الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

يهوه يعلّمنا من اجل مصلحتنا

يهوه يعلّمنا من اجل مصلحتنا

الفصل التاسع

يهوه يعلّمنا من اجل مصلحتنا

اشعياء ٤٨:‏​١-‏٢٢

١ كيف يتجاوب الحكماء مع كلام يهوه؟‏

عندما ينطق يهوه،‏ يصغي الحكماء بإجلال ويتجاوبون مع كلامه.‏ وكل ما يقوله يهوه هو لمنفعتنا،‏ لأنه يهتم اهتماما شديدا بخيرنا.‏ مثلا،‏ كم نتأثر عندما نرى كيف خاطب يهوه شعب عهده القديم،‏ حين قال:‏ «ليتك تنتبه انتباها لوصاياي!‏».‏ (‏اشعيا ٤٨:‏١٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ وبما ان لتعاليم اللّٰه فائدة،‏ كما تؤكد التجربة،‏ ينبغي ان يدفعنا ذلك الى الانتباه لما يقوله واتِّباع ارشاده.‏ وسجل النبوة المتمَّمة يبدِّد ايّ شك في تصميم يهوه على اتمام وعوده.‏

٢ لمَن سُجِّلت الكلمات في اشعياء ٤٨‏،‏ ومَن غيرهم يمكن ان يستفيدوا منها؟‏

٢ من الواضح ان كلمات الاصحاح ٤٨ من سفر اشعياء كُتبت من اجل اليهود الذين سيكونون مسبيين في بابل.‏ لكن تحتوي هذه الكلمات ايضا على رسالة لا يمكن للمسيحيين اليوم ان يتجاهلوها.‏ ففي اشعياء الاصحاح ٤٧‏،‏ انبأ الكتاب المقدس بسقوط بابل.‏ والآن يصف يهوه ما ينوي فعله من اجل اليهود المسبيين في هذه المدينة.‏ يحزن يهوه بسبب رياء شعبه المختار ورفضهم تصديق وعوده.‏ ومع ذلك،‏ يريد ان يعلّمهم من اجل مصلحتهم.‏ وهو يتنبأ بفترة تمحيص تؤدي الى رد بقية امينة الى ارضهم.‏

٣ ماذا كان الخطأ في عبادة يهوذا؟‏

٣ كم انحرف شعب يهوه عن العبادة الحقة!‏ تأملوا في كلمات اشعيا الافتتاحية:‏ ‏«اسمعوا هذا يا بيت يعقوب المدعوين باسم اسرائيل الذين خرجوا من مياه يهوذا الحالفين باسم الرب والذين يذكرون اله اسرائيل ليس بالصدق ولا بالحق.‏ فإنهم يسمَّون من مدينة القدس ويُسنَدون الى اله اسرائيل.‏ رب الجنود اسمه».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏​١،‏ ٢‏)‏ يا لهذا الرياء!‏ فمن الواضح ان ‹الحلف باسم يهوه› لا يتعدى كونه استعمالا شكليا لاسم اللّٰه.‏ (‏صفنيا ١:‏٥‏)‏ واليهود،‏ قبل سبيهم الى بابل،‏ عبدوا يهوه في اورشليم،‏ «مدينة القدس».‏ لكنَّ عبادتهم لم تكن مخلصة.‏ فقد كانت قلوبهم بعيدة جدا عن اللّٰه،‏ ولم تكن عباداتهم «بالصدق ولا بالحق».‏ ولم يمتلكوا ايمان الآباء الاجلاء.‏ —‏ ملاخي ٣:‏٧‏.‏

٤ ما نوع العبادة التي ترضي يهوه؟‏

٤ تذكّرنا كلمات يهوه بأن عبادتنا ينبغي ألا تكون آلية،‏ بل يجب ان تنبع من القلب.‏ فالخدمة الشكلية —‏ التي تؤدَّى لمجرد ارضاء الغير او إثارة اعجابهم —‏ ليست من ‹أعمال التعبُّد للّٰه›.‏ (‏٢ بطرس ٣:‏١١‏)‏ ودعوة الشخص نفسه مسيحيا لا تجعل عبادته مقبولة امام اللّٰه تلقائيا.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٥‏)‏ صحيح ان الاعتراف بوجود يهوه ضروري،‏ لكنه ليس سوى نقطة البداية.‏ فيهوه يريد ان نعبده من كل النفس وبدافع المحبة والتقدير العميقين.‏ —‏ كولوسي ٣:‏٢٣‏.‏

