الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

‏«لا تبادلوا احدا سوءا بسوء»‏

‏«لا تبادلوا احدا سوءا بسوء»‏

‏«‏لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ»‏

‏«لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ.‏ اِحْرِصُوا أَنْ تَعْمَلُوا أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ».‏ —‏ روما ١٢:‏١٧‏.‏

١ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلتَّصَرُّفَاتِ هُوَ شَائِعٌ بَيْنَ ٱلنَّاسِ؟‏

عِنْدَمَا يَدْفَعُ وَلَدٌ صَغِيرٌ شَقِيقَهُ،‏ غَالِبًا مَا يُبَادِرُ هذَا ٱلْأَخِيرُ إِلَى ٱلرَّدِّ بِٱلْمِثْلِ.‏ وَمِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ هذَا ٱلتَّصَرُّفَ ٱلِٱنْتِقَامِيَّ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى ٱلصِّغَارِ،‏ بَلْ يَتَعَدَّاهُ إِلَى ٱلْكِبَارِ أَيْضًا.‏ فَكَثِيرُونَ مِنْهُمْ يَرُدُّونَ ٱلصَّاعَ بِٱلصَّاعِ حِينَ يُغِيظُهُمْ أَحَدٌ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُمْ لَا يَتَدَافَعُونَ عَلَى طَرِيقَةِ ٱلصِّغَارِ،‏ لكِنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ بِطَرَائِقَ أَكْثَرَ مَكْرًا.‏ فَرُبَّمَا يُثَرْثِرُونَ عَلَى ٱلطَّرَفِ ٱلْآخَرِ بِهَدَفِ إِيذَائِهِ أَوْ يَسْعَوْنَ بِشَتَّى ٱلطُّرُقِ إِلَى عَرْقَلَةِ مَسْعَاهُ فِي ٱلْحَيَاةِ.‏ وَلكِنْ مَهْمَا تَعَدَّدَتِ ٱلْوَسَائِلُ ٱلَّتِي يَسْتَخْدِمُونَهَا يَبْقَى ٱلْهَدَفُ وَاحِدًا:‏ أَنْ يَرُدُّوا بِٱلْمِثْلِ،‏ أَوْ بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى،‏ أَنْ يَنْتَقِمُوا مِنَ ٱلْفَاعِلِ.‏

٢ (‏أ)‏ لِمَاذَا يُجَاهِدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ لِئَلَّا يَسْتَسْلِمُوا لِحُبِّ ٱلِٱنْتِقَامِ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ سَتُجِيبُ عَنْهَا هذِهِ ٱلْمَقَالَةُ،‏ وَفِي أَيِّ إِصْحَاحٍ سَنَتَأَمَّلُ؟‏

٢ رَغْمَ أَنَّ حُبَّ ٱلِٱنْتِقَامِ مُتَأَصِّلٌ فِي ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ،‏ يُجَاهِدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ لِئَلَّا يَسْتَسْلِمُوا لِهذِهِ ٱلرَّغْبَةِ.‏ فَهُمْ يَسْعَوْنَ إِلَى تَطْبِيقِ نَصِيحَةِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ:‏ «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ».‏ (‏روما ١٢:‏١٧‏)‏ فَمَا ٱلَّذِي يَدْفَعُنَا إِلَى ٱلْعَيْشِ بِمُوجِبِ هذَا ٱلْمِقْيَاسِ ٱلرَّفِيعِ؟‏ مَنْ بِشَكْلٍ خُصُوصِيٍّ لَا يَجِبُ أَنْ نُبَادِلَهُ ٱلسُّوءَ بِٱلسُّوءِ؟‏ وَأَيَّةُ فَوَائِدَ تَنْتِجُ حِينَ نَمْتَنِعُ عَنِ ٱلرَّدِّ بِٱلْمِثْلِ؟‏ لِلْإِجَابَةِ عَنْ هذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ،‏ لِنَتَفَحَّصْ سِيَاقَ كَلِمَاتِ بُولُسَ وَنَرَ كَيْفَ يُظْهِرُ لَنَا ٱلْإِصْحَاحُ ١٢ مِنْ رُومَا أَنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ،‏ حُبِّيٌّ،‏ وَيَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ.‏ وَسَنَتَنَاوَلُ هذِهِ ٱلْأَوْجُهَ ٱلثَّلَاثَةَ ٱلْوَاحِدَ تِلْوَ ٱلْآخَرِ.‏

‏«إِنِّي أُنَاشِدُكُمْ إِذًا»‏

٣،‏ ٤ (‏أ)‏ مَاذَا يُنَاقِشُ بُولُسُ اِبْتِدَاءً مِنْ رُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢‏،‏ وَمَا هُوَ مَدْلُولُ ٱلْكَلِمَةِ «إِذًا»؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ أَثَرٍ وَجَبَ أَنْ تَتْرُكَهُ رَأْفَةُ ٱللهِ فِي ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا؟‏

