يهوه — «اله بار ومخلّص»
الفصل السادس
يهوه — «اله بار ومخلّص»
١، ٢ اية وعود مطَمئنة ترد في الاصحاح ٤٥ من سفر اشعياء، وأية اسئلة سيجري التأمل فيها؟
وعود يهوه يُعتمد عليها. انه كاشف المستقبل وخالق الاشياء. وقد بيَّن مرة بعد اخرى انه اله بار ومخلّص لأناس من كل الامم. هذه بعض الوعود المبهجة المطَمئنة التي نجدها في الاصحاح ٤٥ من سفر اشعياء.
٢ وكذلك يحتوي الاصحاح ٤٥ على مثال بارز لقدرة يهوه على التنبؤ. فروح اللّٰه يمكّن اشعيا من مراقبة البلدان البعيدة ورؤية الاحداث قبل قرون من وقوعها، ويدفعه الى وصف حادثة لا احد غير يهوه، اله النبوة الحقيقية، قادر على الانباء بها بهذه الدقة. فما هي هذه الحادثة؟ كيف تؤثر في شعب اللّٰه في ايام اشعيا؟ وما مغزاها لنا اليوم؟ دعونا نتأمل في كلمات النبي.
وحي يهوه من جهة بابل
٣ بأية تعابير حية تصف اشعياء ٤٥:١-٣ أ غزوة كورش؟
٣ «هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي امسكت بيمينه لأدوس امامه امما وأحقاء ملوك احلّ لأفتح امامه المصراعَين والابواب لا تُغلَق. انا اسير قدامك والهضاب اشعياء ٤٥:١-٣ أ.
امهِّد. اكسِّر مصراعَي النحاس ومغاليق الحديد اقصف. وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ». —٤ (أ) لماذا يدعو يهوه كورش ‹مسيحه›؟ (ب) كيف سيضمن يهوه انتصار كورش؟
٤ يتحدث يهوه، بواسطة اشعيا، الى كورش كما لو انه حيّ، مع ان كورش لم يكن قد وُلد بعدُ في ايام اشعيا. (روما ٤:١٧) وبما ان يهوه عيَّن كورش مسبقا ليقوم بمهمة محددة، يمكن القول عن كورش انه «مسيح» اللّٰه. وبتوجيه الهي سيدوس امما، مضعِفا قوة الملوك وجاعلا اياهم عاجزين عن المقاومة. وبعد ذلك، حين يهاجم كورش بابل، سيحرص يهوه على ان تكون ابواب المدينة مفتوحة، وهكذا لن تفيد شيئا — كما لو انها محطمة. وسيسير امام كورش، ممهِّدا كل العوائق في طريقه. ثم سيجتاح جيش كورش المدينة ويستولي على ‹كنوزها›، ثرواتها المخزونة في سراديبها المظلمة. هذا ما ينبئ به اشعيا؟ فهل تتحقق كلماته؟
٥، ٦ متى وكيف تتحقق النبوة المتعلقة بسقوط بابل؟
٥ في سنة ٥٣٩ قم — بعد نحو ٢٠٠ سنة من تسجيل اشعيا لهذه النبوة — وصل كورش بالفعل الى اسوار بابل ليهاجم المدينة. (ارميا ٥١:١١، ١٢) لكنَّ ذلك لم يقلق البابليين. فقد شعروا بأن مدينتهم لا تُقهر. فأسوارها العالية تشمخ فوق خنادق عميقة مليئة بالماء من نهر الفرات، الذي يشكّل جزءا من نظام المدينة الدفاعي. ولأكثر من مئة سنة، لم يتمكن ايّ عدو من احتلال المدينة بهجوم مباغت! وحاكم بابل المقيم فيها، بيلشاصر، يشعر بالامان حتى انه يعدّ وليمة ليتمتع مع شخصيات البلاط. (دانيال ٥:١) وفي تلك الليلة، ليلة ٥/٦ تشرين الاول (اكتوبر)، ينفّذ كورش خطة عسكرية بارعة.