الإنباء بالحديثات

٥ ما هي بعض «الاوليات» التي انبأ بها يهوه؟‏

٥ ربما يحتاج اليهود في بابل الى انعاش ذاكرتهم.‏ لذلك يذكّرهم يهوه من جديد انه اله النبوة الحقة:‏ ‏«بالاوليات منذ زمان اخبرت ومن فمي خرجَت وأنبأتُ بها.‏ بغتة صنعتُها فأتت».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏٣‏)‏ ‏«الاوليات» هي اشياء سبق ان فعلها اللّٰه،‏ كتحرير الاسرائيليين من مصر وإعطائهم ارض الموعد ميراثا لهم.‏ (‏تكوين ١٣:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ ١٥:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ وتخرج هذه التنبؤات من فم اللّٰه،‏ اي انها من مصدر الهي.‏ ويجعل اللّٰه البشر يسمعون احكامه،‏ وما يسمعونه ينبغي ان يدفعهم الى الطاعة.‏ (‏تثنية ٢٨:‏١٥‏)‏ وهو بغتةً يصنع ما ينبئ به.‏ وبما ان يهوه هو القادر على كل شيء،‏ فهذا يضمن ان قصده يتم.‏ —‏ يشوع ٢١:‏٤٥؛‏ ٢٣:‏١٤‏.‏

٦ الى ايّ حد صار الشعب اليهودي «عنيدا متمردا»؟‏

٦ صار شعب يهوه «عنيدا متمردا».‏ (‏مزمور ٧٨:‏​٨‏،‏ تف‏)‏ يقول يهوه بصراحة:‏ ‏«انك قاسٍ وعضل من حديد عنقك وجبهتك نحاس».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏٤‏)‏ فاليهود هم كالمعادن —‏ متصلِّبون لا يلينون.‏ وهذا احد الاسباب التي تجعل يهوه يكشف امورا قبل ان تحصل.‏ وإلا فسيقول شعبه عن الاشياء التي يفعلها يهوه:‏ ‏«صنمي قد صنعها ومنحوتي ومسبوكي امر بها».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏٥‏)‏ وهل يؤثر ما يقوله يهوه الآن في اليهود غير الامناء؟‏ يقول اللّٰه:‏ ‏«قد سمعتَ فانظر كلها.‏ وأنتم ألا تخبرون.‏ قد انبأتُك بحديثات منذ الآن وبمخفيَّات لم تعرفها.‏ الآن خُلِقَت وليس منذ زمان وقبل اليوم لم تسمع بها لئلا تقول هأنذا قد عرفتها».‏ —‏ اشعياء ٤٨:‏​٦،‏ ٧‏.‏

٧ بماذا سيضطر اليهود المسبيون ان يعترفوا،‏ وماذا يمكن ان يتوقعوا؟‏

٧ سجَّل اشعيا نبوة سقوط بابل قبل وقوع هذا الحدث بزمن طويل.‏ والآن يؤمَر نبويا اليهود المسبيون في بابل بأن يتأملوا في اتمام هذه النبوة.‏ هل يمكنهم الانكار ان يهوه هو اله النبوة المتمَّمة؟‏ وبما ان سكان يهوذا رأوا وسمعوا ان يهوه اله حق،‏ أفلا يجب ان يعلنوا ايضا هذا الحق للآخرين؟‏ ان هذا الكشف لكلام يهوه ينبئ بحديثات لم تحصل بعد،‏ كغزو كورش لبابل وإطلاق سراح اليهود.‏ (‏اشعياء ٤٨:‏​١٤-‏١٦‏)‏ ويبدو ان هذه الاحداث المفاجئة تأتي من المجهول.‏ فلم يكن بإمكان احد ان يتوقع حصولها بمجرد التأمل في تطوُّر الشؤون العالمية.‏ فهي تحصل كما لو انها خُلقت من العدم.‏ ومَن يسبِّب ظهورها؟‏ بما ان يهوه ينبئ بها قبل ٢٠٠ سنة،‏ لا يبقى هنالك شك في هوية المسبِّب.‏

