اقتدِ بأصدقاء يهوه
«صَدَاقَةُ يَهْوَهَ هِيَ لِخَائِفِيهِ». — مز ٢٥:١٤.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ١٠٦، ١١٨
١-٣ (أ) مَاذَا يُؤَكِّدُ أَنَّ صَدَاقَةَ ٱللهِ مُتَاحَةٌ لَنَا جَمِيعًا؟ (ب) أَيَّةُ أَمْثِلَةٍ سَنَتَفَحَّصُهَا فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
إِبْرَاهِيمُ هُوَ ٱلشَّخْصُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي يُشَارُ إِلَيْهِ بِٱلِٱسْمِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَلَى أَنَّهُ صَدِيقُ يَهْوَهَ. (اش ٤١:٨؛ يع ٢:٢٣) فَهَلْ يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْظَ إِنْسَانٌ غَيْرُهُ بِصَدَاقَةِ ٱللهِ؟ كَلَّا، فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُظْهِرُ أَنَّ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازَ مُتَاحٌ لَنَا جَمِيعًا.
٢ إِنَّ كَلِمَةَ ٱللهِ تَزْخَرُ بِأَمْثِلَةِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ أُمَنَاءَ خَافُوا يَهْوَهَ، آمَنُوا بِهِ، وَأَصْبَحُوا أَصْدِقَاءَهُ. (اقرإ المزمور ٢٥:١٤.) وَٱلرَّسُولُ بُولُسُ كَتَبَ عَنْ «سَحَابَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا مِنَ ٱلشُّهُودِ» تَضُمُّ بَاقَةً مِنَ ٱلشَّخْصِيَّاتِ ٱلْمُحَبَّبَةِ. وَكَانَ كُلُّ هٰؤُلَاءِ ٱلشُّهُودِ أَصْدِقَاءَ ٱللهِ. — عب ١٢:١.
٣ فَلْنَتَفَحَّصْ عَنْ كَثَبٍ أَمْثِلَةَ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْدِقَاءِ يَهْوَهَ ٱلْمَذْكُورِينَ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ: (١) رَاعُوثَ، أَرْمَلَةٍ مُوآبِيَّةٍ شَابَّةٍ أَعْرَبَتْ عَنِ ٱلْوَلَاءِ؛ (٢) حَزَقِيَّا، أَحَدِ مُلُوكِ يَهُوذَا ٱلصَّالِحِينَ؛ وَ (٣) مَرْيَمَ، أُمِّ يَسُوعَ ٱلْمُتَوَاضِعَةِ. وَلْنَرَ كَيْفَ أَصْبَحُوا أَصْدِقَاءَ ٱللهِ، وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِهِمْ.
أَعْرَبَتْ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْوَلَاءِ
٤، ٥ أَيُّ قَرَارٍ وَاجَهَتْهُ رَاعُوثُ، وَلِمَ كَانَ صَعْبًا؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.)
٤ تَخَيَّلْ ثَلَاثَ أَرَامِلَ يَسِرْنَ فِي طَرِيقٍ يَمْتَدُّ عَبْرَ سُهُوبِ مُوآبَ. إِنَّهُنَّ نُعْمِي وَكَنَّتَاهَا رَاعُوثُ وَعُرْفَةُ. وَهَا هِيَ عُرْفَةُ تُفَارِقُهُمَا لِأَنَّهَا قَرَّرَتْ أَنْ تَعُودَ إِلَى دِيَارِهَا فِي مُوآبَ. أَمَّا نُعْمِي فَمُصَمِّمَةٌ عَلَى ٱلْعَوْدَةِ إِلَى مَوْطِنِهَا فِي إِسْرَائِيلَ. لِذَا تُوَاجِهُ رَاعُوثُ ٱلْآنَ قَرَارًا مَصِيرِيًّا. فَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى دِيَارِهَا وَشَعْبِهَا فِي مُوآبَ أَوْ أَنْ تُلَازِمَ حَمَاتَهَا نُعْمِيَ وَتَذْهَبَ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ. — را ١:١-٨، ١٤.
