لنكن واحدا تمثلا بيهوه ويسوع
«أَطْلُبُ . . . لِكَيْ يَكُونُوا جَمِيعُهُمْ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ، أَيُّهَا ٱلْآبُ، فِي ٱتِّحَادٍ بِي». — يو ١٧:٢٠، ٢١.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ١٠٧، ١٢٢
١، ٢ (أ) مَاذَا طَلَبَ يَسُوعُ فِي صَلَاتِهِ ٱلْأَخِيرَةِ مَعَ رُسُلِهِ؟ (ب) لِمَ لَيْسَ غَرِيبًا أَنْ تَشْغَلَ ٱلْوَحْدَةُ بَالَ يَسُوعَ؟
شَغَلَ مَوْضُوعُ ٱلْوَحْدَةِ بَالَ يَسُوعَ خِلَالَ عَشَائِهِ ٱلْأَخِيرِ مَعَ رُسُلِهِ. لِذَا حِينَ صَلَّى مَعَهُمْ، عَبَّرَ عَنْ رَغْبَتِهِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ تَلَامِيذِهِ وَاحِدًا، تَمَثُّلًا بِهِ وَبِأَبِيهِ. (اقرأ يوحنا ١٧:٢٠، ٢١.) فَوَحْدَتُهُمْ سَتُثْبِتُ لِلنَّاسِ أَنَّ يَهْوَهَ أَرْسَلَهُ إِلَى ٱلْأَرْضِ. كَمَا أَنَّ مَحَبَّتَهُمْ وَاحِدِهِمْ لِلْآخَرِ سَتُثْبِتُ أَنَّهُمْ تَلَامِيذُهُ، وَتُقَوِّي بِدَوْرِهَا وَحْدَتَهُمْ. — يو ١٣:٣٤، ٣٥.
٢ وَلَا عَجَبَ أَنْ يُشَدِّدَ يَسُوعُ عَلَى ٱلْوَحْدَةِ. فَقَدْ لَاحَظَ ضُعْفًا فِي ٱلْوَحْدَةِ وَٱلِٱنْسِجَامِ بَيْنَ رُسُلِهِ. فَفِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ، تَجَادَلُوا مُجَدَّدًا «فِي أَيُّهُمْ يَبْدُو أَنَّهُ ٱلْأَعْظَمُ». (لو ٢٢:٢٤-٢٧؛ مر ٩:٣٣، ٣٤) وَفِي مُنَاسَبَةٍ أُخْرَى، طَلَبَ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا مَرْكَزَيْنِ مُهِمَّيْنِ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ. — مر ١٠:٣٥-٤٠.
٣ مَاذَا هَدَّدَ وَحْدَةَ ٱلتَّلَامِيذِ، وَأَيَّةُ أَسْئِلَةٍ سَنُنَاقِشُهَا؟
٣ لٰكِنَّ ٱلرَّغْبَةَ فِي ٱلسُّلْطَةِ لَمْ تَكُنِ ٱلسَّبَبَ ٱلْوَحِيدَ ٱلَّذِي هَدَّدَ وَحْدَةَ ٱلتَّلَامِيذِ. فَٱلنَّاسُ أَيَّامَ يَسُوعَ كَانُوا مُنْقَسِمِينَ بِسَبَبِ ٱلتَّحَامُلِ وَٱلْعَدَاوَاتِ. لِذَا لَزِمَ أَنْ يَتَغَلَّبَ ٱلتَّلَامِيذُ عَلَى تِلْكَ ٱلْمَشَاعِرِ. وَفِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ، سَنُنَاقِشُ ٱلْأَسْئِلَةَ ٱلتَّالِيَةَ: مَاذَا كَانَ مَوْقِفُ يَسُوعَ مِنَ ٱلتَّحَامُلِ؟ كَيْفَ عَلَّمَ تَلَامِيذَهُ أَنْ يَكُونُوا مُتَّحِدِينَ وَيُعَامِلُوا ٱلْجَمِيعَ بِمُسَاوَاةٍ؟ وَكَيْفَ تُسَاعِدُنَا تَعَالِيمُهُ أَنْ نُحَافِظَ عَلَى وَحْدَتِنَا ٱلْيَوْمَ؟
