الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

قِصَّةُ حَيَاةٍ

تركت كل شيء وتبعت يسوع

تركت كل شيء وتبعت يسوع

‏«إِذَا ذَهَبْتَ لِتُبَشِّرَ،‏ فَلَا تَرْجِعْ إِلَى هُنَا.‏ وَإِذَا رَجَعْتَ،‏ فَسَأَكْسِرُ رِجْلَيْكَ».‏ هٰذَا مَا قَالَهُ لِي أَبِي مُهَدِّدًا.‏ لٰكِنِّي قَرَّرْتُ أَنْ أُغَادِرَ ٱلْبَيْتَ.‏ وَكَانَتْ هٰذِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتْرُكُ كُلَّ شَيْءٍ لِأَتْبَعَ يَسُوعَ.‏ كَانَ عُمْرِي آنَذَاكَ ١٦ سَنَةً فَقَطْ.‏

إِلَيْكُمْ قِصَّتِي.‏ وُلِدْتُ فِي ٢٩ تَمُّوزَ (‏يُولْيُو)‏ ١٩٢٩ فِي قَرْيَةٍ ضِمْنَ مُقَاطَعَةِ بُولَاكَان بِٱلْفِيلِيبِّين.‏ كَانَتِ ٱلْحَيَاةُ بَسِيطَةً بِسَبَبِ ٱلْأَزْمَةِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ فِي ٱلْبِلَادِ.‏ وَفِيمَا كُنْتُ صَغِيرًا،‏ بَدَأَتِ ٱلْحَرْبُ وَغَزَا ٱلْجَيْشُ ٱلْيَابَانِيُّ ٱلْفِيلِيبِّين.‏ لٰكِنَّ قَرْيَتَنَا كَانَتْ بَعِيدَةً نِسْبِيًّا عَنِ ٱلْمَعَارِكِ،‏ فَلَمْ نَتَأَثَّرْ بِهَا مُبَاشَرَةً.‏ وَلَمْ يَكُنْ لَدَيْنَا رَادِيُو أَوْ تلِفِزْيُونٌ أَوْ جَرَائِدُ.‏ فَلَمْ تَصِلْنَا إِلَّا ٱلْأَخْبَارُ ٱلَّتِي تَنَاقَلَهَا ٱلنَّاسُ.‏

كُنْتُ ٱلْوَلَدَ ٱلثَّانِيَ بَيْنَ ثَمَانِيَةِ أَوْلَادٍ.‏ وَعِنْدَمَا صَارَ عُمْرِي ٨ سَنَوَاتٍ،‏ أَخَذَنِي جَدَّايَ لِأَعِيشَ مَعَهُمَا.‏ وَمَعَ أَنَّنَا كُنَّا كَاثُولِيكِيِّينَ،‏ كَانَ جَدِّي مُنْفَتِحًا عَلَى ٱلْأَدْيَانِ ٱلْأُخْرَى.‏ فَقَدِ ٱعْتَادَ أَنْ يُجَمِّعَ ٱلْمَطْبُوعَاتِ ٱلدِّينِيَّةَ ٱلَّتِي يُعْطِيهِ إِيَّاهَا رِفَاقُهُ.‏ أَذْكُرُ أَنَّهُ أَرَانِي كَرَارِيسَ ٱلْحِمَايَةِ،‏ ٱلسَّلَامَةِ،‏ وَ كَشْفِ ٱلْقِنَاعِ بِٱلتَّغَالُوغِيَّةِ * وكِتَابًا مُقَدَّسًا.‏ فَٱسْتَمْتَعْتُ كَثِيرًا بِقِرَاءَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ وَخُصُوصًا ٱلْأَنَاجِيلَ ٱلْأَرْبَعَةَ.‏ وَهٰذَا مَا دَفَعَنِي أَنْ أَتْبَعَ مِثَالَ يَسُوعَ.‏ —‏ يو ١٠:‏٢٧‏.‏

تَعَلَّمْتُ أَنْ أَتْبَعَ يَسُوعَ

اِنْتَهَى ٱلِٱحْتِلَالُ ٱلْيَابَانِيُّ عَامَ ١٩٤٥.‏ وَفِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ تَقْرِيبًا،‏ طَلَبَ مِنِّي وَالِدَايَ أَنْ أَعُودَ إِلَى ٱلْبَيْتِ.‏ وَأَلَحَّ عَلَيَّ جَدِّي أَنْ أَذْهَبَ.‏ وَهٰذَا مَا فَعَلْتُهُ.‏

