الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

قصة حياة

خدمة يهوه أعطتنا دروسًا ومفاجآ‌ت حلوة

خدمة يهوه أعطتنا دروسًا ومفاجآ‌ت حلوة

كُلَّما رأيتُ طائِرَةً في صِغَري،‏ كُنتُ أحلُمُ بِالسَّفَرِ حَولَ العالَم.‏ لكنِّي شعَرتُ أنَّ هذا مُستَحيل.‏

خِلالَ الحَربِ العالَمِيَّة الثَّانِيَة،‏ انتَقَلَ والِدايَ مِن إسْتُونِيَا إلى ألْمَانِيَا حَيثُ وُلِدت.‏ ثُمَّ سافَرنا إلى كَنَدَا،‏ وسكَنَّا قُربَ أُوتَاوَا،‏ بِجانِبِ قُنِّ دَجاج!‏ كُنَّا فُقَراءَ جِدًّا.‏ ولكنْ على الأقَلّ،‏ كانَ لَدَينا بَيضٌ لِلفُطور.‏

في أحَدِ الأيَّام،‏ سمِعَت أُمِّي الأخبارَ الحُلوَة،‏ وتأثَّرَت كَثيرًا بِالوَعدِ في الرُّؤْيَا ٢١:‏٣،‏ ٤‏،‏ حتَّى إنَّها بدَأَت تبكي.‏ ثُمَّ نمَت بُذورُ الحَقِّ في قَلبِها هي وأبي،‏ وتقَدَّما بِسُرعَةٍ إلى المَعمودِيَّة.‏

لم يعرِفْ والِدايَ الإنْكِلِيزِيَّةَ جَيِّدًا،‏ لكنَّهُما خدَما يَهْوَه بِحَماسَة.‏ فطولَ اللَّيل،‏ كانَ أبي يعمَلُ في فُرنٍ لِصَهرِ النِّيكَل في سُودْبُورِي بِأُونْتَارْيُو.‏ ولكنْ كُلَّ سَبت،‏ اعتادَ أن يأخُذَني إلى الخِدمَةِ أنا وأُختي الصَّغيرَة سِيلْفِيَا.‏ وكُلَّ أُسبوع،‏ درَسنا بُرجَ المُراقَبَة كعائِلَة.‏ وهكَذا،‏ غرَسَ بابا وماما فيَّ مَحَبَّةَ يَهْوَه.‏ لِذا،‏ اعتَمَدتُ سَنَةَ ١٩٥٦ بِعُمرِ ١٠ سِنين.‏ ومَحَبَّتُهُما الشَّديدَة لِيَهْوَه ظلَّت تُقَوِّيني طولَ حَياتي.‏

بَعدَما تخَرَّجتُ مِنَ المَدرَسَةِ الثَّانَوِيَّة،‏ بدَأتُ أضعُفُ روحِيًّا.‏ فقدْ خِفتُ أن أصيرَ فاتِحًا،‏ ولا يكونَ لَدَيَّ مالٌ كافٍ لِأُحَقِّقَ حُلمي بِالسَّفَرِ حَولَ العالَم.‏ كما بدَأتُ أعمَلُ مَساءً كمُنَسِّقِ أغانٍ في مَحَطَّةِ رادِيو.‏ فغِبتُ عنِ الاجتِماعات،‏ وأمضَيتُ وَقتي مع أشخاصٍ لا يُحِبُّونَ يَهْوَه.‏ لكنَّ ضَميري دفَعَني أن أقومَ بِالتَّغييراتِ اللَّازِمَة.‏

