الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

يهوه يرفِّع عبده المسيَّاني

يهوه يرفِّع عبده المسيَّاني

الفصل الرابع عشر

يهوه يرفِّع عبده المسيَّاني

اشعياء ٥٢:‏١٣–‏٥٣:‏١٢

١،‏ ٢ (‏أ)‏ اوضحوا الحالة التي واجهها يهود كثيرون في اوائل القرن الاول الميلادي.‏ (‏ب)‏ ايّ تدبير كان يهوه قد صنعه ليساعد اليهود الامناء على معرفة المسيَّا؟‏

تخيَّلوا انكم على موعد مع شخصية بارزة.‏ وقد تحدَّد زمان اللقاء ومكانه.‏ ولكن ثمة مشكلة:‏ فأنتم لا تعرفون شكل هذا الشخص،‏ ولن يصل بشكل يلفت الانظار.‏ فكيف ستميّزونه؟‏ اذا تمكنتم من معرفة اوصافه بشكل دقيق،‏ فستُحلّ المشكلة.‏

٢ في اوائل القرن الاول الميلادي،‏ واجه يهود كثيرون حالة مماثلة.‏ فقد كانوا في انتظار المسيَّا —‏ اهم انسان كان سيعيش على الاطلاق.‏ (‏دانيال ٩:‏​٢٤-‏٢٧؛‏ لوقا ٣:‏١٥‏)‏ ولكن كيف كان اليهود الامناء سيعرفونه؟‏ كان يهوه،‏ بواسطة الانبياء العبرانيين،‏ قد اعطى وصفا خطيا مفصَّلا للأحداث المتعلقة بالمسيَّا،‏ وهذا ما كان سيمكّن ذوي التمييز من معرفته دون التباس.‏

٣ ايّ وصف للمسيَّا نجده في اشعياء ٥٢:‏١٣–‏٥٣:‏١٢‏؟‏

٣ ربما لا تزوِّد اية نبوة،‏ بين كل النبوات العبرانية المتعلقة بالمسيَّا،‏ صورة واضحة عن المسيَّا كما تزوِّدها النبوة المسجلة في اشعياء ٥٢:‏١٣–‏٥٣:‏١٢‏.‏ فقبل اكثر من ٧٠٠ سنة،‏ اعطى اشعيا تفاصيل اهم بكثير من الشكل الخارجي للمسيَّا،‏ اذ تناول القصد من تألمه وطريقة حدوث ذلك،‏ بالاضافة الى معلومات محددة عن موته ودفنه وترفيعه.‏ وستتشجَّع قلوبنا ويقوى ايماننا حين نتأمل في هذه النبوة وفي اتمامها.‏

مَن هو «عبدي»؟‏

٤ ايّ رأيَين بشأن هوية ‹العبد› ذكرهما بعض العلماء اليهود،‏ ولكن لماذا لا ينسجمان مع نبوة اشعيا؟‏

٤ كان اشعيا قد تحدَّث عن اطلاق اليهود من الاسر في بابل.‏ أما الآن فهو يسجِّل كلمات يهوه وهو يفكر في حدث اعظم بكثير:‏ ‏«هوذا عبدي يعقل ‏[‏‏«يعمل ببصيرة»،‏ ع‌ج‏] يتعالى ويرتقي ويتسامى جدا».‏ ‏(‏اشعياء ٥٢:‏١٣‏)‏ فمَن هو هذا ‹العبد›؟‏ تباينت على مرّ السنين آراء العلماء اليهود حول هوية هذا العبد.‏ فقد ادّعى البعض انه يمثّل كامل امة اسرائيل خلال سبيها البابلي.‏ لكنَّ هذا التفسير لا ينسجم مع النبوة.‏ فعبد اللّٰه يتألم طوعا.‏ ويتألم عن خطايا الآخرين مع انه هو نفسه بريء.‏ ولا ينطبق ذلك على الامة اليهودية التي سُبيت بسبب مسلكها الخاطئ.‏ (‏٢ ملوك ٢١:‏​١١-‏١٥؛‏ ارميا ٢٥:‏​٨-‏١١‏)‏ وادّعى البعض الآخر ان العبد يمثّل النخبة التقية في اسرائيل،‏ وقد تألم هؤلاء عن الاسرائيليين الخاطئين.‏ ولكن خلال الفترات الصعبة التي مرَّت بها اسرائيل،‏ لم تتألم اية فئة معيَّنة عن مجموعة اخرى.‏

٥ (‏أ)‏ على مَن طبَّق بعض العلماء اليهود هوية العبد في نبوة اشعيا؟‏ (‏انظروا الحاشية.‏)‏ (‏ب)‏ اية هوية واضحة يعطيها سفر الاعمال في الكتاب المقدس لهذا العبد؟‏

٥ قبل مجيء المسيحية،‏ وكذلك خلال القرون الاولى من العصر الميلادي،‏ طبَّق عدد قليل من العلماء اليهود هذه النبوة على المسيَّا.‏ وتؤكد الاسفار اليونانية المسيحية صحة هذا الانطباق.‏ فسفر الاعمال يخبر انه عندما قال الخصي الحبشي انه لا يعرف هوية العبد في نبوة اشعيا،‏ «بشَّره [فيلبس] بيسوع».‏ (‏اعمال ٨:‏​٢٦-‏٤٠؛‏ اشعياء ٥٣:‏​٧،‏ ٨‏)‏ وكذلك تعتبر اسفار اخرى في الكتاب المقدس يسوع المسيح العبد المسيَّاني في نبوة اشعيا.‏ * وفيما نناقش هذه النبوة،‏ سنرى التشابهات التي لا تُدحض بين مَن يدعوه يهوه «عبدي» وبين يسوع الناصري.‏

٦ كيف تشير نبوة اشعيا الى ان المسيَّا سينجح في تنفيذ المشيئة الالهية؟‏

٦ تبدأ النبوة بوصف النجاح الذي حققه المسيَّا اخيرا في تنفيذ المشيئة الالهية.‏ وتشير كلمة «عبد» الى انه سيخضع لمشيئة اللّٰه كما يخضع العبد لمشيئة سيده.‏ وبخضوعه «يعمل ببصيرة».‏ البصيرة هي قوة النظر النافذ الى الامور.‏ والعمل ببصيرة يعني العمل بفطنة.‏ يقول احد المراجع عن الفعل العبراني المستعمل هنا:‏ «تحمل [الكلمة] في جوهرها فكرة العمل بفطنة وحكمة.‏ ومَن يعمل بحكمة ينجح».‏ وما يؤكد ان المسيَّا سينجح هو قول النبوة انه سوف «يرتقي ويتسامى جدا».‏

