الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

يد يهوه لم تقصُر

يد يهوه لم تقصُر

الفصل العشرون

يد يهوه لم تقصُر

اشعياء ٥٩:‏​١-‏٢١

١ ايّ وضع سائد في يهوذا،‏ وماذا يتساءل كثيرون؟‏

تدَّعي امة يهوذا انها في علاقة عهد بيهوه.‏ لكنَّ المشاكل تعمّ البلاد.‏ كما ان العدل مفقود والجريمة والظلم متفشيان،‏ والآمال بتحسُّن الاوضاع لا تتحقق.‏ فثمة شيء خطير يجري.‏ وكثيرون يتساءلون هل سيقوِّم يهوه الامور ام لا.‏ هذه هي الحالة في ايام اشعيا.‏ لكنَّ رواية اشعيا عن ايامه ليست مجرد تاريخ قديم.‏ فكلماته تحتوي على تحذيرات نبوية موجَّهة الى كل مَن يدَّعي عبادة اللّٰه ولكنه يتجاهل شرائعه.‏ وتمنح النبوة الملهمة المسجلة في سفر اشعياء الاصحاح ٥٩ تشجيعا لطيفا لجميع الذين يجاهدون ليخدموا يهوه رغم عيشهم في ازمنة صعبة وخطرة.‏

مبتعدون عن الاله الحقيقي

٢،‏ ٣ لماذا لا يحمي يهوه يهوذا؟‏

٢ تخيلوا هذا:‏ شعب عهد يهوه اصبح مرتدًّا!‏ وهم يديرون ظهرهم لصانعهم،‏ الامر الذي يبعدهم عن حِمى يده.‏ وبسبب ذلك يعانون ضيقا شديدا.‏ فهل يلومون يهوه ربما على الاوقات الصعبة التي يمرون بها؟‏ يقول لهم اشعيا:‏ ‏«ها ان يد الرب لم تقصُر عن ان تخلّص ولم تثقل اذنه عن ان تسمع.‏ بل آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع».‏ —‏ اشعياء ٥٩:‏​١،‏ ٢‏.‏

٣ انها لَكلمات قوية،‏ لكنها تعبِّر عن الحقيقة.‏ فلا يزال يهوه اله الخلاص.‏ وبصفته «سامع الصلاة»،‏ يستمع الى صلوات خدامه الامناء.‏ (‏مزمور ٦٥:‏٢‏)‏ لكنه لا يبارك فاعلي الاثم.‏ والشعب انفسهم هم المسؤولون عن ابتعادهم عن يهوه.‏ فشرُّهم هو الذي يجعله يستر وجهه عنهم.‏

٤ اية تهم وُجهت الى يهوذا؟‏

٤ ان سجل يهوذا حافل فعلا بأشياء فظيعة.‏ وتعدِّد نبوة اشعيا بعض التهم الموجهة اليهم:‏ ‏«ايديكم قد تنجست بالدم وأصابعكم بالاثم.‏ شفاهكم تكلمت بالكذب ولسانكم يلهج بالشر ‏[‏‏«بالاثم»،‏ ي‌ج‏]».‏ (‏اشعياء ٥٩:‏٣‏)‏ فالشعب يكذبون ويتفوَّهون بأمور اثيمة.‏ وتشير عبارة «ايديكم قد تنجست بالدم» الى ان البعض ارتكبوا جرائم قتل.‏ فيا للعار الذي يجلبه ذلك على اللّٰه،‏ الذي لم تحرِّم شريعته القتل فحسب بل امرت ‹بعدم بغض الاخ في القلب›!‏ (‏لاويين ١٩:‏١٧‏)‏ ان جماح شر سكان يهوذا والنتيجة الحتمية لذلك ينبغي ان يذكّرا كل واحد منا اليوم بأهمية كبح الافكار والمشاعر الخاطئة.‏ وإلا انتهى بنا الامر الى ارتكاب الاعمال الشريرة التي تفصلنا عن اللّٰه.‏ —‏ روما ١٢:‏٩؛‏ غلاطية ٥:‏١٥؛‏ يعقوب ١:‏​١٤،‏ ١٥‏.‏

