جعل محيط عملكم آمنا
جعل محيط عملكم آمنا
رغم القوانين المتعلقة بالأمان والصحة اثناء العمل، لا تزال الاصابات والموت مشكلة رئيسية. من الواضح اذًا ان قضية الامان ليست قضية قوانين فحسب. فعلى المستخدِمين والمستخدَمين ان يتحملوا بعض المسؤولية من اجل سلامتهم وسلامة الآخرين.
لذلك على كل فرد في القوة العاملة ان يفحص جيدا محيط عمله وعاداته في العمل. هل لاحظتم، مثلا، ان كان مكان عملكم آمنا حقا؟ هل تعملون بأية مادة سامة؟ اذا كان الامر كذلك، فهل انتم محميّون جيدا؟ هل تشعرون بالاجهاد باستمرار؟ هل تقبلون دوام عمل ينتهك دوام العمل القانوني؟
ان الاجابة عن اسئلة كهذه يمكن ان تكشف الكثير عن مدى الامان في العمل.
مدركون المخاطر
ان محاولة اتباع دوام عمل غير منطقي يمكن ان تكون خطرة. فبعد فحص نتائج استطلاع شمل ٦,٣ ملايين عامل و ٢٠٠,٣٧ مكان عمل، نشر الپروفسور لوسون سايڤِري من جامعة كورتن في أوستراليا، بالتعاون مع احد الباحثين، دراسة عنوانها «ساعات العمل الطويلة: هل هي خطرة وهل يوافق عليها الناس؟». وكان الجواب بشكل عام «نعم» عن كلا الجزئين من هذا السؤال.
فالعمال المتعبون يكونون غير فعالين ويقترفون المزيد من الاخطاء. قالت الصحيفة الاوسترالية ذا صن-هيرالد (بالانكليزية) نقلا عن الپروفسور سايڤِري: «عززت شركات كثيرة الادمان على العمل وبحثت بجد عن مدمني العمل وكافأتهم». لكنّ النتائج قد تكون وخيمة. وتظهر هذه المشكلة بوضوح كبير في صناعة النقل، حيث يُشجَّع السائقون او يُجبَرون على القيادة ساعات طويلة دون اخذ استراحة — وهذا امر مخالف للقانون في بعض البلدان.
وثمة خطر آخر ينجم عن عادات العمل السيئة التي تشمل النقص في الترتيب والنظافة. فترك ادوات ملقاة على الارض او اسلاك كهربائية مكشوفة موصولة بتيار كهربائي غالبا ما يؤدي الى حصول الحوادث او يسبب الوفاة ايضا. ويصح الامر نفسه عندما يجري تجاهُل الاجراءات الوقائية المتعلقة بالامان لدى استعمال الادوات والآلات الكهربائية. ومن الاسباب الاخرى للاصابات والموت عدمُ تنظيف السوائل المراقة — وخصوصا السامة منها. فقد حدثت اصابات كثيرة عندما انزلق عمال على ارض رطبة او ملطَّخة بالزيت. وهكذا يمكن القول ان اهم قاعدة للعمل الجيد هي ان يكون المرء نظيفا ومرتبا.
رغم ذلك يميل كثيرون الى تجاهل اجراءات الامان. ذكرت مجلة مونثلي لايبور ريڤيو (بالانكليزية): «قد يؤدي ضغط العمل الى التفكير ان اتباع الطرائق المختصرة ضروري لتلبية المطالب». لذلك قد يحلل البعض بشأن احد قوانين الامان: ‹لم يحدث ان تأذى مرة شخص رغم تجاهلي لهذا القانون›. عن هذه المسألة، قال مدير مصنع متمرس: «من
اسوإ الامور التي قد تقومون بها في العمل هو ان تتجاهلوا اجراءات الامان وتنجوا بفعلتكم!». ولماذا؟ لأن ذلك يعزز الاهمال والثقة المفرطة بالنفس، وبالتالي يؤدي الى المزيد من الحوادث.والانفجار الذي حصل في مفاعل تشرنوبيل النووي في اوكرانيا سنة ١٩٨٦ يوصف غالبا بأنه «اسوأ حادث نووي في العالم». فما الذي حصل؟ يذكر تقرير عن الكارثة ‹قائمة من العمليات المتهورة، والازدراء المتكرر بالتدابير الوقائية للحفاظ على الامان›.
ان المستخدَم والمستخدِم على السواء يمكن ان يتعاونا ليعرفا مسبقا المخاطر التي يُحتمل ان تقضي على الامان. يقول مثل حكيم في الكتاب المقدس: «الذكي يبصر الشر فيتوارى». (امثال ٢٢:٣) نعم، ان الحكيم يدرك الحالات التي يمكن ان تكون خطرة ويبحث عن طرائق ليحمي نفسه والآخرين.
