مقالة الدرس ١٨
التَّرنيمَة ١ صِفاتُ يَهْوَه
ثِقْ ‹بقاضي كل الأرض› الرحيم!
«هل قاضي كُلِّ الأرضِ لا يَتَصَرَّفُ بِعَدل؟!».— تك ١٨:٢٥.
الفِكرَةُ الرَّئيسِيَّة
سيَصيرُ فَهمُنا أعمَقَ لِرَحمَةِ يَهْوَه وعَدلِهِ في مَسألَةِ قِيامَةِ الأشرار.
١ أيُّ دَرسٍ مُطَمِّنٍ عَلَّمَهُ يَهْوَه لِإبْرَاهِيم؟
لم يَنْسَ إبْرَاهِيم أبَدًا تِلكَ المُحادَثَة. فاللّٰهُ أخبَرَهُ بِواسِطَةِ مَلاكٍ أنَّهُ سيَمْحي مَدينَتَيْ سَدُوم وعَمُورَة. فاضطَرَبَ هذا الرَّجُلُ الأمينُ وسَألَ اللّٰه: «هل تُميتُ الصَّالِحَ معَ الشِّرِّير؟ . . . هل قاضي كُلِّ الأرضِ لا يَتَصَرَّفُ بِعَدل؟!». وفي هذِهِ الحادِثَة، عَلَّمَ يَهْوَه بِصَبرٍ صَديقَهُ البَشَرِيَّ المَحبوبَ دَرسًا يُفيدُنا ويُطَمِّنُنا جَميعًا: لن يُهلِكَ اللّٰهُ الصَّالِحينَ أبَدًا. — تك ١٨:٢٣-٣٣.
٢ ما الَّذي يُطَمِّنُنا أنَّ أحكامَ يَهْوَه عادِلَةٌ ورَحيمَة؟
٢ ماذا يُؤَكِّدُ لنا أنَّ أحكامَ يَهْوَه عادِلَةٌ ورَحيمَة؟ نَحنُ نَعرِفُ أنَّ ‹يَهْوَه يَرى قَلبَ› البَشَر. (١ صم ١٦:٧) وفي الواقِع، هو يَعرِفُ «قَلبَ كُلِّ بَني البَشَر». (١ مل ٨:٣٩؛ ١ أخ ٢٨:٩) وهذِهِ الحَقيقَةُ مُدهِشَة. فأحكامُ يَهْوَه تَفوقُ بِأشواطٍ قُدرَتَنا على الاستيعاب. لا نَستَغرِبُ إذًا أنَّ الرَّسولَ بُولُس قالَ بِالوَحْيِ عن يَهْوَه اللّٰه: «أحكامُهُ تَفوقُ فَهمَنا!». — رو ١١:٣٣.
٣-٤ بماذا قد نُفَكِّرُ أحيانًا، وماذا سنَرى في هذِهِ المَقالَة؟ (يوحنا ٥:٢٨، ٢٩)
٣ مع ذلِك، قد تَخطُرُ على بالِنا أحيانًا أسئِلَةٌ مِثلُ أسئِلَةِ إبْرَاهِيم. حتَّى إنَّنا قد نُفَكِّر: ‹هل هُناك أيُّ أمَلٍ في المُستَقبَلِ لِأشخاصٍ مِثلِ الَّذينَ حُكِمَ علَيهِم في سَدُوم وعَمُورَة؟ هل يُمكِنُ أن يَقومَ أيٌّ مِنهُم في «قِيامَةِ الأشرار»؟›. — أع ٢٤:١٥.
٤ لِنُراجِعْ ما نَفهَمُهُ عنِ القِيامَة. مُؤَخَّرًا، فَهِمْنا بِشَكلٍ أوضَح ‹القِيامَةَ إلى الحَياةِ› و ‹القِيامَةَ إلى الحِساب›. a (إقرأ يوحنا ٥:٢٨، ٢٩.) وهذا التَّوضيحُ أدَّى إلى تَعديلاتٍ إضافِيَّة سنُناقِشُها في هذِهِ المَقالَةِ والمَقالَةِ التَّالِيَة. أيضًا، سَنَرى ما الَّذي لا نَعرِفُه، وبَعدَ ذلِك ما الَّذي نَعرِفُهُ عن أحكامِ يَهْوَه العادِلَة.
