الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الاضطهاد الديني في جورجيا —‏ الى متى؟‏

الاضطهاد الديني في جورجيا —‏ الى متى؟‏

الاضطهاد الديني في جورجيا —‏ الى متى؟‏

من ساحل البحر الاسود المعتدل المناخ الى جبال القوقاز الجليدية،‏ تتميز جورجيا بجمال طبيعتها.‏ فالغابات الكثيفة،‏ الانهر السريعة،‏ والاودية الخضراء تزيِّن هذه المنطقة الجبلية الممتدة على جانبَي الحدود بين اوروپا وآسيا.‏ وعاصمة جورجيا،‏ تْبيليسي،‏ مدينة ناشطة تمتزج فيها الابنية العصرية بالابنية الاثرية القديمة.‏ لكنّ كنز جورجيا الاعظم هو شعبها المعروف بروابطه العائلية القوية وكرم ضيافته.‏

على مرّ التاريخ،‏ قاسى شعب جورجيا الظلم.‏ فقد غزا بلدهم الرومان،‏ الفرس،‏ البيزنطيون،‏ العرب،‏ الاتراك،‏ المغول،‏ الروس،‏ وآخرون.‏ وبحسب احد الاحصاءات،‏ دُمِّرت تْبيليسي ٢٩ مرة!‏ * بالرغم من ذلك،‏ حافظ الجورجيون على محبتهم للحياة،‏ الفن،‏ الغناء،‏ والرقص وأيضا على صيتهم كمجتمع متسامح.‏

لكن من المؤسف انه لم يعد ممكنا ان يُقال هذا عن كل الناس في جورجيا.‏ فخلال السنتين الماضيتين،‏ شوّه فريق صغير من الجورجيين صيت بلدهم بالهجوم على مئات من رفقائهم المواطنين.‏ فقد ضرب حشد من المهاجمين المهتاجين رجالا ونساء وأولادا ابرياء بالاضافة الى متقدِّمين في السن ومعاقين.‏ ضربوهم بهراوى فيها مسامير وبقضبان حديدية،‏ فكدموا اجسادهم ومزَّقوا وجوههم وشقّوا فروة رأسهم.‏ ولكن لماذا ضُرب المواطنون الجورجيون الابرياء بهذه الوحشية؟‏ لأنهم من شهود يهوه —‏ مجتمع مسيحي كان موجودا في جورجيا حتى قبل ان وُلد معظم المهاجمين.‏

من الاتهام الى الهجوم

مع ان الحرية الدينية مضمونة في جورجيا،‏ صودِرَت مرارا كثيرة مطبوعات شهود يهوه.‏ وفي نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٩،‏ قال مسؤولون في الجمارك انه لا يمكن نشر المطبوعات إلا بإذن من البطريَرك،‏ رأس الكنيسة الارثوذكسية الجورجية.‏ * وفي الشهر التالي،‏ ذُكرت الكنيسة الارثوذكسية مرة اخرى —‏ هذه المرة في محكمة المقاطعة إيساني-‏سامڠوري في جورجيا.‏ فهناك،‏ رفع ڠورام شارادزه،‏ نائب في البرلمان وقائد الحركة السياسية «جورجيا اولا!‏»،‏ دعوى قضائية طُلب فيها حلّ المؤسستَين اللتين يستخدمهما شهود يهوه.‏ واتَّهم الشهود بأنهم ضد الوطن وخطرون.‏ ومَن كان يدعم ادِّعاء شارادزه؟‏ كانت هنالك رسالة ملصقة بالدعوى القضائية من سكرتير كاثوليكُس–‏بطريَرك كل جورجيا.‏

في ٢٠ ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٩،‏ تبنَّت جورجيا الاتفاقية الاوروپية لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية وبذلك تعهَّدت بتطبيق مواد الاتفاقية.‏ تقول المادة ١٠:‏ «لكل انسان الحق في حرية التعبير.‏ هذا الحق يشمل حرية اعتناق الآراء وتلقي وتقديم المعلومات والافكار دون تدخل من السلطة العامة،‏ وبصرف النظر عن الحدود الدولية».‏ فهل اوقف هذا الحق مقاومي الشهود عن الاستمرار في بذل جهودهم لحظر المطبوعات الدينية؟‏ كلا،‏ على الاطلاق!‏

