«عنوان» الارض المثالي
«عنوان» الارض المثالي
غالبا ما يتضمن عنوان المرء اسم بلده ومدينته والشارع الذي يقيم فيه. وعلى سبيل المقارنة، لنقل ان «البلد» الذي توجد فيه الارض هو مجرة درب التبَّانة، و «المدينة» هي النظام الشمسي — اي الشمس والكواكب التابعة لها — و «الشارع» هو مدار الارض في النظام الشمسي. وقد نال العلماء بصيرة نافذة في فهم مزايا موقع الارض البالغ الصغر في كوننا الفسيح بفضل التقدم الذي أُحرز في علوم الفلك والفيزياء.
بادئ ذي بدء، تقع «المدينة» التي توجد فيها الارض، اي النظام الشمسي، في منطقة صالحة للسكن من مجرة درب التبَّانة. فهذه المنطقة تبعد عن مركز المجرة نحو ٠٠٠,٢٨ سنة ضوئية وتحوي التراكيز المناسبة من العناصر الكيميائية اللازمة لدعم الحياة. فلو كانت هذه المنطقة ابعد مما هي الآن لندرت هذه العناصر، ولو كانت اقرب لتعرّضنا لخطر شديد بسبب تزايد الإشعاعات التي يُحتمل ان تسبّب الموت وغيرها من العوامل المؤذية. حقا، «نحن نعيش في العقار الافضل على الاطلاق»، حسبما يرد في مجلة ساينتفيك امريكان.
«الشارع» الانسب
ان «الشارع» الذي تقع فيه الارض، اي مدارها في نظامنا الشمسي، هو «الافضل» ايضا. فهذا المدار الذي يبعد عن الشمس حوالي ١٥٠ مليون كيلومتر يقع في منطقة صالحة للسكن بحيث لا تتجمد الارض ولا تحترق. كما ان مسار الارض شبه الدائري يبقينا طوال السنة على البعد نفسه تقريبا من الشمس.
علاوة على ذلك، تُعدّ الشمس «محطة توليد الطاقة» الاكثر فعالية. فحجمها ملائم وهي تبثّ دون انقطاع الكمية الصحيحة من الطاقة. لذا تستحق الشمس ان تدعى «نجما متميزا للغاية».
خير «جار» للأرض
لو تُرك الخيار للأرض ان تنتقي «جارا» لها، لما وجدت احسن من القمر. فبما ان قطره يتجاوز ربع قطر الارض تقريبا، فهو يُعدّ كبيرا جدا نسبة الى كوكب الارض اذا ما قورن بالاقمار الاخرى في نظامنا الشمسي. لكن ذلك ليس من محاسن الصدف.
فالقمر هو المسبب الرئيسي لحركة المدّ والجزر التي تؤثر تأثيرا هاما في بيئة كوكبنا. وهو يساهم ايضا في ضبط درجة ميلان محور الارض. فبدون القمر المفصَّل على قياس
الارض، اذا جاز التعبير، يترنح كوكبنا مثل البلبل (الدوّامة)، حتى انه قد يقع على احد جوانبه. ويمكن ان ينجم عن ذلك تغييرات مأساوية في المناخ وحركة المدّ والجزر وغير ذلك.فريدة في ميلانها وسرعة دورانها
يسبب ميلان محور الارض ٥,٢٣ درجة تعاقب الفصول سنويا وتلطيف درجات الحرارة، ويخلق مجموعة كبيرة من الاحزمة المناخية. يذكر كتاب الارض الفريدة — لماذا يندر وجود الحياة المعقدة في الكون (بالانكليزية): «يبدو ان درجة ميلان محور كوكبنا مناسبة تماما».
اضف الى ذلك ان طول النهار والليل الناجمين عن دوران الارض هو ايضا مناسب تماما. فلو طالت دورتها كثيرا لاحترق الجانب المواجه للشمس وتجمد الآخر. اما اذا قصرت دورتها، ولو بضع ساعات فقط، لأحدث دورانها السريع رياحا عاتية وتأثيرات مؤذية اخرى.
حقا، ان كل ما يمتّ بصلة الى كوكبنا، من «عنوانه» الى سرعة دورانه وحتى «جاره» القمر، يشهد ان خالقا حكيما ابتكر هذا التصميم الذكي. * يقول پول دايڤيز، عالِم فيزيائي ومؤيد للتطور: «حتى العلماء الملحدون يشيدون بما في كوننا من رحابة وعظمة وانسجام وروعة وإبداع فذّ».
فهل يعقل ان يكون هذا الابداع نتاج الصدفة ام انه شاهد على تصميم هادف؟ فكّر في هذا السؤال فيما تطّلع على المقالة الوجيزة التالية التي تتحدث عن درعين مذهلين يحميان الحياة على الارض من اخطار الفضاء الخارجي.
[الحاشية]
^ الفقرة 13 ان وجود الكون ككل يعتمد بشكل رئيسي على القوى الاساسية الاربع التي تتحكم بالمادة: الجاذبية، الكهرمغنطيسية، والقوتين النوويتين القوية والضعيفة. وكل هذه القوى مضبوطة بدقة بالغة. — انظر الفصل ٢ من كتاب هل يوجد خالق يهتمُّ بأمركم؟، اصدار شهود يهوه.
[الاطار في الصفحة ٥]
سرعتك تفوق سرعة الرصاص!
حين تشرف على الانتهاء من قراءة هذا الاطار تكون قد سافرت آلاف الكيلومترات دون اية ارتجاجات او مطبّات! تأمل في المعلومات التالية:
يبلغ محيط الارض ٠٠٠,٤٠ كيلومتر، وهي تدور حول نفسها مرة كل ٢٤ ساعة. لذلك اذا كنت تقف عند خط الاستواء او بالقرب منه، فأنت تدور بسرعة ٦٠٠,١ كيلومتر في الساعة تقريبا! (طبعا اذا كنت تقف عند اي من القطبين فستدور في مكانك.)
علاوة على ذلك، تدور الارض حول الشمس بسرعة ٣٠ كيلومترا في الثانية، كما ان النظام الشمسي بأكمله يسير حول مركز مجرة درب التبَّانة بسرعة مذهلة تبلغ ٢٤٩ كيلومترا في الثانية. بالمقابل، لا تتجاوز سرعة الرصاص الكيلومتر ونصفا في الثانية.
[مصدر الصورة في الصفحة ٤]
Earth: Based on NASA/Visible Earth imagery
[مصدر الصورة في الصفحة ٥]
Milky Way: NASA/JPL/Caltech