجل البر.‏ وهنا ايضا تتم كلمات اشعيا النبوية التالية:‏ ‏«السيد الرب يعينني لذلك لا اخجل.‏ لذلك جعلتُ وجهي كالصوان وعرفت اني لا اخزى».‏ —‏ اشعياء ٥٠:‏٧‏.‏

١٧ بأية طرائق وقف يهوه الى جانب يسوع طوال فترة خدمته؟‏

١٧ تنبع شجاعة يسوع من ثقته الكاملة بيهوه.‏ ويدل مسلكه انه على توافق تام مع كلمات اشعيا:‏ ‏«قريب هو الذي يبرِّرني.‏ مَن يخاصمني.‏ لنتواقف.‏ مَن هو صاحب دعوى معي.‏ ليتقدم اليَّ.‏ هوذا السيد الرب يعينني.‏ مَن هو الذي يحكم عليَّ.‏ هوذا كلهم كالثوب يبلون يأكلهم العث».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏​٨،‏ ٩‏)‏ يبرِّر يهوه يسوع يوم معموديته كابن روحي له.‏ وفي الواقع،‏ يُسمَع صوت اللّٰه يقول في تلك المناسبة:‏ «هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت».‏ (‏متى ٣:‏١٧‏)‏ ونحو نهاية خدمته الارضية،‏ فيما يسوع جاثٍ يصلي في بستان جتسيماني،‏ ‹يتراءى له ملاك من السماء ويقويه›.‏ (‏لوقا ٢٢:‏​٤١-‏٤٣‏)‏ اذًا يعرف يسوع ان اباه راضٍ عن مسلك حياته.‏ فابن اللّٰه الكامل هذا لم يرتكب خطية.‏ (‏١ بطرس ٢:‏٢٢‏)‏ صحيح ان اعداء يسوع يتهمونه زورا بأنه ناقض سبت وسكّير وبأن به شيطانا،‏ لكنَّ اكاذيبهم لا تُخزيه.‏ ان اللّٰه معه،‏ فمن يكون عليه؟‏!‏ —‏ لوقا ٧:‏٣٤؛‏ يوحنا ٥:‏١٨؛‏ ٧:‏٢٠؛‏ روما ٨:‏٣١؛‏ عبرانيين ١٢:‏٣‏.‏

١٨،‏ ١٩ بأية اختبارات مماثلة لاختبارات يسوع يمرّ المسيحيون الممسوحون؟‏

١٨ يحذر يسوع تلاميذه:‏ «إن كانوا قد اضطهدوني،‏ فسيضطهدونكم أيضا».‏ (‏يوحنا ١٥:‏٢٠‏)‏ وسرعان ما تتبيَّن صحة هذه الكلمات.‏ ففي يوم الخمسين من سنة ٣٣ ب‌م،‏ يحل الروح القدس على تلاميذ يسوع الامناء،‏ وهكذا تولَد الجماعة المسيحية.‏ وبُعيد ذلك مباشرةً،‏ يحاول القادة الدينيون ان يقمعوا عمل الكرازة الذي يقوم به هؤلاء الرجال والنساء الامناء،‏ الذين صاروا مرتبطين بيسوع كجزء من «نسل ابراهيم» ومتبنَّين كأولاد روحيين للّٰه.‏ (‏غلاطية ٣:‏​٢٦،‏ ٢٩؛‏ ٤:‏​٥،‏ ٦‏)‏ ومن القرن الاول حتى اليوم،‏ يضطر المسيحيون الممسوحون ان يواجهوا الدعاية الكاذبة والاضطهاد المرير على يد اعداء يسوع،‏ محافظين في الوقت نفسه على موقف ثابت الى جانب البر.‏

١٩ لكنهم لا ينسون كلمات يسوع المشجعة:‏ «سعداء أنتم متى عيَّروكم واضطهدوكم وقالوا عليكم شتى الشرور من أجلي كاذبين.‏ افرحوا واطفروا من الفرح،‏ فإن مكافأتكم عظيمة في السموات».‏ (‏متى ٥:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ لذلك يرفع المسيحيون الممسوحون رؤوسهم عاليا حتى تحت اقسى الهجمات.‏ ومهما قال مقاوموهم،‏ يعرفون ان اللّٰه برَّرهم.‏ وهم في نظره ‹بلا شائبة ولا سبيل عليهم لتهمة›.‏ —‏ كولوسي ١:‏​٢١،‏ ٢٢‏.‏

٢٠ (‏أ)‏ مَن يدعمون المسيحيين الممسوحين،‏ وماذا يعانون هم ايضا؟‏ (‏ب)‏ كيف يصير لدى المسيحيين الممسوحين و ‹الخراف الاخر› لسان المتعلمين؟‏

٢٠ وفي الازمنة العصرية ينال المسيحيون الممسوحون الدعم من «جمع كثير» من ‹الخراف الاخر›.‏ وهؤلاء ايضا يتخذون موقفهم الى جانب البر.‏ لذلك يعانون ما يعانيه اخوتهم الممسوحون،‏ وهم ايضا ‹يغسلون حللهم ويبيِّضونها بدم الحمل›.‏ ويبرِّرهم يهوه بهدف النجاة من «الضيق العظيم».‏ (‏كشف ٧:‏​٩،‏ ١٤،‏ ١٥؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦؛‏ يعقوب ٢:‏٢٣‏)‏ حتى لو بدا مقاوموهم اقوياء الآن،‏ تذكر نبوة اشعيا ان هؤلاء المقاومين،‏ في وقت اللّٰه المعين،‏ سيصيرون كثوب اكله العث مصيره الرمي.‏ وحتى ذلك الوقت،‏ يبقى المسيحيون الممسوحون و ‹الخراف الاخر› اقوياء بالصلاة المنتظمة،‏ درس كلمة اللّٰه،‏ وحضور الاجتماعات بهدف العبادة.‏ وهكذا يتعلمون من يهوه ويتعلمون التكلم بلسان المتعلمين.‏

