الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

مقالة الدرس ٤٨

التَّرنيمَة ٩٧ الحَياةُ تَعتَمِدُ على كَلِمَةِ اللّٰه

حين أمَّن يسوع الخبز بعجيبة

حين أمَّن يسوع الخبز بعجيبة

‏«أنا هو خُبزُ الحَياة.‏ مَن يَأتي إلَيَّ لن يَجوعَ أبَدًا».‏ —‏ يو ٦:‏٣٥‏.‏

الفِكرَةُ الرَّئيسِيَّة

سنُناقِشُ القِصَّةَ في يُوحَنَّا الفَصل ٦ الَّتي تُخبِرُنا كَيفَ عَمِلَ يَسُوع عَجيبَةً وأمَّنَ الخُبزَ والسَّمَكَ لِجَمعٍ كَبير،‏ وسَنَتَعَلَّمُ دُروسًا مِن هذهِ القِصَّة.‏

١ لِأيِّ دَرَجَةٍ كانَ الخُبزُ مُهِمًّا في زَمَنِ الكِتابِ المُقَدَّس؟‏

 الخُبزُ كانَ طَعامًا أساسِيًّا لِكَثيرينَ في زَمَنِ الكِتابِ المُقَدَّس.‏ (‏تك ١٤:‏١٨؛‏ لو ٤:‏٤‏)‏ وفي الحَقيقَة،‏ كانَ الخُبزُ مُهِمًّا لِدَرَجَةِ أنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ استَعمَلَ أحيانًا كَلِمَةَ «خُبزٍ» لِيَقصِدَ الطَّعامَ عُمومًا.‏ (‏مت ٦:‏١١؛‏ يو ١٣:‏١٨‏)‏ كما أنَّ الخُبزَ كانَ شَيئًا رَئيسِيًّا في عَجيبَتَيْنِ مَشهورَتَيْن عَمِلَهُما يَسُوع.‏ (‏مت ١٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ ونَقرَأُ عن واحِدَةٍ مِن هاتَيْنِ العَجيبَتَيْنِ في يُوحَنَّا الفَصل ٦‏.‏ فيما نُراجِعُ هذِهِ القِصَّة،‏ سنَبحَثُ عن دُروسٍ نُطَبِّقُها اليَوم.‏

٢ في أيِّ ظَرفٍ نَشَأتِ الحاجَةُ إلى الطَّعام؟‏

٢ بَعدَما أنْهى رُسُلُ يَسُوع جَولَةَ تَبشير،‏ أخَذَهُم يَسُوع في مَركَبٍ عَبْرَ بُحَيرَةِ الجَلِيل كَي يَرتاحوا قَليلًا.‏ (‏مر ٦:‏٧،‏ ٣٠-‏٣٢؛‏ لو ٩:‏١٠‏)‏ فوَصَلوا إلى مَكانٍ مُنعَزِلٍ في مِنطَقَةِ بَيْت صَيْدَا.‏ ولكنْ بَعدَ وَقتٍ قَصير،‏ وَصَلَ أيضًا أُلوفُ النَّاسِ وتَجَمَّعوا حَولَهُم.‏ فلم يَتَجاهَلْهُم يَسُوع،‏ بل بِكُلِّ لُطفٍ أعْطاهُم مِن وَقتِهِ وراحَ يُعَلِّمُهُم عن مَملَكَةِ اللّٰهِ ويَشْفي المَرْضى بَينَهُم.‏ ولمَّا بَدَأَ اللَّيلُ يَقتَرِب،‏ تَساءَلَ التَّلاميذُ مِن أينَ سيَحصُلُ كُلُّ هذا الجَمعِ على شَيءٍ يَأكُلونَه.‏ صَحيحٌ أنَّ عَدَدًا مِن هؤُلاءِ النَّاسِ رُبَّما كانَ لَدَيهِم بَعضُ الطَّعام،‏ لكنَّ الأغلَبِيَّةَ لَزِمَ أن يَذهَبوا إلى القُرى ويَشتَروا شَيئًا.‏ (‏مت ١٤:‏١٥؛‏ يو ٦:‏٤،‏ ٥‏)‏ فماذا فَعَلَ يَسُوع؟‏

