قِصَّةُ حَيَاةٍ
الاحتمال يجلب بركات كثيرة
قَالَ ٱلضَّابِطُ: «أَنْتَ بِلَا قَلْبٍ. كَيْفَ تَتَخَلَّى عَنْ زَوْجَتِكَ ٱلْحَامِلِ وَٱبْنَتِكَ ٱلصَّغِيرَةِ؟ مَنْ يَهْتَمُّ بِهِمَا فِي غِيَابِكَ؟ اُتْرُكْ دِينَكَ وَٱرْجِعْ إِلَى بَيْتِكَ». فَأَجَبْتُهُ: «لَمْ أَتَخَلَّ عَنْهُمَا. أَنْتُمُ ٱعْتَقَلْتُمُونِي. وَبِأَيِّ تُهْمَةٍ؟!». فَرَدَّ عَلَيَّ: «لَا جَرِيمَةَ أَسْوَأُ مِنْ أَنْ تَكُونَ شَاهِدًا لِيَهْوَهَ».
دَارَ هٰذَا ٱلْحَدِيثُ عَامَ ١٩٥٩ بَيْنِي وَبَيْنَ ضَابِطِ مُخَابَرَاتٍ مِنْ لَجْنَةِ أَمْنِ ٱلدَّوْلَةِ ٱلسُّوفْيَاتِيَّةِ (KGB) فِي سِجْنٍ بِمَدِينَةِ إِرْكُوتْسْك فِي رُوسِيَا. وَعَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ، كُنَّا أَنَا وَزَوْجَتِي مَارِيَّا عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ أَنْ ‹نَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ٱلْبِرِّ›. لٰكِنَّ يَهْوَهَ بَارَكَنَا كَثِيرًا بِٱلْمُقَابِلِ. — ١ بط ٣:١٣، ١٤.
وُلِدْتُ عَامَ ١٩٣٣ فِي قَرْيَةِ زُولُوتْنِيكِي ٱلْأُوكْرَانِيَّةِ. وَعَامَ ١٩٣٧، زَارَتْنَا خَالَتِي وَزَوْجُهَا مِنْ فَرَنْسَا، وَكَانَا مِنْ شُهُودِ يَهْوَهَ. فَقَدَّمَا لَنَا كِتَابَيْ اَلْحُكُومَةُ وَ اَلْإِنْقَاذُ مِنْ إِصْدَارِ جَمْعِيَّةِ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ. وَحِينَ قَرَأَهُمَا أَبِي ٱسْتَعَادَ إِيمَانَهُ بِٱللهِ. مَعَ ٱلْأَسَفِ، مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا عَامَ ١٩٣٩ وَمَاتَ. إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لِأُمِّي قَبْلَ وَفَاتِهِ: «هٰذَا هُوَ ٱلْحَقُّ، عَلِّمِيهِ لِلْأَوْلَادِ».
سَيْبِيرِيَا: حَقْلٌ جَدِيدٌ لِلْبِشَارَةِ
فِي نَيْسَانَ (إِبْرِيل) عَامَ ١٩٥١، بَدَأَتِ ٱلسُّلُطَاتُ بِنَفْيِ ٱلشُّهُودِ مِنْ غَرْبِ ٱلِٱتِّحَادِ ٱلسُّوفْيَاتِيِّ إِلَى سَيْبِيرِيَا. وَكُنَّا أَنَا وَأُمِّي وَأَخِي ٱلْأَصْغَرُ غْرِيغُورِي بَيْنَهُمْ. فَقَطَعْنَا أَكْثَرَ مِنْ ٦٬٠٠٠ كلم بِٱلْقِطَارِ مِنْ أُوكْرَانِيَا إِلَى مَدِينَةِ تُولُون. ثُمَّ وَصَلَ أَخِي ٱلْأَكْبَرُ بُوغْدَان بَعْدَ أُسْبُوعَيْنِ إِلَى مُعَسْكَرٍ قَرِيبٍ فِي مَدِينَةِ أَنْغَارْسْك. فَقَدْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِٱلسَّجْنِ ٢٥ سَنَةً مَعَ ٱلْأَشْغَالِ ٱلشَّاقَّةِ.
