قدِّر عطية الارادة الحرة
«حَيْثُ رُوحُ يَهْوَهَ فَهُنَاكَ حُرِّيَّةٌ». — ٢ كو ٣:١٧.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٦٢، ٦٥
١، ٢ (أ) كَيْفَ تَخْتَلِفُ ٱلْآرَاءُ بِشَأْنِ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ؟ (ب) مَاذَا يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنِ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ، وَأَيَّةُ أَسْئِلَةٍ تَنْشَأُ؟
«لَا أُرِيدُ أَنْ أُفَكِّرَ. أَخْبِرْنِي مَاذَا أَفْعَلُ؛ ذٰلِكَ أَسْهَلُ بِكَثِيرٍ». هٰذَا مَا قَالَتْهُ ٱمْرَأَةٌ لِأَحَدِ أَصْدِقَائِهَا حِينَ لَزِمَهَا أَنْ تَتَّخِذَ قَرَارًا فِي مَسْأَلَةٍ شَخْصِيَّةٍ. فَقَدْ فَضَّلَتْ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَحَدٌ مَاذَا تَفْعَلُ، بَدَلَ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْ هَدِيَّةٍ ثَمِينَةٍ أَعْطَاهَا إِيَّاهَا ٱللهُ، أَلَا وَهِيَ ٱلْإِرَادَةُ ٱلْحُرَّةُ. فَمَاذَا عَنْكَ؟ هَلْ تُحِبُّ أَنْ يَتَّخِذَ ٱلْآخَرُونَ ٱلْقَرَارَاتِ بَدَلًا مِنْكَ؟ وَمَا رَأْيُكَ فِي عَطِيَّةِ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ؟
٢ يَتَجَادَلُ ٱلنَّاسُ مُنْذُ مِئَاتِ ٱلسِّنِينَ حَوْلَ هٰذَا ٱلْمَوْضُوعِ. فَٱلْبَعْضُ يُؤْمِنُونَ بِٱلْقَضَاءِ وَٱلْقَدَرِ وَيَظُنُّونَ أَنَّ ٱللهَ يُحَدِّدُ كُلَّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ فِي حَيَاةِ ٱلْإِنْسَانِ. وَيَرَى آخَرُونَ أَيْضًا أَنَّ ٱلْإِرَادَةَ ٱلْحُرَّةَ مُسْتَحِيلَةٌ دُونَ حُرِّيَّةٍ مُطْلَقَةٍ. إِلَّا أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يُعَلِّمُ أَنَّ ٱللهَ أَعْطَى ٱلْمَخْلُوقَاتِ ٱلذَّكِيَّةَ ٱلْقُدْرَةَ عَلَى ٱتِّخَاذِ قَرَارَاتِهَا بِحُرِّيَّةٍ. (اقرأ يشوع ٢٤:١٥.) مِنْ هُنَا تَنْشَأُ بَعْضُ ٱلْأَسْئِلَةِ: هَلْ حُرِّيَّتُنَا مُطْلَقَةٌ؟ كَيْفَ نُمَارِسُ إِرَادَتَنَا ٱلْحُرَّةَ؟ كَيْفَ تُظْهِرُ قَرَارَاتُنَا مَدَى مَحَبَّتِنَا لِيَهْوَهَ؟ وَكَيْفَ نَحْتَرِمُ قَرَارَاتِ ٱلْآخَرِينَ؟ لِنَرَ جَوَابَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.
مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ؟
٣ كَيْفَ يُمَارِسُ يَهْوَهُ حُرِّيَّتَهُ؟
٣ يَهْوَهُ وَحْدَهُ لَهُ ٱلْحُرِّيَّةُ ٱلْمُطْلَقَةُ. وَطَرِيقَتُهُ فِي مُمَارَسَةِ هٰذِهِ ٱلْحُرِّيَّةِ تُعَلِّمُنَا ٱلْكَثِيرَ. مَثَلًا، ٱخْتَارَ يَهْوَهُ أُمَّةَ إِسْرَائِيلَ «لِتَكُونَ لَهُ شَعْبًا، مِلْكًا خَاصًّا». (تث ٧:٦-٨) لٰكِنَّهُ لَمْ يَخْتَرْهُمْ عَشْوَائِيًّا، بَلْ عَلَى أَسَاسِ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ مَعَ صَدِيقِهِ إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ مِئَاتِ ٱلسِّنِينَ. (تك ٢٢:١٥-١٨) وَهُوَ يُمَارِسُ حُرِّيَّتَهُ دَائِمًا بِمَحَبَّةٍ وَعَدْلٍ. فَكَانَ يُؤَدِّبُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ حِينَ يَتَمَرَّدُونَ عَلَيْهِ. أَمَّا عِنْدَمَا يَتُوبُونَ تَوْبَةً صَادِقَةً، فَكَانَ يُظْهِرُ لَهُمُ ٱلْمَحَبَّةَ وَٱلرَّحْمَةَ. قَالَ: «أَشْفِي خِيَانَتَهُمْ. أُحِبُّهُمْ بِٱخْتِيَارِي». (هو ١٤:٤) أَفَلَيْسَ مِثَالًا رَائِعًا فِي ٱسْتِعْمَالِ ٱلْحُرِّيَّةِ لِمَنْفَعَةِ ٱلْآخَرِينَ؟!
٤، ٥ (أ) مَنْ نَالَ أَوَّلًا هِبَةَ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ مِنَ ٱللهِ، وَكَيْفَ ٱسْتَعْمَلَهَا؟ (ب) أَيُّ سُؤَالٍ يَجِبُ أَنْ نَطْرَحَهُ عَلَى أَنْفُسِنَا؟
٤ عِنْدَمَا خَلَقَ يَهْوَهُ ٱلْمَلَائِكَةَ وَٱلْبَشَرَ، أَعْطَاهُمُ ٱلْإِرَادَةَ ٱلْحُرَّةَ. وَأَوَّلُ مَنْ نَالَ هٰذِهِ ٱلْهِبَةَ هُوَ ٱبْنُهُ ٱلْبِكْرُ، «صُورَةُ ٱللهِ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورِ». (كو ١:١٥) وَقَدْ أَحْسَنَ ٱسْتِعْمَالَ هٰذِهِ ٱلْعَطِيَّةِ. فَفِي ٱلسَّمَاءِ، بَقِيَ وَلِيًّا لِأَبِيهِ وَلَمْ يَنْضَمَّ إِلَى ٱلشَّيْطَانِ فِي تَمَرُّدِهِ. وَلَاحِقًا عِنْدَمَا أَتَى إِلَى ٱلْأَرْضِ، رَفَضَ تَجَارِبَ إِبْلِيسَ كُلَّهَا. (مت ٤:١٠) وَقَبْلَ لَيْلَةٍ مِنْ مَوْتِهِ، ظَلَّ مُصَمِّمًا عَلَى فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللهِ. فَقَدْ صَلَّى إِلَيْهِ قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ، فَٱصْرِفْ عَنِّي هٰذِهِ ٱلْكَأْسَ. وَلٰكِنْ لِتَكُنْ لَا مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَتُكَ». (لو ٢٢:٤٢) فَلْنُصَمِّمْ إِذًا أَنْ نَتَمَثَّلَ بِيَسُوعَ وَنَسْتَعْمِلَ إِرَادَتَنَا ٱلْحُرَّةَ لِنُكْرِمَ يَهْوَهَ وَنَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ. وَلٰكِنْ هَلْ هٰذَا مُمْكِنٌ؟