بَعْدَ وَقْتٍ قَصِيرٍ،‏ فِي كَانُونَ ٱلْأَوَّلِ (‏دِيسَمْبِر)‏ ١٩٤٥،‏ جَاءَ شُهُودٌ لِيَهْوَهَ مِنْ بَلْدَةِ أَنْغَات لِيُبَشِّرُوا فِي قَرْيَتِنَا.‏ فَزَارَنَا شَاهِدٌ مُسِنٌّ وَشَرَحَ لَنَا مَا يَقُولُهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنِ «ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ».‏ (‏٢ تي ٣:‏١-‏٥‏)‏ ثُمَّ دَعَانَا إِلَى دَرْسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ فِي بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ.‏ لَمْ يُرِدْ وَالِدَايَ أَنْ يَذْهَبَا،‏ فَذَهَبْتُ وَحْدِي.‏ وَكَانَ هُنَاكَ حَوَالَيْ ٢٠ شَخْصًا يَتَنَاقَشُونَ حَوْلَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏

لَمْ أَفْهَمْ كُلَّ مَا كَانُوا يَقُولُونَهُ،‏ فَقَرَّرْتُ أَنْ أُغَادِرَ.‏ لٰكِنْ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ،‏ بَدَأُوا يُرَنِّمُونَ.‏ فَتَأَثَّرْتُ كَثِيرًا وَبَقِيتُ.‏ وَبَعْدَ ٱلصَّلَاةِ وَٱلتَّرْنِيمَةِ،‏ دُعِينَا إِلَى ٱجْتِمَاعٍ فِي أَنْغَاتَ ٱلْأَحَدَ ٱلْمُقْبِلَ.‏

مَشَى عَدِيدُونَ مِنَّا ٨ كِيلُومِتْرَاتٍ لِلْوُصُولِ إِلَى مَنْزِلِ عَائِلَةِ كْرُوس حَيْثُ عُقِدَ ٱلِٱجْتِمَاعُ بِحُضُورِ ٥٠ شَخْصًا.‏ وَمَا أَثَّرَ فِيَّ كَثِيرًا هُوَ ٱلْأَوْلَادُ ٱلَّذِينَ أَجَابُوا عَنْ أَسْئِلَةٍ صَعْبَةٍ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ وَبَعْدَ عِدَّةِ ٱجْتِمَاعَاتٍ،‏ دَعَانِي فَاتِحٌ مُسِنٌّ ٱسْمُهُ دَامْيَان سَانْتُوس لِأَنَامَ عِنْدَهُ.‏ فَقَضَيْنَا ٱللَّيْلَةَ نَتَنَاقَشُ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏

آنَذَاكَ،‏ ٱقْتَنَعَ كَثِيرُونَ مِنَّا سَرِيعًا بِحَقَائِقِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ.‏ وَبَعْدَ ٱجْتِمَاعَاتٍ قَلِيلَةٍ،‏ سَأَلَنَا ٱلْإِخْوَةُ إِنْ كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَعْتَمِدَ.‏ فَوَافَقْتُ لِأَنِّي أَرَدْتُ أَنْ ‹أَخْدُمَ كَعَبْدٍ لِلْمَسِيحِ›.‏ (‏كو ٣:‏٢٤‏)‏ فَذَهَبْنَا إِلَى نَهْرٍ قَرِيبٍ وَٱعْتَمَدَ ٱثْنَانِ مِنَّا فِي ١٥ شُبَاطَ (‏فِبْرَايِر)‏ ١٩٤٦.‏

