«نراكم في الفردوس!»
«سَتَكُونُ مَعِي فِي ٱلْفِرْدَوْسِ». — لو ٢٣:٤٣.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ١٤٥، ١٣٩
١، ٢ كَيْفَ يَخْتَلِفُ مَفْهُومُ ٱلْفِرْدَوْسِ مِنْ شَخْصٍ إِلَى آخَرَ؟
كَانَ ٱلْمَشْهَدُ مُؤَثِّرًا لِلْغَايَةِ بَعْدَ مَحْفِلٍ فِي مَدِينَةِ سِيُولَ ٱلْكُورِيَّةِ. فَفِيمَا غَادَرَ ٱلْمَنْدُوبُونَ ٱلْأَجَانِبُ ٱلْمَلْعَبَ، ٱصْطَفَّ ٱلْإِخْوَةُ لِتَوْدِيعِهِمْ. وَرَاحَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ يُلَوِّحُونَ بِأَيْدِيهِمْ قَائِلِينَ: «نَرَاكُمْ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ!». فَأَيَّ فِرْدَوْسٍ قَصَدُوا؟
٢ يَخْتَلِفُ مَفْهُومُ ٱلْفِرْدَوْسِ مِنْ شَخْصٍ إِلَى آخَرَ. فَٱلْبَعْضُ يَرَوْنَهُ مُجَرَّدَ وَهْمٍ. وَيَقُولُ آخَرُونَ إِنَّهُ أَيُّ مَكَانٍ يَشْعُرُونَ فِيهِ بِٱلسَّعَادَةِ. أَمَّا ٱلَّذِي يَتَضَوَّرُ جُوعًا، فَيَجِدُهُ فِي وَلِيمَةِ طَعَامٍ. وَحِينَ رَأَتْ سَائِحَةٌ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلـ ١٩ وَادِيًا تُزَيِّنُهُ ٱلْأَزْهَارُ ٱلْبَرِّيَّةُ، هَتَفَتْ: «مَا أَرْوَعَ هٰذَا ٱلْفِرْدَوْسَ!». وَلَا يَزَالُ ذٰلِكَ ٱلْمَكَانُ يُدْعَى وَادِيَ ٱلْفِرْدَوْسِ. فَمَا هُوَ ٱلْفِرْدَوْسُ بِرَأْيِكَ؟ وَهَلْ هُوَ حَقِيقِيٌّ بِٱلنِّسْبَةِ إِلَيْكَ؟
٣ مَا هُوَ أَوَّلُ ذِكْرٍ لِلْفِرْدَوْسِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟
٣ يَتَحَدَّثُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْ فِرْدَوْسٍ فِي ٱلْمَاضِي وَآخَرَ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. وَيَذْكُرُ ٱلْفِرْدَوْسَ بَدْءًا مِنْ أَوَّلِ ٱلْأَسْفَارِ. تَقُولُ ٱلتَّكْوِين ٢:٨: «غَرَسَ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ [أَوْ فِرْدَوْسَ سُرُورٍ، بِحَسَبِ تَرْجَمَةِ دُوَايَ ٱلْكَاثُولِيكِيَّةِ] شَرْقًا، وَوَضَعَ هُنَاكَ ٱلْإِنْسَانَ ٱلَّذِي جَبَلَهُ». وَٱلْكَلِمَةُ «عَدْنٌ» بِٱلْعِبْرَانِيَّةِ تَعْنِي «سُرُورًا». وَبِٱلْفِعْلِ كَانَتْ تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱسْمًا عَلَى مُسَمًّى: حَدِيقَةً مُسِرَّةً غَنِيَّةً بِٱلطَّعَامِ ٱللَّذِيذِ وَٱلْمَنَاظِرِ ٱلْخَلَّابَةِ وَٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلْمُسَالِمَةِ. — تك ١:٢٩-٣١.
