الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اصغ الى صوت ضميرك

اصغ الى صوت ضميرك

أَصْغِ إِلَى صَوْتِ ضَمِيرِكَ

‏‹اَلْأُمَمُ ٱلَّذِينَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ شَرِيعَةُ [ٱللهِ] يَفْعَلُونَ بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ›.‏ —‏ روما ٢:‏١٤‏.‏

١،‏ ٢ (‏أ)‏ مَاذَا فَعَلَ ٱلْبَعْضُ بِسَبَبِ ٱهْتِمَامِهِمْ بِٱلْآخَرِينَ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ أَمْثِلَةٍ تُورِدُهَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ عَنِ ٱلِٱهْتِمَامِ بِٱلْآخَرِينَ؟‏

بَيْنَمَا كَانَ شَابٌّ فِي ٱلْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ يَقِفُ عَلَى رَصِيفٍ فِي مَحَطَّةِ ٱلْقِطَارِ ٱلنَّفَقِيِّ،‏ أُصِيبَ بِنَوْبَةِ صَرَعٍ وَوَقَعَ عَلَى ٱلسِّكَّةِ ٱلْحَدِيدِيَّةِ.‏ وَعِنْدَمَا رَأَى أَحَدُ ٱلرِّجَالِ مَا حَدَثَ،‏ تَرَكَ ٱبْنَتَيْهِ وَقَفَزَ إِلَيْهِ.‏ ثُمَّ سَحَبَهُ إِلَى خَنْدَقٍ بَيْنَ قُضْبَانِ ٱلسِّكَّةِ ٱلْحَدِيدِيَّةِ وَتَمَدَّدَ فَوْقَهُ لِيَحْمِيَهُ مِنَ ٱلْقِطَارِ ٱلَّذِي كَانَ يُصْدِرُ صَوْتَ فَرْمَلَةٍ قَوِيًّا وَهُوَ يَتَوَقَّفُ فَوْقَهُمَا.‏ رَغْمَ أَنَّ ٱلْبَعْضَ قَدْ يَدْعُونَ هذَا ٱلرَّجُلَ بَطَلًا،‏ لَاحِظْ مَا قَالَهُ:‏ «لَا يَسَعُكَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلَ ٱلْأَمْرَ ٱلصَّائِبَ.‏ فَأَنَا لَمْ أَقُمْ بِهذَا ٱلْعَمَلِ حُبًّا بِٱلْمَجْدِ أَوِ ٱلتَّقْدِيرِ،‏ بَلْ بِدَافِعِ ٱللُّطْفِ».‏

٢ رُبَّمَا تَعْرِفُ شَخْصًا عَرَّضَ حَيَاتَهُ لِلْخَطَرِ فِي سَبِيلِ مُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ.‏ مَثَلًا،‏ جَازَفَ كَثِيرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ فِي ٱلْحَرْبِ ٱلْعَالَمِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ بُغْيَةَ تَخْبِئَةِ أَشْخَاصٍ غُرَبَاءَ.‏ وَتُورِدُ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ أَيْضًا أَمْثِلَةً عَنِ ٱلِٱهْتِمَامِ بِٱلْآخَرِينَ.‏ تَذَكَّرْ مَا حَدَثَ مَعَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ وَ ٢٧٥ شَخْصًا تَحَطَّمَتْ بِهِمِ ٱلسَّفِينَةُ فِي مَالِطَةَ،‏ قُرْبَ صِقِلِّيَةَ.‏ فَقَدْ أَتَى ٱلسُّكَّانُ ٱلْمَحَلِّيُّونَ لِمُسَاعَدَةِ هؤُلَاءِ ٱلْغُرَبَاءِ،‏ مُظْهِرِينَ لَهُمْ «لُطْفًا إِنْسَانِيًّا غَيْرَ عَادِيٍّ».‏ (‏اعمال ٢٧:‏٢٧–‏٢٨:‏٢‏)‏ وَفَكِّرْ فِي ٱلْفَتَاةِ ٱلْإِسْرَائِيلِيَّةِ ٱلَّتِي رُبَّمَا لَمْ تُعَرِّضْ حَيَاتَهَا لِلْخَطَرِ،‏ لكِنَّهَا أَظْهَرَتِ ٱهْتِمَامًا حُبِّيًّا بِخَيْرِ أَحَدِ آسِرِيهَا ٱلْأَرَامِيِّينَ.‏ (‏٢ ملوك ٥:‏١-‏٤‏)‏ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا فِي مَثَلِ يَسُوعَ ٱلشَّهِيرِ عَنِ ٱلسَّامِرِيِّ ٱلْمُحِبِّ لِلْقَرِيبِ.‏ فَفِي حِينِ أَنَّ كَاهِنًا وَلَاوِيًّا تَجَاوَزَا عَنْ أَحَدِ رُفَقَائِهِمَا ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِي كَانَ مَتْرُوكًا بَيْنَ حَيٍّ وَمَيِّتٍ،‏ فَإِنَّ سَامِرِيًّا بَذَلَ ٱلْجُهْدَ لِمُسَاعَدَتِهِ.‏ وَعَلَى مَرِّ ٱلْقُرُونِ،‏ مَسَّ هذَا ٱلْمَثَلُ قُلُوبَ ٱلنَّاسِ مِنْ مُخْتَلِفِ ٱلْحَضَارَاتِ.‏ —‏ لوقا ١٠:‏٢٩-‏٣٧‏.‏

