الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

ما هو هذا الشيء المدعوّ «نَفْسًا»؟‏

ما هو هذا الشيء المدعوّ «نَفْسًا»؟‏

الفصل ٥

ما هو هذا الشيء المدعوّ «نَفْسًا»؟‏

١ اية اسئلة تُطرح عنكم كشخص؟‏

ما انتم؟‏ هل انتم،‏ فعلا،‏ شخصان في واحد —‏ جسد بشري بدماغ،‏ قلب،‏ عينين،‏ اذنين،‏ لسان،‏ وهلمَّ جرّا،‏ وإنما لكم ايضا في داخلكم شخص روحاني غير منظور منفصل تماما عن كائنكم اللحمي يُدعى «النَّفْس»؟‏ اذا كان الأمر كذلك،‏ فماذا يحدث عندما تموتون؟‏ هل يموت جسدكم فقط،‏ فيما تبقى النفس حيَّة؟‏ كيف يمكنكم ان تعرفوا ذلك يقينا؟‏

٢،‏ ٣ ماذا يُظهر ان التعليم عن استمرار الحياة بعد الموت واسع الانتشار؟‏

٢ تعلِّم كل الأديان تقريبا ان الموت،‏ في حالة البشر،‏ ليس نهاية كل وجود.‏ وهذه هي الحال،‏ ليس فقط في بلدان اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا وأوستراليا،‏ المدعوَّة مسيحية،‏ بل ايضا في بلدان آسيا وأفريقيا غير المسيحية.‏ ويذكر الكتاب عادات الجنائز في العالم كله:‏ ‏«تعتقد شعوب معظم الحضارات انه عند الموت تكون لشيء ما يترك الجسد حياة متواصلة.‏»‏

٣ ان الاعتقاد بخلود النفس بارز جدا بين الأديان غير المسيحية.‏ مثلا،‏ ان الأكثر اعتبارا من الكتابات الهندوسية المقدسة،‏ الباڠڤاد ڠيتا،‏ تشير بالتحديد الى النفس بأنها لا تموت.‏ وهي تعرض ذلك تبريرا للقتل في الحرب،‏ قائلة:‏

‏«هذه الأجساد تفنى،‏

انه معلَن،‏ عن (‏النفس)‏ المجسَّدة الأزليّة،‏

التي لا تُباد ولا يُسبَر غورها.‏

فحارِبْ اذًا،‏ يا ابن باراتا!‏

الذي يَعتقد انه قاتلٌ،‏

والذي يظنُّه مقتولا،‏

كِلا هذين لا يفهم:‏

فهو لا يَقتل،‏ ولا يُقتل.‏

انه لا يولد،‏ ولا يموت ابدا؛‏

وما دام قد وُجد،‏ لن يزول ابدا من الوجود بعد الآن.‏

وإذ هو غير مولود،‏ ازليٌّ،‏ وأبديٌّ،‏ فإن هذا القديم

لا يُقتل عندما يُقتل الجسد.‏»‏

‏—‏ الباڠڤاد ڠيتا،‏ ٢‏،‏ ١٨-‏٢٠.‏

٤-‏٦ ما هي طبيعة النفس كما يصفها (‏أ)‏ المؤمنون بالهندوسية؟‏ (‏ب)‏ اعضاء كنائس العالم المسيحي؟‏

٤ ولكن ما هي النفس التي يجري التكلُّم عنها هنا؟‏ مع انهم مؤمنون متشدِّدون بخلود النفس البشرية،‏ يصف الهندوس طبيعتها بتعابير غامضة.‏ تقول المطبوعة الهندوسية،‏ لواضعها سْوامي ڤيڤكَناندا:‏