٧ كيف عمل يسوع المسيح «ببصيرة»،‏ وكيف ‹ارتقى وتسامى جدا›؟‏

٧ ‏‹عمل يسوع ببصيرة› فعلا،‏ اذ اعرب عن فهم لنبوات الكتاب المقدس التي تنطبق عليه،‏ واسترشد بها ليتمكن من فعل مشيئة ابيه.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٤؛‏ ١٩:‏٣٠‏)‏ وماذا كانت النتيجة؟‏ بعد قيامة يسوع وصعوده الى السماء،‏ «رفَّعه اللّٰه إلى مركز أعلى وأنعم عليه بالاسم الذي يعلو كل اسم آخر».‏ (‏فيلبي ٢:‏٩؛‏ اعمال ٢:‏​٣٤-‏٣٦‏)‏ وفي سنة ١٩١٤ تسامى يسوع الممجَّد اكثر.‏ فقد رفَّعه يهوه الى عرش الملكوت المسيَّاني.‏ (‏كشف ١٢:‏​١-‏٥‏)‏ نعم،‏ ‹ارتقى وتسامى جدا›.‏

‏‹اندهش منه كثيرون›‏

٨،‏ ٩ عندما يأتي يسوع الممجَّد لينفذ الدينونة،‏ كيف سيتجاوب الحكام الارضيون،‏ ولماذا؟‏

٨ كيف ستتجاوب الامم وحكامها مع ترفيع المسيَّا؟‏ دعونا نتخطى وقتيا الجملة الاعتراضية في الجزء الثاني من العدد ١٤ ونقرأ ما تقوله النبوة:‏ ‏«كما دُهش منه كثيرون .‏ .‏ .‏ فإنه هكذا يُذهل امما عديدة فَيَكُمُّ ملوكٌ افواههم امامه،‏ اذ شهدوا ما لم يُخبَروا به،‏ وأدركوا ما لم يسمعوه».‏ ‏(‏اشعياء ٥٢:‏١٤أ،‏ ١٥‏،‏ تف‏)‏ لا يصف اشعيا بهذه الكلمات ظهور المسيَّا الاول بل مواجهته الاخيرة مع الحكام الارضيين.‏

٩ عندما يأتي يسوع المرفَّع لينفذ الدينونة في نظام الاشياء الشرير هذا،‏ ‹سيُدهش منه› الحكام الارضيون.‏ صحيح ان الحكام البشر لن يروا يسوع الممجَّد حرفيا،‏ لكنهم سيرون الادلة المنظورة على قوته كمحارب سماوي عن يهوه.‏ (‏متى ٢٤:‏٣٠‏)‏ وسيُجبَرون على ادراك ما لم يسمعوه من القادة الدينيين:‏ أن يسوع هو منفذ احكام اللّٰه!‏ فالعبد الممجَّد الذي سيواجهونه سيتصرَّف بشكل لا يتوقعونه.‏

١٠،‏ ١١ بأيّ معنى يمكن القول ان يسوع تشوَّه منظره في القرن الاول،‏ وكيف يحدث ذلك اليوم؟‏

١٠ بحسب الجملة الاعتراضية في العدد ١٤‏،‏ يقول اشعيا:‏ ‏«تشوَّه منظره اكثر من ايّ رجل،‏ وصورته اكثر من بني البشر».‏ ‏(‏اشعياء ٥٢:‏١٤ ب،‏ تف‏)‏ فهل حدث ان تشوَّه منظر يسوع جسديا؟‏ كلا.‏ ومع ان الكتاب المقدس لا يعطي تفاصيل عن شكل يسوع،‏ فلا شك ان ابن اللّٰه الكامل كان حسن المظهر والوجه.‏ ولكن يتضح ان كلمات اشعيا تشير الى الاذلال الذي تعرَّض له يسوع.‏ فقد شهَّر بجرأة القادة الدينيين في ايامه ودعاهم مرائين وكذبة وقتلة؛‏ وردًّا على ذلك قاموا بشتمه.‏ (‏١ بطرس ٢:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ واتّهموه بأنه منتهك للشريعة،‏ مجدِّف،‏ مخادع،‏ محرِّض على الفتنة ضد روما.‏ وهكذا كوَّنت هذه التهم الباطلة صورة مشوَّهة كليا عن يسوع.‏

١١ وحتى اليوم يستمر تشويه صورة يسوع.‏ فمعظم الناس يصوِّرون يسوع طفلا في مذود او شخصا بائسا مسمَّرا على صليب وقسَمات وجهه تتلوّى ألما بسبب اكليل الشوك على رأسه.‏ وقد شجَّع رجال الدين في العالم المسيحي على تكوين هذه الآراء.‏ انهم لا يصوِّرون يسوع بمظهر الملك السماوي الجبار الذي سيحاسب الامم.‏ فعندما يواجه الحكام البشر يسوعَ المرفَّع في المستقبل القريب،‏ سيعاقبهم مسيّا له «كل سلطة في السماء وعلى الأرض».‏ —‏ متى ٢٨:‏١٨‏.‏

مَن سيؤمن بهذه البشارة؟‏

١٢ ايّ سؤالَين هامَّين تثيرهما كلمات اشعيا ٥٣:‏١‏؟‏

١٢ بعد وصف التحوُّل المذهل الذي يشهده المسيَّا —‏ من ‹مشوَّه› الى ‹متسامٍ جدا› —‏ يسأل اشعيا:‏ ‏«من الذي آمن بما سَمع منا ولمَن كُشفت ذراع الرب؟‏».‏ ‏(‏اشعيا ٥٣:‏١‏،‏ ي‌ج‏)‏ تثير كلمات اشعيا هذه سؤالَين هامَّين:‏ هل تتم هذه النبوة؟‏ وهل تنكشف «ذراع الرب»،‏ التي تمثّل قدرته على ممارسة القوة،‏ وتجعل هذه الكلمات تتحقق؟‏

