الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

يهوه —‏ «اله بار ومخلّص»‏

يهوه —‏ «اله بار ومخلّص»‏

الفصل السادس

يهوه —‏ «اله بار ومخلّص»‏

اشعياء ٤٥:‏​١-‏٢٥

١،‏ ٢ اية وعود مطَمئنة ترد في الاصحاح ٤٥ من سفر اشعياء،‏ وأية اسئلة سيجري التأمل فيها؟‏

وعود يهوه يُعتمد عليها.‏ انه كاشف المستقبل وخالق الاشياء.‏ وقد بيَّن مرة بعد اخرى انه اله بار ومخلّص لأناس من كل الامم.‏ هذه بعض الوعود المبهجة المطَمئنة التي نجدها في الاصحاح ٤٥ من سفر اشعياء.‏

٢ وكذلك يحتوي الاصحاح ٤٥ على مثال بارز لقدرة يهوه على التنبؤ.‏ فروح اللّٰه يمكّن اشعيا من مراقبة البلدان البعيدة ورؤية الاحداث قبل قرون من وقوعها،‏ ويدفعه الى وصف حادثة لا احد غير يهوه،‏ اله النبوة الحقيقية،‏ قادر على الانباء بها بهذه الدقة.‏ فما هي هذه الحادثة؟‏ كيف تؤثر في شعب اللّٰه في ايام اشعيا؟‏ وما مغزاها لنا اليوم؟‏ دعونا نتأمل في كلمات النبي.‏

وحي يهوه من جهة بابل

٣ بأية تعابير حية تصف اشعياء ٤٥:‏​١-‏٣ أ غزوة كورش؟‏

٣ ‏«هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي امسكت بيمينه لأدوس امامه امما وأحقاء ملوك احلّ لأفتح امامه المصراعَين والابواب لا تُغلَق.‏ انا اسير قدامك والهضاب امهِّد.‏ اكسِّر مصراعَي النحاس ومغاليق الحديد اقصف.‏ وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ».‏ —‏ اشعياء ٤٥:‏​١‏-‏٣ أ.‏

٤ (‏أ)‏ لماذا يدعو يهوه كورش ‹مسيحه›؟‏ (‏ب)‏ كيف سيضمن يهوه انتصار كورش؟‏

٤ يتحدث يهوه،‏ بواسطة اشعيا،‏ الى كورش كما لو انه حيّ،‏ مع ان كورش لم يكن قد وُلد بعدُ في ايام اشعيا.‏ (‏روما ٤:‏١٧‏)‏ وبما ان يهوه عيَّن كورش مسبقا ليقوم بمهمة محددة،‏ يمكن القول عن كورش انه «مسيح» اللّٰه.‏ وبتوجيه الهي سيدوس امما،‏ مضعِفا قوة الملوك وجاعلا اياهم عاجزين عن المقاومة.‏ وبعد ذلك،‏ حين يهاجم كورش بابل،‏ سيحرص يهوه على ان تكون ابواب المدينة مفتوحة،‏ وهكذا لن تفيد شيئا —‏ كما لو انها محطمة.‏ وسيسير امام كورش،‏ ممهِّدا كل العوائق في طريقه.‏ ثم سيجتاح جيش كورش المدينة ويستولي على ‹كنوزها›،‏ ثرواتها المخزونة في سراديبها المظلمة.‏ هذا ما ينبئ به اشعيا؟‏ فهل تتحقق كلماته؟‏

٥،‏ ٦ متى وكيف تتحقق النبوة المتعلقة بسقوط بابل؟‏

٥ في سنة ٥٣٩ ق‌م —‏ بعد نحو ٢٠٠ سنة من تسجيل اشعيا لهذه النبوة —‏ وصل كورش بالفعل الى اسوار بابل ليهاجم المدينة.‏ (‏ارميا ٥١:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ لكنَّ ذلك لم يقلق البابليين.‏ فقد شعروا بأن مدينتهم لا تُقهر.‏ فأسوارها العالية تشمخ فوق خنادق عميقة مليئة بالماء من نهر الفرات،‏ الذي يشكّل جزءا من نظام المدينة الدفاعي.‏ ولأكثر من مئة سنة،‏ لم يتمكن ايّ عدو من احتلال المدينة بهجوم مباغت!‏ وحاكم بابل المقيم فيها،‏ بيلشاصر،‏ يشعر بالامان حتى انه يعدّ وليمة ليتمتع مع شخصيات البلاط.‏ (‏دانيال ٥:‏١‏)‏ وفي تلك الليلة،‏ ليلة ٥/‏٦ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏،‏ ينفّذ كورش خطة عسكرية بارعة.‏