عَرَفْنَا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُعْتَمِدِينَ يَلْزَمُ أَنْ يُبَشِّرُوا بِٱنْتِظَامٍ تَمَثُّلًا بِيَسُوعَ.‏ لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَمْ يُعْجِبْ وَالِدِي.‏ قَالَ لِي:‏ «مَا زِلْتَ صَغِيرًا جِدًّا!‏ حَتَّى لَوْ غَطَّسُوكَ فِي ٱلنَّهْرِ،‏ فَهٰذَا لَا يَعْنِي أَنَّكَ صِرْتَ مُبَشِّرًا».‏ فَشَرَحْتُ لَهُ أَنَّ ٱللهَ يُرِيدُ أَنْ نُبَشِّرَ ٱلنَّاسَ عَنِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ (‏مت ٢٤:‏١٤‏)‏ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ:‏ «عَلَيَّ أَنْ أُوفِيَ بِوَعْدِي لِلهِ».‏ فَهَدَّدَنِي كَمَا ذَكَرْتُ فِي ٱلْبِدَايَةِ.‏ وَكَانَتْ هٰذِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتْرُكُ فِيهَا كُلَّ شَيْءٍ لِأَصِلَ إِلَى أَهْدَافٍ رُوحِيَّةٍ.‏

بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ دَعَتْنِي عَائِلَةُ كْرُوس لِأَعِيشَ عِنْدَهُمْ فِي أَنْغَات.‏ وَشَجَّعُونِي أَنَا وَٱبْنَتَهُمُ ٱلصُّغْرَى نُورَا أَنْ نَخْدُمَ فَاتِحَيْنِ.‏ فَبَدَأْنَا بِخِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ فِي ١ تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (‏نُوفَمْبِر)‏ ١٩٤٧.‏ فَبَقِيتُ أَنَا فِي أَنْغَات،‏ وَخَدَمَتْ نُورَا فِي مَدِينَةٍ أُخْرَى.‏

تَرَكْتُ كُلَّ شَيْءٍ مَرَّةً ثَانِيَةً

خِلَالَ سَنَتِي ٱلثَّالِثَةِ فِي ٱلْفَتْحِ،‏ أَتَى إِلَى أَنْغَات أَخٌ مِنْ مَكْتَبِ ٱلْفَرْعِ ٱسْمُهُ إِيرْل سْتِيوَارْت وَقَدَّمَ خِطَابًا فِي ٱلسَّاحَةِ ٱلْعَامَّةِ أَمَامَ أَكْثَرَ مِنْ ٥٠٠ شَخْصٍ.‏ وَبَعْدَمَا أَنْهَى خِطَابَهُ بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ،‏ لَخَّصْتُهُ بِٱلتَّغَالُوغِيَّةِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّنِي لَمْ أَتَعَلَّمْ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ سِوَى ٧ سَنَوَاتٍ،‏ لٰكِنَّ ٱلْأَسَاتِذَةَ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ دَائِمًا بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ.‏ وَمَا سَاعَدَنِي أَيْضًا أَنْ أُحَسِّنَ لُغَتِي هُوَ دَرْسُ ٱلْكَثِيرِ مِنْ مَطْبُوعَاتِنَا بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُتَوَفِّرَةً بِٱلتَّغَالُوغِيَّةِ.‏ وَهٰكَذَا ٱسْتَطَعْتُ أَنْ أُتَرْجِمَ فِي مُنَاسَبَاتٍ عَدِيدَةٍ.‏

فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ،‏ قَالَ ٱلْأَخُ سْتِيوَارْت لِلْجَمَاعَةِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ إِنَّ بَيْتَ إِيلَ بِحَاجَةٍ إِلَى فَاتِحٍ أَوِ ٱثْنَيْنِ لِيَخْدُمَا هُنَاكَ فِي غِيَابِ ٱلْمُرْسَلِينَ ٱلَّذِينَ سَيَحْضُرُونَ مَحْفِلَ «نُمُوِّ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ» عَامَ ١٩٥٠ فِي نْيُويُورْك.‏ فَدُعِيتُ إِلَى ٱلْخِدْمَةِ فِي بَيْتَ إِيلَ.‏ وَمَرَّةً ثَانِيَةً،‏ تَرَكْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ ٱلْخِدْمَةِ.‏

