مقالة الدرس ٣٧
التَّرنيمَة ١١٨ زِدْ إِيماني!
رسالة تساعدنا أن نحتمل بأمانة حتى النهاية
‹نَتَمَسَّكُ بِثَباتٍ إلى النِّهايَةِ بِالثِّقَةِ الَّتي كانَت لنا في البِدايَة›. — عب ٣:١٤.
الفِكرَةُ الرَّئيسِيَّة
الدُّروسُ العَمَلِيَّة مِنَ الرِّسالَةِ إلى العِبْرَانِيِّين تُساعِدُنا أن نَحتَمِلَ بِأمانَةٍ حتَّى نِهايَةِ هذا العالَم.
١-٢ (أ) كَيفَ كانَ الوَضعُ في اليَهُودِيَّة حينَ كَتَبَ الرَّسولُ بُولُس الرِّسالَةَ إلى العِبْرَانِيِّين؟ (ب) لِماذا كانَت هذِهِ الرِّسالَةُ الموحى بها في وَقتِها؟
عاشَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ في أُورُشَلِيم واليَهُودِيَّة أوْقاتًا صَعبَة خِلالَ السَّنَواتِ بَعدَ مَوتِ يَسُوع. فلم يَمُرَّ وَقتٌ طَويلٌ على تَأسيسِ الجَماعَةِ المَسِيحِيَّة حتَّى بَدَأَت مَوجَةُ اضطِهادٍ عَنيف. (أع ٨:١) ثُمَّ بَعدَ ٢٠ سَنَةً تَقريبًا، واجَهَ أتباعُ المَسِيح ضيقَةً مادِّيَّة، كانَ سَبَبُها على الأرجَحِ المَجاعَةَ الَّتي حَدَثَت في المِنطَقَة. (أع ١١:٢٧-٣٠) ولكنْ نَحوَ سَنَةِ ٦١ بم، كانَ المَسِيحِيُّونَ يَنعَمونَ بِفَترَةٍ مِنَ السَّلامِ النِّسبِيِّ بِالمُقارَنَةِ مع ما حَدَثَ لاحِقًا. وخِلالَ هذِهِ الفَترَة، وَصَلَتهُم رِسالَةٌ موحًى بها مِنَ الرَّسولِ بُولُس، رِسالَةٌ كانَت تَمامًا في وَقتِها!
٢ وَصَلَتِ الرِّسالَةُ إلى العِبْرَانِيِّينَ في وَقتِها لِأنَّ السَّلامَ الَّذي كانوا يَعيشونَهُ لم يَكُنْ سيَدوم. وقد أعْطاهُم بُولُس نَصائِحَ عَمَلِيَّة تُساعِدُهُم أن يَحتَمِلوا الضِّيقَ الَّذي أمامَهُم. فدَمارُ النِّظامِ اليَهُودِيّ، الَّذي تَنَبَّأَ عنهُ يَسُوع مِن قَبل، كانَ يَقتَرِبُ بِسُرعَة. (لو ٢١:٢٠) وبِالطَّبع، لا بُولُس ولا المَسِيحِيُّونَ في اليَهُودِيَّة عَرَفوا بِالتَّحديدِ متى سيَحدُثُ هذا الدَّمار. ولكنْ كانَ بِإمكانِ هؤُلاءِ المَسِيحِيِّينَ أن يَستَفيدوا مِنَ الوَقتِ الباقي لِيَستَعِدُّوا. كَيف؟ بِتَنمِيَةِ صِفاتٍ مِثلِ الإيمانِ والاحتِمال. — عب ١٠:٢٥؛ ١٢:١، ٢.
٣ لِماذا سِفرُ العِبْرَانِيِّين مُهِمٌّ جِدًّا لِلمَسِيحِيِّينَ اليَوم؟
٣ نَحنُ على أبوابِ ضيقٍ أعظَمَ بِكَثيرٍ مِنَ الضِّيقِ الَّذي عاشَهُ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّون. (مت ٢٤:٢١؛ رؤ ١٦:١٤، ١٦) لِذلِك سنُناقِشُ الآنَ بَعضَ النَّصائِحِ العَمَلِيَّة الَّتي قَدَّمَها يَهْوَه لِهؤُلاءِ المَسِيحِيِّينَ كَي نَستَفيدَ مِنها نَحنُ أيضًا.