٥ نَعَمْ. فَنَحْنُ أَيْضًا مَخْلُوقُونَ عَلَى صُورَةِ ٱللهِ وَشَبَهِهِ. (تك ١:٢٦) لٰكِنَّ ٱلْجَدِيرَ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَمْنَحْ مَخْلُوقَاتِهِ حُرِّيَّةً مُطْلَقَةً. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُخْبِرُنَا أَنَّهُ وَضَعَ حُدُودًا لِحُرِّيَّتِنَا، وَيُرِيدُ أَنْ نَلْتَزِمَ بِهَا. مَثَلًا، عَلَى ٱلزَّوْجَاتِ أَنْ يَخْضَعْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، وَٱلْأَوْلَادِ أَنْ يُطِيعُوا وَالِدِيهِمْ. (اف ٥:٢٢؛ ٦:١) فَكَيْفَ نُمَارِسُ إِرَادَتَنَا ٱلْحُرَّةَ ضِمْنَ هٰذِهِ ٱلْحُدُودِ؟
كَيْفَ تُمَارِسُ إِرَادَتَكَ ٱلْحُرَّةَ؟
٦ أَعْطِ مِثَالًا يُوضِحُ أَهَمِّيَّةَ مُمَارَسَةِ ٱلْحُرِّيَّةِ ضِمْنَ حُدُودٍ.
٦ هَلِ ٱلْحُرِّيَّةُ ضِمْنَ حُدُودٍ حُرِّيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ؟ نَعَمْ، حَتَّى إِنَّ ٱلْحُدُودَ ضَرُورِيَّةٌ لِنَتَمَتَّعَ بِفَوَائِدِ ٱلْحُرِّيَّةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ. لِنَقُلْ إِنَّنَا قَرَّرْنَا أَنْ نَذْهَبَ إِلَى مَدِينَةٍ بَعِيدَةٍ بِٱلسَّيَّارَةِ. فَكَيْفَ نَشْعُرُ إِذَا قُدْنَا عَلَى ٱلطَّرِيقِ ٱلسَّرِيعِ بِلَا قَوَانِينِ سَيْرٍ؟ مَاذَا يَحْدُثُ لَوْ قَرَّرَ كُلُّ سَائِقٍ أَنْ يُسْرِعَ عَلَى كَيْفِهِ أَوْ يَسِيرَ فِي ٱلِٱتِّجَاهِ ٱلْمُعَاكِسِ؟ بِٱلطَّبْعِ لَنْ نُحِسَّ أَبَدًا بِٱلْأَمَانِ. إِذًا ٱلْحُدُودُ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالَةِ حِمَايَةٌ لَنَا. فَلْنَتَأَمَّلِ ٱلْآنَ فِي أَمْثِلَةٍ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ تُظْهِرُ أَنَّ ٱللهَ وَضَعَ ٱلْحُدُودَ لِفَائِدَتِنَا.
٧ (أ) بِمَ تَمَيَّزَ آدَمُ عَنِ ٱلْحَيَوَانَاتِ؟ (ب) كَيْفَ ٱسْتَخْدَمَ آدَمُ إِرَادَتَهُ ٱسْتِخْدَامًا صَحِيحًا؟
٧ عِنْدَمَا خَلَقَ ٱللهُ ٱلْإِنْسَانَ ٱلْأَوَّلَ آدَمَ، أَعْطَاهُ تك ٢:١٩.