ما الَّذي لا نَعرِفُه
٥ ماذا قالَت مَطبوعاتُنا في الماضي عنِ الَّذينَ ماتوا في سَدُوم وعَمُورَة؟
٥ في الماضي، ناقَشَت مَطبوعاتُنا ماذا يَحدُثُ لِلَّذينَ حَكَمَ علَيهِم يَهْوَه أنَّهُم أشرار. وقُلنا إنَّ أشخاصًا مِثلَ أهلِ سَدُوم وعَمُورَة لَيسَ لَدَيهِم أمَلٌ بِالقِيامَةِ في المُستَقبَل. لكنْ بَعدَ المَزيدِ مِنَ الدَّرسِ والصَّلاة، نَشَأَ السُّؤال: ‹هل نَقدِرُ فِعلًا أن نُؤَكِّدَ ذلِك؟›.
٦ ما هي بَعضُ الأمثِلَةِ عن أحكامِ يَهْوَه على الأشرار، وما الَّذي لا نَعرِفُه؟
٦ لاحِظْ بَعضَ الأمثِلَةِ المُرتَبِطَة بِالمَوْضوع. تُخبِرُنا قِصَصٌ عَديدَة في الكِتابِ المُقَدَّسِ عن أحكامِ يَهْوَه على الأشرار، مِثلِ أحكامِهِ على الأعدادِ الَّتي لا تُحْصى مِنَ النَّاسِ الَّذينَ ماتوا في الطُّوفان، أوِ الأُمَمِ السَّبعِ في أرضِ المَوْعِدِ الَّذينَ أمَرَ يَهْوَه شَعبَهُ أن يُهلِكوهُم، أوِ الـ ٠٠٠,١٨٥ جُندِيٍّ أشُورِيٍّ الَّذينَ قَتَلَهُم مَلاكُ يَهْوَه في لَيلَةٍ واحِدَة. (تك ٧:٢٣؛ تث ٧:١-٣؛ إش ٣٧:٣٦، ٣٧) في هذِهِ الحالات، هل يُعْطينا الكِتابُ المُقَدَّسُ مَعلوماتٍ كافِيَة لِنُحَدِّدَ أنَّ يَهْوَه حَكَمَ على كُلِّ هؤُلاءِ الأفرادِ بِالهَلاكِ الأبَدِيّ، دونَ أيِّ أمَلٍ بِالقِيامَة؟ لا، لا يُعْطينا. لِماذا نَقولُ ذلِك؟
٧ ما الَّذي لا نَعرِفُهُ عنِ النَّاسِ الَّذينَ هَلَكوا في الطُّوفانِ أو في الحَربِ على أرضِ كَنْعَان؟ (أُنظُرْ الصُّورَة .)
٧ لا نَعرِفُ ماذا كانَ حُكمُ يَهْوَه على كُلِّ فَرد؛ ولا نَعرِفُ هلِ الَّذينَ قُتِلوا كانَت لَدَيهِمِ فُرصَةٌ لِيَتَعَلَّموا عن يَهْوَه ويَتوبوا. ففي أيَّامِ الطُّوفان، يَقولُ الكِتابُ المُقَدَّسُ إنَّ نُوح كانَ يُنادي «بِالطَّريقِ الصَّحيح». (٢ بط ٢:٥) لكنَّهُ لا يَقولُ إنَّهُ فيما كانَ يَبْني الفُلكَ الضَّخم، حاوَلَ أيضًا أن يَصِلَ إلى كُلِّ فَردٍ على الأرضِ سيَهلَكُ في الطُّوفان. بِشَكلٍ مُشابِه، في حالَةِ الأُمَمِ الكَنْعَانِيَّة، لا نَعرِفُ هل كُلُّ النَّاسِ الأشرارِ كانَ لَدَيهِمِ فُرصَةٌ لِيَتَعَلَّموا عن يَهْوَه ويُغَيِّروا طُرُقَهُم.