٤ لِمَ مِنَ ٱلْمُنَاسِبِ أَنْ تُدْعَى جَنَّةُ عَدْنٍ فِرْدَوْسًا؟
٤ وَٱلْكَلِمَةُ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ جان (جَنَّةٌ) تُقَابِلُهَا ٱلْكَلِمَةُ ٱلْيُونَانِيَّةُ پارادِيسوس (فِرْدَوْسٌ). فَبِمَ أَوْحَتْ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَةُ ٱلْيُونَانِيَّةُ؟ بِحَسَبِ دَائِرَةِ مَعَارِفِ مَكْلِنْتُوك وَسْتْرُونْغ، تَبَادَرَتِ ٱلصُّورَةُ ٱلتَّالِيَةُ إِلَى ذِهْنِ ٱلْمُسَافِرِ ٱلْيُونَانِيِّ: «حَدِيقَةٌ وَاسِعَةٌ فَسِيحَةٌ، مَحْمِيَّةٌ مِنْ أَيِّ خَطَرٍ دُونَ ٱلْمِسَاسِ بِجَمَالِهَا ٱلطَّبِيعِيِّ، مَلِيئَةٌ بِأَشْجَارٍ ضَخْمَةٍ يَحْمِلُ مُعْظَمُهَا ثِمَارًا شَهِيَّةً، وَمَرْوِيَّةٌ بِجَدَاوِلَ صَافِيَةٍ تَرْعَى عَلَى ضِفَافِهَا قُطْعَانٌ مِنَ ٱلْغِزْلَانِ أَوِ ٱلْخِرَافِ». — قارن التكوين ٢:١٥، ١٦.
٥، ٦ كَيْفَ ضَاعَ ٱلْفِرْدَوْسُ، وَأَيُّ سُؤَالٍ يَنْشَأُ؟
٥ وَيَهْوَهُ وَضَعَ آدَمَ وَحَوَّاءَ فِي فِرْدَوْسٍ كَهٰذَا. لٰكِنَّهُمَا تَمَرَّدَا عَلَيْهِ، فَضَيَّعَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا فُرْصَةَ ٱلْعَيْشِ فِيهِ. (تك ٣:٢٣، ٢٤) وَيَبْدُو أَنَّ جَنَّةَ عَدْنٍ ظَلَّتْ مَوْجُودَةً حَتَّى ٱلطُّوفَانِ، رَغْمَ أَنَّهَا خَلَتْ مِنَ ٱلْبَشَرِ.
٦ وَمِنْ هُنَا يَنْشَأُ ٱلسُّؤَالُ: ‹هَلْ يُوجَدُ ٱلْفِرْدَوْسُ ثَانِيَةً عَلَى ٱلْأَرْضِ؟›. فَمَاذَا تَكْشِفُ ٱلْأَدِلَّةُ؟ هَلْ لَدَيْكَ أَسَاسٌ مَتِينٌ لِتَرْجُوَ ٱلْحَيَاةَ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ مَعَ أَحِبَّائِكَ؟ وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَشْرَحَ لِمَ أَنْتَ مُتَأَكِّدٌ مِنْ رَجَائِكَ؟
أَدِلَّةٌ عَلَى ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْقَادِمِ
٧، ٨ (أ) بِمَ وَعَدَ يَهْوَهُ إِبْرَاهِيمَ؟ (ب) مَاذَا ٱسْتَنْتَجَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مِنْ وَعْدِ يَهْوَهَ؟
٧ اَلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ هُوَ أَفْضَلُ مَرْجِعٍ يُخْبِرُنَا عَنِ ٱلْفِرْدَوْسِ. فَيَهْوَهُ، خَالِقُ ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْأَصْلِيِّ، أَوْحَى بِكِتَابَتِهِ. فَلْنَتَأَمَّلْ أَوَّلًا فِي مَا قَالَهُ لِصَدِيقِهِ إِبْرَاهِيمَ. فَقَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَيُكَثِّرُ نَسْلَهُ «كَٱلرَّمْلِ ٱلَّذِي عَلَى شَاطِئِ ٱلْبَحْرِ». ثُمَّ وَعَدَهُ: «تَتَبَارَكُ بِنَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ ٱلْأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي». (تك ٢٢:١٧، ١٨) وَلَاحِقًا، كَرَّرَ ٱلْوَعْدَ نَفْسَهُ عَلَى إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. — اقرإ التكوين ٢٦:٤؛ ٢٨:١٤.