فِي ١٩ حَزِيرَانَ (‏يُونْيُو)‏ ١٩٥٠،‏ بَدَأْتُ أَخْدُمُ فِي بَيْتَ إِيلَ إِلَى جَانِبِ حَوَالَيِ ١٢ أَخًا عَازِبًا.‏ كَانَ بَيْتَ إِيلُ عِبَارَةً عَنْ بَيْتٍ كَبِيرٍ وَقَدِيمٍ تُحِيطُ بِهِ أَرْضٌ مِسَاحَتُهَا هِكْتَارٌ مَلِيئَةٌ بِٱلْأَشْجَارِ ٱلْكَبِيرَةِ.‏ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلْبَاكِرِ،‏ كُنْتُ أَعْمَلُ فِي ٱلْمَطْبَخِ،‏ ثُمَّ ٱبْتِدَاءً مِنَ ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ تَقْرِيبًا،‏ أَكْوِي ٱلثِّيَابَ فِي ٱلْمَغْسَلِ.‏ وَبَعْدَ ٱلظُّهْرِ،‏ كُنْتُ أَخْدُمُ مِنْ جَدِيدٍ فِي ٱلْمَطْبَخِ وَٱلْمَغْسَلِ.‏ وَبَقِيتُ أَعْمَلُ فِي بَيْتَ إِيلَ حَتَّى بَعْدَمَا عَادَ ٱلْمُرْسَلُونَ.‏ فَكُنْتُ أُوَضِّبُ ٱلْمَجَلَّاتِ لِإِرْسَالِهَا بِٱلْبَرِيدِ،‏ أَهْتَمُّ بِطَلَبَاتِ ٱلِٱشْتِرَاكَاتِ،‏ وَأَسْتَقْبِلُ ٱلضُّيُوفَ وَأَرُدُّ عَلَى ٱلْهَاتِفِ.‏ لَقَدْ قُمْتُ بِأَيِّ عَمَلٍ يُطْلَبُ مِنِّي.‏

تَرَكْتُ ٱلْفِيلِيبِّين لِأَذْهَبَ إِلَى مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ

عَامَ ١٩٥٢،‏ فَرِحْتُ عِنْدَمَا تَلَقَّيْتُ أَنَا وَسِتَّةُ إِخْوَةٍ آخَرِينَ مِنَ ٱلْفِيلِيبِّين دَعْوَةً لِحُضُورِ ٱلصَّفِّ ٱلْـ‍ ٢٠ مِنْ مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ.‏ وَعِنْدَمَا سَافَرْنَا إِلَى ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ،‏ رَأَيْنَا أُمُورًا جَدِيدَةً وَغَرِيبَةً عَلَيْنَا.‏ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مُخْتَلِفًا جِدًّا عَنْ قَرْيَتِنَا ٱلصَّغِيرَةِ.‏

مَعَ بَعْضِ رِفَاقِي فِي جِلْعَادَ

مَثَلًا،‏ كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ كَيْفَ نَسْتَعْمِلُ أَدَوَاتٍ فِي ٱلْمَطْبَخِ وَأَجْهِزَةً لَمْ نَسْتَعْمِلْهَا مِنْ قَبْلُ.‏ وَكَانَ ٱلطَّقْسُ أَيْضًا مُخْتَلِفًا جِدًّا.‏ فَذَاتَ صَبَاحٍ،‏ وَجَدْتُ ٱلدُّنْيَا كُلَّهَا مُغَطَّاةً بِٱلْأَبْيَضِ.‏ كَانَتْ هٰذِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَرَى ٱلثَّلْجَ.‏ وَمَا هِيَ إِلَّا لَحَظَاتٌ حَتَّى ٱكْتَشَفْتُ أَنَّ ٱلطَّقْسَ بَارِدٌ،‏ بَارِدٌ جِدًّا.‏

لٰكِنَّ هٰذِهِ ٱلتَّحَدِّيَاتِ ٱلصَّغِيرَةَ لَمْ تَكُنْ شَيْئًا بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ ٱلتَّدْرِيبِ ٱلرَّائِعِ فِي جِلْعَادَ.‏ فَلَنْ أَنْسَى أَبَدًا أَسَالِيبَ ٱلْأَسَاتِذَةِ فِي ٱلتَّعْلِيمِ.‏ لَقَدْ عَلَّمُونَا كَيْفَ نَدْرُسُ بِٱجْتِهَادٍ وَنَتَعَمَّقُ فِي ٱلْبَحْثِ.‏ فِعْلًا،‏ ٱلتَّدْرِيبُ فِي جِلْعَادَ قَوَّى رُوحِيَّاتِي.‏

