الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

قِصَّةُ حَيَاةٍ

يهوه لم يخذلني

يهوه لم يخذلني

كُنْتُ بَيْنَ أَرْبَعِ بَنَاتٍ صَغِيرَاتٍ قَدَّمْنَ أَزْهَارًا لِأَدُولْف هِتْلِر بَعْدَمَا أَلْقَى خِطَابًا.‏ فَأَبِي كَانَ نَاشِطًا فِي ٱلْحِزْبِ ٱلنَّازِيِّ وَسَائِقَ رَئِيسِ فَرْعٍ مَحَلِّيٍّ لِلنَّازِيِّينَ.‏ أَمَّا أُمِّي فَكَانَتْ كَاثُولِيكِيَّةً مُتَدَيِّنَةً وَأَرَادَتْ أَنْ أَصِيرَ رَاهِبَةً.‏ لٰكِنِّي لَمْ أُصْبِحْ لَا نَازِيَّةً وَلَا رَاهِبَةً.‏ سَأُخْبِرُكُمْ قِصَّتِي.‏

تَرَبَّيْتُ فِي مَدِينَةِ غْرَاتْس فِي ٱلنَّمْسَا.‏ وَبِعُمْرِ ٧ سَنَوَاتٍ،‏ أُرْسِلْتُ إِلَى مَدْرَسَةٍ دِينِيَّةٍ.‏ إِلَّا أَنِّي صُعِقْتُ حِينَ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالَ ٱلدِّينِ يُمَارِسُونَ ٱلْجِنْسَ مَعَ ٱلرَّاهِبَاتِ.‏ فَسَمَحَتْ لِي أُمِّي أَنْ أَتْرُكَ ٱلْمَدْرَسَةَ بَعْدَ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ.‏

مَعَ عَائِلَتِي،‏ وَيَبْدُو أَبِي بِٱلْبَدْلَةِ ٱلْعَسْكَرِيَّةِ

لَاحِقًا،‏ ذَهَبْتُ إِلَى مَدْرَسَةٍ دَاخِلِيَّةٍ.‏ وَذَاتَ لَيْلَةٍ،‏ أَتَى أَبِي لِيَأْخُذَنِي مِنْ هُنَاكَ لِأَنَّ غْرَاتْس كَانَتْ تَتَعَرَّضُ لِقَصْفٍ عَنِيفٍ.‏ فَهَرَبْنَا إِلَى بَلْدَةِ شْلَادْمِينْغ.‏ وَمَا إِنْ وَصَلْنَا وَعَبَرْنَا جِسْرًا حَتَّى دُمِّرَ بِٱلْكَامِلِ.‏ وَفِي يَوْمٍ آخَرَ،‏ أَطْلَقَتْ طَائِرَاتٌ مِنْ عُلُوٍّ مُنْخَفِضٍ ٱلنَّارَ عَلَيَّ أَنَا وَجَدَّتِي قُرْبَ مَنْزِلِنَا.‏ وَفِي نِهَايَةِ ٱلْحَرْبِ،‏ شَعَرْنَا أَنَّ ٱلْكَنِيسَةَ وَٱلْحُكُومَةَ خَيَّبَتَا أَمَلَنَا.‏

وَجَدْتُ دَعْمًا حَقِيقِيًّا

عَامَ ١٩٥٠،‏ بَدَأَتْ شَاهِدَةٌ لِيَهْوَهَ تُخْبِرُ أُمِّي عَنْ رِسَالَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ وَكُنْتُ أَسْتَمِعُ إِلَيْهِمَا وَأَذْهَبُ إِلَى بَعْضِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ.‏ وَبَعْدَمَا ٱقْتَنَعَتْ أُمِّي أَنَّ شُهُودَ يَهْوَهَ عَلَى حَقٍّ،‏ ٱعْتَمَدَتْ عَامَ ١٩٥٢.‏

