الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

هل الهاوية حارَّة؟‏

هل الهاوية حارَّة؟‏

الفصل ١١

هل الهاوية حارَّة؟‏

١-‏٥ (‏أ)‏ ماذا يقول مصدران غير مسيحيين عن الهاوية؟‏ (‏ب)‏ ماذا يقول مصدر كاثوليكي روماني عن الناس في الهاوية؟‏

أليس الواقع ان ترجمات كثيرة للكتاب المقدس تشير الى مكان يدعى «الهاوية»؟‏ بلى،‏ ان ترجمات كثيرة للأسفار المقدسة تستعمل هذا التعبير.‏ ولكنَّ السؤال هو ما اذا كانت الأشياء التي علَّمها رجال الدين عن المكان الذي يدعى «الهاوية» آتية من الكتاب المقدس او من مصدر آخر.‏

٢ هل عرفتم انه،‏ ليس فقط اعضاء كنائس العالم المسيحي،‏ بل ايضا كثيرون من غير المسيحيين،‏ جرى تعليمهم ان يؤمنوا بهاوية عذاب؟‏ انه لأمر يمنح بصيرة ان نقرأ من مصادر متنوِّعة ما يقال عن عذاب المحبوسين في الهاوية.‏

٣ يقول «كتاب مقدس» غير مسيحي للقرن السابع بعد الميلاد ما يلي:‏

‏«جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ.‏ هٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ.‏ .‏ .‏ .‏ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ.‏»‏

٤ والبوذية،‏ التي ابتدأت نحو القرن السادس قبل الميلاد،‏ تزوِّد هذا الوصف لإحدى «الهاويات» التي تعلِّم عنها:‏

‏«هنا لا توجد فترة انقطاع لا للَّهب ولا لألم الكائنات.‏»‏

٥ ويذكر كتاب التعليم الديني للعقيدة المسيحية الكاثوليكي الروماني (‏الصادر سنة ١٩٤٩)‏:‏

‏«انهم محرومون من رؤية اللّٰه ويكابدون عذابا رهيبا،‏ وخصوصا عذاب النار،‏ طوال الأبدية كلها.‏ .‏ .‏ .‏ والحرمان من الرؤية المبهجة يدعى ألم الخسارة؛‏ والعذاب الذي تُنزله وسائل مبتكرة بالنفس،‏ وبالجسد بعد قيامته،‏ يدعى ألم الاحساس.‏»‏

٦ كيف يصف بعض رجال الدين ‹اهوال الهاوية›؟‏

٦ ويوجد ايضا بين رجال الدين الپروتستانت في بعض الأماكن اولئك الذين يرسمون صورا كلامية حيّة عن اهوال الهاوية.‏ حتى ان اعضاء كنيستهم يدَّعون احيانا انهم رأوا رؤى عن عذابها.‏ وصف احد الرجال ما تصوَّره كما يلي:‏ ‹على مدى بصري لم يكن هنالك سوى النار الملتهبة والكائنات البشرية.‏ ويا للألم والمعاناة!‏ فكان بعض الناس يصرخون،‏ آخرون يولولون ويلتمسون الماء،‏ الماء!‏ وكان البعض ينتفون شعرهم،‏ آخرون يصرُّون بأسنانهم؛‏ وآخرون ايضا يعضُّون انفسهم في الأذرع والأيدي.‏›‏

٧ ماذا يُظهر ان عقاب الهاوية الذي يجري التهديد به ليس قوة عظيمة في دفع الناس الى فعل ما هو صواب؟‏

٧ غالبا ما يُدَّعى ان عقاب الهاوية الذي يجري التهديد به هو قوة عظيمة في دفع الناس الى فعل ما هو صواب.‏ ولكن هل تثبت وقائع التاريخ صحة ذلك؟‏ ألم يسبب المؤمنون بعقيدة نار الهاوية بعض اعظم الأعمال الوحشية؟‏ أليست محاكم التفتيش المريعة والحملات الصليبية المريقة للدماء من جهة العالم المسيحي مثالَين لذلك؟‏

٨ لماذا يجب ان نفحص،‏ لا معتقداتنا الشخصية فحسب،‏ بل ايضا تعاليم اية هيئة دينية يمكن ان نعاشرها؟‏