بَشَّرْتُ مَعَ أُمِّي وَأَخِي غْرِيغُورِي حَوْلَ تُولُون، وَٱبْتَكَرْنَا أَسَالِيبَ جَدِيدَةً لِنَبْدَأَ ٱلْحَدِيثَ. فَكُنَّا نَسْأَلُ مَثَلًا هَلْ يُرِيدُ أَحَدٌ أَنْ يَبِيعَ بَقَرَةً. وَعِنْدَمَا نَجِدُ شَخْصًا كَهٰذَا، نَبْدَأُ بِٱلْحَدِيثِ عَنْ تَصْمِيمِ ٱلْبَقَرَةِ ٱلْمُذْهِلِ. ثُمَّ نَنْتَقِلُ إِلَى ٱلْحَدِيثِ عَنِ ٱلْخَالِقِ. فَكَتَبَتْ صَحِيفَةٌ أَنَّ ٱلشُّهُودَ يَبْحَثُونَ عَمَّنْ يَبِيعُ ٱلْأَبْقَارَ. لٰكِنَّنَا فِي ٱلْحَقِيقَةِ كُنَّا نَبْحَثُ عَنِ ٱلْخِرَافِ. وَبِٱلْفِعْلِ دَرَسْنَا مَعَ أَشْخَاصٍ مُتَوَاضِعِينَ وَكُرَمَاءَ فِي تِلْكَ ٱلْمُقَاطَعَةِ ٱلْجَدِيدَةِ. وَٱلْيَوْمَ، تُوجَدُ فِي تُولُون جَمَاعَةٌ تَضُمُّ أَكْثَرَ مِنْ ١٠٠ نَاشِرٍ.
إِيمَانُ مَارِيَّا يُمْتَحَنُ
تَعَرَّفَتْ مَارِيَّا إِلَى ٱلْحَقِّ فِي أُوكْرَانِيَا خِلَالَ ٱلْحَرْبِ ٱلْعَالَمِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ. وَحِينَ كَانَ عُمْرُهَا ١٨ سَنَةً، بَدَأَ ضَابِطُ مُخَابَرَاتٍ يَتَحَرَّشُ بِهَا، إِلَّا أَنَّهَا صَدَّتْهُ بِحَزْمٍ. فِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ، عَادَتْ إِلَى ٱلْبَيْتِ وَوَجَدَتْهُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى سَرِيرِهَا، فَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَّا أَنْ هَرَبَتْ. فَثَارَ غَضَبُهُ وَهَدَّدَهَا بِٱلسَّجْنِ لِأَنَّهَا مِنْ شُهُودِ يَهْوَهَ. وَبِٱلْفِعْلِ، حُكِمَ عَلَيْهَا عَامَ ١٩٥٢ بِٱلسَّجْنِ ١٠ سَنَوَاتٍ. شَعَرَتْ مَارِيَّا آنَذَاكَ مِثْلَ يُوسُفَ ٱلَّذِي سُجِنَ لِأَنَّهُ حَافَظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ. (تك ٣٩:١٢، ٢٠) وَلٰكِنْ فِي طَرِيقِهَا إِلَى ٱلسِّجْنِ، قَالَ لَهَا ٱلسَّائِقُ: «لَا تَخَافِي، كَثِيرُونَ يَدْخُلُونَ ٱلسِّجْنَ وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ دُونَ أَنْ تُمَسَّ كَرَامَتُهُمْ». فَقَوَّتْهَا كَلِمَاتُهُ هٰذِهِ كَثِيرًا.