٨ فَمَاذَا فَهِمَ إِبْرَاهِيمُ حِينَ قَالَ لَهُ ٱللّٰهُ إِنَّ «جَمِيعَ أُمَمِ ٱلْأَرْضِ» سَتَتَبَارَكُ؟ لَا يُشِيرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ إِطْلَاقًا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ آمَنَ بِأَنَّ ٱلْبَشَرَ سَيُكَافَأُونَ بِفِرْدَوْسٍ سَمَاوِيٍّ فِي ٱلنِّهَايَةِ. لِذَا لَا بُدَّ أَنَّهُ ٱسْتَنْتَجَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَاتِ سَتَكُونُ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَلٰكِنْ هَلْ هٰذَا هُوَ ٱلدَّلِيلُ ٱلْوَحِيدُ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَلَى فِرْدَوْسٍ أَرْضِيٍّ؟
٩، ١٠ أَيُّ وُعُودٍ تَمْنَحُنَا رَجَاءً بِفِرْدَوْسٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ؟
٩ تَنَبَّأَ دَاوُدُ لَاحِقًا بِأَنَّ «ٱلشِّرِّيرَ» سَيَزُولُ. (مز ٣٧:١، ٢، ١٠) «أَمَّا ٱلْحُلَمَاءُ فَيَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ ٱلسَّلَامِ». وَأَنْبَأَ أَنَّ «ٱلْأَبْرَارَ يَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ، وَيَسْكُنُونَهَا إِلَى ٱلْأَبَدِ». (مز ٣٧:١١، ٢٩؛ ٢ صم ٢٣:٢) فَكَيْفَ أَثَّرَتْ هٰذِهِ ٱلْوُعُودُ عَلَى مَنْ يَفْعَلُونَ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ؟ لَا شَكَّ أَنَّهَا مَنَحَتْهُمْ رَجَاءً بِأَنْ تَصِيرَ ٱلْأَرْضُ يَوْمًا مَا فِرْدَوْسًا كَجَنَّةِ عَدْنٍ، فَٱلْأَبْرَارُ فَقَطْ سَيَسْكُنُونَهَا.
١٠ وَلٰكِنْ مَعَ ٱلْوَقْتِ، أَدَارَ مُعْظَمُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ظَهْرَهُمْ لِلّٰهِ وَعِبَادَتِهِ. لِذَا سَمَحَ لِلْبَابِلِيِّينَ بِأَنْ يُخْضِعُوهُمْ، يُدَمِّرُوا أَرْضَهُمْ، وَيَسْبُوا كَثِيرِينَ مِنْهُمْ. (٢ اخ ٣٦:١٥-٢١؛ ار ٤:٢٢-٢٧) لٰكِنَّ أَنْبِيَاءَ ٱللّٰهِ ذَكَرُوا أَنَّ شَعْبَهُ سَيَرْجِعُونَ إِلَى أَرْضِهِمْ بَعْدَ ٧٠ سَنَةً. وَقَدْ تَمَّتْ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّاتُ، إِلَّا أَنَّهَا تَعْنِينَا نَحْنُ أَيْضًا. فَلْنَتَأَمَّلْ فِي بَعْضِهَا، وَنَرَ كَيْفَ تَمْنَحُنَا رَجَاءً بِفِرْدَوْسٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ عَلَى ٱلْأَرْضِ.
