الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

يهوه يكافئ اولياءه على الدوام

يهوه يكافئ اولياءه على الدوام

قصة حياة

يهوه يكافئ اولياءه على الدوام

كما رواها ڤرنون دنكوم

انتهيت من تناول وجبتي الخفيفة في وقت متأخر من الامسية وأشعلت سيجارة كالعادة.‏ ثم سألت زوجتي آيلين:‏ «كيف كان الاجتماع الليلة؟‏».‏

اجابت بعد تمهل قصير:‏ «قُرئت رسالة تعلن تعيينات جديدة،‏ وقد اتت على ذكر اسمك.‏ فأنت ستعتني بأجهزة الصوت.‏ وذكرت الجملة الاخيرة في الرسالة:‏ ‹اذا كان بين الاخوة المعينين حديثا مَن يدخن،‏ تتوجب عليه الكتابة الى الجمعية معلِما اياها بعدم تمكنه من قبول تعيينه›».‏ * فأجبت:‏ «اذًا!‏ هذا ما تقوله».‏

اطبقت اسناني بإحكام وأطفأت سيجارتي في المنفضة بالقرب مني.‏ «لا اعرف لماذا جرى اختياري لهذا التعيين.‏ لكنني لم ارفض يوما اي تعيين ولا انوي ان افعل ذلك».‏ فصممت ألا ادخن بعد ذلك.‏ وهذا القرار صاغ حياتي كمسيحي وموسيقي.‏ دعوني اروي لكم بعض الحوادث التي ادت الى اتخاذي هذا القرار.‏

حياتي العائلية الباكرة

وُلدت في تورونتو،‏ كندا،‏ في ٢١ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩١٤.‏ وكنت البكر لدى ڤرنون وليلا،‏ والدَين محبين ومجتهدين عالا عائلة مؤلفة من اربعة صبيان وبنتين.‏ ثم وُلد يورك،‏ اورلندو،‏ دوڠلاس،‏ آيلين،‏ وكورال.‏ عندما كنت في التاسعة من عمري فقط،‏ وضعت امي آلة الكمان بين يدَي ورتبت ان آخذ دروسا في مدرسة هاريس للموسيقى.‏ لم تكن الاوضاع الاقتصادية جيدة،‏ لكن امي وأبي وجدا طرائق لدفع رسوم المدرسة وأجرة وسيلة النقل.‏ بعد ذلك،‏ درست النظرية الموسيقية والتوافق الموسيقي في معهد الموسيقى الملكي في تورونتو.‏ وعندما بلغت الـ‍ ١٢ من عمري،‏ اشتركت في مسابقة على نطاق المدينة للعزف المنفرد في قاعة ماسي،‏ القاعة الفخمة للموسيقى في تورونتو.‏ ففزت ومُنحت جائزة هي آلة كمان ذات نوعية جيدة داخل علبة مصنوعة من جلد القاطور.‏

مع الوقت،‏ تعلمت ايضا العزف على الپيانو والكمان الاجهر.‏ وغالبا ما كنت اعزف ضمن فريق في الحفلات الصغيرة امسيتَي الجمعة والسبت وأيضا في الحفلات التي تنظمها جمعية الطلاب.‏ وكان في احدى هذه الحفلات ان التقيت آيلين للمرة الاولى.‏ خلال سنتي الاخيرة في المدرسة الثانوية،‏ عزفت مع عدد من الفرق الموسيقية في كل المدينة.‏ وبعد تخرجي دُعيت الى الانضمام الى فرقة فرْدي مَوري الموسيقية،‏ وقد عملت معها دون انقطاع بدخل مرتفع حتى سنة ١٩٤٣.‏

التعرف بيهوه

تعرّف والداي بحق الكتاب المقدس للمرة الاولى قبل وقت قصير من اندلاع الحرب العالمية الاولى،‏ فيما كان والدي يعمل كمزيِّن لواجهة احد المتاجر الكبيرة وسط مدينة تورونتو.‏ فكان في الكفيتيريا يصغي الى محادثات بين عاملين آخرين من تلاميذ الكتاب المقدس (‏كما كان شهود يهوه يُعرفون آنذاك)‏،‏ ثم يخبر امي بما سمعه عند عودته الى البيت مساء.‏ بعد عدة سنوات،‏ في سنة ١٩٢٧،‏ عقد تلاميذ الكتاب المقدس محفلا كبيرا في تورونتو في المدرَّج الموجود على الارض التابعة لمعرض كندا الوطني.‏ فاستُخدم بيتنا،‏ الذي كانت تفصله عن المدخل الغربي لأرض المعرض مسافة شارعين،‏ لإيواء ٢٥ شخصا من أوهايو،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏

وبعد ذلك،‏ بدأت آدا بْلتسو،‏ واحدة من تلاميذ الكتاب المقدس،‏ تزور امي تكرارا،‏ تاركة عندها احدث المجلات.‏ قالت آدا لأمي في احد الايام:‏ «سيدة دنكوم،‏ انا اترك المجلات عندك منذ فترة،‏ فهل قرأت احداها؟‏».‏ رغم ان امي كانت تربي ستة اولاد،‏ صممت ان تبدأ بقراءة المجلات من ذلك الوقت فصاعدا،‏ ولم تتوقف قط.‏ لكنني لم أعر المجلات اي اهتمام.‏ فقد كنت اسعى للتخرج من المدرسة،‏ وكنت منهمكا جدا في الموسيقى.‏

في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٣٥،‏ تزوجت آيلين في كنيسة انڠليكانية.‏ وبما انني تركت الكنيسة المتحدة عندما كان عمري ١٣ سنة،‏ لم يكن لدي اي انتماءات دينية اخرى؛‏ لذلك ذكرت في وثيقة زواجي اني واحد من شهود يهوه،‏ رغم اني لم اكن شاهدا بعدُ.‏

كنا نتشوق الى حيازة عائلة في المستقبل ورغبنا في الكينونة والدين صالحين.‏ لذلك ابتدأنا بقراءة العهد الجديد معا.‏ ولكن رغم نوايانا السليمة،‏ كانت امور اخرى تعرقل تصميمنا.‏ فحاولنا مجددا بعد فترة من الوقت ولكن النتيجة كانت نفسها.‏ ثم في عيد الميلاد سنة ١٩٣٥ وصلَنا كتاب مغلف بورقة هدية عنوانه قيثارة الله ‏[بالانكليزية].‏ قالت زوجتي:‏ «انها هدية غريبة ترسلها الينا امك في مناسبة عيد الميلاد».‏ ولكن بعد ان ذهبتُ الى العمل،‏ بدأت تقرأه،‏ فراقتها المواد.‏ لمدة من الوقت،‏ لم اكن اعرف انها اهتمت به.‏ اما بالنسبة الى رغبتنا في بناء عائلة فلم تتحقق اذ لم تعش ابنتنا التي وُلدت في ١ شباط (‏فبراير)‏ ١٩٣٧.‏ فمرّت علينا غمامة كثيفة من الحزن!‏

خلال ذلك الوقت كان اهلي يشتركون بنشاط في عمل الكرازة،‏ وعرفت ان والدي كان ناشر الملكوت الوحيد في العائلة الذي لم يتمكن بعد من صنع اشتراك في مجلة التعزية ‏(‏الآن استيقظ!‏‏)‏ مع احد.‏ وهذا كان هدف خدمة الحقل لذلك الشهر.‏ فشفقت على ابي وقلت،‏ رغم انني لم اكن بعد قد قرأت ايا من مطبوعات الجمعية:‏ «حسنا ابي،‏ اصنع لي اشتراكا،‏ وهكذا تكون كالآخرين».‏ اتى الصيف،‏ وانتقلت الفرقة الموسيقية خارج المدينة لتعزف في احد المنتجعات.‏ واستمرت مجلة التعزية تصلني بالبريد.‏ جاء الخريف،‏ فعادت الفرقة الى تورونتو.‏ وكانت المجلات لا تزال تصل الى عنواننا البريدي الجديد،‏ ولم اكن قد اخرجت واحدة من غلافها.‏

في احدى عطل عيد الميلاد،‏ تطلعت الى رزمة المجلات وقلت بما انني ادفع ثمنها ينبغي ان اقرأ بعضا منها على الاقل لأرى ما تحتويه.‏ فأذهلتني اول مجلة فتحتها.‏ لقد كانت تشهِّر الخداع والفساد السياسيين في ايامنا.‏ فبدأت اكلم رفقائي الموسيقيين عما كنت اقرأه.‏ لكنهم تحدّوا صحة ما اقوله،‏ فاضطررت الى الاستمرار في القراءة بغية الدفاع عن نفسي.‏ وهكذا بدأت،‏ دون قصد،‏ اشهد عن يهوه.‏ ومذاك،‏ لم اتوقف قط عن قراءة مطبوعات «العبد الامين الفطين» الرائعة المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ —‏ متى ٢٤:‏٤٥‏.‏