في ٢١ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٩،‏ أصرَّ مكتب بطريَرك كل جورجيا،‏ في رسالة الى رئيس مفتشي الجمارك،‏ انه «يجب حظر توزيع المطبوعات الدينية الاجنبية».‏ وفضلا عن ذلك،‏ اعلن الناطق الرسمي باسم الكنيسة الارثوذكسية الجورجية،‏ ڠيورڠي أندريادزه،‏ ان شهود يهوه خطرون وينبغي ان يُحظَروا.‏ لم تلقَ هذه الاتهامات اذنا صمَّاء.‏ فالمتعصِّبون الدينيون،‏ الذين احرقوا مطبوعات شهود يهوه في الماضي،‏ شعروا الآن بالطمأنينة انه بإمكانهم مهاجمة الشهود والافلات من العقاب.‏ فشنّوا هجوما آخر يوم الاحد في ١٧ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٩.‏

عمل الرعاع لم يلقَ عقابا

في يوم الاحد هذا،‏ كان نحو ١٢٠ شخصا من شهود يهوه في تْبيليسي —‏ رجالا،‏ نساء،‏ وأولادا —‏ يحضرون اجتماعا دينيا.‏ فجأة،‏ اقتحم الكاهن الارثوذكسي المجرَّد من رتبته،‏ ڤاسيلي مكالاڤيشڤيلي،‏ مع ٢٠٠ من أتباعه مكان الاجتماع.‏ * فطوَّقوا الشهود وراحوا يضربونهم بهراويهم الخشبية وصلبانهم الحديدية.‏ امسك اربعة من المهاجمين شاهدا بذراعيه وعنقه،‏ أحنوا رأسه بالقوة وحلقوه فيما الرعاع ينظرون بشماتةٍ الى إذلاله.‏ وعندما غادر اخيرا الرعاع المسعورون،‏ لزم إدخال ١٦ شاهدا الى المستشفى للمعالجة.‏ أحد الرجال كُسرت ثلاث من اضلاعه.‏ وتذكَّرت لاحقا شاهدة اخرى اسمها پاتي تبلغ من العمر ٤٠ سنة:‏ «بدأوا يصيحون عليَّ،‏ وضربني احدهم بكل قوته على وجهي وعينيَّ.‏ حاولت ان اخبِّئ وجهي بيديَّ،‏ فصار الدم يسيل من بين اصابعي».‏ عندما انتهى ضرب پاتي الوحشي هذا،‏ لم يكن بإمكانها ان ترى بعينها اليسرى.‏ ولا تزال عين پاتي حتى اليوم متأذِّية من الهجوم.‏

ان هذا الهجوم الوحشي،‏ الذي عُرض على التلفزيون،‏ دفع الرئيس ادوارد شيفاردنادزه الى التعبير عن رأيه علانية.‏ فقال في اليوم التالي:‏ «استنكر هذا الحادث وأعتقد انه على وكالات تنفيذ القانون ان ترفع دعوى جنائية».‏ وبما ان فيلم الڤيديو حدَّد هوية قائد الرعاع والمهاجمين الآخرين،‏ فقد كان من السهل إدانتهم.‏ ورغم ذلك،‏ بعد مرور سنتين،‏ لم يُدَن احد من المهاجمين.‏

الافلات من العقاب يشدّد عزيمتهم

لا عجب ان عدم اتخاذ السلطات —‏ الدنيوية والاكليريكية —‏ اي اجراء قد بعث الى المهاجمين بالرسالة انه يمكن السماح بالعنف.‏ وإذ شدّد هذا الموقف عزيمتهم،‏ زادوا شغبهم وأخذوا يسلبون،‏ يضربون ويرفسون شهود يهوه —‏ في البيوت الخاصة،‏ في الشوارع،‏ وفي اماكن العبادة.‏ وبين تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٩ وآب (‏اغسطس)‏ ٢٠٠١،‏ حدث اكثر من ٨٠ هجوما على شهود يهوه مدعوم بالوثائق تأذّى منه اكثر من ٠٠٠‏,١ ضحية.‏ ورغم ذلك،‏ في ٩ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠١،‏ قال مدَّعٍ عام في مدينة تْبيليسي للمراسلين الصحفيين ان التحقيقات بشأن ڤاسيلي مكالاڤيشڤيلي «لا تزال جارية».‏ ومن المؤسف انه الى وقت كتابة هذه المقالة لا تزال السلطات الجورجية تسمح لمقاومي شهود يهوه بارتكاب جرائمهم الناتجة عن البغض.‏ —‏ انظروا الاطار «عمل الرعاع يستمر».‏