٥ كَانَ بِإِمْكَانِ رَاعُوثَ أَنْ تَقُولَ فِي نَفْسِهَا: ‹لِي أَهْلٌ فِي مُوآبَ. وَلَنْ يَتَخَلَّوْا عَنِّي، بَلْ سَيَتَكَفَّلُونَ بِإِعَالَتِي إِنْ عُدْتُ إِلَيْهِمْ›. كَمَا أَنَّ مُوآبَ هِيَ مَوْطِنُهَا، وَشَعْبَ مُوآبَ شَعْبُهَا، وَلُغَتَهُمْ لُغَتُهَا. وَنُعْمِي لَيْسَ لَدَيْهَا عَرْضٌ أَفْضَلُ، بَلْ تَخْشَى أَلَّا تَتَمَكَّنَ مِنَ ٱلْعُثُورِ عَلَى زَوْجٍ أَوْ بَيْتٍ لِكَنَّتِهَا، فَتَنْصَحُهَا أَنْ تَبْقَى فِي مُوآبَ. فَمَاذَا سَتَفْعَلُ رَاعُوثُ؟ كَمَا رَأَيْنَا، رَجَعَتْ عُرْفَةُ «إِلَى شَعْبِهَا وَآلِهَتِهَا». (را ١:٩-١٥) أَمَّا رَاعُوثُ فَتَتَّخِذُ قَرَارًا مُخْتَلِفًا تَمَامًا.
٦ (أ) أَيُّ قَرَارٍ سَدِيدٍ ٱتَّخَذَتْهُ رَاعُوثُ؟ (ب) لِمَ قَالَ بُوعَزُ إِنَّ رَاعُوثَ ٱحْتَمَتْ تَحْتَ جَنَاحَيْ يَهْوَهَ؟
٦ يَبْدُو أَنَّ رَاعُوثَ تَعَلَّمَتْ عَنْ يَهْوَهَ مِنْ خِلَالِ زَوْجِهَا ٱلرَّاحِلِ أَوْ حَمَاتِهَا نُعْمِي. فَرَأَتِ ٱلْفَرْقَ ٱلْكَبِيرَ بَيْنَ يَهْوَهَ وَآلِهَةِ مُوآبَ، وَعَرَفَتْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ تُحِبَّهُ وَتَعْبُدَهُ. لٰكِنَّ ٱلْمَعْرِفَةَ بِحَدِّ ذَاتِهَا لَمْ تَكُنْ كَافِيَةً، فَلَزِمَهَا أَنْ تُقَرِّرَ هَلْ تَخْتَارُ يَهْوَهَ إِلٰهًا لَهَا. وَقَدِ ٱتَّخَذَتِ ٱلْقَرَارَ ٱلسَّدِيدَ. قَالَتْ لِنُعْمِي: «شَعْبُكِ هُوَ شَعْبِي، وَإِلٰهُكِ هُوَ إِلٰهِي». (را ١:١٦) صَحِيحٌ أَنَّ مَحَبَّةَ رَاعُوثَ لِنُعْمِي رَائِعَةٌ، لٰكِنَّ ٱلْأَرْوَعَ وَٱلْأَهَمَّ هُوَ مَحَبَّتُهَا لِيَهْوَهَ. وَلَاحِقًا، مَدَحَ بُوعَزُ رَاعُوثَ لِأَنَّهَا ٱحْتَمَتْ تَحْتَ جَنَاحَيْ يَهْوَهَ. (اقرأ راعوث ٢:١٢.) قَدْ يَتَبَادَرُ إِلَى ذِهْنِنَا مِنْ كَلِمَاتِ بُوعَزَ صُورَةُ طَائِرٍ قَوِيٍّ يَحْمِي فَرْخَهُ تَحْتَ جَنَاحَيْهِ. (مز ٣٦:٧؛ ٩١:١-٤) وَبِطَرِيقَةٍ مُمَاثِلَةٍ، أَحَاطَ يَهْوَهُ رَاعُوثَ بِحِمَايَتِهِ، وَكَافَأَهَا أَيْضًا عَلَى إِيمَانِهَا. فَمَا كَانَتْ لِتَنْدَمَ عَلَى قَرَارِهَا قَطُّ.