٨ اية حديثات يرجوها المسيحيون اليوم،‏ ولماذا لهم ملء الثقة بكلمة يهوه النبوية؟‏

٨ كذلك يحقق يهوه كلمته حسب جدوله الزمني الخاص.‏ والنبوات المتمَّمة لا تؤكد ألوهية يهوه لليهود القدماء فقط،‏ بل ايضا للمسيحيين اليوم.‏ فالسجل الحافل بالنبوات التي تمَّت في الماضي —‏ «الاوليات» —‏ يؤكد ان الحديثات التي يعد بها يهوه —‏ «الضيق العظيم» المقبل،‏ نجاة «جمع كثير» من هذا الضيق،‏ ‹الارض الجديدة› واشياء كثيرة غيرها —‏ ستتحقق.‏ (‏كشف ٧:‏​٩،‏ ١٤،‏ ١٥؛‏ ٢١:‏​٤،‏ ٥؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏)‏ وهذا التأكيد يدفع المستقيمي القلوب اليوم الى الإخبار عن يهوه بغيرة.‏ وهم يضمّون صوتهم الى صوت صاحب المزمور الذي قال:‏ «بشَّرتُ ببر في جماعة عظيمة.‏ هوذا شفتاي لم امنعهما».‏ —‏ مزمور ٤٠:‏٩‏.‏

يهوه يمارس ضبط النفس

٩ كيف كانت امة اسرائيل ‹متعدِّية من البطن›؟‏

٩ ان عدم ايمان اليهود بنبوات يهوه منعهم من الانتباه لتحذيراته.‏ لهذا السبب يمضي قائلا لهم:‏ ‏«لم تسمع ولم تعرف ومنذ زمان لم تنفتح اذنك فإني علمت انك تغدر غدرا ومن البطن سُمِّيتَ عاصيا ‏[‏‏«ودعيتَ ‹متعدِّيا من البطن›،‏ ع‌ج‏]‏‏».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏٨‏)‏ سدَّ يهوذا اذنيه عن سماع بشائر يهوه.‏ (‏اشعياء ٢٩:‏١٠‏)‏ وطريقة تصرف شعب عهد اللّٰه تُظهر ان الامة ‹متعدِّية من البطن›.‏ فأمة اسرائيل،‏ من ولادتها وخلال كامل تاريخها،‏ تميَّزت بكثرة تمردها.‏ ولم يعد الغدر والتعدِّي مجرد خطيتين عابرتين يقع فيهما الشعب بل صارا عادة عندهم.‏ —‏ مزمور ٩٥:‏١٠؛‏ ملاخي ٢:‏١١‏.‏

١٠ لماذا سيمسك يهوه عن شعبه؟‏

١٠ ولكن هل فُقد الامل؟‏ كلا.‏ فمع ان يهوذا تمرَّدت وغدرت،‏ يبقى يهوه دائما صادقا وأمينا.‏ وإكراما لاسمه العظيم،‏ سيقلّل من سكب جام غضبه.‏ يقول:‏ ‏«من اجل اسمي ابطِّئ غضبي ومن اجل فخري امسك عنك حتى لا اقطعك».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏٩‏)‏ فيا له من تباين!‏ لم يسلك شعب يهوه،‏ اسرائيل ويهوذا على السواء،‏ بأمانة معه.‏ لكنَّ يهوه سيقدِّس اسمه ويتصرَّف بطريقة تجلب التسبيح والإكرام لهذا الاسم.‏ وهذا ما يجعله يمتنع عن قطع شعبه المختار.‏ —‏ يوئيل ٢:‏​١٣،‏ ١٤‏.‏