١١ كَيْفَ تَمَّتِ ٱلنُّبُوَّةُ فِي إِشَعْيَا ١١:٦-٩، وَأَيُّ سُؤَالٍ يَنْشَأُ؟
١١ اقرأ اشعيا ١١:٦-٩. تَنَبَّأَ ٱللّٰهُ بِوَاسِطَةِ إِشَعْيَا أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ سَيَنْعَمُونَ بِٱلسَّلَامِ عِنْدَمَا يَعُودُونَ إِلَى أَرْضِهِمْ. وَكُلُّهُمْ، كِبَارًا وَصِغَارًا، سَيَعِيشُونَ بِأَمَانٍ. فَلَنْ يَخَافُوا مِنَ ٱلنَّاسِ أَوِ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلْمُتَوَحِّشَةِ. أَفَلَا يُذَكِّرُنَا ذٰلِكَ بِٱلْأَحْوَالِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ؟ (اش ٥١:٣) لٰكِنَّ ٱلنُّبُوَّةَ ذَكَرَتْ أَيْضًا أَنَّ ٱلْأَرْضَ كُلَّهَا، لَا إِسْرَائِيلَ فَقَطْ، سَوْفَ «تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ يَهْوَهَ كَمَا تُغَطِّي ٱلْمِيَاهُ ٱلْبَحْرَ». فَمَتَى يَتَحَقَّقُ ذٰلِكَ؟ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ سَيَتِمُّ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.
١٢ (أ) أَيَّةُ بَرَكَاتٍ تَمَتَّعَ بِهَا ٱلْيَهُودُ ٱلْعَائِدُونَ؟ (ب) مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ ٱلنُّبُوَّةَ فِي إِشَعْيَا ٣٥:٥-١٠ لَهَا إِتْمَامٌ آخَرُ؟
١٢ اقرأ اشعيا ٣٥:٥-١٠. أَنْبَأَ إِشَعْيَا مُجَدَّدًا أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْعَائِدِينَ لَنْ يَتَعَرَّضُوا لِهَجَمَاتٍ مِنَ ٱلنَّاسِ أَوِ ٱلْحَيَوَانَاتِ. كَمَا أَنَّ أَرْضَهُمْ سَتُنْتِجُ بِوَفْرَةٍ لِأَنَّهَا سَتَكُونُ مَرْوِيَّةً، تَمَامًا مِثْلَ جَنَّةِ عَدْنٍ. (تك ٢:١٠-١٤؛ ار ٣١:١٢) فَهَلِ ٱقْتَصَرَ إِتْمَامُ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةِ عَلَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْعَائِدِينَ؟ لَاحِظْ أَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ ٱلْعُمْيَ وَٱلصُّمَّ وَٱلْعُرْجَ سَيُشْفَوْنَ. وَهٰذَا لَمْ يَنْطَبِقْ آنَذَاكَ. وَبِٱلتَّالِي، كَانَ ٱللّٰهُ يُشِيرُ إِلَى شِفَاءٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ لِلْأَمْرَاضِ.
١٣، ١٤ كَيْفَ تَمَّتْ إِشَعْيَا ٦٥:٢١-٢٣ حِينَ عَادَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ مِنْ بَابِلَ، وَأَيُّ تَفْصِيلٍ فِي ٱلنُّبُوَّةِ لَمْ يَتِمَّ بَعْدُ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
١٣ اقرأ اشعيا ٦٥:٢١-٢٣. عِنْدَمَا عَادَ ٱلْيَهُودُ مِنْ بَابِلَ، لَمْ تَكُنْ بِٱنْتِظَارِهِمْ بُيُوتٌ مُرِيحَةٌ، وَلَا حُقُولٌ وَكُرُومٌ مَزْرُوعَةٌ. لٰكِنَّ ٱلْأَحْوَالَ تَغَيَّرَتْ بِفَضْلِ بَرَكَةِ ٱللّٰهِ. تَخَيَّلْ كَمْ فَرِحُوا حِينَ بَنَوْا بُيُوتًا وَسَكَنُوا فِيهَا، وَغَرَسُوا أَشْجَارًا وَأَكَلُوا ثِمَارَهَا ٱللَّذِيذَةَ.