٧ مَاذَا يُسَاعِدُ ٱلَّذِينَ يَتَرَدَّدُونَ فِي نَذْرِ حَيَاتِهِمْ لِيَهْوَهَ؟
٧ يَتَعَلَّمُ كَثِيرُونَ عَنْ يَهْوَهَ، لٰكِنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي ٱلِٱحْتِمَاءِ تَحْتَ جَنَاحَيْهِ. فَهُمْ يُحْجِمُونَ عَنْ أَنْ يَنْذُرُوا حَيَاتَهُمْ لَهُ وَيَعْتَمِدُوا. فَإِذَا كُنْتَ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ تُقَدِّمُ رِجْلًا وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى، يَكُونُ مُسَاعِدًا لَكَ أَنْ تُحَلِّلَ مَا ٱلَّذِي يُعِيقُكَ. وَتَذَكَّرْ أَنَّهُ مَا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ إِلَّا وَيَخْدُمُ إِلٰهًا. (يش ٢٤:١٥) فَلِمَ لَا تَحْتَمِي بِٱلْإِلٰهِ ٱلْوَحِيدِ ٱلَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ تَخْدُمَهُ؟ كَمَا أَنَّ ٱنْتِذَارَكَ لِيَهْوَهَ طَرِيقَةٌ رَائِعَةٌ لِلْإِعْرَابِ عَنْ إِيمَانِكَ بِهِ. وَهُوَ سَيُسَاعِدُكَ أَنْ تَعِيشَ وَفْقًا لِٱنْتِذَارِكَ وَتَتَغَلَّبَ عَلَى أَيَّةِ عَقَبَاتٍ تَعْتَرِضُ سَبِيلَكَ، مِثْلَمَا دَعَمَ رَاعُوثَ.
«اِلْتَصَقَ بِيَهْوَهَ»
٨ صِفْ مَا عَاشَهُ حَزَقِيَّا فِي طُفُولَتِهِ.
٨ عَلَى عَكْسِ رَاعُوثَ، وُلِدَ حَزَقِيَّا فِي أُمَّةٍ مُنْتَذِرَةٍ لِيَهْوَهَ. وَلٰكِنْ لَمْ يَعِشْ كُلُّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَفْقًا لِٱنْتِذَارِهِمْ. وَٱلْمَلِكُ آحَازُ، أَبُو حَزَقِيَّا، مِثَالٌ عَلَى ذٰلِكَ. فَهٰذَا ٱلْمَلِكُ ٱلشِّرِّيرُ قَادَ مَمْلَكَةَ يَهُوذَا إِلَى عِبَادَةِ ٱلْأَصْنَامِ، حَتَّى إِنَّهُ دَنَّسَ هَيْكَلَ يَهْوَهَ فِي أُورُشَلِيمَ. كَمَا أَحْرَقَ بَعْضَ بَنِيهِ، إِخْوَةَ حَزَقِيَّا، ذَبَائِحَ حَيَّةً ٢ مل ١٦:٢-٤، ١٠-١٧؛ ٢ اخ ٢٨:١-٣.
لِأَحَدِ ٱلْآلِهَةِ ٱلْبَاطِلَةِ. فَيَا لَلْأَحْدَاثِ ٱلرَّهِيبَةِ ٱلَّتِي عَاشَهَا حَزَقِيَّا فِي طُفُولَتِهِ! —٩، ١٠ (أ) لِمَ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُصْبِحَ حَزَقِيَّا مُرَّ ٱلنَّفْسِ؟ (ب) لِمَاذَا لَا يَجِبُ أَنْ نَحْنَقَ عَلَى ٱللهِ؟ (ج) لِمَ لَا يَتَوَقَّفُ مَسَارُ حَيَاتِنَا عَلَى ٱلْبِيئَةِ ٱلَّتِي تَرَبَّيْنَا فِيهَا؟
٩ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكْبُرَ حَزَقِيَّا لِيُصْبِحَ رَجُلًا مُرَّ ٱلنَّفْسِ نَاقِمًا عَلَى ٱللهِ. فَبَعْضُ ٱلَّذِينَ يَمُرُّونَ بِظُرُوفٍ أَخَفَّ وَطْأَةً بِكَثِيرٍ مِمَّا عَانَاهُ يَشْعُرُونَ أَنَّهُمْ مُبَرَّرُونَ أَنْ ‹يَحْنَقُوا عَلَى يَهْوَهَ› وَيَسْتَاءُوا مِنْ هَيْئَتِهِ. (ام ١٩:٣) وَيَعْتَقِدُ آخَرُونَ أَنَّ ٱلْبِيئَةَ ٱلْعَائِلِيَّةَ ٱلسَّيِّئَةَ ٱلَّتِي تَرَبَّوْا فِيهَا سَتَدْفَعُهُمْ حَتْمًا إِلَى مَسْلَكٍ رَدِيءٍ أَوْ إِلَى تَكْرَارِ أَخْطَاءِ وَالِدِيهِمْ. (حز ١٨:٢، ٣) فَهَلْ هٰذِهِ ٱلْأَفْكَارُ صَحِيحَةٌ؟
