الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

قِصَّةُ حَيَاةٍ

‏‹يهوه احسن الينا›‏

‏‹يهوه احسن الينا›‏

مَا إِنْ دَخَلْنَا أَنَا وَزَوْجَتِي دَانْيِيل إِلَى ٱلْفُنْدُقِ حَتَّى طَلَبَتْ مِنِّي عَامِلَةُ ٱلِٱسْتِقْبَالِ أَنْ أَتَّصِلَ بِشُرْطَةِ ٱلْحُدُودِ.‏ فَقَبْلَ سَاعَاتٍ قَلِيلَةٍ،‏ وَصَلْنَا إِلَى ٱلْغَابُون فِي إِفْرِيقْيَا ٱلْغَرْبِيَّةِ حَيْثُ كَانَ عَمَلُنَا تَحْتَ ٱلْحَظْرِ.‏

حِينَ سَمِعَتْ دَانْيِيل كَلَامَ ٱلْمُوَظَّفَةِ،‏ هَمَسَتْ فِي أُذُنِي:‏ «لَا دَاعِيَ أَنْ تَتَّصِلَ بِهِمْ.‏ لَقَدْ وَصَلُوا».‏ وَبَعْدَ دَقَائِقَ،‏ ٱعْتَقَلَنَا ٱلْجُنُودُ.‏ وَلٰكِنْ بِفَضْلِ دِقَّةِ مُلَاحَظَةِ دَانْيِيلَ،‏ ٱسْتَطَعْتُ أَنْ أُعْطِيَ أَخًا بَعْضَ ٱلْمُسْتَنَدَاتِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِعَمَلِنَا.‏

فِي طَرِيقِنَا إِلَى مَرْكَزِ ٱلشُّرْطَةِ،‏ شَكَرْتُ يَهْوَهَ عَلَى زَوْجَتِي ٱلشُّجَاعَةِ وَٱلرُّوحِيَّةِ.‏ وَمَا حَصَلَ كَانَ وَاحِدَةً مِنْ حَوَادِثَ كَثِيرَةٍ تَعَاوَنَّا فِيهَا مَعًا.‏ سَأُخْبِرُكُمُ ٱلْآنَ لِمَاذَا زُرْنَا بُلْدَانًا تَحْتَ ٱلْحَظْرِ.‏

يَهْوَهُ فَتَحَ عَيْنَيَّ

وُلِدْتُ عَامَ ١٩٣٠ فِي عَائِلَةٍ كَاثُولِيكِيَّةٍ مُتَشَدِّدَةٍ فِي بَلْدَةِ كْرْوَا شَمَالَ فَرَنْسَا.‏ فَأَبِي كَانَ نَاشِطًا فِي ٱلْكَنِيسَةِ وَحَضَرْنَا ٱلْقُدَّاسَ كُلَّ أُسْبُوعٍ.‏ لٰكِنَّ مَا حَصَلَ وَأَنَا بِعُمْرِ ١٤ سَنَةً تَقْرِيبًا فَتَحَ عَيْنَيَّ عَلَى رِيَاءِ رِجَالِ ٱلدِّينِ.‏

فَخِلَالَ ٱلْحَرْبِ ٱلْعَالَمِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ،‏ ٱحْتَلَّتِ ٱلْقُوَّاتُ ٱلْأَلْمَانِيَّةُ فَرَنْسَا.‏ وَكَانَ ٱلْقَسُّ يَدْعُونَا فِي عِظَاتِهِ أَنْ نَدْعَمَ حُكُومَةَ فِيشِي ٱلْمُؤَيِّدَةَ لِلنَّازِيِّينَ.‏ إِلَّا أَنَّنَا،‏ مِثْلَ فَرَنْسِيِّينَ كَثِيرِينَ،‏ كُنَّا نَسْتَمِعُ بِٱلسِّرِّ إِلَى أَخْبَارِ ٱلْحُلَفَاءِ عَبْرَ إِذَاعَةِ ٱلْـ‍ BBC.‏ وَلٰكِنْ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ ٱلْحُلَفَاءُ فِي أَيْلُولَ (‏سِبْتَمْبِر)‏ ١٩٤٤،‏ غَيَّرَ ٱلْقَسُّ فَوْرًا ٱنْتِمَاءَهُ ٱلسِّيَاسِيَّ وَدَعَا إِلَى قُدَّاسِ شُكْرٍ لِلِٱحْتِفَالِ بِتَقَدُّمِهِمْ.‏ فَتَفَاجَأْتُ كَثِيرًا وَفَقَدْتُ ثِقَتِي بِرِجَالِ ٱلدِّينِ.‏