ما هو دور الشرطة؟‏ تكشف النشرات الاخبارية والافلام الڤيديوية ان الشرطة لم تسمح فقط بالهجوم على شهود يهوه بل اشتركت فيه ايضا!‏ مثلا،‏ في ٨ ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٠٠٠،‏ في مدينة زوڠديدي،‏ أوقف فريق من الشرطة يحملون الهراوى محفلا سلميا يحضره ٧٠٠ من شهود يهوه.‏ اخبر شهود عيان ان رجال شرطة مقنَّعين «عاثوا بالمكان خرابا»،‏ وضربوا اكثر من ٥٠ شاهدا.‏ وقال صاحب المكان الذي عُقد فيه المحفل،‏ وهو يتذكَّر الرعب الذي بدا على وجه الاولاد عندما أُطلقت القذائف المضادة للدبابات الفارغة فوق رؤوسهم:‏ «ان ذلك يسحق القلب».‏ لقد هاجم رجال الشرطة المكان وأحرقوه.‏ ومع ذلك،‏ لم يُعاقبوا الى هذا اليوم.‏

بسبب تكرر هذا العمل الخسيس (‏انظروا الاطار «اشتراك الشرطة»)‏،‏ عبَّرت بحق «لجنة الامم المتحدة ضد التعذيب» في ٧ ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠١ عن قلقها ازاء «استمرار اعمال التعذيب وسائر انواع المعاملة او العقوبة القاسية او غير الانسانية او المذلَّة في جورجيا التي ترتكبها هيئة تنفيذ القانون؛‏ استمرار الفشل في القيام بتحقيقات فورية،‏ غير متحيِّزة،‏ ومفصَّلة في كل من شكاوى التعذيب العديدة».‏ * وفي الواقع،‏ ما من شكوى واحدة من الشكاوى الاكثر من ٤٠٠ التي قُدِّمت الى الشرطة ادَّت الى إدانة المعتدين المعروفين!‏ لذلك علَّق وكيل الدفاع العام في جورجيا،‏ او المحقِّق في الشكاوى ضد موظفي الدولة،‏ الذي انتخبه البرلمان،‏ قائلا:‏ «ان حقوق الانسان تُنتهَك من قبل الاشخاص انفسهم الذين يلزم،‏ بموجب وظيفتهم،‏ ان يحموا هذه الحقوق.‏ فبالنسبة اليهم،‏ حقوق الانسان هي مجرد حبر على ورق».‏

قرار للمحكمة العليا يخلق تشويشا

بدا كأن الهجومات غير الشرعية التي قام بها الرعاع والشرطة لم تكن كافية،‏ فأصدرت مؤخرا المحكمة العليا في جورجيا حكما خلق تشويشا بشأن حقوق شهود يهوه.‏

دعونا نتأمل في خلفية الامور.‏ رفع السياسي ڠورام شارادزه دعوى قضائية يُطلب فيها حلّ المؤسستَين الشرعيتَين لشهود يهوه.‏ وقد رُفض النظر في الدعوى في ٢٩ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠٠.‏ لكنّ شارادزه استأنف وربح.‏ فاستأنف شهود يهوه بدورهم الى المحكمة العليا.‏ وفي ٢٢ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠١،‏ اصدرت المحكمة العليا قرارا ضد الشهود يعتمد بشكل اساسي على نقاط تفصيلية صغيرة في القانون.‏ حاجَّت المحكمة العليا ان الدستور يحدِّد ان الاديان يجب تسجيلها تحت القانون العام بموجب قانون غير موجود حتى الآن يصف بتفصيل تسجيل الجمعيات الدينية.‏ واستنتجت المحكمة انه في غياب هذا القانون،‏ لا يمكن ان يُسجَّل شهود يهوه بأية طريقة اخرى.‏ ولكن هنالك نحو ١٥ جمعية اخرى تدعم النشاط الديني مسجَّلة شرعيا في جورجيا.‏

