الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الطريق الى الحرية الحقيقية

الطريق الى الحرية الحقيقية

‏«إِنْ حَرَّرَكُمُ ٱلِٱبْنُ،‏ تَكُونُونَ بِٱلْحَقِيقَةِ أَحْرَارًا».‏ —‏ يو ٨:‏٣٦‏.‏

اَلتَّرْنِيمَتَانِ:‏ ٦٥،‏ ٥٢

١،‏ ٢ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ يَسْعَى ٱلْبَشَرُ لِتَحْقِيقِ ٱلْحُرِّيَّةِ؟‏ (‏ب)‏ هَلْ تَنْجَحُ جُهُودُ ٱلْبَشَرِ؟‏

يَكْثُرُ ٱلْحَدِيثُ ٱلْيَوْمَ عَنِ ٱلْحُرِّيَّةِ وَٱلْمُسَاوَاةِ.‏ فَفِي أَنْحَاءٍ عَدِيدَةٍ مِنَ ٱلْعَالَمِ،‏ يَسْعَى ٱلنَّاسُ لِيَتَحَرَّرُوا مِنَ ٱلظُّلْمِ وَٱلتَّمْيِيزِ وَٱلْفَقْرِ.‏ وَيُطَالِبُ آخَرُونَ بِحَقِّ تَقْرِيرِ ٱلْمَصِيرِ وَحُرِّيَّةِ ٱلتَّعْبِيرِ وَٱلِٱخْتِيَارِ.‏ بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى،‏ ٱلْحُرِّيَّةُ هِيَ حُلْمُ ٱلنَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.‏

٢ وَلِنَيْلِ ٱلْحُرِّيَّةِ،‏ يُنَظِّمُ كَثِيرُونَ ٱحْتِجَاجَاتٍ وَمُظَاهَرَاتٍ وَثَوْرَاتٍ.‏ وَلٰكِنْ بَدَلَ أَنْ تُحَقِّقَ هٰذِهِ ٱلْجُهُودُ ٱلْحُرِّيَّةَ،‏ تُؤَدِّي فِي أَغْلَبِ ٱلْأَحْيَانِ إِلَى ٱلْمُعَانَاةِ وَٱلْمَوْتِ.‏ وَكُلُّ هٰذَا يُؤَكِّدُ كَلِمَاتِ ٱلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ:‏ «يَتَسَلَّطُ إِنْسَانٌ عَلَى إِنْسَانٍ لِأَذِيَّتِهِ».‏ —‏ جا ٨:‏٩‏.‏

٣ مَا مِفْتَاحُ ٱلسَّعَادَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ؟‏

٣ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ أَشَارَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ إِلَى مِفْتَاحِ ٱلسَّعَادَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ.‏ قَالَ:‏ «اَلَّذِي يَطَّلِعُ عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْكَامِلَةِ،‏ شَرِيعَةِ ٱلْحُرِّيَّةِ،‏ وَيُدَاوِمُ عَلَى ذٰلِكَ .‏ .‏ .‏ يَكُونُ سَعِيدًا فِي ٱلْعَمَلِ بِهَا».‏ (‏يع ١:‏٢٥‏)‏ فَيَهْوَهُ هُوَ مَصْدَرُ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْكَامِلَةِ،‏ وَهُوَ يَعْرِفُ تَمَامًا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ ٱلْإِنْسَانُ لِيَعِيشَ بِسَعَادَةٍ.‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ أَعْطَى آدَمَ وَحَوَّاءَ كُلَّ مَا يَلْزَمُهُمَا لِيَكُونَا سَعِيدَيْنِ،‏ بِمَا فِي ذٰلِكَ ٱلْحُرِّيَّةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ.‏

حِينَ تَمَتَّعَ ٱلْبَشَرُ بِٱلْحُرِّيَّةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ .‏ .‏ .‏

٤ أَيَّةُ حُرِّيَّةٍ تَمَتَّعَ بِهَا آدَمُ وَحَوَّاءُ؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.‏)‏