يَسُوع يَعمَلُ عَجيبَةً ويُؤَمِّنُ الخُبز

٣ ماذا فَعَلَ يَسُوع لِيُؤَمِّنَ حاجَةَ الجَمع؟‏ (‏أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.‏)‏

٣ قالَ يَسُوع لِرُسُلِه:‏ «لا داعي أن يَذهَبوا.‏ أَعْطوهُم أنتُم شَيئًا يَأكُلونَه».‏ (‏مت ١٤:‏١٦‏)‏ لكنَّ هذا بَدا مُستَحيلًا.‏ فقد كانَ هُناك حَوالَيْ ٠٠٠‏,٥ رَجُل.‏ وإذا حَسَبنا النِّساءَ والأوْلاد،‏ فهذا يَعْني أنَّهُ رُبَّما كانَ هُناك ٠٠٠‏,١٥ شَخصٍ بِحاجَةٍ إلى طَعام.‏ (‏مت ١٤:‏٢١‏)‏ فقالَ أَنْدرَاوُس:‏ «يوجَدُ هُنا صَبِيٌّ صَغيرٌ معهُ خَمسَةُ أرغِفَةٍ مِن شَعيرٍ وسَمَكَتانِ صَغيرَتان.‏ ولكنْ كَيفَ ستَكْفي هذِه لِكُلِّ هؤُلاءِ النَّاس؟‏».‏ (‏يو ٦:‏٩‏)‏ كانَ الخُبزُ المَصنوعُ مِن شَعيرٍ طَعامَ الفُقَراءِ والنَّاسِ عُمومًا،‏ ورُبَّما كانَتِ السَّمَكَتانِ الصَّغيرَتانِ مُمَلَّحَتَيْنِ ومُجَفَّفَتَيْن.‏ ولكنْ بِالتَّأكيد،‏ لم تَكُنْ هذِهِ الكَمِّيَّةُ كافِيَةً لِإطعامِ كُلِّ تِلكَ الأفواهِ الجائِعَة!‏

أمَّن يسوع حاجات الناس،‏ الروحية والجسدية على السواء (‏أُنظر الفقرة ٣.‏)‏


٤ ماذا نَتَعَلَّمُ مِن يُوحَنَّا ٦:‏١١-‏١٣‏؟‏ (‏أُنظُرْ أيضًا الصُّوَر.‏)‏

٤ أرادَ يَسُوع أن يُظهِرَ الضِّيافَةَ لِلجَمع،‏ فطَلَبَ مِنهُم أن يَجلِسوا في مَجموعاتٍ على العُشب.‏ (‏مر ٦:‏٣٩،‏ ٤٠‏؛‏ إقرأ يوحنا ٦:‏١١-‏١٣‏.‏)‏ ونَقرَأُ بَعدَ ذلِك أنَّ يَسُوع شَكَرَ أباهُ على الخُبزِ والسَّمَكَتَيْن.‏ وما فَعَلَهُ مُناسِبٌ تَمامًا لِأنَّ اللّٰهَ كانَ في الحَقيقَةِ مَصدَرَ الطَّعام.‏ وهذا تَذكيرٌ جَيِّدٌ لنا اليَومَ أن نَتبَعَ مِثالَ يَسُوع ونُصَلِّيَ قَبلَ أن نَأكُل،‏ سَواءٌ كُنَّا وَحْدَنا أو كانَ حَولَنا أشخاصٌ آخَرون.‏ بَعدَ ذلِك،‏ طَلَبَ يَسُوع مِنَ التَّلاميذِ أن يُوَزِّعوا الطَّعام.‏ فأكَلَ الكُلُّ وشَبِعوا،‏ وبَقِيَ أيضًا الكَثيرُ مِنَ الطَّعام.‏ فلم يُرِدْ يَسُوع أن يَذهَبَ هذا الأكلُ هَدرًا.‏ لِذلِك طَلَبَ أن يُجمَعَ ما فَضَل،‏ رُبَّما لِيُؤْكَلَ لاحِقًا.‏ وهكَذا رَسَمَ لنا المِثالَ لِنَستَعمِلَ مَوارِدَنا بِحِكمَة.‏ إذا كُنتَ والِدًا،‏ فما رَأْيُكَ أن تُراجِعَ هذِهِ القِصَّةَ مع أوْلادِك،‏ وتُناقِشوا الدُّروسَ الَّتي نَتَعَلَّمُها عنِ الصَّلاة،‏ الضِّيافَة،‏ والكَرَم؟‏