٦ فإلى الشمال من بابل، كان مهندسو كورش قد شقّوا مسربا في ضفة نهر الفرات، محوِّلين مياهه بحيث لا تعود تجري جنوبا نحو المدينة. ولا يمضي وقت طويل حتى ينخفض منسوب مياه النهر في بابل وحولها بشكل يسمح لجنود كورش بخوض مجرى النهر والتوجّه نحو قلب المدينة. (اشعياء ٤٤:٢٧؛ ارميا ٥٠:٣٨) والمدهش ان البوابات على طول النهر مفتوحة، كما انبأ اشعيا. فتدخل قوات كورش بابل، تحتل القصر، وتقتل الملك بيلشاصر. (دانيال ٥:٣٠) وهكذا يتمّ الاجتياح في ليلة واحدة. ها قد سقطت بابل، وتمَّت النبوة بحذافيرها.
٧ كيف يتقوّى المسيحيون بالاتمام المذهل لنبوة اشعيا المتعلقة بكورش؟
٧ ان الاتمام الدقيق لهذه النبوة يقوِّي ايمان المسيحيين اليوم. فهو يعطيهم سببا قويا ليؤمنوا بأن نبوات الكتاب المقدس، التي لم تتم بعد، يُعتمد عليها هي ايضا. (٢ بطرس ١:٢٠، ٢١) يعرف عبّاد يهوه ان ما رمز اليه سقوط بابل سنة ٥٣٩ قم، اي سقوط «بابل العظيمة»، حدث في سنة ١٩١٩. لكنهم يتطلعون الى دمار هذه الهيئة الدينية العصرية وزوال النظام السياسي الذي يسيطر عليه الشيطان، الى إلقاء الشيطان في المهواة، وإلى حلول سموات جديدة وأرض جديدة. (كشف ١٨:٢، ٢١؛ ١٩:١٩-٢١؛ ٢٠:١-٣، ١٢، ١٣؛ ٢١:١-٤) وهم يعرفون ان نبوات يهوه ليست وعودا فارغة، بل وصف لأحداث مستقبلية اكيدة. وتتقوى ثقة المسيحيين الحقيقيين حين يتذكرون اتمام جميع التفاصيل في نبوة اشعيا بشأن سقوط بابل. فهم يعرفون ان يهوه يتمم دائما ما يقوله.
لماذا سيدعم يهوه كورش
٨ ما هو احد الاسباب التي جعلت يهوه يمنح كورش الغلبة على بابل؟
٨ بعد ان يذكر يهوه مَن سيغزو بابل وكيف سيحصل ذلك، يمضي موضحا احد الاسباب التي من اجلها ستُمنح الغلبة لكورش. فيقول يهوه، وهو يتكلم نبويا الى كورش، انه «لكي تعرف اني انا الرب الذي يدعوك باسمك اله اسرائيل». (اشعياء ٤٥:٣ ب) من المناسب ان يعرف حاكم الدولة العالمية الرابعة في تاريخ الكتاب المقدس ان الفضل في اعظم انتصاراته يعود الى دعم مَن هو اعظم منه — يهوه، المتسلط الكوني. وينبغي ان يعترف كورش ان مَن يدعوه، او يفوِّضه، هو يهوه اله اسرائيل. ويُظهر سجل الكتاب المقدس ان كورش اعترف فعلا بأن انتصاره العظيم اتى من يهوه. — عزرا ١:٢، ٣.