١٠ تَدْحَضُ سِيرَةُ حَزَقِيَّا بِشَكْلٍ قَاطِعٍ هٰذِهِ ٱلْأَفْكَارَ. فَلَا مُبَرِّرَ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ لِنَحْنَقَ عَلَى يَهْوَهَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَصْدَرَ ٱلشُّرُورِ ٱلَّتِي تَبْتَلِي ٱلنَّاسَ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ. (اي ٣٤:١٠) طَبْعًا، لِلْوَالِدِينَ تَأْثِيرٌ قَوِيٌّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، إِمَّا سَلْبًا أَوْ إِيجَابًا. (ام ٢٢:٦؛ كو ٣:٢١) لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَا يَعْنِي أَنَّ ٱلْبِيئَةَ ٱلْعَائِلِيَّةَ ٱلَّتِي يَتَرَبَّى فِيهَا ٱلْمَرْءُ تُحَدِّدُ مَسَارَ حَيَاتِهِ. فَقَدْ أَعْطَانَا يَهْوَهُ جَمِيعًا هِبَةً قَيِّمَةً هِيَ ٱلْإِرَادَةُ ٱلْحُرَّةُ، أَيِ ٱلْمَقْدِرَةُ أَنْ نَخْتَارَ نَحْنُ بِأَنْفُسِنَا طَرِيقَنَا فِي ٱلْحَيَاةِ. (تث ٣٠:١٩) فَكَيْفَ ٱسْتَخْدَمَ حَزَقِيَّا هٰذِهِ ٱلْهِبَةَ؟
١١ لِمَ كَانَ حَزَقِيَّا مِنْ أَفْضَلِ مُلُوكِ يَهُوذَا؟
١١ لَقَدْ أَصْبَحَ حَزَقِيَّا مِنْ أَفْضَلِ مُلُوكِ يَهُوذَا، رَغْمَ أَنَّ أَبَاهُ آحَازَ كَانَ مِنْ أَسْوَإِ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُلُوكِ. (اقرأ ٢ ملوك ١٨:٥، ٦.) فَعِوَضَ أَنْ يَتَأَثَّرَ بِمِثَالِ أَبِيهِ ٱلشَّنِيعِ، ٱخْتَارَ أَنْ يَتْبَعَ ٱلْأَمْثِلَةَ ٱلْحَسَنَةَ ٱلَّتِي رَسَمَهَا آخَرُونَ مِنْ مُعَاصِرِيهِ، أَمْثَالِ إِشَعْيَا وَمِيخَا وَهُوشَعَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلْمَلِكَ حَزَقِيَّا تَأَمَّلَ فِي أَقْوَالِهِمِ ٱلْمُوحَى بِهَا، غَارِسًا وَصَايَا يَهْوَهَ وَتَقْوِيمَهُ فِي قَلْبِهِ. لِذَا شَرَعَ يُصَحِّحُ ٱلْأَخْطَاءَ ٱلْفَادِحَةَ ٱلَّتِي ٱرْتَكَبَهَا أَبُوهُ. فَطَهَّرَ ٱلْهَيْكَلَ، كَفَّرَ عَنْ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ، وَشَنَّ حَمْلَةً وَاسِعَةً لِتَدْمِيرِ ٱلْأَوْثَانِ. (٢ اخ ٢٩:١-١١، ١٨-٢٤؛ ٣١:١) وَعِنْدَمَا وَاجَهَ تَحَدِّيَاتٍ هَائِلَةً، كَتَهْدِيدِ ٱلْمَلِكِ ٱلْأَشُّورِيِّ سَنْحَارِيبَ لِأُورُشَلِيمَ، أَعْرَبَ عَنْ ثِقَةٍ كَبِيرَةٍ وَإِيمَانٍ عَظِيمٍ بِيَهْوَهَ. فَقَدِ ٱتَّكَلَ عَلَيْهِ لِيُخَلِّصَهُمْ وَشَجَّعَ شَعْبَهُ وَقَوَّاهُمْ. (٢ اخ ٣٢:٧، ٨) وَحِينَ لَزِمَهُ ٱلتَّقْوِيمُ لَاحِقًا لِأَنَّهُ تَكَبَّرَ، تَجَاوَبَ بِتَوَاضُعٍ وَتَابَ. (٢ اخ ٣٢:٢٤-٢٦) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ حَزَقِيَّا لَمْ يَسْمَحْ لِمَاضِيهِ أَنْ يُفْسِدَ حَاضِرَهُ أَوْ يَقْضِيَ عَلَى مُسْتَقْبَلِهِ. بَلْ أَثْبَتَ أَنَّهُ صَدِيقٌ لِيَهْوَهَ، وَرَسَمَ لَنَا مِثَالًا رَائِعًا.