بَعْدَمَا تَخَرَّجْتُ،‏ عُيِّنْتُ مُؤَقَّتًا فَاتِحًا خُصُوصِيًّا فِي مِنْطَقَةِ بْرُونْكْس بِنْيُويُورْك.‏ وَهٰكَذَا ٱسْتَطَعْتُ أَنْ أَحْضُرَ مَحْفِلَ «مُجْتَمَعِ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ» ٱلَّذِي عُقِدَ هُنَاكَ فِي تَمُّوزَ (‏يُولْيُو)‏ ١٩٥٣.‏ وَبَعْدَ ٱلْمَحْفِلِ،‏ عُيِّنْتُ مُجَدَّدًا فِي ٱلْفِيلِيبِّين.‏

تَرَكْتُ ٱلْحَيَاةَ ٱلْمُرِيحَةَ فِي ٱلْمَدِينَةِ

قَالَ لِي ٱلْإِخْوَةُ فِي مَكْتَبِ ٱلْفَرْعِ:‏ «سَتَبْدَأُ ٱلْآنَ بِٱلْعَمَلِ ٱلدَّائِرِيِّ».‏ فَكَانَ ذٰلِكَ فُرْصَةً جَدِيدَةً لِأَتَمَثَّلَ بِيَسُوعَ،‏ فَهُوَ ذَهَبَ إِلَى مُدُنٍ وَقُرًى بَعِيدَةٍ لِيُسَاعِدَ خِرَافَ يَهْوَهَ.‏ (‏١ بط ٢:‏٢١‏)‏ وَقَدْ غَطَّتِ ٱلدَّائِرَةُ ٱلْمُعَيَّنَةُ لِي مِسَاحَةً كَبِيرَةً مِنْ لُوزُون،‏ أَكْبَرِ جَزِيرَةٍ فِي ٱلْفِيلِيبِّين.‏ فَشَمَلَتْ مُقَاطَعَةَ بُولَاكَان،‏ تَارْلَاك،‏ زَامْبَالِس،‏ وَنُوِيفَا أَسِيهَا.‏ أَحْيَانًا،‏ ٱضْطُرِرْتُ أَنْ أَجْتَازَ جِبَالَ سِيِيرَا مَادْرِي ٱلْوَعِرَةَ لِأَصِلَ إِلَى بَلَدَاتٍ لَا تَمُرُّ بِهَا وَسَائِلُ ٱلنَّقْلِ ٱلْعَامَّةُ.‏ فَكُنْتُ أَطْلُبُ مِنْ سَائِقِي ٱلشَّاحِنَاتِ أَنْ أَجْلِسَ عَلَى جُذُوعِ ٱلشَّجَرِ ٱلَّتِي يَنْقُلُونَهَا.‏ وَكَانُوا عُمُومًا يَسْمَحُونَ لِي بِذٰلِكَ.‏ لٰكِنْ بِصَرَاحَةٍ،‏ لَمْ تَكُنْ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَاتُ مُرِيحَةً.‏

كَانَتْ مُعْظَمُ ٱلْجَمَاعَاتِ هُنَاكَ صَغِيرَةً وَجَدِيدَةً نِسْبِيًّا.‏ لِذٰلِكَ قَدَّرَ ٱلْإِخْوَةُ مُسَاعَدَتِي لَهُمْ فِي تَنْظِيمِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ وَخِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ.‏

بَعْدَ فَتْرَةٍ،‏ ٱنْتَقَلْتُ إِلَى دَائِرَةٍ غَطَّتْ كُلَّ مِنْطَقَةِ بِيكُول.‏ وَتَأَلَّفَتْ عُمُومًا مِنْ فِرَقٍ مُنْعَزِلَةٍ فِيهَا فَاتِحُونَ خُصُوصِيُّونَ يَفْتَتِحُونَ مُقَاطَعَاتٍ غَيْرَ مَخْدُومَةٍ.‏ فِي أَحَدِ ٱلْبُيُوتِ،‏ كَانَ ٱلْحَمَّامُ ٱلْوَحِيدُ عِبَارَةً عَنْ حُفْرَةٍ فِي ٱلْأَرْضِ عَلَيْهَا قِطْعَتَانِ مِنَ ٱلْخَشَبِ.‏ وَمَا إِنْ دُسْتُ عَلَيْهِمَا حَتَّى وَقَعَتَا فِي ٱلْحُفْرَةِ وَوَقَعْتُ أَنَا أَيْضًا.‏ طَبْعًا،‏ لَزِمَنِي ٱلْكَثِيرُ مِنَ ٱلْوَقْتِ لِأُنَظِّفَ نَفْسِي وَأَسْتَعِدَّ لِتَنَاوُلِ ٱلْفُطُورِ.‏

