الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

كيف تنمي الرغبة في التعلّم

كيف تنمي الرغبة في التعلّم

كيف تنمي الرغبة في التعلّم

‏«ربِّ الولد في طريقه فمتى شاخ ايضا لا يحيد عنه».‏ —‏ امثال ٢٢:‏٦‏.‏

هل حاولت مرة ان تجعل ولدا ينام خلال حدوث امر مثير؟‏ رغم تعبه،‏ بكائه،‏ وتوتره،‏ يجاهد للبقاء مستيقظا والمشاركة في ما يحدث.‏ يقول الكاتب جون هولت ان «حاجة الاولاد الى فهم العالم المحيط بهم وتنمية مهاراتهم كبيرة جدا بحيث تضاهي حاجتهم الى الطعام والراحة والنوم.‏ وقد تفوقها ايضا».‏

لكنّ الصعوبة هي ان يحافظ الاولاد على رغبتهم في التعلّم في كل مراحل حياتهم،‏ بما فيها طبعا المرحلة الدراسية.‏ وفي حين انه ما من طريقة محددة تضمن النجاح،‏ اثبتت الاختبارات ان هنالك اساليب عديدة يمكن ان يتبعها الوالدون،‏ المعلمون،‏ والاولاد لتحقيق ذلك.‏ لكنّ الاهم من اي اسلوب هو الاعراب عن المحبة.‏

المحبة تفجّر طاقات الولد

يحتاج الاولاد حاجة ماسة الى المحبة الابوية.‏ فهي تمنحهم شعورا بالامان،‏ وتجعلهم يرغبون اكثر في التواصل،‏ طرح الاسئلة،‏ والاستكشاف.‏ والمحبة تدفع الوالدين الى التكلم بانتظام مع اولادهم والاهتمام بتعليمهم.‏ فالابحاث تشير الى ان «اكثر مَن يؤثر في حث الولد على التعلّم هم الوالدون»،‏ حسبما يورد كتاب التوق الى التعلّم —‏ مساعدة الاولاد على امتلاك الدافع والرغبة ‏(‏بالانكليزية)‏.‏ وتزداد فعالية هذا التأثير إذا تعاون الوالدون مع المعلّمين.‏ يذكر الكتاب:‏ «ما من قوة تؤجج رغبة الولد في التعلّم اكثر من التعاون بين الوالدين والمعلمين».‏

يؤثر الوالدون ايضا في قدرة الاولاد على التعلّم.‏ ويُرى ذلك في دراسة وردت في كتاب داخل الدماغ ‏(‏بالانكليزية)‏.‏ فقد وجد الباحثون في هذه الدراسة التي استغرقت مدة طويلة وشملت ٤٣ عائلة ان «حاصل الذكاء لدى الاولاد الذين يتحدث والدوهم اليهم كثيرا [خلال السنوات الثلاث الاولى من حياتهم] هو اعلى بكثير من حاصل الذكاء عند الاولاد الذين لا يتحدث اليهم والدوهم كثيرا».‏ وأضاف الكتاب ان «الوالدين الذين يتحدثون كثيرا الى اولادهم غالبا ما يمدحونهم على انجازاتهم،‏ يجيبون عن اسئلتهم،‏ يمنحونهم الارشاد عوض ان يصدروا الاوامر،‏ ويستعملون تنوعا كبيرا من المفردات في تراكيب مختلفة».‏ فإذا كنت والدا،‏ فهل تتحدث الى اولادك بانتظام وبطريقة فعالة؟‏