يَسُوعُ وَأَتْبَاعُهُ تَعَرَّضُوا لِلتَّحَامُلِ
٤ كَيْفَ وَقَعَ يَسُوعُ ضَحِيَّةَ ٱلتَّحَامُلِ؟
٤ وَقَعَ يَسُوعُ نَفْسُهُ ضَحِيَّةً لِلتَّحَامُلِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ. فَعِنْدَمَا أَخْبَرَ فِيلِبُّسُ نَثَنَائِيلَ أَنَّهُ وَجَدَ ٱلْمَسِيَّا، أَجَابَ: «أَيُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ شَيْءٌ صَالِحٌ؟». (يو ١:٤٦) فَلَا بُدَّ أَنَّ نَثَنَائِيلَ عَرَفَ ٱلنُّبُوَّةَ فِي مِيخَا ٥:٢، وَرُبَّمَا ٱعْتَبَرَ أَنَّ ٱلنَّاصِرَةَ لَيْسَتْ مُهِمَّةً كِفَايَةً لِتَكُونَ مَوْطِنَ ٱلْمَسِيَّا. كَمَا أَنَّ وُجَهَاءَ ٱلْيَهُودِيَّةِ ٱحْتَقَرُوا يَسُوعَ لِأَنَّهُ مِنَ ٱلْجَلِيلِ. (يو ٧:٥٢) وَفِي ٱلْوَاقِعِ، تَكَبَّرَ كَثِيرُونَ مِنْ أَهْلِ ٱلْيَهُودِيَّةِ عَلَى ٱلْجَلِيلِيِّينَ. وَفِي مُنَاسَبَةٍ أُخْرَى، دَعَا ٱلْيَهُودُ يَسُوعَ سَامِرِيًّا بِهَدَفِ إِهَانَتِهِ. (يو ٨:٤٨) فَٱلسَّامِرِيُّونَ ٱخْتَلَفُوا عَنِ ٱلْيَهُودِ عِرْقِيًّا وَدِينِيًّا. وَقَدِ ٱزْدَرَى أَهْلُ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلْجَلِيلِ بِهِمْ، وَلَمْ يَتَعَامَلُوا مَعَهُمْ. — يو ٤:٩.
٥ كَيْفَ تَعَرَّضَ تَلَامِيذُ يَسُوعَ لِلتَّحَامُلِ؟
٥ بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، ٱحْتَقَرَ ٱلْقَادَةُ ٱلْيَهُودُ أَتْبَاعَ يَسُوعَ. فَٱلْفَرِّيسِيُّونَ مَثَلًا دَعَوْهُمْ ‹مَلْعُونِينَ›. (يو ٧:٤٧-٤٩) فَقَدِ ٱعْتَبَرُوا عَامَّةَ ٱلنَّاسِ حُثَالَةً، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّمُوا فِي مَدَارِسِهِمْ وَيَتَّبِعُوا تَقَالِيدَهُمْ. (اع ٤:١٣) بِٱخْتِصَارٍ إِذًا، تَعَرَّضَ يَسُوعُ وَتَلَامِيذُهُ لِلتَّحَامُلِ. وَهٰذَا لِأَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا مُتَكَبِّرِينَ بِسَبَبِ دِينِهِمْ، عِرْقِهِمْ، وَمَرْكَزِهِمِ ٱلِٱجْتِمَاعِيِّ. لٰكِنَّ ٱلتَّلَامِيذَ أَيْضًا تَشَرَّبُوا هٰذَا ٱلتَّحَامُلَ. لِذَا لَزِمَ أَنْ يُغَيِّرُوا طَرِيقَةَ تَفْكِيرِهِمْ لِيُحَافِظُوا عَلَى وَحْدَتِهِمْ.
٦ اُذْكُرْ مِثَالًا يُظْهِرُ كَيْفَ يُؤَثِّرُ فِينَا ٱلتَّحَامُلُ.