إنتَقَلتُ إلى أُوشَاوَا في أُونْتَارْيُو.‏ وهُناك،‏ تعَرَّفتُ على رَاي نُورْمَان،‏ أُختِهِ لِسْلِي،‏ وفاتِحينَ آخَرينَ اهتَمُّوا بي.‏ رأيتُ كم هُم سُعَداء،‏ فأعَدتُ النَّظَرَ في أهدافي.‏ وبِفَضلِ تَشجيعِهِم،‏ صِرتُ فاتِحًا في أيْلُول (‏سِبْتَمْبِر)‏ ١٩٦٦.‏ فرِحتُ كَثيرًا بِخِدمَتي.‏ ولكنْ كانَت أمامي مُفاجَآ‌تٌ ستُغَيِّرُ حَياتي.‏

حينَ يدعوكَ يَهْوَه لِتَعيين،‏ جرِّبْه

وأنا في المَدرَسَةِ الثَّانَوِيَّة،‏ قدَّمتُ طَلَبًا لِأخدُمَ في بَيْت إيل بِتُورُونْتُو.‏ وبَعدَما صِرتُ فاتِحًا،‏ دُعيتُ لِأخدُمَ هُناك أربَعَ سِنين.‏ كُنتُ مُعجَبًا بِلِسْلِي،‏ وخِفتُ أن لا أراها مُجَدَّدًا.‏ لِذا،‏ صلَّيتُ كَثيرًا.‏ وفي النِّهايَة،‏ قبِلتُ الدَّعوَة.‏ فوَدَّعتُ لِسْلِي وفي قَلبي غَصَّة.‏

في بَيْت إيل،‏ اشتَغَلتُ أوَّلًا في المَغسَل،‏ ثُمَّ سِكرِتيرًا.‏ أمَّا لِسْلِي،‏ فصارَت فاتِحَةً خُصوصِيَّة في غَاتِينُو بِكِيبَك.‏ بقيتُ أُفَكِّرُ فيها وأتَساءَلُ هل كانَ قَراري صَحيحًا.‏ ثُمَّ حصَلَت معي مُفاجَأةٌ حُلوَة.‏ فقدْ دُعِيَ رَاي،‏ أخو لِسْلِي،‏ إلى بَيْت إيل.‏ وصارَ رَفيقي في الغُرفَة.‏ وهكَذا،‏ بدَأتُ أتَواصَلُ معها مُجَدَّدًا.‏ ثُمَّ تزَوَّجنا في ٢٧ شُبَاط (‏فِبْرَايِر)‏ ١٩٧١،‏ آخِرِ يَومٍ مِن تَعييني الَّذي استَمَرَّ أربَعَ سِنين.‏

بدأنا العمل الدائري سنة ١٩٧٥

تعَيَّنتُ أنا ولِسْلِي في جَماعَةٍ فَرَنْسِيَّة بِكِيبَك.‏ وبَعدَ بِضعِ سِنين،‏ أتَتنا مُفاجَأة:‏ دُعينا إلى العَمَلِ الدَّائِرِيّ.‏ كانَ عُمري ٢٨ سَنَةً فَقَط.‏ فشعَرتُ أنِّي صَغيرٌ على هذا التَّعيين.‏ لكنِّي تشَجَّعتُ بِالكَلِماتِ في إرْمِيَا ١:‏٧،‏ ٨‏.‏ أيضًا،‏ كانَت لِسْلِي قد تعَرَّضَت مَرَّتَينِ لِحادِثِ سَير.‏ كما عانَت مِن مُشكِلَةٍ في النَّوم.‏ فتساءَلنا هل سنقدِرُ أن نقومَ بِالعَمَلِ الدَّائِرِيّ.‏ لكنَّ لِسْلِي قالَت لي:‏ «بِما أنَّ يَهْوَه دعانا لِهذا التَّعيين،‏ فلْنُجَرِّبْه».‏ فقبِلنا الدَّعوَة،‏ وخدَمنا بِفَرَحٍ ١٧ سَنَةً في العَمَلِ الدَّائِرِيّ.‏

