لنقدِّر يهوه، الخزاف العظيم
«يَا يَهْوَهُ، . . . أَنْتَ ٱلْخَزَّافُ، وَكُلُّنَا عَمَلُ يَدَيْكَ». — اش ٦٤:٨.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٨٩، ٢٦
١ لِمَاذَا يَهْوَهُ هُوَ ٱلْخَزَّافُ ٱلْأَعْظَمُ؟
فِي تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (نُوفَمْبِر) ٢٠١٠، عُرِضَتْ لِلْبَيْعِ فِي مَزَادٍ بِمَدِينَةِ لَنْدَنَ ٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ مَزْهَرِيَّةٌ مِنَ ٱلْخَزَفِ ٱلصِّينِيِّ تَعُودُ إِلَى ٱلْقَرْنِ ٱلـ ١٨. وَقَدْ وَصَلَ ٱلثَّمَنُ ٱلْمَعْرُوضُ لِشِرَائِهَا إِلَى ٧٠ مَلْيُونَ دُولَارٍ أَمِيرْكِيٍّ تَقْرِيبًا. أَفَلَيْسَ مُدْهِشًا أَنْ يَصْنَعَ ٱلْخَزَّافُ تُحْفَةً جَمِيلَةً وَثَمِينَةً مِنْ مَادَّةٍ عَادِيَّةٍ وَرَخِيصَةٍ كَٱلطِّينِ؟! وَلٰكِنْ، مَا مِنْ خَزَّافٍ بَشَرِيٍّ يُمْكِنُ أَنْ يُقَارَنَ بِيَهْوَهَ. فَفِي آخِرِ ٱلْيَوْمِ ٱلْخَلْقِيِّ ٱلسَّادِسِ، خَلَقَ ٱللهُ ٱلرَّجُلَ ٱلْأَوَّلَ آدَمَ. وَقَدْ جَبَلَهُ إِنْسَانًا كَامِلًا «مِنْ تُرَابِ ٱلْأَرْضِ»، أَيْ مِنَ ٱلطِّينِ، وَأَعْطَاهُ ٱلْمَقْدِرَةَ أَنْ يَعْكِسَ صِفَاتِهِ. (تك ٢:٧) لِذٰلِكَ دُعِيَ هٰذَا ٱلْإِنْسَانُ ٱلْكَامِلُ «ٱبْنَ ٱللهِ». — لو ٣:٣٨.
٢، ٣ كَيْفَ نَتَبَنَّى مَوْقِفَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلتَّائِبِينَ؟
٢ غَيْرَ أَنَّ آدَمَ خَسِرَ هٰذِهِ ٱلْعَلَاقَةَ عِنْدَمَا تَمَرَّدَ عَلَى خَالِقِهِ. وَلٰكِنْ عَلَى مَرِّ ٱلْعُصُورِ، ٱخْتَارَتْ «سَحَابَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا» مِنْ بَنِي آدَمَ تَأْيِيدَ سُلْطَانِ ٱللهِ. (عب ١٢:١) وَبِإِطَاعَةِ خَالِقِهِمْ بِتَوَاضُعٍ، أَظْهَرُوا أَنَّهُمُ ٱخْتَارُوهُ هُوَ، لَا ٱلشَّيْطَانَ، أَبًا لَهُمْ وَخَزَّافًا. (يو ٨:٤٤) وَيُذَكِّرُنَا وَلَاؤُهُمْ لِلهِ بِمَا قَالَهُ إِشَعْيَا عَنْ لِسَانِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلتَّائِبِينَ: «يَا يَهْوَهُ، أَنْتَ أَبُونَا. نَحْنُ ٱلطِّينُ وَأَنْتَ ٱلْخَزَّافُ، وَكُلُّنَا عَمَلُ يَدَيْكَ». — اش ٦٤:٨.
٣ وَكَأُولٰئِكَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ، يَسْعَى ٱلْعُبَّادُ ٱلْحَقِيقِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِجِدٍّ لِيَكُونُوا مُتَوَاضِعِينَ وَطَائِعِينَ. فَيُشَرِّفُهُمْ أَنْ يَدْعُوا يَهْوَهَ أَبَاهُمْ وَيَخْضَعُوا لَهُ بِصِفَتِهِ ٱلْخَزَّافَ ٱلْعَظِيمَ. فَهَلْ تَعْتَبِرُ نَفْسَكَ عَجِينَةً طَيِّعَةً بَيْنَ يَدَيِ ٱللهِ، وَتَقْبَلُ أَنْ يَجْبُلَكَ وَيَصُوغَكَ إِنَاءً كَرِيمًا فِي نَظَرِهِ؟ وَهَلْ تَعْتَبِرُ إِخْوَتَكَ وَأَخَوَاتِكَ أَيْضًا آنِيَةً غَيْرَ مُكْتَمِلَةٍ يَجْبُلُهَا ٱللهُ ٱلْآنَ؟ لِمُسَاعَدَتِنَا فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ، سَنَتَأَمَّلُ فِي ثَلَاثِ نَوَاحٍ يَشْمُلُهَا عَمَلُ يَهْوَهَ كَخَزَّافٍ: (١) عَلَى أَيِّ أَسَاسٍ يَخْتَارُ ٱلْآنِيَةَ ٱلَّتِي يَصُوغُهَا؟ (٢) لِمَ يَصُوغُهَا؟ وَ (٣) كَيْفَ يَفْعَلُ ذٰلِكَ؟
يَهْوَهُ يَخْتَارُ ٱلْآنِيَةَ ٱلَّتِي يَصُوغُهَا
٤ عَلَى أَيِّ أَسَاسٍ يَخْتَارُ يَهْوَهُ ٱلَّذِينَ يَجْتَذِبُهُمْ إِلَيْهِ؟ أَعْطِ أَمْثِلَةً.
٤ لَا يَهْتَمُّ يَهْوَهُ بِٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ حِينَ يَنْظُرُ إِلَى ٱلْبَشَرِ. بَلْ يَفْحَصُ بِٱلْأَحْرَى ٱلْقَلْبَ، أَيِ ٱلْإِنْسَانَ ٱلدَّاخِلِيَّ. (اقرأ ١ صموئيل ١٦:٧ب.) وَظَهَرَ ذٰلِكَ بِوُضُوحٍ عِنْدَمَا شَكَّلَ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ. فَقَدِ ٱجْتَذَبَ إِلَيْهِ وَإِلَى ٱبْنِهِ أَشْخَاصًا عَدِيدِينَ ٱعْتَبَرَهُمُ ٱلْبَعْضُ بِلَا قِيمَةٍ. (يو ٦:٤٤) وَأَحَدُ هٰؤُلَاءِ فَرِّيسِيٌّ ٱسْمُهُ شَاوُلُ، كَانَ «مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَوَقِحًا». (١ تي ١:١٣) لٰكِنَّ «فَاحِصَ ٱلْقُلُوبِ» لَمْ يَعْتَبِرْهُ كُتْلَةَ طِينٍ بِلَا نَفْعٍ. (ام ١٧:٣) بَلْ رَأَى ٱلْإِمْكَانِيَّةَ أَنْ يَجْعَلَ مِنْهُ ‹إِنَاءً مُخْتَارًا› كَرِيمًا لِيُوصِلَ ٱلْبِشَارَةَ «إِلَى ٱلْأُمَمِ وَٱلْمُلُوكِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ». (اع ٩:١٥) كَذٰلِكَ رَأَى ٱللهُ فِي أَشْخَاصٍ سِكِّيرِينَ وَعَاهِرِينَ وَسَارِقِينَ ٱلْإِمْكَانِيَّةَ أَنْ يُصْبِحُوا آنِيَةً «لِٱسْتِعْمَالٍ كَرِيمٍ». (رو ٩:٢١؛ ١ كو ٦:٩-١١) فَفِيمَا نَالُوا ٱلْمَعْرِفَةَ ٱلدَّقِيقَةَ مِنْ كَلِمَةِ ٱللهِ، نَمَا إِيمَانُهُمْ بِهِ وَقَبِلُوا أَنْ يَصُوغَهُمْ.