‏«يؤمن الهندوسي ان كل نفس هي دائرةٌ محيطها ولا في ايّ مكان،‏ مع ان مركزها يقع في الجسد؛‏ وأن الموت يعني فقط تغيير هذا المركز من جسد الى آخر.‏ وليست النفس مقيَّدة بأحوال المادة.‏ وفي جوهرها عينه،‏ هي حرَّة،‏ غير محدودة،‏ مقدسة،‏ طاهرة،‏ وكاملة.‏ لكنها بطريقة او بأخرى تجد ذاتها مقيَّدة بالمادة،‏ فتحسب ذاتها مادة.‏»‏

٥ وما هو ايضا المعتقد العام بين اعضاء كنائس العالم المسيحي؟‏ يذكر الپروفسور كُلْمان (‏عضو في هيئة التدريس اللاهوتية لجامعة بازل والسّوربون في پاريس)‏:‏

‏«لو سألنا مسيحيا عاديا اليوم (‏سواء أكان پروتستانتيا او كاثوليكيا واسع الاطِّلاع أم لا)‏ عمّا يتصور انه تعليم العهد الجديد في ما يتعلق بمصير الانسان بعد الموت،‏ لحصلنا باستثناءات قليلة على الجواب:‏ ‹خلود النفس.‏›»‏

٦ وعندما يُسألون عن طبيعة «النفس،‏» فإن اعضاء كنائس العالم المسيحي ايضا يجيبون بعبارات غامضة مبهمة.‏ فليس لديهم مفهوم للنفس الخالدة اوضح مما لدى الموالين للأديان غير المسيحية.‏ وهذا يُنشئ السؤال،‏ هل يعلِّم الكتاب المقدس ان النفس هي جزء خالد من الانسان؟‏

هل النفس خالدة؟‏

٧ كيف تَظهر الكلمة «نَفْس» باللغتين العبرانية واليونانية؟‏

٧ في الكتاب المقدس تظهر الكلمة «نَفْس» في ترجمات كثيرة كنقل للكلمة العبرانية نفش والكلمة اليونانية پسيخِه.‏ ‏(‏انظروا،‏ مثلا،‏ حزقيال ١٨:‏٤ ومتى ١٠:‏٢٨ في الترجمة الپروتستانتية العربية،‏ الترجمة الكاثوليكية العربية،‏ الكتاب المقدس —‏ ترجمة تفسيرية وترجمة الشدياق.‏ ‏)‏ وهاتان اللفظتان العبرانية واليونانية انفسهما تُنقلان ايضا الى «كائن،‏» «مخلوق» و «شخص.‏» وبصرف النظر عما اذا كان كتابكم المقدس ينقل على نحو ثابت كلمتَي اللغة الاصلية الى «نَفْس» (‏كما تفعل ترجمة العالم الجديد‏)‏،‏ فإن فحص الآيات حيث تظهر الكلمتان نفش و پسيخِه سيساعدكم ان تروا ما عنته هاتان اللفظتان لشعب اللّٰه في الأزمنة القديمة.‏ وهكذا يمكنكم ان تحدِّدوا لنفسكم الطبيعة الحقيقية للنفس.‏

٨ كيف يصف الكتاب المقدس النفس؟‏

٨ يقول السفر الافتتاحي للكتاب المقدس،‏ واصفا خلق الانسان الأول،‏ آدم:‏ «جبل الرب الاله آدم ترابا من الأرض.‏ ونفخ في انفه نسمة حياة.‏ فصار آدم نفسا [‏نفش ‏] حيَّة.‏» (‏تكوين ٢:‏٧‏)‏ ويمكننا ان نلاحظ ان الكتاب المقدس لا يقول انه ‹نال آدم نفسا،‏› بل «‏صار آدم نفسا حيَّة.‏»‏