ٱلْإِرَادَةَ ٱلْحُرَّةَ تَمَامًا كَٱلْمَلَائِكَةِ. وَهٰذِهِ ٱلْهَدِيَّةُ مَيَّزَتْ آدَمَ عَنِ ٱلْحَيَوَانَاتِ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ غَرَائِزَهَا فَقَطْ. وَكَيْفَ ٱسْتَخْدَمَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْأَوَّلُ إِرَادَتَهُ ٱلْحُرَّةَ ٱسْتِخْدَامًا صَحِيحًا؟ إِحْدَى ٱلطُّرُقِ هِيَ بِٱخْتِيَارِ أَسْمَاءِ ٱلْحَيَوَانَاتِ. فَٱللهُ «ٱبْتَدَأَ يُحْضِرُهَا إِلَى ٱلْإِنْسَانِ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُو كُلًّا مِنْهَا». فَصَارَ آدَمُ يُرَاقِبُ كُلَّ حَيَوَانٍ وَيُطْلِقُ عَلَيْهِ ٱسْمًا مُنَاسِبًا. وَيَهْوَهُ لَمْ يُغَيِّرْ تِلْكَ ٱلْأَسْمَاءَ، بَلْ تَرَكَ لَهُ حُرِّيَّةَ ٱلِٱخْتِيَارِ. «وَكُلُّ مَا دَعَاهُ بِهِ ٱلْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ ٱسْمُهُ». —٨ كَيْفَ أَسَاءَ آدَمُ ٱسْتِعْمَالَ إِرَادَتِهِ ٱلْحُرَّةِ، وَبِأَيَّةِ نَتِيجَةٍ؟
٨ أَوْكَلَ يَهْوَهُ إِلَى آدَمَ أَيْضًا أَنْ يُحَوِّلَ ٱلْأَرْضَ إِلَى فِرْدَوْسٍ. فَأَوْصَاهُ هُوَ وَزَوْجَتَهُ: «أَثْمِرَا وَٱكْثُرَا وَٱمْلَأَا ٱلْأَرْضَ وَأَخْضِعَاهَا، وَتَسَلَّطَا عَلَى سَمَكِ ٱلْبَحْرِ وَطَيْرِ ٱلسَّمَاءِ وَكُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى ٱلْأَرْضِ». (تك ١:٢٨) وَلٰكِنْ لِلْأَسَفِ أَسَاءَ آدَمُ ٱسْتِعْمَالَ حُرِّيَّتِهِ. فَتَجَاهَلَ ٱلْحُدُودَ ٱلَّتِي رَسَمَهَا لَهُ يَهْوَهُ وَأَكَلَ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ ٱلْمُحَرَّمَةِ. وَلِهٰذَا ٱلسَّبَبِ، يُعَانِي ٱلْبَشَرُ مُنْذُ آلَافِ ٱلسِّنِينَ. (رو ٥:١٢) فَلْنَتَذَكَّرْ دَائِمًا نَتَائِجَ هٰذَا ٱلْقَرَارِ ٱلسَّيِّئِ. وَهٰكَذَا نُمَارِسُ حُرِّيَّتَنَا بِمَسْؤُولِيَّةٍ وَنَقْبَلُ ٱلْحُدُودَ ٱلَّتِي رَسَمَهَا لَنَا يَهْوَهُ.
٩ أَيُّ خِيَارٍ عَرَضَهُ يَهْوَهُ عَلَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ، وَبِمَ وَعَدُوهُ؟
٩ وَمَعَ أَنَّ ٱلْبَشَرَ وَرِثُوا ٱلنَّقْصَ وَٱلْمَوْتَ مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ، لَا يَزَالُونَ يَتَمَتَّعُونَ بِٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ. وَهٰذَا وَاضِحٌ مِنْ عَلَاقَةِ ٱللهِ بِأُمَّةِ إِسْرَائِيلَ. فَبِوَاسِطَةِ خَادِمِهِ مُوسَى، خَيَّرَهُمْ إِمَّا أَنْ يَقْبَلُوا أَوْ يَرْفُضُوا أَنْ يَكُونُوا لَهُ مِلْكًا خَاصًّا. (خر ١٩:٣-٦) فَٱخْتَارُوا جَمِيعًا أَنْ يَقْبَلُوا شُرُوطَهُ وَيُصْبِحُوا شَعْبًا عَلَى ٱسْمِهِ. قَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ يَهْوَهُ نَفْعَلُهُ». (خر ١٩:٨) لٰكِنَّ ٱلْأُمَّةَ أَسَاءَتْ لَاحِقًا ٱسْتِعْمَالَ إِرَادَتِهَا ٱلْحُرَّةِ وَلَمْ تَحْفَظْ وَعْدَهَا. فَلْنَنْتَبِهْ إِلَى مِثَالِهِمِ ٱلسَّيِّئِ هٰذَا وَلْنُقَدِّرْ دَائِمًا عَطِيَّةَ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ. كَيْفَ؟ بِٱلْبَقَاءِ قَرِيبِينَ مِنْ يَهْوَهَ وَإِطَاعَةِ وَصَايَاهُ ٱلْبَارَّةِ. — ١ كو ١٠:١١.
١٠ اُذْكُرْ أَمْثِلَةَ بَشَرٍ نَاقِصِينَ ٱسْتَعْمَلُوا حُرِّيَّتَهُمْ لِيُكْرِمُوا ٱللهَ. (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
١٠ فِي ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ٱلْإِصْحَاحِ ١١، نَقْرَأُ عَنْ ١٦ رَجُلًا وَٱمْرَأَةً ٱحْتَرَمُوا ٱلْحُدُودَ ٱلَّتِي رَسَمَهَا يَهْوَهُ. نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، بَارَكَهُمُ ٱللهُ وَأَصْبَحَ لَدَيْهِمْ رَجَاءٌ رَائِعٌ. مَثَلًا، تَحَلَّى نُوحٌ بِإِيمَانٍ قَوِيٍّ، فَٱخْتَارَ أَنْ يُطِيعَ إِرْشَادَ ٱللهِ وَيَبْنِيَ فُلْكًا لِيَحْيَا هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَٱلْأَجْيَالُ ٱللَّاحِقَةُ. (عب ١١:٧) إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ أَطَاعَا يَهْوَهَ أَيْضًا وَذَهَبَا إِلَى «أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ». وَرَغْمَ أَنَّ ٱلْفُرْصَةَ أُتِيحَتْ لَهُمَا لِيَعُودَا إِلَى مَدِينَةِ أُورَ ٱلْمُزْدَهِرَةِ، بَقِيَا مُرَكِّزَيْنِ عَلَى «إِتْمَامِ ٱلْوُعُودِ» ٱلَّتِي قَطَعَهَا ٱللهُ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَقُولُ إِنَّهُمَا تَطَلَّعَا إِلَى ‹مَكَانٍ أَفْضَلَ›. (عب ١١:٨، ٩، ١٣، ١٥، ١٦) وَمُوسَى كَذٰلِكَ رَفَضَ كُنُوزَ مِصْرَ، «وَٱخْتَارَ أَنْ تُسَاءَ مُعَامَلَتُهُ مَعَ شَعْبِ ٱللهِ عَلَى ٱلتَّمَتُّعِ ٱلْوَقْتِيِّ بِٱلْخَطِيَّةِ». (عب ١١:٢٤-٢٦) إِنَّ إِيمَانَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ يَدْفَعُنَا أَنْ نُقَدِّرَ عَطِيَّةَ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ وَنَسْتَعْمِلَهَا لِفِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللهِ.
١١ (أ) أَيَّةُ بَرَكَةٍ عَظِيمَةٍ تَنْتِجُ عَنِ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ؟ (ب) مَاذَا يَدْفَعُكَ أَنْتَ شَخْصِيًّا أَنْ تَسْتَخْدِمَ حُرِّيَّتَكَ ٱسْتِخْدَامًا صَحِيحًا؟
ٱلتَّثْنِيَة ٣٠:١٩، ٢٠. (اقرأها.) يَقُولُ ٱلْعَدَدُ ١٩ إِنَّ ٱللهَ خَيَّرَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ. وَيُخْبِرُ ٱلْعَدَدُ ٢٠ أَنَّ يَهْوَهَ أَعْطَاهُمْ بِذٰلِكَ فُرْصَةً فَرِيدَةً كَيْ يُظْهِرُوا مَدَى مَحَبَّتِهِمْ لَهُ. وَبِمَقْدُورِنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَخْتَارَ عِبَادَةَ يَهْوَهَ، وَنَسْتَعْمِلَ إِرَادَتَنَا ٱلْحُرَّةَ لِنُكْرِمَهُ وَنُظْهِرَ مَدَى مَحَبَّتِنَا لَهُ.
١١ نُفَضِّلُ أَحْيَانًا أَلَّا نَشْغَلَ بَالَنَا بِٱلتَّفْكِيرِ، فَنَدَعُ ٱلْآخَرِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْقَرَارَاتِ نِيَابَةً عَنَّا. وَلٰكِنْ إِذَا ٱسْتَعْمَلْنَا إِرَادَتَنَا ٱلْحُرَّةَ وَٱتَّخَذْنَا قَرَارَاتٍ صَحِيحَةً، نَتَمَتَّعُ بِبَرَكَةٍ عَظِيمَةٍ. وَهٰذِهِ ٱلْبَرَكَةُ مَذْكُورَةٌ فِيلَا تُسِئِ ٱسْتِعْمَالَ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ
١٢ أَيُّ مَوْقِفٍ مِنْ عَطِيَّةِ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ عَلَيْنَا تَجَنُّبُهُ؟
١٢ تَخَيَّلْ أَنَّكَ أَهْدَيْتَ صَدِيقَكَ هَدِيَّةً قَيِّمَةً. أَلَا تَحْزَنُ لَوْ رَأَيْتَهُ يَرْمِيهَا فِي سَلَّةِ ٱلزُّبَالَةِ أَوْ يَسْتَخْدِمُهَا لِأَذِيَّةِ ٱلْآخَرِينَ؟! فَكِّرْ إِذًا كَيْفَ يَشْعُرُ يَهْوَهُ حِينَ يَرَى كَثِيرِينَ يُسِيئُونَ ٱسْتِخْدَامَ حُرِّيَّتِهِمْ، وَٱلْأَسْوَأُ أَنَّهُمْ يُؤْذُونَ غَيْرَهُمْ بِتَصَرُّفِهِمْ هٰذَا. وَهٰذَا تَمَامًا مَا أَنْبَأَ بِهِ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ. فَهُوَ يَقُولُ إِنَّ ٱلنَّاسَ «فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ» يَكُونُونَ «غَيْرَ شَاكِرِينَ». (٢ تي ٣:١، ٢) فَكَيْفَ نُظْهِرُ تَقْدِيرَنَا لِعَطِيَّةِ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ وَنَتَجَنَّبُ إِسَاءَةَ ٱسْتِعْمَالِهَا؟
١٣ كَيْفَ نَتَجَنَّبُ إِسَاءَةَ ٱسْتِعْمَالِ حُرِّيَّتِنَا ٱلْمَسِيحِيَّةِ؟
١٣ كُلُّنَا أَحْرَارٌ فِي ٱخْتِيَارِ أَصْدِقَائِنَا وَثِيَابِنَا وَتَسْلِيَتِنَا. وَلٰكِنْ إِنْ لَمْ نَنْتَبِهْ، تُصْبِحُ حُرِّيَّتُنَا عُذْرًا لِنَتَّخِذَ قَرَارَاتٍ لَا تُرْضِي ٱللهَ أَوْ لِنَتَمَثَّلَ بِأَهْلِ ٱلْعَالَمِ. (اقرأ ١ بطرس ٢:١٦.) فَلْنَسْتَغِلَّ هٰذِهِ ٱلْحُرِّيَّةَ كَيْ نَفْعَلَ «كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ ٱللهِ»، بَدَلَ أَنْ نَعْتَبِرَهَا فُرْصَةً لِمُمَارَسَةِ ٱلْخَطِيَّةِ. — غل ٥:١٣؛ ١ كو ١٠:٣١.
١٤ مَا ٱلْعَلَاقَةُ بَيْنَ ثِقَتِنَا بِيَهْوَهَ وَمُمَارَسَةِ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ؟
اش ٤٨:١٧) وَعَلَيْنَا أَيْضًا أَنْ نَعْتَرِفَ بِتَوَاضُعٍ أَنْ «لَيْسَ لِلْبَشَرِ طَرِيقُهُمْ. لَيْسَ لِإِنْسَانٍ يَمْشِي أَنْ يُوَجِّهَ خُطُوَاتِهِ». (ار ١٠:٢٣) فَلَا نَقَعْ فِي ٱلْفَخِّ ٱلَّذِي وَقَعَ فِيهِ آدَمُ وَٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ ٱلْمُتَمَرِّدُونَ وَنَعْتَمِدْ عَلَى فَهْمِنَا. بَلْ لِنَتَّكِلْ دَائِمًا عَلَى يَهْوَهَ بِكُلِّ قَلْبِنَا. — ام ٣:٥.
١٤ نُظْهِرُ أَيْضًا تَقْدِيرَنَا لِعَطِيَّةِ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ حِينَ نَثِقُ بِيَهْوَهَ وَلَا نَتَخَطَّى ٱلْحُدُودَ ٱلَّتِي رَسَمَهَا. فَهُوَ ‹يُعَلِّمُنَا لِنَنْتَفِعَ، وَيُمَشِّينَا فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي يَجِبُ أَنْ نَسْلُكَ فِيهِ›. (هَلْ تَحْتَرِمُ حُرِّيَّةَ ٱلْآخَرِينَ؟
١٥ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلْمَبْدَإِ فِي غَلَاطِيَة ٦:٥؟
١٥ إِضَافَةً إِلَى مَا تَقَدَّمَ، عَلَيْنَا دَائِمًا أَنْ نَحْتَرِمَ حُرِّيَّةَ ٱلْآخَرِينَ. فَمِنْ حَقِّهِمْ أَنْ يَتَّخِذُوا قَرَارَاتِهِمِ ٱلْخَاصَّةَ. وَبِمَا أَنَّنَا جَمِيعًا نَتَمَتَّعُ بِٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ، فَلَنْ نَتَّخِذَ دَائِمًا ٱلْخِيَارَ نَفْسَهُ مِثْلَ غَيْرِنَا. وَيَصِحُّ ذٰلِكَ حَتَّى فِي ٱلْقَرَارَاتِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِسُلُوكِنَا وَعِبَادَتِنَا. وَفِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ، لِنَتَذَكَّرِ ٱلْمَبْدَأَ فِي غَلَاطِيَة ٦:٥ (اقرأها.) فَعِنْدَمَا نَعْتَرِفُ أَنَّ كُلَّ مَسِيحِيٍّ «سَيَحْمِلُ حِمْلَهُ ٱلْخَاصَّ»، أَيْ سَيَتَحَمَّلُ مَسْؤُولِيَّةَ قَرَارَاتِهِ، نَحْتَرِمُ حَقَّهُ فِي ٱلِٱخْتِيَارِ.
١٦، ١٧ (أ) أَيُّ قَضِيَّةٍ نَشَأَتْ فِي كُورِنْثُوسَ؟ (ب) كَيْفَ حَلَّ بُولُسُ ٱلْمَسْأَلَةَ، وَمَاذَا يُعَلِّمُنَا ذٰلِكَ بِشَأْنِ حُرِّيَّةِ ٱلْآخَرِينَ؟
١٦ لِنَتَأَمَّلْ فِي مِثَالٍ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ يُبَيِّنُ لِمَ يَلْزَمُ أَنْ نَحْتَرِمَ حُرِّيَّةَ إِخْوَتِنَا. فَفِي كُورِنْثُوسَ قَدِيمًا، كَانَ بَعْضُ ٱللَّحْمِ يُقَرَّبُ لِلْأَصْنَامِ، ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلسُّوقِ. فَحَلَّلَ عَدَدٌ مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَسْأَلَةَ بِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ: ‹اَلصَّنَمُ لَيْسَ شَيْئًا، لِذٰلِكَ أَسْتَطِيعُ أَكْلَ ٱللَّحْمِ بِضَمِيرٍ مُرْتَاحٍ›. لٰكِنَّ بَعْضَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ ٱلْأَصْنَامَ سَابِقًا، فَٱعْتَبَرُوا أَكْلَ ٱللَّحْمِ طَقْسًا دِينِيًّا. (١ كو ٨:٤، ٧) وَهٰذِهِ ٱلْقَضِيَّةُ ٱلْحَسَّاسَةُ هَدَّدَتْ وَحْدَةَ ٱلْجَمَاعَةِ. فَكَيْفَ سَاعَدَ بُولُسُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي كُورِنْثُوسَ أَنْ يَعْرِفُوا رَأْيَ ٱللهِ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ؟
١٧ أَوَّلًا، ذَكَّرَ بُولُسُ ٱلطَّرَفَيْنِ أَنَّ ٱلطَّعَامَ لَا يُقَوِّي عَلَاقَتَهُمْ بِٱللهِ. (١ كو ٨:٨) ثَانِيًا، حَذَّرَهُمْ كَيْ لَا تُصْبِحَ حُرِّيَّتُهُمْ «مَعْثَرَةً لِلضُّعَفَاءِ». (١ كو ٨:٩) وَلَاحِقًا، أَوْصَى ٱلَّذِينَ ضَمَائِرُهُمْ ضَعِيفَةٌ أَنْ لَا يَدِينُوا مَنِ ٱخْتَارُوا أَكْلَ ٱللَّحْمِ. (١ كو ١٠:٢٥، ٢٩، ٣٠) فَمَعَ أَنَّ هٰذِهِ كَانَتْ مَسْأَلَةً مُهِمَّةً تَرْتَبِطُ بِعِبَادَةِ يَهْوَهَ، لَزِمَ عَلَى كُلِّ مَسِيحِيٍّ أَنْ يَتَّخِذَ قَرَارَهُ بِنَفْسِهِ. مِنْ هُنَا، أَلَا يَلْزَمُ أَنْ نَحْتَرِمَ حُرِّيَّةَ إِخْوَتِنَا فِي ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ فِي ٱلْمَسَائِلِ ٱلثَّانَوِيَّةِ؟! — ١ كو ١٠:٣٢، ٣٣.
١٨ كَيْفَ تُظْهِرُ أَنَّكَ تُقَدِّرُ عَطِيَّةَ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْحُرَّةِ؟
١٨ لَقَدْ أَعْطَانَا يَهْوَهُ ٱلْإِرَادَةَ ٱلْحُرَّةَ. وَحِينَ نُمَارِسُهَا ضِمْنَ ٱلْحُدُودِ ٱلَّتِي رَسَمَهَا لَنَا، نَتَمَتَّعُ بِحُرِّيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ. (٢ كو ٣:١٧) وَهٰذِهِ ٱلْعَطِيَّةُ تُتِيحُ لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ قَرَارَاتٍ تَكْشِفُ مَدَى مَحَبَّتِنَا لِيَهْوَهَ. فَلْنَسْتَعْمِلْ هٰذِهِ ٱلْهَدِيَّةَ ٱلْقَيِّمَةَ لِنُكْرِمَ ٱللهَ، وَلْنَحْتَرِمْ حَقَّ إِخْوَتِنَا فِي ٱسْتِخْدَامِهَا. وَهٰكَذَا نُظْهِرُ أَنَّنَا نُقَدِّرُهَا بِٱلْفِعْلِ.