مقالة الدرس ٣٩
التَّرنيمَة ١٢٥ «سُعَداءُ هُمُ الرُّحَماء»
إفرح بالعطاء
«السَّعادَةُ في العَطاءِ أكثَرُ مِنَ السَّعادَةِ في الأخذ». — أع ٢٠:٣٥.
الفِكرَةُ الرَّئيسِيَّة
طُرُقٌ لِنُحافِظَ على فَرَحِنا في العَطاءِ أو حتَّى نَزيدَهُ أكثَر.
١-٢ لِماذا أعْطانا اللّٰهُ القُدرَةَ أن نَفرَحَ بِالعَطاءِ أكثَرَ مِنَ الأخذ؟
عِندَما خَلَقَ يَهْوَه البَشَر، وَضَعَ فيهِمِ القُدرَةَ أن يَفرَحوا بِالعَطاءِ أكثَرَ مِنَ الأخذ. (أع ٢٠:٣٥) هل يَعْني هذا أنَّنا لا نَفرَحُ أبَدًا حينَ نَأخُذ؟ لا. فنَحنُ نَعرِفُ كم نَفرَحُ حينَ نَتَلَقَّى هَدِيَّة. لكنَّنا نَشعُرُ بِسَعادَةٍ أكبَرَ حينَ نَكونُ نَحنُ مَن يُعْطي. وفي الحَقيقَة، خَلَقَنا يَهْوَه هكَذا لِفائِدَتِنا. لِماذا نَقولُ ذلِك؟
٢ حينَ خَلَقَنا يَهْوَه بِهذِهِ الطَّريقَة، سَمَحَ لنا نَحنُ أن نَتَحَكَّمَ بِسَعادَتِنا. فنَحنُ نَقدِرُ أن نَزيدَ فَرَحَنا حينَ نُفَتِّشُ عن فُرَصٍ إضافِيَّة لِنُعْطي. ألَيسَ رائِعًا أنَّ يَهْوَه خَلَقَنا هكَذا؟ — مز ١٣٩:١٤.
٣ لِماذا يَقولُ الكِتابُ المُقَدَّسُ إنَّ يَهْوَه هوَ «الإلهُ السَّعيد»؟
٣ يُؤَكِّدُ لنا الكِتابُ المُقَدَّسُ أنَّ العَطاءَ يَجلُبُ السَّعادَة، لِذلِك لا نَستَغرِبُ حينَ يَقولُ إنَّ يَهْوَه هوَ «الإلهُ السَّعيد». (١ تي ١:١١) فهو أوَّلُ وأعظَمُ مَن أعْطى. بِفَضلِهِ «نَحنُ نَعيشُ ونَتَحَرَّكُ ونوجَد»، كما ذَكَرَ الرَّسولُ بُولُس. (أع ١٧:٢٨) فِعلًا، «كُلُّ عَطِيَّةٍ جَيِّدَة وكُلُّ هَدِيَّةٍ كامِلَة» تَأتي مِن يَهْوَه. — يع ١:١٧.
٤ ماذا يُساعِدُنا أن نَفرَحَ أكثَر؟
٤ كُلُّنا نُحِبُّ أن نَشعُرَ أكثَرَ بِالسَّعادَةِ الَّتي تَأتي مِنَ العَطاء. ونَقدِرُ أن نُحِسَّ بِهذا الشُّعورِ حينَ نَتَمَثَّلُ بِكَرَمِ يَهْوَه. (أف ٥:١) فيما نُناقِشُ هذِهِ الفِكرَة، لِنَرَ ماذا يُمكِنُ أن نَفعَلَ إذا شَعَرنا أنَّ الآخَرينَ لا يُقَدِّرونَ عَطاءَنا. وهذِهِ التَّذكيراتُ ستُساعِدُنا أن نُحافِظَ على بل أن نَزيدَ الفَرَحَ الَّذي نَنالُهُ مِنَ العَطاء.