٩ كيف يتفق تعليم القرن الأول المسيحي مع التكوين ٢:‏٧‏؟‏

٩ هل كان تعليم القرن الأول المسيحي مختلفا عن مفهوم «النَّفْس» هذا؟‏ لا.‏ ففي ما يُدعى عموما «العهد الجديد» يجري اقتباس العبارة عن خلق آدم كواقع:‏ «هكذا مكتوب ايضا.‏ صار آدم الانسان الأول نفسا حيَّة.‏» (‏١ كورنثوس ١٥:‏٤٥‏)‏ وباللغة الأصلية لهذه الآية تظهر الكلمة التي تقابل «نَفْسًا،‏» پسيخِه.‏ وهكذا فإن الكلمة اليونانية پسيخِه في هذه الآية،‏ كالكلمة العبرانية نفش،‏ لا تشير الى روح ما غير منظورة تسكن في الانسان،‏ بل الى الانسان عينه.‏ وبالصواب،‏ اذًا،‏ اختار بعض تراجمة الكتاب المقدس ان يستعملوا كلمات مثل «كائن،‏» «مخلوق» و «شخص» في نقلهم التكوين ٢:‏٧ و ١ كورنثوس ١٥:‏٤٥‏.‏ —‏ الكتاب المقدس الانكليزي الجديد،‏ ترجمة يونڠ الحرفية،‏ الترجمة القانونية المنقحة؛‏ قارنوا الكتاب المقدس بالانكليزية الحية،‏ الذي يستعمل «شخصا» في التكوين ٢:‏٧ ولكن «نفسا» في ١ كورنثوس ١٥:‏٤٥‏.‏

١٠ كيف تُستعمل اللفظة «نفش» في التكوين ١:‏​٢٠-‏٢٤‏؟‏

١٠ ومن الجدير بالملاحظة ايضا ان اللفظتين نفش و پسيخِه تُطبَّقان على الحيوانات.‏ فعن خلق المخلوقات البحرية والبرية يقول الكتاب المقدس:‏ «قال اللّٰه لتَفِض المياه زحّافات ذات نفس [«مخلوقات،‏» الكتاب المقدس الانكليزي الجديد ‏] حيَّة وليَطِرْ طير فوق الارض .‏ .‏ .‏ خلق اللّٰه التنانين العِظام وكلَّ ذوات الأنفس [«الكائنات،‏» ترجمة تفسيرية ‏] الحيَّة الدبّابة .‏ .‏ .‏ لتُخرج الأرض ذوات انفس حيَّة كجنسها.‏ بهائم ودبّابات ووحوش ارض كأجناسها.‏» —‏ تكوين ١:‏​٢٠-‏٢٤‏.‏

١١ كيف تُستعمل الكلمتان اللتان تقابلان النفس من السفر الأول للكتاب المقدس حتى السفر الأخير،‏ كما تظهره اية امثلة؟‏

١١ ومثل هذه الاشارات الى الحيوانات بصفتها انفسا لا تقتصر على السفر الافتتاحي للكتاب المقدس.‏ فمن السفر الأول للأسفار المقدسة حتى السفر الأخير،‏ يستمر تصنيف الحيوانات كأنفس.‏ مكتوب:‏ «ارفع .‏ .‏ .‏ من رجال الحرب الخارجين الى القتال واحدة.‏ نفسا [‏نفش ‏] من كل خمس مئة من الناس والبقر والحمير والغنم.‏» (‏عدد ٣١:‏٢٨‏)‏ «الصِّدِّيق يراعي نفس [‏نفش ‏] بهيمته.‏» (‏امثال ١٢:‏١٠‏)‏ «كل نفس [‏پسيخِه ‏] حيَّة ماتت في البحر.‏» —‏ رؤيا ١٦:‏٣‏.‏

١٢ (‏أ)‏ ما هو المعنى الأساسي للكلمة العبرانية «نفش»؟‏ (‏ب)‏ ما هو هذا الشيء المدعوّ «نَفْسًا»؟‏