آنَذَاكَ،‏ بَدَا لِي أَنَّ ٱلْجَمَاعَةَ أَشْبَهُ بِنَادٍ لِلْمُسِنَّاتِ.‏ لٰكِنَّنَا ذَهَبْنَا لَاحِقًا إِلَى جَمَاعَةٍ فِيهَا ٱلْكَثِيرُ مِنَ ٱلشَّبَابِ،‏ فَغَيَّرْتُ رَأْيِي.‏ وَحِينَ عُدْنَا إِلَى غْرَاتْس،‏ صِرْتُ أَحْضُرُ كُلَّ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ.‏ فَٱقْتَنَعْتُ أَنَّ هٰذَا هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ يَهْوَهَ يَدْعَمُ خُدَّامَهُ وَلَا يَخْذُلُهُمْ أَبَدًا،‏ حَتَّى لَوْ شَعَرُوا أَنَّهُمْ يُوَاجِهُونَ وَحْدَهُمْ ظُرُوفًا صَعْبَةً.‏ —‏ مز ٣:‏٥،‏ ٦‏.‏

أَرَدْتُ أَنْ أُبَشِّرَ ٱلْآخَرِينَ،‏ وَخَاصَّةً أَخِي وَأَخَوَاتِي.‏ وَكَانَتْ أَخَوَاتِي ٱلْأَرْبَعُ ٱلْأَكْبَرُ سِنًّا مُعَلِّمَاتٍ فِي قُرًى أُخْرَى.‏ فَزُرْتُهُنَّ وَشَجَّعْتُهُنَّ عَلَى دَرْسِ ٱلْحَقِّ.‏ وَفِي ٱلْآخِرِ،‏ صَارَتْ كُلُّ أَخَوَاتِي وَأَخِي أَيْضًا مِنْ شُهُودِ يَهْوَهَ.‏

فِي ٱلْأُسْبُوعِ ٱلثَّانِي لِخِدْمَتِي مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ،‏ ٱلْتَقَيْتُ ٱمْرَأَةً فِي ثَلَاثِينِيَّاتِهَا وَبَدَأْتُ أَدْرُسُ مَعَهَا.‏ وَبِمَا أَنَّهُ لَا أَحَدَ كَانَ يَدْرُسُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مَعِي،‏ كُنْتُ أَسْتَعِدُّ جَيِّدًا لِلدَّرْسِ لِأَتَعَلَّمَ أَنَا أَوَّلًا ثُمَّ أُعَلِّمَهَا.‏ وَهٰذَا عَمَّقَ فَهْمِي لِلْحَقِّ.‏ وَفِي نَيْسَانَ (‏إِبْرِيل)‏ ١٩٥٤،‏ نَذَرْتُ نَفْسِي لِيَهْوَهَ وَٱعْتَمَدْتُ.‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ ٱقْتَنَعَتْ هِيَ أَيْضًا بِٱلْحَقِّ وَٱعْتَمَدَتْ،‏ ثُمَّ ٱعْتَمَدَ زَوْجُهَا وَٱبْنَاهَا.‏

‏«مُضْطَهَدُونَ،‏ لٰكِنْ غَيْرُ مَخْذُولِينَ»‏

عَامَ ١٩٥٥،‏ حَضَرْتُ مَحَافِلَ أُمَمِيَّةً فِي أَلْمَانِيَا وَفَرَنْسَا وَإِنْكِلْتَرَا.‏ وَفِي لَنْدَنَ،‏ ٱلْتَقَيْتُ أَلْبِرْت شْرُودِرَ،‏ ٱلَّذِي كَانَ مُدَرِّسًا فِي مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَأَصْبَحَ لَاحِقًا مِنَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ وَأَثْنَاءَ جَوْلَةٍ مَعَ بَعْضِ ٱلشُّهُودِ فِي ٱلْمَتْحَفِ ٱلْبَرِيطَانِيِّ،‏ لَفَتَ ٱلْأَخُ شْرُودِر نَظَرَنَا إِلَى مَخْطُوطَاتٍ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ تَضَمَّنَتِ ٱسْمَ ٱللهِ بِٱلْأَحْرُفِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ وَشَرَحَ لَنَا أَهَمِّيَّتَهَا.‏ فَزَادَتْ مَحَبَّتِي لِيَهْوَهَ وَقَوِيَ تَصْمِيمِي عَلَى نَشْرِ ٱلْحَقِّ.‏