١٣ كيف اظهر بولس ان نبوة اشعيا تمت في يسوع،‏ وأيّ تجاوب لاقته؟‏

١٣ لا مجال للشك في ان الجواب هو نعم!‏ فبولس،‏ في رسالته الى اهل روما،‏ اقتبس كلمات اشعيا ليُظهر ان النبوة التي سمعها اشعيا وسجَّلها تمّت في يسوع.‏ لقد كان تمجيد يسوع بعد تألمه على الارض بشارة.‏ لكنَّ اليهود غير المؤمنين،‏ كما ذكر بولس،‏ «لم يطيعوا كلهم البشارة.‏ لأن اشعيا يقول:‏ ‹يا يهوه،‏ من آمن بما سُمع منا؟‏›.‏ إذًا،‏ الإيمان يلي السماع.‏ والسماع هو بالكلمة عن المسيح».‏ (‏روما ١٠:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ والمؤسف ان قليلين في ايام بولس آمنوا بالبشارة عن عبد اللّٰه.‏ ولماذا؟‏

١٤،‏ ١٥ ايّ وضع سيعيشه المسيَّا على المسرح الارضي؟‏

١٤ توضح النبوة بعد ذلك للاسرائيليين اسباب اثارة السؤالَين في العدد ١‏،‏ وهي تُظهر بذلك لماذا لن يعترف كثيرون بالمسيَّا:‏ ‏«نبت ‏[‏‏«ينبت»،‏ يس‏] قدام ‏[‏ناظره‏] كفرخ وكعِرق من ارض يابسة لا صورة له ولا جمال فننظر اليه ولا منظر فنشتهيه».‏ ‏(‏اشعياء ٥٣:‏٢‏)‏ نرى هنا الوضع الذي سيعيشه المسيَّا على المسرح الارضي.‏ فستكون له بداية وضيعة،‏ ولن يكون ذا شأن في اعين ناظريه.‏ كما انه سيكون كمجرد فرخ رخص طالع على جذع او غصن شجرة.‏ وسيكون ايضا كعِرق،‏ او جذر،‏ متعطش الى الماء في تربة جافة وقاحلة.‏ ولن يأتي بأبهة وفخفخة ملكية؛‏ فلا ملابس فاخرة ولا اكاليل برّاقة.‏ ان بدايته ستكون متواضعة وبسيطة.‏

١٥ كم تنطبق هذه الكلمات على بداية يسوع الوضيعة كإنسان!‏ فالعذراء اليهودية مريم ولدته في اسطبل في بلدة صغيرة تدعى بيت لحم.‏ * (‏لوقا ٢:‏٧؛‏ يوحنا ٧:‏٤٢‏)‏ وكانت مريم وزوجها يوسف فقيرَين.‏ فبعد نحو ٤٠ يوما من ولادة يسوع،‏ جلبا معهما ذبيحة الخطية التي يقدِّمها الفقراء:‏ «زوج ترغل أو فرخَي يمام».‏ (‏لوقا ٢:‏٢٤؛‏ لاويين ١٢:‏​٦-‏٨‏)‏ ثم عاش مريم ويوسف في الناصرة،‏ حيث ترعرع يسوع في عائلة كبيرة،‏ وعلى الارجح بمستوى معيشي متواضع.‏ —‏ متى ١٣:‏​٥٥،‏ ٥٦‏.‏

١٦ كيف يصح القول ان يسوع لم تكن له «صورة» ولا «جمال»؟‏

١٦ لقد بدا ان يسوع،‏ عندما كان بشرا،‏ لم تكن عروقه ممتدة في التربة المناسبة.‏ (‏يوحنا ١:‏٤٦؛‏ ٧:‏​٤١،‏ ٥٢‏)‏ ومع انه كان انسانا كاملا ومتحدِّرا من الملك داود،‏ لم تُضفِ عليه ظروفه المتواضعة اية «صورة» جليلة او «جمال» أبَّهيّ،‏ على الاقل في نظر الذين كانوا ينتظرون قدوم المسيَّا من خلفية ابرز.‏ وبتحريض من القادة الدينيين اليهود،‏ لم يُقِم له الكثيرون اعتبارا،‏ حتى انه احتُقر.‏ وفي النهاية لم ترَ الجموع في ابن اللّٰه الكامل شيئا يُشتهى.‏ —‏ متى ٢٧:‏​١١-‏٢٦‏.‏

‏«محتقَر ومخذول من الناس»‏

١٧ (‏أ)‏ عمَّ يبدأ اشعيا يتحدَّث،‏ ولماذا يكتب بصيغة الماضي؟‏ (‏ب)‏ مَن ‹احتقروا› يسوع و ‹تجنبوه›،‏ وكيف فعلوا ذلك؟‏

١٧ يتحدَّث اشعيا الآن بتفصيل عمَّا ستكون عليه النظرة الى المسيَّا وطريقة معاملته:‏ ‏«محتقَر ومخذول من الناس ‏[‏‏«احتقره الناس وتجنَّبوه»،‏ ع‌ج‏] رجل اوجاع ومختبر الحزن ‏[‏‏«المرض»،‏ ع‌ج‏] وكمستَّر عنه وجوهنا ‏[‏‏«وكمستَّر وجهه عنا»،‏ ع‌ج‏] محتقَر فلم نعتدَّ به».‏ ‏(‏اشعياء ٥٣:‏٣‏)‏ يكتب اشعيا كلماته بصيغة الماضي،‏ كما لو انه متأكد انها ستتحقق.‏ فهل احتقر الناس فعلا يسوع المسيح وتجنبوه؟‏ نعم!‏ فقد اعتبره القادة الدينيون ذوو البر الذاتي وأتباعهم ارذل الناس.‏ وقالوا عنه انه صديق لجباة الضرائب والعاهرات.‏ (‏لوقا ٧:‏​٣٤،‏ ٣٧-‏٣٩‏)‏ وبصقوا في وجهه،‏ ولكموه وشتموه،‏ وسخروا منه وهزئوا به.‏ (‏متى ٢٦:‏٦٧‏)‏ وبتأثير من اعداء الحق هؤلاء،‏ ‹لم يقبله قومه›.‏ —‏ يوحنا ١:‏​١٠،‏ ١١‏.‏