١٢ عَلَى غِرَارِ حَزَقِيَّا، كَيْفَ أَثْبَتَ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ أَنَّهُمْ أَصْدِقَاءُ لِيَهْوَهَ؟
١٢ نَعِيشُ ٱلْيَوْمَ فِي عَالَمٍ قَاسٍ يَفْتَقِرُ إِلَى ٱلْمَحَبَّةِ، فَلَا عَجَبَ أَنْ يَكْبُرَ أَوْلَادٌ كَثِيرُونَ دُونَ أَنْ يَحْظَوْا بِرِعَايَةِ وَالِدِينَ مُحِبِّينَ. (٢ تي ٣:١-٥) لٰكِنَّ مَسِيحِيِّينَ كَثِيرِينَ أَصْبَحُوا أَصْدِقَاءَ لِيَهْوَهَ، رَغْمَ أَنَّهُمْ عَاشُوا طُفُولَةً مُؤْلِمَةً. وَهُمْ، عَلَى غِرَارِ حَزَقِيَّا، شَوَاهِدُ حَيَّةٌ أَنَّ مَاضِيَ ٱلشَّخْصِ لَا يُحَدِّدُ بِٱلضَّرُورَةِ مُسْتَقْبَلَهُ. فَٱللهُ وَهَبَنَا ٱلْإِرَادَةَ ٱلْحُرَّةَ. وَنَحْنُ نُقَدِّرُ هٰذِهِ ٱلْهِبَةَ وَنَسْتَخْدِمُهَا لِنَلْتَصِقَ بِيَهْوَهَ وَنَجْلُبَ لَهُ ٱلْمَجْدَ وَٱلْإِكْرَامَ، ٱقْتِدَاءً بِحَزَقِيَّا.
قَالَتْ: «هُوَذَا أَمَةُ يَهْوَهَ!»
١٣، ١٤ لِمَاذَا كَانَتْ مُهِمَّةُ مَرْيَمَ صَعْبَةً لِلْغَايَةِ، وَلٰكِنْ كَيْفَ أَجَابَتِ ٱلْمَلَاكَ؟
١٣ بَعْدَ قُرُونٍ مِنْ زَمَنِ حَزَقِيَّا، تَمَتَّعَتْ شَابَّةٌ يَهُودِيَّةٌ مُتَوَاضِعَةٌ مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ بِصَدَاقَةٍ خُصُوصِيَّةٍ مَعَ يَهْوَهَ وَحَظِيَتْ بِٱمْتِيَازٍ فَرِيدٍ. فَقَدِ ٱخْتِيرَتْ مَرْيَمُ بِنْتُ هَالِي دُونَ سَائِرِ ٱلنِّسَاءِ لِتَحْمِلَ فِي أَحْشَائِهَا ٱبْنَ ٱللهِ ٱلْوَحِيدَ وَتَلِدَهُ وَتُرَبِّيَهُ. وَلَا بُدَّ أَنَّ يَهْوَهَ وَثِقَ بِهَا كَثِيرًا حَتَّى مَنَحَهَا هٰذَا ٱلشَّرَفَ ٱلْعَظِيمَ. وَلٰكِنْ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِهَا حِينَ تَلَقَّتْ نَبَأَ تَعْيِينِهَا؟
١٤ مِنَ ٱلسَّهْلِ أَنْ نُرَكِّزَ عَلَى ٱلِٱمْتِيَازِ ٱلرَّائِعِ ٱلَّذِي نَالَتْهُ مَرْيَمُ، وَنَنْسَى ٱلْمَخَاوِفَ ٱلَّتِي رُبَّمَا شَغَلَتْ بَالَهَا. فَٱلْمَلَاكُ جِبْرَائِيلُ أَخْبَرَهَا أَنَّهَا سَتَحْبَلُ عَجَائِبِيًّا دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَاقَةٌ زَوْجِيَّةٌ بِرَجُلٍ، لٰكِنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ عَلَيْهَا أَنْ يَزُورَ أَهْلَهَا أَوْ جِيرَانَهَا لِيُوضِحَ لَهُمْ سَبَبَ حَمْلِهَا. فَمَاذَا سَيَظُنُّونَ يَا تُرَى؟ وَكَيْفَ لَهَا أَنْ تُقْنِعَ خَطِيبَهَا يُوسُفَ أَنَّهَا لَا تَزَالُ أَمِينَةً لَهُ؟ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ، كَانَتْ تَرْبِيَةُ ٱبْنِ ٱللهِ ٱلْوَحِيدِ مَسْؤُولِيَّةً ثَقِيلَةً جِدًّا. نَحْنُ لَا نَعْرِفُ كُلَّ ٱلْهَوَاجِسِ لو ١:٢٦-٣٨.