٨ ما الَّذي لا نَعرِفُهُ عن أهلِ سَدُوم وعَمُورَة؟
٨ وماذا عن أهلِ سَدُوم وعَمُورَة؟ كانَ رَجُلٌ صالِحٌ اسمُهُ لُوط يَعيشُ بَينَهُم. ولكنْ هل نَعرِفُ إنْ كانَ لُوط قد بَشَّرَهُم جَميعًا؟ لا، لا نَعرِف. طَبعًا، كانَ أهلُ سَدُوم وعَمُورَة أشرارًا، ولكنْ هل كانوا يَعرِفونَ طَريقًا أفضَل؟ تَذَكَّرْ أنَّ جَمعًا مِنَ الرِّجالِ في تِلكَ المَدينَةِ أرادوا أن يَغتَصِبوا ضَيفَيْ لُوط. والكِتابُ المُقَدَّسُ يَقولُ إنَّ هذا الجَمعَ كانَ بَينَهُمُ ‹الصَّبِيُّ والعَجوز›. (تك ١٩:٤؛ ٢ بط ٢:٧) فهل نَعرِفُ إنْ كانَ الإلهُ الرَّحيمُ يَهْوَه قد حَكَمَ على كُلِّ واحِدٍ بِالمَوتِ دونَ أمَلٍ بِالقِيامَة؟ لقد أكَّدَ يَهْوَه لِإبْرَاهِيم أنَّهُ لم يَكُنْ هُناك حتَّى عَشَرَةُ أشخاصٍ صالِحينَ في تِلكَ المَدينَة. (تك ١٨:٣٢) فهُم كانوا أشرارًا، ويَهْوَه حاسَبَهُم بِعَدلٍ على أعمالِهِم. ولكنْ هل نَقدِرُ أن نُؤَكِّدَ أنْ لا أحَدَ مِنهُم سيَقومُ في ‹قِيامَةِ الأشرار›؟ لا، لا نَستَطيعُ أن نُؤَكِّدَ ذلِك.
٩ ما الَّذي لا نَعرِفُهُ عن سُلَيْمَان؟
٩ مِن ناحِيَةٍ أُخْرى، نَقرَأُ أيضًا في الكِتابِ المُقَدَّسِ عن أشخاصٍ صالِحينَ صاروا أشرارًا. والمَلِكُ سُلَيْمَان هو أحَدُهُم. فهو تَعَلَّمَ عن طُرُقِ يَهْوَه على أكمَلِ وَجه، ويَهْوَه بارَكَهُ كَثيرًا؛ لكنَّهُ لاحِقًا تَرَكَ يَهْوَه وبَدَأ يَعبُدُ آلِهَةً مُزَيَّفَة. وخَطاياهُ أغضَبَت يَهْوَه وجَلَبَت عَواقِبَ سَيِّئَة استَمَرَّت مِئاتِ السِّنين. لكنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يَقول: «إضطَجَعَ سُلَيْمَان مع آبائِه»، بِمَن فيهِمِ الرِّجالُ الأُمَناءُ مِثلُ المَلِكِ دَاوُد. (١ مل ١١:٥-٩، ٤٣؛ ٢ مل ٢٣:١٣) ولكنْ هل كانَت طَريقَةُ دَفنِ سُلَيْمَان ضَمانَةً أنَّهُ سيَقوم؟ لا يَقولُ الكِتابُ المُقَدَّسُ ذلِك. إلَّا أنَّ البَعضَ قد يَقولُونَ إنَّ «الَّذي يَموتُ يُعْفى مِنَ الخَطِيَّة». (رو ٦:٧) صَحيح، لكنَّ هذا لا يَعْني أنَّ كُلَّ الَّذينَ ماتوا سيَقومون، وكَأنَّ الحَياةَ الجَديدَة حَقٌّ مُكتَسَب. القِيامَةُ هَدِيَّةٌ مِن إلهِنا المُحِبّ. وهو يُقَدِّمُها لِلَّذينَ يُريدُ أن يُعْطِيَهُم فُرصَةً لِيَخدُموهُ إلى الأبَد. (أي ١٤:١٣، ١٤؛ يو ٦:٤٤) فهل سيَنالُ سُلَيْمَان هذِهِ الهَدِيَّة؟ يَهْوَه يَعرِفُ الجَواب، أمَّا نَحنُ فلا نَعرِفُه. لكنَّنا نَعرِفُ أنَّ يَهْوَه سيَتَصَرَّفُ بِعَدل.