٨ وهكذا لا يجب ان يكون مدهشا ان عددا متزايدا من الناس لا يؤمنون حقا بوجود هاوية للعذاب ولا ينظرون الى عقابها كرادع عن فعل الخطإ.‏ وعلى الرغم من انهم لم يدحضوا فعلا هذا التعليم،‏ فهم ببساطة لا يميلون الى الايمان بما لا يروقهم كشيء معقول وصحيح.‏ ومع ذلك قد يكونون اعضاء في كنيسة تعلِّم هذه العقيدة،‏ وبدعمها يشتركون في مسؤولية نشر تعليم نار الهاوية.‏

٩ ماذا يقول الكتاب المقدس عن العذاب بعد الموت؟‏

٩ ولكن ماذا يقول الكتاب المقدس عن العذاب بعد الموت؟‏ اذا كنتم قد قرأتم الفصول السابقة من هذا الكتاب،‏ تعرفون ان الكثير من المعتقدات الشائعة عن الأموات باطلة.‏ وتعرفون،‏ بحسب الكتاب المقدس،‏ انه ما من نفس او روح تنفصل عن الجسد عند الموت وتستمر في وجود واعٍ.‏ لذلك لا يوجد اساس من الأسفار المقدسة لعقيدة العذاب الأبدي بعد الموت،‏ لأنه ما من شيء يبقى على قيد الحياة يمكن اخضاعه لعذاب حرفي.‏ اذًا ما هو المكان الذي تشير اليه ترجمات مختلفة للكتاب المقدس بصفته «الهاوية»؟‏

تحديد هوية «شيول»‏

١٠ اين هو الذكر الأول لِـ‍ «الهاوية» في ترجمة دواي للكتاب المقدس،‏ وماذا تعني هناك؟‏

١٠ في ترجمة دواي الكاثوليكية،‏ يوجد الذكر الأول لِـ‍ «الهاوية» في التكوين ٣٧:‏٣٥‏،‏ التي تقتبس من الأب الجليل يعقوب قوله في ما يتعلق بيوسف،‏ الذي اعتقد انه ميت:‏ «اني انزل الى ابني نائحا الى الهاوية.‏» من الواضح ان يعقوب لم يكن يعبِّر عن فكرة الانضمام الى ابنه في مكان للعذاب.‏ حتى ان حاشية هذا العدد في ترجمة دواي ‏(‏اصدار دار دواي للكتاب المقدس،‏ نيويورك،‏ ١٩٤١)‏ لا تضع مثل هذا التفسير للآية.‏ فهي تقول:‏

‏«الى الهاوية.‏ اي الى اليمبوس،‏ المكان الذي استُقبلت فيه نفوس الابرار قبل موت فادينا.‏ .‏ .‏ .‏ عنى [ذلك] بالتأكيد مكان الراحة حيث اعتقد ان نفسه ستكون.‏»‏

١١ هل يشير الكتاب المقدس عينه الى مكان كهذا بصفته «اليمبوس»؟‏

١١ ولكن لا يشير الكتاب المقدس عينه في ايّ موضع الى مكان كهذا بصفته «اليمبوس.‏» ولا يدعم فكرة مكان راحة خصوصي للنفس كشيء منفصل بشكل متميِّز عن الجسد.‏ وكما هو معترف به في جدول شرح الكلمات لترجمة كاثوليكية عصرية،‏ الكتاب المقدس الأميركي الجديد ‏(‏اصدار پ.‏ ج.‏ كَنَدِي وأبنائه،‏ نيويورك،‏ ١٩٧٠)‏:‏ «لا يوجد تعارض او اختلاف بين النفس والجسد؛‏ انهما مجرد طريقتين مختلفتين لوصف الحقيقة الملموسة الواحدة.‏»‏

١٢ (‏أ)‏ ما هي «الهاوية» التي فكَّر يعقوب انه سينضم الى ابنه فيها؟‏ (‏ب)‏ من اية كلمة عبرانية يترجَم التعبير «الهاوية»؟‏ (‏ج)‏ اية امثلة هنالك تظهر ان الهاوية غالبا ما ترتبط بالموت وعدم النشاط؟‏