١٢ ان تطبيق الكلمة «نَفْس» على الحيوانات ملائم جدا.‏ فهو يتفق مع ما يُعتقد انه المعنى الأساسي للَّفظة العبرانية نفش.‏ ومن المفهوم ان هذه الكلمة مشتقة من جذر يعني «يتنفَّس.‏» اذًا،‏ بمعنى حرفي،‏ النفس هي «المتنفِّس،‏» والحيوانات متنفِّسة فعلا.‏ انها مخلوقات حيَّة متنفِّسة.‏

١٣ الكلمتان «نفش» و «پسيخِه» تُستعملان تكرارا في الكتاب المقدس بحيث تعنيان ماذا؟‏

١٣ وفي ما يتعلق بتطبيقهما على البشر،‏ تُستعمل الكلمتان نفش و پسيخِه تكرارا بحيث تعنيان الشخص بكامله.‏ ففي الكتاب المقدس نقرأ ان النفس البشرية تولد.‏ (‏تكوين ٤٦:‏١٨‏)‏ يمكن ان تأكل او تصوم.‏ (‏لاويين ٧:‏٢٠؛‏ مزمور ٣٥:‏١٣‏)‏ يمكن ان تبكي وتُعيي.‏ (‏ارميا ١٣:‏١٧؛‏ يونان ٢:‏٧‏)‏ والنفس يمكن ان تحلف،‏ تشتهي الأشياء وتستسلم للخوف.‏ (‏لاويين ٥:‏٤؛‏ تثنية ١٢:‏٢٠؛‏ اعمال ٢:‏٤٣‏)‏ وقد يسرق الشخص نفسا.‏ (‏تثنية ٢٤:‏٧‏)‏ ويمكن مطاردة النفس ووضعها في الحديد.‏ (‏مزمور ٧:‏٥؛‏ ١٠٥:‏١٨‏)‏ أليست هذه الأشياء من النوع الذي يفعله الناس الجسديون او يُفعل بهم؟‏ ألا تثبت مقاطع كهذه من الأسفار المقدسة بوضوح ان النفس البشرية هي الانسان بكامله؟‏

١٤ الى اي استنتاج توصل علماء عديدون للكتاب المقدس في القرن العشرين بشأن النفس؟‏

١٤ وثمة علماء عديدون للكتاب المقدس في القرن العشرين،‏ كاثوليك،‏ پروتستانت ويهود،‏ توصلوا الى هذا الاستنتاج.‏ لاحظوا تعليقاتهم:‏

‏«لا تقول الآية الشهيرة في التكوين [٢:‏٧]‏‏،‏ كما يُفترض غالبا،‏ ان الانسان يتألف من جسد ونفس؛‏ فهي تقول ان يَهوِه صنع الانسان،‏ ترابا من الأرض،‏ وشرع بعد ذلك في احياء الشكل البشري العديم الحياة بنسمة حياة في منخريه،‏ فصار هذا الانسان كائنا حيا،‏ وهو كل ما تعنيه هنا نفش ‏[نفس].‏» —‏ ه‍.‏ ويلَر روبنسون من كلية ريجنس پارك،‏ لندن،‏ في Zeitschrift für die alttestamentliche Wissenschaft ‏(‏مجلة علم العهد القديم)‏،‏ المجلد ٤١ (‏١٩٢٣)‏.‏

‏«لا يجب الاعتبار ان الانسان يملك نفسا:‏ هو نفس.‏» —‏ إ.‏ ف.‏ كِڤان،‏ مدير كلية الكتاب المقدس في لندن،‏ في تعليق الكتاب المقدس الجديد ‏(‏١٩٦٥)‏،‏ الطبعة الثانية،‏ ص ٧٨.‏

‏«النفس في العهد القديم لا تعني جزءا من الانسان،‏ بل الانسان ككل —‏ الانسان ككائن حيّ.‏ وعلى نحو مماثل،‏ في العهد الجديد تدل على الحياة البشرية:‏ حياة شخص مستقل واعٍ.‏» —‏ دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة ‏)‏ (‏١٩٦٧)‏،‏ المجلد ١٣،‏ ص ٤٦٧.‏