٥ الى ايّ حد وصل فساد يهوذا؟‏

٥ لقد انتقلت عدوى الخطية الى كل الامة.‏ تقول النبوة:‏ ‏«ليس مَن يدعو بالعدل ‏[‏‏«بالبر»،‏ ي‌ج‏] وليس مَن يحاكم بالحق.‏ يتكلون على الباطل ويتكلمون بالكذب.‏ قد حبلوا بتعب وولدوا اثما».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏٤‏)‏ لا احد ينطق بالبر.‏ حتى في محاكم العدل،‏ نادرا ما يمكن ايجاد شخص امين يمكن الوثوق به.‏ لقد ادارت يهوذا ظهرها ليهوه واتكلت على تحالفاتها مع الامم وعلى اصنام لا حياة فيها.‏ كل ذلك «باطل»،‏ بلا اية قيمة.‏ (‏اشعياء ٤٠:‏​١٧،‏ ٢٣؛‏ ٤١:‏٢٩‏)‏ لذلك تدور مناقشات كثيرة،‏ لكنَّ كل ذلك لا ينفع.‏ فالخطط توضع،‏ ولكنها لا تؤدي الا الى مزيد من الاتعاب والاثم.‏

٦ كيف يماثل سجل العالم المسيحي سجل يهوذا؟‏

٦ هنالك تشابه مدهش في الاثم والعنف بين يهوذا والعالم المسيحي.‏ (‏انظروا «اورشليم المرتدة —‏ تشابُه مع العالم المسيحي» في الصفحة ٢٩٤.‏)‏ فقد اندلعت حربان عالميتان ضاريتان شملتا دولا تدَّعي المسيحية.‏ ولم يزل دين العالم المسيحي عاجزا حتى اليوم عن ايقاف التطهير العرقي والمذابح القبلية بين اعضائه.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٥‏)‏ ومع ان يسوع علَّم أتباعه ان يثقوا بملكوت اللّٰه،‏ تستمر دول العالم المسيحي في الاتكال على الترسانات الحربية والتحالفات السياسية لتحقيق الامن.‏ (‏متى ٦:‏١٠‏)‏ حتى ان معظم كبار منتجي الاسلحة في العالم موجودون ضمن دول العالم المسيحي!‏ نعم،‏ عندما يتكل العالم المسيحي على الجهود والمؤسسات البشرية لتحقيق مستقبل آمن،‏ يكون اتكاله هو ايضا على «الباطل».‏

حصاد مُر

٧ لماذا لا تجلب مخططات يهوذا الا الضرر؟‏

٧ لا يمكن ان يتأسس مجتمع سليم على الصنمية والكذب.‏ وبما ان اليهود غير الامناء يلجأون اليهما،‏ فهم يحصدون الشقاء الذي زرعوه بأيديهم.‏ نقرأ:‏ ‏«فقسوا بيض افعى ونسجوا خيوط العنكبوت.‏ الآكل من بيضهم يموت والتي تُكسر تُخرج افعى».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏٥‏)‏ فمخططات يهوذا،‏ من لحظة التفكير فيها الى تنفيذها،‏ لا تنتج شيئا معتبَرا.‏ ولا يؤدي تفكيرهم الخاطئ الا الى الشر،‏ كما ان بيض الافعى السامة لا يفقس الا افاعي سامة.‏ وبسبب ذلك تعاني الامة الامرَّين.‏

٨ ما الذي يُظهر التفكير الخاطئ عند يهوذا؟‏

٨ ربما يلجأ بعض سكان يهوذا الى العنف لكي يحموا انفسهم،‏ لكنهم سيفشلون.‏ فالقوة الجسدية لا يمكن ان تحل محل الثقة بيهوه وأعمال البر،‏ وهي لا تزود الحماية كما ان نسيج خيوط العنكبوت لا يمكن ان يُستخدم مكان القماش للحماية من الطقس العاصف.‏ يعلن اشعيا:‏ ‏«خيوطهم لا تصير ثوبا ولا يكتسون بأعمالهم.‏ اعمالهم اعمال اثم وفعل الظلم ‏[‏‏«العنف»،‏ ع‌ج‏] في ايديهم.‏ ارجلهم الى الشر تجري وتسرع الى سفك الدم الزكي.‏ افكارهم افكار اثم.‏ في طرقهم اغتصاب وسحق».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏​٦،‏ ٧‏)‏ ليس تفكير يهوذا صحيحا.‏ فباللجوء الى العنف كمحاولة لحل مشاكلها،‏ تُظهر موقفا لا ينسجم مع الشريعة الالهية.‏ فلا يهمُّها ان كثيرين من ضحاياها ابرياء وأن بعضهم خدام حقيقيون للّٰه.‏