إسأل نفسك:‏ ‹هل أتبع مثال يسوع وأصلِّي قبل أن آكل؟‏› (‏أُنظر الفقرة ٤.‏)‏


٥ ماذا كانَت رَدَّةُ فِعلِ النَّاسِ تِجاهَ ما عَمِلَهُ يَسُوع في ذلِكَ اليَوم،‏ وماذا فَعَلَ بَعدَ ذلِك؟‏

٥ أُعجِبَ النَّاسُ بِأُسلوبِ يَسُوع في التَّعليمِ وبِالعَجائِبِ الَّتي عَمِلَها.‏ ولِأنَّهُم يَعرِفونَ أنَّ مُوسَى كانَ قد وَعَدَ بِأنَّ اللّٰهَ سيُعَيِّنُ نَبِيًّا مُمَيَّزًا،‏ رُبَّما تَساءَلوا:‏ ‹هل يُمكِنُ أن يَكونَ هذا النَّبِيُّ هو يَسُوع؟‏›.‏ (‏تث ١٨:‏١٥-‏١٨‏)‏ وفي هذِهِ الحالَة،‏ رُبَّما بَدا لهُم أنَّهُ سيَكونُ حاكِمًا رائِعًا،‏ قادِرًا أن يُؤَمِّنَ الخُبزَ لِكُلِّ الأُمَّة.‏ لِذلِك،‏ كانوا على وَشْكِ أن «يَأتوا ويَجعَلوهُ مَلِكًا بِالقُوَّة».‏ (‏يو ٦:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ وإذا قَبِلَ يَسُوع،‏ كانَ سيَتَدَخَّلُ في الشُّؤونِ السِّياسِيَّة لليَهُود،‏ الَّذينَ كانوا تَحتَ حُكمِ الرُّومان.‏ ولكنْ هل قَبِل؟‏ لا.‏ تُخبِرُنا القِصَّةُ أنَّهُ تَصَرَّفَ بِحَزمٍ و «رَجَعَ إلى الجَبَلِ وَحْدَه».‏ فرَغمَ ضَغطِ الآخَرينَ علَيه،‏ رَفَضَ أن يَتَدَخَّلَ في السِّياسَة.‏ كم مُهِمٌّ هذا الدَّرسُ لنا!‏

٦ كَيفَ نُظهِرُ أنَّنا نُريدُ أن نَتبَعَ مِثالَ يَسُوع؟‏ (‏أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.‏)‏

٦ طَبعًا،‏ لن يَطلُبَ الآخَرونَ مِنَّا أن نَعمَلَ عَجيبَةً لِنُؤَمِّنَ الخُبزَ أو نَشْفِيَ المَرْضى؛‏ ولن يُحاوِلوا أن يُعَيِّنوا أحَدَنا مَلِكًا أو حاكِمًا لِلشَّعب.‏ لكنَّهُم قد يُشَجِّعونَنا أن نَتَدَخَّلَ في السِّياسَة ونَنتَخِبَ أو نَدعَمَ شَخصًا يَشعُرونَ أنَّهُ سيُحَسِّنُ أحوالَ البَلَد.‏ لكنَّ مِثالَ يَسُوع واضِح.‏ فهو رَفَضَ أن يَتَدَخَّلَ في الشُّؤونِ السِّياسِيَّة.‏ حتَّى إنَّهُ قالَ لاحِقًا:‏ ‏«مَملَكَتي لَيسَت جُزْءًا مِن هذا العالَم».‏ (‏يو ١٧:‏١٤؛‏ ١٨:‏٣٦‏)‏ وعَلَينا نَحنُ المَسِيحِيِّينَ اليَوم أن نَتَبَنَّى طَريقَةَ تَفكيرِ يَسُوع وتَصَرُّفاتِه.‏ فنَدعَمُ تِلكَ المَملَكَة،‏ ونَشهَدُ عنها،‏ ونُصَلِّي مِن أجْلِها.‏ (‏مت ٦:‏١٠‏)‏ لِنَعُدِ الآنَ إلى القِصَّةِ حينَ أمَّنَ يَسُوع الخُبزَ بِعَجيبَة،‏ ونَرَ ما الدُّروسُ الأُخْرى الَّتي نَتَعَلَّمُها.‏