المحبة تتّسم باللطف والتفهم

يملك الاولاد قدرات ومواهب مختلفة.‏ والوالدون عموما لا يرغبون ان تتأثر محبتهم لأولادهم بهذه الاختلافات.‏ لكنَّ الناس اليوم غالبا ما يقيَّمون وفقا لمقدراتهم،‏ مما قد يدفع بعض الاولاد «الى اعتبار الانجازات القائمة على التنافس امتحانا لقيمتهم الشخصية»،‏ كما يرد في كتاب قدرات الانسان على التفكير والتعلّم ‏(‏بالانكليزية)‏.‏ وهذا الاعتقاد لا يجعل هؤلاء الاولاد «فريسة سهلة للفشل» وحسب،‏ بل يمكن ان يسبّب لهم ايضا القلق والاجهاد المفرطين.‏ وتشير مجلة الهند اليوم ‏(‏بالانكليزية)‏ الى ان القلق الناجم عن الضغط الدراسي وغياب الدعم العائلي يُعتبر سببا رئيسيا في ازدياد حالات الانتحار عند المراهقين في الهند ثلاثة اضعاف في غضون السنوات الـ‍ ٢٥ الماضية.‏

يتأذى الولد ايضا عاطفيا اذا نُعت بـ‍ «احمق» او «غبي».‏ فهذه الملاحظات الجارحة لا تشجع الولد على التعلّم بل تثبطه.‏ ومحبة الوالدين ينبغي ان تتسم دائما باللطف وتعزز رغبة الولد الفطرية في التعلّم،‏ التعلّم حسب طاقته ودون ان يخاف من التحقير.‏ (‏١ كورنثوس ١٣:‏٤‏)‏ وإذا واجه الولد مشكلة في التعلّم،‏ يحاول الوالدون المحبّون مساعدته دون ان يجعلوه يشعر بالغباء وبعدم الجدارة.‏ صحيح ان الامر يتطلب الصبر واللباقة،‏ لكنّ منح هذه المساعدة الحبية يستحق العناء.‏ فكيف ينمي المرء مثل هذه المحبة؟‏ الخطوة الاولى المهمة هي حيازة نظرة روحية.‏

النظرة الروحية تمنح الاتزان

ان حيازة نظرة روحية مؤسسة على الكتاب المقدس مهمة جدا لأسباب عديدة.‏ اولا،‏ انها تساعدنا على وضع العلم في موضع لائق مانحينه اهمية،‏ انما غير معتبرينه الاهم في حياتنا.‏ على سبيل المثال،‏ قد تكون للرياضيات استعمالات عملية كثيرة لكنها لا يمكن ان تجعل من المرء شخصا ذا مبادئ اخلاقية.‏

ثانيا،‏ تدفعنا هذه النظرة الروحية الى حيازة الاتزان في ما يتعلق بالوقت الذي نصرفه في الدراسة الدنيوية.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «لعمل كتب كثيرة لا نهاية والدرس الكثير تعب للجسد».‏ (‏جامعة ١٢:‏١٢‏)‏ صحيح ان الاولاد بحاجة الى تحصيل تعليم اساسي جيد،‏ لكنّ ذلك لا يجب ان يستهلك كل وقتهم.‏ فهم بحاجة ايضا الى النشاطات السليمة،‏ وخصوصا الروحية منها،‏ التي تهذِّب الانسان من الداخل.‏

بالاضافة الى ذلك،‏ يقول الكتاب المقدس ان علينا الاتصاف بالتواضع.‏ (‏ميخا ٦:‏٨‏)‏ والمتواضعون يتقبّلون نقائصهم،‏ ولا يقعون ضحية ما يعمّ مؤسسات تعليمية كثيرة من طموح جامح ومنافسة لا ترحم.‏ تقول الهند اليوم ان هاتين الصفتين السيئتين «تجعلان الناس يكتئبون».‏ فصغارا كنا ام كبارا،‏ نحن ننجح اكثر في مساعينا عندما نتبع المشورة الموحى بها في الكتاب المقدس:‏ «لا نصر ذوي عجب،‏ ننافس بعضنا بعضا ونحسد بعضنا بعضا».‏ ولكن «ليبيِّن كل واحد بالاختبار ما هو عمله،‏ وحينئذ يكون له سبب للابتهاج من جهة نفسه فقط،‏ لا مقارنة بسواه».‏ —‏ غلاطية ٥:‏٢٦؛‏ ٦:‏٤‏.‏

