هل يمكنكم ان تتكلَّموا مع الأموات؟
الفصل ٩
هل يمكنكم ان تتكلَّموا مع الأموات؟
١، ٢ (أ) اية حاجة طبيعية يشعر بها البشر؟ (ب) الرغبة في المعرفة عن خير الأحباء دفعت كثيرين الى فعل ماذا؟
في الحياة نشعر نحن البشر شعورا قويا بالحاجة الى التكلُّم مع اولئك الذين نحبهم. فنحن نريد ان نعرف ان احباءنا هم اصحَّاء وسعداء. وعندما تسير الأمور حسنا معهم، نتشجع. أما عندما نعلم انهم يواجهون خطرا جسيما بسبب كارثة «طبيعية» او فاجعة اخرى، فنبدأ بالقلق. وننتظر بشوق ان نتلقى منهم خبرا. وحالما نتلقى نبأ سلامتهم نشعر بالارتياح.
٢ ان الرغبة في المعرفة عن خير الأحباء دفعت كثيرين الى طلب التكلُّم مع الأموات. فهم يريدون ان يعرفوا ما اذا كان احباؤهم الراحلون سعداء ‹في العالم الآخر.› ولكن هل من الممكن التكلُّم مع الأموات؟
٣-٥ (أ) اية ادِّعاءات يصنعها بعض الناس في ما يتعلق بالأموات؟ (ب) ماذا يقول المؤلف فرانسوا ڠريڠوار عن المسألة؟ (ج) اية اسئلة تُطرح بهذا الشأن؟
٣ يجزم البعض انهم يشعرون دوريا بحضور نسيب او صديق راحل وأنهم يسمعون صوته. وحصل آخرون على اختبارات مماثلة بمساعدة الوسطاء الأرواحيين. ومن خلال هؤلاء الوسطاء يعتقدون انهم سمعوا اصواتا من ‹العالم الآخر.› وماذا تقول لهم اصوات كهذه؟ من حيث الاساس تقول لهم هذا: ‹الأموات سعداء ومكتفون جدا. وهم يستمرون في الاهتمام اهتماما حقيقيا بحياة احبائهم الباقين على قيد الحياة ويمكنهم رؤية وسماع كل ما يفعلونه.›
٤ وفي ما يتعلق برسائل كهذه يلاحظ فرانسوا ڠريڠوار في كتابه L’au-delà (الآخرة): «ماذا لدى هذه الأرواح لتقوله لنا؟ ‹قبل كل شيء، يظهر انها متشوقة الى اثبات هويتها وأنها لا تزال موجودة› . . . أما عن طبيعة العالم الآخر فلا يوجد شيء جوهري، حتى ولا اقلّ كشف.»
٥ فما رأيكم في هذه الرسائل؟ هل تعتقدون ان الأموات يتكلَّمون فعلا؟ وبما انه، كما يُظهر الكتاب المقدس، ما من نفس او روح تبقى حيَّة بعد موت الجسد لتستمر في وجود واعٍ، فهل يمكن ان تكون هذه الأصوات حقا اصوات الأموات؟
قضية الملك شاول
٦، ٧ اي مثال في الكتاب المقدس يشير اليه اولئك الذين يعتقدون ان الأموات يمكنهم اعطاء رسائل للأحياء؟
٦ ان البعض بين الذين يعتقدون ان الأموات يمكنهم اعطاء رسائل للأحياء يشيرون الى الكتاب المقدس كمؤكدٍ لنظرتهم. وأحد الأمثلة التي يشيرون اليها هو حادثة تتعلق بالملك شاول في اسرائيل القديمة.
٧ بسبب عدم امانته ليهوه اللّٰه، قُطع الملك شاول عن التوجيه الالهي للقيام بمسؤولياته. ولذلك عندما اتى الفِلِسطيون لشن حرب عليه، التمس بيأس المساعدة من وسيطة ارواحية. فسألها ان تُصعد النبي الميت صموئيل. أما بالنسبة الى ما حدث بعد ذلك فيذكر الكتاب المقدس:
«فلما رأت المرأة [الوسيطة] صموئيل صرخت بصوت عظيم وكلَّمت المرأة شاول قائلة لماذا خدعتني وأنت شاول. فقال لها الملك لا تخافي. فماذا رأيتِ. فقالت المرأة لشاول رأيت آلهة يصعدون من الأرض. فقال لها ما هي صورته. فقالت رجل شيخ صاعد وهو مغطًّى بجبَّة. فعلم شاول انه صموئيل فخرَّ على وجهه الى الأرض وسجد. فقال صموئيل لشاول لماذا اقلقتني بإصعادك اياي.» — ١ صموئيل ٢٨:١٢-١٥.