٦ فإلى الشمال من بابل،‏ كان مهندسو كورش قد شقّوا مسربا في ضفة نهر الفرات،‏ محوِّلين مياهه بحيث لا تعود تجري جنوبا نحو المدينة.‏ ولا يمضي وقت طويل حتى ينخفض منسوب مياه النهر في بابل وحولها بشكل يسمح لجنود كورش بخوض مجرى النهر والتوجّه نحو قلب المدينة.‏ (‏اشعياء ٤٤:‏٢٧؛‏ ارميا ٥٠:‏٣٨‏)‏ والمدهش ان البوابات على طول النهر مفتوحة،‏ كما انبأ اشعيا.‏ فتدخل قوات كورش بابل،‏ تحتل القصر،‏ وتقتل الملك بيلشاصر.‏ (‏دانيال ٥:‏٣٠‏)‏ وهكذا يتمّ الاجتياح في ليلة واحدة.‏ ها قد سقطت بابل،‏ وتمَّت النبوة بحذافيرها.‏

٧ كيف يتقوّى المسيحيون بالاتمام المذهل لنبوة اشعيا المتعلقة بكورش؟‏

٧ ان الاتمام الدقيق لهذه النبوة يقوِّي ايمان المسيحيين اليوم.‏ فهو يعطيهم سببا قويا ليؤمنوا بأن نبوات الكتاب المقدس،‏ التي لم تتم بعد،‏ يُعتمد عليها هي ايضا.‏ (‏٢ بطرس ١:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ يعرف عبّاد يهوه ان ما رمز اليه سقوط بابل سنة ٥٣٩ ق‌م،‏ اي سقوط «بابل العظيمة»،‏ حدث في سنة ١٩١٩.‏ لكنهم يتطلعون الى دمار هذه الهيئة الدينية العصرية وزوال النظام السياسي الذي يسيطر عليه الشيطان،‏ الى إلقاء الشيطان في المهواة،‏ وإلى حلول سموات جديدة وأرض جديدة.‏ (‏كشف ١٨:‏​٢،‏ ٢١؛‏ ١٩:‏​١٩-‏٢١؛‏ ٢٠:‏​١-‏٣،‏ ١٢،‏ ١٣؛‏ ٢١:‏​١-‏٤‏)‏ وهم يعرفون ان نبوات يهوه ليست وعودا فارغة،‏ بل وصف لأحداث مستقبلية اكيدة.‏ وتتقوى ثقة المسيحيين الحقيقيين حين يتذكرون اتمام جميع التفاصيل في نبوة اشعيا بشأن سقوط بابل.‏ فهم يعرفون ان يهوه يتمم دائما ما يقوله.‏

لماذا سيدعم يهوه كورش

٨ ما هو احد الاسباب التي جعلت يهوه يمنح كورش الغلبة على بابل؟‏

٨ بعد ان يذكر يهوه مَن سيغزو بابل وكيف سيحصل ذلك،‏ يمضي موضحا احد الاسباب التي من اجلها ستُمنح الغلبة لكورش.‏ فيقول يهوه،‏ وهو يتكلم نبويا الى كورش،‏ انه ‏«لكي تعرف اني انا الرب الذي يدعوك باسمك اله اسرائيل».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏٣ ب‏)‏ من المناسب ان يعرف حاكم الدولة العالمية الرابعة في تاريخ الكتاب المقدس ان الفضل في اعظم انتصاراته يعود الى دعم مَن هو اعظم منه —‏ يهوه،‏ المتسلط الكوني.‏ وينبغي ان يعترف كورش ان مَن يدعوه،‏ او يفوِّضه،‏ هو يهوه اله اسرائيل.‏ ويُظهر سجل الكتاب المقدس ان كورش اعترف فعلا بأن انتصاره العظيم اتى من يهوه.‏ —‏ عزرا ١:‏​٢،‏ ٣‏.‏

