مقالة الدرس ٢٢
نصائح حكيمة تفيدنا في حياتنا
«يَهْوَه يُعطي الحِكمَة». — أم ٢:٦.
التَّرنيمَة ٨٩ أصغوا، أطيعوا، احصُدوا البَرَكات
لَمحَةٌ عنِ المَقالَة *
١ لِماذا مُهِمٌّ أن نطلُبَ الحِكمَةَ مِن يَهْوَه؟ (أمثال ٤:٧)
إذا كانَ علَيكَ أن تأخُذَ قَرارًا مُهِمًّا، فلا شَكَّ أنَّكَ تطلُبُ الحِكمَةَ مِن يَهْوَه. وهذا في مَحَلِّه. (يع ١:٥) فالمَلِكُ سُلَيْمَان كتَب: «الحِكمَةُ هيَ الرَّأس»، أي أهَمُّ شَيء. (إقرإ الأمثال ٤:٧.) طَبعًا، لم يكُنْ سُلَيْمَان يتَكَلَّمُ هُنا عن حِكمَةِ البَشَر، بل عنِ الحِكمَةِ الَّتي تأتي مِن يَهْوَه. (أم ٢:٦) ولكنْ هل تُساعِدُنا هذِهِ الحِكمَةُ فِعلًا أن نحُلَّ مَشاكِلَنا اليَوم؟ نَعَم، وهذا ما سنراهُ في المَقالَة.
٢ ما هي إحدى الطُّرُقِ لِنصيرَ حُكَماءَ فِعلًا؟
٢ ماذا يُساعِدُنا أن نصيرَ حُكَماءَ فِعلًا؟ إحدى الطُّرُقِ هي دَرسُ وتَطبيقُ تَعاليمِ شَخصَينِ كانا مَعروفَينِ بِحِكمَتِهِما. أوَّلُ شَخصٍ سنتَحَدَّثُ عنهُ هو سُلَيْمَان. يقولُ الكِتابُ المُقَدَّس: «أعطى اللّٰهُ سُلَيْمَان حِكمَةً وفَهمًا كَثيرًا جِدًّا». (١ مل ٤:٢٩) أمَّا الشَّخصُ الثَّاني، فهو يَسُوع الَّذي كانَ لَدَيهِ حِكمَةٌ لا مَثيلَ لها. (مت ١٢:٤٢) قالَت عنهُ إحدى النُّبُوَّات: «يحِلُّ علَيهِ روحُ يَهْوَه، روحُ الحِكمَةِ والفَهم». — إش ١١:٢.
٣ ماذا سنرى في هذِهِ المَقالَة؟
٣ أعطانا سُلَيْمَان ويَسُوع، بِفَضلِ الحِكمَةِ الَّتي نالاها مِن يَهْوَه، نَصائِحَ مُفيدَة في مَجالاتٍ تهُمُّنا جَميعًا. وفي هذِهِ المَقالَة، سنتَحَدَّثُ عن ثَلاثَةٍ مِن هذِهِ المَجالات. فسَنرى كم مُهِمٌّ أن يكونَ لَدَينا نَظرَةٌ صَحيحَة إلى المال، العَمَل، ونَفْسِنا.
النَّظرَةُ الصَّحيحَة إلى المال
٤ كَيفَ اختَلَفَ الوَضعُ المادِّيُّ بَينَ سُلَيْمَان ويَسُوع؟
٤ كانَ لَدى سُلَيْمَان ثَروَةٌ هائِلَة وعاشَ بِرَفاهِيَّة. (١ مل ١٠:٧، ١٤، ١٥) أمَّا يَسُوع فكانَت مُمتَلَكاتُهُ قَليلَةً جِدًّا ولم يكُنْ لَدَيهِ بَيت. (مت ٨:٢٠) ولكنْ رَغمَ اختِلافِ وَضعِهِما المادِّيّ، نظَرا نَظرَةً صَحيحَة إلى الأُمورِ المادِّيَّة لِأنَّهُما نالا الحِكمَةَ مِن نَفْسِ المَصدَر: يَهْوَه.
