الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

هل يشفي العلم كل الامراض؟‏

هل يشفي العلم كل الامراض؟‏

هل يشفي العلم كل الامراض؟‏

هل يمكن ان يشفي العلم الحديث كل الامراض؟‏ وهل المقصود في نبوات الكتاب المقدس المدوَّنة في سفرَي اشعيا والرؤيا ان الانسان سيشفي يوما ما كل امراض العالم بقدرته الخاصة؟‏ يظن البعض ان الامر ليس مستحيلا نظرا الى الانجازات الكثيرة التي تحققت على صعيد الرعاية الصحية.‏

فبالتعاون مع الامم المتحدة تشنّ الحكومات اليوم،‏ بمؤازرة المؤسسات الخيرية وغيرها من المحسنين،‏ حملة لمكافحة الامراض لم يشهد لها التاريخ نظيرا.‏ وأحد مجالات هذا التعاون يركِّز على تلقيح الاولاد في البلدان النامية.‏ وبحسب صندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة (‏اليونيسف)‏،‏ اذا نجحت البلدان المشمولة في بلوغ الاهداف المرسومة لها،‏ «فستتمكن بحلول سنة ٢٠١٥ من انقاذ حياة اكثر من ٧٠ مليون طفل سنويا في البلدان الافقر من خلال تلقيحهم ضد الامراض التالية:‏ السّل،‏ الخانوق،‏ الكُزاز،‏ الشاهوق،‏ الحصبة،‏ الحُمَيراء (‏الحصبة الالمانية)‏،‏ الحمّى الصفراء،‏ المستدمية النزلية من النمط ب،‏ التهاب الكبد من النمط ب،‏ شلل الاطفال،‏ الفيروسات الدولابية،‏ المكوَّرة الرِّئوية،‏ المكوَّرة السِّحائية،‏ والتهاب الدماغ الياباني».‏ كما تُتَّخذ تدابير لسد الحاجات الصحية الاساسية تشمل تأمين المياه النظيفة وتحسين نوعية التغذية وتعليم الناس العادات الصحية الجيدة.‏

لكن فضلا عن تزويد الحاجات الاساسية،‏ يطمح العلماء الى تحقيق المزيد في مجال الرعاية الصحية.‏ لذلك تشهد التكنولوجيا ابتكارات تُحدث ثورة في الحقل الطبي.‏ فقد قيل مثلا ان معرفة العلماء الطبية تتضاعف كل ثماني سنوات.‏ وما يلي مجرد عيِّنة من آخر ما توصلت اليه التكنولوجيا،‏ والاهداف التي تسعى الى تحقيقها على صعيد مكافحة الامراض.‏

التصوير بالاشعة السينية لأكثر من ٣٠ سنة،‏ يستخدم الاطباء والمستشفيات تقنية تُعرف بالتصوير الطبقي.‏ وتتيح هذه التقنية الحصول على صور اشعاعية ثلاثية الابعاد لمقاطع داخلية من الجسم.‏ وهذه الصور تساعد على تشخيص الامراض وتفحّص اي شذوذ داخل الجسم.‏

ويعلّق الخبراء الطبيون آمالا كبيرة على الفوائد المستقبلية التي يمكن جنيها من تطور هذه التكنولوجيا،‏ رغم الجدل القائم حول مخاطر التعرض للاشعة.‏ يقول مايك ڤانير،‏ وهو بروفسور في علم الاشعة بمستشفى جامعة شيكاغو:‏ «ان التقدم الذي تحقق في مجرد السنوات القليلة الماضية يبهر العقول».‏

فآلات التصوير الطبقي اليوم اسرع وأدق وأقل ثمنا.‏ والسرعة هي احدى الفوائد المهمة التي حققتها التقنيات الجديدة في مجال التصوير الطبقي.‏ وتتجلى هذه الفائدة خصوصا عند تصوير القلب.‏ فلأن القلب ينبض باستمرار،‏ غالبا ما كانت صور الاشعة المأخوذة للقلب غير واضحة،‏ مما صعَّب تحليلها بدقة.‏ لكن آلات التصوير الجديدة،‏ كما توضح مجلة العالِم الجديد ‏(‏بالانكليزية)‏،‏ «تدور حول الجسم في ثلث ثانية فقط،‏ اي اسرع من نبضة قلب واحدة»،‏ مما يُنتج صورا اوضح وأدق.‏