١٢ اذًا ما هي «الهاوية» التي فكَّر يعقوب انه سينضم الى ابنه فيها؟‏ الجواب الصحيح عن هذا السؤال يكمن في الحصول على المعنى الحقيقي للكلمة التي تقابل «الهاوية» في اللغة الأصلية،‏ اي شِئول،‏ المنقولة حرفيا الى «شيول.‏» وهذا التعبير،‏ المترجم ايضا «مدفن،‏» «حفرة،‏» «مثوى الأموات» و «العالم الأسفل،‏» يظهر ستا وستين مرة * (‏في ترجمة العالم الجديد‏)‏ في التسعة والثلاثين سفرا من الأسفار العبرانية (‏المدعوة عموما «العهد القديم»)‏،‏ ولكنه لا يقترن ابدا بالحياة،‏ النشاط او العذاب.‏ وعلى الضد من ذلك،‏ غالبا ما يرتبط بالموت وعدم النشاط.‏ وهذه امثلة قليلة لذلك:‏

‏«لأنه ليس في الموت ذكرك [يهوه].‏ في (‏شيول)‏ [المدفن،‏ الترجمة المرخَّصة؛‏ الهاوية،‏ ترجمة دواي‏] مَن يحمدك.‏» —‏ مزمور ٦:‏٥ (‏٦:‏٦،‏ ترجمة دواي‏)‏.‏

‏«كل ما تجده يدك لتفعله فافعله بقوتك لأنه ليس من عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في (‏شيول)‏ [المدفن،‏ الترجمة المرخَّصة؛‏ الهاوية،‏ ترجمة دواي‏] التي انت ذاهب اليها.‏» —‏ جامعة ٩:‏١٠‏.‏

‏«لأن (‏شيول)‏ [المدفن،‏ الترجمة المرخَّصة؛‏ الهاوية،‏ ترجمة دواي‏] لا تحمدك [يهوه].‏ الموت لا يسبِّحك.‏ لا يرجو الهابطون الى الجب امانتك.‏ الحيّ الحيّ هو يحمدك كما انا اليوم.‏» —‏ اشعياء ٣٨:‏​١٨،‏ ١٩‏.‏

١٣،‏ ١٤ ما هي هاوية الكتاب المقدس؟‏

١٣ من الواضح اذًا ان شيول هي المكان الذي يذهب اليه الأموات.‏ وهي ليست مدفنا فرديا بل المدفن العام للبشر الأموات عموما،‏ حيث يتوقف كل نشاط واعٍ.‏ وهذا ايضا ما تعترف دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة بأنه معنى شيول بحسب الكتاب المقدس،‏ اذ تقول:‏

١٤ ‏«تشير في الكتاب المقدس الى مكان الجمود التام الذي ينزل اليه المرء عندما يموت سواء أكان بارا أم شريرا،‏ غنيا أم فقيرا.‏» —‏ المجلد ١٣،‏ ص ١٧٠.‏

١٥،‏ ١٦ ماذا يُظهر ان العذاب لا يُعلن ابدا كعقوبة على العصيان؟‏

١٥ أما انه لم يوجد مكان للعذاب الناري خلال كامل فترة الأسفار العبرانية فيؤكِّده ايضا واقع ان العذاب لا يُعلن ابدا كعقوبة على العصيان.‏ فكان الاختيار الذي وُضع امام امة اسرائيل،‏ لا الحياة او العذاب،‏ بل الحياة او الموت.‏ قال موسى للأمة:‏ «قد جعلت قدَّامك الحياة والموت.‏ البركة واللعنة.‏ فاختر الحياة لكي تحيا انت ونسلك.‏ اذ تحب الرب الهك وتسمع لصوته وتلتصق به.‏» —‏ تثنية ٣٠:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

١٦ وبشكل مماثل،‏ فإن مناشدات اللّٰه اللاحقة للاسرائيليين غير الأمناء ان يتوبوا عملت على تشجيعهم ان يتجنبوا اختبار،‏ لا العذاب،‏ بل الموت قبل الأوان.‏ اعلن يهوه بواسطة نبيه حزقيال:‏ «اني لا أُسرُّ بموت الشرير بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا.‏ ارجعوا ارجعوا عن طرقكم الرديئة.‏ فلماذا تموتون يا بيت اسرائيل.‏» —‏ حزقيال ٣٣:‏١١‏.‏

