الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

عائلات نجحت في تخطي الصعاب

عائلات نجحت في تخطي الصعاب

عائلات نجحت في تخطي الصعاب

تُشبَّه مبادئ الكتاب المقدس بمرساة تبقي العائلة ثابتة وقت الشدة.‏ والذين يحيون بموجب هذه المبادئ يعدهم يهوه اللّٰه قائلا:‏ «امنحك بصيرة وأرشدك في الطريق الذي تسلكه.‏ اقدِّم النصح وعيني عليك».‏ —‏ مزمور ٣٢:‏٨‏.‏

مواجهة ضائقة مالية.‏ كثيرا ما تكون المسائل المالية السبب وراء الخلافات الزوجية الحادة.‏ غير ان مبادئ الكتاب المقدس تساعد العائلات على امتلاك نظرة صائبة الى هذه المسائل.‏ قال يسوع:‏ «لا تحملوا بعد همّ نفوسكم بشأن ما تأكلون او ما تشربون،‏ ولا اجسادكم بشأن ما تلبسون.‏ .‏ .‏ .‏ فإن اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها».‏ —‏ متى ٦:‏٢٥،‏ ٣٢‏.‏

في الصفحة ١٧،‏ يروي إيساكار من الولايات المتحدة كيف تخطى مع عائلته ضائقة مالية بعدما دمر اعصار كاترينا بيتهم.‏

اصابة احد اعضاء العائلة بمرض.‏ في الواقع،‏ لا احد مستثنى من المرض.‏ وعموما،‏ تكون الوعكة وقتية ويستعيد المريض عافيته بسرعة.‏ ولكن ماذا اذا أُصيب احد اعضاء العائلة بمرض مزمن؟‏ يقول الكتاب المقدس ان يهوه يسند الذين هم على فراش المرض.‏ (‏مزمور ٤١:‏١-‏٣‏)‏ فكيف يعتني يهوه بالمريض من خلال العائلة؟‏

في الصفحة ١٨،‏ يروي زوج من اليابان يُدعى هاجيميه كيف تعاون هو وابنتاه للاعتناء بزوجته نوريكو بعدما شُخِّص انها مصابة بمرض مضنٍ.‏

موت احد الاولاد.‏ ان موت الولد هو من افظع المآسي التي تلمّ بالعائلة.‏ لكن يهوه يعد انه في المستقبل سيمسح دموع الحزن التي تسببها هذه الفاجعة.‏ (‏رؤيا ٢١:‏١-‏٤‏)‏ كما يمنح في الوقت الحاضر ايضا التعزية للمفجوعين.‏ —‏ مزمور ١٤٧:‏٣‏.‏

في الصفحة ١٩،‏ يروي فرناندو وديلما من الولايات المتحدة كيف مدّ الكتاب المقدس عائلتهما بالقوة لمواجهة فاجعة موت طفلتهما.‏

ان الكتاب المقدس لدليل موثوق تسترشد به العائلات وقت الشدة.‏ وهذا ما تبينه الامثلة الواردة في الصفحات التالية.‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحة ١٧]‏

مواجهة ضائقة مالية

كما رواه إيساكار نيكولز من الولايات المتحدة

‏«دمر اعصار كاترينا منزلنا بحيث لم يبقَ منه سوى ارضيته الاسمنتية.‏ كما بقيت المدرسة التي اعلِّم فيها مغمورة بالمياه شهرا ونصفا».‏

في صيف سنة ٢٠٠٥،‏ كنا انا وزوجتي ميشيل وابنتنا سيدني البالغة سنتين من العمر قاطنين في خليج سانت لويس بولاية ميسيسيبّي الاميركية.‏ وبما اننا من شهود يهوه،‏ وضعنا انا وميشيل امامنا هدفا ان نشترك في الخدمة المسيحية على اكمل وجه.‏ كنت آنذاك استاذا في مدرسة مهنية تقع في نيو اورليانز المجاورة،‏ احدى مدن ولاية لويزيانا.‏ وأتاح لي برنامجي ان ادرّس ثلاثة ايام في الاسبوع وأخصص معظم الوقت الباقي لتعليم الآخرين الكتاب المقدس.‏ لقد كنا مسرورين بروتين حياتنا الى ان وصلتنا اخبار بأن اعصار كاترينا سيضرب على الارجح منطقتنا،‏ فرتبنا ان نغادر المكان فورا.‏

حين انحسرت العاصفة،‏ كان منزلنا في خليج سانت لويس قد دُمِّر،‏ وكذلك المدرسة في نيو اورليانز.‏ وبفضل الاعانات التي ارسلتها الحكومة والمال الذي دفعته شركة التأمين تمكنا من الحصول على مسكن.‏ ولكن كان من الصعب ان اجد عملا يوفّر لي دخلا ثابتا.‏ هذا اضافة الى ان زوجتي أُصيبت بخمج فيروسي بسبب تلوُّث المياه،‏ ما اضعف جهازها المناعي.‏ ثم التقطت فيروس غربي النيل اثر لدغة بعوضة.‏ وفي خضم ذلك كله،‏ ارتفعت نفقات التأمين وكلفة المعيشة.‏

