تمثَّلْ بإيمان وطاعة نوح ودانيال وايوب
«نُوحٌ وَدَانِيَالُ وَأَيُّوبُ . . . بِبِرِّهِمْ يُنْقِذُونَ نَفْسَهُمْ». — حز ١٤:١٤.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ١٢٠، ٥٤
١، ٢ (أ) كَيْفَ يُشَجِّعُنَا ٱلتَّأَمُّلُ فِي مِثَالِ نُوحٍ وَدَانِيَالَ وَأَيُّوبَ؟ (ب) كَيْفَ كَانَتِ ٱلْأَوْضَاعُ وَقْتَ كِتَابَةِ حَزْقِيَال ١٤:١٤؟
نُوَاجِهُ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ مِحَنًا صَعْبَةً مِثْلَ ٱلْمَشَاكِلِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ، ٱلْمَرَضِ، أَوِ ٱلِٱضْطِهَادِ. وَيَصْعُبُ عَلَيْنَا أَحْيَانًا أَنْ نَظَلَّ فَرِحِينَ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ. فَهَلْ هٰذَا مَا تَشْعُرُ بِهِ؟ سَيُشَجِّعُكَ إِذًا مِثَالُ نُوحٍ وَدَانِيَالَ وَأَيُّوبَ. فَهٰؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةُ كَانُوا نَاقِصِينَ مِثْلَنَا. وَوَاجَهُوا تَحَدِّيَاتٍ كَٱلَّتِي نُوَاجِهُهَا ٱلْيَوْمَ، حَتَّى إِنَّ حَيَاتَهُمْ تَعَرَّضَتْ لِلْخَطَرِ أَحْيَانًا. لٰكِنَّهُمْ حَافَظُوا عَلَى أَمَانَتِهِمْ، فَٱعْتَبَرَهُمْ يَهْوَهُ أَمْثِلَةً فِي ٱلْإِيمَانِ وَٱلطَّاعَةِ. — اقرأ حزقيال ١٤:١٢-١٤.
٢ كَتَبَ حَزْقِيَالُ كَلِمَاتِ آيَتِنَا ٱلرَّئِيسِيَّةِ فِي بَابِلَ عَامَ ٦١٢ قم. * (حز ١:١؛ ٨:١) وَكَانَتْ أُورُشَلِيمُ ٱلْمُرْتَدَّةُ سَتُدَمَّرُ بَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ فَقَطْ، أَيْ عَامَ ٦٠٧ قم. وَمَا كَانَ لِيَنْجُوَ مِنْ هٰذَا ٱلدَّمَارِ سِوَى قَلَائِلَ، مِنْهُمْ إِرْمِيَا وَبَارُوخُ وَعَبْدَ مَلِكُ وَٱلرَّكَابِيُّونَ. وَهٰذَا لِأَنَّهُمْ تَحَلَّوْا بِٱلْإِيمَانِ وَٱلطَّاعَةِ، تَمَثُّلًا بِنُوحٍ وَدَانِيَالَ وَأَيُّوبَ. — حز ٩:١-٥.
٣ مَاذَا تُنَاقِشُ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ؟
٣ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، لَنْ يَنْجُوَ مِنْ نِهَايَةِ هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ سِوَى ٱلَّذِينَ يَعْتَبِرُهُمْ يَهْوَهُ أَبْرَارًا مِثْلَ نُوحٍ وَدَانِيَالَ وَأَيُّوبَ. (رؤ ٧:٩، ١٤) فَلْنَرَ لِمَ ٱعْتَبَرَ يَهْوَهُ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالَ ٱلثَّلَاثَةَ أَمْثِلَةً فِي ٱلْبِرِّ. وَفِيمَا نَفْحَصُ مِثَالَ كُلٍّ مِنْهُمْ، سَنَتَأَمَّلُ فِي ٱلتَّحَدِّيَاتِ ٱلَّتِي وَاجَهُوهَا، ثُمَّ نُنَاقِشُ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ.