١٤ وَلٰكِنْ هُنَالِكَ تَفْصِيلٌ مُهِمٌّ فِي هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةِ: سَتَكُونُ أَيَّامُنَا «كَأَيَّامِ ٱلشَّجَرَةِ». وَبِمَا أَنَّ بَعْضَ ٱلْأَشْجَارِ تَعِيشُ آلَافَ ٱلسِّنِينَ، فَهٰذَا يَعْنِي أَنَّنَا سَنَنْعَمُ بِصِحَّةٍ تَامَّةٍ. وَكَمْ سَنَتَمَتَّعُ بِٱلْعَيْشِ فِي ظِلِّ ٱلْأَحْوَالِ ٱلَّتِي وَصَفَهَا إِشَعْيَا! فَسَيَكُونُ ذٰلِكَ فِرْدَوْسًا بِكُلِّ مَعْنَى ٱلْكَلِمَةِ. وَعِنْدَئِذٍ سَتَتِمُّ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةُ كَامِلًا.
كَيْفَ سَيَتَحَقَّقُ وَعْدُ يَسُوعَ بِخُصُوصِ ٱلْفِرْدَوْسِ؟ (اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَتَيْنِ ١٥، ١٦.)
١٥ أَيَّةُ بَرَكَاتٍ يَذْكُرُهَا سِفْرُ إِشَعْيَا؟
١٥ فَكِّرْ قَلِيلًا كَيْفَ تُشِيرُ ٱلْوُعُودُ ٱلَّتِي نَاقَشْنَاهَا إِلَى فِرْدَوْسٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ: اَلْأَرْضُ سَتَمْتَلِئُ بِأَشْخَاصٍ يُبَارِكُهُمُ ٱللّٰهُ. وَٱلْحَيَوَانَاتُ وَٱلْبَشَرُ ٱلْمُتَوَحِّشُونَ لَنْ يُشَكِّلُوا خَطَرًا عَلَى أَحَدٍ. كَمَا أَنَّ ٱلْعُمْيَ وَٱلصُّمَّ وَٱلْعُرْجَ سَيُشْفَوْنَ. وَٱلنَّاسُ سَيَتَمَتَّعُونَ بِبِنَاءِ بُيُوتٍ مُرِيحَةٍ وَزِرَاعَةِ مَحَاصِيلَ مُغَذِّيَةٍ. حَتَّى إِنَّهُمْ سَيَعِيشُونَ أَكْثَرَ مِنَ ٱلْأَشْجَارِ! وَلٰكِنْ مَاذَا لَوِ ٱلْتَقَيْتَ شَخْصًا يُشَكِّكُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّاتِ تُشِيرُ إِلَى فِرْدَوْسٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ؟ كَيْفَ تُجِيبُهُ؟ هَلْ لَدَيْكَ أَسَاسٌ مَتِينٌ لِتَرْجُوَ فِرْدَوْسًا عَلَى ٱلْأَرْضِ؟ تَجِدُ أَسَاسًا كَهٰذَا فِي كَلِمَاتٍ قَالَهَا يَسُوعُ، أَعْظَمُ إِنْسَانٍ عَاشَ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ.