٩ لأيّ سبب آخر يجلب يهوه كورش ليغزو بابل؟‏

٩ يوضح يهوه السبب الثاني لجلبه كورش ليغزو بابل:‏ ‏«لأجل عبدي يعقوب وإسرائيل مختاري دعوتُك باسمك.‏ لقبتُك وأنت لست تعرفني».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏٤‏)‏ ان انتصار كورش على بابل انجاز عظيم.‏ فهو يسم سقوط دولة عالمية وارتقاء اخرى،‏ ويترك اثره في التاريخ على مدى اجيال.‏ لكنَّ سكان الامم المحيطة،‏ الذين يراقبون باهتمام بالغ ما يحدث،‏ سيندهشون على الارجح حين يعلمون ان كل ذلك يحدث من اجل آلاف قليلة من المسبيين «العديمي الشأن»:‏ اليهود،‏ المتحدرين من يعقوب.‏ لكنَّ هؤلاء الباقين من امة اسرائيل القديمة ليسوا ابدا عديمي الشأن في نظر يهوه.‏ فهم ‹عبده›.‏ وهم شعبه ‹المختار› من بين كل امم الارض.‏ ومع ان كورش لم يكن يعرف يهوه،‏ فقد جعله يهوه مسيحه ليقلب المدينة التي رفضت اطلاق اسراها.‏ فليس قصد اللّٰه ان يبقى شعبه المختار الى الابد في ارض اجنبية.‏

١٠ ما هو اهم سبب لاستخدام يهوه كورش لكي يقضي على الدولة العالمية البابلية؟‏

١٠ هنالك ايضا سبب ثالث بالغ الاهمية يجعل يهوه يستخدم كورش ليقلب بابل.‏ يقول يهوه:‏ ‏«انا الرب وليس آخر.‏ لا اله سواي.‏ نطَّقتك وأنت لم تعرفني.‏ لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها ان ليس غيري.‏ انا الرب وليس آخر».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏​٥،‏ ٦‏)‏ نعم،‏ فسقوط الدولة العالمية البابلية هو دليل ساطع على ألوهية يهوه،‏ وبرهان للجميع انه هو وحده يستحق العبادة.‏ وبما ان شعب اللّٰه قد أُطلق سراحه،‏ فسيعترف افراد من امم كثيرة —‏ من الشرق الى الغرب —‏ ان يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد.‏ —‏ ملاخي ١:‏١١‏.‏

١١ كيف يوضح يهوه ان له القدرة على اتمام قصده تجاه بابل؟‏

١١ تذكروا ان نبوة اشعيا هذه سُجِّلت قبل ٢٠٠ سنة تقريبا من وقوع هذه الحادثة.‏ وربما تساءل البعض،‏ حين سمعوا هذه النبوة:‏ ‹هل يملك يهوه القدرة فعلا على اتمامها؟‏›.‏ يشهد التاريخ ان الجواب هو نعم.‏ ويوضح يهوه لماذا من المنطقي الاعتقاد انه قادر على تحقيق ما يقوله:‏ ‏«مصوِّر النور وخالق الظلمة صانع السلام وخالق الشر ‏[‏‏«الشقاء»،‏ ي‌ج‏]‏‏.‏ انا الرب صانع كل هذه».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏٧‏)‏ كل شيء في الخليقة —‏ من النور الى الظلمة —‏ وكل شيء في التاريخ —‏ من السلام الى الشقاء —‏ خاضع لسيطرة يهوه.‏ فكما خلق النور للنهار والظلمة لليل،‏ كذلك سيجعل السلام لإسرائيل والشقاء لبابل.‏ ويهوه له القدرة على خلق الكون،‏ وله القدرة ايضا على اتمام نبواته.‏ وهذا الامر يطمئن المسيحيين اليوم،‏ الذين يدرسون كلمته النبوية بتمعُّن.‏

١٢ (‏أ)‏ ماذا يجعل يهوه السموات والارض المجازية تنتج؟‏ (‏ب)‏ ايّ وعد معزٍّ تتضمنه كلمات اشعياء ٤٥:‏٨ للمسيحيين اليوم؟‏