٣،‏ ٤ مَا ٱلْعَلَاقَةُ بَيْنَ كَوْنِ ٱلِٱهْتِمَامِ بِٱلْآخَرِينَ أَمْرًا شَائِعًا وَبَيْنَ نَظَرِيَّةِ ٱلتَّطَوُّرِ؟‏

٣ نَحْنُ نَعِيشُ فِي «أَزْمِنَةٍ حَرِجَةٍ» وَسْطَ أَشْخَاصٍ «شَرِسِينَ» وَ «غَيْرِ مُحِبِّينَ لِلصَّلَاحِ».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٣‏)‏ رَغْمَ ذلِكَ،‏ أَلَمْ نَرَ أَشْخَاصًا يَقُومُونَ بِأَعْمَالِ خَيْرٍ؟‏ أَوَلَمْ نَسْتَفِدْ نَحْنُ أَيْضًا مِنْ أَعْمَالٍ كَهذِهِ؟‏ فَٱلْمَيْلُ إِلَى مُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ،‏ حَتَّى لَوْ عَنَى ذلِكَ ٱلْمُجَازَفَةَ،‏ هُوَ أَمْرٌ شَائِعٌ جِدًّا.‏ وَقَدْ أُطْلِقَتْ عَلَيْهِ تَسْمِيَةُ «ٱلْإِنْسَانِيَّةِ».‏

٤ وَيُمْكِنُنَا أَنْ نَرَى هذَا ٱلِٱسْتِعْدَادَ لِلْمُسَاعَدَةِ لَدَى كُلِّ ٱلْعُرُوقِ وَٱلْحَضَارَاتِ.‏ وَهُوَ يَتَنَاقَضُ مَعَ ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ تَطَوَّرَ بِمُوجِبِ «بَقَاءِ ٱلْأَصْلَحِ»،‏ أَيِ ٱلِٱعْتِقَادِ أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ تَطَوَّرَ بِسَبَبِ تَغْيِيرَاتٍ طَفِيفَةٍ نَشَأَتْ عِنْدَ ٱلْكَائِنَاتِ ٱلْحَيَّةِ فِيمَا كَانَتْ تُنَافِسُ كَائِنَاتٍ أُخْرَى مِنْ جِنْسِهَا لِأَجْلِ ٱلْبَقَاءِ.‏ قَالَ فْرَنْسِيسُ كُولِنْزُ،‏ وَهُوَ عَالِمُ وِرَاثَةٍ عَمِلَ كَمَسْؤُولٍ عَنْ مَشْرُوعِ حُكُومَةِ ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ لِفَكِّ رُمُوزِ ٱلْمَجِينِ ٱلْبَشَرِيِّ (‏ٱلدَّنَا)‏:‏ «اَلِٱهْتِمَامُ غَيْرُ ٱلْأَنَانِيِّ بِٱلْآخَرِينَ يَخْلُقُ تَحَدِّيًا كَبِيرًا لِمُؤَيِّدِ ٱلتَّطَوُّرِ.‏ .‏ .‏ .‏ لَا يُمْكِنُ نَسْبُهُ [هذَا ٱلنَّوْعِ مِنَ ٱلِٱهْتِمَامِ] إِلَى ٱلْحَافِزِ ٱلَّذِي يَدْفَعُ ٱلْمُوَرِّثَاتِ [ٱلْجِينَاتِ] ٱلْأَنَانِيَّةَ ٱلْإِفْرَادِيَّةَ إِلَى ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِمْرَارِيَّتِهَا».‏ وَقَالَ أَيْضًا:‏ «يُضَحِّي ٱلْبَعْضُ لِمُسَاعَدَةِ أَشْخَاصٍ لَا يَنْتَمُونَ إِلَى مَجْمُوعَتِهِمْ وَلَا يَرْبِطُهُمْ بِهِمْ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ أَيُّ رَابِطٍ مُشْتَرَكٍ.‏ .‏ .‏ .‏ وَهذَا [ٱلنُّبْلُ] لَا يُمْكِنُ أَنْ تُفَسِّرَهُ نَظَرِيَّةُ دَارْوِينَ».‏

‏«صَوْتُ ٱلضَّمِيرِ»‏

٥ أَيُّ أَمْرٍ يُلَاحَظُ عُمُومًا لَدَى ٱلنَّاسِ؟‏

٥ يُشِيرُ ٱلدُّكْتُورُ كُولِنْزُ إِلَى أَحَدِ أَوْجُهِ صِفَةِ ٱلِٱهْتِمَامِ غَيْرِ ٱلْأَنَانِيِّ لَدَيْنَا حِينَ يَقُولُ:‏ «صَوْتُ ٱلضَّمِيرِ يُنَادِينَا لِمُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ حَتَّى لَوْ لَمْ نَنَلْ شَيْئًا بِٱلْمُقَابِلِ».‏ * وَقَدْ يُذَكِّرُنَا ٱسْتِعْمَالُهُ لِكَلِمَةِ «ٱلضَّمِيرِ» بِٱلْوَاقِعِ ٱلَّذِي ذَكَرَهُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ عِنْدَمَا قَالَ:‏ «اَلْأُمَمُ ٱلَّذِينَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ شَرِيعَةٌ،‏ مَتَى فَعَلُوا بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ،‏ يَكُونُونَ شَرِيعَةً لِأَنْفُسِهِمْ وَإِنْ كَانُوا بِلَا شَرِيعَةٍ.‏ فَهُمُ ٱلَّذِينَ يُظْهِرُونَ أَنَّ جَوْهَرَ ٱلشَّرِيعَةِ مَكْتُوبٌ فِي قُلُوبِهِمْ،‏ وَضَمَائِرُهُمْ تَشْهَدُ مَعَهُمْ،‏ وَإِذْ يُقَلِّبُونَ أَفْكَارَهُمْ،‏ فَهِيَ تَتَّهِمُهُمْ أَوْ تَعْذِرُهُمْ».‏ —‏ روما ٢:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