وكيف يمكن ان يطبّق الوالدون هذه المشورة في تعليم اولادهم؟‏ احدى الطرائق هي بتشجيع كل ولد على وضع اهداف شخصية ومقارنة انجازاته الحالية بإنجازاته السابقة.‏ مثلا،‏ اذا اجرى ابنك مؤخرا فحصا في الرياضيات او في مادة اخرى،‏ فدعه يقارن النتيجة بنتيجة فحص اجراه سابقا.‏ ثم قدّم المدح او التشجيع الملائم.‏ بهذه الطريقة،‏ تساعده دون مقارنته بالآخرين ان يضع اهدافا يمكنه تحقيقها ويراقب تقدّمه ويعالج اي ضعف يعاني منه.‏

لكنّ بعض الاحداث المقتدرين اليوم يفضِّلون ألّا يقوموا بجهد لنيل علامات جيدة خوفا من ان يستهزئ بهم رفقاؤهم.‏ فبعضهم يتبنون النظرة القائلة ان «التلميذ المجتهد ليس ‹على الموضة›».‏ فهل يمكن ان تساعد النظرة الروحية في هذا المجال؟‏ طبعا!‏ تأمل في كولوسي ٣:‏٢٣‏،‏ الترجمة الپروتستانتية،‏ التي تقول:‏ «كل ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس».‏ فهل من دافع اقوى من رغبتك في ارضاء اللّٰه يحثك على العمل بكد؟‏ ان امتلاك هذه النظرة السامية يمنح التلميذ القوة اللازمة ليقاوم تأثير رفقائه المؤذي.‏

علّم الاولاد ان يحبوا المطالعة

ان المطالعة والكتابة اساسيتان للتعليم الجيد،‏ الدنيوي والروحي.‏ ويمكن للوالدَين ان ينمّيا في اولادهم المحبة للكلمة المكتوبة بالقراءة لهم منذ طفولتهم.‏ على سبيل المثال،‏ تشعر دافني التي تعمل مصحِّحة لغة بالسعادة لأن والديها كانا يقرآن لها بانتظام في طفولتها.‏ توضح:‏ «لقد نمّيا فيّ حب الكلمة المكتوبة.‏ نتيجة ذلك،‏ صرت قادرة على القراءة قبل ان ادخل المدرسة.‏ كما علّمني والداي ان اقوم بالبحث لكي اجد الاجوبة عن اسئلتي.‏ وهذا التدريب لا يُقدَّر بثمن».‏

من جهة اخرى،‏ يُحذِّر هولت المقتبس منه آنفا ان مجرد القراءة للاولاد لا تحقق النتائج المرجوة كما لو انها «سحر ساحر».‏ ويوضح قائلا:‏ «اذا لم تكن القراءة ممتعة للوالد والولد على السواء،‏ فهي تسبِّب الضرر لا المنفعة.‏ .‏ .‏ .‏ حتى الاولاد الذين يحبون ان يقرأ لهم احد بصوت عالٍ .‏ .‏ .‏ لا يستمتعون بالقراءة حين يقوم بها الوالدون على مضض».‏ لذلك يقترح هولت ان يختار الوالدون كتبا يتمتعون بها هم ايضا،‏ وألّا ينسَوا ان الاولاد قد يرغبون في سماعهم يقرأون عليهم الكتاب نفسه مرات عديدة!‏ وثمة كتابان اصدرهما شهود يهوه يتمتع ملايين الوالدين بقراءتهما لأولادهما الصغار وهما استمع الى المعلّم الكبير و كتابي لقصص الكتاب المقدس.‏ لقد أُعدّت هاتان المطبوعتان خصوصا للاولاد.‏ فهما مليئتان بالصور،‏ كما انهما تحثان على التفكير وتعلّمان المبادئ الالهية.‏