٤ تَمَتَّعَ آدَمُ وَحَوَّاءُ بِٱلْحُرِّيَّةِ ٱلَّتِي يَحْلُمُ بِهَا ٱلنَّاسُ ٱلْيَوْمَ،‏ ٱلْحُرِّيَّةِ مِنَ ٱلْفَقْرِ وَٱلْخَوْفِ وَٱلظُّلْمِ.‏ فَكَمَا يُظْهِرُ ٱلْإِصْحَاحَانِ ٱلْأَوَّلَانِ مِنْ سِفْرِ ٱلتَّكْوِينِ،‏ لَمْ يَقْلَقَا بَتَاتًا بِشَأْنِ ٱلطَّعَامِ وَٱلْعَمَلِ،‏ وَلَمْ يَخَافَا مِنَ ٱلْمَرَضِ وَٱلْمَوْتِ.‏ (‏تك ١:‏٢٧-‏٢٩؛‏ ٢:‏٨،‏ ٩،‏ ١٥‏)‏ وَلٰكِنْ هَلْ يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّهُمَا تَمَتَّعَا بِحُرِّيَّةٍ مُطْلَقَةٍ؟‏

٥ مَاذَا يَلْزَمُ كَيْ يَتَمَتَّعَ ٱلنَّاسُ بِٱلْحُرِّيَّةِ؟‏

٥ يَعْتَقِدُ كَثِيرُونَ أَنَّ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ تَعْنِي أَنْ يَفْعَلُوا كُلَّ مَا يَحْلُو لَهُمْ،‏ بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنِ ٱلْعَوَاقِبِ.‏ لٰكِنَّ ٱلْمُعْجَمَ ٱلْقَانُونِيَّ لِلْفَارُوقِي يُعَرِّفُ ٱلْحُرِّيَّةَ بِأَنَّهَا «حُرِّيَّةُ ٱلتَّصَرُّفِ وَٱلْعَيْشِ وَٱلسُّلُوكِ .‏ .‏ .‏ دُونَ أَيِّ تَأْثِيرٍ أَوْ قَيْدٍ إِلَّا مَا فَرَضَتْهُ ٱلْقَوَانِينُ ٱلْعَادِلَةُ ٱلضَّرُورِيَّةُ».‏ إِذًا بَعْضُ ٱلْقُيُودِ،‏ أَوِ ٱلْحُدُودِ،‏ لَازِمَةٌ كَيْ يَتَمَتَّعَ كُلُّ أَفْرَادِ ٱلْمُجْتَمَعِ بِٱلْحُرِّيَّةِ.‏ وَلٰكِنْ مَنْ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُقَرِّرَ مَا هِيَ ٱلْحُدُودُ ٱلْعَادِلَةُ وَٱلضَّرُورِيَّةُ وَٱلْمَعْقُولَةُ؟‏

٦ ‏(‏أ)‏ لِمَ يَهْوَهُ وَحْدَهُ لَدَيْهِ حُرِّيَّةٌ مُطْلَقَةٌ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ حُرِّيَّةٍ يَتَمَتَّعُ بِهَا ٱلْبَشَرُ،‏ وَلِمَاذَا؟‏

٦ لِنُبْقِ فِي بَالِنَا أَنَّ يَهْوَهَ وَحْدَهُ لَدَيْهِ حُرِّيَّةٌ مُطْلَقَةٌ،‏ أَيْ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ.‏ وَذٰلِكَ لِأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ ٱلْأَشْيَاءِ وَحَاكِمُ ٱلْكَوْنِ ٱلْكُلِّيُّ ٱلْقُدْرَةِ.‏ (‏١ تي ١:‏١٧؛‏ رؤ ٤:‏١١‏)‏ وَقَدْ وَصَفَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ بِكَلِمَاتٍ جَمِيلَةٍ مَرْكَزَ يَهْوَهَ ٱلْفَرِيدَ وَٱلرَّفِيعَ.‏ ‏(‏اقرأ ١ اخبار الايام ٢٩:‏١١،‏ ١٢‏.‏)‏ وَبِٱلتَّالِي،‏ لَدَى كُلِّ مَخْلُوقَاتِهِ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلْأَرْضِ حُرِّيَّةٌ نِسْبِيَّةٌ،‏ أَيْ مَحْدُودَةٌ.‏ لِذَا عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْتَرِفُوا أَنَّ يَهْوَهَ وَحْدَهُ لَهُ ٱلْحَقُّ أَنْ يُقَرِّرَ مَا هِيَ ٱلْحُدُودُ ٱلْعَادِلَةُ وَٱلضَّرُورِيَّةُ وَٱلْمَعْقُولَةُ.‏ وَهٰذَا بِٱلْفِعْلِ مَا عَمِلَهُ مِنْ أَجْلِ ٱلْبَشَرِ عِنْدَمَا خَلَقَهُمْ.‏