٦ لِمَاذَا جَمِيعُ ٱلنَّاسِ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ ٱلْخَالِقِ؟‏

٦ أَظْهَرَ بُولُسُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى رُومَا أَنَّ ٱلْبَشَرَ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ ٱللهِ لِأَنَّ وُجُودَهُ وَصِفَاتِهِ ظَاهِرَةٌ فِي ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي تُرَى «مُنْذُ خَلْقِ ٱلْعَالَمِ».‏ (‏روما ١:‏١٨-‏٢٠؛‏ مزمور ١٩:‏١-‏٤‏)‏ فَصَحِيحٌ أَنَّ كَثِيرِينَ يَتَجَاهَلُونَ خَالِقَهُمْ وَيَعِيشُونَ حَيَاةً خَلِيعَةً،‏ لكِنَّ مَشِيئَةَ ٱللهِ هِيَ أَنْ يَعْتَرِفَ ٱلْبَشَرُ بِمَقَايِيسِهِ ٱلْبَارَّةِ وَيَتُوبُوا عَنْ مُمَارَسَاتِهِمِ ٱلشِّرِّيرَةِ.‏ (‏روما ١:‏٢٢–‏٢:‏٦‏)‏ وَقَدْ كَانَ لَدَى ٱلْيَهُودِ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِفِعْلِ ذلِكَ،‏ إِذْ إِنَّ ٱللهَ أَعْطَاهُمْ شَرِيعَتَهُ بِوَاسِطَةِ مُوسَى.‏ وَلكِنْ حَتَّى ٱلشُّعُوبُ ٱلَّتِي لَمْ تَنَلْ «إِعْلَانَاتِ ٱللهِ ٱلْمُقَدَّسَةَ» كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْتَرِفَ بِوُجُودِ ٱللهِ.‏ —‏ روما ٢:‏٨-‏١٣؛‏ ٣:‏٢‏.‏

٧،‏ ٨ إِلَى أَيِّ حَدٍّ هُوَ شَائِعٌ ٱلْإِحْسَاسُ بِٱلْعَدْلِ،‏ وَعَلَامَ يَدُلُّ ذلِكَ؟‏

٧ وَأَحَدُ ٱلْأَسْبَابِ ٱلْوَجِيهَةِ ٱلَّتِي تَدْفَعُ ٱلْجَمِيعَ إِلَى ٱلِٱعْتِرَافِ بِٱللهِ وَٱلْعَمَلِ بِمُوجِبِ ذلِكَ هُوَ إِحْسَاسُهُمُ ٱلدَّاخِلِيُّ بِٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ.‏ فَحِسُّ ٱلْعَدْلِ لَدَيْنَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى ٱمْتِلَاكِنَا ٱلضَّمِيرَ.‏ تَخَيَّلْ هذَا ٱلْمَشْهَدَ:‏ فِيمَا يَنْتَظِرُ بَعْضُ ٱلْأَوْلَادِ ٱلصِّغَارِ دَوْرَهُمْ لِٱسْتِعْمَالِ أُرْجُوحَةٍ،‏ يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمْ إِلَى ٱلْأَمَامِ مُتَجَاوِزًا ٱلْجَمِيعَ.‏ وَهذَا مَا يَدْفَعُ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ إِلَى ٱلْقَوْلِ:‏ ‹هذَا لَيْسَ عَدْلًا!‏›.‏ وَٱلْآنَ ٱسْأَلْ نَفْسَكَ:‏ ‹كَيْفَ يُمْكِنُ حَتَّى لِلْأَوْلَادِ أَنْ يُظْهِرُوا بِشَكْلٍ عَفْوِيٍّ أَنَّ لَدَيْهِمْ حِسًّا بِٱلْعَدْلِ؟‏›.‏ إِنَّ رَدَّ فِعْلِهِمْ يَعْكِسُ حِسَّهُمُ ٱلْأَدَبِيَّ ٱلدَّاخِلِيَّ.‏ كَتَبَ بُولُسُ:‏ «اَلْأُمَمُ ٱلَّذِينَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ شَرِيعَةٌ،‏ مَتَى فَعَلُوا بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ».‏ فَهُوَ لَمْ يَقُلْ:‏ «إِذَا»،‏ كَمَا لَوْ أَنَّ ذلِكَ أَمْرٌ نَادِرًا مَا يَحْصُلُ.‏ بَلْ قَالَ «مَتَى»،‏ مَا يَدُلُّ أَنَّهُ أَمْرٌ يَحْدُثُ تَكْرَارًا.‏ فَٱلنَّاسُ ‹يَفْعَلُونَ بِٱلطَّبِيعَةِ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ› بِمَعْنَى أَنَّ حِسَّهُمُ ٱلْأَدَبِيَّ ٱلدَّاخِلِيَّ يَدْفَعُهُمْ إِلَى ٱلتَّصَرُّفِ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ مَا نَقْرَأُهُ فِي شَرِيعَةِ ٱللهِ ٱلْمَكْتُوبَةِ.‏

