هل تعلم؟
هل عاشَ مُرْدَخَاي فِعلًا؟
مُرْدَخَاي هو مِنَ الشَّخصِيَّاتِ الرَّئيسِيَّة في سِفرِ أسْتِير بِالكتِابِ المُقَدَّس. وهو أسيرٌ يَهُودِيٌّ عمِلَ في القَصرِ الفَارِسِيِّ «في أيَّامِ [المَلِكِ] أَحْشَوِيرُوش» الَّذي بدَأَ يحكُمُ سَنَةَ ٤٩٦ قم. (يُعتَقَدُ عُمومًا أنَّ هذا المَلِكَ هو زَرَكْسِيس الأوَّل.) ومُرْدَخَاي فشَّلَ مُؤامَرَةً لِقَتلِ المَلِك، فنالَ تَكريمًا عَلَنِيًّا. ولاحِقًا، ماتَ عَدُوُّهُ هَامَان الَّذي خطَّطَ لِإبادَةِ اليَهُود. فأصبَحَ مُرْدَخَاي الوَزيرَ الأوَّل، وأصدَرَ مَرسومًا حمى اليَهُودَ في الإمبَراطورِيَّةِ الفَارِسِيَّة مِنَ الإبادَةِ الجَماعِيَّة. — أس ١:١؛ ٢:٥، ٢١-٢٣؛ ٨:١، ٢؛ ٩:١٦.
سابِقًا، ادَّعى بَعضُ المُؤَرِّخينَ أنَّ سِفرَ أسْتِير هو قِصَّةٌ خَيالِيَّة، وأنَّ مُرْدَخَاي لَيسَ شَخصًا حَقيقِيًّا. ولكنْ سَنَةَ ١٩٤١، وجَدَ عُلَماءُ الآثارِ دَليلًا يُرَجِّحُ أنَّ مُرْدَخَاي عاشَ فِعلًا.
فقدِ اكتَشَفوا نَصًّا مِسمارِيًّا فَارِسِيًّا يتَحَدَّثُ عن مَرْدُوكَا (بِالعَرَبِيَّة: مُرْدَخَاي) الَّذي كانَ مَسؤولًا، ورُبَّما مُحاسِبًا، في شُوشَن. لكنَّ هذا النَّصَّ كانَ آنَذاكَ «المَرجِعَ الوَحيدَ غَيرَ الكِتابِ المُقَدَّسِ الَّذي يتَحَدَّثُ عن مُرْدَخَاي»، مِثلَما ذكَرَ خَبيرٌ في التَّاريخِ الشَّرقِيِّ اسْمُهُ آرْثِر أنْغْنَاد.
ولكنْ بَعدَ ذلِك، ترجَمَ الباحِثونَ آلافَ النُّصوصِ المِسمارِيَّة الفَارِسِيَّة، ومِنها ألواحُ بَرْسِيبُولِيس الَّتي وُجِدَت في خَرائِبِ الخِزانَةِ قُربَ أسوارِ المَدينَة. وهذِهِ الألواحُ المَكتوبَة بِاللُّغَةِ العِيلَامِيَّة يعودُ تاريخُها إلى أيَّامِ المَلِكِ زَرَكْسِيس الأوَّل. وهي تحتَوي على أسماءٍ عَديدَة ترِدُ في سِفرِ أسْتِير. a
يتَحَدَّثُ العَديدُ مِن هذِهِ الألواحِ عن مَرْدُوكَا. فهي تُخبِرُ أنَّهُ كانَ مَسؤولًا في قَصرِ شُوشَن خِلالَ حُكمِ زَرَكْسِيس الأوَّل، ويَذكُرُ أحَدُها أنَّهُ كانَ مُتَرجِمًا. يتَّفِقُ ذلِك مع ما يقولُهُ الكِتابُ المُقَدَّسُ عن مُرْدَخَاي: إنَّهُ كانَ مَسؤولًا في قَصرِ المَلِكِ أَحْشَوِيرُوش (زَرَكْسِيس الأوَّل)، يعرِفُ لُغَتَينِ على الأقَلّ، ويَجلِسُ عِندَ بَوَّابَةِ القَصرِ في شُوشَن. (أس ٢:١٩، ٢١؛ ٣:٣) فهذِهِ البَوَّابَةُ كانَت بِناءً كَبيرًا يعمَلُ فيهِ مَسؤولو القَصر.
إذًا، هُناك أوجُهُ شَبَهٍ لافِتَة بَينَ مَرْدُوكَا المَذكورِ في ألواحِ بَرْسِيبُولِيس ومُرْدَخَاي المَذكورِ في الكِتابِ المُقَدَّس. فقدْ عاشَ كِلاهُما في نَفْسِ الزَّمانِ والمَكان، وعمِلَ كِلاهُما كَمَسؤولَينِ في المَكانِ ذاتِه. وهكَذا، تتَّفِقُ الاكتِشافاتُ الأثَرِيَّة مع ما يقولُهُ سِفرُ أسْتِير عن مُرْدَخَاي.
a سَنَةَ ١٩٩٢، نشَرَ البروفِسور إدْوِين يَامَاوُتْشِي عَشَرَةَ أسماءٍ مِن ألواحِ بَرْسِيبُولِيس ترِدُ أيضًا في سِفرِ أسْتِير.