صحيح ان العمل ابقاني منشغلا خلال الاسبوع،‏ ولكن سرعان ما صرت احضر الاجتماعات يوم الاحد مع آيلين.‏ وفي احد ايام الآحاد،‏ عند وصولنا الى الاجتماع سنة ١٩٣٨،‏ رحّبت بنا اختان مسنّتان،‏ وقالت احداهما:‏ «ايها الاخ الشاب،‏ هل اتخذت موقفك الى جانب يهوه؟‏ فكما تعرف ان هرمجدون على الابواب!‏».‏ كنت اعرف ان يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد،‏ وكنت مقتنعا بأن هذه هي هيئته.‏ رغبت في الصيرورة جزءا منها،‏ واعتمدت في ١٥ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٣٨.‏ واعتمدت آيلين بعد ستة اشهر.‏ يسرّني القول ان اهلي جميعا اصبحوا خداما منتذرين ليهوه.‏

يا للفرح الذي اختبرته بالانضمام الى شعب الله!‏ وسرعان ما صرت اشعر بالراحة التامة وأنا بينهم.‏ وعندما لم اكن اتمكن من حضور الاجتماعات،‏ كنت اتشوق الى معرفة ما حدث فيها.‏ والامسية التي وردت في مستهل المقالة كانت نقطة تحول في خدمتي ليهوه.‏

وقت تغيير جذري لنا

حدث تعديل آخر هام بالنسبة الينا في ١ ايار (‏مايو)‏ ١٩٤٣.‏ كنا قد حضرنا للمرة الاولى محفلا كبيرا،‏ المحفل الثيوقراطي للعالم الجديد في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٤٢ في كليڤلنْد،‏ أوهايو.‏ وهناك،‏ تماما في خضم الحرب العالمية الفظيعة،‏ حرب لم تُرَ لها نهاية في الافق،‏ استمعنا الى الاخ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ يقدم بشجاعة الخطاب العام المثير للانتباه،‏ «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏».‏ نتذكر تماما كيف اظهر،‏ من الكشف الاصحاح ١٧‏،‏ انه ستكون هنالك فترة سلام ما بعد الحرب يُنجَز اثناءها عمل الكرازة بشكل واسع.‏

وأكثر ما اثر فينا كان خطابا سبق فقدّمه الاخ نور،‏ «يفتاح ونذره».‏ فأُطلقت الدعوة في ذلك الوقت الى المزيد من الفاتحين!‏ فنظرنا آيلين وأنا واحدنا الى الآخر وقلنا بصوت موحّد (‏بالاضافة الى اخوة آخرين كثيرين في آن واحد)‏:‏ «ها نحن!‏».‏ وابتدأنا على الفور بصنع الخطط للقيام بعمل اكثر اهمية.‏

كان قد فُرض حظر على عمل شهود يهوه في كندا بدءا من ٤ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٤٠.‏ وعندما ابتدأنا بالفتح في ١ ايار (‏مايو)‏ ١٩٤٣،‏ كانت لا تزال الشهادة عن يهوه وتوزيع مطبوعات الجمعية في خدمة الحقل غير شرعيين.‏ وإذ كنا نُعرف بأننا مبشران مسيحيان،‏ لم نكن نحمل معنا سوى نسخنا الشخصية من ترجمة الملك جيمس للكتاب المقدس.‏ وبعد ايام قليلة من وصولنا الى تعييننا الاول كفاتحين في پاري ساوند،‏ اونتاريو،‏ أرسل مكتب الفرع ستيوارت مان،‏ فاتح ذو خبرة،‏ ليعمل في الحقل معنا.‏ يا له من تدبير حبي!‏ كان اسلوب الاخ مان لطيفا وابتسامته تعلو ثغره على الدوام.‏ فتعلمنا منه وقضينا وقتا جميلا معه.‏ لقد كنا نعقد عدة دروس في الكتاب المقدس عندما اعادت الجمعية تعييننا في مدينة هاملتون.‏ وبعد وقت قصير،‏ طُلب مني الالتحاق بالجيش،‏ رغم انني تخطيت السن القانونية لذلك.‏ فأدى رفضي الامتثال لهذا الطلب الى اعتقالي في ٣١ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٤٣.‏ وبعد الانتهاء من اجراءات المحكمة،‏ حُكم علي بالعمل في معسكر للخدمة البديلة حيث بقيت حتى آب (‏اغسطس)‏ ١٩٤٥.‏

