الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

ماذا يعني هذا كله؟‏

ماذا يعني هذا كله؟‏

ماذا يعني هذا كله؟‏

اذا حلَّلتم المقاييس الادبية في السنوات الاخيرة،‏ ترَون منحى واضحا.‏ ان المقاييس الادبية دون شك تتعرض وبشكل متزايد للانهيار بين عدد متزايد من الناس.‏ فماذا يعني ذلك حقا؟‏

هل يعني،‏ كما يدعي البعض،‏ ان حضارتنا كلها محكوم عليها بالفناء مع الجنس البشري بأسره؟‏ أم ان هذه التغييرات ليست سوى جزء من التقلبات التي اتسم بها التاريخ؟‏

هذا ما يظنه كثيرون.‏ فهم ينظرون الى الانحطاط الادبي في ايامنا كمجرد منحى من المناحي الكثيرة التي شهدها التاريخ.‏ ويتوقعون بثقة ان تعود المياه الى مجاريها وترجع المقاييس الادبية الاسمى.‏ فهل هم على صواب؟‏

‏«الايام الاخيرة»‏

فلنتأمل في الوقائع على ضوء كتاب اعتُبر لقرون وعلى نطاق واسع مرجعا في المسائل الادبية —‏ كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس.‏ فمن المنوِّر جدا ان نقارن عالم اليوم بالوصف النبوي الذي يقدِّمه الكتاب المقدس عن العصر الاكثر حرجا في تاريخ الجنس البشري.‏ وهي الفترة التي يدعوها «الايام الاخيرة» او «اختتام نظام الاشياء».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١؛‏ متى ٢٤:‏٣‏)‏ وكما تشير هاتان العبارتان،‏ تسم هذه الفترة نهاية اكيدة لعهد وبداية لعهد جديد.‏

تنبأت كلمة اللّٰه ان «ازمنة حرجة» ستسم الايام الاخيرة.‏ ولمساعدة الاشخاص المتيقظين على تمييز الايام الاخيرة،‏ يزوِّد الكتاب المقدس عدة تفاصيل تعطي مجتمعة وصفا واضحا،‏ او علامة مركبة،‏ لهذه الفترة الفريدة من نوعها.‏

صفات الناس السيئة

لاحظوا احدى الميزات البارزة اليوم لهذه العلامة:‏ ‹يكون للناس شكل التعبد للّٰه ولكنهم منكرون قوته›.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٢،‏ ٥‏)‏ لم تشهد اية فترة في التاريخ مثل هذه العلمنة القوية والشاملة.‏ فاللّٰه يُرفض على نطاق واسع كمصدر وحيد للسلطة،‏ ومعظم الناس يرفضون اعتبار الكتاب المقدس المصدر الوحيد للحق.‏ طبعا،‏ لا تزال الاديان موجودة لكنَّ معظمها تضاءل تأثيره.‏ فهي ليست سوى مظهر خادع.‏

يذكر الكتاب المقدس ميزة اخرى للعلامة:‏ «الناس يكونون .‏ .‏ .‏ بلا ضبط نفس،‏ شرسين» و «بسبب ازدياد التعدي على الشريعة،‏ تبرد محبة الأكثرين».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٢،‏ ٣؛‏ متى ٢٤:‏١٢‏)‏ وأحد معاني الكلمة اليونانية المنقولة الى «شرس» هو:‏ «عديم التعاطف والشعور الانساني».‏ واليوم،‏ حتى الاحداث يبدون «شرسين» ويقترفون بشكل متزايد الجرائم العنيفة.‏

بالاضافة الى ذلك،‏ ادت التطورات الاقتصادية والتقنية السريعة والطمع الذي ولّدته الى ان يهجر الناس اكثر فأكثر القيم العتيقة.‏ فهم يستعملون اية وسائل متوفرة،‏ حتى الخدَّاعة منها،‏ لكسب ما في وسعهم سعيا وراء إشباع رغباتهم الانانية دونما اعتبار للآخرين.‏ والزيادة الهائلة في مجال المقامرة هي برهان آخر على الانانية،‏ وإحصاءات الجرائم للعقود القليلة الماضية تعبِّر بشكل صارخ وبوضوح عن الامر.‏