٥، ٦ كَيْفَ تَنْعَكِسُ ثِقَتُنَا بِأَنَّ يَهْوَهَ هُوَ ٱلْخَزَّافُ ٱلْعَظِيمُ عَلَى مَوْقِفِنَا (أ) مِنَ ٱلنَّاسِ فِي ٱلْمُقَاطَعَةِ؟ (ب) مِنْ إِخْوَتِنَا وَأَخَوَاتِنَا؟
٥ وَكَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِمَّا تَقَدَّمَ؟ إِذَا وَثِقْنَا أَنَّ يَهْوَهَ يَقْرَأُ ٱلْقُلُوبَ وَهُوَ مَنْ يَخْتَارُ ٱلَّذِينَ يَجْتَذِبُهُمْ، فَلَنْ نَحْكُمَ عَلَى ٱلْآخَرِينَ، لَا فِي ٱلْمُقَاطَعَةِ وَلَا فِي ٱلْجَمَاعَةِ. لِنَأْخُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ كَيْفَ كَانَ رَجُلٌ ٱسْمُهُ مَايْكِل يَتَصَرَّفُ حِينَ يَزُورُهُ شُهُودُ يَهْوَهَ. يَتَذَكَّرُ: «كُنْتُ أُغْلِقُ ٱلْبَابَ فِي وَجْهِهِمْ وَأَتَجَاهَلُهُمْ. كُنْتُ فَظًّا بِكُلِّ مَعْنَى ٱلْكَلِمَةِ! وَلٰكِنْ لَاحِقًا، نَشَأَ وَضْعٌ مُخْتَلِفٌ. فَقَدِ ٱلْتَقَيْتُ بِعَائِلَةٍ نَالَتْ إِعْجَابِي بِسَبَبِ سُلُوكِهَا ٱلْحَسَنِ. وَكَمْ تَفَاجَأْتُ حِينَ عَلِمْتُ فِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ أَنَّهُمْ مِنْ شُهُودِ يَهْوَهَ! لٰكِنَّ سُلُوكَهُمْ دَفَعَنِي أَنْ أُعِيدَ ٱلنَّظَرَ فِي مَوْقِفِي. وَسُرْعَانَ مَا أَدْرَكْتُ أَنَّ تَحَامُلِي أَسَاسُهُ ٱلْجَهْلُ وَٱلْإِشَاعَاتُ، لَا ٱلْوَقَائِعُ». وَلِمَعْرِفَةِ ٱلْحَقِيقَةِ، قَبِلَ مَايْكِل دَرْسًا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. وَبَعْدَ فَتْرَةٍ، ٱعْتَمَدَ ثُمَّ ٱنْضَمَّ إِلَى صُفُوفِ ٱلْخُدَّامِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ.
٦ وَٱعْتِرَافُنَا بِأَنَّ يَهْوَهَ هُوَ ٱلْخَزَّافُ ٱلْعَظِيمُ يَنْعَكِسُ أَيْضًا عَلَى مَوْقِفِنَا مِنْ إِخْوَتِنَا وَأَخَوَاتِنَا. فَنَرَاهُمْ كَمَا يَرَاهُمُ ٱللهُ: آنِيَةً غَيْرَ مُكْتَمِلَةٍ بَيْنَ يَدَيْ جَابِلِهَا. فَهُوَ يَرَى صِفَاتِهِمِ ٱلدَّاخِلِيَّةَ، وَكَيْفَ سَيُصْبِحُونَ بَعْدَ أَنْ يَجْبُلَهُمْ بِيَدَيْهِ ٱلْمَاهِرَتَيْنِ. لِذٰلِكَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِإِيجَابِيَّةٍ، وَلَا يُرَكِّزُ عَلَى نَقَائِصِهِمِ ٱلْحَالِيَّةِ. (مز ١٣٠:٣) وَتَمَثُّلًا بِيَهْوَهَ، نَنْظُرُ إِلَى إِخْوَانِنَا نَظْرَةً إِيجَابِيَّةً. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، فِي وِسْعِنَا أَنْ نَتَعَاوَنَ مَعَ ٱلْخَزَّافِ ٱلْعَظِيمِ حِينَ نُسَاعِدُهُمْ عَلَى ٱلتَّقَدُّمِ رُوحِيًّا. (١ تس ٥:١٤، ١٥) وَعَلَى ٱلشُّيُوخِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ أَنْ يَأْخُذُوا ٱلْقِيَادَةَ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ. — اف ٤:٨، ١١-١٣.