نُوحٌ: ٩٠٠ سَنَةٍ مِنَ ٱلْإِيمَانِ وَٱلطَّاعَةِ
٤، ٥ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ وَاجَهَهَا نُوحٌ، وَمَا ٱللَّافِتُ فِي ٱحْتِمَالِهِ؟
٤ اَلتَّحَدِّيَاتُ ٱلَّتِي وَاجَهَهَا نُوحٌ. أَصْبَحَ ٱلنَّاسُ أَشْرَارًا جِدًّا فِي أَيَّامِ أَخْنُوخَ، أَحَدِ أَسْلَافِ نُوحٍ. حَتَّى إِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا ‹بِأُمُورٍ فَظِيعَةٍ› عَلَى يَهْوَهَ. (يه ١٤، ١٥) كَمَا أَنَّ ٱلْعُنْفَ تَزَايَدَ حَتَّى «ٱمْتَلَأَتِ ٱلْأَرْضُ» مِنْهُ بِحُلُولِ زَمَنِ نُوحٍ. فَقَدِ ٱتَّخَذَ ٱلْمَلَائِكَةُ ٱلْأَشْرَارُ أَجْسَامًا بَشَرِيَّةً، تَزَوَّجُوا نِسَاءً، وَأَنْجَبُوا أَبْنَاءً قُسَاةً وَعُنَفَاءَ. (تك ٦:٢-٤، ١١، ١٢) أَمَّا نُوحٌ فَٱخْتَلَفَ عَنِ ٱلنَّاسِ مِنْ حَوْلِهِ. يُخْبِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ يَهْوَهَ أَحَبَّهُ. فَهُوَ كَانَ «رَجُلًا بَارًّا، لَا عَيْبَ فِيهِ بَيْنَ مُعَاصِرِيهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ ٱللهِ». — تك ٦:٨، ٩.
٥ مَاذَا تَكْشِفُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ عَنْ نُوحٍ؟ أَوَّلًا، تَأَمَّلْ كَمْ مِنَ ٱلْوَقْتِ خَدَمَ نُوحٌ يَهْوَهَ بِأَمَانَةٍ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ قَبْلَ ٱلطُّوفَانِ. فَلَمْ يَخْدُمْهُ مُجَرَّدَ ٧٠ أَوْ ٨٠ سَنَةً، بَلْ ٦٠٠ سَنَةٍ تَقْرِيبًا! (تك ٧:١١) ثَانِيًا، لَمْ تَكُنْ بِجَانِبِهِ جَمَاعَةٌ تَدْعَمُهُ وَتُشَجِّعُهُ. حَتَّى إِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ لَمْ يَدْعَمُوهُ عَلَى مَا يَبْدُو. *
٦ كَيْفَ أَظْهَرَ نُوحٌ شَجَاعَةً كَبِيرَةً؟
٦ وَلَمْ يَكْتَفِ نُوحٌ بِأَنْ يَعِيشَ حَيَاةً صَالِحَةً، بَلْ ‹كَرَزَ بِٱلْبِرِّ› مُعْلِنًا إِيمَانَهُ بِشَجَاعَةٍ. (٢ بط ٢:٥) فَأَدَانَ ٱلْعَالَمَ بِهٰذَا ٱلْإِيمَانِ، حَسْبَمَا ذَكَرَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ. (عب ١١:٧) وَلَا شَكَّ أَنَّهُ تَعَرَّضَ لِلِٱسْتِهْزَاءِ وَٱلْمُقَاوَمَةِ، وَرُبَّمَا تَلَقَّى ٱلتَّهْدِيدَاتِ أَيْضًا. لٰكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ ضَحِيَّةَ «ٱلْخَوْفِ مِنَ ٱلنَّاسِ». (ام ٢٩:٢٥) بَلْ آمَنَ بِيَهْوَهَ، فَمَنَحَهُ ٱلشَّجَاعَةَ. بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، يَمْنَحُ يَهْوَهُ ٱلشَّجَاعَةَ لِكُلِّ خُدَّامِهِ ٱلْيَوْمَ.