مَعَ رَفِيقَتِي (‏إِلَى ٱلْيَمِينِ)‏ حِينَ كُنَّا فَاتِحَتَيْنِ خُصُوصِيَّتَيْنِ فِي مِيسْتِلْبَاخَ،‏ ٱلنَّمْسَا

فِي ١ كَانُونَ ٱلثَّانِي (‏يَنَايِر)‏ ١٩٥٦،‏ بَدَأْتُ خِدْمَةَ ٱلْفَتْحِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ.‏ وَبَعْدَ ٤ أَشْهُرٍ،‏ دُعِيتُ لِأَخْدُمَ كَفَاتِحَةٍ خُصُوصِيَّةٍ فِي بَلْدَةِ مِيسْتِلْبَاخَ ٱلَّتِي لَمْ يَكُنْ فِيهَا شُهُودٌ.‏ وَٱلتَّحَدِّي ٱلَّذِي وَاجَهْتُهُ هُوَ ٱلْفَرْقُ ٱلْكَبِيرُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَفِيقَتِي فِي ٱلْفَتْحِ.‏ فَأَنَا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ وَعُمْرِي ١٩ سَنَةً تَقْرِيبًا،‏ وَهِيَ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ وَعُمْرُهَا ٢٥ سَنَةً.‏ أَنَا أُحِبُّ ٱلنَّوْمَ حَتَّى وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ،‏ وَهِيَ تَسْتَيْقِظُ بَاكِرًا.‏ وَفِي ٱلْمَسَاءِ،‏ أَنَا أُحِبُّ ٱلسَّهَرَ أَمَّا هِيَ فَعَكْسِي تَمَامًا.‏ رَغْمَ ذٰلِكَ،‏ تَكَيَّفْنَا مَعًا بِتَطْبِيقِ نَصَائِحِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱسْتَمْتَعْنَا بِٱلْفَتْحِ سَوِيًّا.‏

وَتَعَرَّضْنَا أَيْضًا لِتَحَدِّيَاتٍ أُخْرَى.‏ فَقَدْ عَانَيْنَا مِنَ ٱلِٱضْطِهَادِ،‏ وَلٰكِنْ لَمْ نَكُنْ ‹مَخْذُولَتَيْنِ›.‏ (‏٢ كو ٤:‏٧-‏٩‏)‏ فَذَاتَ مَرَّةٍ،‏ فِيمَا كُنَّا نُبَشِّرُ فِي قَرْيَةٍ نَائِيَةٍ،‏ أَفْلَتَ ٱلنَّاسُ كِلَابَهُمْ عَلَيْنَا.‏ وَسُرْعَانَ مَا أَحَاطَتْ بِنَا كِلَابٌ ضَخْمَةٌ تَنْبَحُ مُكَشِّرَةً عَنْ أَنْيَابِهَا.‏ فَأَمْسَكْتُ بِيَدِ رَفِيقَتِي وَصَلَّيْتُ:‏ «يَا يَهْوَهُ!‏ أَرْجُوكَ دَعْنَا نَمُوتُ بِسُرْعَةٍ!‏».‏ وَبَعْدَمَا ٱقْتَرَبَتِ ٱلْكِلَابُ كَثِيرًا،‏ تَوَقَّفَتْ فَجْأَةً،‏ هَزَّتْ أَذْنَابَهَا،‏ ثُمَّ رَحَلَتْ.‏ فَشَعَرْنَا أَنَّ يَهْوَهَ يَحْمِينَا.‏ ثُمَّ تَابَعْنَا خِدْمَتَنَا فِي كُلِّ ٱلْقَرْيَةِ وَفَرِحْنَا كَثِيرًا لِأَنَّ ٱلنَّاسَ تَجَاوَبُوا مَعَ بِشَارَتِنَا.‏ فَرُبَّمَا تَفَاجَأُوا لِأَنَّ ٱلْكِلَابَ لَمْ تُؤْذِنَا أَوْ لِأَنَّنَا أَكْمَلْنَا خِدْمَتَنَا بَعْدَ هٰذَا ٱلْحَادِثِ ٱلْمُرْعِبِ.‏ حَتَّى إِنَّ ٱلْبَعْضَ مِنْهُمْ أَصْبَحُوا مِنَ ٱلشُّهُودِ.‏

وَفِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ،‏ حَصَلَ مَعَنَا حَادِثٌ مُرْعِبٌ آخَرُ.‏ فَصَاحِبُ ٱلْبَيْتِ حَيْثُ ٱسْتَأْجَرْنَا غُرْفَةً أَتَى سَكْرَانًا وَرَاحَ يُهَدِّدُ بِقَتْلِنَا مُدَّعِيًا أَنَّنَا نُزْعِجُ ٱلْجِيرَانَ.‏ فَحَاوَلَتْ زَوْجَتُهُ تَهْدِئَتَهُ،‏ وَلٰكِنْ دُونَ نَتِيجَةٍ.‏ وَكُنَّا نَسْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ غُرْفَتِنَا فِي ٱلطَّابِقِ ٱلْعُلْوِيِّ.‏ فَوَضَعْنَا كَرَاسِيَ أَمَامَ ٱلْبَابِ وَوَضَّبْنَا حَقَائِبَنَا.‏ وَحِينَ فَتَحْنَا ٱلْبَابَ،‏ كَانَ ٱلرَّجُلُ يَقِفُ فِي أَعْلَى ٱلدَّرَجِ حَامِلًا سِكِّينًا كَبِيرًا.‏ فَهَرَبْنَا دُونَ رَجْعَةٍ عَبْرَ مَمَرِّ ٱلْحَدِيقَةِ ٱلطَّوِيلِ حَامِلَتَيْنِ كُلَّ أَغْرَاضِنَا.‏

ذَهَبْنَا إِلَى فُنْدُقٍ وَطَلَبْنَا غُرْفَةً.‏ وَبَقِينَا هُنَاكَ سَنَةً تَقْرِيبًا،‏ مَا أَثَّرَ إِيجَابِيًّا عَلَى خِدْمَتِنَا.‏ فَٱلْفُنْدُقُ كَانَ وَسَطَ ٱلْبَلْدَةِ وَبَعْضُ تَلَامِيذِنَا أَرَادُوا أَنْ يَدْرُسُوا هُنَاكَ.‏ وَصِرْنَا نَعْقِدُ دَرْسَ ٱلْكِتَابِ وَدَرْسَ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ ٱلْأُسْبُوعِيَّ فِي غُرْفَتِنَا بِحُضُورِ ١٥ شَخْصًا تَقْرِيبًا.‏

بَقِينَا فِي مِيسْتِلْبَاخ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ.‏ ثُمَّ عُيِّنْتُ فِي بَلْدَةِ فِيلْدْبَاخ جَنُوبَ شَرْقِ غْرَاتْس.‏ وَصَارَ عِنْدِي رَفِيقَةٌ جَدِيدَةٌ فِي ٱلْفَتْحِ،‏ وَلٰكِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جَمَاعَةٌ.‏ عِشْنَا فِي غُرْفَةٍ صَغِيرَةٍ فِي ٱلطَّابِقِ ٱلثَّانِي مِنْ كُوخٍ خَشَبِيٍّ.‏ وَكَانَتِ ٱلرِّيحُ تَصْفِرُ عَبْرَ ٱلْفُتْحَاتِ بَيْنَ أَلْوَاحِ ٱلْخَشَبِ،‏ فَحَاوَلْنَا أَنْ نَسُدَّهَا بِوَرَقِ ٱلْجَرَائِدِ.‏ وَلَزِمَ أَنْ نَجْلُبَ ٱلْمَاءَ مِنَ ٱلْبِئْرِ.‏ لٰكِنَّ ٱلنَّتِيجَةَ ٱسْتَأْهَلَتِ ٱلْجُهْدَ.‏ فَفِي أَشْهُرٍ قَلِيلَةٍ،‏ تَأَسَّسَ فَرِيقٌ.‏ وَدَرَسْنَا ٱلْحَقَّ مَعَ عَائِلَةٍ ٱعْتَمَدَ مِنْهُمْ حَوَالَيْ ٣٠ شَخْصًا.‏