٨ وَهذَا ٱلْحِسُّ ٱلْأَدَبِيُّ مَوْجُودٌ فِي بُلْدَانٍ عَدِيدَةٍ.‏ فَقَدْ ذَكَرَ بْرُوفِسُّورٌ فِي جَامِعَةِ كَيْمْبْرِيدْجَ أَنَّ مَقَايِيسَ ٱلْبَابِلِيِّينَ،‏ ٱلْمِصْرِيِّينَ،‏ ٱلْيُونَانِيِّينَ،‏ وَٱلسُّكَّانِ ٱلْأَصْلِيِّينَ فِي أُوسْتْرَاليَا وَأَمِيرْكَا تَضَمَّنَتْ «شَجْبَ ٱلظُّلْمِ،‏ ٱلْقَتْلِ،‏ ٱلْغَدْرِ وَٱلْكَذِبِ،‏ وَٱلْمَطَالِبَ نَفْسَهَا بِشَأْنِ إِظْهَارِ ٱللُّطْفِ لِلْمُسِنِّينَ وَٱلصِّغَارِ وَٱلضُّعَفَاءِ».‏ كَمَا كَتَبَ ٱلدُّكْتُورُ كُولِنْزُ:‏ «يَبْدُو أَنَّ مَفْهُومَ ٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ هُوَ مَفْهُومٌ مُوَحَّدٌ بَيْنَ كُلِّ ٱلْبَشَرِ».‏ أَفَلَا يُذَكِّرُكَ ذلِكَ بِرُومَا ٢:‏١٤‏؟‏

كَيْفَ يَعْمَلُ ضَمِيرُكَ؟‏

٩ مَا هُوَ ٱلضَّمِيرُ،‏ وَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُسَاعِدَكَ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ بِتَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ؟‏

٩ يُظْهِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ ضَمِيرَكَ هُوَ قُدْرَةٌ دَاخِلِيَّةٌ لَدَيْكَ عَلَى ٱلنَّظَرِ إِلَى تَصَرُّفَاتِكَ وَتَقْيِيمِهَا.‏ إِنَّهُ صَوْتٌ دَاخِلِيٌّ يُخْبِرُكَ مَا إِذَا كَانَ مَسْلَكٌ مُعَيَّنٌ صَائِبًا أَمْ لَا.‏ وَقَدْ تَحَدَّثَ بُولُسُ عَنْ هذَا ٱلصَّوْتِ دَاخِلَهُ حِينَ قَالَ:‏ «ضَمِيرِي يَشْهَدُ مَعِي فِي رُوحٍ قُدُسٍ».‏ (‏روما ٩:‏١‏)‏ وَقَدْ تَسْمَعُ هذَا ٱلصَّوْتَ مُسْبَقًا وَأَنْتَ تُفَكِّرُ فِي ٱتِّخَاذِ قَرَارٍ يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلَ أَدَبِيَّةٍ.‏ فَضَمِيرُكَ يُمْكِنُ أَنْ يُسَاعِدَكَ عَلَى تَقْيِيمِ تَصَرُّفٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ وَيَدُلَّكَ مُسْبَقًا كَيْفَ سَتَشْعُرُ إِذَا قُمْتَ بِهِ.‏

١٠ مَتَى غَالِبًا مَا يَتَحَرَّكُ ٱلضَّمِيرُ؟‏

١٠ لكِنْ مِنَ ٱلشَّائِعِ أَكْثَرَ أَنْ يَتَحَرَّكَ ضَمِيرُكَ بَعْدَ أَنْ تَفْعَلَ أَمْرًا مَا.‏ فَعِنْدَمَا كَانَ دَاوُدُ هَارِبًا مِنَ ٱلْمَلِكِ شَاوُلَ،‏ أُتِيحَتْ لَهُ ٱلْفُرْصَةُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِشَكْلٍ لَا يَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِرَامِ لِمَلِكِ ٱللهِ ٱلْمَمْسُوحِ.‏ وَلكِنْ بَعْدَ أَنْ قَامَ بِهذَا ٱلتَّصَرُّفِ،‏ ‹ضَرَبَهُ قَلْبُهُ›.‏ (‏١ صموئيل ٢٤:‏١-‏٥؛‏ مزمور ٣٢:‏٣،‏ ٥‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ كَلِمَةَ «ضَمِيرٌ» لَا تُسْتَعْمَلُ بِٱلتَّحْدِيدِ فِي هذِهِ ٱلرِّوَايَةِ،‏ لكِنَّ ٱلْعِبَارَةَ ٱلْآنِفَةَ ٱلذِّكْرِ تُظْهِرُ أَنَّ مَا شَعَرَ بِهِ دَاوُدُ هُوَ وَخْزُ ٱلضَّمِيرِ.‏ وَعَلَى غِرَارِ دَاوُدَ،‏ لَا شَكَّ أَنَّنَا جَمِيعًا شَعَرْنَا بِوَخْزِ ٱلضَّمِيرِ.‏ فَلَرُبَّمَا قُمْنَا بِعَمَلٍ مَا،‏ ثُمَّ ٱنْزَعَجْنَا وَٱضْطَرَبْنَا بِشَأْنِ مَا فَعَلْنَاهُ.‏ مَثَلًا،‏ عَانَى بَعْضُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَدْفَعُوا ٱلضَّرَائِبَ مِنْ عَذَابِ ٱلضَّمِيرِ كَثِيرًا بِحَيْثُ أَنَّهُمْ سَدَّدُوهَا لَاحِقًا.‏ كَمَا ٱنْدَفَعَ آخَرُونَ إِلَى ٱلِٱعْتِرَافِ لِرَفِيقِ زَوَاجِهِمْ بِأَنَّهُمُ ٱرْتَكَبُوا خَطِيَّةَ ٱلزِّنَى.‏ (‏عبرانيين ١٣:‏٤‏)‏ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ فَإِنَّ ٱلْمَرْءَ يَشْعُرُ بِٱلِٱكْتِفَاءِ وَٱلسَّلَامِ عِنْدَمَا يَقُومُ بِمَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِ ضَمِيرُهُ.‏