ما الَّذي نَعرِفُه
١٠ كَيفَ يَشعُرُ يَهْوَه بِخُصوصِ إهلاكِ البَشَر؟ (حزقيال ٣٣:١١) (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
١٠ إقرأ حزقيال ٣٣:١١. يَكشِفُ لنا يَهْوَه بِلُطفٍ كَيفَ يَشعُرُ بِخُصوصِ مُحاسَبَةِ البَشَر. وقد أُوحِيَ إلى الرَّسولِ بُطْرُس أن يُكَرِّرَ الفِكرَةَ نَفْسَها الَّتي كَتَبَها النَّبِيُّ حَزْقِيَال، قائِلًا إنَّ «يَهْوَه . . . لا يَرغَبُ أن يَهلَكَ أحَد». (٢ بط ٣:٩) وعلى ضَوءِ هذِهِ الحَقيقَةِ المُطَمِّنَة، نَحنُ نَعرِفُ أنَّ يَهْوَه لا يُسارِعُ إلى إهلاكِ النَّاسِ مَرَّةً وإلى الأبَد. فهو رَحيمٌ بِكُلِّ مَعْنى الكَلِمَة، ويُظهِرُ رَحمَتَهُ كُلَّما أمكَن.
١١ مَنِ الَّذينَ لن يَقوموا، وكَيفَ نَعرِفُ ذلِك؟
١١ وماذا نَعرِفُ عنِ النَّاسِ الَّذينَ لن يُقيمَهُمُ اللّٰه؟ لا يُعْطينا الكِتابُ المُقَدَّسُ إلَّا أمثِلَةً قَليلَة. b يَسُوع مَثَلًا أشارَ أنَّ يَهُوذَا الإسْخَرْيُوطِيَّ لن يَقوم. (مر ١٤:٢١؛ أُنظر أيضًا يوحنا ١٧:١٢ و برج المراقبة، ١٥ تموز [يوليو] ٢٠٠٧، ص ١٨ ف ١٠.) فيَهُوذَا قاوَمَ يَهْوَه اللّٰهَ وابْنَهُ عَمدًا وبِكامِلِ إرادَتِه. (أُنظر مرقس ٣:٢٩ و مراجع دليل اجتماع الخدمة والحياة المسيحية، نيسان [أبريل] ٢٠١٨، ص ٨.) بِشَكلٍ مُشابِه، قالَ يَسُوع إنَّ بَعضَ رِجالِ الدِّينِ الَّذينَ قاوَموهُ سيَموتونَ دونَ أمَلٍ بِالقِيامَة. (مت ٢٣:٣٣؛ أُنظر يوحنا ١٩:١١ و برج المراقبة، ١٥ نيسان [أبريل] ٢٠٠٨، ص ٣٢.) والرَّسولُ بُولُس حَذَّرَ أنَّ المُرتَدِّينَ غَيرَ التَّائِبينَ لن يَقوموا. — عب ٦:٤-٨؛ ١٠:٢٩.
١٢ ماذا نَعرِفُ عن رَحمَةِ يَهْوَه؟ أعْطِ مِثالًا.
١٢ ولكنْ ماذا نَعرِفُ عن رَحمَةِ يَهْوَه؟ كَيفَ أظهَرَ أنَّهُ «لا يَرغَبُ أن يَهلَكَ أحَد»؟ لاحِظْ كَيفَ رَحِمَ بَعضَ الَّذينَ ارتَكَبوا خَطايا خَطيرَة. المَلِكُ دَاوُد عَمِلَ عِدَّةَ خَطايا كَبيرَة، بِما فيها الزِّنى والقَتل. لكنَّهُ تاب، فسامَحَهُ يَهْوَه بِرَحمَة. (٢ صم ١٢:١-١٣) المَلِكُ مَنَسَّى كانَ شِرِّيرًا إلى أبعَدِ الحُدودِ خِلالَ مُعظَمِ سَنَواتِ حَياتِه. ولكنْ حتَّى في هذِهِ الحالَةِ المُتَطَرِّفَة، قَبِلَ يَهْوَه تَوبَتَهُ ووَجَدَ أساسًا لِيَرحَمَهُ ويُسامِحَه. (٢ أخ ٣٣:٩-١٦) يُذَكِّرُنا هذانِ المَثَلانِ أنَّ يَهْوَه يُظهِرُ الرَّحمَةَ كُلَّما رَأى أساسًا لِيَفعَلَ ذلِك. وهو سيُقيمُ أشخاصًا كدَاوُد ومَنَسَّى لِأنَّهُم عَرَفوا أنَّهُمُ ارتَكَبوا خَطايا بَشِعَة وتابوا عنها.