هَادِس هي شيول نفسها

١٧ لماذا لا يمكن القول ان مجيء يسوع المسيح الى هذه الأرض غيَّر الأمور في ما يتعلق بالعذاب الواعي بعد الموت؟‏

١٧ ومع ذلك قد يسأل المرء،‏ ألم تتغيَّر الأمور بمجيء يسوع المسيح الى هذه الأرض؟‏ كلا،‏ فاللّٰه لا يغيِّر شخصيته او مقاييسه البارَّة.‏ قال بواسطة نبيه ملاخي:‏ «انا الرب لا اتغيَّر.‏» (‏ملاخي ٣:‏٦‏)‏ ولم يغيِّر يهوه العقوبة على العصيان.‏ فهو يتأنَّى على الناس ليتمكَّنوا من ان ينجوا،‏ لا من العذاب،‏ بل من الهلاك.‏ وكما كتب الرسول بطرس الى الرفقاء المؤمنين:‏ «لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنَّى علينا وهو لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يقبل الجميع الى التوبة.‏» —‏ ٢ بطرس ٣:‏٩‏.‏

١٨ الكلمة «الهاوية» تترجَم احيانا عن اية كلمة يونانية؟‏

١٨ وانسجاما مع واقع ان العقوبة على العصيان استمرت في ان تكون الموت،‏ فإن المكان الذي تصف الأسفار اليونانية المسيحية (‏المدعوة عموما «العهد الجديد»)‏ بأن الأموات يذهبون اليه لا يختلف عن شيول الأسفار العبرانية.‏ (‏رومية ٦:‏٢٣‏)‏ وهذا واضح من مقارنة الأسفار العبرانية بالأسفار اليونانية المسيحية.‏ واذ تظهر عشر مرات،‏ فإن الكلمة اليونانية هايدِس،‏ المنقولة حرفيا الى «هَادِس،‏» تنقل من حيث الأساس المعنى نفسه الذي للكلمة العبرانية شِئول.‏ ‏(‏متى ١١:‏٢٣؛‏ ١٦:‏١٨؛‏ لوقا ١٠:‏١٥؛‏ ١٦:‏٢٣‏؛‏ * اعمال ٢:‏​٢٧،‏ ٣١؛‏ رؤيا ١:‏١٨؛‏ ٦:‏٨؛‏ ٢٠:‏​١٣،‏ ١٤ [اذا كانت الترجمة التي تستعملونها لا تورِد «الهاوية» او «هَادِس» في جميع هذه الآيات،‏ فستلاحظون مع ذلك ان التعابير المستعملة عوضا عنهما لا تعطي ايّ تلميح الى مكان للعذاب.‏])‏ تأملوا في المثال التالي:‏

١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ اية آية تُظهِر ان يسوع كان في الهاوية؟‏ (‏ب)‏ بأية طريقة يُرى ان شيول وهَادِس هما تعبيران متناظران؟‏

١٩ نقرأ في المزمور ١٦:‏١٠ (‏١٥:‏١٠،‏ ترجمة دواي‏)‏:‏ «لأنك [يهوه] لن تترك نفسي في (‏شيول)‏ [الهاوية].‏ لن تدع تقيك يرى فسادا.‏» وفي خطاب القاه الرسول بطرس،‏ ظهر ان هذا المزمور له تطبيق نبوي.‏ قال بطرس:‏ «اذ كان [داود] نبيا وعلم ان اللّٰه حلف له بقسم انه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه سبق فرأى وتكلَّم عن قيامة المسيح انه لم تترك نفسه في (‏هَادِس)‏ [الهاوية] ولا رأى جسده فسادا.‏» (‏اعمال ٢:‏​٣٠،‏ ٣١‏)‏ لاحظوا ان الكلمة اليونانية هايدِس استُعملت بدلا من الكلمة العبرانية شِئول.‏ وهكذا يُرى ان شيول وهَادِس هما تعبيران متناظران.‏

٢٠ يلاحظ جدول شرح الكلمات في Nouvelle Version لجمعية الكتاب المقدس الفرنسية،‏ تحت التعبير «مثوى الأموات»:‏