١١ لِمَاذَا قَدْ يَكُونُ أَمْرًا خَطِرًا أَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى ضَمِيرِنَا فَقَطْ؟‏ أَوْضِحُوا.‏

١١ وَلكِنْ هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى ضَمِيرِنَا فَقَطْ؟‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْإِصْغَاءَ إِلَى ضَمِيرِنَا هُوَ أَمْرٌ جَيِّدٌ،‏ لكِنَّ صَوْتَهُ قَدْ يُضِلُّنَا أَحْيَانًا.‏ نَعَمْ،‏ إِنَّ صَوْتَ «إِنْسَانِنَا ٱلدَّاخِلِيِّ» يُمْكِنُ أَنْ يَخْدَعَنَا.‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏١٦‏)‏ تَأَمَّلْ فِي ٱلْمِثَالِ ٱلتَّالِي.‏ يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ،‏ أَحَدَ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ،‏ كَانَ تَقِيًّا وَ «مُمْتَلِئًا نِعْمَةً وَقُدْرَةً».‏ لكِنَّ بَعْضَ ٱلْيَهُودِ أَلْقَوْهُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ حَتَّى ٱلْمَوْتِ.‏ وَكَانَ شَاوُلُ (‏ٱلَّذِي صَارَ لَاحِقًا ٱلرَّسُولَ بُولُسَ)‏ وَاقِفًا بِٱلْقُرْبِ مِنْهُمْ وَ «رَاضِيًا بِقَتْلِهِ».‏ وَيَبْدُو أَنَّ هؤُلَاءِ ٱلْيَهُودَ كَانُوا مُقْتَنِعِينَ تَمَامًا أَنَّ مَا يَفْعَلُونَهُ صَائِبٌ حَتَّى إِنَّ ضَمِيرَهُمْ لَمْ يُعَذِّبْهُمْ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ هذَا مَا شَعَرَ بِهِ شَاوُلُ أَيْضًا،‏ لِأَنَّهُ بَعْدَ هذِهِ ٱلْحَادِثَةِ «كَانَ لَا يَزَالُ يَنْفُثُ تَهْدِيدًا وَقَتْلًا عَلَى تَلَامِيذِ ٱلرَّبِّ».‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ صَوْتَ ضَمِيرِهِ لَمْ يُرْشِدْهُ إِلَى ٱلصَّوَابِ.‏ —‏ اعمال ٦:‏٨؛‏ ٧:‏٥٧–‏٨:‏١؛‏ ٩:‏١‏.‏

١٢ مَا هُوَ أَحَدُ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي ضَمِيرِنَا؟‏

١٢ وَمَاذَا رُبَّمَا أَثَّرَ فِي ضَمِيرِ شَاوُلَ؟‏ قَدْ يَكُونُ أَحَدُ ٱلتَّأْثِيرَاتِ مُعَاشَرَتَهُ ٱللَّصِيقَةَ لِلْآخَرِينَ.‏ لِإِيضَاحِ ٱلنُّقْطَةِ،‏ إِلَيْكَ هذَا ٱلْمَثَلَ.‏ كَثِيرُونَ مِنَّا تَكَلَّمُوا عَبْرَ ٱلْهَاتِفِ مَعَ رَجُلٍ بَدَا أَنَّ صَوْتَهُ يُشْبِهُ صَوْتَ أَبِيهِ كَثِيرًا.‏ رُبَّمَا تَكُونُ نَبْرَةُ صَوْتِ ٱلِٱبْنِ مَوْرُوثَةً إِلَى حَدٍّ مَا،‏ لكِنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَيْضًا مُتَأَثِّرًا بِأُسْلُوبِ أَبِيهِ فِي ٱلْحَدِيثِ.‏ بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ،‏ رُبَّمَا يَكُونُ شَاوُلُ قَدْ تَأَثَّرَ بِمُعَاشَرَتِهِ ٱللَّصِيقَةِ لِلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ أَبْغَضُوا يَسُوعَ وَقَاوَمُوا تَعَالِيمَهُ.‏ (‏يوحنا ١١:‏٤٧-‏٥٠؛‏ ١٨:‏١٤؛‏ اعمال ٥:‏٢٧،‏ ٢٨،‏ ٣٣‏)‏ نَعَمْ،‏ رُبَّمَا أَثَّرَ عُشَرَاءُ شَاوُلَ فِي صَوْتِ ضَمِيرِهِ.‏

١٣ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ بِيئَةُ ٱلْمَرْءِ فِي ضَمِيرِهِ؟‏