٣ اِبْتِدَاءً مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ ١٢،‏ يُنَاقِشُ بُولُسُ أَرْبَعَةَ مَوَاضِيعَ مُتَرَابِطَةً تُؤَثِّرُ فِي حَيَاةِ ٱلْمَسِيحِيِّ إِذْ يَتَحَدَّثُ عَنْ عَلَاقَتِنَا مَعَ يَهْوَه،‏ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ وَٱلسُّلُطَاتِ ٱلْحُكُومِيَّةِ.‏ فَفِي ٱلْعَدَدِ ٱلْأَوَّلِ،‏ يُلَمِّحُ إِلَى سَبَبٍ أَسَاسِيٍّ يَدْفَعُنَا إِلَى مُقَاوَمَةِ ٱلْمُيُولِ ٱلْخَاطِئَةِ،‏ بِمَا فِيهَا حُبُّ ٱلِٱنْتِقَامِ،‏ حِينَ يَقُولُ:‏ «إِنِّي أُنَاشِدُكُمْ إِذًا،‏ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ،‏ بِرَأْفَةِ ٱللهِ».‏ (‏روما ١٢:‏١‏)‏ لَاحِظِ ٱلْكَلِمَةَ «إِذًا» ٱلَّتِي يَدُلُّ مَعْنَاهَا عَلَى سَبَبٍ سَبَقَ ذِكْرُهُ.‏ فَكَأَنَّ بُولُسَ يَقُولُ:‏ ‹بِٱلنَّظَرِ إِلَى مَا سَبَقْتُ وَأَوْضَحْتُهُ قَبْلَ قَلِيلٍ،‏ أُنَاشِدُكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا مَا سَأَطْلُبُهُ مِنْكُمُ ٱلْآنَ›.‏ وَلكِنْ مَا ٱلَّذِي سَبَقَ وَأَوْضَحَهُ بُولُسُ لِهؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا؟‏

٤ فِي ٱلْإِصْحَاحَاتِ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ ٱلْأُولَى مِنْ هذِهِ ٱلرِّسَالَةِ،‏ نَاقَشَ بُولُسُ ٱلْفُرْصَةَ ٱلرَّائِعَةَ ٱلَّتِي أُتِيحَتْ لِلْيَهُودِ وَٱلْأُمَمِ عَلَى ٱلسَّوَاءِ أَنْ يَصِيرُوا حُكَّامًا مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي مَلَكُوتِ ٱللهِ،‏ رَجَاءٌ رَفَضَتْهُ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ ٱلطَّبِيعِيَّةُ.‏ (‏روما ١١:‏١٣-‏٣٦‏)‏ وَهذَا ٱلرَّجَاءُ ٱلثَّمِينُ لَمْ يَصِرْ مُمْكِنًا إِلَّا «بِرَأْفَةِ ٱللهِ».‏ فَكَيْفَ لَزِمَ أَنْ يَتَجَاوَبَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مَعَ نِعْمَةِ ٱللهِ ٱلْعَظِيمَةِ هذِهِ؟‏ كَانَ يَجِبُ أَنْ تَفِيضَ قُلُوبُهُمْ بِٱلشُّكْرِ ٱلْعَمِيقِ بِحَيْثُ يَنْدَفِعُونَ إِلَى فِعْلِ مَا كَانَ بُولُسُ سَيَطْلُبُهُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ.‏ فَقَدْ أَوْصَاهُمْ:‏ «قَرِّبُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَقْبُولَةً عِنْدَ ٱللهِ،‏ خِدْمَةً مُقَدَّسَةً بِقُوَّتِكُمُ ٱلْعَقْلِيَّةِ».‏ (‏روما ١٢:‏١‏)‏ وَلكِنْ كَيْفَ كَانَ هؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ سَيُقَرِّبُونَ أَجْسَادَهُمْ «ذَبِيحَةً» للهِ؟‏

٥ (‏أ)‏ كَيْفَ يُقَرِّبُ ٱلْمَسِيحِيُّ جَسَدَهُ «ذَبِيحَةً» للهِ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ مَبْدَإٍ يَجِبُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي تَصَرُّفَاتِ ٱلْمَسِيحِيِّ؟‏