ترك يسوع مثالًا لأتباعه،‏ فهو لم يتدخل في شؤون اليهود والرومان السياسية (‏أُنظر الفقرة ٦.‏)‏


‏«مَعْنى عَجيبَةِ الأرغِفَة»‏

٧ ماذا فَعَلَ يَسُوع والرُّسُل؟‏ (‏يوحنا ٦:‏١٦-‏٢٠‏)‏

٧ بَعدَما أطعَمَ يَسُوع الجَمع،‏ طَلَبَ مِن رُسُلِهِ أن يُغادِروا المِنطَقَةَ ويَعودوا بِالمَركَبِ إلى كَفَرْنَاحُوم.‏ أمَّا هو فذَهَبَ إلى الجَبَلِ كَي يَبتَعِدَ عنِ الجَمعِ الَّذي أرادَ أن يَجعَلَهُ مَلِكًا.‏ ‏(‏إقرأ يوحنا ٦:‏١٦-‏٢٠‏.‏)‏ وفيما كانَ الرُّسُلُ يُبحِرون،‏ هَبَّت عاصِفَةٌ وجَلَبَت معها ريحًا قَوِيَّة وأمواجًا عالِيَة.‏ ثُمَّ جاءَ يَسُوع إلَيهِم ماشِيًا على المياه،‏ ودَعا الرَّسولَ بُطْرُس أن يَمْشيَ هو أيضًا على المِياه.‏ (‏مت ١٤:‏٢٢-‏٣١‏)‏ وحالَما صَعِدَ يَسُوع إلى المَركَب،‏ هَدَأَتِ الرِّيح.‏ فتَعَجَّبَ التَّلاميذُ كَثيرًا وقالوا له:‏ «أنتَ فِعلًا ابْنُ اللّٰه!‏».‏ a (‏مت ١٤:‏٣٣‏)‏ لكنَّهُم حتَّى ذلِكَ الوَقت،‏ لم يَرَوُا العَلاقَةَ بَينَ هذِهِ العَجيبَةِ وبَينَ ما حَصَلَ مِن قَبل معَ الجَمع.‏ فمُرْقُس يُضيفُ هذا التَّفصيل:‏ «إندَهَشَ [الرُّسُلُ] كَثيرًا،‏ لِأنَّهُم لم يَفهَموا مَعْنى عَجيبَةِ الأرغِفَة.‏ فعَقلُهُم لم يَكُنْ قادِرًا بَعد أن يَستَوعِبَ كُلَّ شَيء».‏ (‏مر ٦:‏٥٠-‏٥٢‏)‏ فهُم لم يَفهَموا كم عَظيمَةٌ هيَ القُوَّةُ الَّتي أعْطاها يَهْوَه لِيَسُوع كَي يَعمَلَ العَجائِب.‏ ولكنْ بَعدَ وَقتٍ قَصير،‏ تَحَدَّثَ يَسُوع بِنَفْسِهِ عن عَجيبَةِ الخُبزِ وعَلَّمَنا دَرسًا.‏