١٣ (أ) لِماذا أظهَرَ يَهْوَه الرَّحمَةَ لِأهلِ نِينَوَى؟ (ب) ماذا قالَ يَسُوع لاحِقًا عن أهلِ نِينَوَى؟
١٣ نَحنُ نَعرِفُ أيضًا كَيفَ رَحِمَ يَهْوَه أهلَ مَدينَةِ نِينَوَى. فاللّٰهُ قالَ لِيُونَان: «إنِّي رَأيْتُ شَرَّ سُكَّانِها». ولكنْ عِندَما تابوا عن خَطاياهُم، سامَحَهُم يَهْوَه بِلُطف. لقد كانَ أرحَمَ بِكَثيرٍ مِن يُونَان. ولَزِمَ أن يُذَكِّرَ نَبِيَّهُ الغاضِبَ أنَّ أهلَ نِينَوَى هؤُلاءِ «لا يَعرِفونَ يَمينَهُم مِن شِمالِهِم». (يون ١:١، ٢؛ ٣:١٠؛ ٤:٩-١١) ولاحِقًا، استَعمَلَ يَسُوع هذا المَثَلَ لِيُعَلِّمَ عن عَدلِ يَهْوَه ورَحمَتِه. فهو قالَ إنَّ أهلَ نِينَوَى التَّائِبينَ «سيَقومونَ . . . في يَومِ الحِساب». — مت ١٢:٤١.
١٤ ماذا ستَعْني ‹القِيامَةُ إلى الحِسابِ› بِالنِّسبَةِ إلى أهلِ نِينَوَى؟
١٤ في أيِّ ‹يَومِ حِسابٍ› سيَقومُ أهلُ نِينَوَى؟ عَلَّمَ يَسُوع عن ‹قِيامَةٍ إلى الحِسابِ› في المُستَقبَل. (يو ٥:٢٩) وكانَ يَقصِدُ حُكمَهُ الألفِيّ، الَّذي سيَقومُ خِلالَهُ ‹الصَّالِحونَ والأشرارُ› على السَّواء. (أع ٢٤:١٥) بِالنِّسبَةِ إلى الأشرار، هذِهِ القِيامَةُ ستَكونُ ‹قِيامَةً إلى الحِساب›. وهذا يَعْني أنَّ يَهْوَه ويَسُوع سيُراقِبانِ تَصَرُّفاتِهِم ويُقَيِّمانِها ويَرَيانِ كَيفَ يَتَجاوَبونَ معَ التَّعليمِ الإلهِيّ. وإذا رَفَضَ شَخصٌ مُقامٌ مِن أهلِ نِينَوَى أن يَتَبَنَّى العِبادَةَ النَّقِيَّة، فسَيَكونُ الحُكمُ ضِدَّه. (إش ٦٥:٢٠) لكنَّ كُلَّ الَّذينَ يَختارونَ أن يَعبُدوا يَهْوَه بِأمانَةٍ سيَكونُ الحُكمُ لِصالِحِهِم، وسَيَكونُ لَدَيهِم أمَلٌ بِالحَياةِ إلى الأبَد. — دا ١٢:٢.
١٥ (أ) لِماذا لا يَجِبُ أن نَقولَ أنْ لا أحَدَ مِنَ الَّذينَ ماتوا في سَدُوم وعَمُورَة سيَقوم؟ (ب) كَيفَ نَفهَمُ كَلِماتِ يَهُوذَا ٧؟ (أُنظُرِ الإطار « ماذا قَصَدَ يَهُوذَا؟».)