٥ كَيفَ نظَرَ سُلَيْمَان نَظرَةً صَحيحَة إلى المال؟
٥ إعتَرَفَ سُلَيْمَان أنَّ المالَ يُؤَمِّنُ لنا «حِمايَة». (جا ٧:١٢) فالمالُ يُساعِدُنا أن نحصُلَ على ضَرورِيَّاتِ الحَياة، وأحيانًا بَعضِ الكَمالِيَّات. ولكنْ رَغمَ كُلِّ غِنى سُلَيْمَان، فهِمَ أنَّ هُناك أُمورًا أهَمَّ مِنَ المال. كتَبَ مَثَلًا: «الصِّيتُ يُختارُ على الغِنى الكَثير». (أم ٢٢:١) أيضًا، لاحَظَ سُلَيْمَان أنَّ الَّذينَ يُحِبُّونَ المالَ نادِرًا ما يكونونَ سُعَداءَ بِما يملِكونَه. (جا ٥:١٠، ١٢) كما حذَّرَنا أن لا نضَعَ ثِقَتَنا بِالمال. فمَهما جمَعنا مِنَ المال، فقدْ يطيرُ بِلَمحِ البَصَر. — أم ٢٣:٤، ٥.
٦ كَيفَ نظَرَ يَسُوع نَظرَةً صَحيحَة إلى الأُمورِ المادِّيَّة؟ (متى ٦:٣١-٣٣)
٦ يَسُوع أيضًا نظَرَ نَظرَةً صَحيحَة إلى الأُمورِ المادِّيَّة. فهو تمَتَّعَ بِالأكلِ والشُّرب. (لو ١٩:٢، ٦، ٧) حتَّى إنَّهُ صنَعَ نَبيذًا مِن أفخَرِ الأنواعِ في أوَّلِ عَجيبَةٍ له. (يو ٢:١٠، ١١) وفي اليَومِ الَّذي ماتَ فيه، كانَ يلبَسُ ثَوبًا غالِيًا. (يو ١٩:٢٣، ٢٤) لكنَّ يَسُوع لم يسمَحْ لِلأُمورِ المادِّيَّة أن تصيرَ أهَمَّ شَيءٍ في حَياتِه. فهو قالَ لِتَلاميذِه: «لا يَقدِرُ أحَدٌ أن يَكونَ عَبدًا لِسَيِّدَيْن . . . لا تَقدِرونَ أن تَكونوا عَبيدًا لِلّٰهِ والمال». (مت ٦:٢٤) كما علَّمَنا يَسُوع أنَّنا إذا وضَعنا مَملَكَةَ اللّٰهِ أوَّلًا في حَياتِنا، فسَيُؤَمِّنُ لنا اللّٰهُ كُلَّ ما نحتاجُ إلَيه. — إقرأ متى ٦:٣١-٣٣.
٧ كَيفَ استَفادَ أحَدُ الإخوَةِ لِأنَّهُ نظَرَ نَظرَةً صَحيحَة إلى المال؟
٧ إستَفادَ إخوَةٌ كَثيرونَ لِأنَّهُم طبَّقوا نَصيحَةَ يَهْوَه الحَكيمَة عنِ المال. إلَيكَ مِثالَ أخٍ أعزَبَ اسْمُهُ دَانْيَال. يُخبِر: «بِعُمرِ المُراهَقَة، قرَّرتُ أن أضَعَ الأُمورَ الرُّوحِيَّة أوَّلًا في حَياتي». فأبقى دَانْيَال حَياتَهُ بَسيطَة. وهكَذا، استَطاعَ أن يستَخدِمَ وَقتَهُ ومَهاراتِهِ في مَشاريعَ ثِيوقراطِيَّة عَديدَة. يُضيف: «لا أندَمُ أبَدًا على القَرارِ الَّذي أخَذتُه. أنا أعرِفُ أنِّي كُنتُ سأجمَعُ مالًا كَثيرًا لَو كانَ هذا هو هَدَفي. ولكنْ ما قيمَةُ المالِ أمامَ الصَّداقاتِ الحُلوَة الَّتي أسَّستُها؟ ما قيمَتُهُ أمامَ الفَرَحِ الَّذي أشعُرُ بهِ الآنَ لِأنِّي أضَعُ مَملَكَةَ اللّٰهِ أوَّلًا في حَياتي؟ بِالنِّسبَةِ إلَيّ، كُلُّ المالِ لا يُساوي شَيئًا أمامَ البَرَكاتِ الكَثيرَة الَّتي يُعطيني إيَّاها يَهْوَه». واضِحٌ إذًا أنَّنا نستَفيدُ كَثيرًا عِندَما نُرَكِّزُ على الأُمورِ الرُّوحِيَّة، لا على المال.