٩ لأيّ سبب آخر يجلب يهوه كورش ليغزو بابل؟
٩ يوضح يهوه السبب الثاني لجلبه كورش ليغزو بابل: «لأجل عبدي يعقوب وإسرائيل مختاري دعوتُك باسمك. لقبتُك وأنت لست تعرفني». (اشعياء ٤٥:٤) ان انتصار كورش على بابل انجاز عظيم. فهو يسم سقوط دولة عالمية وارتقاء اخرى، ويترك اثره في التاريخ على مدى اجيال. لكنَّ سكان الامم المحيطة، الذين يراقبون باهتمام بالغ ما يحدث، سيندهشون على الارجح حين يعلمون ان كل ذلك يحدث من اجل آلاف قليلة من المسبيين «العديمي الشأن»: اليهود، المتحدرين من يعقوب. لكنَّ هؤلاء الباقين من امة اسرائيل القديمة ليسوا ابدا عديمي الشأن في نظر يهوه. فهم ‹عبده›. وهم شعبه ‹المختار› من بين كل امم الارض. ومع ان كورش لم يكن يعرف يهوه، فقد جعله يهوه مسيحه ليقلب المدينة التي رفضت اطلاق اسراها. فليس قصد اللّٰه ان يبقى شعبه المختار الى الابد في ارض اجنبية.
١٠ ما هو اهم سبب لاستخدام يهوه كورش لكي يقضي على الدولة العالمية البابلية؟
١٠ هنالك ايضا سبب ثالث بالغ الاهمية يجعل يهوه يستخدم كورش ليقلب بابل. يقول يهوه: «انا الرب وليس آخر. لا اله سواي. نطَّقتك وأنت لم تعرفني. لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها ان ليس غيري. انا الرب وليس آخر». (اشعياء ٤٥:٥، ٦) نعم، فسقوط الدولة العالمية البابلية هو دليل ساطع على ألوهية يهوه، وبرهان للجميع انه هو وحده يستحق العبادة. وبما ان شعب اللّٰه قد أُطلق سراحه، فسيعترف افراد من امم كثيرة — من الشرق الى الغرب — ان يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد. — ملاخي ١:١١.
١١ كيف يوضح يهوه ان له القدرة على اتمام قصده تجاه بابل؟
١١ تذكروا ان نبوة اشعيا هذه سُجِّلت قبل ٢٠٠ سنة تقريبا من وقوع هذه الحادثة. وربما تساءل البعض، حين سمعوا هذه النبوة: ‹هل يملك يهوه القدرة فعلا على اتمامها؟›. يشهد التاريخ ان الجواب هو نعم. ويوضح يهوه لماذا من المنطقي الاعتقاد انه قادر على تحقيق ما يقوله: «مصوِّر النور وخالق الظلمة صانع السلام وخالق الشر [«الشقاء»، يج]. انا الرب صانع كل هذه». (اشعياء ٤٥:٧) كل شيء في الخليقة — من النور الى الظلمة — وكل شيء في التاريخ — من السلام الى الشقاء — خاضع لسيطرة يهوه. فكما خلق النور للنهار والظلمة لليل، كذلك سيجعل السلام لإسرائيل والشقاء لبابل. ويهوه له القدرة على خلق الكون، وله القدرة ايضا على اتمام نبواته. وهذا الامر يطمئن المسيحيين اليوم، الذين يدرسون كلمته النبوية بتمعُّن.
١٢ (أ) ماذا يجعل يهوه السموات والارض المجازية تنتج؟ (ب) ايّ وعد معزٍّ تتضمنه كلمات اشعياء ٤٥:٨ للمسيحيين اليوم؟
١٢ ثم يستخدم يهوه امورا تحصل بشكل مألوف في الخليقة ليصوِّر ما ينتظر الاسرى اليهود: «اقطري ايتها السموات من فوق وليُنزل الجو بِرا. لتنفتح الارض فيثمر الخلاص ولتنبت بِرا معا. انا الرب قد خلقته». (اشعياء ٤٥:٨) فكما ان السموات الحرفية تجعل المطر المنعش ينهمر، كذلك سيجعل يهوه التأثيرات البارة تنهمر على شعبه من السموات المجازية. وكما ان الارض الحرفية تنفتح لتنتج اثمارا كثيرة، كذلك سيجعل يهوه الارض المجازية تنتج احداثا تنسجم مع قصده البار — وخصوصا خلاص شعبه الاسير في بابل. وفي سنة ١٩١٩، جعل يهوه ‹السماء› و «الارض» تنتج احداثا مماثلة لكي يتحرر شعبه. والمسيحيون اليوم يفرحون برؤية هذه الامور. ولماذا؟ لأن هذه الاحداث تقوّي ايمانهم فيما يتطلعون الى الوقت الذي فيه تجلب السموات المجازية، ملكوت اللّٰه، البركات على ارض بارة. وفي ذلك الوقت سينتشر البر والخلاص النابعان من السموات والارض المجازية على نطاق اوسع بكثير مما كان عندما قُلبت بابل القديمة. فما امجد هذا الاتمام النهائي لكلمات اشعيا! — ٢ بطرس ٣:١٣؛ كشف ٢١:١.