ٱلَّتِي جَالَتْ فِي خَاطِرِ مَرْيَمَ حِينَ تَكَلَّمَ مَعَهَا جِبْرَائِيلُ، لٰكِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا أَجَابَتْ: «هُوَذَا أَمَةُ يَهْوَهَ! لِيَكُنْ لِي كَمَا أَعْلَنْتَ». —١٥ مَا ٱللَّافِتُ فِي إِيمَانِ مَرْيَمَ؟
١٥ أَفَلَيْسَ إِيمَانُ مَرْيَمَ لَافِتًا؟! فَمِثْلَ أَمَةٍ تَحْتَ أَمْرِ سَيِّدِهَا، كَانَتْ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ أَنْ تَقُومَ بِأَيِّ تَعْيِينٍ يُوكَلُ إِلَيْهَا، وَاثِقَةً أَنَّ سَيِّدَهَا يَهْوَهَ سَيَرْعَاهَا وَيَحْمِيهَا. فَمِنْ أَيْنَ لَهَا هٰذَا ٱلْإِيمَانُ؟ إِنَّ ٱلْإِيمَانَ لَيْسَ فِطْرِيًّا، بَلْ هُوَ ثَمَرَةُ ٱلْجُهُودِ ٱلَّتِي نَبْذُلُهَا وَبَرَكَةِ ٱللهِ. (غل ٥:٢٢؛ اف ٢:٨) وَكَيْفَ نَعْرِفُ أَنَّ مَرْيَمَ ٱجْتَهَدَتْ لِتُقَوِّيَ إِيمَانَهَا؟ لِنَتَأَمَّلْ كَيْفَ كَانَتْ تُصْغِي، وَنَتَمَعَّنْ فِي ٱلْأَقْوَالِ ٱلَّتِي قَالَتْهَا.
١٦ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ تُصْغِي بِٱنْتِبَاهٍ؟
١٦ كَيْفَ كَانَتْ مَرْيَمُ تُصْغِي. يَنْصَحُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنْ نَكُونَ ‹سَرِيعِينَ فِي ٱلِٱسْتِمَاعِ، بَطِيئِينَ فِي ٱلتَّكَلُّمِ›. (يع ١:١٩) فَهَلْ كَانَتْ مَرْيَمُ تُصْغِي جَيِّدًا؟ يَتَّضِحُ لَنَا مِنْ إِنْجِيلِ لُوقَا أَنَّ مَرْيَمَ فِي مُنَاسَبَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ أَصْغَتْ بِٱنْتِبَاهٍ شَدِيدٍ لِكَلِمَاتٍ ذَاتِ مَدْلُولٍ رُوحِيٍّ عَمِيقٍ، ثُمَّ خَصَّصَتِ ٱلْوَقْتَ لِتُفَكِّرَ مَلِيًّا فِي مَا سَمِعَتْهُ. فَعِنْدَ وِلَادَةِ يَسُوعَ، نَقَلَ إِلَيْهَا رُعَاةٌ مُتَوَاضِعُونَ مَا كَشَفَهُ لَهُمْ مَلَاكٌ. وَبَعْدَ نَحْوِ ١٢ سَنَةً، تَفَوَّهَ يَسُوعُ رَغْمَ صِغَرِ سِنِّهِ بِكَلِمَاتٍ تَحْمِلُ مَغْزًى رُوحِيًّا عَمِيقًا. وَفِي ٱلْمُنَاسَبَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، أَصْغَتْ مَرْيَمُ إِلَى مَا سَمِعَتْهُ وَحَفِظَتِ ٱلْكَلَامَ وَتَفَكَّرَتْ فِيهِ. — اقرأ لوقا ٢:١٦-١٩، ٤٩، ٥١.