النَّظرَةُ الصَّحيحَة إلى العَمَل
٨ كَيفَ نعرِفُ أنَّ سُلَيْمَان نظَرَ نَظرَةً صَحيحَة إلى العَمَل؟ (جامعة ٥:١٨، ١٩)
٨ قالَ سُلَيْمَان إنَّ الفَرَحَ الَّذي نشعُرُ بهِ عِندَما نعمَلُ بِاجتِهادٍ هو «عَطِيَّةُ اللّٰه». (إقرإ الجامعة ٥:١٨، ١٩.) كتَبَ أيضًا: «في كُلِّ تَعَبٍ مَنفَعَة». (أم ١٤:٢٣) وسُلَيْمَان كانَ يعرِفُ جَيِّدًا عن ماذا يتَكَلَّم. فهو أيضًا عمِلَ بِاجتِهاد: بنى بُيوتًا، غرَسَ كُرومًا، عمِلَ جَنَّاتٍ وحَدائِق، صنَعَ بِرَكَ مِياه، وحتَّى بنى مُدُنًا. (١ مل ٩:١٩؛ جا ٢:٤-٦) ولا شَكَّ أنَّ العَمَلَ بِاجتِهادٍ فرَّحَهُ إلى حَدٍّ ما. لكنَّ سَعادَةَ سُلَيْمَان لم تعتَمِدْ فَقَط على عَمَلِه. فهوَ اشتَرَكَ أيضًا في نَشاطاتٍ روحِيَّة. مَثَلًا، أشرَفَ طَوالَ سَبعِ سَنَواتٍ على بِناءِ هَيكَلٍ عَظيمٍ لِعِبادَةِ يَهْوَه. (١ مل ٦:٣٨؛ ٩:١) وما الَّذي فرَّحَهُ أكثَر: العَمَلُ أمِ النَّشاطاتُ الرُّوحِيَّة؟ أدرَكَ سُلَيْمَان أنَّ النَّشاطاتِ الرُّوحِيَّة أهَمُّ بِكَثيرٍ مِن أيِّ عَمَلٍ آخَر. كتَب: «أمَّا وقدْ سمِعنا كُلَّ شَيء، فخِتامُ الأمر: خفِ اللّٰهَ واحفَظْ وَصاياه». — جا ١٢:١٣.
٩ كَيفَ أبقى يَسُوع العَمَلَ في مَكانِهِ الصَّحيح؟
٩ ويَسُوع أيضًا عمِلَ بِاجتِهاد. فعِندَما كانَ أصغَرَ سِنًّا، عمِلَ في النِّجارَة. (مر ٦:٣) ولا شَكَّ أنَّ والِدَيهِ قدَّرا كَثيرًا مُساعَدَتَهُ في تَأمينِ حاجاتِ عائِلَتِهِما الكَبيرَة. وكما نعرِف، كانَ يَسُوع إنسانًا كامِلًا. وبِالتَّالي، كُلُّ ما صنَعَهُ كنَجَّارٍ كانَ كامِلًا أيضًا. فهل تتَخَيَّلُ كم كانَ الطَّلَبُ علَيهِ كَبيرًا؟ لا شَكَّ أنَّ يَسُوع أحَبَّ عَمَلَهُ واجتَهَدَ فيه. مع ذلِك، لم ينسَ أبَدًا أن يُخَصِّصَ الوَقتَ لِلأُمورِ الرُّوحِيَّة. (يو ٧:١٥) ولاحِقًا، عِندَما صارَ مُبَشِّرًا كامِلَ الوَقت، نصَحَ الَّذينَ يسمَعونَه: «لا تَعمَلوا مِن أجْلِ الطَّعامِ الَّذي يَفسُد، بل مِن أجْلِ الطَّعامِ الَّذي يَدومُ ويُعْطي حَياةً أبَدِيَّة». (يو ٦:٢٧) وقالَ أيضًا في مَوعِظَتِهِ على الجَبَل: «جَمِّعوا كُنوزًا في السَّماء». — مت ٦:٢٠.