كُنْ كَريمًا مِثلَ يَهْوَه
٥ أيُّ أُمورٍ مادِّيَّة يُعْطيها لنا يَهْوَه؟
٥ ما هي بَعضُ الطُّرُقِ الَّتي يُرينا بها يَهْوَه كَرَمَه؟ إلَيكَ أمثِلَةً على ذلِك. يَهْوَه يُعْطينا أُمورًا مادِّيَّة. رُبَّما لا نَملِكُ دائِمًا كَمالِيَّاتِ الحَياة، ولكنْ بِفَضلِ يَهْوَه مُعظَمُنا نَملِكُ ما نَحتاجُ إلَيه. مَثَلًا، يُؤَمِّنُ لنا يَهْوَه الطَّعام، الثِّياب، والمَسكَن. (مز ٤:٨؛ مت ٦:٣١-٣٣؛ ١ تي ٦:٦-٨) وهل يُعْطينا يَهْوَه حاجاتِنا الجَسَدِيَّة لِمُجَرَّدِ أنَّهُ يَشعُرُ بِالواجِبِ تِجاهَنا؟ بِالتَّأكيدِ لا! إذًا، لِماذا يَفعَلُ ذلِك؟
٦ ماذا نَتَعَلَّمُ مِن مَتَّى ٦:٢٥، ٢٦؟
٦ بِكَلِماتٍ بَسيطَة، يَهْوَه يُؤَمِّنُ لنا حاجاتِنا المادِّيَّة لِأنَّهُ يُحِبُّنا. فَكِّرْ في ما قالَهُ يَسُوع في مَتَّى ٦:٢٥، ٢٦. (إقرأها.) يَستَعمِلُ يَسُوع أمثِلَةً مِنَ الخَليقَة. فهو يَقولُ عنِ الطُّيورِ «إنَّها لا تَزرَعُ ولا تَحصُدُ ولا تَجمَعُ في مَخازِن». لكنْ لاحِظْ كَيفَ يُكمِل: ‹أبوكُمُ السَّماوِيُّ يُطعِمُها›. ثُمَّ يَسأل: «ألَستُم أنتُم أغْلى مِنها؟». ما الفِكرَة؟ يَهْوَه يَعتَبِرُ الَّذينَ يَعبُدونَهُ أغْلى بِكَثيرٍ مِنَ الخَليقَةِ الحَيَوانِيَّة. فإذا كانَ يَهْوَه يَهتَمُّ بِحاجاتِ الحَيَوانات، نَقدِرُ أن نَكونَ مُتَأكِّدينَ أنَّهُ سيَهتَمُّ بِحاجاتِنا. فمِثلَ الأبِ الحَنون، يُؤَمِّنُ يَهْوَه حاجاتِ عائِلَتِهِ بِدافِعِ مَحَبَّتِهِ لهُم. — مز ١٤٥:١٦؛ مت ٦:٣٢.
٧ ما هي إحْدى الطُّرُقِ لِنَتَمَثَّلَ بِكَرَمِ يَهْوَه؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
٧ مِثلَ يَهْوَه، نَحنُ أيضًا نَقدِرُ أن نُعْطِيَ مِن مُمتَلَكاتِنا بِدافِعِ المَحَبَّة. مَثَلًا، هل تَعرِفُ أخًا أو أُختًا بِحاجَةٍ إلى طَعامٍ أو ثِياب؟ قد يَستَخدِمُكَ يَهْوَه لِتُعْطِيَهُ شَيئًا يُساهِمُ في تَأمينِ حاجَتِه. وشَعبُ يَهْوَه مَعروفونَ بِكَرَمِهِم خُصوصًا وَقتَ الكَوارِث. مَثَلًا، خِلالَ وَبَإِ كُوفِيد-١٩، تَشارَكَ إخوَتُنا وأخَواتُنا في الطَّعامِ والثِّيابِ وغَيرِها مِنَ الأشياء. وتَبَرَّعَ كَثيرونَ أيضًا بِكَرَمٍ لِلعَمَلِ العالَمِيّ، وهذا ساهَمَ في تَغطِيَةِ نَفَقاتِ أعمالِ الإغاثَةِ حَولَ العالَم. فقد طَبَّقَ شَعبُ يَهْوَه الكَلِماتِ في العِبْرَانِيِّين ١٣:١٦: «لا تَنْسَوْا فِعلَ الصَّلاحِ ومُشارَكَةَ الآخَرين، لِأنَّهُ بِذَبائِحَ مِثلِ هذِه يَرْضى اللّٰه».