٧ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ وَاجَهَهَا نُوحٌ أَثْنَاءَ بِنَاءِ ٱلْفُلْكِ؟
٧ بَعْدَمَا سَارَ نُوحٌ مَعَ ٱللهِ أَكْثَرَ مِنْ ٥٠٠ سَنَةٍ، أَمَرَهُ ٱللهُ أَنْ يَبْنِيَ فُلْكًا لِيَقْدِرَ ٱلْبَشَرُ وَٱلْحَيَوَانَاتُ أَنْ يَنْجُوا مِنَ ٱلطُّوفَانِ. (تك ٥:٣٢؛ ٦:١٤) فَهَلْ كَانَ هٰذَا ٱلْمَشْرُوعُ ٱلضَّخْمُ سَهْلًا عَلَى نُوحٍ؟ إِطْلَاقًا. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ تَوَقَّعَ أَنْ يُوَاجِهَ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلِٱسْتِهْزَاءِ وَٱلْمُقَاوَمَةِ بِسَبَبِهِ. مَعَ ذٰلِكَ، تَحَلَّى بِٱلْإِيمَانِ وَفَعَلَ «بِحَسَبِ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ ٱللهُ. هٰكَذَا فَعَلَ». — تك ٦:٢٢.
٨ كَيْفَ أَظْهَرَ نُوحٌ ٱتِّكَالَهُ عَلَى ٱللهِ طَوَالَ حَيَاتِهِ؟
٨ إِضَافَةً إِلَى تِلْكَ ٱلتَّحَدِّيَاتِ، لَزِمَ أَنْ يُعِيلَ نُوحٌ زَوْجَتَهُ وَأَبْنَاءَهُ. وَقَبْلَ ٱلطُّوفَانِ، كَانَتِ ٱلزِّرَاعَةُ عَمَلًا شَاقًّا عَلَى ٱلْجَمِيعِ، بِمَنْ فِيهِمْ نُوحٌ. (تك ٥:٢٨، ٢٩) إِلَّا أَنَّ هَمَّهُ ٱلْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ تَأْمِينَ ٱلْحَاجَاتِ ٱلْمَادِّيَّةِ، بَلْ خِدْمَةَ يَهْوَهَ. حَتَّى خِلَالَ بِنَاءِ ٱلْفُلْكِ، ٱلَّذِي ٱسْتَغْرَقَ ٤٠ أَوْ ٥٠ سَنَةً، أَبْقَى نُوحٌ يَهْوَهَ فِي ٱلْمَقَامِ ٱلْأَوَّلِ فِي حَيَاتِهِ. ثُمَّ بَعْدَ ٱلطُّوفَانِ، ظَلَّ مُرَكِّزًا عَلَى خِدْمَتِهِ ٣٥٠ سَنَةً. (تك ٩:٢٨) حَقًّا، رَسَمَ نُوحٌ لَنَا مِثَالًا رَائِعًا فِي ٱلْإِيمَانِ وَٱلطَّاعَةِ.
٩، ١٠ (أ) كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ نُوحٍ وَطَاعَتِهِ؟ (ب) مِمَّ نَحْنُ مُتَأَكِّدُونَ لِأَنَّنَا نُطِيعُ وَصَايَا يَهْوَهَ؟
٩ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ نُوحٍ وَطَاعَتِهِ؟ عَلَيْنَا أَنْ نُؤَيِّدَ مَقَايِيسَ يَهْوَهَ، وَلَا نَكُونَ جُزْءًا مِنْ عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ. كَمَا عَلَيْنَا أَنْ نَطْلُبَ ٱلْمَلَكُوتَ أَوَّلًا. (مت ٦:٣٣؛ يو ١٥:١٩) وَلٰكِنْ لِهٰذِهِ ٱلْأَسْبَابِ، لَا يُحِبُّنَا ٱلْعَالَمُ. فَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ مَثَلًا، تُهَاجِمُنَا وَسَائِلُ ٱلْإِعْلَامِ لِأَنَّنَا نَلْتَزِمُ بِوَصَايَا يَهْوَهَ، بِمَا فِيهَا وَصَايَاهُ بِشَأْنِ ٱلزَّوَاجِ وَٱلْجِنْسِ. (اقرأ ملاخي ٣:١٧، ١٨.) إِلَّا أَنَّنَا، مِثْلَ نُوحٍ، نَخَافُ يَهْوَهَ لَا ٱلنَّاسَ. فَلَا أَحَدَ غَيْرَهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْنَحَنَا ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ. — لو ١٢:٤، ٥.