إنشَغَلتُ كَثيرًا بِمَسؤولِيَّاتي كناظِرِ دائِرَة.‏ وبِالتَّالي،‏ لزِمَ أن أتَعَلَّمَ دَرسًا آخَر:‏ أن أُخَصِّصَ وَقتًا كافِيًا لِلِسْلِي.‏ ففي صَباحِ يَومِ إثنَين،‏ رنَّ جَرَسُ بابِنا.‏ لم يكُنْ هُناك أحَد،‏ بل سَلَّةٌ فيها غِطاءُ طاوِلَة،‏ فَواكِه،‏ جُبن،‏ خُبزُ الباغيت،‏ زُجاجَةُ نَبيذ،‏ كَأسان،‏ ورِسالَةٌ مِن مَجهولٍ تقول:‏ «خُذْ زَوجَتَكَ في نُزهَة».‏ كانَ يَومًا جَميلًا ومُشمِسًا.‏ لكنِّي قُلتُ لِلِسْلِي إنَّنا لن نقدِرَ أن نذهَب،‏ لِأنَّ لَدَيَّ خِطاباتٍ لِأُحَضِّرَها.‏ صَحيحٌ أنَّها تفَهَّمَت ذلِك،‏ لكنَّها زعِلَت قَليلًا.‏ لِذا فيما كُنتُ جالِسًا على مَكتَبي،‏ بدَأتُ أُفَكِّرُ في أفَسُس ٥:‏٢٥،‏ ٢٨‏.‏ شعَرتُ أنَّ يَهْوَه يُذَكِّرُني بِأن أهتَمَّ بِمَشاعِرِ زَوجَتي.‏ فصلَّيت،‏ ثُمَّ قُلتُ لها:‏ «هَيَّا نذهَب».‏ ففرِحَت كَثيرًا.‏ ذهَبنا بِجِوارِ نَهر،‏ فرَشنا غِطاءَ الطَّاوِلَةِ على الأرض،‏ وأمضَينا واحِدًا مِن أجمَلِ أيَّامِ حَياتِنا.‏ وبَعدَما رجَعنا،‏ استَطَعتُ أن أُحَضِّرَ خِطاباتي.‏

فرِحنا بِالعَمَلِ الدَّائِرِيّ.‏ وخدَمنا في مَناطِقَ عَديدَة،‏ امتَدَّت مِن كُولُومْبِيَا البَرِيطَانِيَّة إلى نْيُوفَاوْنْدْلَنْد.‏ وهكَذا،‏ بدَأ حُلمي بِالسَّفَرِ يتَحَقَّق.‏ أحبَبتُ أن أذهَبَ إلى مَدرَسَةِ جِلْعَاد،‏ لكنِّي خِفتُ أن أُصبِحَ مُرسَلًا.‏ فقدْ شعَرتُ أنَّ المُرسَلينَ أشخاصٌ مُمَيَّزون،‏ وأنا لستُ كذلِك.‏ كما خِفتُ أن نُرسَلَ إلى بَلَدٍ إفْرِيقِيٍّ فيهِ حُروبٌ أو أمراض.‏ فكُنتُ أُفَضِّلُ أن نبقى في كَنَدَا.‏

مُفاجَأةٌ أُخرى:‏ دَعوَةٌ إلى البَلْطِيق

سافرنا عبر دول البلطيق

سَنَةَ ١٩٩٢،‏ نالَ الشُّهودُ الحُرِّيَّةَ في عَدَدٍ مِن دُوَلِ الاتِّحادِ السُّوفْيَاتِيِّ السَّابِق.‏ فأتَتنا دَعوَةٌ لِنخدُمَ كمُرسَلَينِ في إسْتُونِيَا.‏ تفاجَأنا كَثيرًا،‏ وصلَّينا إلى يَهْوَه.‏ ثُمَّ قُلنا:‏ ‹بِما أنَّ يَهْوَه دعانا لِهذا التَّعيين،‏ فلْنُجَرِّبْه›.‏ فقبِلنا الدَّعوَة،‏ وقُلتُ لِنَفسي:‏ ‹على الأقَلّ،‏ لن نذهَبَ إلى إفْرِيقْيَا›.‏

