ليكن تقدمك ظاهرا
لِيَكُنْ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا
«تَمَعَّنْ فِي هٰذِهِ ٱلْأُمُورِ وَٱنْهَمِكْ فِيهَا، لِيَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا لِلْجَمِيعِ». — ١ تي ٤:١٥.
١، ٢ مَاذَا نَعْرِفُ عَنْ نَشْأَةِ تِيمُوثَاوُسَ وَٱلتَّعْيِينِ ٱلَّذِي نَالَهُ حِينَ كَانَ فِي الـ ٢٠ مِنْ عُمْرِهِ تَقْرِيبًا؟
بَعْدَ عُقُودٍ مِنْ مَوْتِ يَسُوعَ، تَأَسَّسَتْ عِدَّةُ جَمَاعَاتٍ مَسِيحِيَّةٍ فِي مُقَاطَعَةِ غَلَاطِيَةَ ٱلرُّومَانِيَّةِ، ٱلْوَاقِعَةِ فِي مَا يُعْرَفُ ٱلْيَوْمَ بتركيا. وَكَانَ فِي تِلْكَ ٱلْمُقَاطَعَةِ أَنْ تَرَعْرَعَ تِيمُوثَاوُسُ وَصَارَ هُوَ وَأُمُّهُ وَجَدَّتُهُ أَعْضَاءً نَشَاطَى فِي إِحْدَى ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. (٢ تي ١:٥؛ ٣:١٤، ١٥) وَلَا شَكَّ أَنَّهُ تَمَتَّعَ بِحَيَاتِهِ كَحَدَثٍ مَسِيحِيٍّ فِي ٱلْمُحِيطِ ٱلَّذِي ٱعْتَادَ عَلَيْهِ. وَلكِنْ فَجْأَةً بَدَأَتْ حَيَاتُهُ تَتَّخِذُ مَنْحًى مُخْتَلِفًا.
٢ فَحِينَ كَانَ تِيمُوثَاوُسُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي أَوَاخِرِ سِنِي مُرَاهَقَتِهِ أَوْ أَوَائِلِ عِشْرِينَاتِهِ، زَارَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ تِلْكَ ٱلْمَنْطِقَةَ لِلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ. وَقَدْ لَاحَظَ أَنَّهُ ‹مَشْهُودٌ لَهُ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ› فِي ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ فِي لِسْتَرَةَ وَإِيقُونِيَةَ. (اع ١٦:٢) فَلَا بُدَّ أَنَّ هذَا ٱلْحَدَثَ كَانَ نَاضِجًا جِدًّا نِسْبَةً إِلَى عُمْرِهِ. نَتِيجَةَ ذلِكَ، وَضَعَ بُولُسُ وَهَيْئَةُ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمَحَلِّيَّةُ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ بِتَوْجِيهٍ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُمْ فَرَزُوهُ لِيَقُومَ بِعَمَلٍ خُصُوصِيٍّ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. — ١ تي ٤:١٤؛ ٢ تي ١:٦.
٣ أَيُّ ٱمْتِيَازِ خِدْمَةٍ ٱسْتِثْنَائِيٍّ نَالَهُ تِيمُوثَاوُسُ؟
٣ لَقَدْ تَلَقَّى تِيمُوثَاوُسُ دَعْوَةً ٱسْتِثْنَائِيَّةً: أَنْ يُصْبِحَ رَفِيقَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ فِي ٱلسَّفَرِ! (اع ١٦:٣) فَهَلْ تَتَخَيَّلُ دَهْشَتَهُ وَفَرْحَتَهُ آنَذَاكَ؟ فَطِيلَةَ سِنِينَ كَانَ سَيُسَافِرُ بِرِفْقَةِ بُولُسَ وَأَحْيَانًا مَعَ آخَرِينَ غَيْرِهِ، مُتَمِّمًا مُهِمَّاتٍ مُتَنَوِّعَةً يُوكِلُهَا إِلَيْهِ ٱلرُّسُلُ وَٱلشُّيُوخُ. وَقَدِ ٱنْهَمَكَ مَعَ بُولُسَ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلْجَائِلِ ٱلَّذِي سَاهَمَ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ فِي بِنَاءِ ٱلْإِخْوَةِ رُوحِيًّا. (اِقْرَأْ اعمال ١٦:٤، ٥.) نَتِيجَةَ ذلِكَ، ذَاعَ صِيتُهُ كَشَخْصٍ يُحْرِزُ تَقَدُّمًا رُوحِيًّا. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي بَعْدَ ٱلْعَمَلِ مَعَهُ طَوَالَ نَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ: «لَيْسَ لِي أَحَدٌ غَيْرُهُ بِمِثْلِ مَيْلِهِ يَهْتَمُّ بِأُمُورِكُمُ ٱهْتِمَامًا أَصِيلًا. . . . وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَ مَا أَثْبَتَهُ مِنْ جَدَارَةٍ، أَنَّهُ كَوَلَدٍ مَعَ أَبٍ خَدَمَ مَعِي عَبْدًا فِي سَبِيلِ تَقَدُّمِ ٱلْبِشَارَةِ». — في ٢:٢٠-٢٢.