بغية التكيُّف مع وضعنا الجديد،‏ تعلّمنا ان نقتصد اكثر في كل النفقات حتى التي تسد حاجاتنا الضرورية.‏ كما اضطررت ألا اكون نيِّقا عند اختيار العمل الذي سأزاوله.‏

لا شك ان خسارة ممتلكاتنا لم تكن بالامر الهيّن.‏ ولكن شكرا للّٰه اننا ما زلنا على قيد الحياة.‏ لقد اكدت لنا هذه المحنة ان الممتلكات المادية محدودة القيمة وذكرتنا بكلمات يسوع حين قال:‏ «متى كان لأحد كثير فليست حياته من ممتلكاته».‏ —‏ لوقا ١٢:‏١٥‏.‏

صحيح اننا شعرنا بمرارة كبيرة حيال خسارتنا،‏ لكننا ادركنا ان كثيرين اسوأ منا حالا،‏ حتى ان البعض خسروا حياتهم.‏ وهذا كان من جملة الاسباب التي دفعتني على الفور الى الانشغال بأعمال الاغاثة،‏ مانحا الدعم العاطفي للذين تكبّدوا الخسائر.‏

وخلال هذه المحنة،‏ كانت كلمات المزمور ١٠٢:‏١٧ معزية جدا لنا،‏ اذ تقول ان يهوه اللّٰه «سيلتفت الى صلاة المسلوبين،‏ ولن يحتقر صلاتهم».‏ وكعائلة شعرنا فعلا بدعم يهوه هذا!‏

‏[الاطار في الصفحة ١٧]‏

بعدما ضرب اعصارَا كاترينا وريتا ساحل خليج المكسيك في الولايات المتحدة عام ٢٠٠٥،‏ انشأ شهود يهوه في الحال ١٣ مركزا للاغاثة،‏ تسعة مخازن،‏ وأربعة مستودعات للوقود.‏ كما تطوّع نحو ٠٠٠‏,١٧ شاهد اتوا من الولايات المتحدة و١٣ بلدا آخر للمساهمة في اعمال الاغاثة.‏ وقد قاموا بترميم آلاف البيوت.‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحة ١٨]‏

اصابة احد اعضاء العائلة بمرض

كما رواه هاجيميه إيتو من اليابان

‏«كنا نقضي وقتا ممتعا في الطهو معا،‏ غير ان نوريكو أُصيبت بمرض مضنٍ.‏ فلم تعد قادرة على الاكل والشرب عبر فمها ولا على التكلُّم.‏ وهي الآن اسيرة كرسي متحرِّك تعجز عن التنفُّس دون جهاز خاص».‏

في ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠٦،‏ بدأت زوجتي نوريكو تلاقي صعوبة في التكلُّم.‏ كما اخذت تعاني في الصيف مشاكل في الاكل والشرب.‏ وبحلول شهر ايلول (‏سبتمبر)‏،‏ شُخِّص انها مصابة بالتصلُّب الضموري الجانبي،‏ مرض يستفحل بسرعة ويهاجم الخلايا العصبية في الدماغ والنخاع الشوكي.‏ وهكذا في غضون اربعة اشهر فقط،‏ انقلبت حياتنا رأسا على عقب.‏ هذا وقد كانت مشاكلها الصحية لا تزال في بدايتها.‏

فمع مرور الوقت،‏ شُلَّ لسانها وكذلك يدها اليمنى.‏ كما خضعت لعملية فَغر المعدة كي تتمكن من التغذي عن طريق انبوب،‏ تلتها عملية فَغر الرُّغامى —‏ فتح فوهة في العنق تتيح مرور الهواء —‏ التي جعلتها عاجزة عن الكلام.‏ وكم كان ذلك مضنيا لنوريكو النابضة بالحياة!‏ فنحن من شهود يهوه،‏ وقد كانت هي وابنتانا يشتركن في الخدمة المسيحية كامل الوقت.‏ اما الآن فباتت تعتمد على جهاز للتنفُّس،‏ وتكاد لا تفارق سريرها.‏

رغم ذلك،‏ لم تنثنِ عزيمة نوريكو.‏ فهي تحضر الاجتماعات المسيحية،‏ جالسة على كرسيها المتحرِّك ومستخدمة جهاز التنفُّس.‏ وبسبب تردّي حاسة السمع لديها،‏ تكتب لها احدى ابنتينا ملاحظات بأحرف كبيرة لكي تستفيد من البرنامج.‏ ورغم ان نوريكو اضطرت ان تتوقف عن الخدمة كامل الوقت،‏ فهي تراسل الناس باستخدام جهاز كمبيوتر مزوَّد بمعدات خصوصية،‏ معلِّمة اياهم عن رجاء الكتاب المقدس.‏ —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣؛‏ رؤيا ٢١:‏١-‏٤‏.‏