بورك تيموثاوس،‏ مسيحي عاش في القرن الاول الميلادي،‏ بأم وجدة اهتمتا كثيرا بتعليمه،‏ وخصوصا تعليمه الروحي.‏ (‏٢ تيموثاوس ١:‏٥؛‏ ٣:‏١٥‏)‏ إثر ذلك،‏ نما تيموثاوس وأصبح شخصا مسؤولا يُتكل عليه بكل معنى الكلمة.‏ وذلك امر لا يمكن ان ينجم عن التعليم الدنيوي فقط.‏ (‏فيلبي ٢:‏١٩،‏ ٢٠؛‏ ١ تيموثاوس ٤:‏١٢-‏١٥‏)‏ واليوم،‏ تضم جماعات شهود يهوه حول العالم احداثا رائعين مثل تيموثاوس،‏ ذكورا وإناثا،‏ تربوا في ظل والدين محبين وروحيين.‏

علّم بحماسة!‏

يقول كتاب التوق الى التعلّم ان ما يحتاج اليه الاستاذ الذي يرغب في زرع حب التعلّم في الآخرين «يُلخَّص في كلمة واحدة هي:‏ الحماسة‏».‏ ويضيف:‏ «ان تحلّي المعلمين بالحماسة يوحي للتلاميذ انهم يتمتعون بالمادة التي يعلمونها،‏ وتنعكس هذه الحماسة بوضوح من خلال تعليمهم».‏

لكن في الحقيقة،‏ لا يتّقد كل والد او معلّم حماسة.‏ لذلك يحاول التلاميذ الحكماء ان يتكلوا على انفسهم وينظروا الى التعلّم كمسؤولية ملقاة على عاتقهم.‏ فكما يقول الكتاب المذكور آنفا:‏ «لن يجد الولد مَن يجلس الى جانبه طوال العمر ليساعده على الدرس وإنجاز فروضه جيدا،‏ وأيضا على التفكير وبذل الجهود اللازمة لتنمية مهارات جيدة».‏

مرة اخرى،‏ ينبغي التشديد على ما يتلقاه الولد في البيت لا في المدرسة،‏ وعلى القيم التي يتعلمها فيه.‏ فيا ايها الوالدون هل تنظرون الى التعلّم بحماسة؟‏ هل يوفر بيتكم بيئة ملائمة للتعلّم،‏ بيئة تشدد ايضا على القيم الروحية؟‏ (‏افسس ٦:‏٤‏)‏ تذكّروا ان مثالكم وتعليمكم سيؤثران كلاهما في اولادكم حتى بعد ان يتركوا المدرسة والبيت بوقت طويل.‏ —‏ انظر الاطار «العائلات التي تحرز نجاحا في التعلّم»،‏ في الصفحة ٧.‏

الناس يتعلمون بطرائق مختلفة

لا يوجد عقلان متشابهان تماما؛‏ فلكل منا طريقته في التعلّم.‏ والطريقة التي تنجح مع شخص قد تفشل مع آخر.‏ لذلك يذكر الطبيب مِل لِڤين في كتابه تفرُّد كل عقل بمقدراته‏:‏ «اذا عاملنا كل الاولاد بالطريقة نفسها،‏ نكون غير منصفين.‏ فكل ولد يتعلّم بطريقة مختلفة؛‏ ولكل ولد الحق في ان نفيه حاجته».‏

على سبيل المثال،‏ يستوعب البعض الافكار ويتذكرونها بشكل افضل اذا استخدموا صورا او رسوما بيانية.‏ ويفضل البعض الآخر الكلمة المكتوبة او الكلمة المقولة،‏ او ربما مزيجا من الاثنين.‏ يذكر لِڤين:‏ «افضل طريقة لتذكُّر المعلومات هي تغيير القالب الذي وضعت فيه.‏ فإذا كانت المعلومات بصرية،‏ فحوّلها في ذهنك الى كلمات؛‏ وإذا كانت مكتوبة فاخلق في ذهنك رسما او صورة عنها».‏ وهذه الطريقة لا تجعل الدراسة مفيدة فحسب،‏ بل ممتعة ايضا.‏