بعد اطلاق سراحي،‏ حصلت وآيلين فورا على تعيين للخدمة كفاتحَين في كورنوول،‏ اونتاريو.‏ وبعيد ذلك،‏ ذهبنا الى مقاطعة كيبك ومعنا تفويض خصوصي من قسم القضايا القانونية للجمعية للعمل في محكمة الجزاء.‏ كان ذلك خلال عهد دوپلِسّي في كيبك،‏ حين كان اضطهاد شهود يهوه في أوجِه.‏ وكنت في ايام عديدة من كل اسبوع اجد نفسي في اربع محاكم مختلفة اساعد الاخوة.‏ كانت هذه اوقاتا مثيرة ومقوية للايمان.‏

بعد المحفل في كليڤلنْد سنة ١٩٤٦،‏ عُيِّنت في العمل الدائري والكوري،‏ الامر الذي جعلنا انا وزوجتي ننتقل من ساحل الى آخر.‏ كانت الامور تسير بسرعة.‏ وفي سنة ١٩٤٨،‏ دُعينا الى الصف الـ‍ ١١ لمدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ كان الأخوان ألبرت شرودر وماكسويل فرند اثنين من معلِّمينا،‏ وكان صفنا المؤلف من ١٠٨ تلاميذ يضم ٤٠ ممسوحا.‏ فلا شك ان هذا كان اختبارا غنيا ومكافئا بوجود اشخاص يخدمون يهوه منذ فترة طويلة!‏

ذات يوم زارنا الاخ نور من بروكلين.‏ وفي خطابه،‏ طلب ٢٥ متطوعا لتعلم اللغة اليابانية.‏ كل التلاميذ الـ‍ ١٠٨ تطوعوا!‏ وبقي على الرئيس اختيار مَن سيجري تعليمهم.‏ وأعتقد ان يهوه وجّه هذا الاختيار لأنه نجح الى حد كبير.‏ فكثيرون من الاخوة الـ‍ ٢٥ الذين اختيروا ونالوا في وقت لاحق امتياز افتتاح العمل في اليابان لا يزالون في تعيينهم،‏ ومع انهم كبار السن لا يزالون هناك.‏ اما البعض مثل لويد ومِلبا باري فنُقلا الى تعيينات اخرى.‏ كان لويد عضوا في الهيئة الحاكمة حتى مماته في السنة الماضية.‏ ونحن نبتهج جميعا بالمكافأة التي منحنا اياها يهوه.‏

جاء يوم التخرج وعُيِّنا في جامايكا.‏ ولكن بسبب التواريخ المعلَّقة للمحكمة في كيبك،‏ طُلب منا العودة الى كندا.‏

المزيد من الموسيقى!‏

صحيح انني تخليت عن الموسيقى من اجل خدمة الفتح،‏ ولكن بدا انها لم تتخلَّ عني.‏ ففي السنة التي تلت جاء رئيس الجمعية،‏ ناثان نور،‏ مع سكرتيره مِلتون هنشل،‏ الى ميدان ماپل ليف ڠاردنز،‏ تورونتو.‏ والخطاب العام الذي ألقاه الاخ نور بعنوان «الوقت متأخر اكثر مما تظنون!‏» اثار الجميع.‏ وللمرة الاولى دُعيت الى قيادة فرقة المحفل الموسيقية.‏ فأعدنا توزيع بعض الترانيم الشائعة من كتاب ترانيم خدمة الملكوت ‏(‏١٩٤٤)‏ على موسيقى الڤالْس.‏ وبدا انها راقت الاخوة.‏ عند انتهاء البرنامج يوم السبت بعد الظهر،‏ تدربنا على برنامجنا المُعَدّ ليوم الاحد.‏ وعندما لمحت الاخ هنشل آتيا باتجاهنا،‏ اوقفت الفرقة الموسيقية لأذهب لملاقاته.‏ فسأل:‏ «كم عازفا لديك في فرقتك هنا؟‏».‏ اجبته:‏ «نحو ٣٥ عازفا عندما يكون الجميع حاضرين».‏ فقال:‏ «سيكون لديك ضعف هذا العدد في الصيف المقبل في نيويورك».‏