«لِنَجِدَّ في التَّقَدُّمِ إلى النُّضج»
٤ أيُّ تَحَدٍّ واجَهَهُ المَسِيحِيُّونَ مِن أصلٍ يَهُودِيّ؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
٤ واجَهَ المَسِيحِيُّونَ مِن أصلٍ يَهُودِيٍّ تَحَدِّيًا كَبيرًا. ففي وَقتٍ مِنَ الأوْقات، كانَ اليَهُودُ شَعبَ يَهْوَه المُختار. وأُورُشَلِيم كانَتِ المَقَرَّ الأرضِيَّ لِمَملَكَةِ اللّٰه، والهَيكَلُ مَركَزَ العِبادَةِ النَّقِيَّة. وكُلُّ اليَهُودِ الأُمَناءِ تَبِعوا شَريعَةَ مُوسَى كما فَسَّرَها لهُم قادَتُهُمُ الدِّينِيُّون. وهذِهِ التَّعاليمُ أثَّرَت إلى حَدٍّ بَعيدٍ على طَعامِهِم، نَظرَتِهِم إلى الخِتان، وحتَّى على عِشرَتِهِم لِغَيرِ اليَهُود. لكنَّ يَهْوَه لم يَعُدْ يَقبَلُ ذَبائِحَ اليَهُودِ بَعدَ مَوتِ يَسُوع. وهذا شَكَّلَ تَحَدِّيًا لِلمَسِيحِيِّينَ اليَهُودِ الَّذينَ اعتادوا أن يَتبَعوا الشَّريعَة. (عب ١٠:١، ٤، ١٠) حتَّى المَسِيحِيُّونَ النَّاضِجون، مِثلُ الرَّسولِ بُطْرُس، استَصعَبوا أن يَتَأقلَموا مع بَعضِ هذِهِ التَّغييرات. (أع ١٠:٩-١٤؛ غل ٢:١١-١٤) وبِسَبَبِ مُعتَقَداتِهِمِ الجَديدَة، صارَ هؤُلاءِ المَسِيحِيُّونَ مُستَهدَفينَ مِن رِجالِ الدِّينِ اليَهُود.
٥ مِمَّ لَزِمَ أن يَحذَرَ المَسِيحِيُّون؟
٥ واجَهَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ المُقاوَمَةَ على جَبهَتَيْن. على الجَبهَةِ الأُولى، كانَ رِجالُ الدِّينِ اليَهُودُ يُعامِلونَهُم كمُرتَدِّين. وعلى الجَبهَةِ الثَّانِيَة، كانَ بَعضُ الَّذينَ ادَّعَوُا المَسِيحِيَّةَ يُصِرُّونَ أنَّ تَلاميذَ المَسِيح يَجِبُ أن يَستَمِرُّوا في اتِّباعِ أوْجُهٍ مُختَلِفَة مِن شَريعَةِ مُوسَى، رُبَّما كَي يَتَجَنَّبوا الاضطِهاد. (غل ٦:١٢) فماذا كانَ سيُساعِدُ المَسِيحِيِّينَ الأُمَناءَ أن يَتَمَسَّكوا بِالحَقّ؟
٦ علامَ شَجَّعَ بُولُس رِفاقَهُ في الإيمان؟ (عبرانيين ٥:١٤–٦:١)
٦ في رِسالَةِ بُولُس إلى العِبْرَانِيِّين، شَجَّعَ رِفاقَهُ في الإيمانِ أن يَتَعَمَّقوا أكثَرَ في كَلِمَةِ اللّٰه. (إقرإ العبرانيين ٥:١٤–٦:١.) ثُمَّ استَعمَلَ الأسفارَ العِبْرَانِيَّة لِيُقنِعَهُم بِالمَنطِقِ أنَّ طَريقَةَ العِبادَةِ المَسِيحِيَّة تَتَفَوَّقُ على الدِّيانَةِ اليَهُودِيَّة. a فقد عَرَفَ بُولُس أنَّ المَعرِفَةَ الدَّقيقَة والفَهمَ الأعمَقَ لِلحَقِّ سيُجَهِّزانِ هؤُلاءِ المَسِيحِيِّينَ لِيُمَيِّزوا الأفكارَ الخاطِئَة ويَرفُضوها كَي لا يَنجَرِفوا بَعيدًا.