١١ لماذا لن يسمح اللّٰه بأن يُقضى على شعبه كليا؟‏

١١ يتنبَّه الافراد المستقيمو القلوب بين اليهود المسبيين لتوبيخات اللّٰه ويعقدون العزم على الاصغاء الى تعاليمه.‏ وتُوَجَّه الى هؤلاء هذه الكلمات المطمئنة جدا:‏ ‏«هأنذا قد نقَّيتُك وليس بفضة.‏ اخترتُك في كور المشقة.‏ من اجل نفسي من اجل نفسي افعل.‏ لأنه كيف يدنَّس اسمي.‏ وكرامتي لا اعطيها لآخر».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ فالمحن الصعبة التي سمح يهوه بأن تأتي على شعبه،‏ كما لو انهم في «كور المشقة»،‏ امتحنتهم ومحَّصتهم،‏ كاشفةً عما في قلوبهم.‏ وكان قد حدث شيء مماثل قبل قرون حين قال موسى لأسلافهم:‏ «سار بك الرب الهك هذه الاربعين سنة في القفر لكي يذلك ويجربك ليعرف ما في قلبك».‏ (‏تثنية ٨:‏٢‏)‏ ورغم تمردهم،‏ لم يهلك يهوه الامة آنذاك،‏ ولن يقضي على الامة كليا الآن.‏ وهكذا يرتفع اسمه وتسمو كرامته.‏ فلو كان البابليون سيبيدون شعبه،‏ لصار اللّٰه خائنا لعهده وتدنَّس اسمه.‏ ولَظهر ان اله اسرائيل عاجز عن انقاذ شعبه.‏ —‏ حزقيال ٢٠:‏٩‏.‏

١٢ كيف تمحَّص المسيحيون الحقيقيون خلال الحرب العالمية الاولى؟‏

١٢ وفي الازمنة العصرية ايضا،‏ احتاج شعب يهوه الى التمحيص.‏ ففي اوائل القرن الـ‍ ٢٠،‏ كان كثيرون من الفريق الصغير من تلاميذ الكتاب المقدس يخدمون اللّٰه برغبة مخلصة في ارضائه،‏ ولكن كانت لدى البعض دوافع خاطئة،‏ كالرغبة في البروز.‏ وقبل ان يتمكن هذا الفريق الصغير من الشروع في حملة الكرازة العالمية بالبشارة المنبإ بها لوقت النهاية،‏ لزم ان يتطهروا.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وقد تنبأ النبي ملاخي بأن اجراء هذا التمحيص سيرتبط بمجيء يهوه الى هيكله.‏ (‏ملاخي ٣:‏​١-‏٤‏)‏ وتمَّت كلماته في سنة ١٩١٨.‏ فقد مرَّ المسيحيون الحقيقيون بفترة امتحان ناري في وطيس الحرب العالمية الاولى،‏ وبلغ هذا الامتحان ذروته عندما سُجن جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ وبعض المسؤولين في الجمعية.‏ لكنَّ هؤلاء المسيحيين المخلصين استفادوا من عملية تمحيصهم.‏ فبعد الحرب العالمية الاولى،‏ زاد تصميمهم على خدمة الههم العظيم بالطريقة التي يريدها.‏

١٣ كيف تجاوب شعب يهوه مع الاضطهاد في السنوات التي اعقبت الحرب العالمية الاولى؟‏

١٣ ومنذ تلك الايام،‏ يواجه شهود يهوه مرة تلو مرة ابشع اشكال الاضطهاد.‏ لكنَّ ذلك لم يجعلهم يشكّون في كلام خالقهم،‏ بل أصغوا الى كلمات الرسول بطرس الموجَّهة الى المسيحيين المضطهَدين في ايامه:‏ «[انتم] تحزنون .‏ .‏ .‏ بمحن متنوعة،‏ لكي توجد نوعية إيمانكم الممتحنة .‏ .‏ .‏ مدعاة للمدح والمجد والكرامة عند الكشف عن يسوع المسيح».‏ (‏١ بطرس ١:‏​٦،‏ ٧‏)‏ فالاضطهاد الشديد لا يقضي على استقامة المسيحيين الحقيقيين،‏ بل يكشف نقاوة دوافعهم.‏ ويجعل نوعية ايمانهم ممتحنة ويُظهر مدى عمق تعبُّدهم ومحبتهم.‏ —‏ امثال ١٧:‏٣‏.‏