١٨ بما ان يسوع لم يمرض قط،‏ كيف كان ‹رجل اوجاع ومختبرا المرض›؟‏

١٨ كان يسوع انسانا كاملا،‏ لذا لم يمرض قط.‏ ومع ذلك كان ‹رجل اوجاع ومختبرا المرض›.‏ لم تكن هذه الاوجاع والامراض لتصيبه هو.‏ لكنّ يسوع اتى من السماء الى عالم مريض.‏ لقد عاش وسط العذاب والالم،‏ الّا انه لم يتجنَّب المرضى،‏ سواء جسديا او روحيا.‏ فكالطبيب المحب،‏ تعرَّف جيدا بآلام الناس حوله.‏ وفضلا عن ذلك،‏ تمكّن من فعل ما يعجز الطبيب البشري العادي عن فعله.‏ —‏ لوقا ٥:‏​٢٧-‏٣٢‏.‏

١٩ وجه مَن كان ‹مستَّرا›،‏ وكيف اظهر اعداء يسوع انهم ‹لا يعتدّون به›؟‏

١٩ ومع ذلك كان يسوع في اعين اعدائه هو المريض،‏ ولم يلقَ منهم نظرة استحسان.‏ وكان وجهه ‹مستَّرا› عن الانظار،‏ انما ليس لأنه كان يخفي وجهه عن الآخرين.‏ فإشعياء ٥٣:‏٣ تقول حسب الكتاب المقدس الانكليزي الجديد:‏ ‏«ما يشيح الناس وجوههم عنه».‏ فقد كان يسوع في اعين مقاوميه منفِّرا جدا حتى انهم كانوا يشيحون وجوههم عنه كما لو انه كريه المنظر.‏ وقيمته في نظرهم لم تزد على ثمن عبد.‏ (‏خروج ٢١:‏٣٢؛‏ متى ٢٦:‏​١٤-‏١٦‏)‏ فقد كانوا يكنّون للقاتل باراباس اعتبارا اكثر منه.‏ (‏لوقا ٢٣:‏​١٨-‏٢٥‏)‏ وماذا كان يمكن ان يفعلوا بعد ليُظهروا مدى احتقارهم ليسوع؟‏!‏

٢٠ اية تعزية تمنحها كلمات اشعيا لشعب يهوه اليوم؟‏

٢٠ يمكن لخدام يهوه اليوم ان يستمدّوا تعزية كبيرة من كلمات اشعيا.‏ ففي بعض الاحيان قد يهزأ المقاومون من عبّاد يهوه الامناء او يعاملونهم كما لو انهم لا يُعتدّ بهم.‏ ولكن،‏ كما كانت الحال مع يسوع،‏ ما يهمّ فعلا هو نظرة يهوه اللّٰه الينا.‏ فمع ان الناس ‹لم يعتدُّوا بيسوع›،‏ بقيت له قيمة كبيرة في عينَي اللّٰه.‏

‏«مجروح لأجل معاصينا»‏

٢١،‏ ٢٢ (‏أ)‏ ماذا حمل وتحمَّل المسيَّا عن الآخرين؟‏ (‏ب)‏ كيف نظر كثيرون الى المسيَّا،‏ وماذا كانت ذروة آلامه؟‏

٢١ لماذا لزم ان يتألم المسيَّا ويموت؟‏ يوضح اشعيا:‏ ‏«لكنَّ احزاننا ‏[‏‏«امراضنا»،‏ ع‌ج‏] حملها وأوجاعنا تحمَّلها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من اللّٰه ومذلولا.‏ وهو مجروح ‏[‏‏«طُعن»،‏ ي‌ج‏] لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحُبُره ‏[‏‏«جراحه»،‏ ع‌ج‏] شفينا.‏ كلنا كغنم ضللنا مِلْنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا».‏ —‏ اشعياء ٥٣:‏​٤‏-‏٦‏.‏

٢٢ حمل المسيَّا امراض الآخرين وتحمَّل اوجاعهم.‏ وإذا جاز التعبير،‏ رفع اثقالهم ووضعها على كتفيه وحملها.‏ وبما ان المرض والوجع ناجمان عن حالة الجنس البشري الخاطئة،‏ فقد حمل المسيَّا خطايا الآخرين.‏ كثيرون لم يفهموا لماذا يتألم كل هذا الالم،‏ وحسبوا ان اللّٰه يعاقبه وقد اصابه بمرض كريه.‏ * وبلغت آلام المسيَّا ذروتها حين طُعن وسُحق وجُرح —‏ كلمات قوية تشير الى ميتة عنيفة ومؤلمة.‏ لكنَّ موته كان كفّاريا،‏ اذ يزوّد الاساس لإعادة الذين يضلّون في الاثم والخطية،‏ مساعدا اياهم على ايجاد السلام مع اللّٰه.‏

٢٣ بأية طريقة تحمَّل يسوع آلام الآخرين؟‏

٢٣ وكيف تحمَّل يسوع آلام الآخرين؟‏ يقول انجيل متى،‏ مقتبسا من اشعياء ٥٣:‏٤‏:‏ «أحضر إليه الناس كثيرين ممن تسيطر عليهم الشياطين؛‏ فكان يخرج الأرواح بكلمة،‏ وأبرأ كل من كان به سوء؛‏ ليتم ما قيل بإشعيا النبي القائل:‏ ‹هو أخذ أمراضنا وحمل عللنا›».‏ (‏متى ٨:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وبشفاء المصابين بشتى الامراض الذين اتوا اليه،‏ كان يسوع يأخذ ألمهم ويضعه على نفسه.‏ وكانت اعمال الشفاء هذه تأخذ من حيويته.‏ (‏لوقا ٨:‏​٤٣-‏٤٨‏)‏ لقد برهنت قدرته على شفاء كل انواع الامراض —‏ الجسدية والروحية —‏ انه مُنح السلطة ليطّهر البشر من الخطية.‏ —‏ متى ٩:‏​٢-‏٨‏.‏

٢٤ (‏أ)‏ لماذا بدا لكثيرين ان ما ‹يصيب› يسوع هو من اللّٰه؟‏ (‏ب)‏ لماذا تألم يسوع ومات؟‏