إِنَّ هٰذِهِ ٱلِٱخْتِبَارَاتِ قَوَّتْ تَقْدِيرِي لِيَهْوَهَ ٱلَّذِي لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ مَنْ يَضَعُ مَصَالِحَ ٱلْمَلَكُوتِ أَوَّلًا.‏ حَتَّى لَوْ عَجِزَ ٱلْبَشَرُ عَنْ مُسَاعَدَتِنَا،‏ يَهْوَهُ دَائِمًا إِلَى جَانِبِنَا.‏ —‏ مز ١٢١:‏١-‏٣‏.‏

يَهْوَهُ قَوَّانِي ‹بِيَمِينِ بِرِّهِ›‏

عَامَ ١٩٥٨،‏ كَانَ مَحْفِلٌ أُمَمِيٌّ سَيُعْقَدُ فِي مُدَرَّجَيْ يَانْكِي سْتَادِيُوم وَبُولُو غْرَاونْدْز فِي نْيُويُورْك.‏ فَقَدَّمْتُ طَلَبًا كَيْ أَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ.‏ وَسَأَلَنِي فَرْعُ ٱلنَّمْسَا إِذَا كُنْتُ أَرْغَبُ فِي حُضُورِ ٱلصَّفِّ ٱلـ‍ ٣٢ مِنْ مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ.‏ وَبِٱلتَّأْكِيدِ،‏ لَمْ أَرْفُضْ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازَ ٱلرَّائِعَ.‏

فِي جِلْعَادَ،‏ جَلَسْتُ قُرْبَ ٱلْأَخِ مَارْتِن بُويْتْسِنْغِرَ ٱلَّذِي عَانَى ٱلْأَمَرَّيْنِ فِي مُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ ٱلنَّازِيَّةِ وَأَصْبَحَ لَاحِقًا مِنَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ.‏ وَخِلَالَ ٱلصَّفِّ،‏ كَانَ يَهْمِسُ فِي أُذُنِي أَحْيَانًا:‏ «إِيرِيكَا،‏ مَا مَعْنَى هٰذَا بِٱلْأَلْمَانِيَّةِ؟‏».‏

وَفِي مُنْتَصَفِ ٱلْمُقَرَّرِ،‏ أَعْلَنَ نَاثَان نُور تَعْيِينَاتِنَا.‏ فَجَاءَ تَعْيِينِي فِي ٱلْبَارَاغْوَاي.‏ وَلِأَنِّي كُنْتُ صَغِيرَةً فِي ٱلسِّنِّ،‏ لَزِمَ أَنْ أَحْصُلَ عَلَى إِذْنٍ مِنْ أَبِي كَيْ أَدْخُلَ ٱلْبَلَدَ.‏ فَوَصَلْتُ فِي آذَارَ (‏مَارِس)‏ ١٩٥٩،‏ وَعُيِّنْتُ مَعَ رَفِيقَةٍ جَدِيدَةٍ فِي بَيْتٍ لِلْمُرْسَلِينَ فِي مَدِينَةِ آسُنْسِيُون.‏