لِمَ يَصُوغُنَا يَهْوَهُ؟
٧ لِمَاذَا تُقَدِّرُ تَأْدِيبَ يَهْوَهَ؟
٧ هَلْ سَمِعْتَ أَحَدًا يَقُولُ: ‹لَمْ أُقَدِّرْ كَامِلًا قِيمَةَ ٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي تَلَقَّيْتُهُ مِنْ وَالِدَيَّ حَتَّى صِرْتُ أَبًا أَوْ أُمًّا›؟ فَفِيمَا نَكْتَسِبُ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْخِبْرَةِ فِي ٱلْحَيَاةِ، نَرَى ٱلتَّأْدِيبَ بِمِنْظَارٍ مُخْتَلِفٍ، فَنَعْتَبِرُهُ تَعْبِيرًا عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ. (اقرإ العبرانيين ١٢:٥، ٦، ١١.) وَيَهْوَهُ يُحِبُّنَا كَأَوْلَادٍ لَهُ، لِذٰلِكَ يُؤَدِّبُنَا وَيَصُوغُنَا بِصَبْرٍ. فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ نَكُونَ حُكَمَاءَ وَسُعَدَاءَ، وَأَنْ نُبَادِلَهُ ٱلْمَحَبَّةَ. (ام ٢٣:١٥) وَلَا يُحِبُّ أَنْ نَتَأَلَّمَ نَتِيجَةَ ٱتِّبَاعِنَا مَسْلَكًا خَاطِئًا، أَوْ أَنْ نُعَانِيَ مَصِيرَ «أَوْلَادِ ٱلسُّخْطِ» نَتِيجَةَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْرُوثَةِ مِنْ آدَمَ. — اف ٢:٢، ٣.
٨، ٩ بِأَيَّةِ وَسِيلَةٍ يُعَلِّمُنَا يَهْوَهُ ٱلْيَوْمَ، وَكَيْفَ سَيَسْتَمِرُّ فِي تَعْلِيمِنَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ؟
٨ حِينَ كُنَّا «أَوْلَادَ ٱلسُّخْطِ»، أَعْرَبْنَا عَنْ صِفَاتٍ عَدِيدَةٍ لَا تُرْضِي ٱللهَ، وَأَحْيَانًا عَنْ صِفَاتٍ وَحْشِيَّةٍ. لٰكِنَّ يَهْوَهَ جَبَلَنَا، فَتَغَيَّرْنَا وَأَصْبَحْنَا أَشْبَهَ بِٱلْخِرَافِ. (اش ١١:٦-٨؛ كو ٣:٩، ١٠) وَيُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ ٱلْبِيئَةَ ٱلَّتِي يَجْبُلُنَا فِيهَا يَهْوَهُ هِيَ فِرْدَوْسٌ رُوحِيٌّ تَتَشَكَّلُ مَعَالِمُهُ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْحَاضِرِ. وَفِيهِ نُحِسُّ بِٱلْأَمْنِ وَٱلطُّمَأْنِينَةِ، رَغْمَ أَنَّنَا مُحَاطُونَ بِعَالَمٍ شِرِّيرٍ. كَمَا نَشْعُرُ بِٱلْمَحَبَّةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ حَتَّى لَوْ تَرَبَّيْنَا فِي عَائِلَاتٍ خَالِيَةٍ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ. (يو ١٣:٣٥) وَنَحْنُ نَتَعَلَّمُ أَيْضًا أَنْ نُظْهِرَ ٱلْمَحَبَّةَ لِلْآخَرِينَ. وَٱلْأَهَمُّ هُوَ أَنَّنَا نَتَعَلَّمُ عَنْ يَهْوَهَ وَنَنْعَمُ بِمَحَبَّتِهِ ٱلْأَبَوِيَّةِ. — يع ٤:٨.