١٢ ثم يستخدم يهوه امورا تحصل بشكل مألوف في الخليقة ليصوِّر ما ينتظر الاسرى اليهود:‏ ‏«اقطري ايتها السموات من فوق وليُنزل الجو بِرا.‏ لتنفتح الارض فيثمر الخلاص ولتنبت بِرا معا.‏ انا الرب قد خلقته».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏٨‏)‏ فكما ان السموات الحرفية تجعل المطر المنعش ينهمر،‏ كذلك سيجعل يهوه التأثيرات البارة تنهمر على شعبه من السموات المجازية.‏ وكما ان الارض الحرفية تنفتح لتنتج اثمارا كثيرة،‏ كذلك سيجعل يهوه الارض المجازية تنتج احداثا تنسجم مع قصده البار —‏ وخصوصا خلاص شعبه الاسير في بابل.‏ وفي سنة ١٩١٩،‏ جعل يهوه ‹السماء› و «الارض» تنتج احداثا مماثلة لكي يتحرر شعبه.‏ والمسيحيون اليوم يفرحون برؤية هذه الامور.‏ ولماذا؟‏ لأن هذه الاحداث تقوّي ايمانهم فيما يتطلعون الى الوقت الذي فيه تجلب السموات المجازية،‏ ملكوت اللّٰه،‏ البركات على ارض بارة.‏ وفي ذلك الوقت سينتشر البر والخلاص النابعان من السموات والارض المجازية على نطاق اوسع بكثير مما كان عندما قُلبت بابل القديمة.‏ فما امجد هذا الاتمام النهائي لكلمات اشعيا!‏ —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣؛‏ كشف ٢١:‏١‏.‏

البركات الناجمة من الاعتراف بسلطان يهوه

١٣ لماذا من السُّخف ان يتحدى البشر مقاصد يهوه؟‏

١٣ بعد هذا الوصف للبركات المستقبلية المبهجة،‏ يتغير اسلوب النبوة بشكل مفاجئ،‏ اذ يتفوَّه اشعيا بويل مزدوج:‏ ‏«ويل لمَن يخاصم جابله.‏ خزف بين اخزاف الارض.‏ هل يقول الطين لجابله ماذا تصنع.‏ او يقول عملك ليس له يدان.‏ ويل للذي يقول لأبيه ماذا تلد وللمرأة ماذا تلدين».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ كما يَظهر،‏ يعترض بنو اسرائيل على ما ينبئ به يهوه.‏ فهم ربما لا يصدّقون ان يهوه سيسمح بأن يُسبى شعبه.‏ او ربما ينتقدون القول ان ملكا من امة وثنية،‏ وليس ملكا من بيت داود،‏ سيحرر اسرائيل.‏ ولكي يصوِّر اشعيا مدى سُخف هذه الاعتراضات،‏ يشبّه المعترضين بكتل طين وقطع خزف مرمية تجرؤ على الشك في حكمة جابلها.‏ وهذا المجبول يقول ان الخزّاف ليس له يدان او قدرة على الجبْل.‏ فما اغبى ذلك!‏ والمعترضون هم كأولاد صغار يجرؤون على انتقاد سلطة والديهم.‏

١٤،‏ ١٥ ماذا تكشف الكلمتان «قدوس» و «جابل» عن يهوه؟‏

١٤ يورد اشعيا ردّ يهوه على هؤلاء المعترضين:‏ ‏«هكذا يقول الرب قدوس اسرائيل وجابله.‏ اسألوني عن الآتيات.‏ من جهة بَنِيَّ ومن جهة عمل يدي اوصوني.‏ انا صنعت الارض وخلقت الانسان عليها.‏ يداي انا نشرتا السموات وكل جندها انا امرت.‏ انا قد انهضته بالنصر وكل طرقه اسهّل.‏ هو يبني مدينتي ويطلق سبيي لا بثمن ولا بهدية قال رب الجنود».‏ —‏ اشعياء ٤٥:‏​١١‏-‏١٣‏.‏

١٥ عندما يوصف يهوه ‹بالقدوس›،‏ يشدَّد على قداسته.‏ وعندما يُدعى ‹جابلا›،‏ يركَّز على حقِّه كخالق في تقرير تطوُّر الامور.‏ ويهوه قادر على إخبار بني اسرائيل بالآتيات والاعتناء بعمل يديه،‏ اي شعبه.‏ ومرة اخرى يَظهر ارتباط عنصرَي الخلق والكشف في المسألة.‏ فيهوه،‏ بصفته خالق كل الكون،‏ له الحق في توجيه الاحداث بالطريقة التي يقرِّرها هو.‏ (‏١ أخبار الايام ٢٩:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ وفي هذه الحالة التي تُناقش الآن،‏ قرَّر الحاكم المتسلط ان يقيم كورش الوثني ليحرِّر اسرائيل.‏ ومجيء كورش،‏ مع انه سيحدث في المستقبل،‏ هو امر اكيد كما ان وجود السماء والارض اكيد.‏ فمَن من بني اسرائيل يجرؤ على انتقاد الأب،‏ ‹يهوه الجنود›؟‏!‏