٨ بِأيِّ طُرُقٍ نَستَفيدُ مِن قُوَّةِ يَهْوَه؟ (فيلبي ٢:١٣)
٨ يَهْوَه يُعْطي القُوَّة. يَفرَحُ يَهْوَه بِأن يُعْطِيَ مِن قُوَّتِهِ غَيرِ المَحدودَة لِخُدَّامِهِ الأُمَناء. (إقرأ فيلبي ٢:١٣.) هل صَلَّيتَ مَرَّةً إلى يَهْوَه وطَلَبتَ مِنهُ القُوَّةَ لِتُقاوِمَ تَجرِبَةً أو تَتَحَمَّلَ مُصيبَة؟ أو رُبَّما صَلَّيتَ فَقَط كَي يُقَوِّيَكَ لِتَبْقى واقِفًا على رِجلَيْكَ يَومًا واحِدًا بَعد. وعِندَما استَجابَ لكَ وقَوَّاك، لَمَستَ كم صَحيحَةٌ هي كَلِماتُ الرَّسولِ بُولُس: «أنا أقدِرُ أن أفعَلَ كُلَّ شَيءٍ بِفَضلِ الَّذي يُعْطيني القُوَّة». — في ٤:١٣.
٩ كَيفَ نَتَمَثَّلُ بِيَهْوَه ونَستَخدِمُ قُوَّتَنا بِكَرَم؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
٩ مع أنَّنا بَشَرٌ ناقِصون، نَقدِرُ أن نَتَمَثَّلَ بِيَهْوَه ونَستَخدِمَ قُوَّتَنا بِكَرَم. صَحيحٌ أنَّنا لا نَقدِرُ حَرفِيًّا أن نُعْطِيَ قُوَّةً أو طاقَةً لِلآخَرين، لكنَّنا نَقدِرُ أن نَستَخدِمَ قُوَّتَنا مِن أجْلِهِم. مَثَلًا، قد نُساعِدُ أخًا مَريضًا أو كَبيرًا في العُمرِ في أعمالِهِ الرُّوتينِيَّة. وإذا سَمَحَت ظُروفُنا، نَقدِرُ أن نَتَطَوَّعَ لِنُساعِدَ في تَنظيفِ قاعَةِ المَلَكوتِ وصِيانَتِها. وحينَ نَستَخدِمُ قُوَّتَنا بِطُرُقٍ كهذِه، نُفيدُ إخوَتَنا في الإيمان.
١٠ كَيفَ نَستَخدِمُ قُوَّةَ الكَلامِ لِنُفيدَ غَيرَنا؟
١٠ ولا تَنْسَ أيضًا أنَّ لِلكَلامِ قُوَّةً كَبيرَة. هل يَخطُرُ على بالِكَ شَخصٌ بِحاجَةٍ إلى مَدحٍ صادِق؟ هل تَعرِفُ أحَدًا سيَتَشَجَّعُ بِدَعمِكَ أو تَعزِيَتِكَ له؟ في الحالَتَيْن، ما رَأيُكَ أن تَأخُذَ المُبادَرَةَ وتَتَكَلَّمَ معه؟ رُبَّما تَزورُه، تَتَّصِلُ به، أو تُرسِلُ إلَيهِ بِطاقَةً أو رِسالَةً إلِكتُرونِيَّة أو نَصِّيَّة. ولا حاجَةَ أن تَكونَ كَلِماتُكَ فَصيحَة. فرُبَّما كَلِماتٌ بَسيطَة وقَليلَة مِنَ القَلبِ هي كُلُّ ما يَحتاجُ إلَيهِ أخوكَ أو أُختُكَ لِيَبْقى أمينًا يَومًا آخَرَ أو يَشعُرَ بِتَحَسُّن. — أم ١٢:٢٥؛ أف ٤:٢٩.