٩ وَفِي ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ، سَنَنْعَمُ بِبَرَكَاتِ ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلرُّوحِيِّ إِلَى ٱلْحَدِّ ٱلْكَامِلِ. كَمَا أَنَّنَا سَنَعِيشُ فِي فِرْدَوْسٍ حَرْفِيٍّ تَحْتَ حُكْمِ مَلَكُوتِ ٱللهِ. وَلٰكِنْ حَتَّى فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، سَيَسْتَمِرُّ يَهْوَهُ فِي صَوْغِنَا وَتَعْلِيمِنَا إِلَى حَدٍّ يَفُوقُ ٱلْوَصْفَ. (اش ١١:٩) كَمَا أَنَّهُ سَيَجْعَلُ عُقُولَنَا وَأَجْسَادَنَا كَامِلَةً، كَيْ نَسْتَوْعِبَ تَعَالِيمَهُ وَنُطِيعَ إِرْشَادَاتِهِ بِدِقَّةٍ. فَلْنَقْبَلْ دَائِمًا أَنْ يَصُوغَنَا يَهْوَهُ، مُظْهِرِينَ بِٱلتَّالِي أَنَّنَا نَعْتَبِرُ ذٰلِكَ تَعْبِيرًا عَنْ مَحَبَّتِهِ لَنَا. — ام ٣:١١، ١٢.
كَيْفَ يَصُوغُنَا يَهْوَهُ؟
١٠ كَيْفَ عَكَسَ يَسُوعُ صَبْرَ وَبَرَاعَةَ ٱلْخَزَّافِ ٱلْعَظِيمِ؟
١٠ مِثْلَ ٱلْخَزَّافِ ٱلْبَارِعِ، يَعْرِفُ يَهْوَهُ نَوْعِيَّةَ «ٱلطِّينِ» ٱلَّذِي أَمَامَهُ، وَيَصُوغُهُ عَلَى هٰذَا ٱلْأَسَاسِ. (اقرإ المزمور ١٠٣:١٠-١٤.) فَهُوَ يَتَعَامَلُ مَعَنَا إِفْرَادِيًّا، آخِذًا فِي ٱلِٱعْتِبَارِ ضَعَفَاتِنَا وَحُدُودَنَا وَمَدَى ٱلتَّقَدُّمِ ٱلرُّوحِيِّ ٱلَّذِي أَحْرَزْنَاهُ. وَمَوْقِفُ يَهْوَهَ مِنْ خُدَّامِهِ ٱلنَّاقِصِينَ جَسَّدَهُ ٱبْنُهُ يَسُوعُ فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ رُسُلِهِ. فَأَحْيَانًا تَجَادَلَ ٱلرُّسُلُ حَوْلَ مَنْ هُوَ ٱلْأَعْظَمُ. تَخَيَّلْ أَنَّكَ تَرَاهُمْ يَتَشَاجَرُونَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ. فَمَاذَا تَقُولُ عَنْهُمْ؟ قَدْ لَا تَعْتَبِرُهُمْ «عَجِينَةً» طَرِيَّةً وَطَيِّعَةً. لٰكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِمْ نَظْرَةً سَلْبِيَّةً. فَقَدْ عَرَفَ أَنَّ رُسُلَهُ ٱلْأُمَنَاءَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَغَيَّرُوا إِذَا ٱسْتَمَعُوا إِلَى مَشُورَتِهِ ٱلْمُقَدَّمَةِ بِلُطْفٍ وَصَبْرٍ، وَإِذَا ٱتَّبَعُوا مِثَالَهُ فِي ٱلتَّوَاضُعِ. (مر ٩:٣٣-٣٧؛ ١٠:٣٧، ٤١-٤٥؛ لو ٢٢:٢٤-٢٧) وَبِٱلْفِعْلِ، بَعْدَ قِيَامَةِ يَسُوعَ وَسَكْبِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، لَمْ يَعُدْ تَرْكِيزُ ٱلرُّسُلِ عَلَى ٱلْمَرْكَزِ أَوِ ٱلْجَاهِ، بَلْ عَلَى ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي أَوْكَلَهُ إِلَيْهِمْ. — اع ٥:٤٢.