البركات الناجمة من الاعتراف بسلطان يهوه
١٣ لماذا من السُّخف ان يتحدى البشر مقاصد يهوه؟
١٣ بعد هذا الوصف للبركات المستقبلية المبهجة، يتغير اسلوب النبوة بشكل مفاجئ، اذ يتفوَّه اشعيا بويل مزدوج: «ويل لمَن يخاصم جابله. خزف بين اخزاف الارض. هل يقول الطين لجابله ماذا تصنع. او يقول عملك ليس له يدان. ويل للذي يقول لأبيه ماذا تلد وللمرأة ماذا تلدين». (اشعياء ) كما يَظهر، يعترض بنو اسرائيل على ما ينبئ به يهوه. فهم ربما لا يصدّقون ان يهوه سيسمح بأن يُسبى شعبه. او ربما ينتقدون القول ان ملكا من امة وثنية، وليس ملكا من بيت داود، سيحرر اسرائيل. ولكي يصوِّر اشعيا مدى سُخف هذه الاعتراضات، يشبّه المعترضين بكتل طين وقطع خزف مرمية تجرؤ على الشك في حكمة جابلها. وهذا المجبول يقول ان الخزّاف ليس له يدان او قدرة على الجبْل. فما اغبى ذلك! والمعترضون هم كأولاد صغار يجرؤون على انتقاد سلطة والديهم. ٤٥:٩، ١٠
١٤، ١٥ ماذا تكشف الكلمتان «قدوس» و «جابل» عن يهوه؟
١٤ يورد اشعيا ردّ يهوه على هؤلاء المعترضين: «هكذا يقول الرب قدوس اسرائيل وجابله. اسألوني عن الآتيات. من جهة بَنِيَّ ومن جهة عمل يدي اوصوني. انا صنعت الارض اشعياء ٤٥:١١-١٣.
وخلقت الانسان عليها. يداي انا نشرتا السموات وكل جندها انا امرت. انا قد انهضته بالنصر وكل طرقه اسهّل. هو يبني مدينتي ويطلق سبيي لا بثمن ولا بهدية قال رب الجنود». —١٥ عندما يوصف يهوه ‹بالقدوس›، يشدَّد على قداسته. وعندما يُدعى ‹جابلا›، يركَّز على حقِّه كخالق في تقرير تطوُّر الامور. ويهوه قادر على إخبار بني اسرائيل بالآتيات والاعتناء بعمل يديه، اي شعبه. ومرة اخرى يَظهر ارتباط عنصرَي الخلق والكشف في المسألة. فيهوه، بصفته خالق كل الكون، له الحق في توجيه الاحداث بالطريقة التي يقرِّرها هو. (١ أخبار الايام ٢٩:١١، ١٢) وفي هذه الحالة التي تُناقش الآن، قرَّر الحاكم المتسلط ان يقيم كورش الوثني ليحرِّر اسرائيل. ومجيء كورش، مع انه سيحدث في المستقبل، هو امر اكيد كما ان وجود السماء والارض اكيد. فمَن من بني اسرائيل يجرؤ على انتقاد الأب، ‹يهوه الجنود›؟!