١٦ لماذا ينبغي ان يخضع خدام يهوه له؟‏

١٦ تحتوي هذه الاعداد من سفر اشعياء سببا آخر يحمل خدام اللّٰه على الخضوع له.‏ فقراراته تصبّ دائما في مصلحة خدامه.‏ (‏ايوب ٣٦:‏٣‏)‏ وقد وضع الشرائع لكي ينتفع منها شعبه.‏ (‏اشعياء ٤٨:‏١٧‏)‏ ويجد اليهود في ايام كورش،‏ الذين يعترفون بسلطان يهوه،‏ ان هذا صحيح.‏ فكورش،‏ الذي يتصرف بحسب بر يهوه،‏ يرسلهم من بابل الى ارضهم لكي يعيدوا بناء الهيكل.‏ (‏عزرا ٦:‏​٣-‏٥‏)‏ واليوم ايضا،‏ يتمتع بالبركات مَن يطبقون شرائع اللّٰه في حياتهم اليومية ويخضعون لسلطانه.‏ —‏ مزمور ١:‏​١-‏٣؛‏ ١٩:‏٧؛‏ ١١٩:‏١٠٥؛‏ يوحنا ٨:‏​٣١،‏ ٣٢‏.‏

بركات للامم الاخرى

١٧ مَن غير اسرائيل سيستفيدون من اعمال يهوه الانقاذية،‏ وكيف؟‏

١٧ لن تكون اسرائيل الامة الوحيدة التي تستفيد من سقوط بابل.‏ يقول اشعيا:‏ ‏«هكذا قال الرب تعب مصر ‏[‏‏«عمّال مصر المسخَّرون»،‏ ع‌ج‏] وتجارة ‏[‏‏«تجار»،‏ ع‌ج‏] كوش والسبئيون ذوو القامة اليكِ يعبرون ولك يكونون.‏ خلفك يمشون.‏ بالقيود يمرون ولك يسجدون.‏ اليك يتضرعون قائلين فيك وحدك اللّٰه وليس آخر.‏ ليس اله».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏١٤‏)‏ في ايام موسى،‏ عند خروج الاسرائيليين من مصر،‏ رافقهم «لفيف كثير» من غير الاسرائيليين.‏ (‏خروج ١٢:‏​٣٧،‏ ٣٨‏)‏ وكذلك سيرافق اشخاص غرباء المسبيين اليهود العائدين الى ارضهم من بابل.‏ ولن يُجبَر غير اليهود هؤلاء على الرحيل بل ‹سيعبرون› بمحض اختيارهم.‏ وعندما يقول يهوه:‏ «لك يسجدون» و «اليك يتضرعون»،‏ يشير الى الخضوع والولاء الطوعيين اللذين يُظهرهما هؤلاء الغرباء نحو اسرائيل.‏ ووضعهم قيودا،‏ ينقل معنى الطوعية،‏ اذ انهم مستعدون ليخدموا شعب عهد اللّٰه قائلين لهم:‏ «فيك وحدك اللّٰه».‏ وسيعبدون يهوه كدخلاء،‏ حسب شروط عهده مع اسرائيل.‏ —‏ اشعياء ٥٦:‏٦‏.‏

١٨ مَن استفادوا اليوم من تحرير يهوه ‹لإسرائيل اللّٰه›،‏ وبأية طرائق؟‏

١٨ منذ أُطلق سراح «اسرائيل اللّٰه» من الاسر الروحي سنة ١٩١٩،‏ تشهد كلمات اشعيا اتماما اكبر منه في ايام كورش.‏ فملايين الاشخاص حول العالم يبدون استعدادهم لخدمة يهوه.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦؛‏ زكريا ٨:‏٢٣‏)‏ و ‹كالعمّال› و ‹التجار› الذين ذكرهم اشعيا،‏ يقدّمون بفرح قوتهم الجسدية ومواردهم المالية لدعم العبادة الحقة.‏ (‏متى ٢٥:‏​٣٤-‏٤٠؛‏ مرقس ١٢:‏٣٠‏)‏ وينذرون انفسهم للّٰه ويسيرون في سبله،‏ صائرين عبيدا له بكل سرور.‏ (‏لوقا ٩:‏٢٣‏)‏ ولا يعبدون إلا يهوه،‏ متمتعين بفوائد معاشرة ‹عبد يهوه الامين الفطين›،‏ الذين هم في علاقة عهد مميزة مع اللّٰه.‏ (‏متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧؛‏ ٢٦:‏٢٨؛‏ عبرانيين ٨:‏​٨-‏١٣‏)‏ ومع ان هؤلاء ‹العمّال› و ‹التجار› ليسوا طرفا في هذا العهد،‏ فهم يستفيدون منه ويطيعون الشرائع المتعلقة به،‏ معلنين بجرأة:‏ ‹ليس اله آخر›.‏ فكم هو مثير ان نكون اليوم شهود عيان على الزيادة الضخمة في عدد هؤلاء الداعمين الطوعيين للعبادة الحقة!‏ —‏ اشعياء ٦٠:‏٢٢‏.‏