‹سَتَكُونُ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ›
١٦، ١٧ مَتَى تَحَدَّثَ يَسُوعُ عَنِ ٱلْفِرْدَوْسِ؟
١٦ رَغْمَ أَنَّ يَسُوعَ كَانَ بَرِيئًا، حُكِمَ عَلَيْهِ بِٱلْمَوْتِ وَعُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ. وَعُلِّقَ مَعَهُ مُجْرِمَانِ يَهُودِيَّانِ، وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ. لٰكِنَّ أَحَدَهُمَا ٱعْتَرَفَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَنَّ يَسُوعَ مَلِكٌ، وَقَالَ لَهُ: «اُذْكُرْنِي مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». (لو ٢٣:٣٩-٤٢) فَقَطَعَ يَسُوعُ لَهُ وَعْدًا. وَهٰذَا ٱلْوَعْدُ ٱلْمُدَوَّنُ فِي لُوقَا ٢٣:٤٣ يُؤَثِّرُ فِي مُسْتَقْبَلِكَ. لٰكِنَّ ٱلْآرَاءَ تَخْتَلِفُ حَوْلَ تَرْجَمَةِ هٰذِهِ ٱلْآيَةِ. فَبَعْضُ ٱلْعُلَمَاءِ يُتَرْجِمُونَهَا: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: اَلْيَوْمَ سَتَكُونُ مَعِي فِي ٱلْفِرْدَوْسِ». فَهَلْ هٰذَا مَا قَصَدَهُ يَسُوعُ؟ إِلَامَ تُشِيرُ كَلِمَةُ «ٱلْيَوْمِ» فِي هٰذِهِ ٱلْآيَةِ؟
١٧ فِي لُغَاتٍ عَصْرِيَّةٍ كَثِيرَةٍ، تُضَافُ عَلَامَاتُ ٱلتَّرْقِيمِ، مِثْلُ ٱلْفَاصِلَةِ وَٱلنُّقْطَتَيْنِ، أَوْ تُغَيَّرُ تَرْكِيبَةُ ٱلْجُمْلَةِ لِإِيصَالِ مَعْنًى مُعَيَّنٍ. لٰكِنَّ عَلَامَاتِ ٱلتَّرْقِيمِ قَلَّمَا تُسْتَخْدَمُ فِي ٱلْمَخْطُوطَاتِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْأَقْدَمِ. وَمِنْ هُنَا يَنْشَأُ ٱلسُّؤَالُ: ‹هَلْ قَصَدَ يَسُوعُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُجْرِمِ: «أَقُولُ لَكَ: اَلْيَوْمَ سَتَكُونُ مَعِي فِي ٱلْفِرْدَوْسِ»، أَمْ «أَقُولُ لَكَ ٱلْيَوْمَ: سَتَكُونُ مَعِي فِي ٱلْفِرْدَوْسِ»؟›. تَخْتَلِفُ صِيَاغَةُ هٰذِهِ ٱلْآيَةِ مِنْ تَرْجَمَةٍ إِلَى أُخْرَى. فَٱلْمُتَرْجِمُونَ يَضَعُونَ عَلَامَاتِ ٱلتَّرْقِيمِ، أَوْ يُغَيِّرُونَ تَرْكِيبَةَ ٱلْجُمْلَةِ، حَسَبَ فَهْمِهِمْ لِقَصْدِ يَسُوعَ.
١٨، ١٩ مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَفْهَمَ قَصْدَ يَسُوعَ؟
١٨ لٰكِنَّ يَسُوعَ سَبَقَ أَنْ قَالَ لِأَتْبَاعِهِ: «يَكُونُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ فِي قَلْبِ ٱلْأَرْضِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَثَلَاثَ لَيَالٍ». وَقَالَ أَيْضًا: «مَحْتُومٌ أَنْ يُسَلَّمَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ إِلَى أَيْدِي ٱلنَّاسِ، فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ يُقَامُ». (مت ١٢:٤٠؛ ١٦:٢١؛ ١٧:٢٢، ٢٣؛ مر ١٠:٣٤) وَٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ أَكَّدَ أَنَّ هٰذَا مَا حَدَثَ. (اع ١٠:٣٩، ٤٠) وَبِٱلتَّالِي، لَمْ يَذْهَبْ يَسُوعُ إِلَى ٱلْفِرْدَوْسِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي مَاتَ فِيهِ هُوَ وَٱلْمُجْرِمُ. بَلْ ظَلَّ «فِي هَادِسَ»، أَيِ ٱلْقَبْرِ، حَتَّى أَقَامَهُ ٱللّٰهُ. — اع ٢:٣١، ٣٢. a
١٩ مِنْ هٰذَا ٱلْمُنْطَلَقِ، نَرَى أَنَّ يَسُوعَ ذَكَرَ أَوَّلًا ٱلْعِبَارَةَ «ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ ٱلْيَوْمَ»، ثُمَّ قَطَعَ وَعْدَهُ لِلْمُجْرِمِ. وَٱسْتِعْمَالُ كَلِمَةِ «ٱلْيَوْمِ» بِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ شَاعَ حَتَّى فِي أَيَّامِ مُوسَى. فَقَدْ قَالَ لِلشَّعْبِ: «لِتَكُنْ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ». — تث ٦:٦؛ ٧:١١؛ ٨:١، ١٩؛ ٣٠:١٥.