٥ أَوْضَحَ بُولُسُ قَائِلًا:‏ «كُفُّوا عَنْ مُشَاكَلَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا،‏ بَلْ غَيِّرُوا شَكْلَكُمْ بِتَغْيِيرِ ذِهْنِكُمْ،‏ لِتَتَبَيَّنُوا بِٱلِٱخْتِبَارِ مَا هِيَ مَشِيئَةُ ٱللهِ ٱلصَّالِحَةُ ٱلْمَقْبُولَةُ ٱلْكَامِلَةُ».‏ (‏روما ١٢:‏٢‏)‏ فَقَدْ لَزِمَ أَنْ يُغَيِّرَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ذِهْنَهُمْ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُنْسَجِمًا مَعَ فِكْرِ ٱلْمَسِيحِ بَدَلَ أَنْ يَسْمَحُوا لِرُوحِ ٱلْعَالَمِ بِأَنْ يَصُوغَ تَفْكِيرَهُمْ.‏ (‏١ كورنثوس ٢:‏١٦؛‏ فيلبي ٢:‏٥‏)‏ وَفِي زَمَنِنَا أَيْضًا،‏ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَثِّرَ هذَا ٱلْمَبْدَأُ يَوْمِيًّا فِي تَصَرُّفَاتِ كُلِّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ،‏ بِمَنْ فِيهِمْ نَحْنُ.‏

٦ بِنَاءً عَلَى تَحْلِيلِ بُولُسَ فِي روما ١٢:‏١ وَ ٢‏،‏ مَاذَا يَدْفَعُنَا إِلَى مُقَاوَمَةِ رُوحِ ٱلِٱنْتِقَامِ؟‏

٦ وَكَيْفَ يُسَاعِدُنَا تَحْلِيلُ بُولُسَ فِي روما ١٢:‏١ وَ ٢ فِي هذَا ٱلْخُصُوصِ؟‏ عَلَى غِرَارِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ بِٱلرُّوحِ فِي رُومَا،‏ نَحْنُ نَشْكُرُ ٱللهَ مِنْ أَعْمَاقِ قُلُوبِنَا عَلَى أَعْمَالِ ٱلرَّأْفَةِ ٱلْمُتَنَوِّعَةِ وَٱلْمُتَوَاصِلَةِ ٱلَّتِي قَامَ وَلَا يَزَالُ يَقُومُ بِهَا يَهْوَه مِنْ أَجْلِنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ حَيَاتِنَا.‏ بِٱلنَّظَرِ إِلَى ذلِكَ،‏ تَدْفَعُنَا قُلُوبُنَا ٱلْمُفْعَمَةُ بِٱلشُّكْرِ إِلَى خِدْمَتِهِ بِكُلِّ قُوَّتِنَا وَمَوَارِدِنَا وَطَاقَتِنَا.‏ وَتَحُثُّنَا هذِهِ ٱلرَّغْبَةُ ٱلْقَلْبِيَّةُ عَلَى بَذْلِ كُلِّ مَا فِي وُسْعِنَا لِنُفَكِّرَ كَمَا يُفَكِّرُ ٱلْمَسِيحُ،‏ لَا كَمَا يُفَكِّرُ ٱلْعَالَمُ.‏ وَحِيَازَتُنَا فِكْرَ ٱلْمَسِيحِ تُؤَثِّرُ فِي تَعَامُلَاتِنَا مَعَ ٱلْآخَرِينَ،‏ سَوَاءٌ كَانُوا مُؤْمِنِينَ أَوْ لَا.‏ (‏غلاطية ٥:‏٢٥‏)‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ إِذَا كُنَّا نُفَكِّرُ مِثْلَ ٱلْمَسِيحِ نَنْدَفِعُ إِلَى مُقَاوَمَةِ رُوحِ ٱلِٱنْتِقَامِ.‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏٢١-‏٢٣‏.‏

‏«لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بِلَا رِيَاءٍ»‏

٧ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ يَتَحَدَّثُ عَنْهُ بُولُسُ فِي رُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢‏؟‏