١١ كَيفَ يَستَخدِمُ يَهْوَه حِكمَتَه؟
١١ يَهْوَه يُعْطي الحِكمَة. كَتَبَ التِّلميذُ يَعْقُوب: «إذا كانَ أحَدٌ مِنكُم يَحتاجُ إلى الحِكمَة، فلْيَستَمِرَّ في الطَّلَبِ مِنَ اللّٰه، وهو سيُعْطيها لهُ لِأنَّهُ يُعْطي الجَميعَ بِكَرَمٍ ولا يَنتَقِدُ أحَدًا». (يع ١:٥؛ الحاشية) تُظهِرُ هذِهِ الكَلِماتُ أنَّ يَهْوَه لَيسَ إلهًا بَخيلًا يَحتَفِظُ بِحِكمَتِهِ لِنَفْسِه، بل يُعْطي مِنها بِكُلِّ كَرَم. لاحِظْ أيضًا أنَّهُ حينَ يُعْطي مِن حِكمَتِه، يَفعَلُ ذلِك دونَ أن «يَنتَقِدَ» أو «يُعَيِّب». فهو لا يَستَهزِئُ بنا حينَ نَطلُبُ تَوجيهَه. بِالعَكس، يُشَجِّعُنا أن نَفعَلَ ذلِك. — أم ٢:١-٦.
١٢ أيُّ فُرَصٍ لَدَينا لِنُعْطِيَ مِن حِكمَتِنا لِلآخَرين؟
١٢ وماذا عنَّا؟ هل نَقدِرُ أن نَتَمَثَّلَ بِيَهْوَه ونُعْطِيَ مِن حِكمَتِنا؟ (مز ٣٢:٨) شَعبُ يَهْوَه لَدَيهِم فُرَصٌ كَثيرَة لِيُعَلِّموا الآخَرينَ ما تَعَلَّموه. مَثَلًا، غالِبًا ما نُدَرِّبُ النَّاشِرينَ الجُدُدَ في الخِدمَة. والشُّيوخُ يُساعِدونَ بِصَبرٍ الخُدَّامَ المُساعِدينَ والإخوَةَ الذُّكورَ المُعتَمِدينَ أن يَقوموا بِتَعييناتِهِم في الجَماعَة. والَّذينَ لَدَيهِم خِبرَةٌ في عَمَلِ البِناءِ والصِّيانَةِ يُساهِمونَ في تَدريبِ الأقَلَّ خِبرَةً لِيَعمَلوا في المَباني الثِّيوقراطِيَّة.
١٣ حينَ نُدَرِّبُ الآخَرين، كَيفَ نَتَمَثَّلُ بِالطَّريقَةِ الَّتي يُعْطي بها يَهْوَه مِن حِكمَتِه؟
١٣ جَيِّدٌ أن يَتَمَثَّلَ الَّذينَ يُدَرِّبونَ الآخَرينَ بِالطَّريقَةِ الَّتي يُعْطي بها يَهْوَه مِن حِكمَتِه. تَذَكَّرْ أنَّ يَهْوَه يُعْطي مِن حِكمَتِهِ بِكَرَم. نَحنُ أيضًا نُعْطِي بِلا حِسابٍ مِن مَعرِفَتِنا وخِبرَتِنا لِلشَّخصِ الَّذي نُدَرِّبُه. فلا نُخْفي عنهُ أشياءَ نَعرِفُها لِأنَّنا نَخافُ أن يَأخُذَ مَكانَنا. ولا نُفَكِّر: ‹أنا لم يُدَرِّبْني أحَد! فلْيَتَعَلَّمْ وَحْدَه›. هذا المَوْقِفُ لا مَكانَ لهُ بَينَ شَعبِ يَهْوَه. بَدَلًا مِن ذلِك، نَحنُ نُعْطي بِكُلِّ سُرورٍ مَعرِفَتَنا، «بل أنفُسَنا أيضًا». (١ تس ٢:٨) ونَأمُلُ أن يَصيرَ الَّذينَ نُدَرِّبُهُم «هُم أيضًا أهلًا لِيُعَلِّموا آخَرين». (٢ تي ٢:١، ٢) وبِهذِهِ الطَّريقَة، نَكونُ جُزْءًا مِن دَورَةٍ مُتَواصِلَة مِنَ الكَرَمِ والعَطاءِ تُنتِجُ بِدَورِها المَزيدَ والمَزيدَ مِنَ السَّعادَة.