١٣ قَدْ يَتَأَثَّرُ ٱلضَّمِيرُ أَيْضًا بِٱلْحَضَارَةِ أَوِ ٱلْبِيئَةِ،‏ تَمَامًا كَمَا تَتَأَثَّرُ لَهْجَةُ ٱلشَّخْصِ بِبِيئَتِهِ.‏ (‏متى ٢٦:‏٧٣‏)‏ وَهذَا مَا حَصَلَ مَعَ ٱلْأَشُّورِيِّينَ ٱلْقُدَمَاءِ.‏ فَقَدْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِرُوحِهِمِ ٱلْحَرْبِيَّةِ ٱلْعَنِيفَةِ،‏ وَنُقُوشُهُمْ تُصَوِّرُهُمْ وَهُمْ يُعَذِّبُونَ أَسْرَاهُمْ.‏ (‏ناحوم ٢:‏١١،‏ ١٢؛‏ ٣:‏١‏)‏ وَيُوصَفُ أَهْلُ نِينَوَى فِي أَيَّامِ يُونَانَ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ «يَمِينَهُمْ مِنْ يَسَارِهِمْ».‏ وَهذَا يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِمْ مِقْيَاسٌ صَحِيحٌ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ مَا هُوَ صَائِبٌ وَغَيْرُ صَائِبٍ مِنْ وُجْهَةِ نَظَرِ ٱللهِ.‏ فَتَخَيَّلْ كَمْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ هذِهِ ٱلْبِيئَةُ فِي ضَمِيرِ شَخْصٍ تَرَعْرَعَ فِي نِينَوَى!‏ (‏يونان ٣:‏٤،‏ ٥؛‏ ٤:‏١١‏)‏ اَلْيَوْمَ أَيْضًا،‏ يُمْكِنُ أَنْ يَتَأَثَّرَ ضَمِيرُ ٱلْمَرْءِ بِمَوْقِفِ ٱلَّذِينَ حَوْلَهُ.‏

كَيْفَ تَجْعَلُ ضَمِيرَكَ يُطْلِقُ صَوْتًا أَقْوَى؟‏

١٤ كَيْفَ يُثْبِتُ ٱمْتِلَاكُنَا ٱلضَّمِيرَ صِحَّةَ مَا تَقُولُهُ ٱلتَّكْوِينُ ١:‏٢٧‏؟‏

١٤ وَهَبَ يَهْوَه آدَمَ وَحَوَّاءَ عَطِيَّةَ ٱلضَّمِيرِ،‏ وَنَحْنُ وَرِثْنَا مَلَكَةَ ٱلضَّمِيرِ هذِهِ عَنْهُمَا.‏ فَٱلتَّكْوِينُ ١:‏٢٧ تُخْبِرُنَا أَنَّ ٱلْبَشَرَ صُنِعُوا عَلَى صُورَةِ ٱللهِ.‏ وَهذَا لَا يَعْنِي أَنَّنَا نُشْبِهُهُ فِي شَكْلِنَا ٱلْخَارِجِيِّ،‏ لِأَنَّهُ رُوحٌ وَنَحْنُ مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ.‏ فَنَحْنُ مَصْنُوعُونَ عَلَى صُورَةِ ٱللهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَضَعَ فِينَا صِفَاتِهِ،‏ بِمَا فِيهَا ٱلْحِسُّ ٱلْأَدَبِيُّ،‏ أَيِ ٱلضَّمِيرُ.‏ وَهذَا ٱلْوَاقِعُ يَدُلُّنَا عَلَى إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ ٱلَّتِي تُسَاعِدُنَا عَلَى جَعْلِ ضَمِيرِنَا يُطْلِقُ صَوْتًا أَقْوَى،‏ مَا يُمَكِّنُنَا مِنَ ٱلْوُثُوقِ بِهِ أَكْثَرَ.‏ وَهذِهِ ٱلطَّرِيقَةُ هِيَ ٱلتَّعَرُّفُ بِٱلْخَالِقِ وَٱلِٱقْتِرَابُ إِلَيْهِ أَكْثَرَ.‏

١٥ بِأَيَّةِ طَرِيقَةٍ يُمْكِنُنَا ٱلِٱسْتِفَادَةُ مِنَ ٱلتَّعَرُّفِ بِأَبِينَا؟‏

١٥ يُظْهِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ يَهْوَه هُوَ أَبُونَا جَمِيعًا لِأَنَّهُ مَنَحَنَا ٱلْحَيَاةَ.‏ (‏اشعيا ٦٤:‏٨‏)‏ لِذلِكَ بِإِمْكَانِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَنَاءِ،‏ سَوَاءٌ كَانَ رَجَاؤُهُمْ سَمَاوِيًّا أَوْ أَرْضِيًّا،‏ أَنْ يَدْعُوهُ أَبَاهُمْ.‏ (‏متى ٦:‏٩‏)‏ وَيَنْبَغِي أَنْ نَرْغَبَ فِي ٱلِٱقْتِرَابِ أَكْثَرَ إِلَى أَبِينَا وَبِٱلتَّالِي تَعَلُّمِ آرَائِهِ وَمَقَايِيسِهِ.‏ (‏يعقوب ٤:‏٨‏)‏ غَيْرَ أَنَّ كَثِيرِينَ لَا يَهْتَمُّونَ بِذلِكَ.‏ فَهُمْ مِثْلُ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:‏ «لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلَا رَأَيْتُمْ هَيْئَتَهُ.‏ وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ بَاقِيَةً فِيكُمْ».‏ (‏يوحنا ٥:‏٣٧،‏ ٣٨‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نَسْمَعُ صَوْتَ ٱللهِ فِعْلِيًّا،‏ لكِنْ يُمْكِنُنَا مَعْرِفَةُ أَفْكَارِهِ مِنْ خِلَالِ قِرَاءَةِ كَلِمَتِهِ.‏ وَهكَذَا،‏ نَصِيرُ عَلَى شَبَهِهِ وَتَصِيرُ مَشَاعِرُنَا كَمَشَاعِرِهِ.‏

١٦ أَيُّ أَمْرٍ تُوضِحُهُ رِوَايَةُ يُوسُفَ عَنْ تَدْرِيبِ ضَمِيرِنَا وَٱلْعَمَلِ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْنَا؟‏