سُجِنَتْ مَارِيَّا فِي مُعَسْكَرٍ لِلْأَشْغَالِ ٱلشَّاقَّةِ فِي رُوسِيَا قُرْبَ مَدِينَةِ غُورْكِي (تُدْعَى ٱلْيَوْمَ نِيجْنِي نُوفْغُورُود). وَأُجْبِرَتْ عَلَى قَلْعِ ٱلْأَشْجَارِ، حَتَّى فِي ٱلْبَرْدِ ٱلشَّدِيدِ. فَسَاءَتْ صِحَّتُهَا كَثِيرًا. وَلٰكِنْ أُطْلِقَ سَرَاحُهَا عَامَ ١٩٥٦، وَتَوَجَّهَتْ إِلَى تُولُون.
إِبْعَادِي عَنْ عَائِلَتِي
حِينَ عَرَفْتُ أَنَّ أُخْتًا سَتَصِلُ إِلَى تُولُون، ذَهَبْتُ عَلَى دَرَّاجَتِي إِلَى مَوْقِفِ ٱلْبَاصَاتِ لِأُسَاعِدَهَا فِي حَمْلِ حَقَائِبِهَا. فَأُعْجِبْتُ بِمَارِيَّا مِنَ ٱلنَّظْرَةِ ٱلْأُولَى، وَبَذَلْتُ جُهْدِي لِأَكْسِبَ حُبَّهَا. وَتَزَوَّجْنَا عَامَ ١٩٥٧. ثُمَّ وُلِدَتِ ٱبْنَتُنَا إِيرِينَا فِي ٱلسَّنَةِ ٱلتَّالِيَةِ. لٰكِنَّ فَرْحَتَنَا لَمْ تَدُمْ طَوِيلًا. فَعَامَ ١٩٥٩، قُبِضَ عَلَيَّ لِأَنِّي أَطْبَعُ إِصْدَارَاتِنَا. ثُمَّ أَمْضَيْتُ ٦ أَشْهُرٍ فِي ٱلْحَبْسِ ٱلِٱنْفِرَادِيِّ. وَلِكَيْ أُحَافِظَ عَلَى هُدُوئِي، ٱعْتَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ لِيَهْوَهَ وَأُرَنِّمَ وَأَتَخَيَّلَ نَفْسِي أُبَشِّرُ حُرًّا مِنْ جَدِيدٍ.
وَفِيمَا كَانَ ٱلضَّابِطُ يَسْتَجْوِبُنِي ذَاتَ مَرَّةٍ، هَدَّدَنِي قَائِلًا: «قَرِيبًا سَنَدُوسُكُمْ كَٱلْفِئْرَانِ». فَأَجَبْتُهُ: «قَالَ يَسُوعُ إِنَّ بِشَارَةَ ٱلْمَلَكُوتِ سَيُكْرَزُ بِهَا لِجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ، وَلَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يُوقِفَهَا». إِذَّاكَ، غَيَّرَ أُسْلُوبَهُ وَحَاوَلَ أَنْ يَضْغَطَ عَلَيَّ كَمَا ذَكَرْتُ فِي ٱلْبِدَايَةِ. لٰكِنْ حِينَ لَمْ يَنْفَعْ لَا ٱلتَّهْدِيدُ وَلَا ٱلضَّغْطُ، سُجِنْتُ ٧ سِنِينَ مَعَ ٱلْأَشْغَالِ ٱلشَّاقَّةِ فِي مُعَسْكَرٍ قُرْبَ مَدِينَةِ سَارَانْسْك. فِي طَرِيقِي إِلَى هُنَاكَ، عَلِمْتُ بِوِلَادَةِ ٱبْنَتِنَا ٱلثَّانِيَةِ أُولْغَا. وَمَعَ أَنَّهُمْ أَبْعَدُونِي عَنْ عَائِلَتِي، تَشَجَّعْتُ لِأَنَّنَا حَافَظْنَا عَلَى أَمَانَتِنَا.