١١ كَيْفَ أَثْبَتَ دَاوُدُ أَنَّهُ كَٱلْعَجِينَةِ ٱلطَّرِيَّةِ، وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِهِ؟
١١ وَٱلْيَوْمَ، يَصُوغُ يَهْوَهُ خُدَّامَهُ بِصُورَةٍ رَئِيسِيَّةٍ بِوَاسِطَةِ كَلِمَتِهِ، رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ، وَٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. فَكَلِمَةُ ٱللهِ يُمْكِنُ أَنْ تَصُوغَنَا حِينَ نَقْرَأُهَا وَنَتَأَمَّلُ فِيهَا وَنَسْأَلُ يَهْوَهَ أَنْ يُسَاعِدَنَا عَلَى تَطْبِيقِهَا. كَتَبَ دَاوُدُ: «أَذْكُرُكَ عَلَى مَضْجَعِي، فِي هُزُعِ ٱللَّيْلِ أَتَأَمَّلُ فِيكَ». (مز ٦٣:٦) وَكَتَبَ أَيْضًا: «أُبَارِكُ يَهْوَهَ ٱلَّذِي نَصَحَنِي. أَيْضًا فِي ٱللَّيَالِي تُقَوِّمُنِي كُلْيَتَايَ». (مز ١٦:٧) فَقَدْ سَمَحَ دَاوُدُ لِلْمَشُورَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ بِأَنْ تَتَغَلْغَلَ فِي كُلْيَتَيْهِ، أَيْ فِي أَعْمَاقِ ذَاتِهِ، وَتَصُوغَ أَفْكَارَهُ وَمَشَاعِرَهُ، حَتَّى حِينَ تَلَقَّى مَشُورَةً قَوِيَّةً. (٢ صم ١٢:١-١٣) فَمَا أَرْوَعَ ٱلْمِثَالَ ٱلَّذِي رَسَمَهُ فِي ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلطَّاعَةِ! فَهَلْ تَتَأَمَّلُ فِي كَلِمَةِ ٱللهِ، سَامِحًا لَهَا بِأَنْ تَنْغَرِسَ فِي أَعْمَاقِكَ؟ وَهَلْ فِي وِسْعِكَ أَنْ تَتَحَسَّنَ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ؟ — مز ١:٢، ٣.
١٢، ١٣ كَيْفَ يَصُوغُنَا يَهْوَهُ بِوَاسِطَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ؟
١٢ مِنْ جِهَةٍ ثَانِيَةٍ، يُمْكِنُ لِلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ أَنْ يَصُوغَنَا بِأَكْثَرَ مِنْ طَرِيقَةٍ. فَهُوَ يُسَاعِدُنَا أَنْ نَلْبَسَ ٱلشَّخْصِيَّةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ وَنُنَمِّيَ ثَمَرَ ٱلرُّوحِ بِأَوْجُهِهِ ٱلْمُخْتَلِفَةِ. (غل ٥:٢٢، ٢٣) وَٱلْمَحَبَّةُ هِيَ أَحَدُ هٰذِهِ ٱلْأَوْجُهِ. فَنَحْنُ نُحِبُّ ٱللهَ وَنَرْغَبُ فِي أَنْ نُطِيعَهُ وَنَكُونَ «عَجِينَةً» طَرِيَّةً بَيْنَ يَدَيْهِ، عَالِمِينَ أَنَّ وَصَايَاهُ لَا تُشَكِّلُ عِبْئًا. كَمَا أَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ يُقَوِّينَا لِئَلَّا نَسْمَحَ لِلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ بِأَنْ يَصُوغَنَا فِي قَالَبِهِ. (اف ٢:٢) لِنَأْخُذْ مَثَلًا ٱلرَّسُولَ بُولُسَ. فَقَدْ تَأَثَّرَ كَثِيرًا فِي شَبَابِهِ بِرُوحِ ٱلْكِبْرِيَاءِ ٱلسَّائِدَةِ بَيْنَ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ ٱلْيَهُودِ. لٰكِنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ سَاعَدَهُ أَنْ يَتَغَيَّرَ. كَتَبَ لَاحِقًا: «إِنِّي أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ بِذَاكَ ٱلَّذِي يَمْنَحُنِي ٱلْقُوَّةَ». (في ٤:١٣) فَلْنَقْتَدِ بِهِ وَنَسْتَمِرَّ فِي طَلَبِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. وَيَهْوَهُ لَنْ يَتَجَاهَلَ صَلَوَاتِنَا ٱلْمُخْلِصَةَ. — مز ١٠:١٧.