‏«انا الاول وأنا الآخِر»‏

١٤ (‏أ)‏ كيف يكون يهوه «الاول» و «الآخِر»؟‏ (‏ب)‏ اية اعمال خارقة انجزها يهوه بواسطة ‹يده›؟‏

١٤ الآن يناشد يهوه شعب عهده بحرارة:‏ ‏«اسمع لي يا يعقوب وإسرائيل الذي دعوته.‏ انا هو.‏ انا الاول وأنا الآخِر ويدي اسست الارض ويميني نشرت السموات.‏ انا ادعوهن فيقفن معا».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ فاللّٰه،‏ بخلاف البشر،‏ سرمدي ولا يتغير.‏ (‏ملاخي ٣:‏٦‏)‏ وفي سفر الكشف يعلن يهوه:‏ «أنا هو الألف والياء،‏ الأول والآخِر،‏ البداية والنهاية».‏ (‏كشف ٢٢:‏١٣‏)‏ فقبل يهوه لم يوجد اله قادر على كل شيء،‏ ولن يوجد بعده ايضا.‏ انه الاله السامي والسرمدي،‏ الخالق العظيم.‏ و ‹يده› —‏ قوته المستخدمة بطريقة عملية —‏ اسست الارض ونشرت السموات المرصَّعة بالنجوم.‏ (‏ايوب ٣٨:‏٤؛‏ مزمور ١٠٢:‏٢٥‏)‏ وعندما يدعو خلائقه،‏ تقف استعدادا لخدمته.‏ —‏ مزمور ١٤٧:‏٤‏.‏

١٥ بأية طريقة ولأيّ هدف «احب» يهوه كورش؟‏

١٥ ثم تُوَجَّه دعوة هامة الى اليهود وغير اليهود على السواء:‏ ‏«اجتمعوا كلكم واسمعوا.‏ مَن منهم اخبر بهذه.‏ قد احبه الرب.‏ يصنع مسرته ببابل ويكون ذراعه على الكلدانيين.‏ انا انا تكلمت ودعوته.‏ اتيت به فينجح طريقه».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏​١٤،‏ ١٥‏)‏ يهوه وحده كلي القدرة وقادر على التنبؤ بالاحداث بدقة.‏ فلا احد «منهم»،‏ الاصنام العديمة القيمة،‏ قادر على الإنباء بهذه الامور.‏ ويهوه لا الاصنام «احبه»،‏ اي كورش،‏ بمعنى ان يهوه اختاره لقصد محدد.‏ (‏اشعياء ٤١:‏٢؛‏ ٤٤:‏٢٨؛‏ ٤٥:‏​١،‏ ١٣؛‏ ٤٦:‏١١‏)‏ وقد رأى مسبقا ظهور كورش على المسرح العالمي وخصَّه بامتياز احتلال بابل في المستقبل.‏

١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ لماذا يمكن القول ان اللّٰه لم يعطِ تنبؤاته خفيةً؟‏ (‏ب)‏ كيف يعلن يهوه مقاصده اليوم؟‏

١٦ وبأسلوب جذاب يمضي يهوه قائلا:‏ ‏«تقدموا اليَّ اسمعوا هذا.‏ لم اتكلم من البدء في الخفاء.‏ منذ وجوده انا هناك».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏١٦ أ‏)‏ لم تُعطَ التنبؤات التي صدرت من يهوه خفيةً،‏ ولم تعلَن لأشخاص قليلين مميَّزين فقط.‏ فقد كان انبياء يهوه يتكلمون باسم اللّٰه جهرا.‏ (‏اشعياء ٦١:‏١‏)‏ وأعلنوا للملإ مشيئة اللّٰه.‏ مثلا،‏ لم تكن الاحداث المرتبطة بكورش جديدة على اللّٰه او لم يرها مسبقا.‏ فقبل نحو ٢٠٠ سنة من وقوعها،‏ انبأ اللّٰه بها وأعلنها بواسطة اشعيا.‏