٨-‏٩ لِماذا لَحِقَ الجَمعُ يَسُوع؟‏ (‏يوحنا ٦:‏٢٦،‏ ٢٧‏)‏

٨ رَكَّزَ الجَمعُ الَّذي أطعَمَهُ يَسُوع على سَدِّ حاجاتِهِم ورَغَباتِهِمِ الجَسَدِيَّة.‏ كَيفَ ذلِك؟‏ في اليَومِ التَّالي،‏ عَرَفوا أنَّ يَسُوع ورُسُلَهُ قد غادَروا.‏ فصَعِدوا إلى بعضِ المَراكِبِ الَّتي كانَت قد وَصَلَت مِن طَبَرِيَّة،‏ واتَّجَهوا إلى كَفَرْنَاحُوم لِيَجِدوا يَسُوع.‏ (‏يو ٦:‏٢٢-‏٢٤‏)‏ وهل فَعَلوا ذلِك بِشَكلٍ رَئيسِيٍّ لِيَسمَعوا أكثَرَ عن مَملَكَتِه؟‏ لا،‏ فقد كانوا يُرَكِّزونَ على حاجَتِهِمِ الجَسَدِيَّة إلى الخُبز.‏ كَيفَ نَعرِفُ ذلِك؟‏

٩ لاحِظْ ماذا حَصَلَ عِندَما وَجَدَ الجَمعُ يَسُوع قُربَ كَفَرْنَاحُوم.‏ فقد ذَكَرَ يَسُوع بِصَراحَةٍ أنَّ أوْلَوِيَّتَهُم كانَت أن يُشبِعوا حاجاتِهِمِ المادِّيَّة الوَقتِيَّة.‏ فهو قالَ لهُم:‏ «أكَلتُم مِنَ الخُبزِ وشَبِعتُم»‏ مِنَ «الطَّعامِ الَّذي يَفسُد».‏ ثُمَّ شَجَّعَهُم أن يَعمَلوا بَدَلَ ذلِك «مِن أجْلِ الطَّعامِ الَّذي يَدومُ ويُعْطي حَياةً أبَدِيَّة».‏ ‏(‏إقرأ يوحنا ٦:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏)‏ وأخبَرَهُم أنَّ أباهُ سيُهَيِّئُ هذا الطَّعام.‏ لكنَّ الفِكرَةَ أن يَكونَ هُناكَ طَعامٌ يُؤَدِّي إلى حَياةٍ أبَدِيَّة كانَت دونَ شَكٍّ غَريبَةً بِالنِّسبَةِ إلَيهِم.‏ فأيُّ طَعامٍ يُمكِنُ أن يَفعَلَ ذلِك؟‏ وكَيفَ كانَ الَّذينَ يَسمَعونَ يَسُوع سيَحصُلونَ علَيه؟‏

١٠ ما هوَ «العَمَلُ الَّذي يَطلُبُهُ اللّٰه» الَّذي لَزِمَ أن يَتَعَلَّمَ النَّاسُ عنه؟‏

١٠ كما يَبْدو،‏ ظَنَّ هؤُلاءِ اليَهُودُ أنَّ علَيهِم أن يَعمَلوا أعمالًا مُعَيَّنَة لِيَحصُلوا على هذا الطَّعام.‏ ورُبَّما كانوا يُفَكِّرونَ في «أعمالِ» شَريعَةِ مُوسَى.‏ لكنَّ يَسُوع قالَ لهُم:‏ «هذا هوَ العَمَلُ الَّذي يَطلُبُهُ اللّٰه:‏ أن تُظهِروا الإيمانَ بِالَّذي أرسَلَه».‏ (‏يو ٦:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ فكَي ‹يَنالوا حَياةً أبَدِيَّة›،‏ لَزِمَ أن يُظهِروا الإيمانَ بِيَسُوع الَّذي أرسَلَهُ اللّٰه.‏ وفي الواقِع،‏ كانَ يَسُوع قد تَحَدَّثَ مِن قَبل عن هذِهِ الفِكرَةَ.‏ (‏يو ٣:‏١٦-‏١٨،‏ ٣٦‏)‏ ولاحِقًا،‏ كانَ سيَتَوَسَّعُ أكثَرَ في الكَلامِ عنِ الوَسيلَةِ لِنَيلِ الحَياةِ الأبَدِيَّة.‏ —‏ يو ١٧:‏٣‏.‏