١٠ وَمَاذَا عَنْكَ؟ هَلْ ‹تَسِيرُ مَعَ ٱللهِ›، وَلَوِ ٱسْتَهْزَأَ بِكَ ٱلنَّاسُ وَٱنْتَقَدُوكَ؟ هَلْ تَتَّكِلُ عَلَيْهِ لِيُؤَمِّنَ حَاجَاتِ عَائِلَتِكَ رَغْمَ ٱلضُّغُوطِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ؟ تَأَكَّدْ أَنَّ يَهْوَهَ سَيَعْتَنِي بِكَ إِذَا تَمَثَّلْتَ بِإِيمَانِ نُوحٍ وَطَاعَتِهِ. — في ٤:٦، ٧.
دَانِيَالُ آمَنَ بِٱللهِ وَأَطَاعَهُ فِي مَدِينَةٍ شِرِّيرَةٍ
١١ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ كَبِيرَةٍ وَاجَهَهَا دَانِيَالُ وَرِفَاقُهُ ٱلثَّلَاثَةُ فِي بَابِلَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
١١ اَلتَّحَدِّيَاتُ ٱلَّتِي وَاجَهَهَا دَانِيَالُ. عَاشَ دَانِيَالُ أَسِيرًا فِي بَابِلَ، ٱلَّتِي كَانَتْ وَكْرًا لِلصَّنَمِيَّةِ وَٱلْأَرْوَاحِيَّةِ. كَمَا أَنَّ ٱلْبَابِلِيِّينَ ٱحْتَقَرُوا ٱلْيَهُودَ، وَٱسْتَهْزَأُوا بِهِمْ وَبِإِلٰهِهِمْ يَهْوَهَ. (مز ١٣٧:١، ٣) فَهَلْ تَتَخَيَّلُ كَمْ تَضَايَقَ دَانِيَالُ وَغَيْرُهُ مِنَ ٱلْيَهُودِ ٱلْأُمَنَاءِ بِسَبَبِ ذٰلِكَ؟! هٰذَا وَإِنَّ دَانِيَالَ وَرِفَاقَهُ ٱلثَّلَاثَةَ كَانُوا مَحَطَّ ٱلْأَنْظَارِ فِيمَا تَدَرَّبُوا لِيَتَوَلَّوْا مَنَاصِبَ رَسْمِيَّةً. حَتَّى ٱلطَّعَامُ شَكَّلَ لَهُمْ تَحَدِّيًا. فَقَدْ طُلِبَ مِنْهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ أَطْعِمَةِ ٱلْمَلِكِ، وَبَعْضُهَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى شَعْبِ يَهْوَهَ. لٰكِنَّ دَانِيَالَ صَمَّمَ أَلَّا «يَتَنَجَّسَ بِأَطْعِمَةِ ٱلْمَلِكِ». — دا ١:٥-٨، ١٤-١٧.
١٢ (أ) أَيَّةُ صِفَاتٍ تَحَلَّى بِهَا دَانِيَالُ؟ (ب) كَيْفَ نَظَرَ يَهْوَهُ إِلَى دَانِيَالَ؟
١٢ وَاجَهَ دَانِيَالُ أَيْضًا تَحَدِّيًا مَاكِرًا. فَبِفَضْلِ قُدُرَاتِهِ، أَعْطَاهُ ٱلْمَلِكُ ٱمْتِيَازَاتٍ خُصُوصِيَّةً. (دا ١:١٩، ٢٠) لٰكِنَّهُ لَمْ يَتَكَبَّرْ أَوْ يَعْتَمِدْ عَلَى ذَكَائِهِ، بَلْ بَقِيَ مُتَوَاضِعًا وَأَرْجَعَ ٱلْفَضْلَ دَائِمًا إِلَى يَهْوَهَ. (دا ٢:٣٠) وَٱللَّافِتُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَزَالُ شَابًّا حِينَ ٱعْتَبَرَهُ يَهْوَهُ مِثَالًا فِي ٱلْبِرِّ كَنُوحٍ وَأَيُّوبَ. وَثِقَةُ ٱللهِ بِهِ كَانَتْ فِي مَحَلِّهَا. فَقَدْ أَعْرَبَ عَنِ ٱلْإِيمَانِ وَٱلطَّاعَةِ طَوَالَ حَيَاتِهِ. وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ، كَانَ عُمْرُهُ حَوَالَيْ ١٠٠ سَنَةٍ حِينَ خَاطَبَهُ مَلَاكُ ٱللهِ قَائِلًا: «يَا دَانِيَالُ، أَيُّهَا ٱلرَّجُلُ ٱلْمَحْبُوبُ جِدًّا». — دا ١٠:١١.