بَعْدَ ذٰلِكَ بِوَقْتٍ قَصِيرٍ،‏ ٱلْتَقَيْتُ وَالْتِر بْرَايْت،‏ وَهُوَ مُرْسَلٌ مُتَخَرِّجٌ مِنَ ٱلصَّفِّ ٱلـ‍ ٣٠ مِنْ جِلْعَادَ.‏ وَبَعْدَ فَتْرَةٍ،‏ تَزَوَّجْنَا وَوَاجَهْنَا مَعًا مَتَاعِبَ ٱلْحَيَاةِ.‏ وَكُلَّمَا مَرَرْنَا بِظَرْفٍ صَعْبٍ،‏ قَرَأْنَا وَعْدَ يَهْوَهَ فِي إِشَعْيَا ٤١:‏١٠‏:‏ «لَا تَخَفْ لِأَنِّي مَعَكَ.‏ لَا تَتَلَفَّتْ لِأَنِّي إِلٰهُكَ.‏ أُشَدِّدُكَ وَأُعِينُكَ».‏ فَهٰذِهِ ٱلْآيَةُ أَكَّدَتْ لَنَا أَنَّ يَهْوَهَ لَنْ يَخْذُلَنَا أَبَدًا مَا دُمْنَا نُجَاهِدُ لِنَبْقَى أُمَنَاءَ لَهُ وَنَضَعَ مَلَكُوتَهُ أَوَّلًا.‏

فِي مَا بَعْدُ،‏ عُيِّنَّا فِي مِنْطَقَةٍ قَرِيبَةٍ مِنَ ٱلْحُدُودِ مَعَ ٱلْبَرَازِيل.‏ وَهُنَاكَ،‏ حَرَّضَ رِجَالُ ٱلدِّينِ ٱلشَّبَابَ لِيَرْمُوا ٱلْحِجَارَةَ عَلَى بَيْتِ ٱلْمُرْسَلِينَ ٱلَّذِي كَانَ أَصْلًا فِي حَالَةٍ سَيِّئَةٍ.‏ وَآنَذَاكَ،‏ بَدَأَ وَالْتِر يَدْرُسُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مَعَ رَئِيسِ ٱلشُّرْطَةِ.‏ فَأَمَرَ رِجَالَهُ أَنْ يَحْرُسُوا بَيْتَنَا طَوَالَ أُسْبُوعٍ،‏ وَمَا عَادَ أَحَدٌ يُضَايِقُنَا.‏ وَبَعْدَ مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ،‏ ٱنْتَقَلْنَا إِلَى حَيٍّ أَفْضَلَ فِي ٱلْبَرَازِيل،‏ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْآخَرِ مِنَ ٱلْحُدُودِ.‏ وَكَانَ هٰذَا لِخَيْرِ ٱلْعَمَلِ إِذْ عَقَدْنَا ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ فِي ٱلْبَارَاغْوَاي وَٱلْبَرَازِيل أَيْضًا.‏ وَقَبْلَ أَنْ نُنْهِيَ تَعْيِينَنَا هُنَاكَ،‏ تَأَسَّسَتْ جَمَاعَتَانِ صَغِيرَتَانِ.‏

مَعَ زَوْجِي وَالْتِر فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ فِي آسُنْسِيوُنَ،‏ ٱلْبَارَاغْوَاي

يَهْوَهُ لَا يَزَالُ إِلَى جَانِبِي

أَخْبَرَنِي ٱلْأَطِبَّاءُ أَنَّنِي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُنْجِبَ ٱلْأَوْلَادَ.‏ فَتَفَاجَأْنَا كَثِيرًا عِنْدَمَا عَرَفْنَا سَنَةَ ١٩٦٢ أَنَّنِي حَامِلٌ.‏ وَسَكَنَّا أَخِيرًا فِي هُولِيوُود بِفْلُورِيدَا إِلَى جَانِبِ عَائِلَةِ وَالْتِر.‏ وَلِعِدَّةِ سَنَوَاتٍ،‏ لَمْ تَسْمَحْ ظُرُوفُنَا أَنْ نَكُونَ فَاتِحَيْنِ بِسَبَبِ مَسْؤُولِيَّاتِنَا ٱلْعَائِلِيَّةِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ بَقِيَتْ مَصَالِحُ ٱلْمَلَكُوتِ أَوَّلًا فِي حَيَاتِنَا.‏ —‏ مت ٦:‏٣٣‏.‏