اتكِلوا على اسم يهوه

٢١ (‏أ)‏ مَن الذين يسلكون في النور،‏ وماذا ينتظرهم؟‏ (‏ب)‏ ماذا يحل بالذين يسلكون في الظلمة؟‏

٢١ لاحظوا الآن هذا التباين الشديد:‏ ‏«مَن منكم خائف الرب سامع لصوت عبده ‏[‏‏«خادمه»،‏ ع‌ج‏]‏‏.‏ مَن الذي يسلك في الظلمات ولا نور له.‏ فليتكل على اسم الرب ويستند الى الهه».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏١٠‏)‏ ان الذين يسمعون لصوت خادم اللّٰه،‏ يسوع المسيح،‏ يسلكون في النور.‏ (‏يوحنا ٣:‏٢١‏)‏ وهم لا يستعملون الاسم الالهي يهوه فحسب،‏ بل يتكلون ايضا على حامل هذا الاسم.‏ حتى لو كانوا قد سلكوا في الظلمة،‏ لا يخافون الانسان الآن.‏ فهم يستندون الى اللّٰه.‏ لكنَّ الذين يستمرون في السلوك في الظلمة يستحوذ عليهم خوف الانسان.‏ وهذا ما يحدث مع بنطيوس بيلاطس.‏ فمع انه يعرف ان يسوع بريء من التهم الباطلة الموجَّهة اليه،‏ يمنع الخوف هذا المسؤول الروماني من اطلاق يسوع.‏ فيقتل الجنود الرومان ابن اللّٰه،‏ لكنَّ يهوه يقيمه ويتوِّجه بالمجد والكرامة.‏ وماذا عن بيلاطس؟‏ بحسب المؤرخ اليهودي فلاڤيوس يوسيفوس،‏ بعد اربع سنوات فقط من موت يسوع،‏ شغل شخص آخر مركز بيلاطس كحاكم روماني،‏ وأُمر بيلاطس بالعودة الى روما للرد على اتهامات بارتكاب مخالفات خطيرة.‏ وماذا عن اليهود الذين تسببوا بموت يسوع؟‏ بعد اقل من اربعة عقود،‏ دمرت جيوش روما اورشليم وقتلت سكانها او استعبدتهم.‏ فلا نور ساطعا للذين يفضِّلون الظلمة!‏ —‏ يوحنا ٣:‏١٩‏.‏

٢٢ لماذا الاتكال على البشر من اجل الخلاص هو غاية في الحماقة؟‏

٢٢ ان الاتكال على البشر من اجل الخلاص هو غاية في الحماقة.‏ وتوضح نبوة اشعيا السبب:‏ ‏«يا هؤلاء جميعكم القادحين نارا المتنطّقين بشَرار اسلكوا بنور ناركم وبالشرار الذي اوقدتموه.‏ من يدي صار لكم هذا.‏ في الوجع تضطجعون».‏ ‏(‏اشعياء ٥٠:‏١١‏)‏ لا يبقى القادة البشر في مناصبهم الى الابد.‏ صحيح ان الشخص الذي يتمتع بجاذبية تستميل الجماهير قد يخلب لبَّهم لبعض الوقت،‏ ولكن حتى اصدق البشر محدود بما يمكنه انجازه.‏ وبدلا من إضرام نار متأججة،‏ كما يتوقع مؤيدوه،‏ قد لا ينجح إلا في اشعال بعض ‹الشَّرار› الذي لا يعطي سوى القليل من النور والحرارة ثم لا يلبث ان يخمد.‏ أما الذين يتكلون على شيلون،‏ مسيَّا اللّٰه الموعود به،‏ فلن يخيبوا ابدا.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 2‏ في الاعداد الثلاثة الاولى من اشعياء الاصحاح ٥٠‏،‏ يعتبر يهوه امة يهوذا ككل زوجةً له وسكانها الافراد أولادا لها.‏

^ ‎الفقرة 9‏ من العدد ٤ حتى آخر الاصحاح‏،‏ يبدو ان الكاتب يتحدث عن نفسه.‏ فربما عانى اشعيا بعض المحن التي يأتي على ذكرها في هذه الآيات.‏ لكنَّ النبوة تتم بالمعنى الاكمل في يسوع المسيح.‏

^ ‎الفقرة 15‏ من المثير للاهتمام ان اشعياء ٥٠:‏٦ تذكر حسب السبعينية:‏ ‏«بذلتُ ظهري للسِّياط وخدَّيَّ للضربات».‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورة في الصفحة ١٥٥]‏

يعتمد اليهود على حكام بشر لا على يهوه

‏[الصورة في الصفحتين ١٥٦ و ١٥٧]‏

عند البحر الاحمر،‏ حمى يهوه شعبه بوضع عمود سحاب بينهم وبين المصريين