٢٤ ولكن بدا لكثيرين ان ما ‹يصيب› يسوع هو من اللّٰه،‏ اذ تألم بتحريض من القادة الدينيين المحترمين.‏ ولكن لا ننسَ انه لم يتألم بسبب خطايا ارتكبها هو.‏ يقول بطرس:‏ «المسيح تألم لأجلكم،‏ تاركا لكم قدوة لتتبعوا خطواته بدقة.‏ لم يرتكب خطية،‏ ولا وجد في فمه خداع.‏ حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة،‏ لكي نتخلص من الخطايا ونحيا للبر.‏ و ‹بجراحه شفيتم›».‏ (‏١ بطرس ٢:‏​٢١،‏ ٢٢،‏ ٢٤‏)‏ لقد كنا جميعا تائهين بسبب الخطية،‏ «كالخراف شاردين».‏ (‏١ بطرس ٢:‏٢٥‏)‏ لكنَّ يهوه،‏ بواسطة يسوع،‏ زوَّد الفداء من حالتنا الخاطئة.‏ فقد «وضع على» يسوع اثمنا.‏ وقبِل يسوع،‏ الخالي من الخطية،‏ ان يتحمَّل طوعا جزاء خطايانا.‏ وبمعاناته على خشبة موتا مخزيا لا يستحقه،‏ فسح المجال لنا ان نتصالح مع اللّٰه.‏

‏«تذلَّل»‏

٢٥ كيف نعرف ان المسيَّا كان مستعدا ليتألم ويموت؟‏

٢٥ وهل كان المسيَّا مستعدا ليتألم ويموت؟‏ يقول اشعيا:‏ ‏«ظُلم أما هو فتذلَّل ولم يفتح فاه كشاة تُساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازّيها فلم يفتح فاه».‏ ‏(‏اشعياء ٥٣:‏٧‏)‏ كان بإمكان يسوع،‏ في ليلته الاخيرة،‏ ان يستدعي «اكثر من اثني عشر فيلقا من الملائكة» ليساعدوه.‏ إنما قال:‏ «ولكن كيف تتم الأسفار المقدسة،‏ أنه هكذا لا بد أن يكون؟‏».‏ (‏متى ٢٦:‏​٥٣،‏ ٥٤‏)‏ لذلك لم يُبدِ «حمل اللّٰه» اية مقاومة.‏ (‏يوحنا ١:‏٢٩‏)‏ وحين اتَّهمه كبار الكهنة والشيوخ زورا امام بيلاطس،‏ «لم يُجب بشيء».‏ (‏متى ٢٧:‏​١١-‏١٤‏)‏ فلم يرد ان يقول شيئا يمكن ان يعيق تنفيذ مشيئة اللّٰه نحوه.‏ لقد كان يسوع مستعدا ليموت كحمل فدائي،‏ عالما تماما ان موته سيفدي البشر الطائعين من الخطية والمرض والموت.‏

٢٦ ايّ «ردع» فعله مقاومو يسوع؟‏

٢٦ يعطي اشعيا الآن تفاصيل اضافية عن معاناة المسيَّا وإذلاله.‏ يكتب النبي:‏ ‏«بسبب الردع والقضاء أُخذ؛‏ ومَن يهتم بتفاصيل جيله؟‏ لأنه قُطع من ارض الاحياء.‏ وبسبب تعدِّي شعبي كانت الضربة له».‏ ‏(‏اشعيا ٥٣:‏٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ عندما ألقى اعداء يسوع القبض عليه وأخذوه،‏ استعمل هؤلاء المقاومون الدينيون «الردع» في طريقة تعاملهم معه.‏ لا يعني ذلك انهم ردعوا انفسهم وامتنعوا عن التعبير عن بغضهم له،‏ بل ردعوا العدل،‏ او خنقوه.‏ وبدلا من كلمة «ردع»،‏ تستعمل الترجمة السبعينية اليونانية كلمة «ذُل» في اشعياء ٥٣:‏٨‏.‏ فأعداء يسوع أذلوه بحرمانه معاملة عادلة كانت تحقّ حتى للمجرم.‏ لقد كانت محاكمة يسوع تشويها للعدالة.‏ كيف؟‏

٢٧ عندما كان القادة الدينيون اليهود يحاكمون يسوع،‏ اية قواعد ضربوا بها عرض الحائط،‏ ومن اية نواحٍ انتهكوا شريعة اللّٰه؟‏

٢٧ خرق القادة الدينيون اليهود قوانينهم الخاصة ليتخلصوا من يسوع بأية طريقة.‏ فبحسب التقليد،‏ لم يكن السنهدريم ينظر في قضية عقوبتها الموت إلا في القاعة التي تدعى البلاط الواقعة في محيط ارض الهيكل،‏ وليس في بيت رئيس الكهنة.‏ ولزم ان تُجرى محاكمة كهذه خلال النهار،‏ وليس بعد غروب الشمس.‏ وإذا كانت القضية عقوبتها الموت،‏ وجب اعلان القرار بالادانة في اليوم الذي يلي ختام جلسة الاستماع.‏ ولهذا السبب لم تكن تُجرى اية محاكمات في اليوم الذي يسبق سبتا او عيدا.‏ ولكن ضُرب بكل هذه القواعد عرض الحائط عند محاكمة يسوع.‏ (‏متى ٢٦:‏​٥٧-‏٦٨‏)‏ والاسوأ من ذلك هو ان القادة الدينيين انتهكوا شريعة اللّٰه بشكل فاضح عند معالجتهم لهذه القضية.‏ مثلا،‏ لجأوا الى الرشوة للايقاع بيسوع.‏ (‏تثنية ١٦:‏١٩؛‏ لوقا ٢٢:‏​٢-‏٦‏)‏ واستمعوا الى شهادة شهود زور.‏ (‏خروج ٢٠:‏١٦؛‏ مرقس ١٤:‏​٥٥،‏ ٥٦‏)‏ وتآمروا ان يطلقوا سراح قاتل،‏ جالبين على انفسهم وعلى ارضهم ذنب سفك الدم.‏ (‏عدد ٣٥:‏​٣١-‏٣٤؛‏ تثنية ١٩:‏​١١-‏١٣؛‏ لوقا ٢٣:‏​١٦-‏٢٥‏)‏ وهكذا لم يجرِ «قضاء»،‏ اي لم تجرِ محاكمة عادلة يصدر عنها حكم قويم وغير متحيِّز.‏