١٧ واليوم ايضا ليس يهوه متكتما بشأن مقاصده.‏ فملايين الاشخاص في مئات البلدان وجزر البحار يعلنون من بيت الى بيت،‏ في الشوارع،‏ وحيثما امكن،‏ التحذير بشأن اقتراب نهاية نظام الاشياء هذا وبشارة البركات التي ستأتي في ظل ملكوت اللّٰه.‏ نعم،‏ يهوه اله لا يحتفظ بمقاصده لنفسه.‏

‏‹انتبهوا لوصاياي!‏›‏

١٨ ماذا يريد يهوه لشعبه؟‏

١٨ يعلن النبي،‏ بدعم من روح يهوه:‏ ‏«السيد الرب ارسلني وروحه.‏ هكذا يقول الرب فاديك قدوس اسرائيل.‏ انا الرب الهك معلمك لتنتفع وأمشّيك في طريق تسلك فيه».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏١٦ ب،‏ ١٧‏)‏ ان هذا التعبير الحبي عن عناية يهوه ينبغي ان يؤكد لأمة اسرائيل ان اللّٰه سينقذهم من بابل.‏ فهو فاديهم ووليهم.‏ (‏اشعياء ٥٤:‏٥‏)‏ ويريد يهوه من كل قلبه ان يسترد الاسرائيليون علاقتهم الحميمة به وينتبهوا لوصاياه.‏ فالعبادة الحقة تقوم على اطاعة الارشادات الالهية.‏ لذلك لن يتمكن الاسرائيليون من السير في طريق الصواب إلا اذا تعلَّموا ‹الطريق الذي يجب ان يسلكوا فيه›.‏

١٩ اية مناشدة رقيقة يذكرها يهوه؟‏

١٩ ثم يعبَّر بأسلوب جميل عن رغبة يهوه في ألا يتعرض شعبه للمصائب بل ان يتمتعوا بالحياة:‏ ‏«ليتك تنتبه انتباها لوصاياي!‏ فيكون سلامك كنهر،‏ وبرُّك كأمواج البحر».‏ ‏(‏اشعيا ٤٨:‏١٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ ما ارقّ هذه المناشدة من الخالق القادر على كل شيء!‏ (‏تثنية ٥:‏٢٩؛‏ مزمور ٨١:‏١٣‏)‏ فبإمكان الاسرائيليين،‏ بدلا من الذهاب الى السبي،‏ ان يتمتعوا بسلام جزيل كالمياه المتدفقة في نهر.‏ (‏مزمور ١١٩:‏١٦٥‏)‏ ويمكن ان تكثر اعمال برهم بحيث لا تُحصى،‏ كأمواج البحر.‏ (‏عاموس ٥:‏٢٤‏)‏ ولأن يهوه مهتم بهم اهتماما شديدا،‏ يوجِّه اليهم هذه المناشدة،‏ مُظهرا لهم بمحبة الطريق الذي ينبغي ان يسلكوا فيه.‏ فيا ليتهم يصغون!‏

٢٠ (‏أ)‏ ما هي رغبة اللّٰه حيال اسرائيل رغم تمرُّدهم؟‏ (‏ب)‏ ماذا نتعلم عن يهوه من تعاملاته مع شعبه؟‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة ١٣٣.‏)‏

٢٠ وأية بركات تأتي اذا تاب اسرائيل؟‏ يقول يهوه انه يكون ‏«كالرمل نسلك وذرية احشائك كأحشائه ‏[‏‏«كعدد حبَّاته»،‏ تف‏]‏‏.‏ لا ينقطع ولا يباد اسمه من امامي».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏١٩‏)‏ يذكّر يهوه الشعب بوعده ان يكثِّر نسل ابراهيم،‏ «كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر».‏ (‏تكوين ٢٢:‏١٧؛‏ ٣٢:‏١٢‏)‏ لكنَّ هؤلاء المتحدِّرين من ابراهيم متمرِّدون،‏ ولا يحق لهم ان ينالوا اتمام الوعد.‏ فسجلهم حافل بالشر حتى انهم يستحقون ان ينقطع اسمهم كأمة،‏ وفقا لشريعة يهوه.‏ (‏تثنية ٢٨:‏٤٥‏)‏ ومع ذلك،‏ لا يرغب يهوه في ان يباد شعبه،‏ ولا يريد ان يتركهم كليا.‏