٩ لماذا لن يحصل قادة العالم المسيحي على السلام الحقيقي؟‏

٩ تذكّرنا هذه الكلمات الملهمة بسجل العالم المسيحي الحافل بسفك الدم.‏ ولا شك ان يهوه سيحاسبه على تشويهه المريع للمسيحية!‏ فكاليهود في ايام اشعيا،‏ سار العالم المسيحي في طريق ملتو ادبيا لأن قادته رأوا انه الطريق العملي الوحيد.‏ وفيما يتكلمون عن السلام،‏ تمتلئ ايديهم ظلما.‏ فيا لهذا النفاق!‏ ولكن بما ان قادة العالم المسيحي يستخدمون هذا الاسلوب،‏ فلن يحصلوا ابدا على السلام الحقيقي.‏ فكما تمضي النبوة قائلة:‏ ‏«طريق السلام لم يعرفوه وليس في مسالكهم عدل.‏ جعلوا لأنفسهم سبلا معْوَجَّة.‏ كل مَن يسير فيها لا يعرف سلاما».‏ —‏ اشعياء ٥٩:‏٨‏.‏

التيهان في ظلام روحي

١٠ بماذا يعترف اشعيا باسم يهوذا؟‏

١٠ لا يمكن ان يبارك يهوه طرق يهوذا الملتوية والمهلكة.‏ (‏مزمور ١١:‏٥‏)‏ لذلك يعترف اشعيا بذنب يهوذا،‏ متكلما بلسان كامل الامة:‏ ‏«من اجل ذلك ابتعد الحق عنا ولم يدركنا العدل.‏ ننتظر نورا فإذا ظلام.‏ ضياء فنسير في ظلام دامس.‏ نتلمس الحائط كعمي وكالذي بلا اعين نتجسس.‏ قد عثرنا في الظهر كما في العتمة.‏ في الضباب كموتى.‏ نزأر كلنا كدُبَّة وكحمام هدرا نهدر».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏​٩‏-‏١١ أ‏)‏ لم يجعل اليهود كلمة اللّٰه سراجا لأرجلهم ونورا لسبيلهم.‏ (‏مزمور ١١٩:‏١٠٥‏)‏ لذلك تَسْوَدُّ الامور امامهم.‏ حتى وقت الظهر يتلمسون طريقهم كما لو ان الظلام قد حلّ.‏ انهم اشبه بالموتى.‏ ومن شدة توقهم الى الراحة،‏ يزأرون كدببة جائعة او جريحة.‏ وبعضهم يهدر بطريقة تثير الشفقة،‏ كالحمام المتوحِّد.‏

١١ لماذا آمال يهوذا بتحقيق العدل والخلاص هي دون جدوى؟‏

١١ يعرف اشعيا جيدا ان سبب مصيبة يهوذا هو العصيان على اللّٰه.‏ يقول:‏ ‏«ننتظر عدلا وليس هو وخلاصا فيبتعد عنا.‏ لأن معاصينا كثرت امامك وخطايانا تشهد علينا لأن معاصينا معنا وآثامنا نعرفها.‏ تعدَّينا وكذبنا على الرب وحِدْنا من وراء الهنا.‏ تكلمنا بالظلم والمعصية حبلنا ولهجنا من القلب بكلام الكذب».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏١١ب‏-‏١٣‏)‏ بما ان سكان يهوذا لم يتوبوا،‏ فلا تزال خطاياهم تُحتسب عليهم.‏ لقد هجر العدل الارض لأن الشعب هجروا يهوه.‏ وتبيَّن مرة بعد اخرى انهم كاذبون،‏ حتى انهم ظلموا اخوتهم.‏ فكم يوجد اشخاص مثلهم في العالم المسيحي اليوم!‏ فلا يكتفي كثيرون بتجاهل العدل بل يضطهدون بشدة ايضا شهود يهوه الامناء الذين يطلبون فعل مشيئة اللّٰه.‏