٦ وَٱلتَّحَامُلُ ٱلْيَوْمَ مُنْتَشِرٌ فِي ٱلْعَالَمِ. لِذَا قَدْ نَتَعَرَّضُ لَهُ، أَوْ يُمْكِنُ حَتَّى أَنْ نَتَحَامَلَ نَحْنُ عَلَى ٱلْآخَرِينَ. تُخْبِرُ فَاتِحَةٌ فِي أُوسْتْرَالِيَا كَيْفَ كَانَتْ تَشْعُرُ سَابِقًا: «كَرِهْتُ ٱلْبِيضَ بِسَبَبِ ظُلْمِهِمْ لِلسُّكَّانِ ٱلْأَصْلِيِّينَ فِي ٱلْمَاضِي وَٱلْحَاضِرِ. وَمَا عَانَيْتُهُ أَنَا شَخْصِيًّا زَادَ حِقْدِي». وَيَتَذَكَّرُ أَخٌ كَنَدِيٌّ: «اِعْتَبَرْتُ ٱلَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ ٱلْفَرَنْسِيَّةَ أَهَمَّ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَصِرْتُ أَكْرَهُ ٱلَّذِينَ يَتَحَدَّثُونَ ٱلْإِنْكِلِيزِيَّةَ».
٧ كَيْفَ أَظْهَرَ يَسُوعُ أَنَّ ٱلتَّحَامُلَ خَطَأٌ؟
٧ وَأَيَّامَ يَسُوعَ أَيْضًا، كَانَ ٱلتَّحَامُلُ مُتَأَصِّلًا بَيْنَ ٱلنَّاسِ. فَكَيْفَ تَصَرَّفَ يَسُوعُ؟ أَوَّلًا، لَمْ يَتَحَامَلْ هُوَ عَلَى أَحَدٍ، بَلْ عَامَلَ ٱلْجَمِيعَ بِمُسَاوَاةٍ. فَقَدْ كَرَزَ لِلْجَمِيعِ بِلَا ٱسْتِثْنَاءٍ: اَلْأَغْنِيَاءِ، ٱلْفُقَرَاءِ، ٱلْفَرِّيسِيِّينَ، ٱلسَّامِرِيِّينَ، حَتَّى جُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْخُطَاةِ. ثَانِيًا، عَلَّمَ تَلَامِيذَهُ بِٱلْقَوْلِ وَٱلْعَمَلِ أَهَمِّيَّةَ تَقَبُّلِ ٱلْآخَرِ وَعَدَمِ ٱلتَّحَامُلِ.
دَوْرُ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلتَّوَاضُعِ
٨ أَيُّ مَبْدَإٍ مُهِمٍّ يُشَكِّلُ أَسَاسَ وَحْدَتِنَا؟ أَوْضِحْ.
٨ عَلَّمَ يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ مَبْدَأً مُهِمًّا يُشَكِّلُ أَسَاسَ متى ٢٣:٨، ٩.) طَبْعًا، نَحْنُ إِخْوَةٌ لِأَنَّنَا جَمِيعًا أَوْلَادُ آدَمَ. (اع ١٧:٢٦) لٰكِنَّ يَسُوعَ أَوْضَحَ أَنَّ أَتْبَاعَهُ هُمْ أَيْضًا إِخْوَةٌ لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا يَدْعُونَ يَهْوَهَ أَبَاهُمُ ٱلسَّمَاوِيَّ. (مت ١٢:٥٠) كَمَا أَنَّهُمْ جُزْءٌ مِنْ عَائِلَةٍ رُوحِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، مُتَّحِدِينَ بِٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْإِيمَانِ. فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنَّ ٱلرُّسُلَ دَعَوْا رُفَقَاءَهُمُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ «إِخْوَةً» فِي رَسَائِلِهِمْ إِلَى ٱلْجَمَاعَاتِ. * — رو ١:١٣؛ ١ بط ٢:١٧؛ ١ يو ٣:١٣.