٧ مَا بَعْضُ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي تُفْرِحُنَا؟‏

٧ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ،‏ تَمَتَّعَ آدَمُ وَحَوَّاءُ بِٱلْحُرِّيَّةِ فِي مَجَالَاتٍ كَثِيرَةٍ،‏ وَلٰكِنْ ضِمْنَ حُدُودٍ.‏ وَٱللَّافِتُ أَنَّ بَعْضَ هٰذِهِ ٱلْحُدُودِ كَانَ غَرِيزِيًّا.‏ مَثَلًا،‏ لَزِمَ أَنْ يَتَنَفَّسَا وَيَأْكُلَا وَيَنَامَا لِيَبْقَيَا عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ.‏ فَهَلْ شَعَرَا أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ تُخَسِّرُهُمَا حُرِّيَّتَهُمَا؟‏ كَلَّا.‏ فَيَهْوَهُ حَرِصَ أَنْ يَسْتَمْتِعَا بِهَا.‏ (‏مز ١٠٤:‏١٤،‏ ١٥؛‏ جا ٣:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ فَمَنْ مِنَّا لَا يَفْرَحُ عِنْدَمَا يَتَنَشَّقُ هَوَاءً مُنْعِشًا،‏ يَأْكُلُ طَعَامًا لَذِيذًا،‏ وَيَنَامُ نَوْمًا عَمِيقًا؟‏ فَنَحْنُ نَفْعَلُ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ ٱلضَّرُورِيَّةَ دُونَ أَنْ نَعْتَبِرَهَا عِبْئًا عَلَيْنَا.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذَا مَا شَعَرَ بِهِ آدَمُ وَحَوَّاءُ.‏

٨ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ مُحَدَّدَةٍ أَعْطَاهَا ٱللهُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ،‏ وَبِأَيِّ هَدَفٍ؟‏

٨ أَعْطَى يَهْوَهُ آدَمَ وَحَوَّاءَ أَيْضًا وَصِيَّةً مُحَدَّدَةً:‏ أَنْ يُنْجِبَا ٱلْأَوْلَادَ،‏ يَمْلَآ ٱلْأَرْضَ،‏ وَيَعْتَنِيَا بِهَا.‏ (‏تك ١:‏٢٨‏)‏ فَهَلْ حَرَمَتْهُمَا هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةُ مِنْ حَرِّيَّتِهِمَا؟‏ إِطْلَاقًا.‏ بَلْ أَتَاحَتْ لَهُمَا أَنْ يُحَوِّلَا ٱلْأَرْضَ كُلَّهَا إِلَى فِرْدَوْسٍ،‏ وَيَعِيشَا عَلَيْهَا مَعَ أَوْلَادِهِمَا ٱلْكَامِلِينَ إِلَى ٱلْأَبَدِ،‏ تَمَامًا كَمَا قَصَدَ ٱللهُ.‏ (‏اش ٤٥:‏١٨‏)‏ طَبْعًا،‏ لَا يُخَالِفُ ٱلشَّخْصُ ٱلْيَوْمَ مَشِيئَةَ ٱللهِ إِذَا قَرَّرَ أَلَّا يَتَزَوَّجَ أَوْ يُنْجِبَ ٱلْأَوْلَادَ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلنَّاسَ عُمُومًا يَتَزَوَّجُونَ وَيُرَبُّونَ ٱلْأَوْلَادَ،‏ مَعَ أَنَّهُمْ يُوَاجِهُونَ صُعُوبَاتٍ كَثِيرَةً نَتِيجَةً لِذٰلِكَ.‏ (‏١ كو ٧:‏٣٦-‏٣٨‏)‏ وَلِمَاذَا؟‏ لِأَنَّ ٱلزَّوَاجَ وَتَرْبِيَةَ ٱلْأَوْلَادِ يَجْلُبَانِ عَادَةً ٱلسَّعَادَةَ وَٱلرِّضَى.‏ (‏مز ١٢٧:‏٣‏)‏ وَلَوْ أَطَاعَ آدَمُ وَحَوَّاءُ ٱللهَ،‏ لَفَرِحَا بِزَوَاجِهِمَا وَعَائِلَتِهِمَا إِلَى ٱلْأَبَدِ.‏