ماذا لَو شَعَرنا أنَّ الآخَرينَ لا يُقَدِّرونَ عَطاءَنا؟
١٤ كَيفَ تَكونُ رَدَّةُ فِعلِ الأغلَبِيَّةِ تِجاهَ كَرَمِنا؟
١٤ حينَ نُظهِرُ الكَرَم، وخُصوصًا لِإخوَتِنا وأخَواتِنا، غالِبًا ما يُعَبِّرونَ لنا بِالمُقابِلِ عن تَقديرِهِم. فرُبَّما يُرسِلونَ إلَينا رِسالَةَ شُكرٍ أو يُعَبِّرونَ عنِ امتِنانِهِم بِطَريقَةٍ أُخْرى. (كو ٣:١٥) ولا شَكَّ أنَّ تَعابيرَ شُكرِهِم تَزيدُ مِن سَعادَتِنا.
١٥ ماذا يَلزَمُ أن نَتَذَكَّرَ حينَ لا يُظهِرُ لنا البَعضُ التَّقدير؟
١٥ ولكنْ في الواقِع، بَعضُ الأشخاصِ قد لا يُظهِرونَ التَّقديرَ أو لا يُعَبِّرونَ عنِ الشُّكر. فأحيانًا، رُبَّما نُعْطي أحَدًا مِن وَقتِنا أو طاقَتِنا أو مَوارِدِنا، ولكنْ في الآخِرِ نَتَساءَلُ هل عَنى لهُ أساسًا ما فَعَلْناه. إذا حَصَلَ معنا ذلِك، فماذا يُساعِدُنا أن لا نَخسَرَ فَرَحَنا أو نَحقِدَ علَيه؟ لِنَتَذَكَّرْ كَلِماتِ آيَتِنا الرَّئيسِيَّة في الأعْمَال ٢٠:٣٥. فالسَّعادَةُ في العَطاءِ لا تَعتَمِدُ على رَدَّةِ فِعلِ الآخَرين. نَحنُ مَن نُقَرِّرُ أن نَفرَحَ في العَطاءِ حتَّى لَو بَدا أنَّ الآخَرينَ لا يُقَدِّرونَه. ولكنْ كَيفَ نَفعَلُ ذلِك؟ إلَيكَ بَعضَ الطُّرُق.
١٦ علامَ يَلزَمُ أن نُرَكِّزَ حينَ نُعْطي؟
١٦ رَكِّزْ على الفِكرَةِ أنَّكَ تَتَمَثَّلُ بِيَهْوَه. فيَهْوَه يُعْطي البَشَرَ كُلَّ ما هو جَيِّد، سَواءٌ قَدَّروا ما فَعَلَهُ أو لا. (مت ٥:٤٣-٤٨) وهو يَعِدُنا أنَّنا إذا تَمَثَّلنا بهِ وأعْطَينا ‹دونَ أن نَنتَظِرَ استِرجاعَ شَيء، تَكونُ مُكافَأَتُنا عَظيمَة›. (لو ٦:٣٥) وقد يَشمُلُ هذا ‹الشَّيء› تَعابيرَ الشُّكرِ والتَّقدير. وسَواءٌ تَلَقَّينا هذِهِ التَّعابيرَ أو لا، لا شَكَّ أنَّ يَهْوَه سيَرُدُّ لنا الخَيرَ الَّذي نَعمَلُه، سيُبارِكُنا لِأنَّنا ‹نُعْطي بِسُرور›. — أم ١٩:١٧؛ ٢ كو ٩:٧.