١٣ لِمَاذَا رُبَّمَا سَاعَدَ يَهْوَهُ دَانِيَالَ أَنْ يُصْبِحَ مَسْؤُولًا فِي بَابِلَ؟
١٣ وَبِفَضْلِ دَعْمِ ٱللهِ، أَصْبَحَ دَانِيَالُ مَسْؤُولًا رَفِيعَ ٱلْمُسْتَوَى، أَوَّلًا فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْبَابِلِيَّةِ ثُمَّ فِي إِمْبَرَاطُورِيَّةِ مَادِي وَفَارِسَ. (دا ١:٢١؛ ٦:١، ٢) وَرُبَّمَا وَجَّهَ يَهْوَهُ ٱلْأُمُورَ بِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ لِكَيْ يَتَمَكَّنَ دَانِيَالُ مِنْ مُسَاعَدَةِ شَعْبِهِ، كَمَا فَعَلَ يُوسُفُ فِي مِصْرَ وَلَاحِقًا أَسْتِيرُ وَمُرْدَخَايُ فِي فَارِسَ. * (دا ٢:٤٨) تَخَيَّلْ كَمْ تَشَجَّعَ حَزْقِيَالُ وَبَاقِي ٱلْيَهُودِ ٱلْمَسْبِيِّينَ حِينَ رَأَوْا كَيْفَ تَدَخَّلَ يَهْوَهُ لِمُسَاعَدَتِهِمْ.
١٤، ١٥ (أ) كَيْفَ تُشْبِهُ ظُرُوفُنَا ظُرُوفَ دَانِيَالَ؟ (ب) مَاذَا يَتَعَلَّمُ ٱلْوَالِدُونَ ٱلْيَوْمَ مِنْ وَالِدَيْ دَانِيَالَ؟
رؤ ١٨:٢) وَهُمْ يُلَاحِظُونَ أَنَّنَا مُخْتَلِفُونَ عَنْهُمْ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ يَسْتَهْزِئُ بِنَا. (مر ١٣:١٣) فَلْنَتَمَثَّلْ بِدَانِيَالَ إِذًا وَنَقْتَرِبْ إِلَى يَهْوَهَ إِلٰهِنَا. وَإِذَا تَوَاضَعْنَا وَأَطَعْنَا يَهْوَهَ وَوَثِقْنَا بِهِ، يَعْتَبِرُنَا مَحْبُوبِينَ نَحْنُ أَيْضًا وَنَكُونُ «نَفَائِسَ» فِي نَظَرِهِ. — حج ٢:٧.
١٤ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ دَانِيَالَ وَطَاعَتِهِ؟ نَعِيشُ نَحْنُ أَيْضًا كَغُرَبَاءَ فِي عَالَمٍ مَلِيءٍ بِٱلْفَسَادِ ٱلْجِنْسِيِّ وَٱلْعِبَادَةِ ٱلْبَاطِلَةِ. فَٱلنَّاسُ تُضَلِّلُهُمْ بَابِلُ ٱلْعَظِيمَةُ، ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةُ ٱلْعَالَمِيَّةُ لِلدِّينِ ٱلْبَاطِلِ، ٱلَّتِي يُسَمِّيهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ «مَسْكِنًا لِشَيَاطِينَ». (١٥ وَيَتَعَلَّمُ ٱلْوَالِدُونَ ٱلْكَثِيرَ مِنْ وَالِدَيْ دَانِيَالَ. فَفِي طُفُولَتِهِ، ٱنْتَشَرَ ٱلشَّرُّ بَيْنَ سُكَّانِ يَهُوذَا. لٰكِنَّ هٰذَا ٱلشَّابَّ أَحَبَّ يَهْوَهَ كَثِيرًا. وَبِٱلتَّأْكِيدِ لَمْ يَكُنْ ذٰلِكَ بِٱلصُّدْفَةِ. فَلَا بُدَّ أَنَّ وَالِدَيْهِ رَبَّيَاهُ عَلَى مَحَبَّةِ ٱللهِ. (ام ٢٢:٦) كَمَا أَنَّ ٱسْمَ دَانِيَالَ، ٱلَّذِي يَعْنِي «دَيَّانِي هُوَ ٱللهُ»، يُشِيرُ أَنَّهُمَا كَانَا يَخَافَانِ ٱللهَ. فَيَا أَيُّهَا ٱلْوَالِدُونَ، عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمْ بِصَبْرٍ عَنْ يَهْوَهَ، وَلَا تَقْطَعُوا ٱلْأَمَلَ مِنْهُمْ. (اف ٦:٤) صَلُّوا مَعَهُمْ وَمِنْ أَجْلِهِمْ. وَٱجْتَهِدُوا أَنْ تَغْرِسُوا حَقَّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ فِي قُلُوبِهِمْ. وَعِنْدَئِذٍ يُبَارِكُكُمْ يَهْوَهُ بِسَخَاءٍ. — مز ٣٧:٥.