طبعا،‏ قد تضطر الى تجربة عدة طرائق لترى ما الذي يناسبك اكثر.‏ على سبيل المثال،‏ كان هانز،‏ خادم مسيحي كامل الوقت،‏ يعقد درسا في الكتاب المقدس مع جورج،‏ رجل مسنّ لا يملك سوى ثقافة اولية.‏ فوجد جورج صعوبة في استيعاب الافكار وتذكُّرها.‏ لذلك حاول هانز ان يشرح له الافكار الرئيسية باستعمال رسوم ايضاحية بسيطة.‏ يقول هانز:‏ «كان ذلك نقطة تحوّل بالنسبة الى جورج.‏ فقد بدأ يفهم الافكار ويحفظها جيدا بحيث تعجب هو نفسه من مقدرته!‏ وبعد ان اكتشفتُ الطريقة التي يستوعب بها عقله الامور،‏ تبيَّن لي انه اذكى مما تصورت.‏ وسرعان ما زادت ثقته بنفسه وبدأ ينتظر الوقت الذي نعقد فيه الدرس بشوق لم يشعر به قط من قبل».‏

التعلّم لا تحدّه سن

يقول كتاب داخل الدماغ‏:‏ «قدرة الدماغ على العطاء تعتمد على مدى استعماله».‏ ويضيف:‏ «يتوق الدماغ الى تعلّم مهارات جديدة،‏ وإذا لم يُستعمل يخسر قدراته».‏ ويذكر ايضا:‏ «كما تحافظ التمارين الرياضية على نشاط مَن هم في السبعينات والثمانينات من عمرهم،‏ يُظهر الباحثون ان التمرين الفكري له التأثير نفسه في نشاط دماغهم.‏ فلطالما اعتُقد ان تشوُّش الذهن لا مفر منه مع التقدّم في العمر.‏ لكن وفقا للابحاث الجديدة،‏ كان ذلك يحدث لأنه اعتُبر امرا مسلّما به،‏ وغالبا نتيجة عدم استعمال الدماغ.‏ كما ان الذين يتقدمون في السن لا يخسرون عددا كبيرا من خلايا الدماغ كما كان يُعتقد».‏ والتراجع الخطير في عمل الدماغ يشير عادة الى ان المرء مصاب بمرض،‏ كالمرض القلبي الوعائي.‏

صحيح انه في السنوات الاخيرة من حياة المرء قد يحدث بعض التراجع في الانجاز الفكري،‏ ولكن ليس بالضرورة الى حد خطير.‏ فالعقل الناشط يقاوم التلف،‏ كما يقول الباحثون،‏ وخصوصا اذا كان الشخص يقوم بالتمارين الرياضية بشكل منتظم.‏ يقول كتاب استمرار المسنين في التعلّم —‏ افق جديد في مجتمع يكثر فيه المسنون ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «كلما قام المرء بنشاطات فكرية،‏ ازدادت مقدرته على التعلّم.‏ والذين يستمرون في التعلّم يستطيعون فهم واستيعاب المعلومات اكثر من غيرهم».‏

وقد تبرهن هذا الواقع في أوستراليا في دراسة استغرقت ٢٠ سنة وشملت اشخاصا تتراوح اعمارهم بين ٦٠ و ٩٨ سنة.‏ فقد بلغت نسبة التراجع في معدل الذكاء عند الكثير من المشتركين في الدراسة حوالي ١ في المئة فقط سنويا.‏ لكنّ «بعض الافراد وبينهم مَن هم في التسعينات من العمر لم يظهروا اي تراجع»،‏ كما يقول التقرير.‏ «وهؤلاء الاشخاص هم الذين تابعوا دروسا تشمل دراسة لغة اجنبية و/‏او تعلّم العزف على آلة موسيقية»،‏ حسبما يضيف التقرير.‏

كان جورج المذكور آنفا في سبعيناته عندما بدأ بدرس كلمة اللّٰه.‏ وبدأت ايضا ڤرجينيا هي وزوجها روبيرت الذي توفي لاحقا بدرس الكتاب المقدس في عمر متأخر.‏ تقول ڤرجينيا التي صارت الآن في الثمانينات من عمرها:‏ «رغم ان روبيرت كان شبه اعمى،‏ فقد استطاع إلقاء خطابات قصيرة مؤسسة على الكتاب المقدس في قاعة الملكوت،‏ معتمدا على ما في ذاكرته من معلومات.‏ اما انا فلم أكن احب المطالعة قط.‏ لكنني صرت الآن استمتع بها.‏ حتى انني قرأت هذا الصباح عددا كاملا من استيقظ!‏‏».‏