١٣ يَصُوغُنَا يَهْوَهُ أَيْضًا عَلَى صَعِيدٍ شَخْصِيٍّ بِوَاسِطَةِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَٱلنُّظَّارِ. فَإِذَا لَاحَظَ ٱلشُّيُوخُ أَنَّ لَدَيْنَا ضُعْفًا مَا، يُحَاوِلُونَ مُسَاعَدَتَنَا. لٰكِنَّهُمْ لَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى ٱلْحِكْمَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ. (غل ٦:١) بَلْ يُصَلُّونَ إِلَى ٱللهِ بِتَوَاضُعٍ طَلَبًا لِلْبَصِيرَةِ وَٱلْحِكْمَةِ. ثُمَّ يُجْرُونَ بَحْثًا فِي كَلِمَتِهِ وَفِي مَطْبُوعَاتِنَا ٱلْمَسِيحِيَّةِ لِيَجِدُوا مَعْلُومَاتٍ تُفِيدُنَا. لِذٰلِكَ، إِذَا ٱقْتَرَبَ إِلَيْكَ ٱلشُّيُوخُ بِلُطْفٍ وَمَحَبَّةٍ، لِيَنْصَحُوكَ بِخُصُوصِ لِبَاسِكَ مَثَلًا، فَتَذَكَّرْ أَنَّ نَصِيحَتَهُمْ تَعْبِيرٌ عَنْ مَحَبَّةِ ٱللهِ لَكَ. فَٱقْبَلْهَا وَطَبِّقْهَا لِتَسْتَفِيدَ وَتَكُونَ «عَجِينَةً» طَرِيَّةً بَيْنَ يَدَيْ يَهْوَهَ.
١٤ مَعَ أَنَّ ٱلْخَزَّافَ لَهُ سُلْطَةٌ عَلَى ٱلطِّينِ، كَيْفَ يَحْتَرِمُ يَهْوَهُ إِرَادَتَنَا ٱلْحُرَّةَ؟
١٤ إِنَّ فَهْمَ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي يَصُوغُنَا يَهْوَهُ بِهَا يُحَسِّنُ عَلَاقَتَنَا بِإِخْوَتِنَا وَأَخَوَاتِنَا وَمَوْقِفَنَا مِنَ ٱلنَّاسِ فِي ٱلْمُقَاطَعَةِ، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلَّذِينَ نَدْرُسُ مَعَهُمْ. فَٱلْخَزَّافُ لَا يَأْخُذُ كُتْلَةً مِنَ ٱلطِّينِ وَيَبْدَأُ مُبَاشَرَةً بِجَبْلِهَا. بَلْ يُجَهِّزُهَا أَوَّلًا، فَيُزِيلُ مِنْهَا ٱلْحِجَارَةَ وَٱلشَّوَائِبَ ٱلْأُخْرَى. بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، يُسَاعِدُ يَهْوَهُ ٱلَّذِينَ يَصُوغُهُمْ أَنْ يُطَهِّرُوا حَيَاتَهُمْ، إِذْ يَكْشِفُ لَهُمْ مَقَايِيسَهُ ٱلْبَارَّةَ. لٰكِنَّهُ لَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى إِجْرَاءِ ٱلتَّغْيِيرَاتِ، بَلْ يُرِيدُ أَنْ يَقُومُوا بِهَا عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ. فَيَهْوَهُ لَا يَجْبُلُنَا إِلَّا إِذَا كُنَّا عَجِينَةً قَابِلَةً لِلْجَبْلِ.
١٥، ١٦ كَيْفَ يُظْهِرُ تَلَامِيذُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُوغَهُمْ يَهْوَهُ؟ أَعْطِ مِثَالًا.
