كيف أتجنب معاشرة الاشخاص غير المناسبين؟
الاحداث يسألون . . .
كيف أتجنب معاشرة الاشخاص غير المناسبين؟
«بدأتُ بمعاشرة احدى زميلاتي في المدرسة. . . . لم تكن زميلتي هذه تتعاطى المخدِّرات او تحب الحفلات الصاخبة او تعيش حياة فاسدة ادبيا، حتى انها لم تتفوه مطلقا بكلمات بذيئة وكانت تلميذة مجتهدة جدا. لكن مما لا شكّ فيه ان معاشرتها كانت رديئة». — جويس. *
لمَ توصلت جويس الى الاستنتاج المذكور آنفا؟ لأنها ادركت ان هذه الفتاة دفعتها الى الاشتراك في اعمال خاطئة. تخبر جويس: «بسبب معاشرتها المستمرة بدأت اقرأ كتبا تتعلق بالارواحية، حتى انني حاولت ان اكتب قصة حول هذا الموضوع».
وبشكل مماثل، دُفعت حدثة تدعى ميلاني الى اتّباع مسلك خاطئ، ولكن المسؤول في هذه الحالة كان شخصا ادّعى انه رفيق مسيحي. اذًا، قد تتساءل: كيف يمكنني أن اميّز إن كانت معاشرة شخص ما رديئة ام لا؟ هل معاشرة اشخاص غير مؤمنين هي دوما خطرة؟ وهل يمكن اعتبار معاشرة اي رفيق مسيحي معاشرة سليمة؟
وقد تسأل ايضا: ماذا عن الصداقة مع شخص من الجنس الآخر؟ وفي حال كنت تبحث عن رفيق زواج، كيف يمكنك ان تتأكد ان علاقتكما ستكون بناءة روحيا؟ تساعد مبادئ الكتاب المقدس على الاجابة عن هذه الاسئلة. فما رأيك ان نتأمل في بعض هذه المبادئ؟
ما هي مواصفات الاصدقاء المناسبين؟
هل كان من المفترض ان تمتنع جويس عن مصادقة زميلتها في المدرسة لمجرد انها لا تعبد الاله الحقيقي؟ لا شك ان المسيحيين الحقيقيين لا يفترضون ان الشخص سيئ او فاسد ادبيا فقط لأنه لا ١ كورنثوس ١٥:٣٣، الترجمة البروتستانتية) فماذا عنى بذلك؟
يشاطرهم ايمانهم. ولكن عندما يقرر المسيحي ان يوطد علاقته بشخص ما، يجب ان يتصف بالحذر. فقد نبّه الرسول بولس جماعة كورنثوس في القرن الاول قائلا: «المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة». (من المرجح ان المسيحيين في كورنثوس كانوا يعاشرون أتباع الفيلسوف اليوناني أبيقور. وقد علّم هذا الفيلسوف أتباعه ان يتحلوا بصفات مثل التعقل والشجاعة وضبط النفس والعدل، حتى انه نهاهم عن ارتكاب الاخطاء سرا. فلمَ اعتبر بولس اذًا الأبيقوريين وكل مَن تبنى افكارا مشابهة داخل الجماعة ‹معاشرات ردية›؟
لم يعبد الأبيقوريون الإله الحقيقي. وبما انهم لم يؤمنوا بقيامة الاموات، فقد سعوا الى الاستفادة الى اقصى حد ممكن من ملذات الحياة. (اعمال ١٧:١٨، ١٩، ٣٢) فلا عجب اذًا ان يضعف ايمان بعض المسيحيين في كورنثوس برجاء القيامة نتيجة معاشرتهم اشخاصا كهؤلاء. لذلك فإن الاصحاح ١٥ من الرسالة الاولى الى اهل كورنثوس، الذي حذّر فيه بولس من المعاشرات الردية، يحفل بحجج غايتها إعادة إقناع هؤلاء المسيحيين الاولين بأن رجاء القيامة هو امر اكيد.