٤ (أ) أَيَّةُ مَسْؤُولِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ أُسْنِدَتْ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ؟ (ب) أَيُّ سُؤَالَيْنِ يَنْشَآنِ بِخُصُوصِ كَلِمَاتِ بُولُسَ فِي ١ تيموثاوس ٤:١٥؟
٤ قُرَابَةَ ٱلْفَتْرَةِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي كَتَبَ فِيهَا بُولُسُ رِسَالَتَهُ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي، أَسْنَدَ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ مَسْؤُولِيَّةً ثَقِيلَةً: تَعْيِينَ شُيُوخٍ وَخُدَّامٍ مُسَاعِدِينَ. (١ تي ٣:١؛ ٥:٢٢) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ تِيمُوثَاوُسَ كَانَ نَاظِرًا مَسِيحِيًّا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. رَغْمَ ذلِكَ، حَضَّهُ بُولُسُ فِي ٱلرِّسَالَةِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ أَنْ ‹يَكُونَ تَقَدُّمُهُ ظَاهِرًا لِلْجَمِيعِ›. (١ تي ٤:١٥) وَلكِنْ أَمَا سَبَقَ تِيمُوثَاوُسُ وَجَعَلَ تَقَدُّمَهُ ظَاهِرًا بِشَكْلٍ لَافِتٍ؟ فَمَاذَا عَنَى بُولُسُ إِذًا بِكَلِمَاتِهِ هذِهِ، وَكَيْفَ لَنَا أَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْ مَشُورَتِهِ؟
جَعْلُ ٱلصِّفَاتِ ٱلرُّوحِيَّةِ ظَاهِرَةً
٥، ٦ كَيْفَ تَعَرَّضَتْ طَهَارَةُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلرُّوحِيَّةُ فِي أَفَسُسَ لِلْخَطَرِ، وَكَيْفَ كَانَ تِيمُوثَاوُسُ سَيَتَمَكَّنُ مِنَ ٱلْحِفَاظِ عَلَيْهَا؟
٥ لِنَتَأَمَّلْ فِي سِيَاقِ ١ تيموثاوس ٤:١٥. (اِقْرَأْ ١ تيموثاوس ٤:١١-١٦.) قَبْلَ كِتَابَةِ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، كَانَ بُولُسُ قَدْ سَافَرَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ وَطَلَبَ مِنْ تِيمُوثَاوُسَ أَنْ يَبْقَى فِي أَفَسُسَ. لِمَاذَا؟ لِأَنَّ ٱلْبَعْضَ فِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ كَانُوا يُسَبِّبُونَ ٱلِٱنْقِسَامَاتِ بِإِدْخَالِ تَعَالِيمَ بَاطِلَةٍ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ. فَوَجَبَ عَلَى تِيمُوثَاوُسَ ٱلْحِفَاظُ عَلَى طَهَارَةِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلرُّوحِيَّةِ. فَكَيْفَ كَانَ سَيُتَمِّمُ هذِهِ ٱلْمُهِمَّةَ؟ إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ هِيَ رَسْمُ ٱلْمِثَالِ ٱلْجَيِّدِ لِلْآخَرِينَ.
٦ كَتَبَ بُولُسُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ: «كُنْ مِثَالًا لِلْأُمَنَاءِ فِي ٱلْكَلَامِ، فِي ٱلسُّلُوكِ، فِي ٱلْمَحَبَّةِ، فِي ٱلْإِيمَانِ، فِي ٱلْعِفَّةِ». ثُمَّ أَضَافَ: «تَمَعَّنْ فِي هٰذِهِ ٱلْأُمُورِ وَٱنْهَمِكْ فِيهَا، لِيَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا لِلْجَمِيعِ». (١ تي ٤:١٢، ١٥) إِذًا، لَمْ يَكُنْ تَقَدُّمُ تِيمُوثَاوُسَ مُرْتَبِطًا بِنَيْلِهِ أَيَّ مَرْكَزٍ أَوْ سُلْطَةٍ، إِنَّمَا بِتَنْمِيَتِهِ ٱلصِّفَاتِ ٱلرُّوحِيَّةَ. وَهذَا هُوَ ٱلتَّقَدُّمُ ٱلَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَسِيحِيٍّ أَنْ يُظْهِرَهُ.