يهوه ينفذ دينونته

١٢ ما هو موقف المسؤولين عن اجراء العدل في يهوذا؟‏

١٢ يبدو انه لا عدل ولا بر ولا حق في يهوذا.‏ ‏«ارتدَّ الحق ‏[‏‏«العدل»،‏ ع‌ج‏] الى الوراء والعدل ‏[‏‏«البر»،‏ ع‌ج‏] يقف بعيدا.‏ لأن الصدق ‏[‏‏«الحق»،‏ ع‌ج‏] سقط في الشارع ‏[‏‏«الساحة العامة»،‏ ع‌ج‏] والاستقامة لا تستطيع الدخول».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏١٤‏)‏ خلف بوابات المدن في يهوذا،‏ هنالك ساحات عامة يجتمع فيها الشيوخ للنظر في المسائل القضائية.‏ (‏راعوث ٤:‏​١،‏ ٢،‏ ١١‏)‏ وينبغي ان يقضي هؤلاء الرجال بالبر ويُجروا العدل،‏ ولا يقبلوا اية رشوة.‏ (‏تثنية ١٦:‏​١٨-‏٢٠‏)‏ لكنهم يقضون بحسب افكارهم الانانية الخاصة.‏ والاسوأ هو انهم يعتبرون كل مَن يحاول بإخلاص فعلَ الخير فريسة سهلة لهم.‏ نقرأ:‏ ‏«صار الصدق معدوما والحائد عن الشر يُسلَب».‏ —‏ اشعياء ٥٩:‏١٥ أ.‏

١٣ ماذا سيفعل يهوه بما ان قضاة يهوذا متقاعسون عن اداء واجباتهم؟‏

١٣ ان الذين لا يستنكرون هذا الانحراف الادبي ينسون ان اللّٰه ليس اعمى او جاهلا او عاجزا.‏ يكتب اشعيا:‏ ‏«رأى الرب وساء في عينيه انه ليس عدل.‏ فرأى انه ليس انسان وتحير من انه ليس شفيع.‏ فخلّصت ذراعه لنفسه وبره هو عضده».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏١٥ب،‏ ١٦‏)‏ فبما ان القضاة المعيَّنين يتقاعسون عن اداء واجباتهم،‏ فسيتدخل يهوه نفسه.‏ وعندما يفعل ذلك،‏ سيتخذ اجراء بارا وقويا.‏

١٤ (‏أ)‏ ما هو موقف كثيرين اليوم؟‏ (‏ب)‏ كيف يتهيأ يهوه للتدخل؟‏

١٤ هنالك حالة مماثلة اليوم.‏ فنحن نعيش في عالم فقد فيه كثيرون «كل حس ادبي».‏ (‏افسس ٤:‏١٩‏)‏ وقليلون يؤمنون بأن يهوه سيتدخل ليزيل الشر من الارض.‏ لكنَّ نبوة اشعيا تُظهر ان يهوه يراقب الشؤون البشرية عن كثب.‏ وهو يُصدر الاحكام،‏ وفي وقته المعيَّن يتخذ الاجراء الذي يتناسب مع هذه الاحكام.‏ فهل احكامه عادلة؟‏ يُظهر اشعيا انها كذلك.‏ ففي حالة امة يهوذا يكتب:‏ ‏«لبس ‏[‏يهوه‏] البر كدرع وخوذة الخلاص على رأسه.‏ ولبس ثياب الانتقام كلباس واكتسى بالغيرة كرداء».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏١٧‏)‏ تصوِّر هذه الكلمات النبوية يهوه كمحارب يتهيأ للقتال.‏ وتفكيره مركّز على الخلاص الذي تزوده قضيته.‏ وهو واثق من بره المطلق الذي لا شك فيه.‏ وسيكون غيورا في تنفيذ احكامه بكل شجاعة.‏ فلا بد ان الحق سيسود.‏

١٥ (‏أ)‏ ماذا سيفعل المسيحيون الحقيقيون حين ينفِّذ يهوه دينونته؟‏ (‏ب)‏ ماذا يمكن القول عن احكام يهوه؟‏