أَيُّوبُ آمَنَ بِٱللهِ وَأَطَاعَهُ فِي ٱلْحُلْوَةِ وَٱلْمُرَّةِ
١٦، ١٧ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَاجَهَهَا أَيُّوبُ؟
١٦ اَلتَّحَدِّيَاتُ ٱلَّتِي وَاجَهَهَا أَيُّوبُ. مَرَّ أَيُّوبُ بِتَغْيِيرَاتٍ هَائِلَةٍ فِي حَيَاتِهِ. فَفِي ٱلْبِدَايَةِ، كَانَ «أَعْظَمَ بَنِي ٱلْمَشْرِقِ جَمِيعًا»، إِذْ تَمَتَّعَ بِٱلْغِنَى وَٱلشُّهْرَةِ وَٱحْتِرَامِ ٱلنَّاسِ. (اي ١:٣؛ ٢٩:٧-١٦) مَعَ ذٰلِكَ، لَمْ يَتَكَبَّرْ أَوْ يَتَّكِلْ عَلَى نَفْسِهِ بَدَلَ ٱللهِ. لِذَا دَعَاهُ يَهْوَهُ «خَادِمِي». وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ «رَجُلٌ بِلَا لَوْمٍ وَمُسْتَقِيمٌ، يَخَافُ ٱللهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ». — اي ١:٨.
١٧ وَلٰكِنْ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَضُحَاهَا، ٱنْقَلَبَتْ حَيَاةُ أَيُّوبَ ١٨٠ دَرَجَةً. فَخَسِرَ كُلَّ شَيْءٍ وَٱنْهَارَتْ مَعْنَوِيَّاتُهُ. وَكَمَا نَعْلَمُ، ٱلشَّيْطَانُ هُوَ ٱلَّذِي سَبَّبَ هٰذِهِ ٱلْمَشَاكِلَ لِأَيُّوبَ. فَقَدِ ٱتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ يَخْدُمُ ٱللهَ مِنْ أَجْلِ ٱلْمَصْلَحَةِ. (اقرأ ايوب ١:٩، ١٠.) وَيَهْوَهُ لَمْ يَتَجَاهَلْ هٰذَا ٱلِٱتِّهَامَ ٱلْخَبِيثَ. بَلْ أَعْطَى أَيُّوبَ ٱلْمَجَالَ لِيُثْبِتَ وَلَاءَهُ، وَيُظْهِرَ أَنَّهُ يَعْبُدُهُ بِدَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ.