وَحْدَتِنَا. قَالَ: «أَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ». (اقرأ٩، ١٠ (أ) لِمَاذَا لَمْ يَكُنِ ٱفْتِخَارُ ٱلْيَهُودِ بِعِرْقِهِمْ مُبَرَّرًا؟ (ب) كَيْفَ عَلَّمَ يَسُوعُ أَنَّ ٱلْعُنْصُرِيَّةَ خَطَأٌ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ ١ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
٩ بَعْدَمَا ذَكَرَ يَسُوعُ أَنَّ تَلَامِيذَهُ إِخْوَةٌ، شَدَّدَ لَهُمْ عَلَى أَهَمِّيَّةِ ٱلتَّوَاضُعِ. (اقرأ متى ٢٣:١١، ١٢.) فَكَمَا رَأَيْنَا، أَضْعَفَتِ ٱلْكِبْرِيَاءُ وَحْدَةَ ٱلرُّسُلِ. وَٱلنَّاسُ أَيَّامَ يَسُوعَ ٱفْتَخَرُوا بِعِرْقِهِمْ. فَقَدِ ٱعْتَقَدَ يَهُودٌ كَثِيرُونَ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنَ ٱلْآخَرِينَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ إِبْرَاهِيمَ. لٰكِنَّ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانَ قَالَ لَهُمْ: «اَللهُ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْحِجَارَةِ أَوْلَادًا لِإِبْرَاهِيمَ». — لو ٣:٨.
١٠ وَيَسُوعُ أَيْضًا أَدَانَ ٱلْعُنْصُرِيَّةَ. فَذَاتَ مَرَّةٍ، سَأَلَهُ أَحَدُ ٱلْكَتَبَةِ: «مَنْ هُوَ قَرِيبِي؟». فَقَدَّمَ لَهُ مَثَلًا يُوضِحُ أَنَّ ٱلْعُنْصُرِيَّةَ خَطَأٌ. فَرَوَى أَنَّ لُصُوصًا ضَرَبُوا يَهُودِيًّا، وَتَرَكُوهُ مَرْمِيًّا عَلَى ٱلطَّرِيقِ. ثُمَّ مَرَّ بِهِ يَهُودِيَّانِ وَلَمْ يُسَاعِدَاهُ. وَلٰكِنْ لَمَّا مَرَّ بِهِ سَامِرِيٌّ، أَشْفَقَ عَلَيْهِ وَٱعْتَنَى بِهِ. فَشَجَّعَ يَسُوعُ ٱلْكَاتِبَ أَنْ يَتَمَثَّلَ بِٱلسَّامِرِيِّ. (لو ١٠:٢٥-٣٧) وَهٰكَذَا أَظْهَرَ أَنَّ سَامِرِيًّا يُمْكِنُ أَنْ يُعَلِّمَ ٱلْيَهُودَ دَرْسًا فِي مَحَبَّةِ ٱلْقَرِيبِ.
١١ لِمَ لَزِمَ أَنْ يَتَغَلَّبَ ٱلتَّلَامِيذُ عَلَى ٱلتَّحَامُلِ، وَكَيْفَ عَلَّمَهُمْ يَسُوعُ ذٰلِكَ؟
١١ وَلَزِمَ أَنْ يَتَغَلَّبَ تَلَامِيذُ يَسُوعَ عَلَى ٱلْكِبْرِيَاءِ وَٱلتَّحَامُلِ لِكَيْ يُتَمِّمُوا تَعْيِينَهُمْ. فَقَبْلَ صُعُودِ يَسُوعَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، أَوْصَاهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا فِي «كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ». (اع ١:٨) لٰكِنَّهُ سَبَقَ أَنْ أَعَدَّهُمْ لِهٰذَا ٱلتَّعْيِينِ. فَكَثِيرًا مَا لَفَتَ نَظَرَهُمْ إِلَى صِفَاتٍ حَسَنَةٍ عِنْدَ ٱلْأَجَانِبِ. فَذَاتَ مَرَّةٍ، مَدَحَ ضَابِطًا أَجْنَبِيًّا عَلَى إِيمَانِهِ ٱلْقَوِيِّ. (مت ٨:٥-١٠) وَفِي مَدِينَتِهِ ٱلنَّاصِرَةِ، أَخْبَرَ كَيْفَ أَحْسَنَ يَهْوَهُ إِلَى ٱلْغُرَبَاءِ، مِثْلِ ٱلْأَرْمَلَةِ ٱلْفِينِيقِيَّةِ مِنْ صَرْفَةَ وَنَعْمَانَ ٱلْأَبْرَصِ مِنْ أَرَامَ. (لو ٤:٢٥-٢٧) كَمَا بَشَّرَ ٱمْرَأَةً سَامِرِيَّةً، حَتَّى إِنَّهُ قَضَى يَوْمَيْنِ فِي مَدِينَةٍ سَامِرِيَّةٍ حِينَ ٱهْتَمَّ سُكَّانُهَا بِرِسَالَتِهِ. — يو ٤:٢١-٢٤، ٤٠.
اَلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأَوَائِلُ صَارَعُوا ٱلتَّحَامُلَ
١٢، ١٣ (أ) كَيْفَ شَعَرَ ٱلرُّسُلُ حِينَ عَلَّمَ يَسُوعُ ٱمْرَأَةً سَامِرِيَّةً؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ ٢ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.) (ب) مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا لَمْ يَتَعَلَّمَا ٱلدَّرْسَ؟
١٢ لَمْ يَكُنْ سَهْلًا عَلَى ٱلرُّسُلِ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنَ ٱلتَّحَامُلِ. فَقَدْ تَعَجَّبُوا مَثَلًا حِينَ رَأَوْا يَسُوعَ يُعَلِّمُ ٱمْرَأَةً سَامِرِيَّةً. (يو ٤:٩، ٢٧) وَمَا ٱلسَّبَبُ؟ رُبَّمَا تَأَثَّرُوا بِٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ ٱلْيَهُودِ. فَهٰؤُلَاءِ لَمْ يُكَلِّمُوا ٱلنِّسَاءَ عَلَنًا، فَكَمْ بِٱلْأَكْثَرِ ٱمْرَأَةً سَامِرِيَّةً سَيِّئَةَ ٱلسُّمْعَةِ! أَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ مَوْقِفُهُ مُخْتَلِفًا تَمَامًا. وَهٰذَا وَاضِحٌ مِنْ جَوَابِهِ حِينَ أَلَحَّ عَلَيْهِ ٱلتَّلَامِيذُ كَيْ يَأْكُلَ. فَقَدْ تَمَتَّعَ كَثِيرًا بِٱلْحَدِيثِ مَعَ تِلْكَ ٱلْمَرْأَةِ، لِدَرَجَةِ أَنَّهُ نَسِيَ جُوعَهُ. فَعَمَلُ مَشِيئَةِ أَبِيهِ، بِمَا فِي ذٰلِكَ ٱلْكِرَازَةُ لِلْمَرْأَةِ ٱلسَّامِرِيَّةِ، كَانَ مِثْلَ ٱلطَّعَامِ فِي نَظَرِهِ. — يو ٤:٣١-٣٤.
١٣ إِلَّا أَنَّ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا لَمْ يَتَعَلَّمَا ٱلدَّرْسَ. فَذَاتَ مَرَّةٍ، سَافَرَ يَسُوعُ وَتَلَامِيذُهُ عَبْرَ ٱلسَّامِرَةِ. وَأَرَادُوا أَنْ يَبِيتُوا فِي قَرْيَةٍ سَامِرِيَّةٍ. لٰكِنَّ أَهْلَهَا رَفَضُوا ٱسْتِقْبَالَهُمْ. عِنْدَئِذٍ غَضِبَ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا جِدًّا، وَٱقْتَرَحَا أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَتُفْنِيَهُمْ. فَوَبَّخَهُمَا يَسُوعُ بِشِدَّةٍ عَلَى ذٰلِكَ. (لو ٩:٥١-٥٦) وَلٰكِنْ رُبَّمَا مَا كَانَا لِيَتَصَرَّفَا هٰكَذَا لَوِ ٱلْقَرْيَةُ فِي مَوْطِنِهِمَا بِٱلْجَلِيلِ. فَعَلَى مَا يَبْدُو، ٱلتَّحَامُلُ هُوَ سَبَبُ غَضَبِهِمَا. وَلَا بُدَّ أَنَّ يُوحَنَّا خَجِلَ مِنْ نَفْسِهِ لَاحِقًا حِينَ كَرَزَ لِلسَّامِرِيِّينَ وَتَجَاوَبَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ. — اع ٨:١٤، ٢٥.