ولكن قبل حلول ذلك الصيف دُعيت الى بروكلين.‏ لم تتمكن آيلين من مرافقتي في البداية بسبب بعض الظروف.‏ ولم يكن المبنى ١٢٤ كولومبيا هايتس الجديد مكتملا بعد،‏ لذلك عُيّن لي ان انام في المبنى الرئيسي،‏ في غرفة صغيرة مع اخوين ممسوحين:‏ الاخ پَين وكارل كلاين المسنين،‏ اللذين كنت التقيهما للمرة الاولى.‏ صحيح ان الغرفة كانت تضيق بنا لكننا كنا على انسجام تام.‏ وقد كان الاخوان الاكبر سنا طويلَي الاناة وأنا حاولت ألا اسبب لهما اي ازعاج!‏ فيا للمثال القيِّم لما يمكن ان يحققه روح الله.‏ وفضلا عن ذلك،‏ جلب لي لقاء الاخ كلاين والعمل معه الكثير من البركات!‏ فقد كان دائما لطيفا ومساعِدا.‏ عملنا معا بانسجام وصداقتنا الحميمة لا تزال قائمة منذ اكثر من ٥٠ سنة.‏

حظيت بامتياز تقديم المساعدة في مجال الموسيقى في محافل عُقدت في يانكي ستاديوم في السنوات ١٩٥٠،‏ ١٩٥٣،‏ ١٩٥٥،‏ و ١٩٥٨،‏ فضلا عن تولّي مسؤوليات تتعلق بالفرقة الموسيقية مع آل كاڤلن في المحفل الذي عُقد سنة ١٩٦٣ في مدرَّج روز بول في پاسادينا،‏ كاليفورنيا.‏ وأثناء المحفل سنة ١٩٥٣ في يانكي ستاديوم،‏ قُدّم برنامج موسيقي يوم الاحد قبل الخطاب العام.‏ فقدّم أريك فروست أَيْديت شيميونك (‏لاحقا ڤايڠنت)‏،‏ وهي مغنية سوپرانو،‏ التي غنّت قطعته الموسيقية بعنوان «الى الامام ايها الشهود!‏» بمصاحبة فرقتنا الموسيقية.‏ ثم ذهلنا بسماعنا،‏ وللمرة الاولى،‏ رخامة وعذوبة اصوات اخوتنا وأخواتنا الافريقيين.‏ فقد جلب المرسل هاري ارنوت شريطا مسجلا رائعا من روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏ لنتمتع بسماعه.‏ فملأ الصوت المدرَّج بكامله.‏

تسجيل كتاب ترانيم سنة ١٩٦٦

هل تتذكرون كتاب الترانيم ‏«مرنِّمين بمصاحبة الموسيقى في قلوبكم» ذا الغلاف المصنوع من الڤينيل القرنفلي؟‏ عندما شارف إعداد هذا الكتاب مرحلته النهائية،‏ قال الاخ نور:‏ «سنقوم ببعض التسجيلات.‏ اريد ان تؤلفوا فرقة موسيقية صغيرة،‏ تحوي آلات كمان معدودة وآلتَي ناي افرنجية.‏ ولا اريد استعمال البوق!‏».‏ كانت قاعة الملكوت في بيت ايل الاستوديو الذي سنستعمله،‏ ولكن كانت هنالك مشكلة بشأن استعمالها.‏ فماذا سيحصل عندما تعكس الصوتَ الحيطانُ العارية،‏ الارضيةُ المبلّطة والكراسي المعدنية القابلة للثني؟‏ مَن بإمكانه مساعدتنا على حل هذه المشاكل؟‏ اقترح احدنا:‏ «طومي ميتشل!‏ فهو يعمل في استوديوهات شبكة الـ‍ ‏C‏B‏A‏».‏ فاتصلنا بالاخ ميتشل الذي كان مسرورا بمساعدتنا.‏