كَيْفَ ضَاعَتِ ٱلْحُرِّيَّةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ؟‏

٩ لِمَ وَصِيَّةُ ٱللهِ فِي ٱلتَّكْوِين ٢:‏١٧ عَادِلَةٌ وَضَرُورِيَّةٌ وَمَعْقُولَةٌ؟‏

٩ أَعْطَى يَهْوَهُ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَصِيَّةً أُخْرَى،‏ وَأَخْبَرَهُمَا بِوُضُوحٍ مَا هِيَ نَتِيجَةُ كَسْرِهَا.‏ قَالَ لِآدَمَ:‏ «أَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا،‏ لِأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا تَمُوتُ مَوْتًا».‏ (‏تك ٢:‏١٧‏)‏ فَهَلْ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ ظَالِمَةً وَغَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ؟‏ هَلْ حَرَمَتْهُمَا مِنْ حُرِّيَّتِهِمَا؟‏ طَبْعًا لَا.‏ فِي ٱلْوَاقِعِ،‏ يُعَلِّقُ عَدَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَمْ كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةُ مَنْطِقِيَّةً وَمَعْقُولَةً.‏ ذَكَرَ أَحَدُهُمْ مَثَلًا:‏ «تَدُلُّ ٱلْوَصِيَّةُ فِي [‏ٱلتَّكْوِين ٢:‏١٦،‏ ١٧‏] أَنَّ ٱللهَ وَحْدَهُ يَعْرِفُ مَا هُوَ خَيْرٌ .‏ .‏ .‏ لِلْبَشَرِ وَمَا لَيْسَ خَيْرًا .‏ .‏ .‏ لَهُمْ.‏ فَلِكَيْ يَتَمَتَّعَ ٱلْبَشَرُ ‹بِٱلْخَيْرِ›،‏ يَلْزَمُ أَنْ يَثِقُوا بِٱللهِ وَيُطِيعُوهُ.‏ أَمَّا إِذَا تَمَرَّدُوا عَلَيْهِ،‏ فَسَيُضْطَرُّونَ أَنْ يُقَرِّرُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَا هُوَ خَيْرٌ .‏ .‏ .‏ وَمَا لَيْسَ خَيْرًا».‏ وَهٰذَا عِبْءٌ لَا يَسْتَطِيعُ ٱلْبَشَرُ أَنْ يَتَحَمَّلُوهُ.‏

أَدَّى قَرَارُ آدَمَ وَحَوَّاءَ إِلَى كَارِثَةٍ (‏اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَاتِ ٩-‏١٢.‏)‏

١٠ أَوْضِحِ ٱلْفَرْقَ بَيْنَ حُرِّيَّةِ ٱلِٱخْتِيَارِ وَبَيْنَ ٱلْحَقِّ فِي تَحْدِيدِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ.‏