وباستخدام هذه الآلات المتطورة،‏ لا يمكن للاطباء رؤية تفاصيل الجسم الداخلية فحسب،‏ بل يمكنهم ايضا تفحُّص النشاط الكيميائي الحيوي لمناطق محددة.‏ وقد يساعد هذا على اكتشاف السرطانات في مراحلها الباكرة.‏

الجراحة الآلية لم يعد الانسان الآلي المتطور محض خيال علمي،‏ بل خرج من حيز الخيال الى ارض الواقع،‏ على الاقل في مجال الطب.‏ فآلاف العمليات الجراحية تُجرى باستخدام الاجهزة الآلية المتطورة.‏ وفي بعض الاحيان يجري الجراح العملية باستخدام جهاز تحكم عن بُعد يتيح له تحريك عدد من الاذرع الآلية المزودة بالمباضع،‏ المقصات،‏ الكاميرات،‏ المكاوي،‏ وغير ذلك من الادوات الجراحية.‏ وبفضل هذه التكنولوجيا،‏ يمكن اجراء عمليات جراحية بالغة التعقيد بمنتهى الدقة.‏ وبحسب تقرير ورد في مجلة نيوزويك،‏ ‏«وجد الجراحون الذين يستخدمون هذا الاسلوب في الجراحة ان مرضاهم،‏ بالمقارنة مع الذين يخضعون للعمليات بالشق،‏ يخسرون كمية اقل من الدم،‏ ويعانون آلاما اقل،‏ كما ان خطر المضاعفات ينخفض،‏ وتقصر مدة بقائهم في المستشفى ويكون شفاؤهم اسرع».‏

الطب الجُزَيئي يقوم الطب الجُزَيئي على تطبيق مبادئ التكنولوجيا المجهرية في الطب.‏ والتكنولوجيا المجهرية بدورها علم يقوم على ابتكار واستخدام الآلات المجهرية.‏ ووحدة القياس المستخدمة في هذا العلم هي النانومتر،‏ وهي وحدة طول تساوي جزءًا من بليون من المتر.‏ *

ولكي تستوعب مدى صغر وحدة القياس هذه،‏ تأمَّل في ما يلي:‏ يبلغ سمك الصفحة التي تقرأها الآن نحو ٠٠٠‏,١٠٠ نانومتر،‏ في حين يبلغ سمك شعرة الانسان قرابة ٠٠٠‏,٨٠ نانومتر.‏ اما قطر كريّة الدم الحمراء فيبلغ ٥٠٠‏,٢ نانومتر تقريبا،‏ وطول البكتيرية نحو ٠٠٠‏,١ نانومتر،‏ وطول الفيروس ١٠٠ نانومتر تقريبا.‏ ويبلغ قطر جُزيء الدنا في خلايا جسمك ٥‏,٢ نانومترين تقريبا.‏

ويعتقد مؤيدو هذه التكنولوجيا ان العلماء سيتمكنون في المستقبل القريب من بناء آلات متناهية الصغر مصممة للقيام بإجراءات طبية داخل الجسم البشري.‏ وهذه الآلات المدعوة آلات مجهرية ستحمل في داخلها اجهزة كمبيوتر مجهرية مبرمجة وفق ارشادات محددة جدا.‏ وما يدعو الى الدهشة هو ان حجم الاجزاء التي ستُبنى منها هذه الآلات لا يتعدى الـ‍ ١٠٠ نانومتر،‏ اي انها اصغر بـ‍ ٢٥ مرة من قطر كريّة الدم الحمراء!‏

ويؤمل ان تتمكن يوما ما هذه الآلات المجهرية،‏ بسبب صغر حجمها،‏ من التنقل في الاوعية الدموية الشعرية البالغة الصغر لإيصال الاكسجين الى الانسجة التي تفتقر الى الدم،‏ وأن تتمكن ايضا من فتح الاوعية الدموية المسدودة وإزالة اللويحات من خلايا الدماغ،‏ حتى ان تطارد الفيروسات والبكتيريا وغيرها من العوامل الممرضة وتقضي عليها.‏ كما يُتوقَّع استخدام الآلات المجهرية لإيصال العقاقير مباشرة الى خلايا محددة.‏