خِلَالَ تَعْيِينِي هُنَاكَ،‏ بَدَأْتُ أُفَكِّرُ فِي نُورَا ٱلَّتِي خَدَمَتْ فَاتِحَةً فِي بُولَاكَان.‏ وَفِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ،‏ كَانَتْ قَدْ عُيِّنَتْ فَاتِحَةً خُصُوصِيَّةً فِي دُومَاغِيتِي،‏ فَذَهَبْتُ لِأَزُورَهَا.‏ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ تَرَاسَلْنَا فَتْرَةً مِنَ ٱلْوَقْتِ ثُمَّ تَزَوَّجْنَا عَامَ ١٩٥٦.‏ وَقَدْ أَمْضَيْنَا ٱلْأُسْبُوعَ ٱلْأَوَّلَ مِنْ زَوَاجِنَا نَزُورُ جَمَاعَةً فِي جَزِيرَةِ رَابُو رَابُو.‏ وَهُنَاكَ،‏ كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَقْطَعَ ٱلْجِبَالَ وَنَمْشِيَ مَسَافَاتٍ طَوِيلَةً.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ فَرِحْنَا كَثِيرًا بِٱلْخِدْمَةِ مَعًا فِي أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ.‏

إِلَى بَيْتَ إِيلَ مِنْ جَدِيدٍ

بَعْدَ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا مِنَ ٱلْعَمَلِ ٱلدَّائِرِيِّ،‏ دُعِينَا أَنَا وَنُورَا إِلَى ٱلْخِدْمَةِ فِي مَكْتَبِ ٱلْفَرْعِ.‏ وَفِي كَانُونَ ٱلثَّانِي (‏يَنَايِر)‏ ١٩٦٠،‏ بَدَأَتْ خِدْمَتُنَا فِي بَيْتَ إِيلَ.‏ وَعَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ،‏ تَعَلَّمْتُ ٱلْكَثِيرَ مِنْ عَمَلِي إِلَى جَانِبِ إِخْوَةٍ لَدَيْهِمْ مَسْؤُولِيَّاتٌ كَبِيرَةٌ.‏ وَعَمِلَتْ نُورَا فِي تَعْيِينَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي بَيْتَ إِيلَ.‏

فِيمَا أُلْقِي خِطَابًا فِي مَحْفِلٍ،‏ وَإِلَى جَانِبِي أَخٌ يُتَرْجِمُ إِلَى ٱلسِّيبْوَانُو

سَمَحَ لِي تَعْيِينِي فِي بَيْتَ إِيلَ أَنْ أَرَى ٱلنُّمُوَّ ٱلرُّوحِيَّ ٱلْهَائِلَ فِي ٱلْفِيلِيبِّين.‏ فَعِنْدَمَا أَتَيْتُ أَوَّلَ مَرَّةٍ لِأَخْدُمَ هُنَاكَ،‏ كَانَ فِي كُلِّ ٱلْبَلَدِ ١٠٬٠٠٠ نَاشِرٍ.‏ أَمَّا ٱلْآنَ،‏ فَهُنَاكَ أَكْثَرُ مِنْ ٢٠٠٬٠٠٠ نَاشِرٍ،‏ بَيْنَهُمْ مِئَاتُ ٱلْخُدَّامِ فِي بَيْتَ إِيلَ ٱلَّذِينَ يَدْعَمُونَ عَمَلَ ٱلْبِشَارَةِ.‏

وَفِيمَا كَانَ ٱلْعَمَلُ يَكْبُرُ،‏ لَمْ يَعُدْ بَيْتَ إِيلُ يَسَعُنَا.‏ فَطَلَبَتْ مِنَّا ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ أَنْ نَبْحَثَ عَنْ أَرْضٍ لِنَبْنِيَ عَلَيْهَا مَبَانِيَ أَكْبَرَ.‏ فَبَدَأْنَا أَنَا وَٱلْمَسْؤُولُ عَنِ ٱلطِّبَاعَةِ نَبْحَثُ قُرْبَ ٱلْفَرْعِ عَنْ أَرَاضٍ لِلْبَيْعِ.‏ لٰكِنْ لَا أَحَدَ قَبِلَ أَنْ يَبِيعَنَا.‏ حَتَّى إِنَّ أَحَدَ جِيرَانِنَا ٱلصِّينِيِّينَ قَالَ لَنَا:‏ «اَلصِّينِيُّونَ لَا يَبِيعُونَ.‏ اَلصِّينِيُّونَ يَشْتَرُونَ».‏