٢٨ بماذا لم يكترث اعداء يسوع؟‏

٢٨ وهل تحقَّق اعداء يسوع من هوية هذا الرجل الذي يحاكَم امامهم؟‏ طرح اشعيا سؤالا مماثلا:‏ «مَن يهتم بتفاصيل جيله؟‏».‏ يمكن ان تشير كلمة «جيل» الى النَّسَب او الخلفية.‏ فعندما كان يسوع يحاكَم امام السنهدريم،‏ لم يكترث اعضاء المجلس بخلفيته —‏ أنه تمَّم الشروط المطلوبة التي تحدّد هوية المسيَّا الموعود به.‏ لكنهم اتهموه بالتجديف وحكموا بأنه مستوجب الموت.‏ (‏مرقس ١٤:‏٦٤‏)‏ وبعد ذلك استسلم الحاكم الروماني بنطيوس بيلاطس للضغوط وأمر بتعليق يسوع على خشبة.‏ (‏لوقا ٢٣:‏​١٣-‏٢٥‏)‏ وهكذا «قُطع» او قُتل يسوع في مقتبل العمر،‏ بالغا ٣٣ سنة ونصفا فقط.‏

٢٩ كيف كان قبر يسوع «مع الاشرار» و «مع غني»؟‏

٢٩ وبعد ذلك يكتب اشعيا عن موت المسيَّا ودفنه:‏ ‏«جُعل مع الاشرار قبره ومع غني عند موته.‏ على انه لم يعمل ظلما ولم يكن في فمه غش».‏ ‏(‏اشعياء ٥٣:‏٩‏)‏ فكيف كان يسوع،‏ عند موته ودفنه،‏ مع الاشرار والغني؟‏ في ١٤ نيسان القمري ٣٣ ب‌م،‏ مات على خشبة الاعدام خارج اسوار اورشليم.‏ وبما انه عُلِّق بين فاعلَي سوء،‏ فكأنما كان قبره مع الاشرار.‏ (‏لوقا ٢٣:‏٣٣‏)‏ ولكن بعدما مات يسوع،‏ استجمع يوسف،‏ رجل غني من أريماتية،‏ شجاعته ليطلب من بيلاطس السماح بأخذ جسد يسوع ودفنه.‏ وقام هو ونيقوديموس بتهيئة الجسد للدفن،‏ ثم وضعه في قبر يخصُّه محفور حديثا.‏ (‏متى ٢٧:‏​٥٧-‏٦٠؛‏ يوحنا ١٩:‏​٣٨-‏٤٢‏)‏ وهكذا كان قبر يسوع مع غني ايضا.‏

‏‹‏يهوه سُرَّ بأن يسحقه›‏

٣٠ بأيّ معنى سُرَّ يهوه بسحق يسوع؟‏

٣٠ بعد ذلك يقول اشعيا شيئا مفاجئا:‏ ‏«أما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن.‏ إن جعل نفسه ذبيحة اثم يرى نسلا تطول ايامه ومسرة الرب بيده تنجح.‏ من تعب نفسه يرى ويشبع.‏ وعبدي البار بمعرفته يبرِّر كثيرين وآثامهم هو يحملها».‏ ‏(‏اشعياء ٥٣:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ كيف يمكن ان يُسرّ يهوه برؤية عبده الامين يُسحق؟‏ لم يكن يهوه طبعا مَن انزل العذاب بابنه الحبيب.‏ فقد كان اعداء يسوع مسؤولين كاملا عمَّا فعلوه به.‏ لكنَّ يهوه سمح لهم بأن يتصرفوا بوحشية.‏ (‏يوحنا ١٩:‏١١‏)‏ ولأيّ سبب؟‏ لا شك ان اله التعاطف والحنان تألم حين رأى ابنه البريء يتعذب.‏ (‏اشعياء ٦٣:‏٩؛‏ لوقا ١:‏​٧٧،‏ ٧٨‏)‏ طبعا،‏ لم يكن مستاء البتة من يسوع.‏ ومع ذلك،‏ سُرَّ يهوه باستعداد ابنه للتألم من اجل كل البركات التي ستنتج من ذلك.‏

٣١ (‏أ)‏ بأية طريقة جعل يهوه نفس يسوع «ذبيحة اثم»؟‏ (‏ب)‏ بعد كل المشقة التي كابدها يسوع كإنسان،‏ ماذا سرَّه خصوصا؟‏

٣١ احدى هذه البركات هي ان يهوه جعل نفس يسوع «ذبيحة اثم».‏ وهكذا،‏ عندما صعد يسوع الى السماء،‏ دخل الى حضرة يهوه حاملا استحقاق حياته البشرية المقدَّمة ذبيحة اثم،‏ وسُرَّ يهوه بأن يقبلها من اجل كل الجنس البشري.‏ (‏عبرانيين ٩:‏٢٤؛‏ ١٠:‏​٥-‏١٤‏)‏ ومن خلال ذبيحة الاثم هذه،‏ صار ليسوع «نسل».‏ فبوصفه «ابا ابديا»،‏ صار بإمكانه منح الحياة —‏ الحياة الابدية —‏ للذين يمارسون الايمان بدمه المسفوك.‏ (‏اشعياء ٩:‏٦‏)‏ وبعد كل المشقة التي كابدها يسوع كنفس بشرية،‏ كم سُرَّ دون شك بأن يصير في مقدوره انقاذ الجنس البشري من الخطية والموت!‏ طبعا،‏ لا بد انه سُرَّ اكثر حين علم ان استقامته اعطت اباه السماوي جوابا على تعييرات خصمه،‏ الشيطان ابليس.‏ —‏ امثال ٢٧:‏١١‏.‏