١٥ وفي الحَديثِ عن أهلِ سَدُوم وعَمُورَة، قالَ يَسُوع إنَّ وَضعَهُم «في يَومِ الحِسابِ» سيَكونُ أفضَلَ مِن وَضعِ الَّذينَ رَفَضوهُ ورَفَضوا تَعاليمَه. (مت ١٠:١٤، ١٥؛ ١١:٢٣، ٢٤؛ لو ١٠:١٢) فماذا قَصَد؟ قد نَظُنُّ أنَّ يَسُوع كانَ يَستَعمِلُ أُسلوبَ المُبالَغَةِ في هذِهِ المُناسَبَة. ولكنْ لا يَبْدو أنَّهُ كانَ يَستَعمِلُ هذا الأُسلوب، مِثلَما أنَّهُ لم يَستَعمِلْهُ في الحَديثِ عن أهلِ نِينَوَى. بَدَلًا مِن ذلِك، يَبْدو أنَّ يَسُوع قَصَدَ حَرفِيًّا ما قالَه. و «يَومُ الحِسابِ» الَّذي أشارَ إلَيهِ في المُناسَبَتَيْنِ هو نَفْسُهُ بِالتَّأكيد. فمِثلَ أهلِ نِينَوَى، أهلُ سَدُوم وعَمُورَة عَمِلوا الشَّرّ. لكنَّ أهلَ نِينَوَى كانَ لَدَيهِم فُرصَةٌ لِيَتوبوا. أيضًا، لا نَنْسَ ما قالَهُ يَسُوع عنِ ‹القِيامَةِ إلى الحِساب›. فهي ستَشمُلُ «الَّذينَ عَمِلوا ما هو سَيِّئ». (يو ٥:٢٩) إذًا يَبْدو أنَّهُ قد يَكونُ هُناك بَعضُ الأمَلِ لِأهلِ سَدُوم وعَمُورَة. فَيُمكِنُ أن يَقومَ بَعضُ هؤُلاءِ الأشخاصِ على الأقَلّ، ورُبَّما سيَكونُ لَدَينا الفُرصَةُ لِنُعَلِّمَهُم عن يَهْوَه ويَسُوع المَسِيح.
١٦ ماذا نَعرِفُ عنِ الطَّريقَةِ الَّتي على أساسِها سيُقَرِّرُ يَهْوَه مَن سيَقوم؟ (إرميا ١٧:١٠)
١٦ إقرأ إرميا ١٧:١٠. هذِهِ الآيَةُ تُساعِدُنا أن نُلَخِّصَ ما نَعرِفُه: لَطالَما كانَ يَهْوَه «فاحِصَ القَلبِ ومُمتَحِنَ الكُلى». وبِخُصوصِ القِيامَةِ في المُستَقبَل، سيُعْطي، كما يَفعَلُ دائِمًا، «كُلَّ واحِدٍ بِحَسَبِ طُرُقِه». فيَهْوَه سيَكونُ حازِمًا عِندَ الضَّرورَةِ ولكنْ رَحيمًا كُلَّما أمكَن. لِذلِك لا يَجِبُ أن نَفتَرِضَ أنَّ أحَدًا ما لَيسَ لَدَيهِ أمَلٌ بِالقِيامَةِ إذا لم نَكُنْ نَعرِفُ ذلِك!