ويأمل العلماء ان تحسِّن الآلات المجهرية على نحو كبير مقدرتهم على اكتشاف السرطان.‏ قال الطبيب سامويل وِكلاين،‏ وهو بروفسور في الطب،‏ الفيزياء،‏ والهندسة الطبية الاحيائية:‏ «ستتاح لنا امكانيات هائلة لاكتشاف سرطانات بالغة الصغر في مراحل مبكرة جدا،‏ امر لم يكن ممكنا على الاطلاق في ما مضى،‏ وسنتمكن من علاجه بعقاقير قوية في مكان الورم دون سواه،‏ مخفضين التأثيرات الجانبية في الوقت نفسه».‏

قد يبدو كل ذلك اختراعات وهمية من عصر خيالي في المستقبل،‏ لكنّ الطب الجُزَيئي في ذهن بعض العلماء حقيقة واقعة.‏ ويتوقع اهم الباحثين في هذا الحقل ان تُستخدم التكنولوجيا المجهرية خلال العقد القادم لإصلاح وإعادة تنظيم البنية الجُزَيئية للخلايا الحية.‏ ويدّعي احد مؤيدي هذه التكنولوجيا:‏ «سيقضي الطب الجُزَيئي على كل امراض القرن العشرين تقريبا،‏ وسيزيل على نحو شبه كامل الالم والمعاناة الناجمين عن الاجراءات الطبية،‏ ويوسِّع آفاق مقدرات الانسان».‏ وبعض العلماء يخبرون منذ الآن بنتائج جيدة يحققها الطب الجُزَيئي في تجاربهم الحيوانية في المختبرات.‏

علم المَجينيَّات تُعرف دراسة بنية المورِّثات بعلم المَجينيَّات.‏ فكل خلية في الجسم البشري تزخر بالعناصر الاساسية للحياة.‏ وأحد هذه العناصر هو المورِّثات.‏ لدى كل منا نحو ٠٠٠‏,٣٥ مورِّثة تحدد لون وملمس شعرنا،‏ لون بشرتنا وعينينا،‏ طولنا،‏ وغير ذلك من الخصائص التي يتكوَّن منها مظهرنا.‏ كما تلعب المورِّثات دورا مهما في تحديد حالة اعضائنا الداخلية.‏

لكن المورِّثات اذا تضررت يمكن ان تؤثر في صحتنا.‏ وفي الواقع،‏ يظن بعض الباحثين ان جميع الامراض سببها خلل في عمل المورِّثات.‏ فنحن نرث بعض المورِّثات المعيبة عن والدينا،‏ كما تتضرر مورِّثات اخرى جراء التعرض لعناصر مؤذية في محيطنا.‏

ويأمل العلماء ان يتمكنوا قريبا من اكتشاف المورِّثات المحددة التي تجعلنا عرضة للمرض.‏ وسيساعدهم ذلك ان يفهموا مثلا لماذا يكون بعض الاشخاص اكثر عرضة من غيرهم للاصابة بالسرطان،‏ او ما الذي يجعل احد انواع السرطان اسرع نموا وانتشارا في بعض الافراد منه في غيرهم.‏ وقد يساعد علم المَجينيَّات على معرفة سبب كون احد العقاقير ناجعا في بعض المرضى دون سواهم.‏

ان هذه المعلومات الوراثية المحددة قد تؤدي الى نشوء ما يُدعى العلاج الشخصي.‏ وكيف يمكنك ان تستفيد من هذه التكنولوجيا؟‏ توحي فكرة العلاج الشخصي بأنه يمكن تكييف العناية الطبية لتلائم الخصائص الوراثية التي تتمتع بها شخصيا.‏ مثلا،‏ اذا اظهرت دراسة مورِّثاتك انك عرضة للاصابة بمرض ما،‏ يمكن ان يكتشف الاطباء هذا المرض قبل وقت طويل من ظهور اية اعراض.‏ ويدَّعي مؤيدو هذا الاتجاه في الطب ان اتخاذ بعض التدابير،‏ كالعلاج الملائم والنظام الغذائي الصحيح وصنع التغييرات اللازمة في السلوك،‏ يمكن ان يمنع المرض من اساسه حتى قبل ان يصاب به المرء.‏