٨، ٩ (أ) لماذا لا يمكن ان يكون شاول، في هذه القضية، قد جُعل حقا على اتصال بالنبي الميت صموئيل؟ (ب) اية مقاطع اخرى من الأسفار المقدسة تلقي ضوءا على المسألة؟
٨ فهل جُعل شاول حقا، في هذه القضية، على اتصال بالنبي الميت مزمور ١١٥:١٧.
صموئيل؟ وكيف يمكن ذلك، نظرا الى ان الكتاب المقدس يربط السكوت، لا التكلُّم، بالموت؟ نقرأ: «ليس الأموات يسبِّحون الرب [يهوه] ولا مَن ينحدر الى ارض السكوت.» —٩ وتلقي مقاطع اخرى من الأسفار المقدسة ضوءا على المسألة. اولا، من الواضح ان ما فعله شاول باستشارة وسيطة ارواحية كان انتهاكا لشريعة اللّٰه. فالوسطاء الأرواحيون والذين يستشيرونهم على السواء حُسبوا مذنبين بجرم عقوبته الموت. (لاويين ٢٠:٦، ٢٧) ذكرت شريعة اللّٰه لاسرائيل: «لا تلتفتوا الى (الوسطاء الأرواحيين) ولا تطلبوا التوابع فتتنجسوا بهم.» (لاويين ١٩:٣١) «متى دخلت الأرض التي يعطيك الرب الهك لا تتعلَّم ان تفعل مثل رجس اولئك الأمم. لا يوجد فيك . . . مَن يسأل (وسيطا ارواحيا) او تابعة ولا مَن يستشير الموتى.» — تثنية ١٨:٩-١١؛ اشعياء ٨:١٩، ٢٠.
١٠، ١١ (أ) كيف تدل نظرة اللّٰه ان الناس لا يتكلَّمون حقا الى الأموات؟ (ب) اي قطع الهي لن يسمح اللّٰه لوسيطة ارواحية بأن تتغلب عليه؟
١٠ اذا كان الوسطاء الأرواحيون يستطيعون حقا الاتصال بالأموات، فلماذا صنَّفت شريعة اللّٰه ممارستهم كشيء ‹نجس،› «رجس» ويستحق الموت؟ واذا كان الاتصال هو بالأحباء الأموات، مثلا، فلماذا يشير اله المحبة الى ذلك كجريمة فظيعة؟ ولماذا يريد ان يحرم الأحياء من الحصول على بعض الرسائل المعزّية من الأموات؟ ألا تدل نظرة اللّٰه ان الناس لا يتكلَّمون حقا الى الأموات لكنَّ تضليلا رهيبا لا بد ان يكون مشمولا؟ يُظهر دليل الأسفار المقدسة ان الحالة هي كذلك.
١١ ازاء هذه الخلفية، تأمَّلوا في قضية شاول. ففي ما يتعلق بالاتصال الالهي به اعترف شاول: «الرب فارقني ولم يعد يجيبني ١ صموئيل ٢٨:١٥) من الواضح ان اللّٰه لن يسمح لوسيطة ارواحية بأن تتغلب على قطع الاتصال الالهيّ هذا بالاتصال بنبي ميت وجعله يسلِّم رسالة من اللّٰه الى شاول. ثم ان صموئيل نفسه، نبي امين للّٰه، خلال الجزء الأخير من حياته، كان قد كفَّ ايضا عن اية تعاملات، مهما كانت، مع شاول. لذلك أليس من غير المعقول الاستنتاج ان صموئيل كان راغبا في التكلُّم مع شاول بواسطة وسيطة ارواحية، ترتيب دانه اللّٰه؟
لا بالأنبياء ولا بالأحلام فدعوتك [صموئيل] لكي تعلمني ماذا اصنع.» (١٢، ١٣ ماذا يدل انه لا بد ان الامر كان يشمل تضليلا؟
١٢ على نحو جلي، لا بد ان الامر كان يشمل تضليلا، شيئا نجسا بحيث استأهل الوسطاء الأرواحيون والذين يستشيرونهم الحكم بالموت.
وهذا التضليل نفسه لا بد ان يكون وراء الاتصال المزعوم بالأموات اليوم.١٣ وما يدل على ذلك هو انه، تحت تأثير «الأصوات» المزعومة من العالم الآخر، انتحر اشخاص كثيرون. لقد تخلوا عن ملكيتهم الأثمن — الحياة — في محاولة للانضمام الى الأحباء الأموات. وابتدأ آخرون يخافون اصواتا كهذه، اذ كانت الرسائل كئيبة، مخبرة بحادث فظيع او موت وشيك. فكيف يمكن بأية حال ان تأتي اصوات كهذه من مصدر جيد؟ مَن او ماذا يمكن ان يكون وراء هذه الأصوات؟
[اسئلة الدرس]
[الصورة في الصفحة ٧٧]
مَن كان ذاك الذي تكلَّم الى شاول بواسطة الوسيطة الأرواحية في عين دور؟