وإحدى الميزات البارزة التي تسم ايامنا بشكل خصوصي هي ان «الناس يكونون .‏ .‏ .‏ محبين للملذات دون محبة للّٰه».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏ ٢،‏ ٤‏)‏ مثالا لذلك:‏ يسعى الناس وراء لذّة الجسد لكنهم لا يرغبون في تحمل مسؤولية العيش مع رفيق زواج واحد مدى الحياة.‏ والنتيجة؟‏ موجة عارمة من العلاقات العائلية المحطمة،‏ اولاد تعساء يفتقرون الى الشعور بالانتماء الى عائلاتهم،‏ والدون متوحدون،‏ وامراض منتقلة جنسيا.‏

وتتميز العلامة بوجه آخر وهو ان «الناس يكونون محبين لأنفسهم،‏ محبين للمال».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏٢‏)‏ ووفقا للمجلة الالمانية دي تسايت،‏ ‏«ان محرك النظام [الاقتصادي اليوم] هو الانانية».‏ وأكثر من اي وقت مضى،‏ يحتل السعي وراء المال الاولوية في حياة اناس كثيرين.‏ وفي هذا السعي الاناني،‏ تُداس القيم الاخرى.‏

الاحداث العالمية

بالاضافة الى وصف انهيار القيم البشرية،‏ تنبأ الكتاب المقدس ايضا بأن الايام الاخيرة ستكون موسومة باضطرابات عظيمة ستؤثر في العائلة البشرية.‏ يقول مثلا:‏ «تقوم أمة على أمة،‏ ومملكة على مملكة؛‏ وتكون زلازل عظيمة،‏ وفي مكان بعد آخر أوبئة ومجاعات».‏ —‏ لوقا ٢١:‏١٠،‏ ١١‏.‏

باستثناء القرن العشرين،‏ لم تشهد اية حقبة في التاريخ تعرُّض الناس لعدد كبير من الكوارث الضخمة خلال فترة زمنية قصيرة.‏ مثلا،‏ أكثر من ١٠٠ مليون نسمة قُتلوا في الحروب خلال هذه الفترة،‏ وهو رقم يفوق بأشواط عدد ضحايا كافة الحروب التي حدثت في قرون عديدة ماضية.‏ فقد شهد القرن العشرون حربين لا تضاهيهما البتة اية من الحروب الاخرى حتى انهما دعيتا الحربين العالميتين.‏ ولم يحدث قط مثل هذه النزاعات العالمية.‏

قوة دافعة شريرة

يكشف الكتاب المقدس ايضا عن وجود مخلوق روحاني شرير وقوي،‏ «المدعو إبليس والشيطان»،‏ يهدف الى اغواء الناس لكي يبعدهم عن القيم الحقيقية ويوقعهم في الفساد الادبي.‏ ويقول انه نزل في الايام الاخيرة الى الارض،‏ «وبه غضب عظيم،‏ عالما أن له زمانا قصيرا!‏».‏ —‏ كشف ١٢:‏ ٩،‏ ١٢‏.‏

ويصف الكتاب المقدس ابليس بأنه «حاكم سلطة الهواء،‏ الروح الذي يعمل الآن في أبناء العصيان».‏ (‏افسس ٢:‏٢‏)‏ ويعني ذلك ان ابليس يمارس تأثيرا قويا على اناس كثيرين،‏ عادة دون ان يلاحظوا ذلك،‏ تماما كما اننا قد لا ننتبه احيانا لوجود ملوّث غير منظور في الهواء.‏