‏«لا يقول الكتاب المقدس ان لنا نفسا.‏ ‹نفش› هي الشخص عينه،‏ حاجته الى الطعام،‏ الدم عينه في عروقه،‏ كيانه.‏» —‏ الدكتور ه‍.‏ م.‏ اورلنسكي من كلية الاتحاد العبراني،‏ المقتبس منه في تايمز النيويوركية،‏ ١٢ تشرين الاول ١٩٦٢.‏

١٥ اية اسئلة يجب ان نجيب عنها؟‏

١٥ هل يبدو لكم غريبا ان يقول الآن علماء من اقتناعات دينية مختلفة ان النفس هي الانسان عينه؟‏ هل هذا ما تعلَّمتموه؟‏ أم هل تعلَّمتم ان النفس هي جزء خالد من الانسان؟‏ وإذا كان الأمر كذلك،‏ فأيّ تأثير كان لهذا التعليم فيكم؟‏ هل حملكم على انفاق مال لمقاصد دينية كنتم لولا ذلك ستستعملونه لضرورات الحياة؟‏ هل من الممكن ان تكون كنيستكم غير مستقيمة في تعليمها؟‏ مَن هو على صواب —‏ الكنيسة أم علماؤها؟‏

١٦ اية آيات تُظهر ان النفس فانية؟‏

١٦ إذا كان العلماء على صواب في القول ان النفس البشرية هي كامل الشخص،‏ بما فيه جسده اللحمي،‏ يجب ان نتوقع ان يشير الكتاب المقدس الى النفس بصفتها فانية.‏ فهل يفعل ذلك؟‏ نعم.‏ يتكلَّم الكتاب المقدس عن ‹منع،‏› ‹انقاذ› و ‹تخليص› نفش او نفس من الموت.‏ (‏مزمور ٧٨:‏٥٠؛‏ ١١٦:‏٨؛‏ يعقوب ٥:‏٢٠‏)‏ ونقرأ ايضا:‏ «لا نقتل (‏نفسه)‏.‏» (‏تكوين ٣٧:‏٢١‏)‏ «يهرب اليها القاتل الذي قتل نفسا سهوا.‏» (‏عدد ٣٥:‏١١‏)‏ «تموت نفسهم في الصِّبا.‏» (‏ايوب ٣٦:‏١٤‏)‏ «النفس التي تخطئ هي تموت.‏» —‏ حزقيال ١٨:‏​٤،‏ ٢٠‏.‏

١٧،‏ ١٨ كيف تساعدنا ايوب ٣٣:‏٢٢ على فهم المقاطع في الكتاب المقدس التي يبدو انها تبيِّن ان النفس توجد باستقلال عن الجسد؟‏

١٧ ولكن هل من الممكن،‏ في آيات قليلة على الأقل في الأسفار المقدسة،‏ ان تشير كلمتا اللغة الأصلية المنقولتان الى «نفس» الى شيء يترك الجسد عند الموت وهو خالد؟‏ ماذا عن آيات كالتالية؟‏ «عند خروج نفسها لأنها ماتت انها دعت اسمه بن أُوني.‏» (‏تكوين ٣٥:‏١٨‏)‏ «الهي لترجع نفس هذا الولد الى جوفه.‏» (‏١ ملوك ١٧:‏٢١‏)‏ «لا تضطربوا لأن نفسه فيه.‏» (‏اعمال ٢٠:‏١٠‏)‏ ألا تبيِّن هذه المقاطع ان النفس هي شيء يوجد باستقلال عن الجسد؟‏

١٨ ان الآية في ايوب ٣٣:‏٢٢‏،‏ المكتوبة بأسلوب شعري،‏ تزوِّد مفتاحا لفهم هذه المقاطع.‏ فهناك تتوازى «نفس» و «حياة،‏» بحيث يمكن وضع احدى الكلمتين مكان الأخرى دون تغيير معنى المقطع.‏ نقرأ:‏ «تقرب نفسه الى القبر وحياته الى المميتين.‏» من هذا التوازي يمكننا ان نرى ان الكلمة «نفس» يمكن ان تعني الحياة كشخص،‏ ولذلك يمكن الفهم ان خروج النفس يشير الى نهاية الحياة كشخص.‏