تُوُفِّيَ أَبِي بَعْدَ ٱلْحَرْبِ.‏ وَكَانَتْ أُخْتِي ٱلْكُبْرَى سِيمُون قَدْ تَزَوَّجَتْ وَٱنْتَقَلَتْ إِلَى بَلْجِيكَا.‏ فَصِرْتُ مَسْؤُولًا عَنْ أُمِّي وَتَوَظَّفْتُ فِي مَعْمَلِ أَقْمِشَةٍ.‏ وَكَانَ رَبُّ عَمَلِي وَأَوْلَادُهُ كَاثُولِيكِيِّينَ مُلْتَزِمِينَ.‏ وَمَعَ أَنَّ مُسْتَقْبَلِي كَانَ مَضْمُونًا مَعَهُمْ،‏ وَاجَهْتُ ٱمْتِحَانًا هَدَّدَ عَمَلِي.‏

فَعَامَ ١٩٥٣ زَارَتْنَا أُخْتِي سِيمُونُ،‏ ٱلَّتِي أَصْبَحَتْ شَاهِدَةً لِيَهْوَهَ.‏ وَٱسْتَعْمَلَتْ كِتَابَهَا ٱلْمُقَدَّسَ بِمَهَارَةٍ لِتَدْحَضَ ٱلتَّعَالِيمَ ٱلْبَاطِلَةَ فِي ٱلْكَنِيسَةِ ٱلْكَاثُولِيكِيَّةِ،‏ كَنَارِ جَهَنَّمَ وَٱلثَّالُوثِ وَخُلُودِ ٱلنَّفْسِ.‏ فِي ٱلْبِدَايَةِ،‏ لَمْ أَقْتَنِعْ بِمَا قَالَتْهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَسْتَعْمِلِ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ ٱلْكَاثُولِيكِيَّ.‏ لٰكِنْ سُرْعَانَ مَا عَرَفْتُ أَنَّ مَا تَقُولُهُ صَحِيحٌ.‏ وَلَاحِقًا،‏ أَحْضَرَتْ إِلَيَّ أَعْدَادًا قَدِيمَةً مِنْ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ.‏ فَقَرَأْتُهَا كُلَّهَا وَمَيَّزْتُ بِسُرْعَةٍ أَنَّ هٰذَا هُوَ ٱلْحَقُّ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَمْ آخُذْ مَوْقِفًا لِأَنِّي خِفْتُ أَنْ أَخْسَرَ وَظِيفَتِي.‏

وَطَوَالَ أَشْهُرٍ،‏ دَرَسْتُ وَحْدِي ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ وَ بُرْجَ ٱلْمُرَاقَبَةِ.‏ وَفِي ٱلنِّهَايَةِ،‏ قَرَّرْتُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى قَاعَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَتَأَثَّرْتُ كَثِيرًا بِمَحَبَّةِ ٱلْإِخْوَةِ.‏ ثُمَّ دَرَسْتُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ ٦ أَشْهُرٍ مَعَ أَخٍ لَدَيْهِ خِبْرَةٌ،‏ وَٱعْتَمَدْتُ فِي أَيْلُولَ (‏سِبْتَمْبِر)‏ ١٩٥٤.‏ وَفَرِحْتُ مِنْ كُلِّ قَلْبِي عِنْدَمَا ٱعْتَمَدَتْ أُمِّي وَأُخْتِي ٱلصُّغْرَى بَعْدَ وَقْتٍ قَصِيرٍ.‏

يَهْوَهُ دَعَمَنَا فِي ٱلْخِدْمَةِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ

لِلْأَسَفِ،‏ مَاتَتْ أُمِّي قَبْلَ أَسَابِيعَ مِنْ مَحْفِلٍ أُمَمِيٍّ حَضَرْتُهُ فِي نْيُويُورْك عَامَ ١٩٥٨.‏ وَعِنْدَ عَوْدَتِي،‏ لَمْ يَكُنْ لَدَيَّ ٱلْتِزَامَاتٌ عَائِلِيَّةٌ.‏ فَتَرَكْتُ وَظِيفَتِي وَبَدَأْتُ بِخِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ.‏ وَفِي أَيَّارَ (‏مَايُو)‏ ١٩٥٩،‏ تَزَوَّجْتُ فَاتِحَةً غَيُورَةً ٱسْمُهَا دَانْيِيل دُلِي.‏

كَانَتْ دَانْيِيل قَدْ بَدَأَتْ بِٱلْخِدْمَةِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ فِي بْرِيتَانِي بَعِيدًا عَنْ مَنْزِلِهَا.‏ وَفِي تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ ٱلْكَاثُولِيكِيَّةِ،‏ ٱحْتَاجَتْ إِلَى ٱلشَّجَاعَةِ كَيْ تُبَشِّرَ وَتَتَنَقَّلَ عَلَى دَرَّاجَتِهَا فِي ٱلْمُقَاطَعَاتِ ٱلرِّيفِيَّةِ.‏ وَمِثْلِي تَمَامًا،‏ دَفَعَهَا شُعُورُهَا بِٱلْإِلْحَاحِ أَلَّا تَسْتَسْلِمَ.‏ (‏مت ٢٥:‏١٣‏)‏ وَرُوحُ ٱلتَّضْحِيَةِ لَدَيْهَا سَاعَدَتْنَا أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي خِدْمَتِنَا رَغْمَ ٱلصُّعُوبَاتِ.‏

بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ زَوَاجِنَا،‏ عُيِّنَّا فِي ٱلْعَمَلِ ٱلدَّائِرِيِّ.‏ وَٱعْتَدْنَا مَعَ ٱلْوَقْتِ عَلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلْبَسِيطَةِ.‏ فَأَوَّلُ جَمَاعَةٍ زُرْنَاهَا تَأَلَّفَتْ مِنْ ١٤ نَاشِرًا.‏ وَلَمْ يَقْدِرْ أَيٌّ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَضِيفَنَا.‏ فَنِمْنَا عَلَى ٱلْمِنْبَرِ فِي قَاعَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ ذٰلِكَ لَمْ يَكُنْ مُرِيحًا،‏ لٰكِنَّنَا لَا نُنْكِرُ أَنَّهُ مُفِيدٌ لِلظَّهْرِ.‏

زُرْنَا ٱلْجَمَاعَاتِ بِسَيَّارَتِنَا ٱلصَّغِيرَةِ

تَأَقْلَمَتْ دَانْيِيل مَعَ بَرْنَامَجِنَا ٱلْمَضْغُوطِ.‏ فَغَالِبًا مَا ٱنْتَظَرَتْنِي فِي ٱلسَّيَّارَةِ كَيْ أُنْهِيَ ٱجْتِمَاعًا طَارِئًا مَعَ ٱلشُّيُوخِ.‏ لٰكِنَّهَا لَمْ تَتَشَكَّ بَتَاتًا.‏ لَقَدْ أَمْضَيْنَا سَنَتَيْنِ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلدَّائِرِيِّ تَعَلَّمْنَا خِلَالَهُمَا أَهَمِّيَّةَ ٱلصَّرَاحَةِ وَٱلتَّعَاوُنِ بَيْنَ ٱلزَّوْجَيْنِ.‏ —‏ جا ٤:‏٩‏.‏