ذهَبنا إلى إسْتُونِيَا،‏ وبدَأنا نتَعَلَّمُ الإسْتُونِيَّةَ فَورًا.‏ وبَعدَ شَهرَين،‏ دُعينا إلى العَمَلِ الدَّائِرِيّ.‏ فزُرنا ٦٤ جَماعَةً وبَعضَ الفِرَقِ في دُوَلِ البَلْطِيق الثَّلاثِ وفي كَالِينِينْغْرَاد بِرُوسِيَا.‏ وبِالتَّالي،‏ لزِمَ أن نتَعَلَّمَ أيضًا اللَّاتْفِيَّة،‏ اللِّيتْوَانِيَّة،‏ والرُّوسِيَّة.‏ لم يكُنْ هذا سَهلًا علَينا،‏ لكنَّ الإخوَةَ ساعَدونا وقدَّروا جُهودَنا.‏ وسَنَةَ ١٩٩٩،‏ تأسَّسَ مَكتَبُ فَرعٍ في إسْتُونِيَا.‏ وتعَيَّنتُ في لَجنَةِ الفَرعِ مع تُومَاس إيدُور،‏ لِمْبِت رَايْلِه،‏ وتُومِي كَاوْكُو.‏

يمين:‏ أقدِّم خطابًا في اجتماع سنوي في ليتوانيا

شمال:‏ لجنة فرع إستونيا التي تشكَّلت سنة ١٩٩٩

تعَرَّفنا على إخوَةٍ كَثيرينَ كانَتِ السُّلُطاتُ السُّوفْيَاتِيَّة قد رحَّلَتهُم إلى سَيْبِيرِيَا.‏ صَحيحٌ أنَّهُمُ ابتَعَدوا عن عائِلاتِهِم وعانَوا ظُروفًا صَعبَة،‏ لكنَّهُم لم يُصبِحوا حاقِدين.‏ بل حافَظوا على فَرَحِهِم وحَماسَتِهِم في الخِدمَة.‏ وهكَذا،‏ تعَلَّمنا أن نُحافِظَ على فَرَحِنا مَهما حصَل.‏

خدَمنا بِاجتِهادٍ سِنينَ كَثيرَة،‏ ولم يكُنْ لَدَينا وَقتٌ كافٍ لِنرتاح.‏ فبدَأَت لِسْلِي تشعُرُ بِتَعَبٍ شَديد.‏ لم نعرِفْ في البِدايَةِ أنَّهُ بِسَبَبِ «الألَمِ العَضَلِيِّ اللِّيفِيّ».‏ ففكَّرنا أن نعودَ إلى كَنَدَا.‏ ولكنْ في هذِهِ الأثناء،‏ دُعينا لِنحضُرَ مَدرَسَةَ أعضاءِ لِجانِ الفُروعِ وزَوجاتِهِم في بَاتِرْسِن بِنْيُويُورْك.‏ شعَرنا أنَّنا لن نقدِرَ أن نذهَب.‏ لكنَّنا صلَّينا كَثيرًا،‏ ثُمَّ قرَّرنا أن نذهَب.‏ ويَهْوَه بارَكَ قَرارَنا.‏ فأثناءَ المَدرَسَة،‏ نالَت لِسْلِي العِلاجَ اللَّازِم.‏ وهكَذا،‏ استَطَعنا أن نعودَ إلى نَشاطِنا المُعتاد.‏