١٠ يَعْتَقِدُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ وَصِيَّةَ يَهْوَهَ لِآدَمَ حَرَمَتْهُ مِنْ حُرِّيَّتِهِ.‏ إِلَّا أَنَّهُمْ فِي ٱلْوَاقِعِ يَخْلِطُونَ بَيْنَ حُرِّيَّةِ ٱلِٱخْتِيَارِ وَبَيْنَ ٱلْحَقِّ فِي تَحْدِيدِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ.‏ فَآدَمُ وَحَوَّاءُ كَانَا حُرَّيْنِ لِيَخْتَارَا هَلْ يَخْدُمَانِ ٱللهَ أَمْ لَا.‏ لٰكِنَّ يَهْوَهَ وَحْدَهُ لَهُ ٱلْحَقُّ أَنْ يُحَدِّدَ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ.‏ وَ «شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ» ذَكَّرَتْهُمَا بِهٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةِ.‏ (‏تك ٢:‏٩‏)‏ فَإِمْكَانَاتُ ٱلْبَشَرِ مَحْدُودَةٌ.‏ فَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ دَائِمًا إِلَامَ سَتُؤَدِّي خِيَارَاتُهُمْ،‏ وَهَلْ تَكُونُ فِي صَالِحِهِمْ.‏ لِهٰذَا ٱلسَّبَبِ،‏ كَثِيرًا مَا يَتَّخِذُونَ خِيَارَاتٍ أَوْ قَرَارَاتٍ بِنِيَّةٍ حَسَنَةٍ،‏ لٰكِنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى نَتَائِجَ مَأْسَاوِيَّةٍ.‏ (‏ام ١٤:‏١٢‏)‏ وَمِنْ خِلَالِ ٱلْوَصِيَّةِ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا يَهْوَهُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ،‏ أَوْضَحَ لَهُمَا أَنَّ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ تَعْتَمِدُ عَلَى إِطَاعَتِهِ.‏ فَمَاذَا ٱخْتَارَا؟‏

١١،‏ ١٢ لِمَ أَدَّى خِيَارُ آدَمَ وَحَوَّاءَ إِلَى كَارِثَةٍ؟‏ أَوْضِحْ.‏

١١ مِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ أَبَوَيْنَا ٱلْأَوَّلَيْنِ ٱخْتَارَا أَلَّا يُطِيعَا ٱللهَ.‏ فَحَوَّاءُ صَدَّقَتِ ٱلشَّيْطَانَ حِينَ قَالَ لَهَا:‏ «تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَصِيرَانِ كَٱللهِ،‏ عَارِفَيْنِ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ».‏ (‏تك ٣:‏٥‏)‏ وَلٰكِنْ هَلْ نَالَا فِعْلًا ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْحُرِّيَّةِ؟‏ كَلَّا.‏ فَسُرْعَانَ مَا أَدْرَكَا أَنَّ رَفْضَ تَوْجِيهِ يَهْوَهَ يُؤَدِّي إِلَى كَارِثَةٍ.‏ (‏تك ٣:‏١٦-‏١٩‏)‏ وَمَا ٱلسَّبَبُ؟‏ لَمْ يُعْطِ يَهْوَهُ ٱلْبَشَرَ ٱلْحُرِّيَّةَ لِيُحَدِّدُوا لِأَنْفُسِهِمِ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ.‏ —‏ اقرإ الامثال ٢٠:‏٢٤؛‏ ارميا ١٠:‏٢٣‏.‏

١٢ لِلْإِيضَاحِ،‏ فَكِّرْ فِي طَيَّارٍ يَقُومُ بِرِحْلَةٍ جَوِّيَّةٍ.‏ فَلِيَصِلَ إِلَى وِجْهَتِهِ سَالِمًا،‏ عَلَيْهِ أَنْ يَلْزَمَ مَسَارًا مُحَدَّدًا.‏ وَلِهٰذَا ٱلْهَدَفِ،‏ يَسْتَخْدِمُ أَجْهِزَةَ ٱلْمِلَاحَةِ ٱلْحَدِيثَةَ فِي ٱلطَّائِرَةِ،‏ وَيَتْبَعُ تَوْجِيهَاتِ ٱلْمُرَاقِبِينَ ٱلْجَوِّيِّينَ طَوَالَ ٱلرِّحْلَةِ.‏ وَلٰكِنْ تَخَيَّلْ أَنَّهُ ٱخْتَارَ أَيَّ مَسَارٍ يَحْلُو لَهُ مُتَجَاهِلًا ٱلتَّوْجِيهَاتِ.‏ فَمَاذَا تَكُونُ ٱلنَّتِيجَةُ؟‏ كَارِثَةً!‏ بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ،‏ أَرَادَ آدَمُ وَحَوَّاءُ أَنْ يَفْعَلَا مَا يَحْلُو لَهُمَا،‏ وَرَفَضَا تَوْجِيهَ ٱللهِ.‏ فَحَصَدَا نَتَائِجَ مَأْسَاوِيَّةً،‏ إِذْ جَلَبَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا ٱلْخَطِيَّةَ وَٱلْمَوْتَ.‏ (‏رو ٥:‏١٢‏)‏ فَعِنْدَمَا حَاوَلَا أَنْ يُحَدِّدَا ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ،‏ لَمْ يَنَالَا حُرِّيَّةً أَكْبَرَ.‏ بَلْ خَسِرَا ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا لَهُمَا يَهْوَهُ.‏