٧ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى عَدَمِ مُبَادَلَةِ ٱلسُّوءِ بِٱلسُّوءِ لِأَنَّهُ مَسْلَكٌ صَائِبٌ،‏ نَحْنُ نَمْتَنِعُ عَنْ فِعْلِ ذلِكَ تَعْبِيرًا عَنْ مَحَبَّتِنَا لِلْآخَرِينَ.‏ لَاحِظْ كَيْفَ يَتَحَدَّثُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ٱلْآنَ عَنْ دَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ.‏ فَفِي ٱلرِّسَالَةِ إِلَى أَهْلِ رُومَا،‏ يَسْتَخْدِمُ كَلِمَةَ «ٱلْمَحَبَّةِ» (‏باليونانية أَغاپِه‏)‏ عِدَّةَ مَرَّاتٍ بِٱلْإِشَارَةِ إِلَى مَحَبَّةِ ٱللهِ وَمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ.‏ (‏روما ٥:‏٥،‏ ٨؛‏ ٨:‏٣٥،‏ ٣٩‏)‏ وَلكِنْ فِي ٱلْإِصْحَاحِ ١٢‏،‏ يَسْتَخْدِمُ ٱلْكَلِمَةَ أَغاپِه بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ مُشِيرًا إِلَى ٱلْمَحَبَّةِ لِلرُّفَقَاءِ ٱلْبَشَرِ.‏ فَبَعْدَ ٱلْقَوْلِ إِنَّ ٱلْمَوَاهِبَ ٱلرُّوحِيَّةَ تَخْتَلِفُ وَإِنَّ بَعْضَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أُنْعِمَ عَلَيْهِمْ بِمَوَاهِبَ مُعَيَّنَةٍ،‏ يَتَحَدَّثُ بُولُسُ عَنْ صِفَةٍ يَجِبُ أَنْ يُنَمِّيَهَا كُلُّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ قَائِلًا:‏ «لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بِلَا رِيَاءٍ».‏ (‏روما ١٢:‏٤-‏٩‏)‏ فَإِظْهَارُ ٱلْمَحَبَّةِ لِلْآخَرِينَ هُوَ سِمَةٌ أَسَاسِيَّةٌ تُمَيِّزُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ.‏ (‏مرقس ١٢:‏٢٨-‏٣١‏)‏ وَفِي هذِهِ ٱلْآيَةِ،‏ يَحُثُّنَا بُولُسُ أَنْ نَحْرِصَ عَلَى إِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلصَّادِقَةِ.‏

٨ كَيْفَ نُظْهِرُ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلْعَدِيمَةَ ٱلرِّيَاءِ؟‏

٨ يَذْكُرُ بُولُسُ بَعْدَ ذلِكَ كَيْفَ يُمْكِنُ إِظْهَارُ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْعَدِيمَةِ ٱلرِّيَاءِ قَائِلًا:‏ «اُمْقُتُوا مَا هُوَ شَرٌّ،‏ وَٱلْتَصِقُوا بِمَا هُوَ صَالِحٌ».‏ (‏روما ١٢:‏٩‏)‏ لَاحِظِ ٱلْكَلِمَتَيْنِ ٱلْقَوِيَّتَيْنِ «ٱمْقُتُوا» وَ «ٱلْتَصِقُوا» ٱلْمُسْتَخْدَمَتَيْنِ فِي هذِهِ ٱلْآيَةِ.‏ فَٱلْكَلِمَةُ «ٱمْقُتُوا» يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهَا إِلَى «أَبْغِضُوا أَشَدَّ ٱلْبُغْضِ».‏ فَعَلَيْنَا أَلَّا نُبْغِضَ عَوَاقِبَ ٱلشَّرِّ فَحَسْبُ،‏ بَلِ ٱلشَّرَّ بِحَدِّ ذَاتِهِ.‏ (‏مزمور ٩٧:‏١٠‏)‏ وَٱلْعِبَارَةُ «ٱلْتَصِقُوا بِمَا هُوَ صَالِحٌ» تَعْنِي أَنَّ ٱلْمَسِيحِيَّ ٱلَّذِي يَتَّصِفُ بِٱلْمَحَبَّةِ ٱلْأَصِيلَةِ يَكُونُ مُتَشَبِّثًا بِٱلصَّلَاحِ،‏ مُتَعَلِّقًا بِهِ تَعَلُّقًا شَدِيدًا،‏ بِحَيْثُ يُصْبِحُ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ شَخْصِيَّتِهِ.‏

٩ أَيُّ نُصْحٍ يُقَدِّمُهُ لَنَا بُولُسُ مِرَارًا عَدِيدَةً؟‏

٩ بَعْدَ ذلِكَ،‏ يُشِيرُ بُولُسُ مِرَارًا عَدِيدَةً إِلَى إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ ٱلْخُصُوصِيَّةِ لِإِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ.‏ فَهُوَ يَقُولُ:‏ «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ.‏ بَارِكُوا وَلَا تَلْعَنُوا»،‏ «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ»،‏ «لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ»،‏ «لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ،‏ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ».‏ (‏روما ١٢:‏١٤،‏ ١٧-‏١٩،‏ ٢١‏)‏ إِنَّ كَلِمَاتِ بُولُسَ هذِهِ لَا تَدَعُنَا فِي حَيْرَةٍ بِحَيْثُ لَا نَعْرِفُ كَيْفَ يَلْزَمُ أَنْ نُعَامِلَ غَيْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ،‏ حَتَّى ٱلْمُقَاوِمِينَ بَيْنَهُمْ.‏