٢٠ مَاذَا يَدْعَمُ فَهْمَنَا لِكَلِمَاتِ يَسُوعَ؟
٢٠ وَتَعْلِيقًا عَلَى جَوَابِ يَسُوعَ لِلْمُجْرِمِ، قَالَ مُتَرْجِمٌ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مِنَ ٱلشَّرْقِ ٱلْأَوْسَطِ: «اَلتَّشْدِيدُ فِي هٰذِهِ ٱلْآيَةِ هُوَ عَلَى كَلِمَةِ ‹ٱلْيَوْمِ›. وَبِٱلتَّالِي ٱلنَّقْلُ ٱلصَّحِيحُ هُوَ: ‹اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ ٱلْيَوْمَ: سَتَكُونُ مَعِي فِي ٱلْفِرْدَوْسِ›. فَقَدْ قُطِعَ ٱلْوَعْدُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، وَكَانَ سَيَتِمُّ لَاحِقًا. وَهٰذَا أُسْلُوبُ تَعْبِيرٍ شَرْقِيٌّ يُشِيرُ أَنَّ ٱلْوَعْدَ قُطِعَ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ، وَأَنَّهُ سَيَتِمُّ بِٱلتَّأْكِيدِ». كَمَا تَنْقُلُ تَرْجَمَةٌ سُرْيَانِيَّةٌ مِنَ ٱلْقَرْنِ ٱلْخَامِسِ جَوَابَ يَسُوعَ كَٱلتَّالِي: «آمِينَ، أَقُولُ لَكَ ٱلْيَوْمَ إِنَّكَ سَتَكُونُ مَعِي فِي جَنَّةِ عَدْنٍ». وَهٰذَا ٱلْوَعْدُ يُشَجِّعُنَا نَحْنُ أَيْضًا.
٢١ أَيُّ ٱمْتِيَازٍ لَمْ يَنَلْهُ ٱلْمُجْرِمُ، وَلِمَاذَا؟
٢١ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، حِينَ تَحَدَّثَ يَسُوعُ مَعَ ٱلْمُجْرِمِ، لَمْ يَقْصِدْ فِرْدَوْسًا فِي ٱلسَّمَاءِ. فَٱلْمُجْرِمُ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ يَسُوعَ قَطَعَ عَهْدًا مَعَ رُسُلِهِ لِيَكُونُوا مَعَهُ فِي مَلَكُوتِهِ ٱلسَّمَاوِيِّ. (لو ٢٢:٢٩) كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدِ ٱعْتَمَدَ. (يو ٣:٣-٦، ١٢) فَلَا بُدَّ إِذًا أَنَّ يَسُوعَ أَشَارَ إِلَى فِرْدَوْسٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَبَعْدَ سَنَوَاتٍ، ذَكَرَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ رُؤْيَا عَنْ إِنْسَانٍ «ٱخْتُطِفَ إِلَى ٱلْفِرْدَوْسِ». (٢ كو ١٢:١-٤) وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلرُّسُلِ ٱلَّذِينَ ٱخْتِيرُوا لِيَحْكُمُوا مَعَ يَسُوعَ فِي ٱلسَّمَاءِ، أَشَارَ فِي هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا إِلَى فِرْدَوْسٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ. b فَهَلْ هٰذَا ٱلْفِرْدَوْسُ عَلَى ٱلْأَرْضِ؟ وَهَلْ يُمْكِنُكَ أَنْ تَعِيشَ فِيهِ؟
هَلْ يَتَحَقَّقُ هٰذَا ٱلرَّجَاءُ؟
٢٢، ٢٣ إِلَامَ تَتَطَلَّعُ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ؟