كما يمكن ان تنبِّه المعلومات في مورِّثاتك الاطباء الى امكانية معاناتك مضاعفات معينة نتيجة تعاطيك بعض العقاقير.‏ وقد تساعدهم هذه المعلومات على وصف الدواء المناسب والجرعة الملائمة لحالتك الخصوصية.‏ تذكر صحيفة ذا بوسطن ڠلوب ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «بحلول سنة ٢٠٢٠،‏ من المرجَّح ان يكون [العلاج الشخصي] قد احدث تأثيرا اكبر مما يمكن ان يتصوره اي منا اليوم.‏ كما ستُطوَّر عقاقير جديدة على اساس التركيبة الوراثية لكل فرد لمعالجة الداء السكري،‏ مرض القلب،‏ داء ألزهايمر،‏ الفُصام،‏ والكثير غيرها من الحالات التي تفتك فتكا بمجتمعنا».‏

ان التقنيات التي استعرضناها ليست سوى عيِّنة صغيرة من الانجازات التي يعِد العلم بتحقيقها في المستقبل.‏ فالمعرفة الطبية تستمر في النمو بوتيرة لم يسبق لها مثيل.‏ غير ان العلماء لا يتوقعون محو الامراض كلها في المستقبل القريب.‏ فلا تزال هنالك عقبات كثيرة يصعب تخطيها.‏

عقبات يصعب تخطيها

يعرقل السلوك البشري احيانا التقدم الذي يحرزه العلم في استئصال المرض.‏ مثلا،‏ يسود بين العلماء الاعتقاد ان الضرر الذي يلحقه الانسان ببعض الانظمة البيئية ينتج امراضا جديدة خطيرة.‏ اوضحت ماري بيرل،‏ رئيسة هيئة رعاية الحياة البرية،‏ في مقابلة اجرتها معها مجلة نيوزويك:‏ ‏«منذ اواسط سبعينات القرن العشرين،‏ ظهر اكثر من ٣٠ مرضا جديدا،‏ بما فيها الإيبولا،‏ الأيدز،‏ داء لايْم،‏ والسارس.‏ ويُظن ان معظم هذه الامراض انتقلت من الحياة البرية الى البشر».‏

بالاضافة الى ذلك،‏ لم يعد الناس يتناولون الخضَر والفواكه الطازجة كما في السابق،‏ وباتوا يكثرون من تناول السكر،‏ الملح،‏ والدهون المشبعة.‏ وقد ادى ذلك،‏ مع انخفاض الحركة الجسدية وغيره من العادات غير الصحية،‏ الى ازدياد الامراض القلبية الوعائية.‏ علاوة على ذلك،‏ يزداد تدخين التبغ،‏ مما يسبب إصابة الملايين حول العالم بمشاكل صحية خطيرة او موتهم.‏ ومن ناحية اخرى،‏ يتعرض نحو ٢٠ مليون شخص كل سنة لإصابات بالغة او يفقدون حياتهم نتيجة حوادث السير.‏ كما تؤدي الحروب وأشكال العنف الاخرى الى موت وتشوُّه اعداد كبيرة من الناس.‏ ولا ننسَ الملايين الذين يعانون الصحة الرديئة نتيجة الاسراف في الشرب وتعاطي المخدرات.‏

اذًا،‏ بغضّ النظر عن الاسباب،‏ ومهما بلغ التقدم الذي احرزته التكنولوجيا الطبية،‏ تستمر بعض الامراض في الفتك بالجنس البشري.‏ فوفقا لمنظمة الصحة العالمية،‏ ‹هنالك بشكل دائم اكثر من ١٥٠ مليون شخص يعانون الكآبة.‏ ونحو ٢٥ مليون شخص مصابون بالفُصام،‏ و ٣٨ مليون شخص مصابون بالصرع›.‏ أضِف الى ذلك الامراض الاسهالية،‏ الأيدز/‏فيروس العوز المناعي البشري (‏HIV)‏،‏ الحصبة،‏ ذات الرئة،‏ السل والملاريا التي تصيب الملايين حاصدة حياة اعداد غفيرة من الاولاد والراشدين الصغار السن.‏