‏«بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ»‏

١٠ بِأَيَّةِ طَرِيقَةٍ نُبَارِكُ مُضْطَهِدِينَا؟‏

١٠ كَيْفَ نُطَبِّقُ نَصِيحَةَ بُولُسَ:‏ «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ»؟‏ (‏روما ١٢:‏١٤‏)‏ قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ:‏ «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ وَصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ».‏ (‏متى ٥:‏٤٤؛‏ لوقا ٦:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ إِذًا،‏ إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ لِمُبَارَكَةِ مُضْطَهِدِينَا هِيَ أَنْ نُصَلِّيَ مِنْ أَجْلِهِمْ طَالِبِينَ مِنْ يَهْوَه أَنْ يَفْتَحَ عَيْنَيِ ٱلَّذِينَ يُقَاوِمُونَنَا عَنْ جَهْلٍ بِحَيْثُ يَرَوْنَ ٱلْحَقَّ.‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏٤‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ هذَا ٱلطَّلَبَ قَدْ يَبْدُو غَرِيبًا،‏ وَلكِنْ كُلَّمَا تَشَبَّهْنَا بِفِكْرِ ٱلْمَسِيحِ صِرْنَا أَكْثَرَ قُدْرَةً عَلَى إِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ لِأَعْدَائِنَا.‏ (‏لوقا ٢٣:‏٣٤‏)‏ وَمَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتِجَ عَنْ إِظْهَارِ هذِهِ ٱلْمَحَبَّةِ؟‏

١١ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ إِسْتِفَانُوسَ؟‏ (‏ب)‏ عَلَى غِرَارِ مَا حَصَلَ مَعَ بُولُسَ،‏ أَيُّ تَغْيِيرٍ قَدْ يَطْرَأُ عَلَى مَوْقِفِ بَعْضِ ٱلْمُضْطَهِدِينَ؟‏

١١ كَانَ إِسْتِفَانُوسُ أَحَدَ ٱلَّذِينَ صَلَّوْا لِأَجْلِ مُضْطَهِدِيهِمْ،‏ وَلَمْ تَذْهَبْ صَلَاتُهُ هَبَاءً.‏ فَبُعَيْدَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ ب‌م،‏ ٱعْتَقَلَهُ مُقَاوِمُو ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَجَرُّوهُ إِلَى خَارِجِ أُورُشَلِيمَ وَرَجَمُوهُ.‏ وَقَبْلَ أَنْ يَمُوتَ،‏ صَرَخَ بِصَوْتٍ قَوِيٍّ:‏ «يَا يَهْوَهُ،‏ لَا تَحْسُبْ عَلَيْهِمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ».‏ (‏اعمال ٧:‏٥٨–‏٨:‏١‏)‏ وَأَحَدُ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ صَلَّى لِأَجْلِهِمْ فِي ذلِكَ ٱلْيَوْمِ هُوَ شَاوُلُ ٱلَّذِي شَهِدَ مَقْتَلَهُ وَكَانَ رَاضِيًا بِذلِكَ.‏ وَلكِنْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ ظَهَرَ يَسُوعُ ٱلْمُقَامُ لِشَاوُلَ.‏ فَصَارَ هذَا ٱلْمُضْطَهِدُ ٱلسَّابِقُ مِنْ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ وَعُرِفَ بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ وَقَدْ كَتَبَ بُولُسُ ٱلرِّسَالَةَ إِلَى أَهْلِ رُومَا ٱلَّتِي نُنَاقِشُ جُزْءًا مِنْهَا ٱلْآنَ.‏ (‏اعمال ٢٦:‏١٢-‏١٨‏)‏ وَٱسْتِجَابَةً لِصَلَاةِ إِسْتِفَانُوسَ،‏ يَبْدُو أَنَّ يَهْوَه سَامَحَ بُولُسَ عَلَى خَطِيَّةِ ٱضْطِهَادِ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ.‏ (‏١ تيموثاوس ١:‏١٢-‏١٦‏)‏ وَلَا عَجَبَ أَنَّ بُولُسَ نَفْسَهُ حَثَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ:‏ «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ».‏ فَقَدْ عَرَفَ مِنِ ٱخْتِبَارِهِ ٱلشَّخْصِيِّ أَنَّ بَعْضَ ٱلْمُضْطَهِدِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرُوا خُدَّامًا للهِ.‏ وَفِي أَيَّامِنَا أَيْضًا،‏ يَصِيرُ بَعْضُ ٱلْمُضْطَهِدِينَ أَشْخَاصًا مُؤْمِنِينَ حِينَ يُلَاحِظُونَ تَصَرُّفَاتِ خُدَّامِ يَهْوَه ٱلْمُسَالِمِينَ.‏