في صباح اول يوم سبت معدّ للتسجيل،‏ وفيما كنا نحن الموسيقيين نتعرف واحدنا بالآخر،‏ كان احد الاخوة يحمل حقيبة آلة الترومبون ‏e‏n‏o‏b‏m‏o‏r‏t‏.‏ فتذكرت تحذير الاخ نور:‏ «لا اريد استعمال البوق!‏».‏ فماذا بإمكاني ان افعل؟‏ راقبت الاخ فيما كان يخرج آلته من الحقيبة،‏ يثبّت انابيبها،‏ ويبدأ بالتمرن.‏ كان هذا الاخ طوم ميتشل،‏ وكانت نوتاته القليلة الاولى جميلة.‏ فقد جعل الترومبون يصدر صوتا كالكمان!‏ ففكرت في نفسي:‏ ‹ان بقاء هذا الاخ ضروري!‏›،‏ الامر الذي لم يعارضه قط الاخ نور.‏

كانت هذه الفرقة مؤلفة من فريق رائع من موسيقيين بارعين كانوا ايضا اخوة وأخوات محبين.‏ فلم يكن هنالك مَن يحب البروز!‏ صحيح ان التسجيل كان عملا شاقا ولكن لم يتذمر احد.‏ وعندما انتهى العمل،‏ ذرفنا الدموع عندما حان وقت الفراق؛‏ ولا يزال المشتركون يتمتعون بصداقات متينة قد انحبكت في ما بينهم.‏ فكل واحد منا تمتع بهذا الامتياز،‏ وبفضل يهوه انجزنا العمل.‏

امتيازات مكافئة اضافية

بعد هذه السنوات العديدة،‏ لا ازال اتمتع بالخدمة كامل الوقت.‏ لقد قضيت ٢٨ سنة منها في العمل الدائري والكوري،‏ وكان كل منهما ممتعا.‏ وتلتها خمس سنوات في ادارة قاعة محافل نورڤل،‏ في اونتاريو.‏ فقد انشغلنا كثيرا آيلين وأنا اذ كان ينعقد محفل دائري في كل نهاية اسبوع فضلا عن محافل كورية بلغات اجنبية.‏ في سنتَي ١٩٧٩/‏١٩٨٠،‏ استعمل المهندسون قاعة المحافل هذه فيما كانوا يرسمون خريطة فرع الجمعية المستقبلي في هولتون هِلز.‏ وبعد عملنا في قاعة المحافل،‏ نلنا تعيينا آخر زاد اشتراكنا في مجال الموسيقى في بروكلين،‏ من سنة ١٩٨٢ حتى ١٩٨٤.‏

ماتت زوجتي العزيزة في ١٧ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٤،‏ بعد سبعة ايام فقط من ذكرى زواجنا الـ‍ ٥٩.‏ وكنا قد اكملنا معا ٥١ سنة كرَّسناها لخدمة الفتح.‏

اذ افكر في اختباراتي الكثيرة في الحياة،‏ اتذكر كم كان الكتاب المقدس ولا يزال مرشدا قيّما جدا.‏ احيانا استعمل الكتاب المقدس الشخصي الذي كانت تستعمله آيلين وأفرح كثيرا بملاحظة ما كان يمس قلبها:‏ آيات بكاملها،‏ عبارات محددة،‏ وكلمات كانت قد وضعت علامة عليها.‏ وكما كانت الحال مع آيلين،‏ هنالك آيات تحمل لي ايضا معنى خصوصيا.‏ ومن بينها هنالك المزمور الـ‍ ١٣٧‏،‏ الذي يذكر هذه الصلاة الجميلة ليهوه:‏ «ان نسيتك يا اورشليم فلأخسر قدرتي ان اعزف على العود!‏ ولأخسر موهبة الغناء ان لم اذكرك ان لم اعتبرك اعظم فرحي!‏».‏ (‏مزمور ١٣٧:‏٥،‏ ٦‏،‏ الترجمة الانكليزية الحديثة‏)‏ صحيح انني احب الموسيقى،‏ لكن مصدر فرحي الاعظم هو الولاء في خدمة يهوه،‏ الذي كافأني بحياة ممتعة ومكافئة.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 5‏ اوضح عدد ١/‏٧٤ من برج المراقبة لماذا يلزم،‏ مذاك فصاعدا،‏ ان يقلع المرء عن التدخين قبل تمكنه من المعمودية والصيرورة واحدا من شهود يهوه.‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٨]‏

مع آيلين سنة ١٩٤٧

‏[الصورة في الصفحة ٣٠]‏

في احدى مراحل التسجيل الاولى