وماذا نتعلم من كل ذلك؟ ان الاشخاص غير المؤمنين يمكن ان يتحلّوا بصفات جيدة. ولكن اذا اخترت معاشرتهم معاشرة لصيقة، فلا شكّ ان ذلك سيؤثر في طريقة تفكيرك وإيمانك وسلوكك. لذلك كتب بولس في رسالته الثانية الى اهل كورنثوس: «لا تكونوا تحت نير لا تكافؤ فيه مع غير المؤمنين». — ٢ كورنثوس ٦:١٤-١٨.
عرف جيمي البالغ من العمر ١٦ سنة كم حكيمة هي كلمات بولس هذه. فصحيح انه في البداية قبِل ان يشارك في نشاط خارج عن المنهاج الدراسي ويسافر الى احد البلدان النامية ليعلّم الاولاد هناك، ولكن فيما كان يستعد هو ورفاقه لهذا المشروع بدّل رأيه. يقول: «ادركت ان تمضية وقت طويل معهم سينعكس سلبا على روحياتي». نتيجة لذلك، انسحب جيمي من المشروع وقرر ان يساعد المعوزين بطرائق مختلفة.
الصداقات مع الرفقاء المسيحيين
ولكن ما القول في الصداقات داخل الجماعة المسيحية؟ حذّر بولس في احدى رسالتيه الى تيموثاوس: «في بيت كبير لا توجد آنية من ذهب وفضة فقط، بل من خشب وفخار أيضا، بعضها لغرض كريم وبعضها لغرض مهين. فإن بقي احد بعيدا عن هذه الاخيرة، يكون اناء لغرض كريم، مقدسا، نافعا لمالكه، مهيأ لكل عمل صالح». (٢ تيموثاوس ٢:٢٠، ٢١) تُظهِر هذه الكلمات ان بولس لم يتغاضَ عن الواقع ان بعض المسيحيين ايضا قد يتصرفون بطريقة غير لائقة. حتى انه حضّ تيموثاوس بصراحة ان ‹يبقى بعيدا› عن هؤلاء.
وهل يعني ذلك ان ترتاب في كل اخوتك المسيحيين؟ قطعا لا. ولا تتوقع ايضا ان يكون اصدقاؤك بلا عيب. (جامعة ٧:١٦-١٨) ولكن لا يكفي ان يحضر الحدث الاجتماعات المسيحية او ان يكون والداه غيورَين في الجماعة لتظن انه سيكون صديقا حميما مناسبا.
تقول الامثال ٢٠:١١: «الصبي [او الفتاة] ايضا بأفعاله يُعرف هل عمله نقي ومستقيم». لذلك من الحكمة ان تتأمل في ما يلي: هل علاقة هذا الشخص بيهوه هي محور حياته، ام انك لاحظت ان طريقة تفكيره وتصرفاته تعكس «روح العالم»؟ (١ كورنثوس ٢:١٢؛ افسس ٢:٢) وهل تعزّز معاشرتك له رغبتك في عبادة يهوه؟
اذا اخترت اصدقاء يحبون يهوه من كل قلبهم ويقدّرون الامور الروحية حق التقدير، فلن تتجنب الوقوع في المشاكل فحسب بل ستحظى ايضا بدعم كبير في خدمة اللّٰه. نصح بولس تيموثاوس: «اسعَ في اثر البر والإيمان والمحبة والسلام، مع الذين يدعون الرب من قلب طاهر». — ٢ تيموثاوس ٢:٢٢.
الصداقة مع شخص من الجنس الآخر
اذا رغبت في الزواج وكنت في السن الملائمة، فهل فكّرت كيف ينبغي ان تؤثر هذه المبادئ في اختيارك لرفيق دربك؟ صحيح ان هنالك عوامل كثيرة قد تجعلك تشعر بالانجذاب الى شخص ما، لكنّ الاهم هو حالة الشخص الروحية.