«قاضي كُلِّ الأرضِ» سَوفَ «يَتَصَرَّفُ بِعَدل»
١٧ ما مُستَقبَلُ البَشَرِ الَّذينَ ماتوا؟
١٧ مُنذُ أنِ انضَمَّ آدَم وحَوَّاء إلى الشَّيْطَان وتَمَرَّدا على يَهْوَه اللّٰه، بَلايينُ البَشَرِ ماتوا. حَقًّا، حَصَدَ ‹عَدُوُّنا المَوتُ› حَياةَ كَثيرين! (١ كو ١٥:٢٦) فما مَصيرُ كُلِّ هؤُلاءِ النَّاس؟ عَدَدٌ مَحدودٌ مِن أتباعِ المَسِيح الأُمَناء، ما مَجموعُهُ ٠٠٠,١٤٤، سيَقومونَ إلى حَياةٍ خالِدَة في السَّماء. (رؤ ١٤:١) وعَدَدٌ هائِلٌ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ الأُمَناءِ الَّذينَ أحَبُّوا يَهْوَه سيَقومونَ في «قِيامَةِ . . . الصَّالِحين»، وسَيَعيشونَ إلى الأبَدِ على الأرضِ إذا ظَلُّوا صالِحينَ خِلالَ حُكمِ المَسِيح الألفِيّ والامتِحانِ الأخير. (دا ١٢:١٣؛ عب ١٢:١) أيضًا خِلالَ الحُكمِ الألفِيّ، «الأشرار»، بِمَن فيهِمِ الَّذينَ لم يَخدُموا يَهْوَه أبَدًا أو حتَّى «عَمِلوا ما هو سَيِّئ»، سيَنالونَ الفُرصَةَ أن يُغَيِّروا طُرُقَهُم ويَصيروا أُمَناء. (لو ٢٣:٤٢، ٤٣) لكنَّ بَعضَ البَشَرِ كانوا أشرارًا جِدًّا، مُصَمِّمينَ أن يَتَمَرَّدوا على يَهْوَه ومَقاصِدِه، لِدَرَجَةِ أنَّهُ قَرَّرَ أنَّهُ لن تَكونَ هُناك أبَدًا قِيامَةٌ لهُم. — لو ١٢:٤، ٥.
١٨-١٩ (أ) لِماذا نَقدِرُ أن نَثِقَ بِأحكامِ يَهْوَه على الَّذينَ ماتوا؟ (إشعيا ٥٥:٨، ٩) (ب) ماذا سنُناقِشُ في المَقالَةِ التَّالِيَة؟
١٨ هل لَدَينا أسبابٌ وَجيهَة لِنَثِقَ بِكُلِّ أحكامِ يَهْوَه، سَواءٌ كانَت لِصالِحِ الأشخاصِ أو ضِدَّهُم؟ نَعَم بِالتَّأكيد! فكما فَهِمَ إبْرَاهِيم جَيِّدًا، يَهْوَه هو «قاضي كُلِّ الأرضِ» الكامِل، الكُلِّيُّ الحِكمَة، والرَّحيم. وقد دَرَّبَ ابْنَهُ وفَوَّضَ إلَيهِ أن يُحاكِمَ الجَميع. (يو ٥:٢٢) والآبُ والابْنُ كِلاهُما يَقدِرانِ أن يَقرَآ ما في قَلبِ كُلِّ إنسان. (مت ٩:٤) وفي كُلِّ حالَة، ‹سيَتَصَرَّفانِ بِعَدل›!
١٩ لِنُصَمِّمْ إذًا أن نَثِقَ بِأنَّ يَهْوَه يَعرِفُ ما هوَ الأفضَل. فنَحنُ نُدرِكُ أنَّنا لَسنا مُؤَهَّلينَ لِنُحاكِمَ أحَدًا، أمَّا هو فمُؤَهَّلٌ تَمامًا! (إقرأ إشعيا ٥٥:٨، ٩.) لِذلِك نَعتَرِفُ أنَّ مُحاسَبَةَ البَشَرِ لَيسَت مِنِ اختِصاصِنا، ونَترُكُ المَسألَةَ بَينَ يَدَيِ الخالِقِ وابْنِه، المَلِكِ الَّذي يَعكِسُ كامِلًا عَدلَ أبيهِ ورَحمَتَه. (إش ١١:٣، ٤) ولكنْ ماذا عنِ الأحكامِ الإلهِيَّة المُتَعَلِّقَة بِالضِّيقِ العَظيم؟ ما الَّذي لا نَعرِفُه؟ وما الَّذي نَعرِفُه؟ ستُناقِشُ المَقالَةُ التَّالِيَة هذَيْنِ السُّؤالَيْن.
التَّرنيمَة ٥٧ الكِرازَةُ لِشَتَّى النَّاس
b بِخُصوصِ آدَم وحَوَّاء وقَايِين، انظُرْ برجَ المُراقَبَة، عَدَد ١ كَانُون الثَّاني (يَنَايِر) ٢٠١٣، ص ١٢، الحاشِيَة.