١٦ لماذا ينبغي ان يخضع خدام يهوه له؟
١٦ تحتوي هذه الاعداد من سفر اشعياء سببا آخر يحمل خدام اللّٰه على الخضوع له. فقراراته تصبّ دائما في مصلحة خدامه. (ايوب ٣٦:٣) وقد وضع الشرائع لكي ينتفع منها شعبه. (اشعياء ٤٨:١٧) ويجد اليهود في ايام كورش، الذين يعترفون بسلطان يهوه، ان هذا صحيح. فكورش، الذي يتصرف بحسب بر يهوه، يرسلهم من بابل الى ارضهم لكي يعيدوا بناء الهيكل. (عزرا ٦:٣-٥) واليوم ايضا، يتمتع بالبركات مَن يطبقون شرائع اللّٰه في حياتهم اليومية ويخضعون لسلطانه. — مزمور ١:١-٣؛ ١٩:٧؛ ١١٩:١٠٥؛ يوحنا ٨:٣١، ٣٢.
بركات للامم الاخرى
١٧ مَن غير اسرائيل سيستفيدون من اعمال يهوه الانقاذية، وكيف؟
١٧ لن تكون اسرائيل الامة الوحيدة التي تستفيد من سقوط بابل. يقول اشعيا: «هكذا قال الرب تعب مصر [«عمّال مصر المسخَّرون»، عج] وتجارة [«تجار»، عج] كوش والسبئيون ذوو القامة اليكِ يعبرون ولك يكونون. خلفك يمشون. بالقيود يمرون ولك يسجدون. اليك يتضرعون قائلين فيك وحدك اللّٰه وليس آخر. ليس اله». (اشعياء ٤٥:١٤) في ايام موسى، عند خروج الاسرائيليين من مصر، رافقهم «لفيف كثير» من غير الاسرائيليين. (خروج ١٢:٣٧، ٣٨) وكذلك سيرافق اشخاص غرباء المسبيين اليهود العائدين الى ارضهم من بابل. ولن يُجبَر غير اليهود هؤلاء على الرحيل بل ‹سيعبرون› بمحض اختيارهم. وعندما يقول يهوه: «لك يسجدون» و «اليك يتضرعون»، يشير الى الخضوع والولاء الطوعيين اللذين يُظهرهما هؤلاء الغرباء نحو اسرائيل. ووضعهم قيودا، ينقل معنى الطوعية، اذ انهم مستعدون ليخدموا شعب عهد اللّٰه قائلين لهم: «فيك وحدك اللّٰه». وسيعبدون يهوه كدخلاء، حسب شروط عهده مع اسرائيل. — اشعياء ٥٦:٦.
١٨ مَن استفادوا اليوم من تحرير يهوه ‹لإسرائيل اللّٰه›، وبأية طرائق؟
١٨ منذ أُطلق سراح «اسرائيل اللّٰه» من الاسر الروحي سنة ١٩١٩، تشهد كلمات اشعيا اتماما اكبر منه في ايام كورش. فملايين الاشخاص حول العالم يبدون استعدادهم لخدمة يهوه. (غلاطية ٦:١٦؛ زكريا ٨:٢٣) و ‹كالعمّال› و ‹التجار› الذين ذكرهم اشعيا، يقدّمون بفرح قوتهم الجسدية ومواردهم المالية لدعم العبادة الحقة. (متى ٢٥:٣٤-٤٠؛ مرقس ١٢:٣٠) وينذرون انفسهم للّٰه ويسيرون في سبله، صائرين عبيدا له بكل سرور. (لوقا ٩:٢٣) ولا يعبدون إلا يهوه، متمتعين بفوائد معاشرة ‹عبد يهوه الامين الفطين›، الذين هم في علاقة عهد مميزة مع اللّٰه. (متى ٢٤:٤٥-٤٧؛ ٢٦:٢٨؛ عبرانيين ٨:٨-١٣) ومع ان هؤلاء ‹العمّال› و ‹التجار› ليسوا طرفا في هذا العهد، فهم يستفيدون منه ويطيعون الشرائع المتعلقة به، معلنين بجرأة: ‹ليس اله آخر›. فكم هو مثير ان نكون اليوم شهود عيان على الزيادة الضخمة في عدد هؤلاء الداعمين الطوعيين للعبادة الحقة! — اشعياء ٦٠:٢٢.