مثلا،‏ يظهر تأثير الشيطان من خلال وسائل اتصالات عصرية كثيرة:‏ الڤيديو،‏ الافلام،‏ التلفزيون،‏ الإنترنت،‏ الاعلانات،‏ الكتب،‏ المجلات،‏ والصحف.‏ فمواد كثيرة،‏ وخصوصا الجزء الذي يركز على الاحداث الذين لا يرتابون بشيء،‏ تملأها النزعات البغيضة والمتطرفة،‏ مثل التمييز العنصري،‏ علوم الغيب،‏ الفساد الادبي،‏ والعنف السادي.‏

وقد تأثر اشخاص صادقون كثيرون بالتشابه بين الوصف الذي يقدِّمه الكتاب المقدس عن الايام الاخيرة والظروف الفعلية السائدة في عالمنا اليوم.‏ صحيح ان ثمة حوادث في التاريخ حدثت قبل القرن العشرين بدت وكأنها تلائم وصف الكتاب المقدس بدرجة اقل.‏ لكنَّ القرن الـ‍ ٢٠ اضافة الى القرن الـ‍ ٢١ الآن هما فقط اللذان يشهدان كل اوجه العلامة.‏

الحقبة الجديدة القادمة

ان الذين يعتقدون ان الجنس البشري سيُباد والذين يدَّعون ان كل شيء سيبقى على ما هو عليه مخطئون على السواء.‏ وعوض ذلك،‏ يُظهر الكتاب المقدس بوضوح ان شيئا جديدا كليا سيحل محل مجتمع العالم الحاضر الذي يسيطر على الارض.‏

بعد ان اتى يسوع على ذكر عدد من ميزات علامة الايام الاخيرة،‏ قال:‏ «هكذا أنتم أيضا،‏ متى رأيتم هذه الأمور صائرة،‏ فاعلموا أن ملكوت اللّٰه قريب».‏ (‏لوقا ٢١:‏٣١‏)‏ وملكوت اللّٰه السماوي كان المحور الرئيسي لكرازة يسوع.‏ (‏متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وقد عيَّنه اللّٰه ليكون ملك هذا الملكوت،‏ الحكومة التي ستحكم عما قريب كل الارض.‏ —‏ لوقا ٨:‏١؛‏ كشف ١١:‏١٥؛‏ ٢٠:‏١-‏٦‏.‏

وفي نهاية الايام الاخيرة،‏ سيزيل ملكوت اللّٰه السماوي برئاسة المسيح كل اعدائه —‏ الشيطان والذين يدعمونه —‏ ويستبدل المجتمع الحالي الذي يفتقر الى الآداب بعالم جديد بار.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤‏)‏ وفي هذا العالم الجديد،‏ سيتمتع المستقيمو القلوب بالحياة الابدية على ارض تحوَّلت الى فردوس.‏ —‏ لوقا ٢٣:‏٤٣؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣؛‏ كشف ٢١:‏٣،‏ ٤‏.‏

ان الذين يكرهون الانحطاط الادبي الموجود اليوم ويميزون اتمام علامة الايام الاخيرة المركبة من خلال الحوادث الجارية يمكن ان يتوقعوا مستقبلا رائعا.‏ من اجل ذلك نشكر اللّٰه القادر على كل شيء،‏ الذي يهتم بنا،‏ نحن البشر،‏ والذي يملك قصدا مجيدا لخليقته،‏ الارض.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏١٠،‏ ١١،‏ ٢٩؛‏ ١ بطرس ٥:‏٦،‏ ٧‏.‏

ان شهود يهوه يدعونكم الى تعلُّم المزيد عن خالقنا المحب وعن رجاء العيش في عالم نظيف ادبيا يقدمه لكل من يبحث عنه.‏ وكما يقول الكتاب المقدس:‏ «هذا يعني الحياة الأبدية:‏ أن يستمروا في نيل المعرفة عنك،‏ أنت الإله الحق الوحيد،‏ وعن الذي أرسلته،‏ يسوع المسيح».‏ —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

سيتمتع المستقيمو القلوب بالحياة الابدية على ارض فردوسية