ردًّا على قرار المحكمة العليا،‏ قال وزير العدل في جورجيا،‏ ميخائيل سآكاشڤيلي،‏ في مقابلة تلفزيونية:‏ «من وجهة نظر القانون،‏ القرار مشكوك فيه جدا.‏ لا اعتقد انه انجح قرار اتُّخذ في تاريخ المحكمة العليا».‏ وقال زوراب أديشڤيلي،‏ الرئيس بالنيابة للجنة القانونية البرلمانية في جورجيا،‏ لوكالة أنباء كستون انه «قلق جدا» بشأن القرار لأنه «يشجِّع القوى المتطرِّفة في كنيستنا [الارثوذكسية الجورجية] على قمع الاقليات الدينية».‏ ومن المؤسف ان قلق أديشڤيلي كان في محله.‏ فبعد الحكم ببضعة ايام،‏ استُؤنف العنف ضد شهود يهوه.‏ وفي سنة ٢٠٠١،‏ قام الرعاع،‏ الشرطة،‏ والكهنة الارثوذكس بمهاجمة الشهود في ٢٧ شباط (‏فبراير)‏،‏ ٥ آذار (‏مارس)‏،‏ ٦ آذار (‏مارس)‏،‏ ٢٧ آذار (‏مارس)‏،‏ ١ نيسان (‏ابريل)‏،‏ ٧ نيسان (‏ابريل)‏،‏ ٢٩ نيسان (‏ابريل)‏،‏ ٣٠ نيسان (‏ابريل)‏،‏ ٧ ايار (‏مايو)‏،‏ ٢٠ ايار (‏مايو)‏،‏ ٨ حزيران (‏يونيو)‏،‏ ١٧ حزيران (‏يونيو)‏،‏ ١١ تموز (‏يوليو)‏،‏ ١٢ آب (‏اغسطس)‏،‏ ٢٨ ايلول (‏سبتمبر)‏،‏ و ٣٠ ايلول (‏سبتمبر)‏.‏ والعنف لا يزال مستمرا.‏

وسط هذه الموجة الجديدة من الاضطهاد،‏ اتخذت المحكمة العليا خطوة غير عادية وأوضحت قرارها علنًا قائلةً:‏ «للأسف،‏ فسَّرت العامة خطأً إبطال المحكمة العليا تسجيل جمعية شهود يهوه .‏ .‏ .‏ فعندما ابطلت المحكمة تسجيل المدَّعى عليهم كمؤسسة شرعية ذات قانون خاص،‏ لم يُنتهك او يُقيَّد بطريقة مباشرة او غير مباشرة حقهم في حرية التفكير،‏ الضمير،‏ والدين.‏ كما لم تُقيَّد حريتهم في تغيير معتقدهم،‏ سواء على انفراد او بالاجتماع مع آخرين،‏ بصفة علنية او في نطاق خاص.‏ .‏ .‏ .‏ كذلك لم يقيِّد قرار المحكمة حق المدَّعى عليهم في تلقّي وتقديم الافكار والمعلومات.‏ ولم يمنع حقهم في عقد الاجتماعات السلمية».‏

آلاف الجورجيين يعلنون موقفهم ضد الاضطهاد

كما يبدو كان لتصريح المحكمة العليا هذا تأثير قليل في مرتكبي العنف،‏ الا انه من المشجِّع ان نذكر ان آلاف المواطنين في جورجيا دانوا الاضطهاد المستمر.‏ في ٨ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠١،‏ مرَّر شهود يهوه عريضة تدعو الى حمايتهم من هجومات الرعاع ومحاكمة الذين اشتركوا في الهجومات العنيفة ضد مواطنين جورجيين.‏ وفي غضون اسبوعين،‏ وقَّع العريضة ٣٧٥‏,١٣٣ مواطنا راشدا من كل انحاء جورجيا.‏ ونظرا الى ان هنالك ٠٠٠‏,١٥ شخص فقط من شهود يهوه في جورجيا،‏ فإن الغالبية الساحقة من الموقِّعين هم على الارجح اعضاء في الكنيسة الارثوذكسية الجورجية.‏ ولكن في ٢٢ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠١،‏ اختفت العريضة.‏ فماذا حدث؟‏