١٩ ماذا سيحلّ بالذين يصرّون على عبادة الاصنام؟‏

١٩ بعد الكشف ان اناسا من الامم سينضمون الى عبادة يهوه،‏ يهتف النبي:‏ ‏«حقا انت اله محتجب يا اله اسرائيل المخلّص»!‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏١٥‏)‏ ومع ان يهوه يمتنع عن إظهار قوته في الوقت الحاضر،‏ لن يُبقي نفسه محتجبا في المستقبل،‏ بل سيُظهر انه اله اسرائيل،‏ مخلّص شعبه.‏ أما المتكلون على الاصنام فلن يخلّصهم يهوه.‏ يقول اشعيا عن هؤلاء:‏ ‏«قد خزوا وخجلوا كلهم.‏ مضوا بالخجل جميعا الصانعون التماثيل».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏١٦‏)‏ وسيكون خزيهم اكثر من مجرد شعور وقتي بالذل والعار.‏ فسيعني الموت لهم —‏ بعكس ما يعد به يهوه اسرائيل بعد ذلك.‏

٢٠ بأية طريقة سينال اسرائيل «خلاصا ابديا»؟‏

٢٠ ‏«اما اسرائيل فيخلُص بالرب ‏[‏‏«في اتحاد بيهوه»،‏ ع‌ج‏] خلاصا ابديا.‏ لا تخزون ولا تخجلون الى دهور الابد».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏١٧‏)‏ يعد يهوه بخلاص ابدي لإسرائيل،‏ لكنه خلاص مشروط.‏ فيجب ان يبقى اسرائيل «في اتحاد بيهوه».‏ وعندما ينقض اسرائيل هذا الاتحاد بعدم الاعتراف بيسوع بصفته مسيّا،‏ ستخسر الامة امل ‹الخلاص الابدي›.‏ لكنَّ البعض في اسرائيل سيمارسون الايمان بيسوع،‏ وسيصير هؤلاء نواة اسرائيل اللّٰه الذي سيحل محل اسرائيل الجسدي.‏ (‏متى ٢١:‏٤٣؛‏ غلاطية ٣:‏​٢٨،‏ ٢٩؛‏ ١ بطرس ٢:‏٩‏)‏ ولن يخزى اسرائيل الروحي على الاطلاق؛‏ بل سيُدخَل في «عهد ابدي».‏ —‏ عبرانيين ١٣:‏٢٠‏.‏

في الخلق وفي الكشف،‏ يهوه يُعتمد عليه

٢١ كيف يُظهر يهوه انه يمكن الاعتماد عليه كاملا في الخلق وفي الكشف؟‏

٢١ هل يمكن لليهود الاعتماد على وعد يهوه بالخلاص الابدي لإسرائيل؟‏ يجيب اشعيا:‏ ‏«هكذا قال الرب خالق السموات هو اللّٰه.‏ مصوِّر الارض وصانعها.‏ هو قرَّرها.‏ لم يخلقها باطلا.‏ للسكن صوَّرها.‏ انا الرب وليس آخر.‏ لم اتكلم بالخفاء في مكان من الارض مظلم.‏ لم اقل لنسل يعقوب باطلا اطلبوني.‏ انا الرب متكلم بالصدق مخبر بالاستقامة».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏​١٨،‏ ١٩‏)‏ للمرة الرابعة والاخيرة في هذا الاصحاح،‏ يستهل اشعيا رسالة نبوية مهمة بعبارة:‏ «هكذا قال الرب».‏ (‏اشعياء ٤٥:‏​١،‏ ١١،‏ ١٤‏)‏ فماذا يقول الرب؟‏ انه يمكن الاعتماد عليه في الخلق والكشف على السواء.‏ فهو لم يخلق الارض «باطلا».‏ وكذلك لا يطلب من شعبه،‏ اسرائيل،‏ ان يطلبوه «باطلا».‏ فكما ان قصد اللّٰه نحو الارض سيتحقق،‏ كذلك سيتحقق قصد اللّٰه نحو شعبه المختار.‏ وبالتباين مع الكلام الغامض الذي يتفوَّه به مَن يخدمون الآلهة الباطلة،‏ تُعلَن كلمات يهوه على الملإ.‏ وكلامه صحيح،‏ ولا شك البتة في انه سيتحقق.‏ والذين يخدمونه لا يخدمونه عبثا.‏