ان جورج،‏ روبرت،‏ وڤرجينيا هم فقط ثلاثة امثلة لمسنين كثيرين لم يستسلموا للافكار التقليدية السائدة واستعملوا مقدرات دماغهم بفعالية.‏ وتظهر الابحاث ان ٧٠ او ٨٠ سنة من التعلّم هي للدماغ كنقطة ماء في دلو،‏ فلا تكاد تُذكر.‏ فلماذا يملك الدماغ هذه القدرات الهائلة؟‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٤،‏ ٥]‏

الإنترنت والتلفزيون —‏ مفيدان ام مؤذيان؟‏

يقول كتاب تفرُّد كل عقل بمقدراته:‏ ‏«ان استعمال الإنترنت هو بركة ولعنة في الوقت نفسه».‏ فتعلّم كيفية ايجاد المعلومات يمكن ان يكون مفيدا جدا.‏ ولكنّ بعض التلامذة،‏ كما يقول الكتاب،‏ يقتصر عملهم على «نقل المعلومات الى الكمپيوتر الخاص بهم دون ان يفهموها او يقارنوها بما يعرفونه.‏ ويحتمل ان تصبح هذه العملية وجها جديدا من التعلّم غير الفعال وربما ايضا طريقة تجعل المرء ماهرا في سرقة افكار وتعابير شخص آخر».‏

ويقول الباحثون ان صرف الكثير من الوقت في مشاهدة التلفزيون قد يحول دون تنمية المهارات اللازمة للاصغاء وحل المشاكل،‏ يُضعف المخيلة،‏ ولا يساهم مطلقا في امتلاك اخلاق حميدة.‏ يذكر كتاب التوق الى التعلّم:‏ ‏«ينبغي ان يدوَّن على التلفزيونات التي تُباع ملاحظة تحذِّر من مخاطرها على الناس،‏ تماما كما يدوَّن على علب السجائر».‏

ويقول مرجع آخر ان اكثر ما يحتاج اليه الاولاد للتعلّم هو «جعل اللّغة مألوفة (‏بالمطالعة والمحادثة)‏،‏ المحبة،‏ والكثير من المعانقات الحارة».‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٧]‏

العائلات التي تحرز نجاحا في التعلّم

ان العادات والمواقف التالية يمكن ان تساعد عائلتك على احراز النجاح في التعلّم:‏

◼ تذكير الاولاد دائما،‏ وبمحبة،‏ انكم تتوقعون منهم ان يقوموا بالامور بأفضل طريقة،‏ ضمن حدود امكانياتهم

◼ اعتبار العمل الدؤوب مفتاحا للنجاح

◼ اتباع نمط حياة متسم بالنشاط،‏ لا بقلة الحركة

◼ تخصيص ساعات عديدة كل اسبوع في البيت لتعليم الاولاد وجعلهم يقومون بنشاطات تشمل الفروض المدرسية،‏ المطالعة،‏ الهوايات،‏ المشاريع العائلية،‏ والتدريب على القيام بالاعمال المنزلية

◼ اعتبار العائلة مصدرا للتشجيع المتبادل والدعم من اجل حل المشاكل

◼ وضع قواعد واضحة ومفهومة للاولاد،‏ وتطبيقها بحزم وثبات

◼ الاتصال الدائم بالاساتذة

◼ التشديد على النمو الروحي

‏[الصورة]‏

ايها الوالدون،‏ هل تعلمون اولادكم التمتع بالقراءة

‏[مصدر الصورة]‏

مؤسسة على كتاب التوق الى التعلّم —‏ مساعدة الاولاد على امتلاك الدافع والرغبة.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٨،‏ ٩]‏