١٧ مَاذَا نَتَعَلَّمُ عَنْ مَرْيَمَ مِنْ أَقْوَالِهَا؟
١٧ أَقْوَالُ مَرْيَمَ. لَا يُورِدُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ ٱلْكَثِيرَ مِمَّا قَالَتْهُ مَرْيَمُ. فَأَطْوَلُ حَدِيثٍ لَهَا مُسَجَّلٌ فِي لُوقَا ١:٤٦-٥٥. وَتَكْشِفُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ إِلْمَامَهَا بِٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. فَبَعْضُ عِبَارَاتِهَا تُشْبِهُ مَا تَفَوَّهَتْ بِهِ حَنَّةُ، أُمُّ ٱلنَّبِيِّ صَمُوئِيلَ، فِي صَلَاتِهَا. (١ صم ٢:١-١٠) وَوَفْقًا لِأَحَدِ ٱلتَّقْدِيرَاتِ، أَشَارَتْ مَرْيَمُ إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ حَوَالَيْ ٢٠ مَرَّةً خِلَالَ حَدِيثِهَا. فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهَا أَحَبَّتْ أَنْ تَتَحَدَّثَ عَنِ ٱلْمَسَائِلِ ٱلرُّوحِيَّةِ. فَقَدْ كَنَزَتْ فِي قَلْبِهَا ٱلْحَقَائِقَ ٱلْقَيِّمَةَ ٱلَّتِي تَعَلَّمَتْهَا مِنْ صَدِيقِهَا ٱلْأَعْظَمِ يَهْوَهَ ٱللهِ، وَأَكْثَرَتْ مِنِ ٱسْتِخْدَامِهَا فِي كَلَامِهَا.
١٨ كَيْفَ نَقْتَدِي بِإِيمَانِ مَرْيَمَ؟
١٨ فَكَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِمَرْيَمَ؟ أَحْيَانًا يُوكِلُ إِلَيْنَا يَهْوَهُ تَعْيِينَاتٍ نَسْتَصْعِبُهَا لِلْغَايَةِ. فَلْنَقْتَدِ بِإِيمَانِهَا وَنَقْبَلْ أَيَّ تَعْيِينٍ بِتَوَاضُعٍ، وَاثِقِينَ مِنْ دَعْمِ يَهْوَهَ لَنَا. وَعَلَى غِرَارِ مَرْيَمَ، لِنُصْغِ أَيْضًا بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى ٱلْحَقَائِقِ ٱلرُّوحِيَّةِ ٱلَّتِي نَتَعَلَّمُهَا عَنْ يَهْوَهَ وَمَقَاصِدِهِ، نَتَأَمَّلْ فِيهَا، وَنُخْبِرِ ٱلْآخَرِينَ عَنْهَا بِفَرَحٍ. — مز ٧٧:١١، ١٢؛ لو ٨:١٨؛ رو ١٠:١٥.
١٩ أَيَّةُ مُكَافَأَةٍ سَنَحْصُدُهَا إِذَا ٱقْتَدَيْنَا بِأَمْثِلَةِ ٱلْأُمَنَاءِ ٱلْمَذْكُورِينَ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟
١٩ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ رَاعُوثَ وَحَزَقِيَّا وَمَرْيَمَ كَانُوا أَصْدِقَاءَ يَهْوَهَ، مِثْلَمَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَإِضَافَةً إِلَيْهِمْ، حَظِيَ بِهٰذَا ٱلِٱمْتِيَازِ ٱلرَّفِيعِ «سَحَابَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا مِنَ ٱلشُّهُودِ» وَغَيْرُهُمْ مِنَ ٱلْأُمَنَاءِ عَلَى مَرِّ ٱلتَّارِيخِ. فَلْنُوَاظِبْ عَلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِمِثَالِهِمِ ٱلْبَارِزِ فِي ٱلْإِيمَانِ، وَاثِقِينَ أَنَّ جُهُودَنَا سَتُكَلَّلُ بِأَعْظَمِ مُكَافَأَةٍ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ: أَنْ نَكُونَ أَصْدِقَاءَ يَهْوَهَ إِلَى ٱلْأَبَدِ! — عب ٦:١١، ١٢.