١٠ أيُّ فَخٍّ قد يقَعُ فيهِ الشَّخصُ المُجتَهِد؟
١٠ نَحنُ أيضًا، تُساعِدُنا نَصائِحُ يَهْوَه الحَكيمَة أن ننظُرَ نَظرَةً صَحيحَة إلى العَمَل. فكَلِمَتُهُ تُشَجِّعُنا أن ‹نكُدّ›، أي نجتَهِد، عامِلينَ «عَمَلًا صالِحًا». (أف ٤:٢٨) وعِندَما نُطَبِّقُ هذِهِ النَّصيحَةَ ونعمَلُ بِأمانَةٍ واجتِهاد، غالِبًا ما يُلاحِظُ أصحابُ العَمَلِ ذلِك ويَمدَحونَنا على سُلوكِنا الجَيِّد. ولكنْ هُناك فَخٌّ يجِبُ أن نحذَرَ مِنه. فقدْ نبدَأُ بِنِيَّةٍ حَسَنَة بِالعَمَلِ ساعاتٍ إضافِيَّة لِنُعطِيَ مُديرَنا صورَةً أفضَل عن شُهودِ يَهْوَه. ولكنْ بَعدَ فَترَةٍ قَصيرَة، نُلاحِظُ أنَّنا صِرنا نُهمِلُ مَسؤولِيَّاتِنا العائِلِيَّة والنَّشاطاتِ الثِّيوقراطِيَّة. في هذِهِ الحالَة، علَينا فَورًا أن نقومَ بِالتَّغييراتِ اللَّازِمَة كَي نُخَصِّصَ وَقتًا أكبَرَ لِلنَّشاطاتِ الأهَمّ.
١١ ماذا تعَلَّمَ أحَدُ الإخوَةِ عنِ النَّظرَةِ الصَّحيحَة إلى العَمَل؟
١١ كانَ أخٌ شابٌّ اسْمُهُ وِلْيَم يعمَلُ عِندَ أحَدِ الشُّيوخ. فتعَلَّمَ مِن مِثالِ هذا الشَّيخِ أن يُبقِيَ العَمَلَ في مَكانِهِ الصَّحيح. يقول: «إشتَغَلتُ لَدى شَخصٍ مُتَّزِنٍ فِعلًا في عَمَلِه. فهو عامِلٌ مُجتَهِدٌ لهُ عَلاقاتٌ طَيِّبَة بِزَبائِنِهِ بِفَضلِ نَوعِيَّةِ عَمَلِه. ولكنْ في آخِرِ النَّهارِ بَعدَ أن ينتَهِيَ دَوامُنا، يقدِرُ أن يترُكَ عَمَلَهُ وَراءَهُ ويُرَكِّزَ على عائِلَتِهِ وعِبادَتِه. والمُلفِتُ أنَّهُ مِن أسعَدِ الأشخاصِ الَّذينَ أعرِفُهُم». *
النَّظرَةُ الصَّحيحَة إلى نَفْسِنا
١٢ كَيفَ أظهَرَ سُلَيْمَان في البِدايَةِ أنَّهُ ينظُرُ نَظرَةً صَحيحَة إلى نَفْسِه، ولكنْ كَيفَ تغَيَّرَ لاحِقًا؟
١٢ عِندَما كانَ سُلَيْمَان خادِمًا أمينًا لِيَهْوَه، نظَرَ نَظرَةً صَحيحَة إلى نَفْسِه. ففي بِدايَةِ حُكمِه، كانَ هذا الشَّابُّ يعرِفُ حُدودَهُ ويَطلُبُ تَوجيهَ يَهْوَه. (١ مل ٣:٧-٩) كما عرَفَ كم خَطيرٌ أن يصيرَ الشَّخصُ مُتَكَبِّرًا. كتَب: «قَبلَ التَّحَطُّمِ الكِبرِياء، وقَبلَ التَّعَثُّرِ تَكَبُّرُ الرُّوح». (أم ١٦:١٨) ولكنْ لِلأسَف، لم يُطَبِّقْ سُلَيْمَان في ما بَعد النَّصيحَةَ الَّتي أعطاها هو. ففي وَقتٍ لاحِقٍ مِن حُكمِه، تكَبَّرَ وتجاهَلَ وَصايا يَهْوَه. مَثَلًا، طلَبَت إحدى الوَصايا مِنَ المَلِكِ الإسْرَائِيلِيِّ أن «لا يَتَزَوَّجَ نِساءً كَثيراتٍ لِكَي لا يَبتَعِدَ قَلبُهُ عن [يَهْوَه]». (تث ١٧:١٧) لكنَّ سُلَيْمَان تجاهَلَ هذِهِ الوَصِيَّةَ وتزَوَّجَ ٧٠٠ زَوجَةٍ و ٣٠٠ خادِمَة، والكَثيرُ مِنهُنَّ كُنَّ يعبُدنَ الآلِهَةَ المُزَيَّفَة. (١ مل ١١:١-٣) رُبَّما شعَرَ سُلَيْمَان أنَّهُ يُسَيطِرُ على الوَضع. لكنَّهُ معَ الوَقت، عانى مِن عَواقِبِ عَدَمِ إطاعَةِ يَهْوَه. — ١ مل ١١:٩-١٣.