وليست هذه العقبات هي الوحيدة التي تقف في وجه القضاء على الامراض.‏ فالفقر وفساد الحكومات يشكلان عائقا كبيرا امام هذا المسعى.‏ ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير حديث لها انه لولا تقصير الحكومات وعدم توفر الاموال،‏ لأمكن انقاذ حياة ملايين الاشخاص الذين يموتون جراء الامراض الخمجية.‏

فهل تساهم المعرفة العلمية والتقدم الهائل الذي تحرزه التكنولوجيا الطبية في تذليل هذه العقبات؟‏ هل نرى قريبا عالما خاليا من المرض؟‏ ان ما سبق ذكره لا يعطي الجواب الشافي.‏ غير ان الكتاب المقدس يلقي ضوءا على هذا السؤال.‏ وستناقش المقالة التالية ما يقوله الكتاب المقدس عن مستقبل خالٍ من المرض.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 10‏ تأتي البادئة «نانو» من الكلمة اليونانية المقابلة لـ‍ «قزم»،‏ ومعناها «جزء من البليون».‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٧]‏

التصوير بالاشعة السينية

ستساعد الصور الاوضح والادق للجسم البشري على اكتشاف الامراض في مراحل مبكرة

‏[مصدر الصورة]‏

Philips ©

Siemens AG

الجراحة الآلية

يتمكن الاطباء من اجراء عمليات جراحية بالغة التعقيد بمنتهى الدقة باستخدام الاذرع الآلية المزوَّدة بالمعدات الجراحية

‏[مصدر الصورة]‏

2006 Intuitive Surgical,‎ Inc.‎ ©

الطب الجُزَيئي

قد تتيح الآلات المجهرية البشرية الصنع معالجة الامراض على مستوى الخلايا.‏ وفي الصورة آلات مجهرية تقلّد عمل كريّات الدم الحمراء،‏ كما تخيَّلها فنان

‏[مصدر الصورة]‏

Artist: Vik Olliver )vik@diamondage.‎co.‎nz(/ Designer: Robert Freitas

علم المَجينيَّات

يأمل العلماء اكتشاف الامراض ومعالجتها حتى قبل ان تظهر اية اعراض على المريض،‏ عن طريق دراسة تركيبته الوراثية

‏[مصدر الصورة]‏

Chromosomes: © Phanie/ Photo Researchers,‎ Inc.‎

‏[الاطار في الصفحتين ٨ و ٩]‏

ستة امراض لم تُقهر بعد

يستمر تقدم المعرفة والتقنيات الطبية بوتيرة لم يسبق لها مثيل.‏ لكن رغم ذلك،‏ لا تزال بعض الامراض الخمجية تجتاح العالم.‏ والامراض الفتاكة التالي ذكرها لم تُقهر بعد.‏

الأيدز/‏فيروس العوز المناعي البشري

أُصيب الى الآن نحو ٦٠ مليون شخص بفيروس العوز المناعي البشري،‏ ومات نحو ٢٠ مليونا بسبب الأيدز.‏ كما ظهرت خمسة ملايين إصابة جديدة سنة ٢٠٠٥،‏ ومات اكثر من ثلاثة ملايين شخص نتيجة الأيدز ومضاعفاته،‏ بينهم اكثر من ٠٠٠‏,٥٠٠ طفل.‏ ويتعذر على الغالبية العظمى من ضحايا فيروس العوز المناعي البشري تلقي العلاج الملائم لمرضهم.‏

الإسهال

وُصف الاسهال بأنه سبب رئيسي لموت الفقراء،‏ اذ يبلغ عدد الاصابات الجديدة كل سنة نحو اربعة بلايين حالة.‏ ينتج الاسهال عن عدة امراض خمجية تنتشر عن طريق الماء او الطعام الملوَّثين او نتيجة لقلة النظافة الشخصية.‏ وتسبِّب هذه الاصابات وفاة اكثر من مليوني شخص كل سنة.‏

الملاريا

يُصاب نحو ٣٠٠ مليون شخص بالملاريا سنويا.‏ ويموت كل سنة نحو مليون من هؤلاء،‏ بينهم عدد كبير من الاولاد.‏ وكل ٣٠ ثانية يموت طفل في افريقيا بسبب الملاريا.‏ ووفقا لمنظمة الصحة العالمية،‏ «لا يملك العلم علاجا سحريا للملاريا،‏ ويشك كثيرون في امكانية ايجاد دواء واحد قادر على القضاء على هذا المرض».‏