لذلك يحذّر الكتاب المقدس مرارا عديدة من الزواج بشخص ليس «في الرب». (١ كورنثوس ٧:٣٩؛ تثنية ٧:٣، ٤؛ نحميا ١٣:٢٥) صحيح ان ثمة اناسا غير مؤمنين جديرين بالمسؤولية ومحترمين ولطفاء، لكنهم لا يملكون دوافع مشابهة للدوافع التي تجعلك تسعى الى تعزيز هذه الصفات وتوطيد ربط الزواج بمرور السنين.
بالمقابل، ان الاشخاص الذين ينذرون حياتهم ليهوه ويخدمونه بولاء يسعون جاهدين الى تعزيز الصفات المسيحية والمحافظة عليها مهما واجهوا من ظروف. وهم يدركون ان الكتاب المقدس يربط محبة رفيق الزواج بالتمتع بعلاقة جيدة مع يهوه. (افسس ٥:٢٨، ٣٣؛ ١ بطرس ٣:٧) وهكذا فإن الزوجين اللذين يحبان يهوه يملكان دافعا قويا ليبقيا امينين واحدهما للآخر.
وهل يعني ذلك ان زواج الرفقاء المسيحيين يستحيل ان يفشل؟ طبعا لا. تأمل في الحالة التالية: لنفترض انك تزوجت شخصا لا يولي الامور الروحية سوى اهتمام ضئيل، فماذا يمكن ان يحدث؟ من المرجح ان ينجرف بعيدا عن الجماعة، لأنه شخص ضعيف روحيا وليس مجهزا لمواجهة ضغوط هذا النظام. (فيلبي ٣:١٨؛ ١ يوحنا ٢:١٩) وهل تتخيل الحزن والمشقات التي ستعانيها في حياتك الزوجية عندما يسقط رفيق زواجك في «ادناس العالم»؟ — ٢ بطرس ٢:٢٠.
لذلك قبل ان تطوّر علاقة بهدف الزواج، تأمل في ما يلي: هل تُظهر الادلة ان مَن اخترته هو شخص روحي؟ هل يرسم مثالا حسنا اذ يعيش حياة مسيحية حقيقية؟ هل هو متعمق في الكتاب المقدس ام انه بحاجة الى المزيد من الوقت ليصبح ناضجا روحيا؟ وهل انت مقتنع ان محبة يهوه هي محور حياته؟ قد يفيدك ايضا ان تعرف إن كان يتحلى بسمعة حسنة. لكن عندما تتخذ قرارك النهائي، من المهم ان تكون مقتنعا تماما ان مَن اخترته هو شخص كرّس حياته ليهوه وأنه سيكون على الارجح رفيق زواج جيدا.
تذكّر ايضا ان بعض الذين ينجذبون الى الاشخاص غير المناسبين ينجذبون في البداية الى الامور غير المناسبة كبعض النشاطات او اشكال التسلية غير اللائقة. والاحداث المثاليون في الجماعة المسيحية يرفضون مشاركتك في هذه الامور. لذلك في البداية افحص قلبك.
وإذا وجدت ان قلبك بحاجة الى التأديب، فلا تيأس لأن القلب يمكن تأديبه. (امثال ٢٣:١٢) والأهم هو: ما هي رغبتك انت في الاساس؟ فهل ترغب في الامور الجيدة وتنجذب الى الاشخاص الذين يمارسونها؟ اذًا، يمكنك بمساعدة يهوه ان توجه قلبك الى الامور الجيدة. (مزمور ٩٧:١٠) وتدريب قوى ادراكك على التمييز بين الصواب والخطإ سيسهِّل عليك ان تعرف اي اشخاص يمكنك ان تبني معهم صداقات بناءة وسليمة. — عبرانيين ٥:١٤.
[الحاشية]
^ الفقرة 3 جرى تغيير الاسماء.
[الصورة في الصفحة ٢٦]
المعاشرات الجيدة لها تأثير روحي ايجابي