كَانَتْ مَارِيَّا تَزُورُنِي كُلَّ سَنَةٍ، مَعَ أَنَّ ٱلرِّحْلَةَ ٱسْتَغْرَقَتِ ١٢ يَوْمًا ذَهَابًا وَرُجُوعًا. وَٱعْتَادَتْ أَنْ تَجْلُبَ لِي جَزْمَةً جَدِيدَةً وَتُخَبِّئَ فِي ٱلْكَعْبَيْنِ آخِرَ أَعْدَادٍ مِنْ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ. لٰكِنَّ إِحْدَى زِيَارَاتِهَا كَانَتْ مُمَيَّزَةً جِدًّا، لِأَنَّهَا أَحْضَرَتْ مَعَهَا ٱبْنَتَيْنَا ٱلصَّغِيرَتَيْنِ. فَلَمْ تَسَعْنِي ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلْفَرَحِ حِينَ رَأَيْتُهُمَا وَقَضَيْتُ ٱلْوَقْتَ مَعَهُمَا.
اَلْمَزِيدُ مِنَ ٱلتَّحَدِّيَاتِ
عَامَ ١٩٦٦، أُطْلِقَ سَرَاحِي وَٱنْتَقَلْنَا إِلَى مَدِينَةِ أَرْمَافِير قُرْبَ ٱلْبَحْرِ ٱلْأَسْوَدِ. وَهُنَاكَ وُلِدَ ٱبْنَانَا يَارُوسْلَاف وَبَافِيل.
رو ١٢:٢١.
وَلٰكِنْ بَدَأَ رِجَالُ ٱلْمُخَابَرَاتِ يُدَاهِمُونَ بَيْتَنَا بَحْثًا عَنِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ، وَلَمْ يَتْرُكُوا شِبْرًا لَمْ يُفَتِّشُوا فِيهِ. فِي إِحْدَى ٱلْمَرَّاتِ، كَانُوا يَتَعَرَّقُونَ مِنَ ٱلْحَرِّ ٱلشَّدِيدِ وَتَغَطَّتْ ثِيَابُهُمْ بِٱلْغُبَارِ. فَأَشْفَقَتْ مَارِيَّا عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ يُنَفِّذُونَ ٱلْأَوَامِرَ لَيْسَ إِلَّا. فَسَكَبَتْ لَهُمُ ٱلْعَصِيرَ، وَأَعْطَتْهُمْ فُرْشَاةً مَعَ وِعَاءِ مَاءٍ وَبَعْضِ ٱلْمَنَاشِفِ. لَاحِقًا وَصَلَ ٱلضَّابِطُ ٱلْمَسْؤُولُ، وَأَخْبَرَهُ ٱلرِّجَالُ عَنْ مُعَامَلَتِهَا ٱللَّطِيفَةِ. فَٱبْتَسَمَ أَثْنَاءَ مُغَادَرَتِهِمْ وَلَوَّحَ لَنَا بِيَدِهِ. فَفَرِحْنَا لِأَنَّنَا غَلَبْنَا «ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ». —رَغْمَ ٱلْمُدَاهَمَاتِ، وَاصَلْنَا ٱلْبِشَارَةَ فِي أَرْمَافِير. كَمَا دَعَمْنَا فَرِيقًا صَغِيرًا فِي بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ ٱسْمُهَا كُورْغَانِينْسْك. وَيَسُرُّنِي جِدًّا أَنَّ أَرْمَافِير تَضُمُّ ٱلْيَوْمَ ٦ جَمَاعَاتٍ وَكُورْغَانِينْسْك ٤ جَمَاعَاتٍ.