في ذلك اليوم،‏ في مكتب وكيلة الدفاع العام في جورجيا،‏ نانا ديڤدارياني،‏ كان يُعقد مؤتمر صحفي لنشر العريضة رسميا.‏ وفجأة،‏ خلال المؤتمر،‏ اقتحم ڤاسيلي مكالاڤيشڤيلي وعشرة آخرون المكتب للاستيلاء على الاجزاء الـ‍ ١٤ التي تؤلِّف العريضة.‏ فحاولت ممثِّلة للجمعية القوقازية للسلام والديموقراطية ان تحمي العريضة،‏ لكنّ الغزاة هاجموها.‏ وفيما كان مكالاڤيشڤيلي ينفث طعنًا وذمّا،‏ انتزع اتباعه من منظِّمي المؤتمر ١٢ جزءا من الـ‍ ١٤ وغادروا المكان بسرعة.‏ احد الدبلوماسيين الاجانب الذي شاهد الحادث اعلن متعجِّبا:‏ «امر لا يُصدَّق فعلا!‏».‏ ولحسن التوفيق،‏ في ٦ شباط (‏فبراير)‏ عادت العريضة في حوزة الشهود؛‏ وفي ١٣ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠١ قُدِّمت الى رئيس جورجيا.‏

‏«كل المضايقات .‏ .‏ .‏ ستُحال الى القضاء»‏

يتوقع شهود يهوه في جورجيا وحول العالم من رئيس جورجيا ان يتخذ اجراء بشأن هذه العريضة.‏ ففي الماضي،‏ استنكر الرئيس شيفاردنادزه مرارا كثيرة اضطهاد شهود يهوه.‏ مثلا،‏ في ١٨ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٩،‏ وصف الرئيس الهجومات على شهود يهوه بأنها «اضطهاد عنيف لا يُطاق».‏ وفي ٢٠ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٠٠٠،‏ كتب الرئيس شيفاردنادزه الى عضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه:‏ «سنفعل كل ما في وسعنا لاستئصال العنف».‏ وأضاف:‏ «دعني اؤكِّد لك ان السلطات الجورجية ستبقى متمسِّكة بقوة بتعهُّدها بحماية حقوق الانسان وحرية الضمير».‏ ومرة اخرى في ٢ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٠٠٠،‏ في رسالة الى لجنة الامن والتعاون في اوروپا،‏ ذكر الرئيس شيفاردنادزه:‏ «ان هذه القضية [وضع الاقليات الدينية في جورجيا] هي ايضا محط اهتمام جدّي لدى شعبنا وحكومتنا».‏ وأكَّد للجنة:‏ «ان كل المضايقات وأعمال العنف الجسدي ستُحال الى القضاء وسيُحاسَب المعتَدون امام القانون».‏

يأمل المراقبون القلقون في اوروپا وأنحاء اخرى من العالم ان تنفّذ قريبا كلمات الرئيس شيفاردنادزه الحازمة.‏ وفي هذه الاثناء،‏ يواظب شهود يهوه حول العالم على الصلاة من اجل رفقائهم المؤمنين في جورجيا فيما يستمر هؤلاء الشهود الشجعان في خدمة يهوه بالرغم من الاضطهاد المرير.‏ —‏ مزمور ١٠٩:‏٣،‏ ٤؛‏ امثال ١٥:‏٢٩‏.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 3‏ من اجل معلومات اضافية عن جورجيا،‏ انظروا المقالة «‏جورجيا —‏ تراث قديم محفوظ‏»،‏ في عدد ٢٢ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٨ من استيقظ!‏.‏

^ ‎الفقرة 6‏ ولكن خلال سنة ٢٠٠١،‏ اوقفت دائرة الجمارك مصادرة مطبوعات شهود يهوه.‏

^ ‎الفقرة 10‏ طُرد ڤاسيلي مكالاڤيشڤيلي من الكنيسة الارثوذكسية الجورجية في اواسط تسعينات الـ‍ ١٩٠٠ بعد انتقاده اللاذع لها على عضويتها في مجمع الكنائس العالمي.‏ (‏سحبت الكنيسة الارثوذكسية الجورجية منذ ذلك الحين عضويتها من مجمع الكنائس العالمي.‏)‏ وفي تلك الاثناء،‏ انضم مكالاڤيشڤيلي الى مؤيِّدي التقويم القديم اليونانيين تحت قيادة المِتروپوليت كيپريان.‏

^ ‎الفقرة 15‏ جورجيا هي واحدة من الـ‍ ١٢٣ دولة التي هي طرف في اتفاقية الامم المتحدة ضد التعذيب وسائر انواع المعاملة او العقوبة القاسية او غير الانسانية او المذلَّة.‏ وبالتالي،‏ فقد تعهَّدت جورجيا ان «تحرِّم التعذيب».‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٤]‏