١٨ (أ) مَاذَا يَلْفِتُ نَظَرَكَ فِي وَلَاءِ أَيُّوبَ؟ (ب) مَاذَا نَتَعَلَّمُ عَنْ يَهْوَهَ مِنْ تَعَامُلِهِ مَعَ أَيُّوبَ؟
١٨ شَنَّ ٱلشَّيْطَانُ سِلْسِلَةً مِنَ ٱلْهَجَمَاتِ ٱلْقَاسِيَةِ عَلَى أَيُّوبَ، وَأَوْهَمَهُ أَنَّ ٱللهَ وَرَاءَهَا. (اي ١:١٣-٢١) ثُمَّ أَتَى ثَلَاثَةُ «أَصْحَابٍ» لِيُعَزُّوهُ، وَإِذَا بِهِمْ يُوَجِّهُونَ إِلَيْهِ كَلِمَاتٍ جَارِحَةً، مُلَمِّحِينَ أَنَّ ٱللهَ يُجَازِيهِ عَلَى شَرِّهِ. (اي ٢:١١؛ ٢٢:١، ٥-١٠) رَغْمَ ذٰلِكَ كُلِّهِ، بَقِيَ أَيُّوبُ وَلِيًّا لِيَهْوَهَ. صَحِيحٌ أَنَّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْأَمِينَ تَهَوَّرَ فِي ٱلْكَلَامِ أَحْيَانًا، لٰكِنَّ يَهْوَهَ تَفَهَّمَ وَضْعَهُ. (اي ٦:١-٣) فَقَدْ عَرَفَ أَنَّ ٱلسَّبَبَ هُوَ كَآبَتُهُ وَمُعَانَاتُهُ. وَرَأَى أَنَّ أَيُّوبَ لَمْ يُدِرْ لَهُ ظَهْرَهُ مَعَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ رَمَاهُ أَرْضًا، إِنْ جَازَ ٱلتَّعْبِيرُ، وَٱنْهَالَ عَلَيْهِ بِٱلْإِهَانَاتِ وَٱلْأَكَاذِيبِ. لِذٰلِكَ عِنْدَمَا ٱنْتَهَتْ مِحْنَةُ أَيُّوبَ، أَعْطَاهُ يَهْوَهُ ضِعْفَ مَا كَانَ عِنْدَهُ قَبْلًا، وَأَطَالَ عُمْرَهُ ١٤٠ سَنَةً. (يع ٥:١١) وَهَلْ ظَلَّ أَيُّوبُ يَخْدُمُ يَهْوَهَ بِأَمَانَةٍ بَاقِيَ حَيَاتِهِ؟ نَعَمْ، وَهٰذَا وَاضِحٌ مِنْ آيَتِنَا ٱلرَّئِيسِيَّةِ ٱلَّتِي كَتَبَهَا حَزْقِيَالُ بَعْدَ مَوْتِ أَيُّوبَ بِمِئَاتِ ٱلسِّنِينَ.
١٩، ٢٠ (أ) كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ أَيُّوبَ وَطَاعَتِهِ؟ (ب) كَيْفَ نَتَعَاطَفُ مَعَ ٱلْآخَرِينَ تَمَثُّلًا بِيَهْوَهَ؟
١٩ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ أَيُّوبَ وَطَاعَتِهِ؟ مَهْمَا كَانَتْ ظُرُوفُنَا، يَجِبُ أَنْ نُبْقِيَ يَهْوَهَ أَوَّلًا فِي حَيَاتِنَا، نَتَّكِلَ عَلَيْهِ كَامِلًا، وَنُطِيعَهُ مِنْ كُلِّ قَلْبِنَا. وَوَضْعُنَا ٱلْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنْ وَضْعِ أَيُّوبَ. فَنَحْنُ نَعْرِفُ ٱلْكَثِيرَ عَنِ ٱلشَّيْطَانِ وَمُخَطَّطَاتِهِ. (٢ كو ٢:١١) وَبِفَضْلِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَخُصُوصًا سِفْرَ أَيُّوبَ، نَعْرِفُ لِمَ يَسْمَحُ ٱللهُ بِٱلْمُعَانَاةِ. وَنَعْرِفُ مِنْ نُبُوَّةِ دَانِيَالَ أَنَّ ٱلْمَلَكُوتَ حُكُومَةٌ حَقِيقِيَّةٌ بِرِئَاسَةِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. (دا ٧:١٣، ١٤) وَنُدْرِكُ أَنَّ ٱلْمَلَكُوتَ سَيَحْكُمُ عَمَّا قَرِيبٍ عَلَى كُلِّ ٱلْأَرْضِ وَيُنْهِي ٱلْمُعَانَاةَ.