١٣ أيُّ مِثالٍ في التَّواضُعِ رسَمَهُ لنا يَسُوع؟
١٣ بِالمُقابِل، بقِيَ يَسُوع مُتَواضِعًا ونظَرَ دائِمًا إلى نَفْسِهِ نَظرَةً صَحيحَة. فقَبلَ أن يأتِيَ إلى الأرض، قامَ بِإنجازاتٍ مُذهِلَة في خِدمَةِ يَهْوَه. فبِواسِطَةِ يَسُوع، «خُلِقَت سائِرُ الأشياءِ في السَّمواتِ وعلى الأرض». (كو ١:١٦) وعِندَ مَعمودِيَّتِه، تذَكَّرَ على الأرجَحِ الأُمورَ الَّتي أنجَزَها مع أبيه. (مت ٣:١٦؛ يو ١٧:٥) لكنَّ المَعلوماتِ الَّتي تذَكَّرَها لم تجعَلْهُ يتَكَبَّر. على العَكس، لم يفتَخِرْ يَسُوع ولا مَرَّةً بِنَفْسِهِ أمامَ الآخَرين. بل قالَ لِتَلاميذِهِ إنَّهُ لم يَأتِ إلى الأرضِ «لِيَخدُمَهُ النَّاس، بل لِيَخدُمَهُم هو ويُقَدِّمَ حَياتَهُ فِديَةً عن كَثيرين». (مت ٢٠:٢٨) كما اعتَرَفَ بِتَواضُعٍ أنَّهُ لا يقدِرُ أن يعمَلَ أيَّ شَيءٍ مِن عِندِه. (يو ٥:١٩) فِعلًا، رسَمَ لنا يَسُوع مِثالًا رائِعًا في التَّواضُع.
١٤ كَيفَ يُطَمِّنُنا ما قالَهُ يَسُوع عنَّا؟
١٤ علَّمَ يَسُوع أتباعَهُ أن ينظُروا نَظرَةً صَحيحَة إلى نَفْسِهِم. ففي إحدى المُناسَبات، أكَّدَ لهُم: «شَعرُ رَأسِكُم كُلُّهُ مَعدود». (مت ١٠:٣٠) وما قالَهُ يَسُوع يُطَمِّنُنا كَثيرًا، خُصوصًا إذا كُنَّا ننظُرُ إلى نَفْسِنا بِطَريقَةٍ سَلبِيَّة. فهو يُذَكِّرُنا أنَّ أبانا السَّماوِيَّ يهتَمُّ بنا كَثيرًا ويَعتَبِرُنا مُهِمِّينَ جِدًّا في نَظَرِه. فكِّرْ قَليلًا: إذا كانَ يَهْوَه يسمَحُ لنا أن نعبُدَهُ ويَعتَبِرُ أنَّنا نستَحِقُّ الحَياةَ الأبَدِيَّة في عالَمِهِ الجَديد، فلِمَ نشُكُّ نَحنُ في ذلِك؟
١٥ (أ) كَيفَ يجِبُ أن ننظُرَ إلى نَفْسِنا مِثلَما نصَحَتنا بُرجُ المُراقَبَة؟ (ب) حَسَبَ الصُّورَتَينِ في الصَّفحَة ٢٤، أيُّ بَرَكاتٍ نخسَرُها إذا ركَّزنا على نَفْسِنا فَوقَ اللُّزوم؟
١٥ مُنذُ ١٥ سَنَةً تَقريبًا، شجَّعَتنا بُرجُ المُراقَبَة أن نتَعَوَّدَ أن ننظُرَ إلى نَفْسِنا مِثلَما ينظُرُ إلَينا يَهْوَه. ذكَرَت: «دونَ شَكّ، لا ينبَغي أن نُبالِغَ في تَقديرِ أنفُسِنا إلى حَدِّ الصَّيرورَةِ مَغرورين. ولكنْ في الوَقتِ نَفْسِه، لا ينبَغي أن نملِكَ نَظرَةً مُتَطَرِّفَة مُعاكِسَة، مُعتَبِرينَ أنفُسَنا عَديمي القيمَة. عِوَضًا عن ذلِك، ينبَغي أن يكونَ هَدَفُنا حِيازَةَ نَظرَةٍ واقِعِيَّة إلى أنفُسِنا، نَظرَةٍ تأخُذُ في الاعتِبارِ مَقدِراتِنا وحُدودَنا على السَّواء. عبَّرَت إحدى المَسيحِيَّاتِ عن ذلِك بِهذِهِ الطَّريقَة: ‹لَستُ شَيْطَانًا ولا مَلاكًا. فلَدَيَّ صِفاتٌ حَميدَة وأُخرى ذَميمَة، شَأْني في ذلِك شَأْنُ أيِّ شَخصٍ آخَر›». * ولا شَكَّ أنَّنا سنستَفيدُ كَثيرًا عِندَما نتَعَوَّدُ أن ننظُرَ إلى نَفْسِنا نَظرَةً صَحيحَة.