‏«كل المضايقات وأعمال العنف الجسدي ستُحال الى القضاء وسيُحاسَب المعتَدون امام القانون».‏ —‏ رئيس جورجيا،‏ ادوارد شيفاردنادزه،‏ ٢ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٠٠٠

‏[النبذة في الصفحة ٢٤]‏

‏«نأمل ان تُحَلّ هذه المسألة [العنف ضد الاقليات الدينية] وتتمتع كل الفرق الدينية في جورجيا بحرية التعبير عن معتقداتها الدينية دون قيد».‏ —‏ دايڤيد سومبادزه،‏ مستشار اول في سفارة جورجيا في العاصمة واشنطن،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ ٣ تموز (‏يوليو)‏ ٢٠٠١

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢٠]‏

عمل الرعاع يستمر

ان فشل السلطات الجورجية في إدانة المعتَدين على شهود يهوه عرَّض الشهود لمزيد من الاضطهاد.‏

على سبيل المثال،‏ في ٢٢ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠١،‏ في منطقة سڤانيتيس أوباني في تْبيليسي،‏ هجم الكاهن الارثوذكسي السابق ڤاسيلي مكالاڤيشڤيلي مع اتباعه الرعاع على اجتماع ديني يحضره ٧٠ شاهدا.‏ وقام المهاجمون بلَكْم الشهود ورفسهم وضربهم بصلبان خشبية وحديدية.‏ ضرب احد المهاجمين شاهدا ضربا عنيفا على رأسه بصليب خشبي كبير بحيث انتُزعت العارضة من الصليب.‏ وجُرَّ بعض الشهود الى غرفة مظلمة حيث ضربهم عدد من المهاجمين.‏ كما أُجبر الشهود المتقدمون في السن على السير بين صفَّين من المهاجمين فيما كانوا يضربونهم بقبضتهم وبالصلبان.‏ وطارد رجلان راشدان صبيا عمره ١٤ سنة وقاموا بلَكْم ورفس هذا الولد العاجز عن الدفاع عن نفسه.‏ وركض مهاجم عمره ٣٠ سنة وراء صبي عمره ١٢ سنة وخبط رأسه بكتاب مقدس ضخم باللغة الجورجية.‏ في هذه الاثناء،‏ ركض شاهد خارج المنزل للاتصال بالشرطة،‏ لكنّ الرعاع امسكوا به وراحوا يلكمون وجهه اللكمة تلو الاخرى حتى امتلأ فمه دما وابتدأ يتقيَّأ.‏ وأخيرا تفرَّق الرعاع القساة.‏ وحتى الآن لم يُعاقَب المهاجمون.‏

مرة اخرى،‏ في ٣٠ نيسان (‏ابريل)‏ ٢٠٠١،‏ اوقف اتباع مكالاڤيشڤيلي اجتماعا دينيا للجماعة نفسها من الشهود.‏ وجرَّ المهاجمون الشهود الى الخارج وضربوهم بعصيّ ثُبِّتت فيها مسامير.‏ فمزَّقت المسامير الذراع اليمنى،‏ اليد اليسرى،‏ القدم اليسرى،‏ والخد الايسر لشاهد اسمه تاماز.‏ وفضلا عن ذلك،‏ لزم تاماز خمس قُطَب لِلأْم جرح بليغ في رأسه.‏ فتَّش الرعاع ايضا المنزل حيث كان يُعقد الاجتماع،‏ محطِّمين الاثاث،‏ الاجهزة الكهربائية،‏ والنوافذ.‏ ثم أحرقوا المطبوعات التي من اصدار شهود يهوه خارجا في مَشعلة كبيرة.‏ في ٧ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠١،‏ طلبت رسميا منظمة مراقبة حقوق الانسان معلومات من وزير الشؤون الداخلية في جورجيا،‏ كاخا تارڠامادزه،‏ والمدعي العام في جورجيا،‏ ڠِيا ميپاريشڤيلي،‏ عن الخطوات التي اتُّخذت لمحاكمة مَن قاموا بهذا الهجوم والهجومات الاخيرة.‏ وحتى الآن،‏ لم يُحاكَم اي من المهاجمين.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢١]‏