كَيْفَ نَنَالُ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ؟‏

١٣،‏ ١٤ كَيْفَ نَنَالُ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ؟‏

١٣ يَتَمَنَّى ٱلْبَعْضُ أَنْ تَكُونَ حُرِّيَّتُهُمْ بِلَا حُدُودٍ.‏ لٰكِنَّ حُرِّيَّةً كَهٰذِهِ هِيَ فِي ٱلْوَاقِعِ سَيْفٌ ذُو حَدَّيْنِ.‏ فَمَعَ أَنَّ ٱلْحُرِّيَّةَ لَهَا فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ،‏ تَخَيَّلْ كَيْفَ يَكُونُ ٱلْعَالَمُ دُونَ أَيِّ قَوَانِينَ تَضْبُطُهُ.‏ تَذْكُرُ ٱلْمَوْسُوعَةُ ٱلْعَرَبِيَّةُ ٱلْعَالَمِيَّةُ أَنَّ ٱلْقَوَانِينَ فِي ٱلْمُجْتَمَعَاتِ ٱلْمُنَظَّمَةِ هِيَ «مَجْمُوعَةٌ مُعَقَّدَةٌ مِنَ ٱلْحُرِّيَّاتِ وَٱلْقُيُودِ ٱلْمُتَوَازِنَةِ».‏ وَٱلْكَلِمَةُ «مُعَقَّدَةٌ» هِيَ فِي مَحَلِّهَا.‏ وَٱلدَّلِيلُ هُوَ كُتُبُ ٱلْقَانُونِ ٱلَّتِي لَا تَنْتَهِي،‏ وَٱلْعَدَدُ ٱلْكَبِيرُ مِنَ ٱلْمُحَامِينَ وَٱلْقُضَاةِ ٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ لِتَفْسِيرِ ٱلْقَانُونِ وَتَطْبِيقِهِ.‏

١٤ فَكَيْفَ نَنَالُ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ إِذًا؟‏ أَوْضَحَ يَسُوعُ:‏ «إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلِمَتِي،‏ تَكُونُونَ حَقًّا تَلَامِيذِي،‏ وَتَعْرِفُونَ ٱلْحَقَّ،‏ وَٱلْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ».‏ (‏يو ٨:‏٣١،‏ ٣٢‏)‏ فَهُنَاكَ خُطْوَتَانِ أَسَاسِيَّتَانِ لِنَنَالَ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ:‏ أَوَّلًا،‏ أَنْ نَقْبَلَ ٱلْحَقَّ ٱلَّذِي عَلَّمَهُ؛‏ وَثَانِيًا،‏ أَنْ نُصْبِحَ مِنْ تَلَامِيذِهِ.‏ وَلٰكِنْ مِمَّ نَتَحَرَّرُ؟‏ قَالَ يَسُوعُ:‏ «كُلُّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ.‏ فَإِنْ حَرَّرَكُمُ ٱلِٱبْنُ،‏ تَكُونُونَ بِٱلْحَقِيقَةِ أَحْرَارًا».‏ —‏ يو ٨:‏٣٤،‏ ٣٦‏.‏