وعندما يقوم المستخدِمون بذلك، يستفيدون، وكذلك مستخدَموهم. مثلا، بعدما اعادت احدى الشركات تصميم مكاتبها لتجنب «متلازمة الابنية المريضة»، وجدت ان الانتاجية ازدادت بسرعة وأن شعور المستخدَمين بالاكتفاء ازداد بشكل ملحوظ. كما شهدت انخفاضا في عدد الذين اخذوا اجازة مرضية. ان مثل هذا الاعتبار لصحة الآخرين لا يجعل جو العمل سارا للمستخدَم والمستخدِم فحسب، بل، كما تشهد هذه الحالة، يمكن ان يفيد ايضا من الناحية الاقتصادية.
اما بالنسبة الى العنف الذي ينتشر في مكان العمل، الذي تطرَّقت اليه المقالة السابقة، فماذا يمكنكم فعله لحماية انفسكم؟
خطوات يمكن اتخاذها
ان التصرف العدائي في اماكن العمل، ولو كان ثانويا، يمكن ان يتطور الى حالات خطيرة من المضايقة المستمرة. تعطي هارڤرد بِزْنِس ريڤيو (بالانكليزية) هذه النصيحة المتزنة: «عند معالجة مسألة العنف في مكان العمل، اعلموا ان الذين يرتكبون اعمال التهجم الصغيرة غالبا ما ينتهي بهم المطاف الى ارتكاب اعمال اكبر».
قد لا تنوي امرأة ان تلفت انتباه زملائها في العمل. ولكن قد توحي بأنها فاسدة ادبيا اذا لم تكن طريقة لباسها، كلامها، وسلوكها محتشمة. فمثل هذا السلوك، الذي لم يكن يقصد منه لفت الانظار، يؤدي احيانا الى مشاكل خطيرة مثل التعرض للمطاردة، الاغتصاب، او القتل ايضا. لذلك انتبهن كيف يؤثر لباسكن وتصرفكن في الآخرين. والتفتن الى مشورة الكتاب المقدس: «زيِّنّ ذواتكن بلباس مرتب، مع حشمة ورزانة». — ١ تيموثاوس ٢:٩.
ذكرت مجلة مونثلي لايبور ريڤيو وضعا آخر ينطوي ايضا على الخطر: «هنالك قلق بشأن الذين يعملون وحدهم في الليل في اماكن منعزلة». لذلك تأملوا في ما يلي: هل من الحكمة ان تقبلوا التعرض للمخاطر التي قد تنجم عموما عن العمل لوحدكم، وخصوصا في وقت متأخر من الليل؟ هل المكافآت المالية تستحق القيام بهذه المجازفة؟
ومن المهم ايضا ان يتأمل المرء في رد فعله عندما يتصرف زملاء عمله المجهدون بطريقة مزعجة وعدائية. فماذا يمكن فعله للتخفيف من حدة وضع قد يتأزم؟ ينصح مثل في الكتاب المقدس: «الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيِّج السخط». (امثال ١٥:١) نعم، يمكنكم ان تفعلوا الكثير لإزالة التوتر وتجنُّب الخلاف بالاعراب عن اللطف والاحترام في اقترابكم من الآخرين.
في محيط العمل المشحون بالضغوط اليوم، يشيع التصرف العدائي والمزعج. وفيما قد يبدو انه موجه ضدنا، يمكن ان يكون مجرد طريقة ينفِّس فيها الشخص عن اجهاده المكبوت وإحباطه. وقد نكون في المكان غير المناسب وفي الوقت غير المناسب. لذلك فإن طريقة رد فعلنا مهمة. فهي إما تخفف من حدة الوضع او تزيد من تأزّمه.
لكن قد يكون هنالك اختلاف في وجهات النظر. يورِد كتاب حل للصراع الفكري اثناء العمل (بالانكليزية) الملاحظة المساعِدة التالية: «عندما تتضارب آراؤنا، . . . نادرا ما نعبِّر بصدق وبوضوح عن حقيقة ما نشعر به». وماذا يمكن ان يكون السبب؟ يتابع الكتاب ويقول: «لتضارب آرائنا القدرة على تشويشنا وشل تفكيرنا، بحيث نتوصل الى الاستنتاج انه لا مفر من القتال».
والحل؟ الاصغاء! يقول الكتاب المقتبس منه آنفا:
«بالاصغاء الفعلي الى الناس الذين لا نتفق معهم . . .، نوفر طاقتنا العاطفية لإيجاد الحلول عوض متابعة القتال». وهذه نصيحة جيدة للحؤول دون تطور الاختلافات في الرأي او سوء التفاهم الى نزاعات خطرة.لذلك استعملوا بحكمة طرائق منطقية لضمانة الامان. ويشمل ذلك الاجتهاد في اتباع قوانين الامان المحلية. وفعل ذلك قد يؤدي الى قطع شوط كبير في جعل مكان العمل اكثر امانا.
ويصح القول ايضا ان موقفنا من الحياة، العمل ووقت التسلية يمكن ان يؤثر في نوع العمل الذي نختاره وموقفنا من الامان. والمقالة التالية يمكن ان تساعدنا ان نقوم بخيارات جيدة في هذا الخصوص.
[الصورة في الصفحة ٥]
نظفوا جيدا الزيوت المراقة
[الصورة في الصفحة ٧]
الجواب اللين يمكن ان يخفف وضعا متوترا