تَعْيِينَاتٌ مُفْرِحَةٌ

عَامَ ١٩٦٢،‏ دُعِينَا إِلَى بْرُوكْلِين،‏ نْيُويُورْك،‏ لِنَحْضُرَ ٱلصَّفَّ ٱلـ‍ ٣٧ مِنْ مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ ٱلَّذِي دَامَ ١٠ أَشْهُرٍ.‏ وَمِنْ بَيْنِ ١٠٠ تِلْمِيذٍ،‏ كَانَ هُنَاكَ ٢٦ زَوْجًا وَزَوْجَةً فَقَطْ.‏ فَفَرِحْنَا أَنَا وَدَانْيِيل أَنْ نَكُونَ بَيْنَهُمْ.‏ وَلَنْ أَنْسَى أَبَدًا تِلْكَ ٱلْأَيَّامَ ٱلْحُلْوَةَ مَعَ أَعْمِدَةٍ فِي ٱلْحَقِّ مِثْلِ فْرِدْرِيك فْرَانْز،‏ يُولِيسِيز غْلَاس،‏ وَأَلِكْسَنْدَر ه‍.‏ مَاكْمِيلَان.‏

كُنَّا سَعِيدَيْنِ جِدًّا بِحُضُورِ مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ مَعًا

وَخِلَالَ تَدْرِيبِنَا،‏ شَجَّعَنَا ٱلْإِخْوَةُ أَنْ نُنَمِّيَ دِقَّةَ ٱلْمُلَاحَظَةِ.‏ فَبَعْدَ ٱلصَّفِّ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ،‏ كُنَّا نَزُورُ أَحْيَانًا ٱلْأَمَاكِنَ ٱلْمُهِمَّةَ فِي نْيُويُورْك،‏ وَنُقَدِّمُ يَوْمَ ٱلْإِثْنَيْنِ مُرَاجَعَةً خَطِّيَّةً حَوْلَ مَا رَأَيْنَاهُ.‏ وَغَالِبًا مَا عُدْنَا ٱلسَّبْتَ مَسَاءً مُنْهَكَيْنِ مِنَ ٱلتَّعَبِ.‏ لٰكِنَّ دَلِيلَنَا ٱلسِّيَاحِيَّ،‏ وَهُوَ خَادِمٌ فِي بَيْتَ إِيلَ،‏ كَانَ يَطْرَحُ عَلَيْنَا أَسْئِلَةً لِيُذَكِّرَنَا بِٱلْمَعْلُومَاتِ.‏ وَذَاتَ مَرَّةٍ،‏ مَشَيْنَا كُلَّ بَعْدَ ٱلظُّهْرِ فِي ٱلْمَدِينَةِ.‏ فَزُرْنَا مَرْصَدًا وَعَرَفْنَا ٱلْفَرْقَ بَيْنَ ٱلشُّهُبِ وَٱلنَّيَازِكِ.‏ وَذَهَبْنَا أَيْضًا إِلَى «ٱلْمَتْحَفِ ٱلْأَمِيرْكِيِّ لِلتَّارِيخِ ٱلطَّبِيعِيِّ» وَتَعَلَّمْنَا ٱلْفَرْقَ بَيْنَ ٱلْقَاطُورِ وَٱلتِّمْسَاحِ.‏ وَبَعْدَ عَوْدَتِنَا،‏ سَأَلَنَا ٱلدَّلِيلُ:‏ «إِذًا مَا ٱلْفَرْقُ بَيْنَ ٱلشُّهُبِ وَٱلنَّيَازِكِ؟‏».‏ فَأَجَابَتْهُ دَانْيِيل وَهِيَ مُتْعَبَةٌ جِدًّا:‏ «اَلنَّيَازِكُ أَسْنَانُهَا أَطْوَلُ!‏».‏

فَرِحْنَا بِزِيَارَةِ إِخْوَتِنَا ٱلْأُمَنَاءِ فِي إِفْرِيقْيَا

تَفَاجَأْنَا كَثِيرًا عِنْدَمَا عُيِّنَّا فِي فَرْعِ فَرَنْسَا.‏ وَخَدَمْنَا هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ ٥٣ سَنَةً.‏ وَعَامَ ١٩٧٦،‏ عُيِّنْتُ مُنَسِّقًا لِلَجْنَةِ ٱلْفَرْعِ.‏ وَطُلِبَ مِنِّي أَنْ أَزُورَ بُلْدَانًا تَحْتَ ٱلْحَظْرِ فِي إِفْرِيقْيَا وَٱلشَّرْقِ ٱلْأَوْسَطِ.‏ وَخِلَالَ زِيَارَتِنَا إِلَى ٱلْغَابُون،‏ حَصَلَ مَا ذَكَرْتُهُ فِي ٱلْبِدَايَةِ.‏ بِصَرَاحَةٍ،‏ لَمْ أَشْعُرْ دَائِمًا أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ بِهٰذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ.‏ لٰكِنَّ دَانْيِيل كَانَتْ عَوْنًا لِي وَسَاعَدَتْنِي فِي ٱلْكَثِيرِ مِنْ تَعْيِينَاتِي.‏

حِينَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ خِطَابًا لِلْأَخِ ثِيُودُور جَارِس فِي مَحْفِلِ «ٱلْعَدْلِ ٱلْإِلٰهِيِّ» فِي بَارِيس عَامَ ١٩٨٨

مِحْنَةٌ قَاسِيَةٌ

أَحْبَبْنَا خِدْمَتَنَا فِي بَيْتَ إِيلَ.‏ فَدَانْيِيل أَصْبَحَتْ مُتَرْجِمَةً مَاهِرَةً بَعْدَمَا تَعَلَّمَتِ ٱلْإِنْكِلِيزِيَّةَ لِتَحْضُرَ جِلْعَادَ.‏ وَٱلْخِدْمَةُ فِي ٱلْجَمَاعَةِ زَادَتْ فَرَحَنَا أَيْضًا.‏ فَلَنْ أَنْسَى ٱلْأُمْسِيَاتِ ٱلَّتِي عُدْنَا فِيهَا بِٱلْمِتْرُو تَعِبَيْنِ وَلٰكِنْ نَطِيرُ فَرَحًا لِأَنَّنَا عَقَدْنَا دُرُوسًا مُتَقَدِّمَةً.‏ إِلَّا أَنَّ تَغْيِيرًا مُفَاجِئًا فِي صِحَّةِ دَانْيِيل حَدَّ مِنْ نَشَاطِهَا.‏

فَعَامَ ١٩٩٣،‏ شُخِّصَ أَنَّهَا مُصَابَةٌ بِسَرَطَانِ ٱلثَّدْيِ.‏ وَكَانَ ٱلْعِلَاجُ قَاسِيًا جِدًّا.‏ فَقَدْ شَمَلَ جِرَاحَةً وَعِلَاجًا كِيمْيَائِيًّا قَوِيًّا.‏ وَبَعْدَ ١٥ سَنَةً،‏ أُصِيبَتْ بِٱلسَّرَطَانِ مُجَدَّدًا.‏ وَلٰكِنْ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ كَانَ أَصْعَبَ بِكَثِيرٍ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ كَانَتْ تَقُومُ بِتَعْيِينِهَا عِنْدَمَا يَسْمَحُ وَضْعُهَا.‏

وَرَغْمَ مُعَانَاتِهَا،‏ لَمْ نُفَكِّرْ أَنْ نَتْرُكَ بَيْتَ إِيلَ.‏ لٰكِنَّ ٱلْبَقَاءَ هُنَاكَ لَهُ تَحَدِّيَاتُهُ،‏ خَاصَّةً إِذَا لَمْ يَعْرِفِ ٱلْآخَرُونَ مَدَى صُعُوبَةِ ٱلْوَضْعِ.‏ (‏ام ١٤:‏١٣‏)‏ وَمَعَ أَنَّ دَانْيِيل كَانَتْ مَرِيضَةً وَفِي أَوَاخِرِ سَبْعِينِيَّاتِهَا،‏ لَمْ تَفْقِدْ جَمَالَهَا وَأَنَاقَتَهَا.‏ وَبَدَلَ أَنْ تُشْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا،‏ دَعَمَتِ ٱلْآخَرِينَ بِٱلْإِصْغَاءِ إِلَيْهِمْ.‏ (‏ام ١٧:‏١٧‏)‏ كَمَا سَاعَدَتْ أَخَوَاتٍ كَثِيرَاتٍ أَلَّا يَخَفْنَ مِنَ ٱلسَّرَطَانِ.‏