١٥ مَاذَا قَصَدَ يَسُوعُ حِينَ قَالَ «تَكُونُونَ بِٱلْحَقِيقَةِ أَحْرَارًا»؟‏

١٥ لَقَدْ وَعَدَ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ بِحُرِّيَّةٍ أَسْمَى مِنْ أَيِّ حُرِّيَّةٍ يَسْعَى إِلَيْهَا ٱلْبَشَرُ ٱلْيَوْمَ.‏ فَعِنْدَمَا قَالَ «إِنْ حَرَّرَكُمُ ٱلِٱبْنُ،‏ تَكُونُونَ بِٱلْحَقِيقَةِ أَحْرَارًا»،‏ قَصَدَ ٱلْحُرِّيَّةَ مِنْ عُبُودِيَّةِ ٱلْخَطِيَّةِ.‏ وَهٰذِهِ أَسْوَأُ أَنْوَاعِ ٱلْعُبُودِيَّةِ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ.‏ فَٱلْخَطِيَّةُ لَا تَجُرُّنَا إِلَى ٱرْتِكَابِ ٱلْأَخْطَاءِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ تَمْنَعُنَا أَيْضًا مِنْ فِعْلِ ٱلصَّوَابِ وَإِعْطَاءِ أَفْضَلِ مَا لَدَيْنَا.‏ لِذَا تُؤَدِّي إِلَى خَيْبَاتِ ٱلْأَمَلِ،‏ ٱلشَّقَاءِ،‏ وَٱلْمَوْتِ فِي ٱلنِّهَايَةِ.‏ (‏رو ٦:‏٢٣‏)‏ وَهٰذَا مَا لَمَسَهُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ.‏ ‏(‏اقرأ روما ٧:‏٢١-‏٢٥‏.‏)‏ لِذٰلِكَ حِينَ نَتَحَرَّرُ مِنْ عُبُودِيَّةِ ٱلْخَطِيَّةِ،‏ سَنَتَمَتَّعُ بِٱلْحُرِّيَّةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ ٱلَّتِي تَمَتَّعَ بِهَا أَبَوَانَا ٱلْأَوَّلَانِ.‏

١٦ مَتَى نُصْبِحُ بِٱلْحَقِيقَةِ أَحْرَارًا؟‏

١٦ وَتُشِيرُ عِبَارَةُ يَسُوعَ «إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلِمَتِي» أَنَّ هُنَالِكَ شُرُوطًا لِكَيْ يُحَرِّرَنَا.‏ فَبِصِفَتِنَا مَسِيحِيِّينَ مُنْتَذِرِينَ،‏ نَحْنُ نُنْكِرُ أَنْفُسَنَا وَنَلْتَزِمُ بِٱلْحُدُودِ ٱلَّتِي وَضَعَهَا يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ.‏ (‏مت ١٦:‏٢٤‏)‏ وَعَلَى حَسَبِ وَعْدِ يَسُوعَ،‏ سَنُصْبِحُ بِٱلْحَقِيقَةِ أَحْرَارًا حِينَ نَسْتَفِيدُ كَامِلًا مِنَ ٱلْفِدْيَةِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا.‏

١٧ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ نَعِيشُ حَيَاةً سَعِيدَةً؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا تُنَاقِشُ ٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ؟‏

١٧ كَخُلَاصَةٍ إِذًا،‏ حِينَ نُصْبِحُ مِنْ تَلَامِيذِ يَسُوعَ وَنُطِيعُ تَعَالِيمَهُ،‏ نَعِيشُ ٱلْآنَ حَيَاةً سَعِيدَةً لَهَا مَعْنًى،‏ وَنَرْجُو أَنْ نَتَحَرَّرَ كَامِلًا مِنْ عُبُودِيَّةِ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمَوْتِ.‏ ‏(‏اقرأ روما ٨:‏١،‏ ٢،‏ ٢٠،‏ ٢١‏.‏)‏ أَمَّا فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ،‏ فَسَنَرَى كَيْفَ نَسْتَعْمِلُ حُرِّيَّتَنَا بِحِكْمَةٍ.‏ وَهٰكَذَا نُكْرِمُ إِلَى ٱلْأَبَدِ يَهْوَهَ،‏ إِلٰهَ ٱلْحُرِّيَّةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ.‏