وَاجَهْنَا تَحَدِّيَاتٍ أُخْرَى عَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ. فَقَدْ ضَعُفَتْ رُوحِيَّاتُنَا أَحْيَانًا. لٰكِنَّنَا نَشْكُرُ يَهْوَهَ لِأَنَّهُ قَوَّمَنَا وَشَجَّعَنَا مِنْ خِلَالِ إِخْوَةٍ أُمَنَاءَ. (مز ١٣٠:٣) وَأَحْيَانًا تَسَلَّلَ عُمَلَاءُ مِنَ ٱلْمُخَابَرَاتِ إِلَى ٱلْجَمَاعَاتِ. وَبَدَا أَنَّهُمْ إِخْوَةٌ غَيُورُونَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ تَعَيَّنَ فِي مَرَاكِزِ مَسْؤُولِيَّةٍ. لٰكِنَّهُمُ ٱنْكَشَفُوا بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ.
عَامَ ١٩٧٨، حَمَلَتْ مَارِيَّا وَهِيَ بِعُمْرِ ٤٥ سَنَةً. لٰكِنَّهَا كَانَتْ تُعَانِي مَرَضًا مُزْمِنًا فِي ٱلْقَلْبِ. فَخَافَ ٱلْأَطِبَّاءُ عَلَى حَيَاتِهَا وَحَاوَلُوا أَنْ يُقْنِعُوهَا بِإِجْهَاضِ ٱلْجَنِينِ. فَرَفَضَتِ ٱلْفِكْرَةَ نِهَائِيًّا. فَلَاحَقَهَا بَعْضُ ٱلْأَطِبَّاءِ فِي ٱلْمُسْتَشْفَى لِيَحْقِنُوهَا بِدَوَاءٍ يُعَجِّلُ ٱلْوِلَادَةَ. فَهَرَبَتْ مِنْ هُنَاكَ لِتَحْمِيَ ٱلْجَنِينَ.
بَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، أَمَرَنَا ضُبَّاطُ ٱلْمُخَابَرَاتِ بِمُغَادَرَةِ ٱلْمَدِينَةِ. فَٱنْتَقَلْنَا إِلَى قَرْيَةٍ فِي أَسْتُونِيَا ٱلَّتِي كَانَتْ ضِمْنَ ٱلِٱتِّحَادِ ٱلسُّوفْيَاتِيِّ. وَهُنَاكَ وُلِدَ ٱبْنُنَا فِيتَالِي، وَكَانَتْ صِحَّتُهُ مُمْتَازَةً بِعَكْسِ تَوَقُّعَاتِ ٱلْأَطِبَّاءِ.
لَاحِقًا، ٱنْتَقَلْنَا إِلَى قَرْيَةِ نِيزْلُوبْنَايَا جَنُوبَ رُوسِيَا. وَٱعْتَدْنَا أَنْ نُبَشِّرَ بِحَذَرٍ فِي ٱلْمُنْتَجَعَاتِ ٱلَّتِي قَصَدَهَا ٱلنَّاسُ مِنْ كُلِّ ٱلْبَلَدِ لِأَسْبَابٍ طِبِّيَّةٍ. وَبَعْضُ ٱلَّذِينَ أَتَوْا عَلَى أَمَلِ أَنْ تَتَحَسَّنَ صِحَّتُهُمْ، غَادَرُوا عَلَى أَمَلِ أَنْ يَعِيشُوا حَيَاةً أَبَدِيَّةً.
تَرْبِيَةُ أَوْلَادِنَا عَلَى مَحَبَّةِ يَهْوَهَ
اِجْتَهَدْنَا لِنُعَلِّمَ أَوْلَادَنَا أَنْ يُحِبُّوا يَهْوَهَ وَيَخْدُمُوهُ. فَكُنَّا نَسْتَضِيفُ إِخْوَةً كَثِيرِينَ يُؤَثِّرُونَ فِيهِمْ تَأْثِيرًا جَيِّدًا. وَٱعْتَدْنَا أَنْ نَلْعَبَ مَعَهُمْ أَلْعَابًا زَادَتْ مَحَبَّةَ أَوْلَادِنَا لِرِوَايَاتِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. وَأَحَدُ هٰؤُلَاءِ ٱلضُّيُوفِ هُوَ أَخِي غْرِيغُورِي ٱلَّذِي خَدَمَ نَاظِرًا جَائِلًا بَيْنَ عَامَيْ ١٩٧٠ وَ ١٩٩٥. وَكَانَ شَخْصًا مَرِحًا وَفَرِحَتْ كُلُّ ٱلْعَائِلَةِ بِزِيَارَاتِهِ.