٢١ اية بركات يمكن ان ننالها اليوم اذا سعينا الى التعلم من يهوه؟‏

٢١ تنطبق المبادئ المشمولة بهذه الرسالة القوية على عبّاد يهوه اليوم.‏ فيهوه ينبوع الحياة،‏ ويعرف افضل من ايّ كائن آخر كيف يجب ان نستخدم حياتنا.‏ (‏مزمور ٣٦:‏٩‏)‏ ولم يعطنا الارشادات ليسلبنا متعة الحياة،‏ بل لنستفيد.‏ ويتجاوب المسيحيون الحقيقيون بسعيهم الى التعلم من يهوه.‏ (‏ميخا ٤:‏٢‏)‏ وتحمي توجيهاته روحياتنا وعلاقتنا به،‏ وتردّ عنا تأثير الشيطان المفسد.‏ وعندما نقدِّر المبادئ التي نستخلصها من شرائع اللّٰه،‏ نجد ان يهوه يعلّمنا من اجل مصلحتنا.‏ وندرك ان «وصاياه لا تشكل عبئا».‏ وهكذا لن ننقطع ابدا.‏ —‏ ١ يوحنا ٢:‏١٧؛‏ ٥:‏٣‏.‏

‏«اخرجوا من بابل»‏

٢٢ ماذا يُحَثّ اليهود الامناء على فعله،‏ وأية تأكيدات يُعطَون؟‏

٢٢ عندما تسقط بابل،‏ هل سيمتلك ايٌّ من اليهود الموقف القلبي الصائب؟‏ وهل سيستفيدون من إنقاذ يهوه لهم ويعودون الى ارضهم ويؤسسون العبادة النقية من جديد؟‏ نعم.‏ وتُظهر كلمات يهوه التالية ثقته بأن هذا ما سيحدث.‏ ‏«اخرجوا من بابل اهربوا من ارض الكلدانيين.‏ بصوت الترنم اخبروا نادوا بهذا.‏ شيِّعوه الى اقصى الارض.‏ قولوا قد فدى الرب عبده يعقوب.‏ ولم يعطشوا في القفار التي سيَّرهم فيها.‏ اجرى لهم من الصخر ماء وشق الصخر ففاضت المياه».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ يُحَثّ شعب يهوه نبويا ان يغادروا بابل دون تأخير.‏ (‏ارميا ٥٠:‏٨‏)‏ ويجب ان يُعرف فداؤهم الى اقصى الارض.‏ (‏ارميا ٣١:‏١٠‏)‏ بعد الخروج من مصر،‏ امَّن يهوه حاجات شعبه فيما كانوا يسيرون في الاراضي الصحراوية.‏ والآن ايضا سيعيل شعبه في طريق عودتهم الى ارضهم من بابل.‏ —‏ تثنية ٨:‏​١٥،‏ ١٦‏.‏

٢٣ مَن لن يتمتعوا بالسلام الالهي؟‏

٢٣ هنالك مبدأ هام آخر يجب ان يتذكره اليهود بشأن اعمال يهوه الانقاذية.‏ حتى لو تألم الميالون الى البر بسبب خطاياهم،‏ لن يكون مصيرهم الفناء.‏ وهم بذلك يختلفون عن الاثمة.‏ ‏«لا سلام قال الرب للاشرار».‏ ‏(‏اشعياء ٤٨:‏٢٢‏)‏ فالخطاة غير التائبين لن يتمتعوا بالسلام الذي يحفظه اللّٰه للذين يحبونه.‏ والاعمال الانقاذية ليست معدّة للاشرار العنيدين او الاشخاص غير المؤمنين.‏ انها فقط للذين يملكون الايمان.‏ (‏تيطس ١:‏​١٥،‏ ١٦؛‏ كشف ٢٢:‏​١٤،‏ ١٥‏)‏ أما الاشرار فلن يحصلوا على سلام من اللّٰه.‏