فِيمَا أُتَرْجِمُ خِطَابًا لِلْأَخِ أَلْبِرْت شْرُودِر

لٰكِنْ ذَاتَ يَوْمٍ،‏ فَاجَأَنَا أَحَدُ ٱلْجِيرَانِ حِينَ سَأَلَنَا إِذَا كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَشْتَرِيَ أَرْضَهُ لِأَنَّهُ سَيَنْتَقِلُ إِلَى ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ.‏ وَمَا حَصَلَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَاجَأَنَا أَكْثَرَ.‏ فَقَدْ قَرَّرَ جَارٌ آخَرُ أَنْ يَبِيعَ أَرْضَهُ وَشَجَّعَ جِيرَانَهُ أَيْضًا أَنْ يَفْعَلُوا مِثْلَهُ.‏ حَتَّى إِنَّنَا ٱشْتَرَيْنَا أَرْضَ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي قَالَ لَنَا إِنَّ ٱلصِّينِيِّينَ لَا يَبِيعُونَ.‏ وَفِي وَقْتٍ قَصِيرٍ،‏ صَارَتْ مِسَاحَةُ ٱلْفَرْعِ أَكْبَرَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ مِنْ مِسَاحَتِهِ ٱلْقَدِيمَةِ.‏ وَكُلُّ ذٰلِكَ زَادَ قَنَاعَتَنَا أَنَّ يَهْوَهَ يُبَارِكُ هٰذِهِ ٱلْخُطْوَةَ.‏

عَامَ ١٩٥٠،‏ كُنْتُ ٱلْأَصْغَرَ فِي عَائِلَةِ بَيْتَ إِيلَ.‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَأَنَا وَزَوْجَتِي أَكْبَرُ شَخْصَيْنِ فِيهَا.‏ وَلَا أَنْدَمُ أَبَدًا لِأَنِّي تَبِعْتُ تَوْجِيهَ يَسُوعَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ وَالِدَيَّ طَرَدَانِي مِنَ ٱلْبَيْتِ،‏ لٰكِنَّ يَهْوَهَ أَعْطَانِي عَائِلَةً كَبِيرَةً مِنَ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏ وَلَا أَشُكُّ أَبَدًا أَنَّهُ يُعْطِينَا كُلَّ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَهْمَا كَانَ تَعْيِينُنَا.‏ أَنَا وَنُورَا نَشْكُرُ يَهْوَهَ كَثِيرًا عَلَى ٱهْتِمَامِهِ ٱلرَّقِيقِ بِنَا وَنُشَجِّعُ ٱلْآخَرِينَ أَنْ يَمْتَحِنُوهُ.‏ —‏ مل ٣:‏١٠‏.‏

ذَاتَ مَرَّةٍ،‏ رَأَى يَسُوعُ جَابِيَ ضَرَائِبَ ٱسْمُهُ مَتَّى أَوْ لَاوِي.‏ فَقَالَ لَهُ:‏ «اِتْبَعْنِي».‏ ‹فَتَرَكَ مَتَّى كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعَهُ›.‏ (‏لو ٥:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ وَأَنَا أَيْضًا أُتِيحَتْ لِي فُرَصٌ لِأَتْبَعَ يَسُوعَ وَٱسْتَفَدْتُ مِنْهَا.‏ وَأُشَجِّعُ ٱلْإِخْوَةَ أَنْ يَتْبَعُوهُ وَيَنَالُوا بَرَكَاتٍ كَثِيرَةً.‏

أَنَا سَعِيدٌ لِأَنَّنِي مَا زِلْتُ أَشْهَدُ ٱلنُّمُوَّ فِي ٱلْفِيلِيبِّين

^ ‎الفقرة 6‏ إِصْدَارُ شُهُودِ يَهْوَهَ،‏ لٰكِنَّهَا لَمْ تَعُدْ تُطْبَعُ ٱلْآنَ.‏