١٩ ماذا سيحلّ بالذين يصرّون على عبادة الاصنام؟
١٩ بعد الكشف ان اناسا من الامم سينضمون الى عبادة يهوه، يهتف النبي: «حقا انت اله محتجب يا اله اسرائيل المخلّص»! (اشعياء ٤٥:١٥) ومع ان يهوه يمتنع عن إظهار قوته في الوقت الحاضر، لن يُبقي نفسه محتجبا في المستقبل، بل سيُظهر انه اله اسرائيل، مخلّص شعبه. أما المتكلون على الاصنام فلن يخلّصهم يهوه. يقول اشعيا عن هؤلاء: «قد خزوا وخجلوا كلهم. مضوا بالخجل جميعا الصانعون التماثيل». (اشعياء ٤٥:١٦) وسيكون خزيهم اكثر من مجرد شعور وقتي بالذل والعار. فسيعني الموت لهم — بعكس ما يعد به يهوه اسرائيل بعد ذلك.
٢٠ بأية طريقة سينال اسرائيل «خلاصا ابديا»؟
٢٠ «اما اسرائيل فيخلُص بالرب [«في اتحاد اشعياء ٤٥:١٧) يعد يهوه بخلاص ابدي لإسرائيل، لكنه خلاص مشروط. فيجب ان يبقى اسرائيل «في اتحاد بيهوه». وعندما ينقض اسرائيل هذا الاتحاد بعدم الاعتراف بيسوع بصفته مسيّا، ستخسر الامة امل ‹الخلاص الابدي›. لكنَّ البعض في اسرائيل سيمارسون الايمان بيسوع، وسيصير هؤلاء نواة اسرائيل اللّٰه الذي سيحل محل اسرائيل الجسدي. (متى ٢١:٤٣؛ غلاطية ٣:٢٨، ٢٩؛ ١ بطرس ٢:٩) ولن يخزى اسرائيل الروحي على الاطلاق؛ بل سيُدخَل في «عهد ابدي». — عبرانيين ١٣:٢٠.
بيهوه»، عج] خلاصا ابديا. لا تخزون ولا تخجلون الى دهور الابد». (في الخلق وفي الكشف، يهوه يُعتمد عليه
٢١ كيف يُظهر يهوه انه يمكن الاعتماد عليه كاملا في الخلق وفي الكشف؟
٢١ هل يمكن لليهود الاعتماد على وعد يهوه بالخلاص الابدي لإسرائيل؟ يجيب اشعيا: «هكذا قال الرب خالق السموات هو اللّٰه. مصوِّر الارض وصانعها. هو قرَّرها. لم يخلقها باطلا. للسكن صوَّرها. انا الرب وليس آخر. لم اتكلم بالخفاء في مكان من الارض مظلم. لم اقل لنسل يعقوب باطلا اطلبوني. انا الرب متكلم بالصدق مخبر بالاستقامة». (اشعياء ٤٥:١٨، ١٩) للمرة الرابعة والاخيرة في هذا الاصحاح، يستهل اشعيا رسالة نبوية مهمة بعبارة: «هكذا قال الرب». (اشعياء ٤٥:١، ١١، ١٤) فماذا يقول الرب؟ انه يمكن الاعتماد عليه في الخلق والكشف على السواء. فهو لم يخلق الارض «باطلا». وكذلك لا يطلب من شعبه، اسرائيل، ان يطلبوه «باطلا». فكما ان قصد اللّٰه نحو الارض سيتحقق، كذلك سيتحقق قصد اللّٰه نحو شعبه المختار. وبالتباين مع الكلام الغامض الذي يتفوَّه به مَن يخدمون الآلهة الباطلة، تُعلَن كلمات يهوه على الملإ. وكلامه صحيح، ولا شك البتة في انه سيتحقق. والذين يخدمونه لا يخدمونه عبثا.