٧ أيُّ تَحَدِّياتٍ نُواجِهُها اليَوم؟
٧ مِثلَ المَسِيحِيِّينَ العِبْرَانِيِّين، نَحنُ نَتَعَرَّضُ لِمَعلوماتٍ وأفكارٍ تُناقِضُ مَقاييسَ يَهْوَه الصَّائِبَة. فالمُقاوِمونَ غالِبًا ما يُهاجِمونَ مُعتَقَداتِنا المُؤَسَّسَة على الكِتابِ المُقَدَّس حَولَ الآداب، ويَدَّعونَ أنَّنا مُتَعَصِّبونَ وبِلا مَشاعِر. كما أنَّ مَواقِفَ العالَمِ وآراءَهُ تَصيرُ أبعَدَ فأبعَدَ عن نَظرَةِ اللّٰهِ الكامِلَة إلى الأُمور. (أم ١٧:١٥) لِذلِك علَينا أن نُقَوِّيَ قُدرَتَنا أن نُمَيِّزَ ونَرفُضَ الأفكارَ الَّتي يَستَعمِلُها المُقاوِمونَ لِيُضعِفوا مَعنَوِيَّاتِنا أو حتَّى يَجُرُّونا بَعيدًا. — عب ١٣:٩.
٨ كَيفَ نَتَقَدَّمُ إلى النُّضجِ الرُّوحِيّ؟
٨ ضَرورِيٌّ أن نُطَبِّقَ نَصيحَةَ بُولُس لِلمَسِيحِيِّينَ العِبْرَانِيِّينَ ونَجتَهِدَ كَي نَتَقَدَّمَ إلى النُّضجِ الرُّوحِيّ. وهذا يَشمُلُ أن نَفهَمَ الحَقَّ بِعُمقٍ ونَتَبَنَّى طَريقَةَ تَفكيرِ يَهْوَه. وهذِهِ العَمَلِيَّةُ تَستَمِرُّ حتَّى بَعدَ الانتِذارِ والمَعمودِيَّة. فمَهما مَضى علَينا مِنَ الوَقتِ في الحَقّ، كُلُّنا يَلزَمُ أن نَقرَأَ كَلِمَةَ اللّٰهِ ونَدرُسَها يَومِيًّا. (مز ١:٢) والرُّوتينُ الجَيِّدُ لِلدَّرسِ الشَّخصِيِّ سيُساعِدُنا أن نُنَمِّيَ صِفَةً مُهِمَّة شَدَّدَ علَيها بُولُس في رِسالَتِهِ إلى العِبْرَانِيِّين. هذِهِ الصِّفَةُ هيَ الإيمان. — عب ١١:١، ٦.
لِيَكُنْ لنا «إيمانٌ لِاستِحياءِ النَّفْس»
٩ لِماذا كانَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ بِحاجَةٍ ماسَّة إلى إيمانٍ قَوِيّ؟
٩ كانَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ بِحاجَةٍ إلى إيمانٍ قَوِيٍّ لِيَنْجوا مِنَ الضِّيقِ القادِمِ على اليَهُودِيَّة. (عب ١٠:٣٧-٣٩) فيَسُوع كانَ قد أوْصى أتباعَهُ أن يَهرُبوا إلى الجِبالِ حينَ يَرَوْنَ أُورُشَلِيم مُحاطَةً بِالجُيوش. ونَصيحَتُهُ كانَت مُوَجَّهَةً إلى كُلِّ المَسِيحِيِّين، سَواءٌ كانوا يَعيشونَ في المَدينَةِ أوِ الرِّيف. (لو ٢١:٢٠-٢٤) في ذلِكَ الزَّمَن، حينَ كانَ جَيشٌ يَغْزو مِنطَقَةً ما، كانَ النَّاسُ عُمومًا يَحتَمونَ في المُدُنِ المُسَوَّرَة مِثلِ أُورُشَلِيم. لِذلِك بَدا الهَرَبُ إلى الجِبالِ غَيرَ مَنطِقِيٍّ وتَطَلَّبَ إيمانًا قَوِيًّا.