٧ مَاذَا يُتَوَقَّعُ مِنَ ٱلْجَمِيعِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟
٧ كَمَا فِي زَمَنِ تِيمُوثَاوُسَ، هُنَالِكَ ٱلْيَوْمَ مَرَاكِزُ مَسْؤُولِيَّةٍ مُتَنَوِّعَةٌ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. فَٱلْبَعْضُ يَخْدُمُونَ كَشُيُوخٍ أَوْ كَخُدَّامٍ مُسَاعِدِينَ. وَيَنْخَرِطُ آخَرُونَ فِي خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ. وَهُنَالِكَ أَيْضًا مَنْ يَقُومُونَ بِٱلْعَمَلِ ٱلْجَائِلِ، أَوْ يَعْمَلُونَ فِي بَيْتَ إِيلَ، أَوْ يَخْدُمُونَ فِي ٱلْحَقْلِ ٱلْإِرْسَالِيِّ. كَمَا أَنَّ ٱلشُّيُوخَ يَشْتَرِكُونَ فِي عِدَّةِ بَرَامِجَ تَعْلِيمِيَّةٍ، مِثْلِ ٱلْمَحَافِلِ. إِلَّا أَنَّ لَدَى جَمِيعِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ — رِجَالًا وَنِسَاءً وَأَحْدَاثًا — إِمْكَانِيَّةَ جَعْلِ تَقَدُّمِهِمِ ٱلرُّوحِيِّ ظَاهِرًا. (مت ٥:١٦) وَكَتِيمُوثَاوُسَ، يُتَوَقَّعُ حَتَّى مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ مَرَاكِزَ مَسْؤُولِيَّةٍ خُصُوصِيَّةً جَعْلُ صِفَاتِهِمِ ٱلرُّوحِيَّةِ ظَاهِرَةً لِلْجَمِيعِ.
كُنْ مِثَالًا فِي ٱلْكَلَامِ
٨ مَا تَأْثِيرُ كَلَامِنَا عَلَى عِبَادَتِنَا؟
٨ مِنْ بَيْنِ ٱلْمَجَالَاتِ ٱلَّتِي كَانَ عَلَى تِيمُوثَاوُسَ رَسْمُ ٱلْمِثَالِ فِيهَا هُوَ ٱلْكَلَامُ. فَكَيْفَ نَجْعَلُ تَقَدُّمَنَا ظَاهِرًا فِي هذَا ٱلْمَجَالِ؟ إِنَّ كَلَامَنَا يَكْشِفُ ٱلْكَثِيرَ عَنَّا. قَالَ يَسُوعُ: «مِنْ فَيْضِ ٱلْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ ٱلْفَمُ». (مت ١٢:٣٤) وَقَدْ أَدْرَكَ يَعْقُوبُ أَخُو يَسُوعَ مِنْ أُمِّهِ تَأْثِيرَ كَلَامِنَا عَلَى عِبَادَتِنَا، إِذْ كَتَبَ: «إِنْ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ مُتَدَيِّنٌ وَهُوَ لَا يُلْجِمُ لِسَانَهُ، بَلْ يَخْدَعُ قَلْبَهُ، فَدِيَانَةُ هٰذَا بَاطِلَةٌ». — يع ١:٢٦.
٩ كَيْفَ نَكُونُ مِثَالًا فِي ٱلْكَلَامِ؟
٩ فَكَلَامُنَا يُمْكِنُ أَنْ يُظْهِرَ لِلْإِخْوَةِ مَدَى تَقَدُّمِنَا ٱلرُّوحِيِّ. لِذلِكَ عِوَضَ ٱلتَّفَوُّهِ بِكَلَامٍ غَيْرِ لَائِقٍ، سَلْبِيٍّ، ٱنْتِقَادِيٍّ، أَوْ لَاذِعٍ، يَسْعَى ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلنَّاضِجُونَ إِلَى بُنْيَانِ ٱلْآخَرِينَ وَمُوَاسَاتِهِمْ وَتَشْجِيعِهِمْ. (ام ١٢:١٨؛ اف ٤:٢٩؛ ١ تي ٦:٣-٥، ٢٠) كَمَا أَنَّ ٱلِٱنْدِفَاعَ إِلَى ٱلتَّعْبِيرِ عَنْ قَنَاعَاتِنَا ٱلْأَدَبِيَّةِ أَمَامَ ٱلْآخَرِينَ وَٱلدِّفَاعِ جَهْرًا عَنْ مَقَايِيسِ ٱللهِ ٱلسَّامِيَةِ لَدَلِيلٌ عَلَى تَعَبُّدِنَا لَهُ. (رو ١:١٥، ١٦) وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ سَيُلَاحِظُونَ كَيْفَ نَسْتَخْدِمُ هِبَةَ ٱلْكَلَامِ وَيَقْتَدُونَ بِنَا. — في ٤:٨، ٩.