١٤ كَيْفَ حُلَّتْ مُشْكِلَةٌ سَبَّبَهَا ٱلتَّحَامُلُ؟
١٤ بَعْدَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم، تَعَرَّضَ ٱلْبَعْضُ فِي ٱلْجَمَاعَةِ لِلتَّمْيِيزِ. فَعِنْدَ تَوْزِيعِ ٱلطَّعَامِ عَلَى ٱلْأَرَامِلِ، أُهْمِلَتِ ٱللَّوَاتِي يَتَكَلَّمْنَ ٱلْيُونَانِيَّةَ. (اع ٦:١) وَرُبَّمَا كَانَ أَصْلُ ٱلْمُشْكِلَةِ ٱلتَّحَامُلَ بِسَبَبِ ٱللُّغَةِ. لٰكِنَّ ٱلرُّسُلَ عَالَجُوهَا بِسُرْعَةٍ. فَعَيَّنُوا إِخْوَةً أَكْفَاءً لِيُشْرِفُوا عَلَى تَوْزِيعِ ٱلطَّعَامِ. وَقَدْ حَمَلَ جَمِيعُهُمْ أَسْمَاءً يُونَانِيَّةً. وَهٰذَا طَمْأَنَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أُولٰئِكَ ٱلْأَرَامِلَ.
١٥ كَيْفَ تَعَلَّمَ بُطْرُسُ أَنْ يُعَامِلَ ٱلْجَمِيعَ بِمُسَاوَاةٍ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ ٣ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
١٥ لِنَتَأَمَّلْ أَيْضًا فِي مَا حَدَثَ لَاحِقًا مَعَ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ. فَٱلْكِرَازَةُ لِلْأُمَمِ بَدَأَتْ عَامَ ٣٦ بم. وَبُطْرُسُ ٱعْتَادَ قَبْلَ ذٰلِكَ أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ ٱلْيَهُودِ فَقَطْ. لٰكِنَّ ٱللهَ أَظْهَرَ لَهُ بِوُضُوحٍ أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَجِبُ أَنْ يُعَامِلُوا ٱلْجَمِيعَ بِمُسَاوَاةٍ. فَبَشَّرَ بُطْرُسُ عَسْكَرِيًّا رُومَانِيًّا ٱسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ. (اقرإ الاعمال ١٠:٢٨، ٣٤، ٣٥.) ثُمَّ صَارَ يُعَاشِرُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ غَيْرَ ٱلْيَهُودِ وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ. وَلٰكِنْ بَعْدَ سَنَوَاتٍ، تَوَقَّفَ عَنْ مُعَاشَرَتِهِمْ حِينَ كَانَ فِي مَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ. (غل ٢:١١-١٤) فَوَبَّخَهُ بُولُسُ، وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ قَبِلَ ٱلتَّوْبِيخَ. فَعِنْدَمَا كَتَبَ رِسَالَتَهُ ٱلْأُولَى إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنَ ٱلْيَهُودِ وَٱلْأُمَمِ فِي آسِيَا ٱلصُّغْرَى، شَدَّدَ عَلَى مَحَبَّةِ كُلِّ ٱلْإِخْوَةِ. — ١ بط ١:١؛ ٢:١٧.