١٠ إلامَ كانَ إيمانُ المَسِيحِيِّينَ القَوِيُّ سيَدفَعُهُم؟ (عبرانيين ١٣:١٧)
١٠ أيضًا، لَزِمَ أن يَثِقَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ بِالَّذينَ كانَ يَسُوع يَستَخدِمُهُم لِيُوَجِّهوا الجَماعَة. فهؤُلاءِ الرِّجالُ أعْطَوْا على الأرجَحِ إرشاداتٍ مُحَدَّدَة تُساعِدُ الكُلَّ في الجَماعَةِ أن يَتبَعوا تَوجيهَ يَسُوع في الوَقتِ المُناسِبِ وبِطَريقَةٍ مُنَظَّمَة. (إقرإ العبرانيين ١٣:١٧.) والكَلِمَةُ اليُونَانِيَّة المَنقولَة إلى «أطيعوا» في العِبْرَانِيِّين ١٣:١٧ تُشيرُ إلى أحَدٍ مُقتَنِعٍ بِأن يُطيعَ لِأنَّهُ يَثِقُ بِالشَّخصِ الَّذي يُعْطيهِ التَّوجيه. وهذا يَشمُلُ أكثَرَ مِن مُجَرَّدِ إطاعَةِ هذا الشَّخصِ لِأنَّ لَدَيهِ سُلطَةً أن يَمنَحَ التَّوجيه. لِذلِك قَبلَ أن يَبدَأَ الضِّيق، لَزِمَ أن يَبْنِيَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ ثِقَتَهُم بِالَّذينَ يَأخُذونَ القِيادَة. فإذا أطاعَ المَسِيحِيُّونَ في وَقتِ السِّلمِ إرشاداتِ الَّذينَ يَأخُذونَ القِيادَة، يَصيرُ أسهَلَ بِكَثيرٍ علَيهِم أن يُطيعوا في وَقتِ الأزَمات.
١١ لِماذا المَسِيحِيُّونَ اليَومَ بِحاجَةٍ ماسَّة إلى إيمانٍ قَوِيّ؟
١١ واليَوم، نَحنُ نَحتاجُ إلى الإيمانِ كما احتاجَ إلَيهِ الَّذينَ تَلَقَّوْا رِسالَةَ بُولُس في القَرنِ الأوَّل. فنَحنُ نَعيشُ في زَمَنٍ يَرفُضُ فيهِ مُعظَمُ النَّاسِ تَحذيرَ الكِتابِ المُقَدَّسِ عن نِهايَةِ هذا العالَم، أو حتَّى يَستَهزِئونَ به. (٢ بط ٣:٣، ٤) إضافَةً إلى ذلِك، مع أنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يَكشِفُ لنا عَدَدًا مِنَ التَّفاصيلِ عن ما سيَحدُثُ في الضِّيقِ العَظيم، هُناك أُمورٌ كَثيرَة لا نَعرِفُها. لِذلِك نَحنُ بِحاجَةٍ إلى إيمانٍ قَوِيٍّ بِأنَّ نِهايَةَ هذا العالَمِ ستَأتي في الوَقتِ المُحَدَّدِ وأنَّ يَهْوَه سيَهتَمُّ بنا آنَذاك. — حب ٢:٣.
١٢ ماذا سيُساعِدُنا أن نَنْجُوَ مِنَ الضِّيقِ العَظيم؟
١٢ علَينا أيضًا أن نُقَوِّيَ إيمانَنا بِالقَناةِ الَّتي يَستَخدِمُها يَهْوَه لِيُوَجِّهَنا اليَوم: «العَبدِ الأمينِ الحَكيم». (مت ٢٤:٤٥) فحينَ يَبدَأُ الضِّيقُ العَظيم، قد نَتَلَقَّى إرشاداتٍ مُحَدَّدَة تُنقِذُ الحَياة، مِثلَما حَدَثَ على الأرجَحِ معَ المَسِيحِيِّينَ العِبْرَانِيِّينَ حينَ أتى الرُّومَان. لِذلِك، الآنَ هوَ الوَقتُ لِنُقَوِّيَ ثِقَتَنا بِتَوجيهِ الَّذينَ يَأخُذونَ القِيادَةَ في هَيئَةِ يَهْوَه. ولا يُمكِنُ أن نَتَوَقَّعَ أن نَتبَعَ تَوجيهَهُم بِثِقَةٍ خِلالَ الضِّيقِ العَظيمِ إذا كُنَّا نَتبَعُهُ على مَضَضٍ الآن.