‏«هذا التعبير يترجَم عن الكلمة اليونانية هَادِس،‏ التي تناظر شيول العبرانية.‏ انه المكان حيث يستقر الأموات بين [وقت] رحيلهم وقيامتهم (‏لوقا ١٦:‏٢٣؛‏ اعمال ٢:‏​٢٧،‏ ٣١؛‏ رؤيا ٢٠:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏.‏ وقد نقلت بعض الترجمات هذه الكلمة خطأً الى هاوية.‏»‏

مصدر تعليم نار الهاوية

٢١،‏ ٢٢ بما ان الكتاب المقدس لا يُعلِّم عن هاوية نارية،‏ فما هما المصدران المحتملان لهذه العقيدة؟‏

٢١ من الواضح ان الاشارات الى شيول وهَادِس في الأسفار المقدسة لا تدعم عقيدة هاوية نارية.‏ وفي الاقرار بأنها غير مسيحية وتناقض ايضا روح المسيحية،‏ تذكر المجلة الدورية الكاثوليكية كومونْوِيل ‏(‏١٥ كانون الثاني ١٩٧١)‏:‏

‏«بالنسبة الى اناس كثيرين،‏ بمن فيهم بعض الفلاسفة،‏ تستجيب الهاوية لحاجة الخيال البشري —‏ نوع من سانتا كلوز بشكل عكسي.‏ .‏ .‏ .‏ فمَن بين الأبرار لا يحبّ ان يرى الظالمين يعاقَبون بشيء من الانصاف؟‏ وإنْ لم يكن في هذه الحياة،‏ فلِمَ لا في التالية؟‏ لكنَّ مثل هذه النظرة لا تتوافق مع العهد الجديد،‏ الذي يدعو الانسان الى الحياة والمحبة.‏»‏

٢٢ ثم تتابع هذه المجلة لتُظهر المصدرَين المحتملَين لهذه العقيدة،‏ قائلة:‏

‏«والعنصر الآخر الذي ربما ساهم في المفهوم المسيحي التقليدي للهاوية يمكن ايجاده في العالم الروماني.‏ وكما كان الخلود الذاتي افتراضا مسلَّما به في جزء كبير من الفلسفة اليونانية،‏ كان العدل فضيلة اساسية بين الرومان،‏ وخصوصا عندما ابتدأت المسيحية تزدهر.‏ .‏ .‏ .‏ وتزاوج هذين الفكرَين —‏ اليوناني الفلسفي والروماني القضائي —‏ ربما احدث التناظر اللاهوتي للسماء والهاوية:‏ اذا كانت النفس الصالحة تكافأ،‏ فالنفس الشريرة اذًا تعاقب.‏ وبغية تأكيد اعتقادهم بالعدل للظالمين،‏ ما كان على الرومان إلّا ان يأخذوا الإنيادة التي لڤرجيل ويقرأوا عن المبارَكين في الاليزيوم والملعونين في ترتاروس،‏ المحاطة بالنار والتي تفيض بهلع العقاب.‏»‏

٢٣،‏ ٢٤ (‏أ)‏ التعليم عن هاوية نارية هو تعليم مَن؟‏ (‏ب)‏ ماذا نتج من هذا التعليم؟‏

٢٣ وهكذا يجري الاعتراف بأن التعليم عن هاوية نارية معتقد يشترك فيه اشخاص بعيدون عن اللّٰه.‏ ويمكن تصنيفه بالصواب بصفته ‹تعليم شياطين.‏› (‏١ تيموثاوس ٤:‏١‏)‏ والأمر هو كذلك لأن مصدره هو في الأكذوبة القائلة ان الانسان لا يموت حقا،‏ وهو يعكس الميل غير السليم،‏ الشرير والوحشي للشياطين.‏ (‏قارنوا مرقس ٥:‏​٢-‏١٣‏.‏)‏ ألم تملأ هذه العقيدة الناس رهبة وهولا دون لزوم؟‏ ألم تسِئ تمثيل اللّٰه بشكل جسيم؟‏ يكشف يهوه في كلمته انه اله محبة.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٨‏)‏ لكنَّ التعليم عن هاوية نارية هو افتراء عليه،‏ اذ يتهمه باطلا بأسوإ الأعمال الوحشية التي يمكن تصوُّرها.‏