٢٢ (‏أ)‏ ممَّ يمكن ان يتيقَّن اليهود المسبيون في بابل؟‏ (‏ب)‏ بمَ يُطمأن المسيحيون اليوم؟‏

٢٢ تطمئن هذه الكلمات شعب اللّٰه المسبي في بابل بأن ارض الموعد لن تبقى خربة،‏ بل ستعمر من جديد.‏ ووعود يهوه لهم تتحقق.‏ وكذلك تطمئن هذه الكلمات شعب اللّٰه اليوم بأن الارض لن تخرب —‏ اذ تحرقها النار كما يعتقد البعض،‏ او تدمرها القنابل النووية كما يخشى آخرون.‏ فقصْد اللّٰه هو ان تبقى الارض الى الابد،‏ مكسوَّة بجمال فردوسي ويعيش عليها اناس ابرار.‏ (‏مزمور ٣٧:‏​١١،‏ ٢٩؛‏ ١١٥:‏١٦؛‏ متى ٦:‏​٩،‏ ١٠؛‏ كشف ٢١:‏​٣،‏ ٤‏)‏ نعم،‏ كما في حالة اسرائيل،‏ سيتبيَّن انه يمكن الاعتماد على كلمات يهوه.‏

يهوه يوسّع رحمته

٢٣ ما هي النتيجة للذين يعبدون الاصنام،‏ وما هو وضع الذين يعبدون يهوه؟‏

٢٣ تركّز كلمات يهوه التالية على خلاص اسرائيل:‏ ‏«اجتمعوا وهلموا تقدموا معا ايها الناجون من الامم.‏ لا يعلم الحاملون خشب صنمهم والمصلّون الى اله لا يخلّص.‏ اخبروا قدموا وليتشاوروا معا.‏ مَن اعلم بهذه منذ القديم اخبر بها منذ زمان.‏ أليس انا الرب ولا اله آخر غيري.‏ اله بار ومخلّص.‏ ليس سواي».‏ ‏(‏اشعياء ٤٥:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ يدعو يهوه ‹الناجين› الى مقارنة خلاصهم بما يحدث للذين يعبدون الاصنام.‏ (‏تثنية ٣٠:‏٣؛‏ ارميا ٢٩:‏١٤؛‏ ٥٠:‏٢٨‏)‏ ‹فلا عِلم› لعبدة الاصنام ما داموا يصلّون ويخدمون آلهة عاجزة عن انقاذهم.‏ وعبادتهم باطلة،‏ ولن تجديهم نفعا.‏ أما الذين يعبدون يهوه،‏ فيجدون انه يملك القدرة على تحقيق الامور التي انبأ بها «منذ القديم»،‏ بما في ذلك خلاص شعبه المسبي في بابل.‏ وهذه القدرة والبصيرة عند يهوه تميِّزانه من كل الآلهة الاخرى.‏ انه فعلا «اله بار ومخلّص».‏

‏«مدينون بالخلاص لإلهنا»‏

٢٤،‏ ٢٥ (‏أ)‏ اية دعوة يوجّهها يهوه،‏ ولماذا سيتم وعده دون ايّ شك؟‏ (‏ب)‏ ماذا من حقّ يهوه ان يطلب؟‏

٢٤ ان رحمة يهوه تدفعه الى توجيه هذه الدعوة:‏ ‏«التفتوا اليَّ واخلصوا يا جميع اقاصي الارض لأني انا اللّٰه وليس آخر.‏ بذاتي اقسمت خرج من فمي الصدق كلمة لا ترجع انه لي تجثو كل ركبة يحلف كل لسان.‏ قال لي انما بالرب ‏[‏‏«كل»،‏ ع‌ج‏] البر والقوة.‏ اليه يأتي ويخزى جميع المغتاظين عليه.‏ بالرب يتبرر ويفتخر كل نسل اسرائيل».‏ —‏ اشعياء ٤٥:‏​٢٢‏-‏٢٥‏.‏