١٥ في بعض البلدان اليوم،‏ يحاول اعداء الحق اعاقة عمل خدام يهوه بنشر دعاية كاذبة وافترائية.‏ ان المسيحيين الحقيقيين لا يترددون في الدفاع عن الحق،‏ لكنهم لا يسعون ابدا الى الانتقام شخصيا.‏ (‏روما ١٢:‏١٩‏)‏ حتى عندما يحسم يهوه الامور مع العالم المسيحي المرتد،‏ لن يشترك عبّاده على الارض في تدميرهم.‏ فهم يعرفون ان يهوه احتفظ لنفسه بالانتقام وأنه سيتخذ الاجراء الملائم في الوقت المناسب.‏ تؤكد لنا النبوة:‏ ‏«حسب الاعمال هكذا يجازي مبغضيه سخطا وأعداءه عقابا.‏ جزاء يجازي الجزائر».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏١٨‏)‏ فكما في ايام اشعيا،‏ لن تكون احكام اللّٰه عادلة فحسب بل ايضا شاملة.‏ فستبلغ حتى «الجزائر»،‏ او الاماكن البعيدة.‏ ولن يكون احد بعيدا او منعزلا اكثر من ان تدركه دينونة يهوه.‏

١٦ مَن سينجون من دينونة يهوه،‏ وماذا سيتعلمون من نجاتهم؟‏

١٦ ان الذين يجاهدون لفعل البر يجازيهم يهوه جزاء بارا.‏ وينبئ اشعيا انه من اقصاء الارض الى اقصائها —‏ في كل ارجاء المعمورة —‏ سينجو هؤلاء الاشخاص.‏ ونيلهم الحماية من يهوه سيعمِّق جدا احترامهم وتوقيرهم له.‏ (‏ملاخي ١:‏١١‏)‏ نقرأ:‏ ‏«يخشون من المغرب اسم الرب ومن مشرق الشمس مجده فإنه يأتي كنهر منحصر تدفعه ريح ‏[‏‏«روح»،‏ ع‌ج‏] الرب».‏ ‏(‏اشعيا ٥٩:‏١٩‏،‏ ي‌ج‏)‏ فكالريح العاصفة التي تدفع امامها سيلا من المياه وتجرف كل ما في طريقها،‏ سيزيل روح يهوه كل ما يعيق اتمام مشيئته.‏ وروحه اشد من اية قوة يملكها الانسان.‏ وعندما يستخدم روحه لتنفيذ دينونته في البشر والامم،‏ سيلاقي نجاحا ساحقا وأكيدا.‏

رجاء وبركة للتائبين

١٧ مَن هو فادي صهيون،‏ ومتى يفدي صهيون؟‏

١٧ بحسب شريعة موسى،‏ اذا باع اسرائيلي نفسه للعبودية،‏ يمكن ان يقوم ولي بفكّه او فدائه.‏ وقد سبق ان وُصف يهوه في السفر النبوي الذي كتبه اشعيا بأنه فادي الاشخاص التائبين.‏ (‏اشعياء ٤٨:‏١٧‏)‏ وهنا ايضا يوصَف بأنه فادي التائبين.‏ يسجل اشعيا وعد يهوه القائل:‏ ‏«يأتي الفادي الى صهيون وإلى التائبين عن المعصية في يعقوب يقول الرب».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏٢٠‏)‏ يتم هذا الوعد المطَمئن سنة ٥٣٧ ق‌م.‏ ولكن له اتمام اضافي.‏ فالرسول بولس اقتبس هذه الكلمات من الترجمة السبعينية وطبقها على المسيحيين.‏ كتب:‏ «بهذه الطريقة سوف يخلُص جميع إسرائيل.‏ كما هو مكتوب:‏ ‹سيأتي المنقذ من صهيون ويرد ممارسات الكُفر عن يعقوب.‏ وهذا هو العهد من قِبَلي معهم حين أنزع خطاياهم›».‏ (‏روما ١١:‏​٢٦،‏ ٢٧‏)‏ نعم،‏ لنبوة اشعيا انطباق اوسع بكثير —‏ انطباق يمتد الى ايامنا ويتعداها.‏ كيف؟‏