١٦ بِمَ عُرِفَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأَوَائِلُ؟
١٦ إِذًا، تَعَلَّمَ ٱلرُّسُلُ فِي ٱلنِّهَايَةِ مِنْ مِثَالِ يَسُوعَ أَنْ يُحِبُّوا «شَتَّى ٱلنَّاسِ». (يو ١٢:٣٢؛ ١ تي ٤:١٠) فَقَدْ غَيَّرُوا طَرِيقَةَ تَفْكِيرِهِمْ، مَعَ أَنَّ ٱلْأَمْرَ ٱسْتَغْرَقَ بَعْضَ ٱلْوَقْتِ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، عُرِفَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأَوَائِلُ بِمَحَبَّتِهِمْ. فَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلثَّانِي، كَتَبَ تَرْتُلْيَانُوس مُقْتَبِسًا مَا يَقُولُهُ ٱلنَّاسُ عَنْهُمْ: ‹اُنْظُرُوا مَحَبَّتَهُمْ وَاحِدِهِمْ لِلْآخَرِ وَٱسْتِعْدَادَهُمْ لِلْمَوْتِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ›. فَلِأَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ لَبِسُوا «ٱلشَّخْصِيَّةَ ٱلْجَدِيدَةَ»، تَعَلَّمُوا أَنْ يَرَوْا كُلَّ ٱلنَّاسِ مُتَسَاوِينَ، تَمَامًا مِثْلَمَا يَرَاهُمُ ٱللهُ. — كو ٣:١٠، ١١.
١٧ أَعْطِ مِثَالًا يُظْهِرُ كَيْفَ نَسْتَأْصِلُ ٱلتَّحَامُلَ مِنْ قَلْبِنَا.
١٧ وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا، قَدْ نَحْتَاجُ إِلَى بَعْضِ ٱلْوَقْتِ
لِنَسْتَأْصِلَ ٱلتَّحَامُلَ مِنْ قَلْبِنَا. تُخْبِرُ أُخْتٌ مِنْ فَرَنْسَا: «يَهْوَهُ عَلَّمَنِي مَعْنَى ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْعَطَاءِ وَتَقَبُّلِ شَتَّى ٱلنَّاسِ. لٰكِنِّي مَا زِلْتُ أَسْعَى لِأَتَغَلَّبَ كُلِّيًّا عَلَى ٱلتَّحَامُلِ. وَهٰذَا لَيْسَ سَهْلًا. لِذَا أُصَلِّي دَائِمًا إِلَى يَهْوَهَ كَيْ يُسَاعِدَنِي». وَتَقُولُ أُخْتٌ مِنْ إِسْبَانِيَا: «يَلْزَمُنِي أَحْيَانًا أَنْ أُصَارِعَ ٱلْكَرَاهِيَةَ تِجَاهَ عِرْقٍ مُعَيَّنٍ. وَأَنَا أَنْجَحُ مُعْظَمَ ٱلْأَوْقَاتِ، وَلٰكِنْ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَمِرَّ فِي ٱلصِّرَاعِ. وَبِفَضْلِ يَهْوَهَ، بِتُّ أَفْرَحُ بِٱلِٱنْتِمَاءِ إِلَى عَائِلَةٍ مُوَحَّدَةٍ». فَلْنَفْحَصْ مَشَاعِرَنَا إِذًا، وَنَسْتَأْصِلْ أَيَّ تَحَامُلٍ مِنْ قَلْبِنَا.اَلْمَحَبَّةُ أَقْوَى مِنَ ٱلتَّحَامُلِ
١٨، ١٩ (أ) لِمَ يَلْزَمُ أَنْ نُرَحِّبَ بِٱلْآخَرِينَ؟ (ب) كَيْفَ نَفْعَلُ ذٰلِكَ؟
١٨ لِنَتَذَكَّرْ أَنَّنَا جَمِيعًا كُنَّا «غُرَبَاءَ»، أَيْ بَعِيدِينَ عَنِ ٱللهِ. (اف ٢:١٢) لٰكِنَّهُ جَذَبَنَا إِلَيْهِ «بِرُبُطِ ٱلْمَحَبَّةِ». (هو ١١:٤؛ يو ٦:٤٤) وَٱلْمَسِيحُ أَيْضًا رَحَّبَ بِنَا. فَقَدْ فَتَحَ لَنَا ٱلْبَابَ كَيْ نَنْضَمَّ إِلَى عَائِلَةِ ٱللهِ. (اقرأ روما ١٥:٧.) فَبِمَا أَنَّ يَسُوعَ قَبِلَنَا بِلُطْفٍ رَغْمَ نَقْصِنَا، فَكَيْفَ لَا نَقْبَلُ نَحْنُ ٱلْآخَرِينَ؟!