١٦ وَرِوَايَةُ يُوسُفَ هِيَ خَيْرُ دَلِيلٍ عَلَى ذلِكَ.‏ فَعِنْدَمَا كَانَ فِي بَيْتِ فُوطِيفَارَ،‏ كَانَتْ زَوْجَةُ فُوطِيفَارَ تُحَاوِلُ إِغْرَاءَهُ.‏ وَرَغْمَ أَنَّهُ عَاشَ فِي زَمَنٍ حِينَ لَمْ يَكُنْ قَدْ كُتِبَ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ وَلَا أُعْطِيَتِ ٱلْوَصَايَا ٱلْعَشْرُ بَعْدُ،‏ قَالَ لَهَا:‏ «كَيْفَ أَرْتَكِبُ هٰذَا ٱلشَّرَّ ٱلْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى ٱللهِ؟‏».‏ (‏تكوين ٣٩:‏٩‏)‏ وَيُوسُفُ لَمْ يَقُلْ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ لِإِرْضَاءِ عَائِلَتِهِ،‏ إِذْ إِنَّهُ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُمْ.‏ فَمَوْقِفُهُ هذَا كَانَ نَابِعًا مِنْ رَغْبَتِهِ فِي إِرْضَاءِ ٱللهِ،‏ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مِقْيَاسَ ٱللهِ لِلزَّوَاجِ:‏ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِٱمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ ٱلِٱثْنَانِ «جَسَدًا وَاحِدًا».‏ وَلَا بُدَّ أَنَّهُ سَمِعَ عَنْ رَدِّ فِعْلِ أَبِيمَالِكَ عِنْدَمَا عَلِمَ أَنَّ رِفْقَةَ مُتَزَوِّجَةٌ.‏ فَأَبِيمَالِكُ ٱعْتَبَرَ أَنَّ أَخْذَهَا هُوَ أَمْرٌ خَاطِئٌ يَجْلُبُ ٱلذَّنْبَ عَلَى شَعْبِهِ.‏ وَقَدْ كَانَ يَهْوَه رَاضِيًا عَنِ ٱلنَّتِيجَةِ،‏ مِمَّا أَظْهَرَ نَظْرَتَهُ إِلَى ٱلزِّنَى.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْرِفَةَ يُوسُفَ لِذلِكَ زَادَتْ مِنْ حَسَاسِيَّةِ ضَمِيرِهِ ٱلْمَوْرُوثِ،‏ ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي دَفَعَهُ إِلَى رَفْضِ ٱلْفَسَادِ ٱلْأَدَبِيِّ ٱلْجِنْسِيِّ.‏ —‏ تكوين ٢:‏٢٤؛‏ ١٢:‏١٧-‏١٩؛‏ ٢٠:‏١-‏١٨؛‏ ٢٦:‏٧-‏١٤‏.‏

١٧ لِمَاذَا نَحْنُ فِي وَضْعٍ أَفْضَلَ مِنْ وَضْعِ يُوسُفَ؟‏

١٧ بِٱلطَّبْعِ،‏ نَحْنُ ٱلْآنَ فِي وَضْعٍ أَفْضَلَ مِنْ وَضْعِ يُوسُفَ.‏ فَفِي حَوْزَتِنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ بِأَكْمَلِهِ لِنَتَعَلَّمَ عَنْ تَفْكِيرِ وَمَشَاعِرِ أَبِينَا،‏ بِمَا فِي ذلِكَ مَا يَرْضَى عَنْهُ وَمَا يُحَرِّمُهُ.‏ وَكُلَّمَا ٱطَّلَعْنَا عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ ٱقْتَرَبْنَا مِنَ ٱللهِ وَصِرْنَا عَلَى شَبَهِهِ.‏ وَهذَا مَا يَجْعَلُ صَوْتَ ضَمِيرِنَا أَكْثَرَ ٱنْسِجَامًا مَعَ تَفْكِيرِ أَبِينَا،‏ وَبِٱلتَّالِي أَكْثَرَ ٱنْسِجَامًا مَعَ مَشِيئَتِهِ.‏ —‏ افسس ٥:‏١-‏٥‏.‏

١٨ رَغْمَ ٱلتَّأْثِيرَاتِ ٱلْمَاضِيَةِ،‏ مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ نَفْعَلَ لِنَتَمَكَّنَ مِنَ ٱلْوُثُوقِ أَكْثَرَ بِضَمِيرِنَا؟‏