٢٢ (أ) ممَّ يمكن ان يتيقَّن اليهود المسبيون في بابل؟ (ب) بمَ يُطمأن المسيحيون اليوم؟
٢٢ تطمئن هذه الكلمات شعب اللّٰه المسبي في بابل بأن ارض مزمور ٣٧:١١، ٢٩؛ ١١٥:١٦؛ متى ٦:٩، ١٠؛ كشف ٢١:٣، ٤) نعم، كما في حالة اسرائيل، سيتبيَّن انه يمكن الاعتماد على كلمات يهوه.
الموعد لن تبقى خربة، بل ستعمر من جديد. ووعود يهوه لهم تتحقق. وكذلك تطمئن هذه الكلمات شعب اللّٰه اليوم بأن الارض لن تخرب — اذ تحرقها النار كما يعتقد البعض، او تدمرها القنابل النووية كما يخشى آخرون. فقصْد اللّٰه هو ان تبقى الارض الى الابد، مكسوَّة بجمال فردوسي ويعيش عليها اناس ابرار. (يهوه يوسّع رحمته
٢٣ ما هي النتيجة للذين يعبدون الاصنام، وما هو وضع الذين يعبدون يهوه؟
٢٣ تركّز كلمات يهوه التالية على خلاص اسرائيل: «اجتمعوا وهلموا تقدموا معا ايها الناجون من الامم. لا يعلم الحاملون خشب صنمهم والمصلّون الى اله لا يخلّص. اخبروا قدموا وليتشاوروا معا. مَن اعلم بهذه منذ القديم اخبر بها منذ زمان. أليس انا الرب ولا اله آخر غيري. اله بار ومخلّص. ليس سواي». (اشعياء ٤٥:٢٠، ٢١) يدعو يهوه ‹الناجين› الى مقارنة خلاصهم بما يحدث للذين يعبدون الاصنام. (تثنية ٣٠:٣؛ ارميا ٢٩:١٤؛ ٥٠:٢٨) ‹فلا عِلم› لعبدة الاصنام ما داموا يصلّون ويخدمون آلهة عاجزة عن انقاذهم. وعبادتهم باطلة، ولن تجديهم نفعا. أما الذين يعبدون يهوه، فيجدون انه يملك القدرة على تحقيق الامور التي انبأ بها «منذ القديم»، بما في ذلك خلاص شعبه المسبي في بابل. وهذه القدرة والبصيرة عند يهوه تميِّزانه من كل الآلهة الاخرى. انه فعلا «اله بار ومخلّص».
«مدينون بالخلاص لإلهنا»
٢٤، ٢٥ (أ) اية دعوة يوجّهها يهوه، ولماذا سيتم وعده دون ايّ شك؟ (ب) ماذا من حقّ يهوه ان يطلب؟
٢٤ ان رحمة يهوه تدفعه الى توجيه هذه الدعوة: «التفتوا اليَّ واخلصوا يا جميع اقاصي الارض لأني انا اللّٰه وليس آخر. بذاتي اقسمت خرج من فمي الصدق كلمة لا ترجع انه لي تجثو كل ركبة يحلف كل لسان. قال لي انما بالرب [«كل»، عج] البر والقوة. اليه يأتي ويخزى جميع المغتاظين عليه. بالرب يتبرر ويفتخر كل نسل اسرائيل». — اشعياء ٤٥:٢٢-٢٥.