مُفاجَأةٌ جَديدَة:‏ قارَّةٌ أُخرى

في إحدى الأُمسِياتِ سَنَةَ ٢٠٠٨،‏ تلَقَّيتُ اتِّصالًا مِنَ المَركَزِ الرَّئيسِيِّ العالَمِيّ.‏ سألَني الإخوَةُ هل نقبَلُ تَعيينًا في جُمهورِيَّةِ الكُونْغُو الدِّيموقراطِيَّة،‏ ولزِمَ أن أُجاوِبَهُم في اليَومِ التَّالي.‏ لم أُخبِرْ لِسْلِي فَورًا،‏ كَي تقدِرَ أن تنام.‏ لكنِّي صُدِمتُ وطارَ النَّومُ مِن عَيني.‏ فبقيتُ أُصَلِّي طولَ اللَّيل،‏ لِأنِّي كُنتُ خائِفًا مِنَ الذَّهابِ إلى إفْرِيقْيَا.‏

أخبَرتُ لِسْلِي في اليَومِ التَّالي.‏ فقُلنا:‏ «بِما أنَّ يَهْوَه يدعونا إلى إفْرِيقْيَا،‏ فلِمَ لا نُجَرِّب؟‏».‏ وهكَذا بَعدَ ١٦ سَنَةً في إسْتُونِيَا،‏ سافَرنا إلى كِينْشَاسَا في الكُونْغُو.‏ كانَ مَكتَبُ الفَرعِ هُناك مِثلَ واحَةٍ خَضراء هادِئَة.‏ وأوَّلُ شَيءٍ علَّقناهُ في غُرفَتِنا كانَ بِطاقَةً احتَفَظَت بِها لِسْلِي مُنذُ أن غادَرنا كَنَدَا.‏ كُتِبَ علَيها:‏ ‏«إزدَهِرْ أينَما زُرِعت».‏ فبدَأنا نتَعَرَّفُ على الإخوَةِ هُناك،‏ نعقِدُ دُروسًا،‏ ونذوقُ حَلاوَةَ هذا النَّوعِ مِنَ العَمَلِ الإرسالِيّ.‏ وبِالنَّتيجَة،‏ زادَ فَرَحُنا في خِدمَةِ يَهْوَه.‏ ثُمَّ بدَأتُ أزورُ مَكاتِبَ فُروعٍ أُخرى.‏ فزُرنا ١٣ بَلَدًا آخَرَ في إفْرِيقْيَا،‏ وتعَرَّفنا على إخوَةٍ رائِعينَ مُختَلِفين.‏ وهكَذا،‏ تلاشى خَوفي مِن إفْرِيقْيَا،‏ وشكَرنا يَهْوَه لِأنَّهُ أرسَلَنا لِنخدُمَ فيها.‏

في الكُونْغُو،‏ تعَرَّفنا على أنواعٍ جَديدَة مِنَ الطَّعام،‏ مِثلِ الحَشَرات.‏ اعتَقَدنا أنَّنا لن نقدِرَ أن نأكُلَها.‏ ولكنْ حينَ رأينا كم يُحِبُّها الإخوَة،‏ جرَّبناها.‏ ولم نندَمْ على ذلِك.‏

كُنَّا نُسافِرُ إلى شَرقِ الكُونْغُو لِنُشَجِّعَ الإخوَة،‏ ونوصِلَ إلَيهِم مُؤَنَ الإغاثَة.‏ فالميليشياتُ هُناك تُهاجِمُ القُرى،‏ وتُؤْذي النِّساءَ والأولاد.‏ وقدْ عانى مُعظَمُ الإخوَةِ مِنَ الفَقر.‏ لكنَّهُم وثِقوا بِوَعدِ القِيامَة،‏ أحَبُّوا يَهْوَه كَثيرًا،‏ وبقوا أولِياءَ لِهَيئَتِه.‏ وهذا مسَّ قَلبَنا،‏ قوَّى إيمانَنا بِيَهْوَه،‏ وجعَلَنا نفحَصُ دافِعَنا لِخِدمَتِه.‏ وحينَ رأينا كَيفَ خسِرَ بَعضُ الإخوَةِ بُيوتَهُم ومَحاصيلَهُم،‏ تذَكَّرنا أنَّ المُمتَلَكاتِ غَيرُ مَضمونَة،‏ وأنَّ الغِنى الرُّوحِيَّ أهَمُّ بِكَثير.‏ كما لاحَظنا أنَّهُم نادِرًا ما يتَشَكَّون،‏ رَغمَ كُلِّ الصُّعوباتِ الَّتي يمُرُّونَ بِها.‏ فصمَّمنا أن نتَحَمَّلَ صُعوباتِنا ومَشاكِلَنا الصِّحِّيَّة.‏

