تَحْفِلُ خِدْمَةُ يَسُوعَ ٱلْمُكَثَّفَةُ فِي ٱلْجَلِيلِ بِٱلْكَثِيرِ مِنَ ٱلْإِنْجَازَاتِ.‏ لٰكِنَّ قَوْلَهُ «لَا بُدَّ لِي أَنْ أُبَشِّرَ ٱلْمُدُنَ ٱلْأُخْرَى أَيْضًا بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» يَدُلُّ أَنَّ فِي نِيَّتِهِ تَوْسِيعَ دَائِرَةِ خِدْمَتِهِ.‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ يَرُوحُ «يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِيَّةِ».‏ (‏لوقا ٤:‏​٤٣،‏ ٤٤‏)‏ وَلَا غَرَابَةَ فِي ذٰلِكَ.‏ فَٱلرَّبِيعُ أَطَلَّ وَٱلْعِيدُ فِي أُورُشَلِيمَ عَلَى ٱلْأَبْوَابِ.‏

وَفِي حِينِ تَسْتَفِيضُ ٱلْأَنَاجِيلُ فِي ٱلْحَدِيثِ عَنْ خِدْمَتِهِ فِي ٱلْجَلِيلِ،‏ قَلَّمَا تُخْبِرُ عَنْ نَشَاطِهِ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ وَمَعَ أَنَّ سُكَّانَ ٱلْيَهُودِيَّةِ عُمُومًا لَا يُبَالُونَ بِكِرَازَتِهِ،‏ لَا يَثْنِيهِ ذٰلِكَ عَنِ ٱلتَّبْشِيرِ بِدَأَبٍ وَفِعْلِ ٱلْخَيْرِ أَيْنَمَا يَذْهَبُ.‏

بَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ،‏ يَتَوَجَّهُ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ،‏ عَاصِمَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ،‏ لِلِٱحْتِفَالِ بِفِصْحِ سَنَةِ ٣١ ب‌م.‏ وَفِي مَكَانٍ مُزْدَحِمٍ بِٱلنَّاسِ قُرْبَ «بَابِ ٱلْخِرَافِ»،‏ تُوجَدُ بِرْكَةٌ كَبِيرَةٌ ٱسْمُهَا بَيْتَ زَاثَا لَهَا عَدَدٌ مِنَ ٱلْأَرْوِقَةِ،‏ وَتَقْصِدُهَا أَفْوَاجٌ مِنَ ٱلْمَرْضَى وَٱلْعُمْيِ وَٱلْعُرْجِ.‏ فَثَمَّةَ ٱعْتِقَادٌ شَائِعٌ أَنَّ ٱلْمَرْءَ يَبْرَأُ مِنْ عِلَّتِهِ إِذَا نَزَلَ فِي ٱلْبِرْكَةِ حِينَ تَتَحَرَّكُ مِيَاهُهَا.‏

وَيَوْمَ ٱلسَّبْتِ،‏ يَتَّفِقُ أَنْ يَرَى يَسُوعُ هُنَاكَ رَجُلًا مَرِيضًا مُنْذُ ٣٨ سَنَةً.‏ فَيَسْأَلُهُ:‏ «أَتُرِيدُ أَنْ تَتَعَافَى؟‏».‏ يُجِيبُ ٱلرَّجُلُ:‏ «يَا سَيِّدُ،‏ لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُنْزِلُنِي فِي ٱلْبِرْكَةِ مَتَى ٱضْطَرَبَ ٱلْمَاءُ.‏ بَلْ بَيْنَمَا أَكُونُ آتِيًا،‏ يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ».‏ —‏ يوحنا ٥:‏​٦،‏ ٧‏.‏

وَمَا أَشَدَّ دَهْشَةَ ٱلرَّجُلِ وَكُلِّ مَنْ حَوْلَهُ حِينَ يَقُولُ لَهُ يَسُوعُ:‏ «قُمْ وَٱحْمِلْ فِرَاشَكَ وَٱمْشِ»!‏ (‏يوحنا ٥:‏٨‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ يُشْفَى ٱلرَّجُلُ لِسَاعَتِهِ وَيَحْمِلُ فِرَاشَهُ وَيَمْشِي.‏

وَلٰكِنْ عِوَضَ أَنْ يَفْرَحَ ٱلْيَهُودُ بِهٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةِ ٱلرَّائِعَةِ،‏ يُؤَنِّبُونَ ٱلرَّجُلَ قَائِلِينَ:‏ «إِنَّهُ سَبْتٌ،‏ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَحْمِلَ فِرَاشَكَ».‏ فَيُجِيبُهُمْ:‏ «اَلَّذِي جَعَلَنِي أَتَعَافَى هُوَ قَالَ لِي:‏ ‹اِحْمِلْ فِرَاشَكَ وَٱمْشِ›».‏ (‏يوحنا ٥:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ فِكْرَةَ ٱلشِّفَاءِ فِي ٱلسَّبْتِ تُثِيرُ غَضَبَهُمْ.‏

لِذَا يَسْأَلُونَ ٱلَّذِي شُفِيَ:‏ «مَنْ هُوَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلَّذِي قَالَ لَكَ:‏ ‹اِحْمِلْ وَٱمْشِ›؟‏».‏ إِلَّا أَنَّ ٱلرَّجُلَ لَا يَعْرِفُ ٱسْمَ يَسُوعَ.‏ هٰذَا وَكَانَ يَسُوعُ قَدِ ٱبْتَعَدَ وَتَوَارَى عَنِ ٱلْأَنْظَارِ بَيْنَ ٱلْجَمْعِ.‏ (‏يوحنا ٥:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ وَلٰكِنْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ يَلْتَقِيهِ ٱلرَّجُلُ فِي ٱلْهَيْكَلِ،‏ فَيَعْرِفُ هُوِيَّةَ مَنْ شَفَاهُ عِنْدَ ٱلْبِرْكَةِ.‏

وَحِينَ يَجِدُ ٱلرَّجُلُ أُولٰئِكَ ٱلْيَهُودَ،‏ يُخْبِرُهُمْ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلَّذِي صَحَّحَهُ مِنْ مَرَضِهِ،‏ فَيَذْهَبُونَ إِلَيْهِ.‏ أَلِيَعْرِفُوا كَيْفَ يَتَمَكَّنُ مِنِ ٱجْتِرَاحِ ٱلْعَجَائِبِ؟‏ كَلَّا،‏ بَلْ لِيَنْتَقِدُوهُ عَلَى فِعْلِ ٱلْخَيْرِ فِي ٱلسَّبْتِ.‏ حَتَّى إِنَّهُمْ يَشْرَعُونَ فِي ٱضْطِهَادِهِ.‏