٢٥ يعد يهوه اسرائيل بأنه سيخلّص مَن يلتفتون اليه في بابل.‏ ويستحيل ألا تتحقق نبوته،‏ لأن يهوه قادر وراغب على السواء ان ينقذ شعبه.‏ (‏اشعياء ٥٥:‏١١‏)‏ صحيح ان كلمات يهوه بحدّ ذاتها يُعتمد عليها،‏ لكنها تتثبَّت اكثر حين يضيف يهوه قَسمه.‏ (‏عبرانيين ٦:‏١٣‏)‏ ومن حقِّه ان يطلب من الذين يرغبون في حيازة رضاه الخضوع (‏«تجثو كل ركبة»)‏ والالتزام (‏«يحلف كل لسان»)‏.‏ والاسرائيليون الذين يواظبون على عبادة يهوه سيخلصون.‏ وسيتمكنون من الافتخار بما يفعله يهوه من اجلهم.‏ —‏ ٢ كورنثوس ١٠:‏١٧‏.‏

٢٦ كيف يتجاوب «جمع كثير» من كل الامم مع دعوة يهوه الى الالتفات اليه؟‏

٢٦ لكنَّ دعوة اللّٰه الى الالتفات اليه لا تقتصر على المسبيين في بابل القديمة.‏ (‏اعمال ١٤:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ ١٥:‏١٩؛‏ ١ تيموثاوس ٢:‏​٣،‏ ٤‏)‏ فلا تزال دعوته قائمة،‏ ويتجاوب «جمع كثير .‏ .‏ .‏ من كل الامم» ويعلنون:‏ «نحن مدينون بالخلاص لإلهنا .‏ .‏ .‏ وللحمل [يسوع]».‏ (‏كشف ٧:‏​٩،‏ ١٠؛‏ ١٥:‏٤‏)‏ وكل سنة يزداد عدد الجمع الكثير حين يلتفت مئات الآلاف الى اللّٰه،‏ معترفين كاملا بسلطانه ومعلنين جهرا ولاءهم له.‏ كما انهم يدعمون بولاء اسرائيل الروحي،‏ «نسل إبراهيم».‏ (‏غلاطية ٣:‏٢٩‏)‏ ويعبِّرون عن محبتهم لحكم يهوه البار بالمجاهرة حول العالم:‏ ‹انما بالرب كل البر والقوة›.‏ * والرسول بولس،‏ في رسالته الى اهل روما،‏ اقتبس اشعياء ٤٥:‏٢٣ كما تنقلها الترجمة السبعينية ليُظهر ان كل شخص على قيد الحياة سيعترف في النهاية بسلطان يهوه ويسبِّح اسمه على الدوام.‏ —‏ روما ١٤:‏١١؛‏ فيلبي ٢:‏​٩-‏١١؛‏ كشف ٢١:‏​٢٢-‏٢٧‏.‏

٢٧ لماذا يملك المسيحيون اليوم ثقة مطلقة بوعود يهوه؟‏

٢٧ ولماذا اعضاء الجمع الكثير هم على ثقة من ان الالتفات الى اللّٰه يؤدي الى الخلاص؟‏ لأن وعود يهوه يُعتمد عليها،‏ كما تُظهر بوضوح الكلمات النبوية في اشعياء الاصحاح ٤٥‏.‏ فكما ان يهوه يملك القدرة والحكمة ليخلق السموات والارض،‏ كذلك يملك القدرة والحكمة ليجعل نبواته تتحقق.‏ وكما حرص على ان تتم النبوة المتعلقة بكورش،‏ كذلك سيتمم اية نبوة اخرى في الكتاب المقدس.‏ لذلك فإن عبّاد يهوه على ثقة من ان يهوه سيكون من جديد ‹الها بارا ومخلّصا›.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 26‏ تستخدم ترجمة العالم الجديد ‏(‏بالانكليزية)‏ عبارة «كل البر» لأن كلمة «بر» في النص العبراني هي في صيغة الجمع.‏ ويُستعمل الجمع هنا للتعبير عن جزيل بر يهوه.‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورتان في الصفحتين ٨٠ و ٨١]‏

بإمكان يهوه،‏ مصوِّر النور وخالق الظلمة،‏ ان يصنع السلام ويخلق الشقاء

‏[الصورة في الصفحة ٨٣]‏

سيجعل يهوه «السموات» تمطر بركات و «الارض» تخرج خلاصا

‏[الصورة في الصفحة ٨٤]‏

هل يعقل ان تشك قطع الخزف المرمية في حكمة جابلها؟‏

‏[الصورة في الصفحة ٨٩]‏

لم يخلق يهوه الارض باطلا