٢٤ ماذا جعل شعب اللّٰه يتهللون في الازمنة العصرية؟‏

٢٤ في سنة ٥٣٧ ق‌م،‏ ابتهج الاسرائيليون الامناء حين سنحت لهم الفرصة ان يغادروا بابل.‏ وفي سنة ١٩١٩،‏ تهلل شعب اللّٰه حين أُطلق سراحهم من الاسر البابلي.‏ (‏كشف ١١:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ فقد طفحت قلوبهم بالامل،‏ وانتهزوا الفرصة ليوسّعوا دائرة نشاطهم.‏ صحيح ان الاستفادة من الامكانيات الجديدة للكرازة في عالم عدائي تطلبت من هذا الفريق الصغير من المسيحيين اظهار الشجاعة.‏ ولكن بمساعدة يهوه،‏ انهمكوا في عمل الكرازة بالبشارة.‏ ويشهد التاريخ ان يهوه باركهم.‏

٢٥ لماذا من المهم الانتباه جيدا لأحكام اللّٰه البارة؟‏

٢٥ يشدّد هذا الجزء من نبوة اشعيا على ان يهوه يعلّمنا من اجل مصلحتنا.‏ فمن المهم الانتباه جيدا لأحكام اللّٰه البارة.‏ (‏كشف ١٥:‏​٢-‏٤‏)‏ وإذا بقينا نذكّر انفسنا بأن اللّٰه حكيم ومحب،‏ يساعدنا ذلك على اطاعة ما يقول يهوه انه صواب.‏ فجميع اوامره هي لفائدتنا.‏ —‏ اشعياء ٤٨:‏​١٧،‏ ١٨‏.‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الاطار/‏​الصورتان في الصفحة ١٣٣]‏

اللّٰه القادر على كل شيء يكبح غضبه

قال يهوه للاسرائيليين المرتدين:‏ ‹ابطِّئ غضبي وأمسك عنك›.‏ (‏اشعياء ٤٨:‏٩‏)‏ تساعدنا هذه الكلمات ان نرى ان اللّٰه يرسم مثالا ممتازا لعدم اساءة استعمال السلطة.‏ لا شك انه لا يوجد احد يفوق اللّٰه قوة.‏ ولهذا السبب نشير اليه بالقادر على كل شيء.‏ وهو يطلق على نفسه باستحقاق لقب «القدير».‏ (‏تكوين ١٧:‏١‏)‏ وبالاضافة الى القوة التي لا تُحَدّ،‏ يتمتع ايضا بسلطة مطلقة لأنه الرب المتسلط على الكون الذي خلقه.‏ لذلك لا يجرؤ احد ان يمنع يده او يقول له:‏ «ماذا تفعل».‏ —‏ دانيال ٤:‏٣٥‏.‏

لكنَّ اللّٰه بطيء الغضب،‏ حتى حين تدعو الحاجة الى اظهار قوته ضد اعدائه.‏ (‏ناحوم ١:‏٣‏)‏ ويمكن القول عن يهوه انه ‹يبطِّئ غضبه› لأن المحبة —‏ لا الغضب —‏ هي الصفة البارزة عنده.‏ فغضبه بار دائما،‏ مبرَّر دائما،‏ ومضبوط دائما.‏ —‏ خروج ٣٤:‏٦؛‏ ١ يوحنا ٤:‏٨‏.‏

ولماذا يتصرف يهوه بهذه الطريقة؟‏ لأنه يوازن بدقة بين قدرته العظيمة وصفاته الرئيسية الاخرى:‏ الحكمة،‏ العدل،‏ والمحبة.‏ فاستخدامه للقوة يتناسب دائما مع هذه الصفات الثلاث الاخرى.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٢٢]‏

رسالة الرد التي يتفوَّه بها اشعيا تعطي بصيص امل لليهود الامناء في السبي

‏[الصور في الصفحة ١٢٤]‏

كان عند اليهود ميل الى نسب اعمال يهوه الى الاصنام

١-‏ عشتار ٢-‏ زخرف من الآجرّ المزجَّج من شارع المواكب في بابل ٣-‏ تنين يرمز الى مردوخ

‏[الصورة في الصفحة ١٢٧]‏

يمكن لـ‍ «كور المشقة» ان يكشف هل دوافعنا الى خدمة يهوه نقية ام لا

‏[الصور في الصفحة ١٢٨]‏

واجه المسيحيون الحقيقيون اقسى اشكال الاضطهاد