اشتراك الشرطة

في ١٦ ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٠٠٠،‏ أقامت شرطة مدينة مارنيلي حواجز لمنع ١٩ باصا ينقل شهود يهوه من الوصول الى موقع المحفل.‏ وعند احد الحواجز راح المهاجمون يرشقون باصات الشهود بالحجارة وأصابوا راكبة في رأسها.‏ كما أخرجوا عددا من الشهود من الباصات وضربوهم،‏ وسلبوا ركابا آخرين.‏ وفي الوقت نفسه،‏ فتحت الشرطة الطريق لباصات اخرى تنقل اتباع مكالاڤيشڤيلي الذين كانوا مصمِّمين على تدمير موقع المحفل.‏ احرق الرعاع طنّا ونصفا من المطبوعات الدينية.‏ واشتركت الشرطة الموجودة هناك في ضرب الشهود.‏

اخبرت وكالة انباء القوقاز ان وزير الشؤون الداخلية سيحقِّق في هذا الاعتداء ويتَّخذ «الاجراءات الملائمة».‏ والمحقِّقون لديهم إثباتات قوية لاتِّهام المهاجمين.‏ فدستور جورجيا،‏ المادة ٢٥،‏ يضمن حق كل الناس في عقد اجتماع عام.‏ ومع ذلك،‏ لم يُحاكَم اي من المهاجمين.‏ وبعد خمسة اشهر من هذا الهجوم،‏ اخبرت وكالة أنباء كستون ان احد محامي ڠورام شارادزه،‏ قائد الحركة السياسية «جورجيا اولا!‏»،‏ اعترف ان شارادزه مارس نفوذه على السلطات في مارنيلي وزوڠديدي لمنع عقد محفلَين لشهود يهوه.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢١]‏

دستور جورجيا يضمن الحماية

ان دستور جورجيا بتاريخ ٢٤ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٥،‏ يضمن حرية الدين والحماية من الهجومات الوحشية،‏ كما تُظهِر المقتطفات التالية:‏

المادة ١٧ —‏ (‏١)‏ لا يجب انتهاك كرامة وشرف الفرد.‏ (‏٢)‏ لا يجوز إخضاع احد للتعذيب او لمعاملة او عقوبة غير انسانية او قاسية او مذلَّة.‏

المادة ١٩ —‏ (‏١)‏ لكل انسان الحق في حرية الكلام والتفكير والضمير والدين والعقيدة.‏ (‏٢)‏ يُمنَع اضطهاد احد بسبب افكاره او معتقداته او دينه.‏

المادة ٢٤ —‏ (‏١)‏ لكل انسان الحق في تلقِّي ونشر المعلومات بحرية،‏ التعبير عن رأيه وتقديمه سواء شفاهًا او كتابةً او بأي شكل آخر.‏

المادة ٢٥ —‏ (‏١)‏ لكل انسان،‏ باستثناء افراد القوات المسلحة والشرطة وقوات الامن،‏ الحق في عقد اجتماع عام دون اسلحة سواء داخل المباني او في الهواء الطلق من دون إذن مسبق.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٢]‏

العالم يراقب

كيف ينظر المجتمع الدولي الى فشل جورجيا في ايقاف الاضطهاد على شهود يهوه؟‏

قالت حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى:‏ «عُطِّل اجتماع لشهود يهوه،‏ أُسيئت معاملة عدد كبير من الناس بعنف وأُعيق آخرون عن الوصول الى الاجتماع.‏ ان سفارتَي الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا العظمى قلقتان جدا بشأن ذلك وغيره من الاعتداءات الخطيرة التي جرت مؤخرا على الذين يمارسون حقهم في حرية الدين في جورجيا .‏ .‏ .‏ نحن نناشد حكومة جورجيا ان تحقِّق في هذه الحوادث وأن تسهر على ضمان احترام حقوق الجميع الدينية».‏

وذكرت رئيسة الوفد المبعوث الى الاتحاد الاوروپي-‏لجنة التعاون البرلماني في جورجيا،‏ أورسولا شلايخر:‏ «نيابةً عن وفد البرلمان الاوروپي اودّ ان اعبِّر عن قلقي بشأن الحدث الاخير في سلسلة الهجومات العنيفة على الصحافيين،‏ الاعضاء العاملين في ميدان حقوق الانسان،‏ وشهود يهوه .‏ .‏ .‏ اعتبر هذا النوع من التصرف هجوما شنيعا على حقوق الانسان الاساسية،‏ وجورجيا كدولة موقِّعة على الاتفاقية الاوروپية لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية قد تعهدَّت بتأييد هذه الحقوق».‏