لكي نتعاون معا كعائلة على الاعتناء بنوريكو،‏ غيّرت ابنتانا عملهما بحيث يتسنى لهما تقديم المزيد من المساعدة في البيت.‏ فضلا عن ذلك،‏ اصبحنا نحن الثلاثة نهتم بالاعمال المنزلية الكثيرة التي كانت تقوم بها نوريكو.‏

أحيانا،‏ حين انظر الى نوريكو صباحا،‏ تبدو لي متعبة.‏ فأود ان اطلب منها ألا ترهق نفسها خلال اليوم.‏ لكنها ترغب في اخبار الآخرين برسالة الكتاب المقدس.‏ لذا،‏ ما إن ابدأ بتشغيل جهاز الكمبيوتر حتى تشع عيناها فرحا.‏ وحين تباشر كتابة الرسائل تشعر بالتحسن.‏ وهذا يؤكد لي كم هو مهم ان نكون «مشغولين جدا بعمل الرب كل حين».‏ —‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٥٨‏.‏

هذا اضافة الى ان الاختبار الوارد في عدد كانون الثاني (‏يناير)‏ من مجلة استيقظ!‏ عن جايسون ستوارت،‏ الذي عانى المرض نفسه،‏ كان عونا كبيرا حال دون استسلامها لليأس.‏ وعندما تساءل العاملون في المستشفى عن سرّ موقفها الايجابي،‏ اخبرتهم نوريكو عن تلك المقالة ووزعنا عليهم نسخا منها.‏ حقا،‏ تستمد زوجتي القوة حين تعلِّم الآخرين عما تؤمن به.‏

لقد مرّ على زواجنا ثلاثون عاما،‏ لكنّ السنوات الثلاث الماضية جعلتني اقدر مزايا تتحلى بها نوريكو كنت سابقا اعتبرها امرا مسلما به.‏ وأنا سعيد للغاية انني تزوجت منها.‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحة ١٩]‏

موت احد الاولاد

كما رواه فرناندو وديلما فرايتَس من الولايات المتحدة

‏«تعجز الكلمات ان تعبر عن الالم الذي ينتاب الوالدين عند فقدان ولدهم.‏ فليس هنالك فاجعة اشد إيلاما».‏

ماتت ابنتنا پراشَس في ١٦ نيسان (‏ابريل)‏ ٢٠٠٦ وهي بعمر عشرة ايام فقط.‏ فنحو الشهر الثالث من فترة الحمْل،‏ شخَّص الاطباء ان الجنين يعاني مشكلة خطيرة في القلب.‏ وإذ دنا وقت الولادة،‏ بدا واضحا جدا ان الطفلة ستموت بُعيد ابصارها النور،‏ هذا اذا وُلدت حية.‏ لم يكن هيِّنا علينا قط ان نتقبَّل هذا الواقع.‏ فقد انجبنا ثلاث بنات يتمتعن بصحة جيدة،‏ ولم يسعنا التصديق ان طفلتنا ستموت.‏

بعدما وُلدت پراشَس،‏ شخَّص اخصائي متمرس في الاضطرابات الصِّبغيّة انها تعاني من تثلُّث الصِّبغيّات،‏ مرض نادر يصيب ١ من كل ٠٠٠‏,٥ طفل تقريبا.‏ وبات واضحا انها لن تعيش طويلا.‏ فشعرنا بيأس شديد اذ لم يكن في اليد حيلة.‏ ولم يسعنا فعل اي شيء سوى ان نبقى قربها خلال فترة حياتها القصيرة.‏

كم نحن شاكرون على الايام العشرة التي قضيناها معها!‏ فخلال هذه الفترة،‏ نمينا نحن وبناتنا الثلاث علاقة عاطفية قوية بها.‏ فحملناها وكلمناها وعانقناها وقبّلناها،‏ كما التقطنا لها صورا قدر المستطاع.‏ حتى اننا رحنا نخمِّن مَن في العائلة هو الاكثر شبها بها.‏ وكان الاخصائي الذي شخَّص مرضها يزورنا يوميا في المستشفى،‏ حتى انه بكى معنا معبِّرا عن اسفه الشديد.‏ وذات مرة،‏ حين كان يتحدث الينا،‏ التقط لها صورة تذكارية وأعطانا نسخة عنها.‏

بما اننا من شهود يهوه ونؤمن بتعاليم الكتاب المقدس،‏ فلنا ملء الثقة بأن اللّٰه سيرد الاحوال الفردوسية الى الارض وأنه يشتاق الى إقامة الموتى عليها،‏ بمن فيهم الاطفال كطفلتنا پراشَس.‏ (‏ايوب ١٤:‏١٤،‏ ١٥؛‏ يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ نحن نتطلع بشوق الى اليوم الذي نعانقها فيه من جديد.‏ وكلما سمعنا كلمة «فردوس»،‏ يُثلج هذا الرجاء صدرنا.‏ ولكن ريثما يتحقق ذلك،‏ نستمد العزاء حين نفكر ان پراشَس في ذاكرة اللّٰه ولم تعد تتألم.‏ —‏ جامعة ٩:‏٥،‏ ١٠‏.‏