١٨ وَمَاذَا عَنْ تَأْثِيرِ ٱلْبِيئَةِ ٱلَّتِي نَعِيشُ فِيهَا عَلَى ضَمِيرِنَا؟‏ لَرُبَّمَا تَأَثَّرْنَا بِطَرِيقَةِ تَفْكِيرِ وَتَصَرُّفِ أَقْرِبَائِنَا وَٱلْبِيئَةِ ٱلَّتِي تَرَعْرَعْنَا فِيهَا.‏ لِذلِكَ رُبَّمَا كَانَ صَوْتُ ضَمِيرِنَا مَكْبُوتًا أَوْ مُشَوَّهًا.‏ فَقَدْ كَانَتْ لَهْجَتُهُ كَلَهْجَةِ ٱلَّذِينَ حَوْلَنَا،‏ إِذَا جَازَ ٱلتَّعْبِيرُ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُنَا تَغْيِيرُ مَاضِينَا،‏ لكِنْ فِي مَقْدُورِنَا أَنْ نُصَمِّمَ عَلَى ٱخْتِيَارِ عُشَرَاءَ وَبِيئَةٍ لَهُمْ تَأْثِيرٌ إِيجَابِيٌّ فِي ضَمِيرِنَا.‏ وَإِحْدَى ٱلْخَطَوَاتِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ هِيَ أَنْ نُعَاشِرَ بِٱسْتِمْرَارٍ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُخْلِصِينَ ٱلَّذِينَ يُحَاوِلُونَ ٱلتَّشَبُّهَ بِأَبِيهِمْ مُنْذُ فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ.‏ وَٱلِٱجْتِمَاعَاتُ ٱلْجَمَاعِيَّةُ،‏ بِمَا فِي ذلِكَ مُعَاشَرَةُ ٱلْإِخْوَةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا،‏ تُتِيحُ لَنَا فُرَصًا رَائِعَةً لِذلِكَ.‏ وَيُمْكِنُنَا أَنْ نُلَاحِظَ طَرِيقَةَ تَفْكِيرِ وَتَصَرُّفِ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُؤَسَّسَةَ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ بِمَا فِي ذلِكَ ٱسْتِعْدَادُهُمْ لِلْإِصْغَاءِ لِصَوْتِ ضَمِيرِهِمِ ٱلْمُنْسَجِمِ مَعَ نَظْرَةِ ٱللهِ وَطُرُقِهِ.‏ وَعَلَى مَرِّ ٱلْوَقْتِ،‏ سَيُسَاعِدُنَا ذلِكَ أَنْ نُكَيِّفَ ضَمِيرَنَا وَفْقَ مَبَادِئِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ مِمَّا يَجْعَلُنَا أَقْرَبَ إِلَى صُورَةِ ٱللهِ.‏ وَعِنْدَمَا نَجْعَلُ صَوْتَ ضَمِيرِنَا مُنْسَجِمًا مَعَ مَبَادِئِ أَبِينَا وَنَدَعُ تَأْثِيرَ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْجَيِّدَ يَعْمَلُ فِينَا،‏ نَتَمَكَّنُ مِنَ ٱلْوُثُوقِ أَكْثَرَ بِضَمِيرِنَا وَنُصْبِحُ أَكْثَرَ ٱسْتِعْدَادًا لِلْإِصْغَاءِ إِلَى صَوْتِهِ.‏ —‏ اشعيا ٣٠:‏٢١‏.‏

١٩ أَيَّةُ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِٱلضَّمِيرِ سَنُنَاقِشُهَا فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟‏

١٩ إِلَّا أَنَّ ٱلْبَعْضَ يُجَاهِدُونَ يَوْمِيًّا لِلْعَمَلِ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِمْ ضَمِيرُهُمْ.‏ لِذلِكَ سَنَسْتَعْرِضُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ بَعْضَ ٱلْحَالَاتِ ٱلَّتِي يُوَاجِهُهَا ٱلْمَسِيحِيُّونَ.‏ وَبِبَحْثِ هذِهِ ٱلْحَالَاتِ،‏ يُمْكِنُ أَنْ نَرَى بِأَكْثَرِ وُضُوحٍ دَوْرَ ٱلضَّمِيرِ،‏ لِمَاذَا هُنَالِكَ ٱخْتِلَافٌ فِي ٱلضَّمَائِرِ،‏ وَكَيْفَ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْمَلَ أَكْثَرَ وَفْقَ مَا يُمْلِيهِ عَلَيْنَا ضَمِيرُنَا.‏ —‏ عبرانيين ٦:‏١١،‏ ١٢‏.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 5‏ عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ،‏ كَتَبَ أُووِينُ ڠِينْڠْرِيتْشُ،‏ بْرُوفِسُّورُ ٱلْأَبْحَاثِ فِي عِلْمِ ٱلْفَلَكِ فِي جَامِعَةِ هَارْفِرْدَ:‏ «يُثِيرُ ٱلِٱهْتِمَامُ بِٱلْآخَرِينَ سُؤَالًا لَيْسَ لَهُ .‏ .‏ .‏ جَوَابٌ عِلْمِيٌّ مُسْتَوْحًى مِنْ مُرَاقَبَةِ عَالَمِ ٱلْحَيَوَانِ.‏ وَلَرُبَّمَا يَكْمُنُ ٱلْجَوَابُ ٱلشَّافِي فِي مَجَالٍ آخَرَ يَتَعَلَّقُ بِٱلصِّفَاتِ ٱلْإِنْسَانِيَّةِ ٱلَّتِي وَهَبَنَا إِيَّاهَا ٱللهُ،‏ بِمَا فِيهَا ٱلضَّمِيرُ».‏

مَاذَا تَعَلَّمْتُمْ؟‏

‏• لِمَاذَا يُوجَدُ ضَمِيرٌ،‏ أَوْ إِحْسَاسٌ بِٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ،‏ لَدَى كُلِّ ٱلْحَضَارَاتِ؟‏

‏• لِمَاذَا يَلْزَمُ أَنْ نَحْذَرَ مِنَ ٱلِٱعْتِمَادِ عَلَى ضَمِيرِنَا فَقَطْ؟‏

‏• كَيْفَ نَجْعَلُ ضَمِيرَنَا يُطْلِقُ صَوْتًا أَقْوَى؟‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورتان في الصفحة ٢٣]‏

شَعَرَ دَاوُدُ بِوَخْزِ ٱلضَّمِيرِ .‏ .‏ .‏

بِعَكْسِ شَاوُلَ ٱلطَّرْسُوسِيِّ

‏[الصورة في الصفحة ٢٤]‏

يُمْكِنُنَا أَنْ نُدَرِّبَ ضَمِيرَنَا