١٣ لِماذا كانَتِ النَّصيحَةُ في العِبْرَانِيِّين ١٣:٥ في مَحَلِّها؟
١٣ فيما كانَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ يَنتَظِرونَ العَلامَةَ لِيَهرُبوا، لَزِمَ أيضًا أن يَعيشوا حَياةً بَسيطَة ويَرفُضوا «مَحَبَّةَ المال». (إقرإ العبرانيين ١٣:٥.) فالبَعضُ مِنهُم كانوا قد عانَوْا مِنَ الفَقرِ والجوع. (عب ١٠:٣٢-٣٤) لِذلِك مع أنَّهُم كانوا سابِقًا مُستَعِدِّينَ أن يَتَحَمَّلوا الصُّعوباتِ مِن أجْلِ البِشارَة، رُبَّما بَدَأَ البَعضُ مِنهُم يَعتَبِرونَ الثَّروَةَ ضَرورِيَّةً لِحِمايَتِهِم. ولكنْ ما مِن مَبلَغٍ كانَ سيَحميهِم مِنَ الدَّمارِ القادِم. (يع ٥:٣) وفي الواقِع، كُلُّ الَّذينَ أحَبُّوا المادِّيَّاتِ كانَ سيَصعُبُ علَيهِم على الأرجَحِ أن يَهرُبوا ويَترُكوا وَراءَهُم بُيوتَهُم ومُمتَلَكاتِهِم.
١٤ كَيفَ يُؤَثِّرُ الإيمانُ القَوِيُّ على قَراراتِنا المُتَعَلِّقَة بِالمادِّيَّات؟
١٤ إذا كانَ لَدَينا إيمانٌ قَوِيٌّ بِأنَّ نِهايَةَ هذا العالَمِ قَريبَةٌ جِدًّا، فسَنَندَفِعُ أن نَرفُضَ مَحَبَّةَ المال. وفي الحَقيقَة، النَّاسُ «سيَرْمونَ فِضَّتَهُم في الشَّوارِعِ» لِأنَّهُم سيُدرِكونَ أنَّ لا الفِضَّةَ ولا الذَّهَبَ «تَقدِرُ . . . أن تُنقِذَهُم في يَومِ غَضَبِ يَهْوَه». (حز ٧:١٩) لِذلِك بَدَلَ أن نُرَكِّزَ على تَجميعِ مَبالِغَ كَبيرَة مِنَ المال، يَلزَمُ أن نَأخُذَ قَراراتٍ تَسمَحُ لنا أن نَعيشَ حَياةً بَسيطَة ولكنْ مُتَّزِنَة. وهذا يَشمُلُ أن نُقاوِمَ الإغراءَ بِأن نَتَدَيَّنَ دونَ لُزومٍ أو نُحَمِّلَ أنفُسَنا عِبءَ الاهتِمامِ بِأشياءَ كَثيرَة. وسَنَنتَبِهُ جَيِّدًا لِكَي لا نَتَعَلَّقَ بِالمُمتَلَكاتِ الَّتي لَدَينا الآن. (مت ٦:١٩، ٢٤) فإيمانُنا قد يُمتَحَنُ مِن جِهَةِ المادِّيَّاتِ أو غَيرِها مِنَ الأُمورِ فيما نَنتَظِرُ نِهايَةَ هذا العالَم.