١٧ كَيفَ نُحافِظُ على المَوْقِفِ الصَّحيح مِنَ العَطاء؟ (لوقا ١٤:١٢-١٤)
١٧ أيضًا، نَجِدُ في لُوقَا ١٤:١٢-١٤ مَبدَأً مُهِمًّا يُساعِدُنا أن نُحافِظَ على المَوْقِفِ الصَّحيحِ مِنَ العَطاء. (إقرأها.) فلَيسَ خَطَأً أن نُظهِرَ الضِّيافَةَ أوِ الكَرَمَ لِلَّذينَ يَقدِرونَ أن يُبادِلونا بِالمِثل. ولكنْ ماذا لَو لاحَظْنا أنَّنا نُعْطي لِأنَّنا على الأقَلِّ جُزْئِيًّا نَأمُلُ أن نَأخُذَ شَيئًا بِالمُقابِل؟ جَيِّدٌ أن نُجَرِّبَ اقتِراحَ يَسُوع، أن نُظهِرَ الضِّيافَةَ لِشَخصٍ نَعرِفُ أنَّهُ لا يَملِكُ الإمكانِيَّاتِ لِيَرُدَّ لنا. وعِندَئِذٍ نَكونُ سُعَداءَ لِأنَّنا نَتَمَثَّلُ بِيَهْوَه. وهذِهِ النَّظرَةُ نَفْسُها تُساعِدُنا أن نُحافِظَ على فَرَحِنا حينَ لا يُعَبِّرُ لنا الآخَرونَ عنِ التَّقدير.
١٨ ماذا يُساعِدُنا أن نَجِدَ أعذارًا لِغَيرِنا؟
١٨ لا تُشَكِّكْ في نَوايا غَيرِك. (١ كو ١٣:٧) إذا لم يُعَبِّرِ الآخَرونَ عنِ التَّقدير، فجَيِّدٌ أن نَسألَ أنفُسَنا: ‹هل هُم فِعلًا أشخاصٌ لا يُقَدِّرونَ المَعروف، أم أنَّهُم بِبَساطَةٍ نَسوا أن يُعَبِّروا عن تَقديرِهِم؟›. رُبَّما هُناك أسبابٌ أُخْرى مَنَعَتهُم أن يَتَصَرَّفوا مِثلَما كُنَّا نَتَمَنَّى. فالبَعضُ يُقَدِّرونَ كَثيرًا الأعمالَ الجَيِّدَة، لكنَّهُم يَستَصعِبونَ أن يُعَبِّروا. وقد يُحِسُّونَ بِالإحراجِ حينَ يَنالونَ المُساعَدَة، وخاصَّةً إذا كانوا في الماضي هُمُ الَّذينَ يُساعِدونَ غَيرَهُم. مَهما كانَ السَّبَب، فسَتَدفَعُنا المَحَبَّةُ المَسِيحِيَّة أن نَجِدَ أعذارًا لِرِفاقِنا في الإيمانِ ونَظَلَّ نَفرَحُ في العَطاء. — أف ٤:٢.
١٩-٢٠ لِماذا الصَّبرُ مُفيدٌ حينَ نُعْطي الآخَرين؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
١٩ كُنْ صَبورًا. كَتَبَ المَلِكُ الحَكيمُ سُلَيْمَان عنِ الكَرَم: «إرْمِ خُبزَكَ على المِياه، لِأنَّكَ ستَجِدُهُ بَعدَ أيَّامٍ كَثيرَة». (جا ١١:١) وكما تَدُلُّ هذِهِ الكَلِمات، قد يَتَجاوَبُ البَعضُ مع كَرَمِنا بَعدَ وَقتٍ طَويل، «بَعدَ أيَّامٍ كَثيرَة». لاحِظْ هذا الاختِبارَ الَّذي يُؤَكِّدُ الفِكرَة.