٣٢ بواسطة اية «معرفة» ‹يبرِّر يسوع كثيرين›،‏ ومَن ينعمون بهذا الموقف؟‏

٣٢ والبركة الاخرى الناجمة عن موت يسوع هي انه «يبرِّر كثيرين»،‏ حتى في هذا الوقت.‏ وهو يفعل ذلك،‏ كما يقول اشعيا،‏ ‏«بمعرفته».‏ يتضح ان هذه المعرفة اكتسبها يسوع بصيرورته انسانا وتألُّمه ظلما،‏ اطاعةً للّٰه.‏ (‏عبرانيين ٤:‏١٥‏)‏ ويسوع،‏ بتألمه حتى الموت،‏ تمكّن من تزويد الذبيحة اللازمة لمساعدة الآخرين على حيازة موقف بار.‏ ومَن ينعمون بهذا الموقف البار؟‏ اولا،‏ أتباعه الممسوحون.‏ فلأنهم يمارسون الايمان بذبيحة يسوع،‏ يبرِّرهم يهوه حتى يتبنّاهم ويجعلهم ورثة مع يسوع.‏ (‏روما ٥:‏١٩؛‏ ٨:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وكذلك يمارس ‹جمع كثير› من ‹الخراف الاخر› الايمان بدم يسوع المسفوك ويتمتعون بموقف بار على امل ان يصيروا اصدقاء اللّٰه وينجوا من هرمجدون.‏ —‏ كشف ٧:‏٩؛‏ ١٦:‏​١٤،‏ ١٦؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦؛‏ يعقوب ٢:‏​٢٣،‏ ٢٥‏.‏

٣٣،‏ ٣٤ (‏أ)‏ ايّ امر نتعلمه عن يهوه يبهج قلوبنا؟‏ (‏ب)‏ مَن هم ‹الكثيرون› الذين ينال العبد المسيَّاني «نصيبا» معهم؟‏

٣٣ وفي النهاية يصف اشعيا انتصارات المسيَّا:‏ ‏«لذلك أقسم له بين الاعزاء ‏[‏‏«نصيبا مع الكثيرين»،‏ شد‏] ومع العظماء يقسم غنيمة من اجل انه سكب للموت نفسه وأُحصي مع اثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين».‏ —‏ اشعياء ٥٣:‏١٢‏.‏

٣٤ من الكلمات الختامية لهذا الجزء من نبوة اشعيا نتعلم شيئا يبهج القلب عن يهوه:‏ انه يعزّ مَن يبقون اولياء له.‏ ويُرى ذلك من الوعد بأن ‹يقسم› للعبد المسيَّاني «نصيبا مع الكثيرين».‏ يتضح ان هذه الكلمات ترتبط بعادة تقسيم الغنائم في الحرب.‏ فيهوه يقدِّر ولاء الامناء «الكثيرين» الذين عاشوا قديما،‏ مثل نوح وإبراهيم وأيوب،‏ وقد حفظ لهم «نصيبا» في عالمه الجديد القادم.‏ (‏عبرانيين ١١:‏​١٣-‏١٦‏)‏ وهو سيقسم نصيبا ايضا لعبده المسيَّاني.‏ نعم،‏ لا يمكن ألا يكافئ يهوه يسوع على استقامته.‏ ونحن ايضا يمكن ان نتيقَّن ان يهوه لن ‹ينسى عملنا والمحبة التي نُظهرها نحو اسمه›.‏ —‏ عبرانيين ٦:‏١٠‏.‏

٣٥ مَن هم «العظماء» الذين يقسم يسوع معهم الغنائم،‏ وما هي هذه الغنائم؟‏

٣٥ سيحصل عبد اللّٰه ايضا على غنائم حرب بالانتصار على اعدائه.‏ وسيقسم هذه الغنائم مع «العظماء».‏ فمَن هم «العظماء» في الاتمام؟‏ انهم اول التلاميذ الذين غلبوا العالم كما غلبه يسوع —‏ المواطنون الـ‍ ٠٠٠‏,١٤٤ الذين يؤلفون «اسرائيل اللّٰه».‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦؛‏ يوحنا ١٦:‏٣٣؛‏ كشف ٣:‏٢١؛‏ ١٤:‏١‏)‏ وما هي الغنائم اذًا؟‏ يتضح انها تشمل ‹العطايا في رجال›،‏ الذين انتزعهم يسوع من قبضة الشيطان،‏ اذا جاز التعبير،‏ وأعطاهم للجماعة المسيحية.‏ (‏افسس ٤:‏​٨-‏١٢‏)‏ ويُعطى «العظماء» الـ‍ ٠٠٠‏,١٤٤ ايضا نصيبا من غنيمة اخرى.‏ فلأنهم غلبوا العالم،‏ ينتزعون من الشيطان ايّ سبب لتعيير اللّٰه.‏ وتعبُّدهم غير المنثلم ليهوه يرفِّعهم،‏ وهذا ما يفرِّح قلبه.‏

٣٦ هل كان يسوع يعرف انه يتمم النبوة المتعلقة بعبد اللّٰه؟‏ اوضحوا.‏

٣٦ كان يسوع يعرف انه يتمم النبوة المتعلقة بعبد اللّٰه.‏ ففي الليلة التي اعتُقل فيها،‏ اقتبس الكلمات المسجلة في اشعياء ٥٣:‏١٢ وطبَّقها على نفسه:‏ «أقول لكم إنه لا بد أن يتم فيَّ هذا المكتوب،‏ أي:‏ ‹وأحصي مع المتعدِّين على الشريعة›.‏ لأن ما يختص بي آخذ في التمام».‏ (‏لوقا ٢٢:‏​٣٦،‏ ٣٧‏)‏ والمحزن ان يسوع عومل فعلا كمتعدٍّ على الشريعة.‏ فقد أُعدم معلَّقا بين لصَّين كمنتهك للشريعة.‏ (‏مرقس ١٥:‏٢٧‏)‏ لكنه احتمل طوعا هذا التعيير،‏ عالما كل العلم انه بذلك يشفع فينا.‏ فكما لو انه وقف بين الخطاة وبين ضربة عقوبة الموت،‏ فتلقّى هو الضربة عنهم.‏

٣٧ (‏أ)‏ السجل التاريخي لحياة يسوع وموته يساعدنا ان نجزم بماذا؟‏ (‏ب)‏ لماذا ينبغي ان نكون شاكرين ليهوه اللّٰه وعبده المرفَّع،‏ يسوع المسيح؟‏