١٩ (‏أ)‏ ماذا يُقصد بالعبارة ‹خسارة الحياة›؟‏ (‏ب)‏ ماذا يذكر «قاموس المفسِّر للكتاب المقدس» عن النفس؟‏

١٩ وللايضاح:‏ قد يقول رجل ان كلبه ‹خسر حياته› عندما صدمته شاحنة.‏ فهل يعني ان حياة هذا الحيوان تركت الجسد واستمرت في الوجود؟‏ لا،‏ فهو يستعمل مجازا يبيِّن ان الحيوان مات.‏ ويصح الأمر نفسه عندما نتكلَّم عن انسان بأنه ‹خسر حياته.‏› فلا نعني ان حياته موجودة باستقلال عن الجسد.‏ وعلى نحو مماثل،‏ ‹ان يخسر المرء نفسه› يعني ان ‹يخسر المرء حياته كنفس› ولا يعني استمرار الوجود بعد الموت.‏ واذ يدرك هذا،‏ يذكر قاموس المفسِّر للكتاب المقدس:‏

‏«يجب ان يُنظَر الى ‹خروج› نفش [النفس] كمجاز،‏ لأنها لا تستمر في الوجود باستقلال عن الجسد،‏ بل تموت معه (‏عدد ٣١:‏١٩؛‏ قضاة ١٦:‏٣٠؛‏ حزقيال ١٣:‏١٩‏)‏.‏ ولا توجد آية في الكتاب المقدس تجيز العبارة ان ‹النفس› تنفصل عن الجسد لحظة الموت.‏»‏

مصدر المعتقد

٢٠ كيف وجد هذا المعتقد عن النفس الخالدة سبيله الى تعاليم كنائس العالم المسيحي؟‏

٢٠ ان دليل الأسفار المقدسة واضح بشكل لا يدع مجالا للشك على انه ليست للانسان نفس خالدة بل هو عينه نفس.‏ اذًا،‏ كيف وجد هذا المعتقد عن النفس الخالدة سبيله الى تعاليم كنائس العالم المسيحي؟‏ يجري الاعتراف اليوم بصراحة بأن ذلك حصل بسبب تأثير الفلسفة اليونانية الوثنية.‏ يكتب الپروفسور دوڠلاس ت.‏ هولدن في كتابه الموت لن تكون له سلطة:‏

‏«لقد اصبح اللاهوت المسيحي مندمجا الى حد بعيد في الفلسفة اليونانية حتى انه ربّى افرادا هم خليط من تسعة اجزاء من الفكر اليوناني مقابل جزء واحد من الفكر المسيحي.‏»‏

واعترفت المجلة الكاثوليكية كومونْوِيل،‏ في عددها الصادر في ١٥ كانون الثاني ١٩٧١،‏ بأن فكرة النفس الخالدة كانت مفهوما «ورثه اليهود اللاحقون والمسيحيون الأولون عن اثينا.‏»‏

٢١ مَن الملوم على هذا الخليط من الفكر اليوناني الوثني والمسيحي؟‏

٢١ فمَن الملوم على هذا الخليط من الفكر اليوناني الوثني والمسيحي؟‏ أليسوا رجال الدين؟‏ طبعا،‏ ان اعضاء الكنيسة لم ينتجوا هذا التعليم من تلقاء انفسهم،‏ التعليم الذي يقرُّ علماء الكتاب المقدس الآن علنا بأنه غير مؤسس على الأسفار المقدسة.‏