يمين:‏ أقدِّم خطابًا لتشجيع مجموعة من اللاجئين

شمال:‏ نرسل مؤن إغاثة إلى دونغو،‏ الكونغو

مُفاجَأةٌ أُخرى:‏ تَعيينٌ في آسْيَا

أتَتنا مُفاجَأةٌ أُخرى:‏ دَعوَةٌ إلى فَرعِ هُونْغ كُونْغ.‏ لم نتَخَيَّلْ أبَدًا أنَّنا سنخدُمُ في آسْيَا.‏ لكنَّنا رأينا كَيفَ دعَمَنا يَهْوَه بِمَحَبَّةٍ في كُلِّ تَعييناتِنا.‏ لِذا،‏ قبِلنا الدَّعوَة.‏ وهكَذا سَنَةَ ٢٠١٣،‏ ترَكنا إفْرِيقْيَا الرَّائِعَة،‏ ودَّعنا أصدِقاءَنا والدُّموعُ تملَأُ عُيونَنا،‏ وانطَلَقنا إلى مُغامَرَةٍ جَديدَة.‏

كانَ التَّغييرُ كَبيرًا.‏ فقدِ انتَقَلنا إلى مَدينَةٍ مُزدَحِمَة يسكُنُها أشخاصٌ مِن حَولِ العالَم.‏ كما لزِمَ أن نتَعَلَّمَ لُغَةً صَعبَة:‏ الكَانْتُونِيَّة.‏ لكنَّ الإخوَةَ رحَّبوا بِنا،‏ وأحبَبنا الطَّعامَ في هُونْغ كُونْغ.‏ كانَ العَمَلُ هُناك يتَقَدَّمُ بِسُرعَة،‏ واحتَجنا أن نُوَسِّعَ الفَرع.‏ لكنَّ أسعارَ العَقاراتِ كانَت خَيالِيَّة.‏ لِذا،‏ قرَّرَتِ الهَيئَةُ الحاكِمَة أن تبيعَ مُعظَمَ مَباني الفَرع،‏ وتُوكِلَ بَعضَ العَمَلِ إلى فُروعٍ أُخرى.‏ وبَعدَ مُدَّةٍ بَسيطَة،‏ أي سَنَةَ ٢٠١٥،‏ تعَيَّنتُ أنا ولِسْلِي في كُورْيَا الجَنوبِيَّة،‏ حَيثُ لا نزالُ نخدُم.‏ ومِن جَديد،‏ لزِمَ أن نتَعَلَّمَ لُغَةً صَعبَة:‏ الكُورِيَّة.‏ صَحيحٌ أنَّ المِشوارَ أمامَنا طَويل،‏ لكنَّ الإخوَةَ يُشَجِّعونَنا ويمدَحونَنا على تَقَدُّمِنا.‏