١٨ متى وكيف اوجد يهوه «اسرائيل اللّٰه»؟‏

١٨ في القرن الاول،‏ اعترفت بقية صغيرة من امة اسرائيل بيسوع على انه المسيَّا.‏ (‏روما ٩:‏٢٧؛‏ ١١:‏٥‏)‏ وفي يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ سكب يهوه روحه القدس على نحو ١٢٠ شخصا من هؤلاء المؤمنين وأدخلهم في عهده الجديد الذي وسيطه يسوع المسيح.‏ (‏ارميا ٣١:‏​٣١-‏٣٣؛‏ عبرانيين ٩:‏١٥‏)‏ في ذلك اليوم اتى «اسرائيل اللّٰه» الى الوجود،‏ امة جديدة يتميز اعضاؤها بولادتهم بواسطة روح اللّٰه لا بتحدُّرهم الجسدي من ابراهيم.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦‏)‏ وابتداء من كرنيليوس،‏ صارت الامة الجديدة تشمل الامم غير المختونين.‏ (‏اعمال ١٠:‏​٢٤-‏٤٨؛‏ كشف ٥:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ وهكذا تبنَّاهم يهوه اللّٰه وجعلهم اولاده الروحيين،‏ شركاء يسوع في الميراث.‏ —‏ روما ٨:‏​١٦،‏ ١٧‏.‏

١٩ ايّ عهد يقطعه يهوه مع اسرائيل اللّٰه؟‏

١٩ يقطع يهوه الآن عهدا مع اسرائيل اللّٰه.‏ نقرأ:‏ ‏«اما انا فهذا عهدي معهم قال الرب.‏ روحي الذي عليكَ وكلامي الذي وضعتُه في فمك لا يزول من فمك ولا من فم نسلك ولا من فم نسل نسلك قال الرب من الآن وإلى الابد».‏ ‏(‏اشعياء ٥٩:‏٢١‏)‏ سواء انطبقت هذه الكلمات على اشعيا نفسه او لا،‏ فقد تمَّت في يسوع بالتأكيد،‏ اذ أُكِّد له ان ‹سيرى نسله›.‏ (‏اشعياء ٥٣:‏١٠‏)‏ لقد تفوَّه يسوع بكلمات تعلَّمها من يهوه،‏ وكان روح يهوه عليه.‏ (‏يوحنا ١:‏١٨؛‏ ٧:‏١٦‏)‏ ومن الملائم ان ينال اخوته وشركاؤه في الميراث،‏ اعضاء اسرائيل اللّٰه،‏ روح يهوه القدس هم ايضا ويكرزوا برسالة تعلَّموها من ابيهم السماوي.‏ فهم جميعا ‹اشخاص متعلمون من يهوه›.‏ (‏اشعيا ٥٤:‏١٣‏،‏ ع‌ج؛‏ لوقا ١٢:‏١٢؛‏ اعمال ٢:‏٣٨‏)‏ وسواء بواسطة اشعيا او بواسطة يسوع،‏ الذي يمثِّله اشعيا نبويا،‏ يتعهد يهوه الآن ألا يستبدلهم بتاتا بل ان يستخدمهم كشهود له الى الابد.‏ (‏اشعياء ٤٣:‏١٠‏)‏ ولكن مَن هم ‹نسلهم› الذين يستفيدون ايضا من هذا العهد؟‏

٢٠ كيف تمَّ وعد يهوه لإبراهيم في القرن الاول؟‏

٢٠ في الماضي وعد يهوه ابراهيم قائلا:‏ «يتبارك في نسلك جميع امم الارض».‏ (‏تكوين ٢٢:‏١٨‏)‏ وانسجاما مع ذلك،‏ خرجت البقية الصغيرة من الاسرائيليين الطبيعيين،‏ التي اعترفت بالمسيَّا،‏ لتكرز بالبشارة عن المسيح في امم كثيرة.‏ وابتداء من كرنيليوس «تَبارك» امميون كثيرون غير مختونين في يسوع،‏ نسل ابراهيم.‏ وصاروا جزءا من اسرائيل اللّٰه وجزءا ثانويا من نسل ابراهيم.‏ انهم جزء من ‹امة يهوه المقدسة›،‏ التي فُوِّض اليها ‹اعلان فضائل الذي دعاهم من الظلمة إلى نوره العجيب›.‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏٩؛‏ غلاطية ٣:‏​٧-‏٩،‏ ١٤،‏ ٢٦-‏٢٩‏.‏