«تَحتاجونَ إلى الاحتِمال»
١٥ لِماذا كانَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ بِحاجَةٍ كَثيرًا إلى الاحتِمال؟
١٥ لَزِمَ أن يَحتَمِلَ المَسِيحِيُّونَ العِبْرَانِيُّونَ الصُّعوباتِ الَّتي امتَحَنَت إيمانَهُم فيما كانَتِ الأحوالُ في اليَهُودِيَّة تَتَراجَعُ يَومًا بَعدَ يَوم. (عب ١٠:٣٦) فمع أنَّ بَعضَ هؤُلاءِ المَسِيحِيِّينَ كانوا قد واجَهوا اضطِهادًا عَنيفًا، كَثيرونَ مِنهُم قَبِلوا المَسِيحِيَّةَ خِلالَ فَترَةِ السَّلامِ النِّسبِيّ. لِذلِك قالَ لهُم بُولُس إنَّهُم قدِ احتَمَلوا امتِحاناتٍ صَعبَة لِإيمانِهِم، لكنَّهُم لم يُعانوا بَعد مِثلَما عانى يَسُوع، أي إلى حَدِّ المَوت. (عب ١٢:٤) ولكنْ معَ انتِشارِ المَسِيحِيَّة، كانَ المُقاوِمونَ اليَهُودُ يَزدادونَ حِقدًا وشَراسَة. فقَبلَ سَنَواتٍ قَليلَة فَقَط من كِتابَةِ الرِّسالَةِ إلى العِبْرَانِيِّين، أثارَ وُجودُ بُولُس في أُورُشَلِيم شَغَبًا كَبيرًا. وأكثَرُ مِن ٤٠ يَهُودِيًّا «حَلَفوا أن تَأتِيَ علَيهِم لَعنَةٌ إذا أكَلوا أو شَرِبوا قَبلَ أن يَقتُلوه». (أع ٢٢:٢٢؛ ٢٣:١٢-١٤) ورَغمَ هذا الجَوِّ مِنَ الكَراهِيَةِ والتَّعَصُّبِ الدِّينِيّ، لَزِمَ أن يَظَلَّ هؤُلاءِ المَسِيحِيُّونَ يَجتَمِعونَ معًا لِلعِبادَة، يُبَشِّرونَ بِالأخبارِ الحُلْوَة، ويُحافِظونَ على إيمانٍ قَوِيّ.
١٦ كَيفَ تُساعِدُنا الرِّسالَةُ إلى العِبْرَانِيِّين أن نَتَبَنَّى النَّظرَةَ الصَّحيحَة إلى الاضطِهاد؟ (عبرانيين ١٢:٧)
١٦ ماذا كانَ سيُساعِدُ المَسِيحِيِّينَ العِبْرَانِيِّينَ أن يَحتَمِلوا المُقاوَمَة؟ عَرَفَ بُولُس أنَّهُم كانوا بِحاجَةٍ أن يَتَبَنَّوُا النَّظرَةَ الصَّحيحَة إلى الصُّعوبات. لِذلِك أوضَحَ لهُم أنَّ اللّٰهَ قد يَسمَحُ بِأن يُمتَحَنَ إيمانُ المَسِيحِيِّ بِهَدَفِ تَدريبِه. (إقرإ العبرانيين ١٢:٧.) وهذا التَّدريبُ يُساعِدُهُ أن يُنَمِّيَ الصِّفاتِ المَسِيحِيَّة الأساسِيَّة ويَعمَلَ على تَحسينِها. فإذا رَكَّزَ هؤُلاءِ المَسِيحِيُّونَ على النَّتيجَةِ الأخيرَة لِهذِهِ الصُّعوبات، كانَ سيَسهُلُ علَيهِم أن يَحتَمِلوها. — عب ١٢:١١.
١٧ ماذا كانَ بُولُس قد تَعَلَّمَ عنِ احتِمالِ الاضطِهاد؟
١٧ شَجَّعَ بُولُس المَسِيحِيِّينَ العِبْرَانِيِّينَ أن يَحتَمِلوا الصُّعوباتِ بِتَصميمٍ أقْوى. وكانَ لَدَيهِ حُرِّيَّةُ كَلامٍ في هذا المَجال. فلِأنَّهُ اضطَهَدَ المَسِيحِيِّينَ في السَّابِق، عَرَفَ جَيِّدًا ما كانوا سيُواجِهونَه. وعَرَفَ أيضًا كَيفَ يَحتَمِلُ الاضطِهاد. فهو عانى مِن أنواعٍ مُختَلِفَة مِنَ المُقاوَمَةِ بَعدَما صارَ مَسِيحِيًّا. (٢ كو ١١:٢٣-٢٥) لِذلِكَ استَطاعَ أن يَتَكَلَّمَ بِاقتِناعٍ عن ما يَتَطَلَّبُهُ الاحتِمال. فذَكَّرَ هؤُلاءِ المَسِيحِيِّينَ أنَّهُم حينَ يَمُرُّونَ بِصُعوبات، لا يَجِبُ أن يَتَّكِلوا على أنفُسِهِم بل على يَهْوَه. واستَطاعَ أن يَقولَ بِكُلِّ شَجاعَة: «يَهْوَه مُعيني فلا أخاف». — عب ١٣:٦.