عِنْدَمَا وَصَلْنَا إِلَى فْلُورِيدَا فِي تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (‏نُوفَمْبِر)‏ ١٩٦٢،‏ تَفَاجَأْنَا أَنَّ هُنَاكَ جَمَاعَاتٍ لِلْإِخْوَةِ ٱلسُّودِ وَأُخْرَى لِلْبِيضِ وَأَنَّهُمْ يُبَشِّرُونَ فِي مَنَاطِقَ مُخْتَلِفَةٍ.‏ وَٱلسَّبَبُ هُوَ ٱلْعَلَاقَاتُ ٱلْمُتَوَتِّرَةُ فِي ٱلْمِنْطَقَةِ بَيْنَ ٱلْعِرْقَيْنِ.‏ لٰكِنَّ يَهْوَهَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ ٱلْعُرُوقِ.‏ وَلَمْ يَمْضِ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى ٱنْدَمَجَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ مَعًا.‏ وَبِٱلطَّبْعِ،‏ كَانَ لِيَهْوَهَ يَدٌ فِي هٰذَا ٱلتَّرْتِيبِ.‏ فَٱلْمِنْطَقَةُ ٱلْآنَ تَضُمُّ عَشَرَاتِ ٱلْجَمَاعَاتِ.‏

لِلْأَسَفِ،‏ أُصِيبَ وَالْتِر بِسَرَطَانِ ٱلدِّمَاغِ وَمَاتَ عَامَ ٢٠١٥.‏ لَقَدْ عِشْنَا مَعًا بِسَعَادَةٍ ٥٥ سَنَةً.‏ فَهُوَ كَانَ زَوْجًا رَائِعًا يُحِبُّ يَهْوَهَ كَثِيرًا وَيُسَاعِدُ ٱلْإِخْوَةَ.‏ أَنْتَظِرُ بِشَوْقٍ أَنْ أَرَاهُ مُجَدَّدًا فِي صِحَّةٍ جَيِّدَةٍ.‏ —‏ اع ٢٤:‏١٥‏.‏

أَشْكُرُ يَهْوَهَ مِنْ كُلِّ قَلْبِي لِأَنِّي أَخْدُمُهُ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ ٤٠ سَنَةً وَأَتَمَتَّعُ بِٱلْكَثِيرِ مِنَ ٱلْأَفْرَاحِ وَٱلْبَرَكَاتِ.‏ مَثَلًا،‏ شَهِدْنَا أَنَا وَوَالْتِر مَعْمُودِيَّةَ ١٣٦ شَخْصًا دَرَسْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ.‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ لَمْ تَكُنْ حَيَاتُنَا خَالِيَةً مِنَ ٱلْمَصَاعِبِ.‏ لٰكِنَّنَا لَمْ نَعْتَبِرْهَا عُذْرًا لِلتَّوَقُّفِ عَنْ خِدْمَةِ إِلٰهِنَا ٱلْأَمِينِ،‏ بَلْ فُرْصَةً لِلِٱقْتِرَابِ مِنْهُ وَاثِقَيْنِ أَنَّهُ سَيَحُلُّهَا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ وَبِٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي يَرَاهَا مُنَاسِبَةً.‏ وَهٰذَا مَا فَعَلَهُ دَائِمًا.‏ —‏ ٢ تي ٤:‏١٦،‏ ١٧‏.‏

أَشْتَاقُ كَثِيرًا إِلَى وَالْتِر،‏ لٰكِنَّ خِدْمَةَ ٱلْفَتْحِ تُنْسِينِي حُزْنِي.‏ فَأَنَا أَتَشَجَّعُ كَثِيرًا حِينَ أُعَلِّمُ ٱلْآخَرِينَ عَنِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ وَخُصُوصًا عَنْ رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ.‏ حَقًّا،‏ لَمَسْتُ عَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَخْذُلْنِي.‏ فَهُوَ وَفَى بِوَعْدِهِ وَقَوَّانِي وَأَمْسَكَنِي ‹بِيَمِينِ بِرِّهِ›.‏ —‏ اش ٤١:‏١٠‏.‏