٢٢،‏ ٢٣ من اين حصل اليونانيون القدماء على قاعدتهم الدينية الأساسية؟‏

٢٢ ولكن من اين حصل اليونانيون القدماء على قاعدتهم الدينية الأساسية؟‏ كما جرى الايضاح سابقا،‏ هنالك دليل قوي على ان المفاهيم الدينية لليونانيين وللشعوب الأخرى تأثَّرت بالبابليين.‏ وفي ما يتعلق بالمعتقدات البابلية عن النفس لاحظوا ما تقوله دائرة معارف الكتاب المقدس القانونية الأممية:‏

‏«جرى الافتراض ان نفوس الناس تستمر في الوجود بعد الموت.‏ .‏ .‏ .‏ والبابليون .‏ .‏ .‏ غالبا ما وضعوا مع الميت اشياء يمكن استعمالها في وجوده المقبل.‏ .‏ .‏ .‏ وفي العالم المقبل يبدو ان هنالك تمييزات مصنوعة بين الأموات.‏ فأولئك الذين سقطوا في المعركة يبدو انهم نالوا حظوة خصوصية.‏ فقد تسلَّموا ماء عذبا ليشربوا،‏ فيما اولئك الذين لم تكن لهم ذرية لتضع تقدمات على قبورهم عانوا البلاء والكثير من الحرمان.‏»‏

٢٣ وهكذا استطاع اليونانيون بسهولة ان يحصلوا على افكارهم الأساسية عن خلود النفس من بابل،‏ الافكار التي وسَّعها بعدئذ الفلاسفة اليونانيون.‏

٢٤ اي استنتاج يجري التوصل اليه في ما يتعلق بالحضارة القديمة لوادي السِّند؟‏

٢٤ ويظهر ان شيئا مماثلا جرى في ما يتعلق بالأديان غير المسيحية التي لا تزال موجودة اليوم.‏ مثلا،‏ ان مقارنة الحضارة القديمة لوادي السِّند،‏ حيث الهندوسية هي الدين السائد،‏ بتلك التي لبلاد ما بين النهرين تكشف عن تشابهات جديرة بالملاحظة.‏ وتشمل هذه بنى شبيهة بمصاطب الزقّورات الدينية في بلاد ما بين النهرين وعلامات الكتابة التصويرية التي تشبه شبها شديدا الأشكال الباكرة لبلاد ما بين النهرين.‏ وعلى اساس دراسته اقترح صموئيل ن.‏ كرَمر،‏ العالم بتاريخ الأشوريين المشهور،‏ ان وادي السِّند استوطنه شعب هرب من بلاد ما بين النهرين عندما تولى السومريون السيطرة على المنطقة.‏ فلا يصعب الفهم،‏ اذًا،‏ من اين حصلت الهندوسية على معتقدها بنفس لا تموت.‏

٢٥ (‏أ)‏ يشير الدليل الى اي استنتاج عن بابل؟‏ (‏ب)‏ بحسب الكتاب المقدس،‏ ماذا جرى في بابل؟‏

٢٥ وهكذا يشير الدليل الى بابل بصفتها المصدر الأقدم الذي منه انتشر المعتقد بخلود النفس البشرية الى اقاصي الأرض.‏ فهناك في بابل،‏ بحسب الكتاب المقدس،‏ حدث تمرُّد على اللّٰه.‏ وهذا بحد ذاته سبب كاف للنظر الى عقيدة النفس الخالدة بتحفظ.‏ ولكن لا تنسوا ان هذا التعليم،‏ كما رأينا سابقا،‏ هو ايضا في تعارض مباشر مع الكتاب المقدس.‏