عَامَ ١٩٨٧، ٱنْتَقَلَ ٱبْنُنَا يَارُوسْلَاف إِلَى مَدِينَةِ رِيغَا فِي
لَاتْفِيَا حَيْثُ بَشَّرَ بِحُرِّيَّةٍ أَكْبَرَ. وَلٰكِنْ حِينَ رَفَضَ ٱلِٱلْتِحَاقَ بِٱلْخِدْمَةِ ٱلْعَسْكَرِيَّةِ، حُكِمَ عَلَيْهِ بِٱلسَّجْنِ سَنَةً وَنِصْفًا قَضَاهَا فِي ٩ سُجُونٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَقَدْ سَاعَدَتْهُ ٱخْتِبَارَاتِي فِي ٱلسِّجْنِ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ. وَلَاحِقًا بَدَأَ يَخْدُمُ كَفَاتِحٍ. أَمَّا ٱبْنُنَا بَافِيل، فَأَرَادَ عَامَ ١٩٩٠ أَنْ يَخْدُمَ كَفَاتِحٍ فِي جَزِيرَةِ سَخَالِين شَرْقَ سَيْبِيرِيَا. وَكَانَ عُمْرُهُ آنَذَاكَ ١٩ سَنَةً. فِي ٱلْبِدَايَةِ، لَمْ نُوَافِقْ عَلَى ذَهَابِهِ. فَلَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ سِوَى ٢٠ نَاشِرًا، وَكَانَتْ تَبْعُدُ أَكْثَرَ مِنْ ٩٬٠٠٠ كلم. لٰكِنَّنَا وَافَقْنَا فِي ٱلنِّهَايَةِ، وَٱتَّضَحَ أَنَّهُ ٱتَّخَذَ قَرَارًا جَيِّدًا. فَٱلنَّاسُ تَجَاوَبُوا مَعَ ٱلْبِشَارَةِ، وَخِلَالَ بِضْعِ سَنَوَاتٍ تَأَسَّسَتْ ٨ جَمَاعَاتٍ هُنَاكَ. وَظَلَّ بَافِيل فِي سَخَالِين حَتَّى عَامِ ١٩٩٥. فَلَمْ يَبْقَ مَعَنَا فِي ٱلْبَيْتِ سِوَى ٱبْنِنَا ٱلْأَصْغَرِ فِيتَالِي. وَقَدْ أَحَبَّ قِرَاءَةَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَصَارَ فَاتِحًا بِعُمْرِ ١٤ سَنَةً. وَخَدَمْتُ مَعَهُ فَاتِحًا سَنَتَيْنِ، وَقَضَيْنَا أَوْقَاتًا جَمِيلَةً. ثُمَّ بِعُمْرِ ١٩ سَنَةً، أَصْبَحَ فَاتِحًا خُصُوصِيًّا وَتَرَكَ ٱلْبَيْتَ.عَامَ ١٩٥٢، قَالَ ضَابِطُ ٱلْمُخَابَرَاتِ لِمَارِيَّا: «اُتْرُكِي دِينَكِ وَإِلَّا فَسَتُسْجَنِينَ ١٠ سَنَوَاتٍ. وَحِينَ تَخْرُجِينَ سَتَكُونِينَ عَجُوزًا وَوَحِيدَةً». وَلٰكِنْ مَا أَبْعَدَ ذٰلِكَ عَنِ ٱلْوَاقِعِ! فَعَلَى مَرِّ ٱلسَّنَوَاتِ، تَمَتَّعْنَا بِمَحَبَّةِ يَهْوَهَ وَأَوْلَادِنَا وَٱلْأَشْخَاصِ ٱلْكَثِيرِينَ ٱلَّذِينَ عَلَّمْنَاهُمُ ٱلْحَقَّ. كَمَا فَرِحْنَا بِزِيَارَةِ أَوْلَادِنَا حَيْثُ يَخْدُمُونَ. وَلَمَسْنَا ٱمْتِنَانَ ٱلَّذِينَ سَاعَدُوهُمْ لِيَتَعَرَّفُوا بِيَهْوَهَ.