تَسُودُ بَيْنَنَا ٱلْوَحْدَةُ وَٱلْمَحَبَّةُ لِأَنَّنَا نَطْلُبُ «ٱلْحِكْمَةَ ٱلَّتِي مِنْ فَوْقُ» (اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَةَ ١٩.)
١٩ وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلِٱنْقِسَامَاتِ وَٱلتَّحَامُلَ وَٱلْعَدَاوَاتِ سَتَشْتَدُّ فِيمَا تَقْتَرِبُ نِهَايَةُ هٰذَا ٱلنِّظَامِ ٱلشِّرِّيرِ. (غل ٥:١٩-٢١؛ ٢ تي ٣:١٣) لٰكِنَّنَا كَخُدَّامٍ لِلهِ نَطْلُبُ ٱلْحِكْمَةَ ٱلَّتِي مِنْ فَوْقُ، وَهِيَ مُسَالِمَةٌ وَلَا تُمَيِّزُ بِمُحَابَاةٍ. (يع ٣:١٧، ١٨) فَلْنُصَادِقْ إِذًا أَشْخَاصًا مِنْ بُلْدَانٍ أُخْرَى، وَنَتَقَبَّلْ عَادَاتِهِمْ، وَنَتَعَلَّمْ لُغَتَهُمْ إِنْ أَمْكَنَ. وَعِنْدَئِذٍ يَكُونُ سَلَامُنَا «كَٱلنَّهْرِ»، وَعَدْلُنَا «كَأَمْوَاجِ ٱلْبَحْرِ». — اش ٤٨:١٧، ١٨.
٢٠ عَلَامَ تُسَاعِدُنَا ٱلْمَحَبَّةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ؟
٢٠ لَقَدْ سَاعَدَ دَرْسُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْأُخْتَ ٱلْأُوسْتْرَالِيَّةَ ٱلْمَذْكُورَةَ سَابِقًا. تُخْبِرُ: «يَهْوَهُ أَعْطَانِي قَلْبًا وَعَقْلًا جَدِيدَيْنِ. فَتَخَلَّصْتُ تَدْرِيجِيًّا مِنَ ٱلتَّحَامُلِ وَٱلْكَرَاهِيَةِ». أَمَّا ٱلْأَخُ ٱلْكَنَدِيُّ، فَيُدْرِكُ ٱلْآنَ أَنَّ «ٱلْعُنْصُرِيَّةَ غَالِبًا مَا تَنْتِجُ عَنِ ٱلْجَهْلِ، وَأَنَّ صِفَاتِ ٱلنَّاسِ لَا تَرْتَبِطُ بِمَكَانِ وِلَادَتِهِمْ». حَتَّى إِنَّهُ تَزَوَّجَ أُخْتًا تَتَكَلَّمُ ٱلْإِنْكِلِيزِيَّةَ. وَهٰذِهِ ٱلتَّغْيِيرَاتُ تَشْهَدُ أَنَّ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ أَقْوَى مِنَ ٱلتَّحَامُلِ. فَٱلْمَحَبَّةُ «رِبَاطُ وَحْدَةٍ» لَا يَنْقَطِعُ أَبَدًا. — كو ٣:١٤.
^ الفقرة 8 إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ «إِخْوَةً» تَشْمُلُ ٱلْأَخَوَاتِ أَيْضًا. مَثَلًا، كَتَبَ بُولُسُ رِسَالَةً إِلَى «ٱلْإِخْوَةِ» فِي رُومَا. وَلٰكِنَّهَا كَانَتْ مُوَجَّهَةً دُونَ شَكٍّ إِلَى ٱلْأَخَوَاتِ أَيْضًا. فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَهُنَّ بِٱلِٱسْمِ. — رو ١٦:٣، ٦، ١٢.