١١ كَيفَ أظهَرَ اليَهُودُ أنَّهُم ما زالوا مُهتَمِّينَ بِسَدِّ حاجَتِهِم إلى الخُبز؟‏ (‏مزمور ٧٨:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏

١١ لم يَتَقَبَّلْ هؤُلاءِ اليَهُودُ تَعليمَ يَسُوع عنِ «العَمَلِ [الجَديدِ] الَّذي يَطلُبُهُ اللّٰه».‏ فسَألوه:‏ «أيُّ عَجيبَةٍ ستَعمَلُها لِنَراها ونُؤْمِنَ بك؟‏».‏ (‏يو ٦:‏٣٠‏)‏ وأخبَروهُ أنَّ أجدادَهُم في أيَّامِ مُوسَى حَصَلوا على المَنّ،‏ الَّذي كانَ طَعامَهُمُ اليَومِيَّ مِثلَ الخُبز.‏ (‏نح ٩:‏١٥‏؛‏ إقرإ المزمور ٧٨:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏)‏ فمِنَ الواضِحِ أنَّ عُقولَهُم كانَت لا تَزالُ تُرَكِّزُ على إشباعِ حاجَتِهِم إلى الخُبزِ الحَرفِيّ.‏ حتَّى إنَّهُم لم يَطلُبوا مِن يَسُوع تَوضيحًا حينَ تَحَدَّثَ بَعدَ ذلِك عنِ «الخُبزِ الحَقيقِيِّ مِنَ السَّماء»،‏ الَّذي بِعَكسِ المَنِّ يُعْطي حَياةً أبَدِيَّة.‏ (‏يو ٦:‏٣٢‏)‏ فقد كانَ كُلُّ تَركيزِهِم على حاجاتِهِمِ المادِّيَّة،‏ لِدَرَجَةِ أنَّهُم تَجاهَلوا الحَقائِقَ الرُّوحِيَّة الَّتي كانَ يَسُوع يُحاوِلُ أن يُخبِرَهُم عنها.‏ فماذا نَتَعَلَّمُ مِن هذِهِ القِصَّة؟‏

علامَ نُرَكِّزُ نَحن؟‏

١٢ كَيفَ أوْضَحَ يَسُوع ما هو أهَمُّ شَيء؟‏

١٢ إلَيكَ هذا الدَّرسَ المُهِمَّ مِن يُوحَنَّا الفَصل ٦‏:‏ يَجِبُ أن يَكونَ تَركيزُنا بِشَكلٍ رَئيسِيٍّ على حاجاتِنا الرُّوحِيَّة.‏ تَذَكَّرْ أنَّ يَسُوع كانَ قد أوْضَحَ هذِهِ النُّقطَةَ حينَ رَفَضَ تَجارِبَ الشَّيْطَان.‏ (‏مت ٤:‏٣،‏ ٤‏)‏ وفي المَوعِظَةِ على الجَبَل،‏ ذَكَرَ كم مُهِمٌّ أن نَشعُرَ أنَّ لَدَينا حاجَةً روحِيَّة.‏ (‏مت ٥:‏٣‏)‏ لِذلِك لِنَسألْ أنفُسَنا:‏ ‹هل تُظهِرُ طَريقَةُ حَياتي أنِّي أُرَكِّزُ على حاجَتي الرُّوحِيَّة أكثَرَ مِن رَغَباتي الجَسَدِيَّة؟‏›.‏

١٣ (‏أ)‏ لِماذا لَيسَ خَطَأً أن نَستَمتِعَ بِالطَّعام؟‏ (‏ب)‏ أيُّ تَحذيرٍ يَستَحِقُّ أن نَأخُذَهُ بِجِدِّيَّة؟‏ (‏١ كورنثوس ١٠:‏٦،‏ ٧،‏ ١١‏)‏

١٣ لَيسَ خَطَأً أن نُصَلِّيَ مِن أجْلِ حاجاتِنا الجَسَدِيَّة ونَستَمتِعَ حينَ نُشبِعُها.‏ (‏لو ١١:‏٣‏)‏ فالعَمَلُ بِاجتِهادٍ الَّذي يُمَكِّنُنا مِن ‹أن نَأكُلَ ونَشرَب› مُفرِحٌ جِدًّا،‏ وهو «مِنَ اللّٰه».‏ (‏جا ٢:‏٢٤؛‏ ٨:‏١٥؛‏ يع ١:‏١٧‏)‏ مع ذلِك،‏ يَلزَمُ أن نُبْقِيَ الأشياءَ المادِّيَّة في مَكانِها الصَّحيح.‏ وقد أوْضَحَ الرَّسولُ بُولُس هذِهِ الفِكرَةَ حينَ كَتَبَ إلى المَسِيحِيِّينَ الَّذينَ عاشوا قَبلَ وَقتٍ قَصيرٍ مِن نِهايَةِ النِّظامِ اليَهُودِيّ.‏ فهو أتى على ذِكرِ حَوادِثَ مِن تاريخِ أُمَّةِ إسْرَائِيل،‏ بِما فيها ما حَصَلَ قُربَ جَبَلِ سِينَاء.‏ وحَذَّرَ المَسِيحِيِّينَ لِكَي ‹لا يَشتَهوا الأُمورَ المُؤْذِيَة،‏ كما اشتَهاها› الإسْرَائِيلِيُّون.‏ ‏(‏إقرأ ١ كورنثوس ١٠:‏٦،‏ ٧،‏ ١١‏.‏)‏ فالإسْرَائِيلِيُّونَ سَمَحوا لِرَغبَتِهِمِ القَوِيَّة في الطَّعامِ أن تُحَوِّلَ حتَّى ما هَيَّأهُ يَهْوَه بِعَجيبَةٍ إلى ‹أُمورٍ مُؤْذِيَة›.‏ (‏عد ١١:‏٤-‏٦،‏ ٣١-‏٣٤‏)‏ وفيما كانوا يَعبُدونَ عِجلًا ذَهَبِيًّا،‏ راحوا يَأكُلونَ ويَشرَبونَ ويَتَسَلَّوْن.‏ (‏خر ٣٢:‏٤-‏٦‏)‏ وقد ذَكَرَ بُولُس ما حَصَلَ معهُم كتَحذيرٍ لِلمَسِيحِيِّينَ الَّذينَ كانوا يَعيشونَ قَبلَ نِهايَةِ النِّظامِ اليَهُودِيِّ سَنَةَ ٧٠ ب‌م.‏ واليَوم،‏ نَحنُ نَعيشُ قَبلَ وَقتٍ قَصيرٍ مِن نِهايَةِ هذا العالَم.‏ لِذلِك مِنَ الضَّرورِيِّ أن نَأخُذَ نَصيحَةَ بُولُس بِجِدِّيَّة.‏