‏«سَالِمُوا جَمِيعَ ٱلنَّاسِ»‏

١٢ مَا ٱلْعَلَاقَةُ بَيْنَ روما ١٢:‏٩ وَ ١٢:‏١٧‏؟‏

١٢ يُقَدِّمُ بُولُسُ بَعْدَ ذلِكَ نَصِيحَةً حَوْلَ مُعَامَلَةِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَائِلًا:‏ «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ».‏ إِنَّ هذِهِ ٱلْعِبَارَةَ هِيَ ٱلنَّتِيجَةُ ٱلْمَنْطِقِيَّةُ لِمَا ذَكَرَهُ سَابِقًا،‏ أَيْ:‏ «اُمْقُتُوا مَا هُوَ شَرٌّ».‏ فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يَقُولَ ٱلْمَرْءُ إِنَّهُ يَمْقُتُ حَقًّا مَا هُوَ شَرٌّ إِذَا كَانَ يَلْجَأُ إِلَيْهِ لِلِٱنْتِقَامِ مِنَ ٱلْآخَرِينَ؟‏!‏ فَفِعْلُ ذلِكَ هُوَ نَقِيضُ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي «بِلَا رِيَاءٍ».‏ وَبَعْدَ ذلِكَ،‏ يَنْصَحُنَا بُولُسُ:‏ «اِحْرِصُوا أَنْ تَعْمَلُوا أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ».‏ (‏روما ١٢:‏٩،‏ ١٧‏)‏ فَكَيْفَ نُطَبِّقُ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ؟‏

١٣ كَيْفَ ‹نَعْمَلُ أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ›؟‏

١٣ فِي رِسَالَةٍ سَابِقَةٍ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ،‏ كَتَبَ بُولُسُ عَنِ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلَّذِي وَاجَهَهُ ٱلرُّسُلُ قَائِلًا:‏ «صِرْنَا مَشْهَدًا مَسْرَحِيًّا لِلْعَالَمِ وَٱلْمَلَائِكَةِ وَٱلنَّاسِ.‏ .‏ .‏ .‏ نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ،‏ نُضْطَهَدُ فَنَتَحَمَّلُ،‏ تُشَوَّهُ سُمْعَتُنَا فَنَتَوَسَّلُ».‏ (‏١ كورنثوس ٤:‏٩-‏١٣‏)‏ عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ ٱلْيَوْمَ،‏ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ هُمْ مَحَطُّ أَنْظَارِ ٱلْعَالَمِ.‏ وَحِينَ يُلَاحِظُ ٱلنَّاسُ حَوْلَنَا ٱلْأُمُورَ ٱلْحَسَنَةَ ٱلَّتِي نَعْمَلُهَا رَغْمَ ٱلْمُعَامَلَةِ ٱلظَّالِمَةِ ٱلَّتِي نَلْقَاهَا،‏ قَدْ يَنْدَفِعُونَ إِلَى ٱلتَّجَاوُبِ مَعَ رِسَالَتِنَا ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏١٢‏.‏

١٤ إِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْبَغِي أَنْ نَسْعَى إِلَى مُسَالَمَةِ ٱلْآخَرِينَ؟‏

١٤ وَلكِنْ إِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْبَغِي أَنْ نَسْعَى إِلَى تَرْوِيجِ ٱلسَّلَامِ؟‏ إِلَى أَقْصَى حَدٍّ مُمْكِنٍ.‏ يُوصِي بُولُسُ إِخْوَتَهُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ:‏ «إِنْ كَانَ مُمْكِنًا،‏ فَعَلَى قَدْرِ مَا يَكُونُ ٱلْأَمْرُ بِيَدِكُمْ،‏ سَالِمُوا جَمِيعَ ٱلنَّاسِ».‏ (‏روما ١٢:‏١٨‏)‏ تُشِيرُ ٱلْعِبَارَتَانِ «إِنْ كَانَ مُمْكِنًا» وَ «عَلَى قَدْرِ مَا يَكُونُ ٱلْأَمْرُ بِيَدِكُمْ» أَنَّ مُسَالَمَةَ ٱلْآخَرِينَ لَيْسَتْ دَائِمًا أَمْرًا مُمْكِنًا.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ نَحْنُ لَا نُخَالِفُ وَصَايَا ٱللهِ لِكَيْ نُحَافِظَ عَلَى ٱلسَّلَامِ مَعَ ٱلْآخَرِينَ.‏ (‏متى ١٠:‏٣٤-‏٣٦؛‏ عبرانيين ١٢:‏١٤‏)‏ لكِنَّنَا نَفْعَلُ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا إِلَى ٱلْحَدِّ ٱلْمَعْقُولِ لِكَيْ نُسَالِمَ «جَمِيعَ ٱلنَّاسِ» دُونَ أَنْ نُسَايِرَ عَلَى حِسَابِ ٱلْمَبَادِئِ ٱلْبِارَّةِ.‏

‏«‏لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ»‏

١٥ أَيَّةُ حُجَّةٍ تَرِدُ فِي روما ١٢:‏١٩ تُلْزِمُنَا أَلَّا نَنْتَقِمَ لِأَنْفُسِنَا؟‏