٢٤ ان الذين يعلِّمون عقيدة نار الهاوية يقولون اذًا امورا تجديفية على اللّٰه.‏ وفي حين ان بعض رجال الدين ربما لا يكونون مطَّلعين جيدا على دليل الكتاب المقدس،‏ يجب ان يكونوا كذلك.‏ فهم يدَّعون انهم يتكلَّمون برسالة اللّٰه،‏ ولذلك هم تحت التزام معرفة ما يقوله الكتاب المقدس.‏ وهم بالتأكيد يعرفون جيدا ان ما يفعلونه ويقولونه يمكن ان يؤثِّر عميقا في حياة الذين يتطلعون اليهم من اجل الارشاد.‏ وهذا يجب ان يجعلهم منتبهين للتأكُّد من تعليمهم.‏ فأية اساءة لتمثيل اللّٰه يمكن ان تحوِّل الناس عن العبادة الحقيقية،‏ لأذيتهم.‏

٢٥ كيف ينظر اللّٰه الى المعلِّمين الكذبة؟‏

٢٥ لا يمكن ان يكون هنالك شك في ان يهوه اللّٰه لا ينظر برضى الى المعلِّمين الكذبة.‏ فعلى القادة الدينيين غير الأمناء لاسرائيل القديمة تلفظ بالدينونة التالية:‏ «انا .‏ .‏ .‏ صيَّرتكم محتقَرين ودنيئين عند كل الشعب كما انكم لم تحفظوا طرقي.‏» (‏ملاخي ٢:‏٩‏)‏ ويمكن ان نتأكَّد ان دينونة مماثلة ستأتي على المعلِّمين الدينيين الكذبة في وقتنا.‏ ويشير الكتاب المقدس الى ان عناصر العالم السياسية ستجرِّدهم قريبا من مركزهم وتأثيرهم.‏ (‏رؤيا ١٧:‏​١٥-‏١٨‏)‏ أما الذين يستمرون في دعم الأنظمة الدينية التي تعلِّم الأكاذيب،‏ فلن تكون حالتهم افضل.‏ قال يسوع المسيح:‏ «إنْ كان اعمى يقود اعمى يسقطان كلاهما في حفرة.‏» —‏ متى ١٥:‏١٤‏.‏

٢٦،‏ ٢٧ (‏أ)‏ لماذا لا يجب ان ترغبوا في الاستمرار في دعم ايّ نظام ديني يعلِّم عن هاوية نارية؟‏ (‏ب)‏ ما هو الدافع اللائق الى خدمة اللّٰه؟‏

٢٦ بما ان الأمر هو كذلك،‏ هل ترغبون في الاستمرار في دعم ايّ نظام ديني يعلِّم عن هاوية نارية؟‏ كيف تشعرون اذا جرى الافتراء على ابيكم بخبث؟‏ هل تستمرون في قبول المفترين كأصدقاء لكم؟‏ ألا تقطعون،‏ بالأحرى،‏ كل معاشرة لهم؟‏ أفلا يجب بشكل مماثل ان نرغب في التوقف عن كل معاشرة للذين افتروا على أبينا السماوي؟‏

٢٧ ان الخوف من العذاب ليس الدافع اللائق الى خدمة اللّٰه.‏ فهو يرغب في ان تدفع المحبة عبادتنا.‏ وهذا الامر يجب ان يروق قلوبنا.‏ وادراكنا ان الأموات ليسوا في مكان ممتلئ ألما مبرِّحا في نيران ملتهبة،‏ لكنهم بالأحرى غير واعين في المدفن العام الساكن والعديم الحياة للبشر الأموات،‏ يمكن ان يزيل حاجزا في وجه تعبيرنا عن محبة كهذه للّٰه.‏

‏[الحاشيتان]‏

^ ‎الفقرة 18‏ تجري مناقشة لوقا ١٦:‏٢٣ بالتفصيل في الفصل التالي.‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورة في الصفحة ٩٠]‏

مشهدان من صور بوذية عن الهاوية

‏[الصورة في الصفحة ٩١]‏

مشهدان من «جحيم» دانتي الكاثوليكي