كما كتبت اللجنة الاميركية للامن والتعاون في اوروپا الى الرئيس شيفاردنادزه في ما يتعلق بالهجومات على شهود يهوه:‏ «ان الحوادث الاخيرة تنذر في الحقيقة بالخطر وتثير المخاوف من ان يخرج الوضع في جورجيا عن السيطرة.‏ فإذا لم يُتَّخذ اي اجراء،‏ يتشجَّع الذين يدعون الى العنف ضد الاقليات الدينية على الاستمرار في اعمال شغبهم.‏ نأمل ان ترسم انتَ،‏ بصفتك رئيس الدولة،‏ مثالا للعامة ولرسميّي جورجيا وتبعث برسالتَين قويتَين وواضحتَين:‏ مهما كان رأي الفرد في الاديان الاخرى،‏ فلا يجوز ان يستخدم اي نوع من العنف ضد ممارسيها؛‏ والذين يشتركون في هذا العنف —‏ وخصوصا الشرطة التي تسهِّل او تشترك فعليا في هذه الاعمال الشائنة —‏ سينالون اقصى عقوبة ينص عليها القانون».‏ وقد وقَّع هذه الرسالة سبعة اعضاء من الكونڠرس الاميركي.‏

قال نائب رئيس لجنة الامن والتعاون في اوروپا،‏ وهو عضو في الكونڠرس الاميركي،‏ كريستوفر ه‍.‏ سميث:‏ «لماذا لا تدعم جورجيا حرية الدين وحقوق الانسان كما قالت انها ستفعل؟‏ .‏ .‏ .‏ ان حرق المطبوعات منافٍ كليا لاتفاق هَلْسنكي ويذكِّر البعض منا بأمر حرق الكتب الذي حدث اثناء سنوات الحكم النازي».‏

وكتبت المديرة التنفيذية بالنيابة لقسم مراقبة حقوق الانسان في اوروپا وآسيا الوسطى:‏ «ان منظمة مراقبة حقوق الانسان قلقة جدا بشأن امكانية حدوث المزيد من العنف،‏ نظرا الى سجل فشل الحكومة الجورجية في محاكمة المعتَدين بسبب هجوماتهم العنيفة السابقة على الاقليات الدينية.‏ نحثُّك ان تدعو على الفور الى انهاء الهجومات وإحالة المسؤولين عنها الى العدالة».‏

العالم يراقب.‏ فهل ستعمل جورجيا بموجب تعهُّداتها الدولية؟‏ ان سمعة جورجيا على المحك.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٣]‏

استئناف الدعوى الى المحكمة الاوروپية

في ٢٩ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠١،‏ قدَّم شهود يهوه طلبا الى المحكمة الاوروپية لحقوق الانسان يعترضون فيه رسميا على عدم اتخاذ وكالات تنفيذ القانون الجورجية اي اجراء.‏ وبعد بضعة ايام،‏ في ٢ تموز (‏يوليو)‏ ٢٠٠١،‏ ردت المحكمة الاوروپية جوابا.‏ كتب امين سجل المحكمة ان رأي رئيس مجلس القضاء هو ان هذه القضية «يجب ان تُعطى الاولوية».‏

‏[الخريطة في الصفحة ١٨]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

روسيا

جورجيا

البحر الاسود

تركيا

‏[الصورة في الصفحة ١٨]‏

١٣ ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠١ -‏ خسرت عائلة شامويان منزلها عندما اضرم شخص النار فيه عمدا

‏[الصورة في الصفحة ١٨]‏

١٧ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠١ –‏ هوجم ڠيورڠي باڠيشڤيلي بعنف فيما كان يحضر اجتماعا لشهود يهوه

‏[الصورة في الصفحة ١٩]‏

١١ تموز (‏يوليو)‏ ٢٠٠١ –‏ ضُرب دايڤيد سالاريدزه على رأسه بهراوة وأيضا على ظهره وأضلاعه عندما هوجم وهو يحضر اجتماعا لشهود يهوه

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

٢٨ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠٠ –‏ دمَّر مفتعلو حرائق مخزنا للمطبوعات لشهود يهوه في تْبيليسي

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

١٦ آب (‏اغسطس)‏ ٢٠٠٠ –‏ في قاعة محكمة ڠلداني-‏نادزالادڤي،‏ هاجم احد مؤيِّدي ڤاسيلي مكالاڤيشڤيلي الشاهد الكندي وارِن شوفِلت

‏[مصدر الصورة في الصفحة ٢٤]‏

AP Photo/Shakh Aivazov