١٥ يُقَدِّمُ بُولُسُ حُجَّةً أُخْرَى تُلْزِمُنَا أَلَّا نَنْتَقِمَ لِأَنْفُسِنَا،‏ إِذْ يُشِيرُ أَنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ يَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ.‏ فَهُوَ يَقُولُ:‏ «لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ،‏ بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلسُّخْطِ،‏ لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:‏ ‹لِي ٱلِٱنْتِقَامُ،‏ أَنَا أُجَازِي،‏ يَقُولُ يَهْوَهُ›».‏ (‏روما ١٢:‏١٩‏)‏ فَٱلْمَسِيحِيُّ ٱلَّذِي يُحَاوِلُ أَنْ يَنْتَقِمَ لِنَفْسِهِ هُوَ شَخْصٌ مُجْتَرِئٌ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَلَى عَاتِقِهِ مُهِمَّةً لَيْسَتْ لَهُ بَلْ للهِ.‏ (‏متى ٧:‏١‏)‏ كَمَا أَنَّ تَوَلِّيَهُ ٱلْمَسْأَلَةَ هُوَ بِنَفْسِهِ يُظْهِرُ ٱفْتِقَارَهُ إِلَى ٱلْإِيمَانِ بِكَلَامِ يَهْوَه ٱلَّذِي يُؤَكِّدُ لَنَا:‏ «أَنَا أُجَازِي».‏ وَبِٱلتَّبَايُنِ،‏ يَثِقُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ أَنَّ يَهْوَه سَوْفَ «يُجْرِي .‏ .‏ .‏ ٱلْعَدْلَ لِمُخْتَارِيهِ».‏ (‏لوقا ١٨:‏٧،‏ ٨؛‏ ٢ تسالونيكي ١:‏٦-‏٨‏)‏ فَهُمْ يَدَعُونَ ٱلِٱنْتِقَامَ لَهُ مُعْرِبِينَ بِذلِكَ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ.‏ —‏ ارميا ٣٠:‏٢٣،‏ ٢٤؛‏ روما ١:‏١٨‏.‏

١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ مَاذَا تَعْنِي ٱلْعِبَارَةُ «تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ»؟‏ (‏ب)‏ اُذْكُرُوا مِنِ ٱخْتِبَارِكُمُ ٱلشَّخْصِيِّ حَادِثَةً تُظْهِرُ كَيْفَ يُلَيِّنُ ٱللُّطْفُ قُلُوبَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.‏

١٦ غَالِبًا مَا يُقَسِّي ٱلِٱنْتِقَامُ قَلْبَ ٱلْمُقَاوِمِينَ فِي حِينِ أَنَّ مُعَامَلَتَهُمْ بِلُطْفٍ قَدْ تُلَيِّنُ مَوْقِفَهُمْ.‏ لِمَاذَا؟‏ لَاحِظْ كَلِمَاتِ بُولُسَ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا.‏ فَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ:‏ «إِذَا جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ،‏ وَإِذَا عَطِشَ فَٱسْقِهِ؛‏ فَإِنَّكَ بِفِعْلِكَ هٰذَا تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ».‏ (‏روما ١٢:‏٢٠؛‏ امثال ٢٥:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ وَمَا مَغْزَى هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ؟‏

١٧ إِنَّ ٱلْعِبَارَةَ «تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ» هِيَ صُورَةٌ كَلَامِيَّةٌ مُسْتَوْحَاةٌ مِنَ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي ٱتُّبِعَتْ فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِتَنْقِيَةِ ٱلْمَعَادِنِ.‏ فَقَدْ كَانَ ٱلْمَعْدِنُ ٱلْخَامُ يُوضَعُ فِي فُرْنٍ وَتُوضَعُ تَحْتَهُ طَبَقَةٌ مِنَ ٱلْجَمْرِ.‏ وَكَانَتْ تُكَوَّمُ فَوْقَهُ أَيْضًا طَبَقَةٌ أُخْرَى مِنَ ٱلْجَمْرِ تَزِيدُ مِنْ تَوَهُّجِ ٱلنَّارِ بِحَيْثُ يَذُوبُ ٱلْمَعْدِنُ ٱلصُّلْبُ وَتَنْفَصِلُ عَنْهُ ٱلشَّوَائِبُ.‏ وَبِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ إِذَا قُمْنَا بِأَعْمَالٍ حَسَنَةٍ لِأَجْلِ شَخْصٍ مُقَاوِمٍ،‏ فَقَدْ «يَذُوبُ» ٱلتَّصَلُّبُ فِي مَوْقِفِهِ وَتَظْهَرُ ٱلصِّفَاتُ ٱلْجَيِّدَةُ فِي شَخْصِيَّتِهِ.‏ (‏٢ ملوك ٦:‏١٤-‏٢٣‏)‏ وَفِي ٱلْحَقِيقَةِ،‏ ٱنْجَذَبَ كَثِيرُونَ إِلَى ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ وَصَارُوا جُزْءًا مِنَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ لِأَنَّهُمْ تَأَثَّرُوا بِأَعْمَالِ خُدَّامِ يَهْوَه ٱلْحَسَنَةِ مِنْ أَجْلِهِمْ.‏