١٦ لِماذا يُعطينا يَهْوَه نَصائِحَ حَكيمَة؟
١٦ يُعطينا يَهْوَه في كَلِمَتِهِ نَصائِحَ حَكيمَة لِأنَّهُ يُحِبُّنا ويُريدُ أن نكونَ سُعَداء. (إش ٤٨:١٧، ١٨) لِذلِك أفضَلُ قَرارٍ نأخُذُه، وأكثَرُ قَرارٍ سيَجعَلُنا سُعَداء، هو أن نضَعَ خِدمَةَ يَهْوَه أوَّلًا في حَياتِنا. وعِندَما نفعَلُ ذلِك، نتَجَنَّبُ مَشاكِلَ كَثيرَة يُعاني مِنها الَّذينَ يُرَكِّزونَ فَوقَ اللُّزومِ على المال، العَمَل، أو نَفْسِهِم. فليُصَمِّمْ إذًا كُلُّ واحِدٍ مِنَّا أن يكونَ حَكيمًا ويُفَرِّحَ قَلبَ يَهْوَه. — أم ٢٣:١٥.
التَّرنيمَة ٩٤ شُكرًا يا يَهْوَه على كَلِمَتِك!
^ الفقرة 5 كانَ لَدى سُلَيْمَان ويَسُوع حِكمَةٌ عَظيمَة، ويَهْوَه هو مَن أعطاها لهُما. وبِفَضلِ هذِهِ الحِكمَة، أعطانا سُلَيْمَان ويَسُوع نَصائِحَ مُفيدَة عنِ النَّظرَةِ الصَّحيحَة إلى المال، العَمَل، ونَفْسِنا. وفي هذِهِ المَقالَة، سنرى ماذا نتَعَلَّمُ مِن هذِهِ النَّصائِح، وكَيفَ استَفادَ بَعضُ إخوَتِنا لِأنَّهُم تصَرَّفوا بِحِكمَةٍ وطبَّقوها في حَياتِهِم.
^ الفقرة 11 أُنظُرْ مَقالَة «كَيفَ تجمَعُ بَينَ العَمَلِ الشَّاقِّ والمُتعَة؟» في بُرج المُراقَبَة، عَدَد ١ شُبَاط (فِبْرَايِر) ٢٠١٥.
^ الفقرة 15 أُنظُرْ مَقالَة «الكِتابُ المُقَدَّسُ يُساعِدُكَ على إيجادِ الفَرَح» في بُرجِ المُراقَبَة، عَدَد ١ آب (أُغُسْطُس) ٢٠٠٥.
^ الفقرة 52 وصف الصورة: جون وتوم هما أخان شابان في نفس الجماعة. جون يصرف وقتًا كبيرًا في الاهتمام بسيارته. أما توم، فيستخدم سيارته ليساعد الإخوة أن يشتركوا في الخدمة ويحضروا اجتماعات الجماعة.
^ الفقرة 54 وصف الصورة: جون يعمل ساعات إضافية. فكل مرة يطلب منه مديره أن يعمل أكثر، يوافق كي لا يُخيِّب أمله. أما توم الذي هو خادم مساعد، فيقوم في تلك الأمسية بزيارة رعائية مع أحد الشيوخ. وهو شرح لمديره من قبل أنه يخصص بضع أمسيات في الأسبوع لنشاطات روحية.
^ الفقرة 56 وصف الصورة: جون يركِّز على نفسه. أما توم، فيضع الأمور الروحية قبل مصلحته. لذلك، يشارك في تجديد قاعة اجتماعات ويؤسس صداقات جديدة هناك.