٢١ (‏أ)‏ ايّ «نسل» انتجه اسرائيل اللّٰه في الازمنة العصرية؟‏ (‏ب)‏ كيف يتعزى ‹النسل› بالعهد الذي قطعه يهوه مع اسرائيل اللّٰه؟‏

٢١ يبدو اليوم ان كامل عدد اسرائيل اللّٰه قد جُمع.‏ لكنَّ الامم لا تزال تُبارَك —‏ وعلى نطاق واسع.‏ كيف؟‏ الجواب هو ان اسرائيل اللّٰه عنده «نسل»،‏ تلاميذ ليسوع يرجون العيش الى الابد على ارض فردوسية.‏ (‏مزمور ٣٧:‏​١١،‏ ٢٩‏)‏ وهذا ‹النسل› متعلم ايضا من يهوه ومن طرقه.‏ (‏اشعياء ٢:‏​٢-‏٤‏)‏ ومع انهم غير معتمدين بالروح القدس ولا يُعتبرون شركاء في العهد الجديد،‏ يقوِّيهم روح يهوه القدس ليتغلبوا على كل العوائق التي يضعها الشيطان في طريق عملهم الكرازي.‏ (‏اشعياء ٤٠:‏​٢٨-‏٣١‏)‏ انهم يُعدّون اليوم بالملايين،‏ وهم يستمرون في الازدياد فيما ينتجون نسلهم الخاص.‏ وعهد يهوه مع الممسوحين يعطي هذا ‹النسل› الثقة بأن يهوه سيستمر في استخدامهم هم ايضا كناطقين باسمه الى الابد.‏ —‏ كشف ٢١:‏​٣،‏ ٤،‏ ٧‏.‏

٢٢ ممَّ نحن على ثقة بشأن يهوه،‏ وكيف ينبغي ان يؤثر ذلك فينا؟‏

٢٢ فلنحافظ جميعا على ايماننا بيهوه.‏ انه يرغب في انقاذنا،‏ وهو قادر على ذلك!‏ ولن تقصُر يده ابدا؛‏ فسيقوم دائما بإنقاذ شعبه الامين.‏ وجميع الذين يثقون به يُبقون كلامه الصالح في افواههم «من الآن وإلى الابد».‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٩٤]‏

اورشليم المرتدة —‏ تشابُه مع العالم المسيحي

تمثِّل اورشليم،‏ عاصمة امة اللّٰه المختارة،‏ هيئة اللّٰه السماوية المؤلفة من مخلوقات روحانية وكذلك مجموعة المسيحيين الممسوحين المقامين الى السماء كعروس المسيح.‏ (‏غلاطية ٤:‏​٢٥،‏ ٢٦؛‏ كشف ٢١:‏٢‏)‏ ولكن كثيرا ما خان سكان اورشليم يهوه،‏ ووُصفت المدينة بالزانية والفاسقة.‏ (‏حزقيال ١٦:‏​٣،‏ ١٥،‏ ٣٠-‏٤٢‏)‏ وفي هذه الحالة كانت اورشليم نموذجا ملائما للعالم المسيحي المرتد.‏

دعا يسوع اورشليم «قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها».‏ (‏لوقا ١٣:‏٣٤؛‏ متى ١٦:‏٢١‏)‏ وكأورشليم الخائنة،‏ يدَّعي العالم المسيحي انه يخدم الاله الحقيقي ولكنه مبتعد جدا عن طرقه البارة.‏ ونحن على ثقة من ان يهوه سيدين العالم المسيحي بحسب المقاييس البارة نفسها التي دان بها اورشليم المرتدة.‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٩٦]‏

ينبغي ان يقضي القاضي بالبر،‏ يُجري العدل،‏ ويرفض اية رشوة

‏[الصورة في الصفحة ٢٩٨]‏

كالنهر الفائض،‏ ستزيل احكام يهوه كل العوائق امام تحقيق مشيئته

‏[الصورة في الصفحة ٣٠٢]‏

يتعهد يهوه ألا يخسر شعبه ابدا امتياز كونهم شهودا له