٢٢ تَذَكَّرْ أَنَّ دَاوُدَ أَنْبَأَ أَنَّ «ٱلْأَبْرَارَ يَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ». (مز ٣٧:٢٩؛ ٢ بط ٣:١٣) وَقَدْ أَشَارَ بِذٰلِكَ إِلَى وَقْتٍ يُطِيعُ فِيهِ كُلُّ ٱلْبَشَرِ عَلَى ٱلْأَرْضِ مَبَادِئَ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةَ. كَمَا تَقُولُ إِشَعْيَا ٦٥:٢٢: «كَأَيَّامِ ٱلشَّجَرَةِ تَكُونُ أَيَّامُ شَعْبِي». وَهٰذَا يَعْنِي أَنَّ ٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَ ٱللّٰهَ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ سَيَعِيشُونَ آلَافَ ٱلسِّنِينَ. فَهَلْ يَتَحَقَّقُ هٰذَا ٱلرَّجَاءُ؟ نَعَمْ. فَبِحَسَبِ ٱلرُّؤْيَا ٢١:١-٤، سَيُبَارِكُ ٱللّٰهُ ٱلْبَشَرَ. وَإِحْدَى هٰذِهِ ٱلْبَرَكَاتِ أَنَّ «ٱلْمَوْتَ لَا يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ».
٢٣ كَخُلَاصَةٍ إِذًا، أَضَاعَ آدَمُ وَحَوَّاءُ فُرْصَةَ ٱلْعَيْشِ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ. لٰكِنَّ ٱلْفِرْدَوْسَ لَمْ يَضِعْ إِلَى ٱلْأَبَدِ. فَٱللّٰهُ سَيُتَمِّمُ وَعْدَهُ بِأَنْ يُبَارِكَ ٱلنَّاسَ عَلَى ٱلْأَرْضِ. فَقَدْ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ أَنَّ ٱلْحُلَمَاءَ وَٱلْأَبْرَارَ سَيَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ وَيَعِيشُونَ عَلَيْهَا إِلَى ٱلْأَبَدِ. كَمَا أَنَّ ٱلنُّبُوَّاتِ فِي سِفْرِ إِشَعْيَا تُشَوِّقُنَا إِلَى ٱلْحَيَاةِ فِي فِرْدَوْسٍ جَمِيلٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَهٰذَا كُلُّهُ سَيَتِمُّ حِينَ يَفِي يَسُوعُ بِوَعْدِهِ لِلْمُجْرِمِ. وَأَنْتَ أَيْضًا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَكُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْفِرْدَوْسِ. وَعِنْدَئِذٍ سَيَتَحَقَّقُ مَا قَالَهُ ٱلْإِخْوَةُ لِلْمَنْدُوبِينَ ٱلْأَجَانِبِ فِي كُورْيَا: «نَرَاكُمْ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ!».
a يُعَلِّقُ ٱلْبْرُوفِسُورُ مَارْفِن بَات عَلَى لُوقَا ٢٣:٤٣، قَائِلًا: «عُمُومًا، يَرَى ٱلْعُلَمَاءُ أَنَّ كَلِمَةَ ‹ٱلْيَوْمِ› تُشِيرُ إِلَى فَتْرَةٍ طُولُهَا ٢٤ سَاعَةً. لٰكِنَّ ٱلْمُشْكِلَةَ أَنَّ رَأْيَهُمْ هٰذَا يَتَعَارَضُ بِوُضُوحٍ مَعَ تَعَالِيمَ أُخْرَى فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَهُوَ يُخْبِرُ أَنَّ يَسُوعَ بَعْدَ مَوْتِهِ ‹نَزَلَ› أَوَّلًا إِلَى هَادِسَ (مت ١٢:٤٠؛ اع ٢:٣١؛ رو ١٠:٧)، وَلَاحِقًا صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ».
b اُنْظُرْ «أَسْئِلَةٌ مِنَ ٱلْقُرَّاءِ» فِي هٰذَا ٱلْعَدَدِ.