يمين:‏ بدأنا حياة جديدة في هونغ كونغ

شمال:‏ فرع كوريا

دُروسٌ تعَلَّمناها

ليسَ سَهلًا أن نُؤَسِّسَ صَداقاتٍ جَديدَة.‏ لكنَّنا لاحَظنا كم مُهِمٌّ أن نأخُذَ الخُطوَةَ الأُولى ونُظهِرَ الضِّيافَة.‏ فهكَذا،‏ نتَعَرَّفُ بِشَكلٍ أسرَعَ على الإخوَة.‏ كما لاحَظنا أنَّ القَواسِمَ المُشتَرَكَة بَينَنا هي أكثَرُ بِكَثيرٍ مِنَ الاختِلافات،‏ وأنَّ يَهْوَه أعطانا المَقدِرَةَ لِنكونَ مُتَّسِعينَ في صَداقاتِنا،‏ ونُظهِرَ بِالتَّالي المَحَبَّةَ لِكَثيرينَ جِدًّا.‏ —‏ ٢ كو ٦:‏١١‏.‏

تعَلَّمنا أن نُلاحِظَ كم يُحِبُّنا يَهْوَه ويُرشِدُنا في حَياتِنا.‏ كما لمَسنا كَيفَ يستَجيبُ صَلَواتِنا.‏ فهو يُقَوِّينا دائِمًا،‏ ويُؤَكِّدُ لنا أنَّهُ يُحِبُّنا.‏ أيضًا،‏ تعَلَّمنا أن نرى الإخوَةَ مِثلَما يراهُم يَهْوَه.‏ ونَحنُ نُقَدِّرُ كَثيرًا رَسائِلَهُم وبِطاقاتِهِمِ المُشَجِّعَة،‏ ونقرَأُها كُلَّما تضعُفُ مَعنَوِيَّاتُنا.‏

على مَرِّ السِّنين،‏ تعَلَّمنا أنا ولِسْلِي كم مُهِمٌّ أن نقضِيَ وَقتًا معًا،‏ مَهما كُنَّا مَشغولَين.‏ وتعَوَّدنا أن نضحَكَ على أخطائِنا،‏ خُصوصًا فيما نتَعَلَّمُ لُغَةً جَديدَة.‏ كما تعَوَّدنا أن نُفَكِّرَ كُلَّ لَيلَةٍ في شَيءٍ حُلوٍ حصَلَ معنا،‏ ونشكُرَ يَهْوَه علَيه.‏

كُنتُ أشعُرُ أنِّي لا أقدِرُ أن أكونَ مُرسَلًا،‏ أو أعيشَ في بُلدانٍ أُخرى.‏ لكنِّي تعَلَّمتُ أنَّ كُلَّ شَيءٍ مُمكِن،‏ بِدَعمِ يَهْوَه.‏ كما تخطُرُ على بالي كَلِماتُ النَّبِيِّ إرْمِيَا:‏ «فاجَأتَني،‏ يا يَهْوَه».‏ (‏إر ٢٠:‏٧‏)‏ فيَهْوَه أعطانا مُفاجَآ‌تٍ حُلوَة كَثيرَة،‏ وبَرَكاتٍ لم نكُنْ نتَخَيَّلُها.‏ حتَّى إنَّهُ حقَّقَ حُلمَ طُفولَتي بِأن أُسافِرَ حَولَ العالَم.‏ فقدْ زُرتُ فُروعًا كَثيرَة في القارَّاتِ الخَمس،‏ وذهَبتُ بِالتَّالي إلى أماكِنَ أكثَرَ بِكَثيرٍ مِمَّا كُنتُ أحلُم.‏ وأنا أُقَدِّرُ كَثيرًا تَضحِياتِ لِسْلِي،‏ ودَعمَها لي في كُلِّ تَعييناتي.‏

نُذَكِّرُ نَفسَنا دائِمًا مَن نخدُمُ ولِمَ نخدُمُه.‏ ونُبقي في بالِنا أنَّ بَرَكاتِنا الآنَ هي مُجَرَّدُ لَمحَةٍ عنِ الحَياةِ الأبَدِيَّة.‏ فيَهْوَه ‹سيَفتَحُ يَدَهُ فيُشبِعُ رَغبَةَ كُلِّ كائِنٍ حَيّ›.‏ —‏ مز ١٤٥:‏١٦‏.‏