لِمَاذَا نَمْتَنِعُ عَنِ ٱلِٱنْتِقَامِ

١٨ لِمَاذَا عَدَمُ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ،‏ حُبِّيٌّ،‏ وَيَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ؟‏

١٨ لَقَدِ ٱسْتَعْرَضْنَا مِنْ خِلَالِ هذِهِ ٱلْمُنَاقَشَةِ ٱلْمُوجَزَةِ لِرُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢ أَسْبَابًا وَجِيهَةً تُظْهِرُ لِمَاذَا لَا ‹نُبَادِلُ أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ›.‏ أَوَّلًا،‏ إِنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ.‏ فَبِٱلنَّظَرِ إِلَى رَأْفَةِ ٱللهِ نَحْوَنَا،‏ مِنَ ٱلصَّوَابِ أَنْ نُقَدِّمَ أَنْفُسَنَا لِيَهْوَه وَنُطِيعَ وَصَايَاهُ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ،‏ بِمَا فِيهَا ٱلْوَصِيَّةُ أَنْ نُحِبَّ أَعْدَاءَنَا.‏ ثَانِيًا،‏ إِنَّ عَدَمَ مُبَادَلَةِ ٱلسُّوءِ بِٱلسُّوءِ هُوَ مَسْلَكٌ حُبِّيٌّ.‏ فَبِعَدَمِ ٱلِٱنْتِقَامِ وَتَرْوِيجِ ٱلسَّلَامِ نَرْجُو بِمَحَبَّةٍ أَنْ نُسَاعِدَ حَتَّى أَشْرَسَ ٱلْمُقَاوِمِينَ أَنْ يَصِيرُوا عُبَّادًا لِيَهْوَه.‏ ثَالِثًا،‏ إِنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ يَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ.‏ فَٱلرَّدُّ بِٱلْمِثْلِ يَدُلُّ أَنَّنَا أَشْخَاصٌ مُجْتَرِئُونَ لِأَنَّ يَهْوَه يَقُولُ:‏ «لِي ٱلِٱنْتِقَامُ».‏ وَتُحَذِّرُنَا كَلِمَةُ ٱللهِ أَيْضًا:‏ «يَأْتِي ٱلِٱجْتِرَاءُ فَيَأْتِي ٱلْهَوَانُ.‏ أَمَّا ٱلْحِكْمَةُ فَمَعَ ٱلْمُحْتَشِمِينَ».‏ (‏امثال ١١:‏٢‏)‏ فَتَرْكُ ٱلِٱنْتِقَامِ للهِ بِحِكْمَةٍ يُظْهِرُ أَنَّنَا نَتَّصِفُ بِٱلِٱحْتِشَامِ.‏

١٩ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟‏

١٩ يُلَخِّصُ بُولُسُ مُنَاقَشَتَهُ حَوْلَ ٱلتَّعَامُلِ مَعَ ٱلْآخَرِينَ بِهذَا ٱلْحَضِّ:‏ «لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ،‏ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ».‏ (‏روما ١٢:‏٢١‏)‏ فَمَا هُوَ ٱلسُّوءُ ٱلَّذِي نُوَاجِهُهُ ٱلْيَوْمَ؟‏ وَكَيْفَ نَغْلِبُهُ؟‏ سَنَأْخُذُ ٱلْجَوَابَ عَنْ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ ٱلْأَسْئِلَةِ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.‏

هَلْ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تُوضِحُوا؟‏

‏• فِي رُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢‏،‏ أَيُّ نُصْحٍ يَرِدُ مِرَارًا عَدِيدَةً؟‏

‏• مَا ٱلَّذِي يَدْفَعُنَا أَلَّا نَنْتَقِمَ مِنَ ٱلْآخَرِينَ؟‏

‏• أَيَّةُ فَوَائِدَ نَجْنِيهَا نَحْنُ وَٱلْآخَرُونَ إِذَا لَمْ ‹نُبَادِلِ ٱلسُّوءَ بِٱلسُّوءِ›؟‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٢]‏

تَتَحَدَّثُ رُومَا ٱلْإِصْحَاحُ ١٢ عَنْ عَلَاقَةِ ٱلْمَسِيحِيِّ مَعَ

‏• يَهْوَه

‏• ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ

‏• غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

تُقَدِّمُ رِسَالَةُ بُولُسَ إِلَى أَهْلِ رُومَا نَصَائِحَ عَمَلِيَّةً لِلْمَسِيحِيِّينَ

‏[الصورة في الصفحة ٢٥]‏

مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ ٱلتِّلْمِيذِ إِسْتِفَانُوسَ؟‏