٢٦،‏ ٢٧ اية ملاحظات شخصية تناقض المعتقد عن كون النفس البشرية خالدة؟‏

٢٦ وإضافة الى ذلك،‏ أليست الفكرة بأن النفس خالدة مخالِفة لما لاحظتموه شخصيا؟‏ مثلا،‏ ماذا يحدث عندما يُضرب الشخص فيفقد وعيه،‏ يُغمى عليه،‏ او يوضع تحت تأثير البنج في المستشفى؟‏ اذا كانت «نفسه» شيئا منفصلا حقا عن الجسد وقادرة ان تعمل بذكاء بمعزل عن الجسد،‏ بحيث لا يؤثِّر حتى الموت عينه في وجودها وأعمالها،‏ فلماذا يكون الشخص خلال فترة كهذه من فقدان الوعي غير مدرك تماما لكل نشاط حوله؟‏ لماذا يجب اخباره في ما بعد بما حدث خلال ذلك الوقت؟‏ وإذا كانت «نفسه» تستطيع ان ترى،‏ تسمع،‏ تشعر وتفكِّر بعد الموت،‏ كما تعلِّم الأديان عموما،‏ فلماذا يوقف جميعَ هذه الأعمال شيءٌ اقل تأثيرا من الموت بكثير،‏ مثل فترة من فقدان الوعي؟‏

٢٧ والجسد الميت ايضا،‏ سواء أكان جسد انسان أم حيوان،‏ يرجع في آخر الأمر الى عناصر الأرض.‏ فلا شيء في الموت يتضمن حتى تلميحا الى وجود نفس خالدة تبقى على قيد الحياة.‏

تأثير عقيدة خلود النفس

٢٨،‏ ٢٩ بأية طريقة استُعمل التعليم عن خلود النفس البشرية؟‏

٢٨ ان ما يعتقده الشخص عن النفس ليس قليل الأهمية.‏

٢٩ لقد جرى استعمال التعليم عن خلود النفس البشرية لسحق ضمائر الناس في ازمنة الحرب.‏ فالقادة الدينيون جعلوا الأمر يبدو وكأن القتل ليس رديئا الى هذا الحد،‏ اذ ان اولئك القتلى لا يموتون حقا على الرغم من كل شيء.‏ وأولئك الذين يموتون في المعركة ضد العدو موعودون بالنعيم.‏ ونموذجية هي تلك التعليقات التي يجري الإخبار عنها في تايمز النيويوركية عدد ١١ ايلول ١٩٥٠:‏ «قيل للوالدين الحزانى الذين جرى تجنيد ابنائهم او استدعاؤهم من اجل مهمة قتالية يوم امس في كاتدرائية القديس پاتريك ان الموت في المعركة هو جزء من خطة اللّٰه لتزويد ‹ملكوت السموات› بالسكان.‏» والفكرة المعبَّر عنها هنا لا تكاد تختلف عن التعليم البابلي القديم ان اموات الحرب ينالون حظوة خصوصية.‏

٣٠،‏ ٣١ (‏أ)‏ ماذا كانت نتائج تحريف التعليم المؤسس على الأسفار المقدسة عن النفس؟‏ (‏ب)‏ اي سؤالين يحسن بكل شخص ان يطرحهما؟‏

٣٠ وهكذا فإن تحريف ما يقوله الكتاب المقدس عن النفس ساهم في خفض قيمة الحياة البشرية وجعَل الناس يشعرون بأنهم يعتمدون على الأنظمة الدينية الكبيرة التي ادَّعت باطلا انها تهتم بنفوسهم.‏

٣١ وإذ تعرفون هذه الامور،‏ ماذا ستفعلون؟‏ من الواضح ان الاله الحقيقي،‏ الذي هو نفسه «اله الحق» ويبغض الأكاذيب،‏ لن ينظر برضى الى الأشخاص الذين يلتصقون بهيئات تعلِّم الكذب.‏ (‏مزمور ٣١:‏٥؛‏ امثال ٦:‏​١٦-‏١٩؛‏ رؤيا ٢١:‏٨‏)‏ وأيضا،‏ هل تريدون حقا ان تقترنوا بدين لم يكن مستقيما معكم؟‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورة في الصفحة ٤٠]‏

انهم جميعا انفس