٢٠ مُنذُ سَنَواتٍ عَديدَة، كَتَبَت زَوجَةُ ناظِرِ دائِرَةٍ إلى ناشِرَةٍ اعتَمَدَت حَديثًا كَلِماتٍ مِنَ القَلبِ لِتُشَجِّعَها أن تَبْقى وَلِيَّةً لِيَهْوَه. وبَعدَ ثَماني سِنينَ تَقريبًا، أرسَلَت إلَيها الأُختُ رِسالَةً قالَت فيها: «شَعَرتُ أنِّي أُريدُ أن أكتُبَ إلَيكِ لِأُخبِرَكِ كم ساعَدتِني على مَرِّ السِّنينَ دونَ أن تَعرِفي». ثُمَّ أكمَلَت: «[كَلِماتُكِ] كانَت كُلُّها مَحَبَّة، لكنَّ الآيَةَ هيَ الَّتي مَسَّت قَلبي، ولم أنْسَها أبَدًا». a وبَعدَ أن أخبَرَتها عن بَعضِ التَّحَدِّياتِ الَّتي واجَهَتها، قالَت: «في بَعضِ الأوْقات، أرَدتُ أن أبتَعِد، أبتَعِدَ عنِ الحَقّ، عنِ المَسؤولِيَّات، عن كُلِّ شَيء. لكنَّ تِلكَ الآيَةَ كانَت تَخطُرُ على بالي، وتَدفَعُني أن أحتَمِلَ بَعد». وأضافَت: «لا شَيءَ أبَدًا طَوالَ كُلِّ هذِهِ السِّنينَ الثَّماني أثَّرَ فِيَّ إلى هذا الحَدّ». تَخَيَّلْ كم كانَت زَوجَةُ ناظِرِ الدَّائِرَة سَعيدَةً عِندَما استَلَمَت هذِهِ الرِّسالَةَ «بَعدَ أيَّامٍ كَثيرَة»! نَحنُ أيضًا قد نَتَلَقَّى تَعابيرَ التَّقديرِ بَعدَ وَقتٍ طَويلٍ مِن عَطائِنا.
٢١ لِماذا أنتَ مُصَمِّمٌ أن تَستَمِرَّ في التَّمَثُّلِ بِكَرَمِ يَهْوَه؟
٢١ كما ذَكَرْنا، وَضَعَ يَهْوَه فينا قُدرَةً مُمَيَّزَة. فمع أنَّنا نَفرَحُ بِالأخذ، نَشعُرُ بِسَعادَةٍ أكبَرَ عِندَما نُعْطي. نُحِسُّ بِشُعورٍ جَميلٍ عِندَما نَقدِرُ أن نُساعِدَ إخوَتَنا في الإيمان. ونَفرَحُ حينَ يُعَبِّرونَ عن تَقديرِهِم. ولكنْ سَواءٌ عَبَّروا أو لا، بِإمكانِنا أن نَفرَحَ لِأنَّنا فَعَلنا الشَّيءَ الصَّائِب. ولا نَنْسَ أبَدًا أنَّنا مَهما أعْطَينا، ‹فيَهْوَه قادِرٌ أن يُعْطِيَنا أكثَرَ بِكَثير›. (٢ أخ ٢٥:٩) مُستَحيلٌ أن نَفوقَ يَهْوَه في العَطاء! ولا فَرَحَ أعظَمُ مِن أن يَرُدَّ لنا يَهْوَه بِنَفْسِه. فلْنُصَمِّمْ إذًا أن نَتَمَثَّلَ دائِمًا بِأبينا السَّماوِيِّ المِعطاء.
التَّرنيمَة ١٧ «أُريد»
a الآيَةُ الَّتي كَتَبَتها زَوجَةُ ناظِرِ الدَّائِرَة هي ٢ يُوحَنَّا ٨ الَّتي تَقول: «إنتَبِهوا لِأنفُسِكُم كَي لا تُضَيِّعوا ما عَمِلنا مِن أجْلِه، بل تَنالوا مُكافَأَتَكُم كامِلًا».
b وصف الصور: في هذا التمثيل للأحداث، زوجة ناظر دائرة تشجِّع بكرم أختًا اعتمدت حديثًا. وبعد سنين، تتلقَّى منها رسالة تقدير.