١٨ أيُّ أفكارٍ تُساعِدُنا أن نَحتَمِلَ الاضطِهاد؟
١٨ يَحتَمِلُ بَعضُ إخوَتِنا الاضطِهادَ الآن. ونَحنُ نَقدِرُ أن نُظهِرَ لهُمُ الوَلاءَ حينَ نَدعَمُهُم بِصَلَواتِنا وأحيانًا بِطُرُقٍ عَمَلِيَّة. (عب ١٠:٣٣) لكنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يَقولُ بِصَراحَةٍ إنَّ «جَميعَ الَّذينَ يَرغَبونَ في أن يَحْيَوْا بِتَعَبُّدٍ لِلّٰهِ في المَسِيح يَسُوع سيُضطَهَدونَ أيضًا». (٢ تي ٣:١٢) لِهذا السَّبَب، جَميعُنا بِحاجَةٍ أن نَستَعِدَّ لِما يَنتَظِرُنا. فلْنَثِقْ كامِلًا ودائِمًا بِيَهْوَه، مُتَأكِّدينَ أنَّهُ سيُساعِدُنا أن نَحتَمِلَ كُلَّ الصُّعوباتِ الَّتي قد نُواجِهُها. وفي الوَقتِ المُناسِب، سيُريحُ يَهْوَه تَمامًا كُلَّ خُدَّامِهِ الأُمَناء. — ٢ تس ١:٧، ٨.
١٩ أيُّ خُطُواتٍ عَمَلِيَّة تُساعِدُنا أن نَستَعِدَّ لِلضِّيقِ العَظيم؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
١٩ لا شَكَّ أنَّ رِسالَةَ بُولُس إلى العِبْرَانِيِّينَ ساعَدَتِ المَسِيحِيِّينَ في القَرنِ الأوَّلِ أن يَستَعِدُّوا لِلضِّيقِ الَّذي سيُواجِهونَه. فقد نَصَحَ بُولُس إخوَتَهُ أن يَكتَسِبوا مَعرِفَةً أعمَقَ وفَهمًا أوضَحَ لِلأسفارِ المُقَدَّسَة. فهذا كانَ سيُجَهِّزُهُم لِيُمَيِّزوا التَّعاليمَ الَّتي تُضعِفُ الإيمانَ ويَرفُضوها فَوْرًا. أيضًا، شَجَّعَهُم بُولُس أن يَزيدوا إيمانَهُم كَي يَكونوا على استِعدادٍ أن يَتبَعوا تَوجيهَ يَسُوع والَّذينَ يَأخُذونَ القِيادَةَ في الجَماعَة. كما أنَّهُ ساعَدَ المَسِيحِيِّينَ أن يُقَوُّوا احتِمالَهُم حينَ يَتَبَنَّوْنَ النَّظرَةَ الصَّحيحَة إلى الصُّعوبات، ويَعتَبِرونَها فُرصَةً لِيُدَرِّبَهُم أبوهُمُ المُحِبّ. لِنُطَبِّقْ نَحنُ أيضًا هذِهِ النَّصائِحَ الموحى بها، وعِندَئِذٍ نَقدِرُ أن نَحتَمِلَ بِأمانَةٍ حتَّى النِّهايَة. — عب ٣:١٤.
التَّرنيمَة ١٢٦ إسهَروا، تَشَجَّعوا، واثبُتوا
a في الفَصلِ الأوَّلِ فَقَط، يَقتَبِسُ بُولُس مِنَ الأسفارِ العِبْرَانِيَّةِ سَبعَ مَرَّاتٍ على الأقَلِّ بِهَدَفِ أن يُبَرهِنَ أنَّ طَريقَةَ العِبادَةِ المَسِيحِيَّة أفضَلُ مِنَ الطَّريقَةِ اليَهُودِيَّة. — عب ١:٥-١٣.