الحصبة

اودت الحصبة بحياة اكثر من ٠٠٠‏,٥٠٠ شخص خلال سنة ٢٠٠٣.‏ وهذا المرض المعدي جدا هو احد الاسباب الرئيسية لموت الاطفال.‏ ويُصاب به كل سنة نحو ٣٠ مليون شخص.‏ والمضحك المبكي هو انه طوال السنوات الاربعين الماضية،‏ يتوفر لقاح فعّال ورخيص الثمن للحصبة.‏

ذات الرئة

تدَّعي منظمة الصحة العالمية ان عدد الاولاد الذين يموتون من ذات الرئة يفوق عدد الاولاد الذين يموتون من اي مرض خمجي آخر.‏ فكل سنة تودي ذات الرئة بحياة نحو مليونَي ولد لم يبلغوا بعد الخامسة من العمر،‏ معظمهم في افريقيا وجنوب شرق آسيا.‏ ففي انحاء كثيرة من العالم،‏ لا تتوفر المرافق الصحية على نحو ملائم،‏ مما يحول دون حصول الضحايا على العلاج الطبي المنقذ للحياة.‏

السّل

تَسبَّب السّل سنة ٢٠٠٣ بموت اكثر من ٠٠٠‏,٧٠٠‏,١ شخص.‏ وما يقلق المسؤولين الصحيين هو ظهور سلالات من جرثومة السّل مقاومة للعقاقير.‏ حتى ان بعض السلالات طوَّرت مقاومة لجميع العقاقير الرئيسية المضادة للسّل.‏ وتَظهر سلالات جراثيم السّل المقاومة للعقاقير في المرضى الذين يخضعون للعلاج الطبي دون اشراف ملائم او الذين لا يتابعون علاجهم الى النهاية.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٩]‏

ازدياد اشكال الطب البديلة

ثمة اساليب علاجية كثيرة لا يعترف بها الاطباء عادة.‏ وتُصنف هذه الاساليب إما في خانة الطب الشعبي او في خانة الطب البديل.‏ في البلدان النامية،‏ يسد معظم السكان حاجاتهم الطبية عن طريق الطب الشعبي الذي توارثوه عبر الاجيال.‏ ففي المناطق الفقيرة،‏ لا يمكن لكثيرين تحمل كلفة العلاجات الطبية في المستشفيات وعند الاطباء،‏ في حين ان آخرين يفضّلون بكل بساطة الطب الشعبي.‏

بموازاة ذلك،‏ تحظى اشكال الطب البديل بشعبية متزايدة في البلدان الغنية.‏ وبين هذه الاشكال هنالك الوخز الإبري،‏ المعالجة اليدوية،‏ المعالجة المثلية،‏ المعالجة الطبيعية،‏ وطب الاعشاب.‏ لقد أُجريت دراسات علمية على بعض هذه الاساليب العلاجية،‏ وتبرهنت فعاليتها لمعالجة حالات معينة.‏ غير ان فعالية بعضها الآخر لم تتبرهن بعد برهانا وافيا.‏ كما ان ازدياد شعبية اشكال الطب البديل يثير تساؤلات حول سلامتها.‏ ففي بلدان كثيرة،‏ لا تخضع هذه العلاجات البديلة لقوانين محددة تنظمها.‏ وهذا يخلق مجالا واسعا للمعالجة الذاتية المؤذية،‏ المنتجات المزيفة،‏ والاطباء الدجالين.‏ أضِف الى ذلك ان الاصدقاء والاقارب الحسني النية والذين يفتقرون الى التدريب الجيد غالبا ما يعيِّنون انفسهم اطباء يسدون النصائح الى الآخرين.‏ وتؤدي كل هذه العوامل مجتمعة الى حصول تأثيرات جانبية غير مؤاتية وغير ذلك من المخاطر الصحية.‏

في بلدان كثيرة حيث تنظم القوانين مزاولة الطب البديل،‏ بدأت هذه العلاجات تلاقي قبولا في الاوساط الطبية عامة،‏ حتى ان بعض الاطباء يقترحونها على مرضاهم.‏ لكن لا يمكن القول ان هذه الاساليب ستنجح يوما ما في إزالة كل الامراض من العالم.‏