الدعاية المغرضة — يمكن ان تكون مميتة
الدعاية المغرضة — يمكن ان تكون مميتة
«يمكن ان تكون الكذبة قد جابت نصف العالم فيما الحقيقة لا تزال تتأهب للانطلاق». — قول منسوب الى مارك توين.
«ايها الكافر الحقير!» صاحت المعلمة وهي تصفع تلميذها البالغ من العمر سبع سنوات. ثم دعت تلامذة الصف ان يقتربوا منه الواحد تلو الآخر ويبصقوا في وجهه.
المعلمة والتلميذ — نسيبها — كانا كلاهما يعرفان تماما انه ووالدَيه ليسوا من الكافرين. بالاحرى، كانوا من شهود يهوه. لكنَّ المعلمة كانت تستغل التحامل الشائع وتعزز الحقد على تلميذها. فلسنوات كان الكاهن يخبر المعلمة والتلامذة على السواء ان شهود يهوه خسيسون. وقد اتُّهم والدا الفتى تارة بأنهما شيوعيان وتارة اخرى بأنهما عميلان للاستخبارات الاميركية. ولذلك اصطف رفقاء صفه، وهم على احر من الجمر ليبصقوا في وجه ذلك «الكافر الحقير».
لقد نجا هذا الولد ليخبر قصته. لكنَّ التوفيق لم يكن دائما حليف ضحايا الدعاية المغرضة التي كانت وسيلة للقضاء على الناس الابرياء في غرف الغاز ومعسكرات الاعتقال، في الابادات الجماعية، وفي حملات التطهير العرقي. وبسبب الافتراءات المنتشرة، المتأصلة، المسلَّم بها، والقاسية، ينظر كثيرون الى الآخرين انهم اعداء لا تُعتبر ابادتهم ضرورية فحسب بل عادلة ايضا. وفي مثل هذه الحالات، برهنت الدعاية انها سلاح للابادة الجماعية.
نعم، يمكن ان تُروَّج الدعاية علنا بواسطة شعارات الحقد كالصليب المعقوف النازي، او خفية بتمريرها بخبث في نكات عديمة الذوق. وأساليبها المقنعة يستعملها دائما الدكتاتوريون، السياسيون، رجال الدين، المعلنون، المسوِّقون، الصحفيون، الشخصيات البارزة في الراديو والتلفزيون، وكلاء الاعلان، وآخرون مِمن يهمهم التأثير في تفكير الناس وسلوكهم.
طبعا، يمكن ان تُستعمل الدعاية لتحقيق اهداف اجتماعية مفيدة، كما في الحملات التي تسعى الى تخفيض حالات السكر اثناء القيادة. لكن الدعاية يمكن ايضا ان تعزز الحقد على الاقليات الدينية والعرقية او تغري الناس بشراء السجائر. يشير الباحثان انطوني پراتكانيس وإليوت ارونسون: «تنهال علينا كل يوم معلومة مقنِعة تلو الاخرى». ويضيفان: «وهذه المعلومات تقنع ليس من خلال تبادل الافكار بالحجج والمناقشة، بل من خلال الاستعمال الماكر للشعارات والتأثير في اعمق مشاعرنا الانسانية. فسواء للاسوإ او للأفضل فإن عصرنا هو عصر الدعاية».
كيف استُعملت الدعاية للتأثير في تفكير البشر وتصرفاتهم على مر القرون؟ ماذا يمكنكم فعله لحماية أنفسكم من الدعاية الخطرة؟ هل هنالك مصدر يزوِّد معلومات جديرة بالثقة؟ ستُناقَش هذه الاسئلة وأسئلة اخرى في المقالتين التاليتين.
[الصورة في الصفحة ٣]
استُعملت الدعاية لإيذاء كثيرين