٢٠ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، نَتَعَلَّمُ مِنْ قِصَّةِ أَيُّوبَ أَنْ نَتَعَاطَفَ مَعَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ يَمُرُّونَ بِصُعُوبَاتٍ. فَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ، يَتَهَوَّرُونَ فِي ٱلْكَلَامِ مِثْلَهُ. (جا ٧:٧) فَبَدَلَ أَنْ نُسِيءَ ٱلظَّنَّ بِهِمْ، لِنَتَفَهَّمْ وَضْعَهُمْ وَنَتَعَاطَفْ مَعَهُمْ. وَهٰكَذَا نَتَمَثَّلُ بِأَبِينَا ٱلْمُحِبِّ وَٱلرَّحِيمِ يَهْوَهَ. — مز ١٠٣:٨.
يَهْوَهُ «يُقَوِّيكَ»
٢١ كَيْفَ تُذَكِّرُنَا ١ بُطْرُس ٥:١٠ بِمَا حَدَثَ مَعَ نُوحٍ وَدَانِيَالَ وَأَيُّوبَ؟
٢١ رَغْمَ أَنَّ نُوحًا وَدَانِيَالَ وَأَيُّوبَ عَاشُوا فِي أَوْقَاتٍ وَظُرُوفٍ مُخْتَلِفَةٍ، ٱحْتَمَلُوا جَمِيعًا ٱلْمَصَاعِبَ ٱلَّتِي وَاجَهُوهَا. وَقِصَصُ حَيَاتِهِمْ تُذَكِّرُنَا بِكَلِمَاتِ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ: «أَمَّا بَعْدَ تَأَلُّمِكُمْ فَتْرَةً قَصِيرَةً، فَإِلٰهُ كُلِّ نِعْمَةٍ . . . هُوَ يُنْهِي تَدْرِيبَكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ». — ١ بط ٥:١٠.
٢٢ مَاذَا تُنَاقِشُ ٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ؟
٢٢ وَهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ تَنْطَبِقُ أَيْضًا عَلَى شَعْبِ ٱللهِ ٱلْيَوْمَ. فَيَهْوَهُ يُؤَكِّدُ أَنَّهُ سَيُثَبِّتُ خُدَّامَهُ وَيُقَوِّيهِمْ. وَلَا شَكَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نَرْغَبُ أَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْ دَعْمِهِ وَنَبْقَى ثَابِتِينَ وَأُمَنَاءَ. فَلْنُصَمِّمْ إِذًا أَنْ نَتَمَثَّلَ بِإِيمَانِ وَطَاعَةِ نُوحٍ وَدَانِيَالَ وَأَيُّوبَ. وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنَرَى كَيْفَ سَاعَدَتْهُمُ ٱلْمَعْرِفَةُ ٱلدَّقِيقَةُ أَنْ يَبْقَوْا أُمَنَاءَ لِيَهْوَهَ. فَقَدْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى «فَهْمِ كُلِّ شَيْءٍ» يَطْلُبُهُ مِنْهُمْ. (ام ٢٨:٥) وَهٰذَا مَجَالٌ آخَرُ نَتَمَثَّلُ بِهِمْ فِيهِ.
^ الفقرة 2 أُخِذَ حَزْقِيَالُ إِلَى بَابِلَ عَامَ ٦١٧ قم. وَكَتَبَ ٱلْكَلِمَاتِ فِي حَزْقِيَال ٨:١–١٩:١٤ «فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّادِسَةِ» مِنْ سَبْيِهِ، أَيْ عَامَ ٦١٢ قم.
^ الفقرة 5 كَانَ لَامِكُ أَبُو نُوحٍ عَابِدًا لِلهِ، لٰكِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ٱلطُّوفَانِ بِخَمْسِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا. وَإِذَا كَانَتْ وَالِدَةُ نُوحٍ وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ أَحْيَاءً حِينَ جَاءَ ٱلطُّوفَانُ، فَهُمْ لَمْ يَنْجُوا مِنْهُ.
^ الفقرة 13 رُبَّمَا صَحَّ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ عَلَى أَصْحَابِ دَانِيَالَ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْا هُمْ أَيْضًا مَنَاصِبَ رَسْمِيَّةً. — دا ٢:٤٩.