١٥ إِلَيْكَ مِثَالَ أُخْتٍ مِنْ أُوسْتْرَالِيَا ٱسْمُهَا تِسِّي. تَرْوِي ٱلْأُخْتُ ٱلَّتِي دَرَسَتْ مَعَهَا: «كَانَتْ تِسِّي تَتَقَبَّلُ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِسُهُولَةٍ، لٰكِنَّهَا لَمْ تُحْرِزْ أَيَّ تَقَدُّمٍ مَلْحُوظٍ، حَتَّى إِنَّهَا لَمْ تَحْضُرِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ. لِذَا بَعْدَمَا فَكَّرْتُ مَلِيًّا فِي ٱلْمَسْأَلَةِ وَصَلَّيْتُ بِشَأْنِهَا، قَرَّرْتُ أَنْ أَتَوَقَّفَ عَنِ ٱلدَّرْسِ مَعَهَا. عِنْدَئِذٍ حَدَثَتْ مُفَاجَأَةٌ. فَأَثْنَاءَ عَقْدِ ٱلدَّرْسِ، وَكُنْتُ أَنْوِي أَنْ تَكُونَ ٱلْمَرَّةَ ٱلْأَخِيرَةَ، فَتَحَتْ لِي قَلْبَهَا. فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا تَعْتَبِرُ نَفْسَهَا مُرَائِيَةً لِأَنَّهَا تُحِبُّ ٱلْمُقَامَرَةَ، لٰكِنَّهَا قَرَّرَتْ أَنْ تُقْلِعَ عَنْ هٰذِهِ ٱلْعَادَةِ».
١٦ وَسُرْعَانَ مَا بَدَأَتْ تِسِّي تَحْضُرُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ وَتُعْرِبُ عَنِ ٱلشَّخْصِيَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ، رَغْمَ ٱلِٱسْتِهْزَاءِ ٱلَّذِي وَاجَهَتْهُ مِنْ رَفِيقَاتِهَا ٱلسَّابِقَاتِ. وَبَعْدَ فَتْرَةٍ، ٱعْتَمَدَتْ وَأَصْبَحَتْ فَاتِحَةً عَادِيَّةً، مَعَ أَنَّ أَوْلَادَهَا كَانُوا صِغَارًا. فَعِنْدَمَا يَبْدَأُ تَلَامِيذُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِتَطْهِيرِ حَيَاتِهِمْ بِهَدَفِ إِرْضَاءِ ٱللهِ، يَقْتَرِبُ إِلَيْهِمْ وَيَصُوغُهُمْ آنِيَةً كَرِيمَةً.
١٧ (أ) لِمَ تَرْغَبُ أَنْ يَصُوغَكَ يَهْوَهُ؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٧ لَا يَزَالُ بَعْضُ ٱلْخَزَّافِينَ حَتَّى يَوْمِنَا يَصُوغُونَ ٱلطِّينَ بِعِنَايَةٍ بِأَيْدِيهِمْ وَيَصْنَعُونَ مِنْهُ آنِيَةً جَمِيلَةً. بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، يَصُوغُنَا يَهْوَهُ إِفْرَادِيًّا، إِذْ يُقَدِّمُ لَنَا ٱلنُّصْحَ بِصَبْرٍ وَيُرَاقِبُ رَدَّةَ فِعْلِنَا. (اقرإ المزمور ٣٢:٨.) فَهَلْ تَشْعُرُ أَنَّ يَهْوَهَ يَهْتَمُّ بِكَ شَخْصِيًّا، وَتَرَى كَيْفَ يَصُوغُكَ بِعِنَايَةٍ؟ أَيَّةُ صِفَاتٍ سَتُسَاعِدُكَ أَنْ تَبْقَى عَجِينَةً طَرِيَّةً وَطَيِّعَةً بَيْنَ يَدَيْهِ؟ أَيَّةُ مُيُولٍ عَلَيْكَ أَنْ تَتَجَنَّبَهَا لِئَلَّا تَتَصَلَّبَ وَتَتَقَسَّى؟ وَكَيْفَ يُمْكِنُ لِلْوَالِدِينَ أَنْ يَتَعَاوَنُوا مَعَ يَهْوَهَ فِي صَوْغِ أَوْلَادِهِمْ؟ سَتُجِيبُ ٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ.