مقالة الدرس ١٤
التَّرنيمَة ٥٦ لِيَكُنِ الحَقُّ حَياتَك
«تقدَّمْ إلى النضج»
«لِنَجِدَّ في التَّقَدُّمِ إلى النُّضج». — عب ٦:١.
الفِكرَةُ الرَّئيسِيَّة
إعرِفْ كَيفَ يُفَكِّرُ المَسِيحِيُّ النَّاضِجُ ويَتَصَرَّفُ بِانسِجامٍ مع مَشيئَةِ اللّٰهِ ويَأخُذُ قَراراتٍ حَكيمَة.
١ ماذا يَطلُبُ يَهْوَه مِنَّا؟
قَليلَةٌ هيَ الأشياءُ الَّتي تُفَرِّحُ الزَّوجَيْنِ أكثَرَ مِن وِلادَةِ طِفلِهِما بِصِحَّةٍ جَيِّدَة. ومع أنَّ الوالِدَيْنِ يُحِبَّانِ طِفلَهُما كَثيرًا، لا يُريدانِ أن يَبْقى طِفلًا. حتَّى إنَّهُما يَخافانِ علَيهِ إذا لم يَكُنْ يَنْمو. بِشَكلٍ مُشابِه، يَفرَحُ يَهْوَه عِندَما نَخْطو خُطُواتِنا الأُولى ونَصيرُ مِن أتباعِ يَسُوع، لكنَّهُ لا يُريدُ أن نَبْقى أطفالًا روحِيًّا. (١ كو ٣:١) بل يَطلُبُ مِنَّا أن نَصيرَ مَسِيحِيِّينَ «مُكتَمِلي النُّمُوّ». — ١ كو ١٤:٢٠.
٢ ماذا سنُناقِشُ في هذِهِ المَقالَة؟
٢ ماذا يَعْني أن نَصيرَ مَسِيحِيِّينَ مُكتَمِلي النُّمُوّ؟ كَيفَ نَنْمو إلى النُّضجِ المَسِيحِيّ؟ أيُّ دَورٍ يَلعَبُهُ الطَّعامُ الرُّوحِيُّ القَوِيُّ في نُمُوِّنا؟ ولِماذا يَجِبُ أن نَنتَبِهَ مِنَ الثِّقَةِ الزَّائِدَة بِالنَّفْس؟ في هذِهِ المَقالَة، سنُناقِشُ الأجوِبَةَ عن هذِهِ الأسئِلَة.
ماذا يَعْني أن نَصيرَ مَسِيحِيِّينَ ناضِجين؟
٣ ماذا يَعْني أن يَكونَ المَسِيحِيُّ ناضِجًا روحِيًّا؟
٣ في الكِتابِ المُقَدَّس، الكَلِمَةُ اليُونَانِيَّة المُتَرجَمَة إلى «مُكتَمِلي النُّمُوّ» يُمكِنُ أن تَعْنِيَ أيضًا ناضِجين، تامِّين، وكامِلين. a (١ كو ٢:٦) ونَحنُ نُصبِحُ مَسِيحِيِّينَ مُكتَمِلي النُّمُوِّ أو ناضِجينَ حينَ لا نَبْقى أطفالًا روحِيًّا، بل نَصيرُ معَ الوَقتِ رِجالًا ونِساءً روحِيِّين. وطَبعًا، حتَّى بَعدَ أن نَصِلَ إلى هذا الهَدَف، لا يَجِبُ أبَدًا أن نَتَوَقَّفَ عنِ التَّقَدُّمِ روحِيًّا. (١ تي ٤:١٥) وكُلُّنا، حتَّى الصِّغارُ في العُمر، يُمكِنُ أن نَكونَ ناضِجينَ روحِيًّا. ولكنْ ما الَّذي يَدُلُّ أنَّ المَسِيحِيَّ صارَ ناضِجًا؟
٤ كَيفَ تَصِفُ المَسِيحِيَّ النَّاضِج؟
٤ المَسِيحِيُّ النَّاضِجُ هو شَخصٌ يَعيشُ بِانسِجامٍ مع كُلِّ مَطالِبِ اللّٰه. فلا يَختارُ على هَواهُ أن يُطيعَ مَطالِبَ ويَترُكَ أُخْرى. طَبعًا، هو يَرتَكِبُ أخطاءً لِأنَّهُ إنسانٌ ناقِص. لكنَّهُ يُبَرهِنُ في حَياتِهِ اليَومِيَّة أنَّهُ يُفَكِّرُ ويَتَصَرَّفُ بِانسِجامٍ مع مَشيئَةِ اللّٰه. وقد لَبِسَ الشَّخصِيَّةَ الجَديدَة ويُحاوِلُ دائِمًا أن يَجعَلَ تَفكيرَهُ أقرَبَ مِن تَفكيرِ اللّٰه. (أف ٤:٢٢-٢٤) كما أنَّهُ دَرَّبَ نَفْسَهُ لِيَأخُذَ قَراراتٍ حَكيمَة مُؤَسَّسَة على شَرائِعِ يَهْوَه ومَبادِئِه، لِذلِك لا يَحتاجُ إلى لائِحَةٍ طَويلَة مِنَ القَواعِدِ تَضبُطُ تَصَرُّفاتِه. وحينَ يَأخُذُ قَرارًا، يُصَمِّمُ أن يَلتَزِمَ به. — ١ كو ٩:٢٦، ٢٧.
٥ أيُّ مَخاطِرَ يَتَعَرَّضُ لها المَسِيحِيُّ غَيرُ النَّاضِج؟ (أفسس ٤:١٤، ١٥)
٥ بِالمُقابِل، المَسِيحِيُّ الَّذي يَبْقى غَيرَ ناضِجٍ يُمكِنُ بِسُهولَةٍ أن تُضَيِّعَهُ أفكارُ النَّاسِ الماكِرَة والمُضَلِّلَة، وتَحمِلَهُ إلى هُنا وهُناك نَظَرِيَّاتُ المُؤامَرَةِ وكَلامُ المُرتَدِّين. b (إقرأ أفسس ٤:١٤، ١٥.) وهو مُعَرَّضٌ أن يَقَعَ في فَخِّ الغيرَةِ والحَسَد، النِّزاعات، الغَضَبِ مِنَ الآخَرين، أوِ الاستِسلامِ لِلتَّجارِب. — ١ كو ٣:٣.
٦ أيُّ مَثَلٍ يوضِحُ عَمَلِيَّةَ النُّضج؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
٦ كما ذَكَرنا مِن قَبل، يُشَبِّهُ الكِتابُ المُقَدَّسُ عَمَلِيَّةَ النُّضجِ الرُّوحِيِّ بِعَمَلِيَّةِ النُّمُوِّ إلى البُلوغ. فالوَلَدُ لَيسَ لَدَيهِ بُعدُ نَظَر، لِذلِك يَحتاجُ إلى إشرافِ شَخصٍ راشِدٍ وحِمايَتِه. فَكِّرْ في هذا المَثَل. قد تَطلُبُ أُمٌّ مِن بِنتِها الصَّغيرَة أن تُمسِكَ بِيَدِها وهي تَقطَعُ الشَّارِع. وفيما تَكبَرُ البِنت، قد تَسمَحُ لها أُمُّها أن تَقطَعَ الشَّارِعَ وَحْدَها، لكنَّها تَظَلُّ تُذَكِّرُها أن تَنظُرَ في الاتِّجاهَيْن. وحينَ تَصيرُ البِنتُ راشِدَة، تَتَجَنَّبُ وَحْدَها خَطَرًا كهذا. ومِثلَما يَحتاجُ الأوْلادُ الصِّغارُ إلى المُساعَدَةِ مِنَ الرَّاشِدينَ كَي يَتَجَنَّبوا المَخاطِر، غالِبًا ما يَحتاجُ المَسِيحِيُّونَ غَيرُ النَّاضِجينَ إلى المُساعَدَةِ مِنَ المَسِيحِيِّينَ النَّاضِجينَ كَي يَتَجَنَّبوا المَخاطِرَ الرُّوحِيَّة ويَأخُذوا قَراراتٍ حَكيمَة. بِالمُقابِل، حينَ يَكونُ المَسِيحِيُّونَ النَّاضِجونَ أمامَ قَرارٍ ما، يُفَكِّرونَ في مَبادِئِ الكِتابِ المُقَدَّسِ لِيَعرِفوا رَأْيَ يَهْوَه في المَوضوعِ ثُمَّ يَتَصَرَّفونَ على هذا الأساس.
٧ هل يَحتاجُ المَسِيحِيُّونَ النَّاضِجونَ إلى المُساعَدَةِ مِنَ الآخَرين؟
٧ هل يَعْني ذلِك أنَّ المَسِيحِيَّ النَّاضِجَ لا يَحتاجُ أبَدًا إلى المُساعَدَةِ مِن أحَد؟ لا. فالمَسِيحِيُّونَ النَّاضِجونَ أيضًا يَحتاجونَ أحيانًا أن يَطلُبوا المُساعَدَة. لكنَّ الشَّخصَ غَيرَ النَّاضِجِ قد يَتَوَقَّعُ أن يَقولَ لهُ الآخَرونَ ماذا يَفعَل، أو أن يَأخُذوا عنهُ قَرارًا يَجِبُ أن يَأخُذَهُ هو. مِن جِهَةٍ أُخْرى، يَستَفيدُ المَسِيحِيُّ النَّاضِجُ مِن حِكمَةِ الآخَرينَ وخِبرَتِهِم فيما يُدرِكُ أنَّ يَهْوَه يَتَوَقَّعُ مِنهُ أن «يَحمِلَ حِملَه». — غل ٦:٥.
٨ كَيفَ يَختَلِفُ مَسِيحِيٌّ ناضِجٌ عن آخَر؟
٨ ومِثلَما يَكونُ الرَّاشِدونَ مُختَلِفِينَ في الشَّكل، يَكونُ المَسِيحِيُّونَ النَّاضِجونَ مُختَلِفِينَ في الصِّفاتِ الرُّوحِيَّة مِثلِ الحِكمَة، الشَّجاعَة، الكَرَم، والتَّعاطُف. وأكثَرُ مِن ذلِك، حينَ يُواجِهُ مَسِيحِيَّانِ ناضِجانِ المَوقِفَ نَفْسَه، قد يَصِلانِ إلى استِنْتاجَينِ مُختَلِفَيْنِ كِلاهُما مُنسَجِمَانِ معَ الكِتابِ المُقَدَّس. وهذا يَحصُلُ بِشَكلٍ خاصٍّ في المَسائِلِ الَّتي تَعودُ إلى الضَّمير. ولِأنَّهُما يَعرِفانِ ذلِك، لا يَحكُمُ أحَدُهُما على الآخَرِ بِسَبَبِ اختِلافاتٍ كهذِه. بَدَلًا مِن ذلِك، يُرَكِّزانِ على البَقاءِ في وَحدَة. — رو ١٤:١٠؛ ١ كو ١:١٠.
كَيفَ نَنْمو إلى النُّضجِ المَسِيحِيّ؟
٩ هل نَنْمو تِلْقائيًّا إلى النُّضجِ الرُّوحِيّ؟ أوضِح.
٩ معَ الوَقت، نَنْمو طَبيعِيًّا إلى سِنِّ الرُّشد. ولكنْ لا أحَدَ يَنْمو تِلْقائيًّا إلى النُّضجِ الرُّوحِيّ. مَثَلًا، قَبِلَ الإخوَةُ والأخَواتُ في كُورِنْثُوس الأخبارَ الحُلْوَة، اعتَمَدوا، نالوا الرُّوحَ القُدُس، وتَعَلَّموا الكَثيرَ مِنَ الرَّسولِ بُولُس شَخصِيًّا. (أع ١٨:٨-١١) ولكنْ بَعدَ سَنَواتٍ مِن مَعمودِيَّتِهِم، كانَ كَثيرونَ مِنهُم ما زالوا غَيرَ ناضِجين. (١ كو ٣:٢) فكَيفَ نَتَجَنَّبُ أن نُبَطِّئَ نُمُوَّنا الرُّوحِيّ؟
١٠ ماذا يَجِبُ أن نَفعَلَ كَي نَصِلَ إلى النُّضج؟ (يهوذا ٢٠)
١٠ كَي نَصِلَ إلى النُّضج، يَلزَمُ أوَّلًا أن نُنَمِّيَ الرَّغبَةَ أن نَصيرَ ناضِجين. فالَّذينَ ‹يُحِبُّونَ الجَهل›، أو بِكَلِمَةٍ أُخْرى يُفَضِّلونَ أن يَبْقَوْا أطفالًا روحِيًّا، لن يَقدِروا أن يَتَقَدَّموا. (أم ١:٢٢) ونَحنُ لا نُريدُ أن نَكونَ مِثلَ الأشخاصِ الرَّاشِدينَ الَّذينَ ما زالوا يَعتَمِدونَ على والِديهِم كَي يَأخُذوا القَراراتِ عنهُم. بل نُريدُ أن نَتَحَمَّلَ شَخصِيًّا مَسؤولِيَّةَ نُمُوِّنا الرُّوحِيّ. (إقرأ يهوذا ٢٠.) فإذا كُنتَ لا تَزالُ تَجتَهِدُ لِتَصِلَ إلى النُّضج، فصَلِّ إلى يَهْوَه كَي يُعْطِيَكَ «الرَّغبَةَ والقُدرَةَ لِتَعمَلَ . . . ما يُرْضيه». — في ٢:١٣.
١١ أيُّ مُساعَدَةٍ مُتَوَفِّرَةٌ لنا كَي نَتَقَدَّمَ إلى النُّضج؟ (أفسس ٤:١١-١٣)
١١ لا يَتَوَقَّعُ يَهْوَه أن نَصيرَ أشخاصًا ناضِجين من دونِ مُساعَدَة. فالرُّعاةُ والمُعَلِّمونَ في الجَماعَةِ المَسِيحِيَّة جاهِزونَ لِيُساعِدوا كُلَّ واحِدٍ مِنَّا أن يَصيرَ «مُكتَمِلَ النُّمُوّ» بِمَعْنًى روحِيّ، ويَصِلَ «إلى قِياسِ قامَةِ مِلْءِ المَسِيح». (إقرأ أفسس ٤:١١-١٣.) أيضًا، يُعْطينا يَهْوَه روحَهُ القُدُسَ كَي يَصيرَ لَدَينا «فِكرُ المَسِيح». (١ كو ٢:١٤-١٦) كما أنَّهُ أوْحى بِكِتابَةِ الأناجيلِ الأربَعَة لِيُرِيَنا كَيفَ فَكَّرَ يَسُوع وكَيفَ تَكَلَّمَ وتَصَرَّفَ وهو على الأرض. وحينَ تَتَمَثَّلُ بِطَريقَةِ تَفكيرِ يَسُوع وتَصَرُّفاتِه، تَصِلُ إلى هَدَفِكَ أن تَصيرَ مَسِيحِيًّا ناضِجًا.
دَورُ الطَّعامِ الرُّوحِيِّ القَوِيّ
١٢ ما هوَ «التَّعليمُ الأوَّلِيُّ عنِ المَسِيح»؟
١٢ كَي نَتَقَدَّمَ إلى النُّضج، لا يَجِبُ أن نَقِفَ عِندَ «التَّعليمِ الأوَّلِيِّ عنِ المَسِيح» أيِ التَّعاليمِ المَسِيحِيَّة الأساسِيَّة مِثلِ التَّوبَة، الإيمان، المَعمودِيَّة، والقِيامَة. (عب ٦:١، ٢) هذِهِ التَّعاليمُ هي أساسُ الدِّينِ المَسِيحِيّ. لِهذا السَّبَبِ ذَكَرَها الرَّسولُ بُطْرُس وهو يُبَشِّرُ جَمعًا مِنَ النَّاسِ يَومَ الخَمسين. (أع ٢:٣٢-٣٥، ٣٨) وعلَينا أن نَقبَلَ هذِهِ التَّعاليمَ الأوَّلِيَّة كَي نَصيرَ تَلاميذَ لِلمَسِيح. مَثَلًا، حَذَّرَ بُولُس قائِلًا إنَّ كُلَّ مَن يَرفُضُ تَعليمَ القِيامَةِ يُنكِرُ الإيمانَ المَسِيحِيَّ كَكُلّ. (١ كو ١٥:١٢-١٤) مع ذلِك، لا يَجِبُ أن نَكتَفِيَ بِالمَعرِفَةِ الأساسِيَّة لِلحَقّ.
١٣ ماذا يَلزَمُ أن نَفعَلَ كَي نَستَفيدَ مِنَ الطَّعامِ الرُّوحِيِّ القَوِيِّ المَذكورِ في العِبْرَانِيِّين ٥:١٤؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
١٣ بِعَكسِ العَقائِدِ الأساسِيَّة، لا يَشمُلُ الطَّعامُ الرُّوحِيُّ القَوِيُّ شَرائِعَ يَهْوَه فَقَط بل مَبادِئَهُ أيضًا، الَّتي تُساعِدُنا أن نَفهَمَ طَريقَةَ تَفكيرِه. وكَي نَستَفيدَ مِن هذا الطَّعام، يَلزَمُ أن نَدرُسَ كَلِمَةَ اللّٰه، نَتَأمَّلَ فيها، ونُطَبِّقَها بِدِقَّة. وفيما نَفعَلُ ذلِك، نُدَرِّبُ أنفُسَنا كَي نَأخُذَ قَراراتٍ تُرْضي يَهْوَه. c — إقرإ العبرانيين ٥:١٤.
١٤ كَيفَ ساعَدَ بُولُس أهلَ كُورِنْثُوس أن يَنْموا إلى النُّضج؟
١٤ غالِبًا ما يَحتارُ المَسِيحِيُّونَ غَيرُ النَّاضِجينَ في المَواقِفِ الَّتي تَتَطَلَّبُ تَحليلَ مَبادِئِ الكِتابِ المُقَدَّسِ وتَطبيقَها. فإذا لم يَكُنْ هُناك شَريعَةٌ مُحَدَّدَة، فقد يَشعُرُ البَعضُ أنَّهُم يَقدِرونَ أن يَفعَلوا ما يُريدون. وآخَرونَ قد يَطلُبونَ قاعِدَةً حَيثُ لا حاجَةَ إلى قاعِدَة. على سَبيلِ المِثال، المَسِيحِيُّونَ في كُورِنْثُوس طَلَبوا مِن بُولُس قاعِدَةً كما يَبْدو كَي يَعرِفوا هل يَأكُلونَ طَعامًا قُدِّمَ لِصَنَم. وبَدَلَ أن يَقولَ لهُم بُولُس ماذا يَفعَلون، اعتَرَفَ بِدَورِ الضَّميرِ وبِأنَّ كُلَّ شَخصٍ لهُ «سُلطَةٌ» أن يَختار. كما حَلَّلَ معهُم مَبادِئَ تَسمَحُ لِكُلِّ فَردٍ أن يَأخُذَ قَرارًا يُريحُ ضَميرَهُ دونَ أن يُضايِقَ غَيرَه. (١ كو ٨:٤، ٧-٩) وبِهذِهِ الطَّريقَة، ساعَدَ بُولُس أهلَ كُورِنْثُوس أن يَنْموا روحِيًّا بِحَيثُ يَصيرونَ قادِرينَ أن يَستَعمِلوا قُدرَتَهُم على التَّمييز، بَدَلَ أن يَعتَمِدوا على شَخصٍ آخَرَ أو بِبَساطَةٍ يَبحَثوا عن قَواعِد.
١٥ كَيفَ ساعَدَ بُولُس المَسِيحِيِّينَ مِن أصلٍ عِبْرَانِيٍّ أن يَتَقَدَّموا روحِيًّا؟
١٥ نَتَعَلَّمُ دَرسًا مُهِمًّا مِمَّا كَتَبَهُ بُولُس إلى المَسِيحِيِّينَ مِن أصلٍ عِبْرَانِيّ. فالبَعضُ مِنهُم كانوا قد تَوَقَّفوا عنِ النُّمُوِّ روحِيًّا، حتَّى إنَّهُم ‹عادوا يَحتاجونَ إلى الحَليبِ لا إلى الطَّعامِ [الرُّوحِيِّ] القَوِيّ›. (عب ٥:١٢) فهُم لم يُجاروا الحَقَّ الَّذي كانَ يُكشَفُ تَدريجِيًّا مِن خِلالِ الجَماعَة. (أم ٤:١٨) مَثَلًا، كانَ كَثيرونَ مِنَ المُؤْمِنينَ اليَهُودِ ما زالوا يَتَمَسَّكونَ بِشَريعَةِ مُوسَى، مع أنَّ ٣٠ سَنَةً تَقريبًا مَرَّت على انتِهاءِ الشَّريعَةِ على أساسِ ذَبيحَةِ المَسِيح. (رو ١٠:٤؛ تي ١:١٠) وطَبعًا، لم يَكُنْ كَثيرًا أن يُطلَبَ مِنَ المَسِيحِيِّينَ اليَهُودِ أن يُعَدِّلوا تَفكيرَهُم على مَدى أكثَرَ مِن ٣٠ سَنَة! وكُلُّ مَن يَقرَأُ رِسالَةَ بُولُس الموحى بها إلى العِبْرَانِيِّين يُوافِقُ أنَّ هذا السِّفرَ يَتَضَمَّنُ طَعامًا روحِيًّا قَوِيًّا. وهذا بِالضَّبطِ ما احتاجَ إلَيهِ هؤُلاءِ المَسِيحِيُّونَ كَي يُقَوُّوا إيمانَهُم بِأنَّ تَرتيبَ العِبادَةِ المَسِيحِيَّ أفضَلُ بِكَثير، ويَنالوا الشَّجاعَةَ كَي يَستَمِرُّوا في التَّبشيرِ رَغمَ المُقاوَمَةِ مِنَ اليَهُود. — عب ١٠:١٩-٢٣.
إنتَبِهْ مِنَ الثِّقَةِ الزَّائِدَة بِالنَّفْس
١٦ بِالإضافَةِ إلى التَّقَدُّمِ إلى النُّضج، ماذا يَلزَمُ أن نَفعَل؟
١٦ لا يَكْفي أن نَبذُلَ جُهدَنا كَي نَصِلَ إلى النُّضج، بل يَلزَمُ أيضًا أن نَجتَهِدَ كَي نَبْقى ناضِجين. وهذا يَتَطَلَّبُ مِنَّا أن نَنتَبِهَ مِنَ الثِّقَةِ الزَّائِدَة بِالنَّفْس. (١ كو ١٠:١٢) فعلَينا أن ‹نُداوِمَ على امتِحانِ أنفُسِنا› كَي نَتَأكَّدَ أنَّنا ما زِلنا نَتَقَدَّم. — ٢ كو ١٣:٥.
١٧ كَيفَ تُظهِرُ رِسالَةُ بُولُس إلى أهلِ كُولُوسِي أهَمِّيَّةَ البَقاءِ ناضِجين؟
١٧ في رِسالَةِ بُولُس إلى أهلِ كُولُوسِي، شَدَّدَ مَرَّةً أُخْرى على أهَمِّيَّةِ البَقاءِ ناضِجين. فمع أنَّهُم كانوا قد صاروا مَسِيحِيِّينَ مُكتَمِلي النُّمُوّ، حَذَّرَهُم بُولُس مِن أن يَنجَرُّوا وَراءَ تَفكيرِ أهلِ العالَم. (كو ٢:٦-١٠) وأَبَفْرَاس، الَّذي كما يَتَّضِحُ عَرَفَ جَيِّدًا الإخوَةَ في الجَماعَة، صَلَّى بِاستِمرارٍ كَي ‹يَثبُتوا أخيرًا تامِّينَ› أو ناضِجين. (كو ٤:١٢) فما الفِكرَة؟ عَرَفَ بُولُس وأَبَفْرَاس كِلاهُما أنَّ البَقاءَ ناضِجينَ يَتَطَلَّبُ مَجهودًا شَخصِيًّا ودَعمًا مِنَ اللّٰه. وأرادا أن يَبْقى أهلُ كُولُوسِي مَسِيحِيِّينَ ناضِجينَ مُكتَمِلي النُّمُوِّ رَغمَ التَّحَدِّياتِ الَّتي يُواجِهونَها.
١٨ ماذا يُمكِنُ أن يَحصُلَ لِلمَسِيحِيِّ النَّاضِج؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
١٨ حَذَّرَ بُولُس العِبْرَانِيِّينَ مِن أمرٍ مُهِمّ. فهو أوضَحَ لهُم أنَّ المَسِيحِيَّ النَّاضِجَ يُمكِنُ أن يَخسَرَ رِضى اللّٰه بِشَكلٍ دائِمٍ. فقد يَصيرُ قَلبُهُ قاسِيًا لِدَرَجَةِ أنَّهُ لا يَعودُ يَقدِرُ أن يَتوبَ ويَنالَ غُفرانَ اللّٰه. مِنَ المُفرِحِ أنَّ العِبْرَانِيِّينَ لم يَكونوا قد وَصَلوا إلى هذِهِ المَرحَلَة. (عب ٦:٤-٩) وماذا عنِ الَّذينَ يَصيرونَ خامِلينَ في أيَّامِنا أو هُم مَفصولونَ ولكنْ قد يَتوبونَ لاحِقًا؟ إنَّ تَوبَتَهُم بِتَواضُعٍ تُظهِرُ أنَّهُم مُختَلِفونَ عنِ الَّذينَ كَتَبَ بُولُس عنهُم. ولكنْ عِندَما يَرجِعونَ إلى يَهْوَه، يَحتاجونَ إلى المُساعَدَةِ الَّتي يُقَدِّمُها لهُم. (حز ٣٤:١٥، ١٦) فقد يُرَتِّبُ الشُّيوخُ أن يُساعِدَهُم مَسِيحِيٌّ لَدَيهِ خِبرَةٌ كَي يَستَعيدوا قُوَّتَهُمُ الرُّوحِيَّة.
١٩ أيُّ هَدَفٍ يَجِبُ أن نَضَعَه؟
١٩ إذا كُنتَ تَسْعى كَي تَتَقَدَّمَ إلى النُّضجِ المَسِيحِيّ، فلا تَستَسلِم. أنتَ تَقدِرُ أن تَصِلَ إلى هَدَفِك. إستَمِرَّ في تَناوُلِ الطَّعامِ الرُّوحِيِّ القَوِيِّ وعَدِّلْ تَفكيرَكَ كَي يَصيرَ أقرَبَ وأقرَبَ مِن تَفكيرِ يَهْوَه. وإذا صِرتَ ناضِجًا، فحافِظْ على ثَباتِكَ كَي تَبْقى دائِمًا مَسِيحِيًّا مُكتَمِلَ النُّمُوّ.
ما جَوابُك؟
-
ما مَعْنى أن يَصيرَ الشَّخصُ مَسِيحِيًّا ناضِجًا؟
-
كَيفَ نَنْمو إلى النُّضجِ المَسِيحِيّ؟
-
لِماذا يَجِبُ أن نَنتَبِهَ مِنَ الثِّقَةِ الزَّائِدَة بِالنَّفْس؟
التَّرنيمَة ٦٥ واصِلوا السَّيرَ قُدُمًا!
a مع أنَّ الأسفارَ العِبْرَانِيَّة لا تَستَعمِلُ الكَلِمَتَيْن «ناضِجٌ» و «غَيرُ ناضِج» في الحَديثِ عنِ البَشَر، فهي تَتَضَمَّنُ الفِكرَةَ وَراءَ هاتَيْنِ الكَلِمَتَيْن. مَثَلًا، يُقارِنُ سِفرُ الأمثال بَينَ الشَّخصِ الصَّغيرِ في العُمرِ والقَليلِ الخِبرَةِ وبَينَ الشَّخصِ الحَكيمِ الَّذي عِندَهُ فَهم. — أم ١:٤، ٥.
b أُنظُرِ المَقالَة «كَيفَ تَحْمي نَفْسَكَ مِنَ المَعلوماتِ الخاطِئَة؟» في سِلسِلَة «مَواضيعُ أُخْرى» على jw.org وتَطبيق مَكتَبَةِ شُهودِ يَهْوَه (JW Library®).
c أُنظُرِ الجُزْء «مَشروعٌ لِلدَّرس» في هذا العَدَد.
d وصف الصور : أخ يطبِّق المبادئ التي تعلَّمها من كلمة اللّٰه حين يختار تسليته.