وَحِينَ لَمْ تَعُدْ قَادِرَةً أَنْ تَعْمَلَ بِدَوَامٍ كَامِلٍ،‏ صَمَّمَتْ أَنْ تَدْعَمَنِي بِطُرُقٍ أُخْرَى.‏ فَكُلَّ يَوْمٍ وَقْتَ ٱلْغَدَاءِ،‏ كَانَتْ تُجَهِّزُ ٱلْأُمُورَ كَيْ نَأْكُلَ مَعًا فِي ٱلْغُرْفَةِ وَنَرْتَاحَ قَلِيلًا.‏ وَبِفَضْلِ مُسَاعَدَتِهَا،‏ خَدَمْتُ مُنَسِّقًا لِلَجْنَةِ ٱلْفَرْعِ طَوَالَ ٣٧ سَنَةً.‏ —‏ ام ١٨:‏٢٢‏.‏

اَلتَّعَايُشُ مَعَ ٱلْمَرَضِ

كَانَتْ دَانْيِيلُ ٱمْرَأَةً إِيجَابِيَّةً تُحِبُّ ٱلْحَيَاةَ.‏ لٰكِنْ بَعْدَ فَتْرَةٍ،‏ شُخِّصَ لِلْمَرَّةِ ٱلثَّالِثَةِ أَنَّهَا مُصَابَةٌ بِٱلسَّرَطَانِ.‏ فَشَعَرْنَا أَنَّنَا عَاجِزَانِ تَمَامًا.‏ وَٱلْعِلَاجُ ٱلْكِيمْيَائِيُّ وَبِٱلْأَشِعَّةِ أَتْعَبَهَا كَثِيرًا حَتَّى إِنَّهَا أَحْيَانًا لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَمْشِيَ.‏ وَكَانَ قَلْبِي يَتَمَزَّقُ كُلَّمَا رَأَيْتُ حَبِيبَتِي،‏ تِلْكَ ٱلْمُتَرْجِمَةَ ٱلْمَاهِرَةَ،‏ تُجَاهِدُ لِتَجِدَ كَلِمَاتِهَا .‏ .‏ .‏

وَمَعَ أَنَّنَا كُنَّا مُسْتَنْزَفَيْنِ،‏ دَاوَمْنَا عَلَى ٱلصَّلَاةِ وَاثِقَيْنِ أَنَّ يَهْوَهَ لَنْ يَسْمَحَ أَنْ نَتَأَلَّمَ فَوْقَ طَاقَتِنَا.‏ (‏١ كو ١٠:‏١٣‏)‏ وَحَاوَلْنَا أَنْ نُبْقِيَ فِي بَالِنَا أَنَّ يَهْوَهَ يَدْعَمُنَا بِوَاسِطَةِ كَلِمَتِهِ،‏ ٱلْفَرِيقِ ٱلطِّبِّيِّ فِي بَيْتَ إِيلَ،‏ وَعَائِلَتِنَا ٱلرُّوحِيَّةِ ٱلْمُحِبَّةِ.‏

وَغَالِبًا مَا طَلَبْنَا مِنْ يَهْوَهَ أَنْ يُوَجِّهَنَا كَيْ نَخْتَارَ ٱلْعِلَاجَ ٱلْمُنَاسِبَ.‏ فَفِي إِحْدَى ٱلْمَرَاحِلِ،‏ بَقِيَتْ دَانْيِيل دُونَ عِلَاجٍ.‏ فَٱلطَّبِيبُ ٱلَّذِي تَابَعَهَا طَوَالَ ٢٣ سَنَةً لَمْ يَعْلَمْ لِمَاذَا كَانَتْ تَفْقِدُ وَعْيَهَا بَعْدَ كُلِّ جَلْسَةٍ كِيمْيَائِيَّةٍ.‏ وَلَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ بَدِيلٌ.‏ فَشَعَرْنَا أَنَّنَا وَحِيدَانِ وَلَمْ نَعْرِفْ مَا ٱلْعَمَلُ.‏ لٰكِنَّ طَبِيبًا آخَرَ وَافَقَ أَنْ يُعَالِجَهَا.‏ فَشَعَرْنَا أَنَّ يَهْوَهَ هَيَّأَ لَنَا ٱلْمَنْفَذَ.‏