١٤ ماذا نَتَوَقَّعُ في العالَمِ الجَديدِ بِخُصوصِ الطَّعام؟‏

١٤ حينَ تَكَلَّمَ يَسُوع عنِ «الخُبزِ الَّذي نَحتاجُهُ اليَوم»،‏ أشارَ إلى الوَقتِ الَّذي ستَكونُ فيهِ مَشيئَةُ اللّٰهِ «كما في السَّماءِ كذلِك على الأرض».‏ (‏مت ٦:‏٩-‏١١‏)‏ أيُّ صورَةٍ تَخطُرُ على بالِكَ حينَ تُفَكِّرُ في هذِهِ الآيَة؟‏ يُظهِرُ الكِتابُ المُقَدَّسُ أنَّ مَشيئَةَ اللّٰهِ على الأرضِ تَشمُلُ أن يَكونَ لَدَينا طَعامٌ جَيِّد.‏ وانسِجامًا مع إشَعْيَا ٢٥:‏٦-‏٨‏،‏ سيَكونُ هُناك وَفرَةٌ مِنَ الطَّعامِ الحَرفِيِّ الجَيِّدِ لِنَتَمَتَّعَ بهِ تَحتَ حُكمِ مَملَكَةِ يَهْوَه.‏ أيضًا،‏ تَنَبَّأَ المَزْمُور ٧٢:‏١٦‏:‏ «سيَكونُ هُناك قَمحٌ كَثيرٌ في الأرض،‏ وسَيُغَطِّي رُؤوسَ الجِبال».‏ هل أنتَ مُتَشَوِّقٌ لِتَستَعمِلَ بَعضَ هذا القَمحِ وتُحَضِّرَ نَوعَكَ المُفَضَّلَ مِنَ الخُبزِ أو تُجَرِّبَ وَصْفاتٍ جَديدَة؟‏ ورُبَّما تُحِبُّ أيضًا أن تَستَمتِعَ بِالعِنَبِ الَّذي زَرَعتَهُ بِيَدَيْك.‏ (‏إش ٦٥:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ ولن تَكونَ الشَّخصَ الوَحيدَ الَّذي سيَتَمَتَّعُ بِهذِهِ الخَيرات.‏

١٥ ماذا سيَتَعَلَّمُ المُقامون؟‏ (‏يوحنا ٦:‏٣٥‏)‏

١٥ إقرأ يوحنا ٦:‏٣٥‏.‏ ماذا يَنتَظِرُ الَّذينَ أكَلوا مِنَ الخُبزِ والسَّمَكِ اللَّذَيْنِ هَيَّأهُما يَسُوع؟‏ في القِيامَةِ المُستَقبَلِيَّة،‏ قد تَلتَقي البَعضَ مِنهُم.‏ فحتَّى لَو لم يُظهِروا الإيمانَ في الماضي،‏ قد يَقومون.‏ (‏يو ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ وسَيَلزَمُ أن يَتَعَلَّموا مَعْنى كَلِماتِ يَسُوع:‏ «أنا هو خُبزُ الحَياة.‏ مَن يَأتي إلَيَّ لن يَجوعَ أبَدًا».‏ ويَجِبُ أن يُؤْمِنوا بِفِديَةِ يَسُوع،‏ أي أنَّهُ قَدَّمَ حَياتَهُ مِن أجْلِهِم.‏ وآنَذاك،‏ سيَكونُ هُناك بَرنامَجُ تَعليمٍ روحِيٍّ لِلمُقامينَ وأيِّ أوْلادٍ يولَدونَ في العالَمِ الجَديد.‏ وكم سنَفرَحُ حينَ نُشارِكُ في هذا البَرنامَج!‏ فسَيَكونُ ذلِك مُمتِعًا أكثَرَ مِن تَناوُلِ الخُبزِ الحَرفِيّ.‏ نَعَم،‏ ستَكونُ الأُمورُ الرُّوحِيَّة هي سَعادَتَنا الكُبرى!‏

١٦ ماذا سنُناقِشُ في المَقالَةِ التَّالِيَة؟‏

١٦ ناقَشنا جُزْءًا مِنَ القِصَّةِ في يُوحَنَّا الفَصل ٦‏.‏ لكنَّ يَسُوع عَلَّمَ أكثَرَ بِكَثيرٍ عنِ «الحَياةِ الأبَدِيَّة».‏ وهذا المَوْضوعُ استَحَقَّ اهتِمامَ أُولئِكَ اليَهُود،‏ وهو يَستَحِقُّ اهتِمامَنا نَحنُ اليَوم.‏ لِذلِك سنُكمِلُ مُناقَشَةَ يُوحَنَّا الفَصل ٦ في المَقالَةِ التَّالِيَة.‏

التَّرنيمَة ٢٠ فَدَيتَنا بِابْنِكَ الغالي

a لِلمَزيدِ مِنَ التَّفاصيلِ عن هذِهِ القِصَّةِ المُشَوِّقَة،‏ انظُرْ كِتاب يَسُوع:‏ الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة،‏ ص ١٣١ و إقتَدِ بِإيمانِهِم،‏ ص ٢١٣-‏٢١٤‏.‏