طرائق لتحسين قدرتك على التعلّم وجعله اكثر متعة

اهتم بما تتعلّمه اذا استحوذت المواد التي تدرسها على اهتمامك تتعلّمها بسهولة اكبر.‏ يذكر كتاب حفز عقل الولد بتربيته على حب التعلّم ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «اثبت الباحثون انه اذا تمتع الاولاد بما يتعلّمونه تنغرس المعلومات اكثر في ذهنهم،‏ تُغنيهم،‏ ويتذكرونها فترة اطول.‏ كما يصبحون اكثر مثابرة وإبداعا،‏ وتواقين اكثر للقيام بالاعمال التي فيها تحديات».‏

جد رابطا بين ما تتعلّمه والحياة العملية يذكر الكاتب والعامل في حقل التربية ريتشارد ل.‏ ويڤِر الثاني:‏ «ان ايجاد رابط مباشر بين ما تتعلمه في الصف والحياة العملية هو الشرارة التي تضيء نور الفهم».‏

حاول فهم ما تتعلّمه عندما يحاول الناس فهم امر ما،‏ تنشط قدرتهم التفكيرية وذاكرتهم.‏ ومن المفيد التعلّم باستظهار المعلومات،‏ انما لا بديل لفهمها واستيعابها.‏ تقول امثال ٤:‏٧،‏ ٨‏:‏ ‹بكل مقتناك اقتنِ الفهم.‏ ارفعه فيعلّيك›.‏

ركّز على ما تتعلّمه يوضح كتاب علّم ولدك التركيز ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «التركيز امر جوهري في التعلّم».‏ ويضيف:‏ «[انه] مهم جدا بحيث قيل انه احد المتطلبات الاساسية للذكاء،‏ حتى انه اعتُبر والذكاء بالاهمية نفسها».‏ ومن الممكن تدريب المرء على التركيز.‏ وأحد الامور المساعدة هو البدء بفترات قصيرة من التعلّم ثم زيادتها تدريجيا.‏

صغ الافكار بكلماتك الخاصة يقول الطبيب مِل لِفين في كتابه تفرُّد كل عقل بمقدراته:‏ ‏«ان اكثر التلامذة كفاءة هم الاكثر براعة في صياغة الافكار بكلماتهم الخاصة».‏ وهذه الطريقة تختصر المعلومات وتقسمها الى اجزاء صغيرة يسهل تذكرها.‏ والبارعون في تدوين الملاحظات يطبقون هذا المبدأ بعدم كتابة كل ما يسمعونه حرفيا.‏

اربط ما تتعلّمه الآن بما تعلّمته سابقا في مؤلفه كتاب الدماغ يشبّه پيتر راصل الامور الجديدة التي تخزنها الذاكرة بخطاطيف معلقة بما خزنته سابقا.‏ وبتعبير آخر،‏ تتحسّن قدرتك على التذكر عندما تجد رابطا واضحا بين ما تتعلمه حديثا وما تعرفه.‏ وكلما زادت هذه الروابط،‏ ازداد تذكرك لما تتعلّمه.‏

تخيّل ما تتعلّمه ان الصور الحيّة تدوم.‏ لذلك تخيّل ما تتعلمّه حين يكون ذلك ممكنا.‏ والاختصاصيون في تطوير وتحسين الذاكرة يستعملون هذا الاسلوب،‏ خالقين غالبا صورا ذهنية مضخّمة او مضحكة لمساعدة الاشخاص على التذكر.‏

راجع ما تتعلّمه في غضون ٢٤ ساعة،‏ يمكن ان ننسى ٨٠ في المئة تقريبا مما تعلّمناه.‏ ولكن يمكن ان تتحسن قدرتنا على التذكر كثيرا وبنسبة ١٠٠ في المئة تقريبا اذا قمنا بمراجعة قصيرة لما تعلّمناه بعد الانتهاء منه فورا،‏ ثم بعد يوم،‏ اسبوع،‏ شهر،‏ وستة اشهر ايضا.‏

‏[الصور في الصفحة ٨]‏

على الوالدين والمعلمين ان يتعاونوا ليساعدوا الاولاد على التعلّم

‏[الصور في الصفحة ١٠]‏

التقدّم في السن لا ينبغي ان يعيقك عن التعلّم