وَقَدْ تَعَلَّمْنَا أَلَّا نَحْمِلَ هَمَّ ٱلْغَدِ.‏ فَيَسُوعُ قَالَ:‏ «يَكْفِي كُلَّ يَوْمٍ مَا فِيهِ مِنْ سُوءٍ».‏ (‏مت ٦:‏٣٤‏)‏ كَمَا أَنَّ ٱلْمَوْقِفَ ٱلْإِيجَابِيَّ وَٱلرُّوحَ ٱلْمَرِحَةَ سَاعَدَانَا كَثِيرًا.‏ فَعِنْدَمَا بَقِيَتْ دَانْيِيل شَهْرَيْنِ دُونَ عِلَاجٍ،‏ قَالَتْ لِي مُبْتَسِمَةً:‏ «أَشْعُرُ أَنِّي فِي أَحْسَنِ حَالَاتِي!‏».‏ (‏ام ١٧:‏٢٢‏)‏ وَرَغْمَ وَجَعِهَا،‏ كَانَتْ تَفْرَحُ بِٱلتَّمَرُّنِ بِصَوْتٍ عَالٍ عَلَى ٱلتَّرَانِيمِ ٱلْجَدِيدَةِ.‏

وَخِلَالَ سَنَوَاتِ زَوَاجِنَا ٱلـ‍ ٥٧،‏ كَانَتْ دَانْيِيل تَهْتَمُّ بِكُلِّ حَاجَاتِي.‏ حَتَّى إِنَّهَا لَمْ تُعَلِّمْنِي كَيْفَ أَقْلِي بَيْضَةً!‏ لِذَا عِنْدَمَا سَاءَ وَضْعُهَا جِدًّا،‏ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَجْلِيَ وَأَغْسِلَ وَأَطْبُخَ.‏ صَحِيحٌ أَنِّي كَسَرْتُ بَعْضَ ٱلْأَكْوَابِ،‏ لٰكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أَقُومَ بِهٰذِهِ ٱلْأُمُورِ مِنْ أَجْلِهَا.‏ a

يَهْوَهُ غَمَرَنِي بِمَحَبَّتِهِ

تَعَلَّمْتُ ٱلْكَثِيرَ مِمَّا عَانَيْنَاهُ بِسَبَبِ ٱلْمَرَضِ وَٱلتَّقَدُّمِ فِي ٱلْعُمْرِ.‏ فَلَا يَجِبُ أَنْ نَنْشَغِلَ فَوْقَ ٱللُّزُومِ وَنَنْسَى رَفِيقَ زَوَاجِنَا،‏ بَلْ لِنُمْضِ أَوْقَاتًا حُلْوَةً مَعًا مَا دَامَتْ صِحَّتُنَا تَسْمَحُ بِذٰلِكَ.‏ (‏جا ٩:‏٩‏)‏ وَلَا يَجِبُ أَنْ نَحْمِلَ هَمَّ ٱلْأُمُورِ ٱلثَّانَوِيَّةِ،‏ وَإِلَّا فَسَنَنْسَى ٱلْبَرَكَاتِ ٱلْكَثِيرَةَ ٱلَّتِي نَنْعَمُ بِهَا كُلَّ يَوْمٍ.‏ —‏ ام ١٥:‏١٥‏.‏

عِنْدَمَا أُفَكِّرُ فِي ٱلسَّنَوَاتِ ٱلَّتِي أَمْضَيْنَاهَا فِي ٱلْخِدْمَةِ،‏ أَرَى أَنَّ يَهْوَهَ بَارَكَنَا أَكْثَرَ مِمَّا كُنَّا نَتَخَيَّلُ.‏ فَأَنَا أَشْعُرُ كَمَا شَعَرَ صَاحِبُ ٱلْمَزْمُورِ ٱلَّذِي قَالَ:‏ ‹يَهْوَهُ أَحْسَنَ إِلَيَّ›.‏ —‏ مز ١١٦:‏٧‏.‏

a فِيمَا كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ تُعَدُّ لِلنَّشْرِ،‏ مَاتَتِ ٱلْأُخْتُ دَانْيِيل بُوكَايِير عَنْ عُمْرِ ٧٨ سَنَةً.‏