تَقْدِيرُ صَلَاحِ يَهْوَهَ
عَامَ ١٩٩١، ٱعْتَرَفَتِ ٱلْحُكُومَةُ رَسْمِيًّا بِعَمَلِ شُهُودِ يَهْوَهَ. فَتَجَدَّدَتْ غَيْرَتُنَا لِلْبِشَارَةِ. حَتَّى إِنَّ جَمَاعَتَنَا ٱشْتَرَتْ بَاصًا لِتَخْدُمَ فِي ٱلْبَلَدَاتِ ٱلْمُجَاوِرَةِ خِلَالَ نِهَايَاتِ ٱلْأَسَابِيعِ.
وَٱلْيَوْمَ يَخْدُمُ ٱبْنَايَ يَارُوسْلَاف وَبَافِيل مَعَ زَوْجَتَيْهِمَا أَلْيُونَا وَرَايَا فِي بَيْتَ إِيلَ. وَيَخْدُمُ ٱبْنِي فِيتَالِي مَعَ زَوْجَتِهِ سْفِيتْلَانَا فِي ٱلْعَمَلِ ٱلدَّائِرِيِّ. وَٱبْنَتِي إِيرِينَا تَعِيشُ فِي أَلْمَانِيَا. وَزَوْجُهَا فْلَادِيمِير وَأَوْلَادُهُمَا ٱلثَّلَاثَةُ شُيُوخٌ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. أَمَّا ٱبْنَتِي أُولْغَا، فَتَعِيشُ فِي أَسْتُونِيَا وَنَحْنُ عَلَى ٱتِّصَالٍ دَائِمٍ. لِلْأَسَفِ تُوُفِّيَتْ زَوْجَتِي ٱلْحَبِيبَةُ عَامَ ٢٠١٤. وَأَنْتَظِرُ بِفَارِغِ ٱلصَّبْرِ أَنْ أَرَاهَا فِي ٱلْقِيَامَةِ.
عُمْرِي ٱلْآنَ ٨٣ سَنَةً. وَأَخْدُمُ شَيْخًا فِي مَدِينَةِ بِيلْغُورُود، وَٱلْإِخْوَةُ فِي جَمَاعَتِي يَدْعَمُونَنِي كَثِيرًا. لَقَدْ تَعَلَّمْتُ أَنَّ ٱلِٱسْتِقَامَةَ تَتَطَلَّبُ ٱلتَّضْحِيَاتِ، لٰكِنَّ يَهْوَهَ يَمْنَحُ بِٱلْمُقَابِلِ سَلَامًا لَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ. وَعَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ، بَارَكَنَا أَنَا وَمَارِيَّا بِبَرَكَاتٍ فَاقَتْ تَصَوُّرَاتِنَا. فَقَبْلَ ٱنْهِيَارِ ٱلِٱتِّحَادِ ٱلسُّوفْيَاتِيِّ، كَانَ عَدَدُ ٱلنَّاشِرِينَ حَوَالَيْ ٤٠٬٠٠٠ شَخْصٍ. أَمَّا ٱلْيَوْمَ فَهُنَاكَ أَكْثَرُ مِنْ ٤٠٠٬٠٠٠ نَاشِرٍ فِي هٰذِهِ ٱلْمَنَاطِقِ. لَطَالَمَا قَوَّانِي يَهْوَهُ لِأَحْتَمِلَ، وَٱلِٱحْتِمَالُ جَلَبَ لِي بَرَكَاتٍ كَثِيرَةً. — مز ١٣:٥، ٦.