٢٥ يعد يهوه اسرائيل بأنه سيخلّص مَن يلتفتون اليه في بابل. ويستحيل ألا تتحقق نبوته، لأن يهوه قادر وراغب على السواء ان ينقذ شعبه. (اشعياء ٥٥:١١) صحيح ان كلمات يهوه بحدّ ذاتها يُعتمد عليها، لكنها تتثبَّت اكثر حين يضيف يهوه قَسمه. (عبرانيين ٦:١٣) ومن حقِّه ان يطلب من الذين يرغبون في حيازة رضاه الخضوع («تجثو كل ركبة») والالتزام («يحلف كل لسان»). والاسرائيليون الذين يواظبون على عبادة يهوه سيخلصون. وسيتمكنون من الافتخار بما يفعله يهوه من اجلهم. — ٢ كورنثوس ١٠:١٧.
٢٦ كيف يتجاوب «جمع كثير» من كل الامم مع دعوة يهوه الى الالتفات اليه؟
٢٦ لكنَّ دعوة اللّٰه الى الالتفات اليه لا تقتصر على المسبيين في اعمال ١٤:١٤، ١٥؛ ١٥:١٩؛ ١ تيموثاوس ٢:٣، ٤) فلا تزال دعوته قائمة، ويتجاوب «جمع كثير . . . من كل الامم» ويعلنون: «نحن مدينون بالخلاص لإلهنا . . . وللحمل [يسوع]». (كشف ٧:٩، ١٠؛ ١٥:٤) وكل سنة يزداد عدد الجمع الكثير حين يلتفت مئات الآلاف الى اللّٰه، معترفين كاملا بسلطانه ومعلنين جهرا ولاءهم له. كما انهم يدعمون بولاء اسرائيل الروحي، «نسل إبراهيم». (غلاطية ٣:٢٩) ويعبِّرون عن محبتهم لحكم يهوه البار بالمجاهرة حول العالم: ‹انما بالرب كل البر والقوة›. * والرسول بولس، في رسالته الى اهل روما، اقتبس اشعياء ٤٥:٢٣ كما تنقلها الترجمة السبعينية ليُظهر ان كل شخص على قيد الحياة سيعترف في النهاية بسلطان يهوه ويسبِّح اسمه على الدوام. — روما ١٤:١١؛ فيلبي ٢:٩-١١؛ كشف ٢١:٢٢-٢٧.
بابل القديمة. (٢٧ لماذا يملك المسيحيون اليوم ثقة مطلقة بوعود يهوه؟
٢٧ ولماذا اعضاء الجمع الكثير هم على ثقة من ان الالتفات الى اللّٰه يؤدي الى الخلاص؟ لأن وعود يهوه يُعتمد عليها، كما تُظهر بوضوح الكلمات النبوية في اشعياء الاصحاح ٤٥. فكما ان يهوه يملك القدرة والحكمة ليخلق السموات والارض، كذلك يملك القدرة والحكمة ليجعل نبواته تتحقق. وكما حرص على ان تتم النبوة المتعلقة بكورش، كذلك سيتمم اية نبوة اخرى في الكتاب المقدس. لذلك فإن عبّاد يهوه على ثقة من ان يهوه سيكون من جديد ‹الها بارا ومخلّصا›.
[الحاشية]
^ الفقرة 26 تستخدم ترجمة العالم الجديد (بالانكليزية) عبارة «كل البر» لأن كلمة «بر» في النص العبراني هي في صيغة الجمع. ويُستعمل الجمع هنا للتعبير عن جزيل بر يهوه.
[اسئلة الدرس]
[الصورتان في الصفحتين ٨٠ و ٨١]
بإمكان يهوه، مصوِّر النور وخالق الظلمة، ان يصنع السلام ويخلق الشقاء
[الصورة في الصفحة ٨٣]
سيجعل يهوه «السموات» تمطر بركات و «الارض» تخرج خلاصا
[الصورة في الصفحة ٨٤]
هل يعقل ان تشك قطع الخزف المرمية في حكمة جابلها؟
[الصورة في الصفحة ٨٩]
لم يخلق يهوه الارض باطلا