٣٧ ان السجل التاريخي لحياة يسوع وموته يساعدنا على الجزم ان يسوع المسيح هو العبد المسيَّاني في نبوة اشعيا.‏ فكم ينبغي ان نكون شاكرين لأن يهوه سمح بأن يتمم ابنه العزيز دور العبد النبوي،‏ بحيث تألم ومات لكي نُفتدى من الخطية والموت!‏ وبهذا اعرب يهوه عن محبة فائقة لنا.‏ تقول روما ٥:‏٨‏:‏ «أما اللّٰه فيبيِّن لنا فضل محبته بأنه إذ كنا بعد خطاة مات المسيح عنا».‏ وكم ينبغي ان نكون شاكرين ليسوع المسيح،‏ العبد المرفَّع،‏ الذي سكب للموت نفسه طوعا!‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 5‏ يذكر ترجوم يوناثان بن عُزِّيئيل (‏القرن الاول الميلادي)‏،‏ ترجمة ج.‏ ف.‏ ستينينڠ،‏ في نقله للآية في اشعياء ٥٢:‏١٣‏:‏ «هوذا عبدي الممسوح (‏او المسيَّا‏)‏ يزدهر».‏ وكذلك يقول التلمود البابلي (‏نحو القرن الثالث الميلادي)‏:‏ «المسيَّا —‏ ما اسمه؟‏ .‏ .‏ .‏ [؛‏ اولئك] الذين هم من بيت الرابّي [يقولون،‏ المريض]،‏ كما يقال ‹حمل بالتأكيد امراضنا›».‏ —‏ السنهدرين ٩٨ ب؛‏ اشعياء ٥٣:‏٤‏.‏

^ ‎الفقرة 15‏ قال النبي ميخا عن بيت لحم انها ‹صغيرة ان تكون بين الوف يهوذا›.‏ (‏ميخا ٥:‏٢‏)‏ ولكن كان لبيت لحم الصغيرة شرف الصيرورة مسقط رأس المسيَّا.‏

^ ‎الفقرة 22‏ ان الكلمة العبرانية المنقولة «مصابا» تُستعمل ايضا للاشارة الى البرص.‏ (‏٢ ملوك ١٥:‏٥‏)‏ وبحسب بعض العلماء،‏ استنتج بعض اليهود من الكلمات في اشعياء ٥٣:‏٤ ان المسيَّا سيكون ابرص.‏ ويطبِّق التلمود البابلي هذه الآية على المسيَّا ويدعوه «العالِم الابرص».‏ وتعكس ترجمة دواي الكاثوليكية ‏(‏بالانكليزية)‏ كلمات الڤولڠات اللاتينية وتنقل هذا العدد الى:‏ «حسبناه ذا برص».‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الجدول في الصفحة ٢١٢]‏

عبد يهوه

كيف تمَّم يسوع الدور

النبوة

الحادثة

الإتمام

اشعياء ٥٢:‏١٣

ارتقى وتسامى

اعمال ٢:‏​٣٤-‏٣٦؛‏ فيلبي ٢:‏​٨-‏١١؛‏ ١ بطرس ٣:‏٢٢

اشعياء ٥٢:‏١٤

شُوِّهت صورته وسمعته

متى ١١:‏١٩؛‏ ٢٧:‏​٣٩-‏٤٤،‏ ٦٣،‏ ٦٤؛‏ يوحنا ٨:‏٤٨؛‏ ١٠:‏٢٠

اشعياء ٥٢:‏١٥

أذهل امما عديدة

متى ٢٤:‏٣٠؛‏ ٢ تسالونيكي ١:‏​٦-‏١٠؛‏ كشف ١:‏٧

اشعياء ٥٣:‏١

لا يؤمَن به

يوحنا ١٢:‏​٣٧،‏ ٣٨؛‏ روما ١٠:‏​١١،‏ ١٦،‏ ١٧

اشعياء ٥٣:‏٢

بداية بشرية متواضعة وبسيطة

لوقا ٢:‏٧؛‏ يوحنا ١:‏٤٦

اشعياء ٥٣:‏٣

محتقَر ومرفوض

متى ٢٦:‏٦٧؛‏ لوقا ٢٣:‏١٨-‏٢٥؛‏ يوحنا ١:‏​١٠،‏ ١١

اشعياء ٥٣:‏٤

حملَ امراضنا

متى ٨:‏​١٦،‏ ١٧؛‏ لوقا ٨:‏​٤٣-‏٤٨

اشعياء ٥٣:‏٥

طُعن

يوحنا ١٩:‏٣٤

اشعياء ٥٣:‏٦

تألم من اجل آثام الآخرين

١ بطرس ٢:‏​٢١-‏٢٥

اشعياء ٥٣:‏٧

صمت ولم يتذمر امام متَّهِميه

متى ٢٧:‏​١١-‏١٤؛‏ مرقس ١٤:‏​٦٠،‏ ٦١؛‏ اعمال ٨:‏​٣٢،‏ ٣٥

اشعياء ٥٣:‏٨

حوكِم وأُدين ظلما

متى ٢٦:‏​٥٧-‏٦٨؛‏ ٢٧:‏​١،‏ ٢،‏ ١١-‏٢٦؛‏ يوحنا ١٨:‏​١٢-‏١٤،‏ ١٩-‏٢٤،‏ ٢٨-‏٤٠

اشعياء ٥٣:‏٩

دُفن مع غني

متى ٢٧:‏​٥٧-‏٦٠؛‏ يوحنا ١٩:‏​٣٨-‏٤٢

اشعياء ٥٣:‏١٠

جُعلت نفسه ذبيحة اثم

عبرانيين ٩:‏٢٤؛‏ ١٠:‏​٥-‏١٤

اشعياء ٥٣:‏١١

فسحَ المجال امام كثيرين ليحرزوا موقفا بارا

روما ٥:‏​١٨،‏ ١٩؛‏ ١ بطرس ٢:‏٢٤؛‏ كشف ٧:‏١٤

اشعياء ٥٣:‏١٢

أُحصي مع اثمة

متى ٢٦:‏​٥٥،‏ ٥٦؛‏ ٢٧:‏٣٨؛‏ لوقا ٢٢:‏​٣٦،‏ ٣٧

‏[الصورة في الصفحة ٢٠٣]‏

‏‹احتقره الناس›‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٠٦]‏

‏«لم يفتح فاه»‏

‏[مصدر الصورة]‏

جزء من لوحة «هوذا الانسان» بريشة انطونيو تشيسَري

‏[الصورة في الصفحة ٢١١]‏

‏«سكب للموت نفسه»‏