رَسْمُ ٱلْمِثَالِ فِي ٱلسُّلُوكِ وَٱلْعِفَّةِ
١٠ لِمَاذَا ٱلْإِيمَانُ ٱلْعَدِيمُ ٱلرِّيَاءِ ضَرُورِيٌّ لِتَقَدُّمِنَا ٱلرُّوحِيِّ؟
١٠ إِنَّ رَسْمَ ٱلْمِثَالِ ٱلْجَيِّدِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى ٱلْكَلَامِ ٱلْبَنَّاءِ. فَٱلْمَسِيحِيُّ ٱلَّذِي لَا يَقْرِنُ أَقْوَالَهُ بِٱلْأَعْمَالِ هُوَ شَخْصٌ رِيَائِيٌّ. وَقَدْ عَرَفَ بُولُسُ حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ رِيَاءَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَمَا يَنْجُمُ عَنْهُ مِنْ تَأْثِيرَاتٍ مُدَمِّرَةٍ. لِذلِكَ، أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، نَبَّهَ ١ تي ١:٥؛ ٤:١، ٢) وَتِيمُوثَاوُسُ لَمْ يَكُنْ رِيَائِيًّا. فَقَدْ كَتَبَ بُولُسُ فِي رِسَالَتِهِ ٱلثَّانِيَةِ إِلَيْهِ: «أَنَا أَتَذَكَّرُ ٱلْإِيمَانَ ٱلْعَدِيمَ ٱلرِّيَاءِ ٱلَّذِي فِيكَ». (٢ تي ١:٥) مَعَ ذلِكَ، كَانَ عَلَى تِيمُوثَاوُسَ أَنْ يَجْعَلَ إِخْلَاصَهُ هذَا ظَاهِرًا لِلْآخَرِينَ. فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا فِي ٱلسُّلُوكِ.
تِيمُوثَاوُسَ مِنْ نِفَاقِهِمْ وَخِدَاعِهِمْ. (١١ مَاذَا كَتَبَ بُولُسُ لِتِيمُوثَاوُسَ عَنِ ٱلْغِنَى؟
١١ فِي ٱلرِّسَالَتَيْنِ ٱلْمُوَجَّهَتَيْنِ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ، زَوَّدَ بُولُسُ ٱلنُّصْحَ فِي عِدَّةِ مَجَالَاتٍ تَرْتَبِطُ بِٱلسُّلُوكِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، وَجَبَ أَنْ يَحْذَرَ تِيمُوثَاوُسُ مِنَ ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ ٱلْغِنَى. كَتَبَ بُولُسُ: «مَحَبَّةُ ٱلْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ أَنْوَاعِ ٱلْأَذِيَّةِ، وَهِيَ ٱلَّتِي مَالَ وَرَاءَهَا ٱلْبَعْضُ فَضَلُّوا عَنِ ٱلْإِيمَانِ وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ طَعْنًا بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ». (١ تي ٦:١٠) فَمَحَبَّةُ ٱلْمَالِ دَلِيلٌ عَلَى ٱلضُّعْفِ ٱلرُّوحِيِّ. بِٱلْمُقَابِلِ، فَإِنَّ ٱلْمَسِيحِيَّ ٱلَّذِي يَقْنَعُ بِٱلْعَيْشِ حَيَاةً بَسِيطَةً، مُكْتَفِيًا ‹بِٱلْقُوتِ وَٱلْكُسْوَةِ›، يَجْعَلُ تَقَدُّمَهُ ٱلرُّوحِيَّ ظَاهِرًا. — ١ تي ٦:٦-٨؛ في ٤:١١-١٣.
١٢ كَيْفَ يَكُونُ تَقَدُّمُنَا ظَاهِرًا فِي حَيَاتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ؟
١٢ فَضْلًا عَنْ ذلِكَ، ذَكَرَ بُولُسُ لِتِيمُوثَاوُسَ كَمْ هُوَ مُهِمٌّ «أَنْ تُزَيِّنَ ٱلنِّسَاءُ [ٱلْمَسِيحِيَّاتُ] ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسٍ مُرَتَّبٍ، مَعَ حِشْمَةٍ وَرَزَانَةٍ». (١ تي ٢:٩) فَٱلنِّسَاءُ ٱلْمُحْتَشِمَاتُ وَٱلرَّزِينَاتُ فِي لِبَاسِهِنَّ وَهِنْدَامِهِنَّ، وَكَذلِكَ فِي ٱلنَّوَاحِي ٱلْأُخْرَى مِنْ حَيَاتِهِنَّ ٱلشَّخْصِيَّةِ، يَرْسُمْنَ مِثَالًا رَائِعًا. (١ تي ٣:١١) وَيَنْطَبِقُ هذَا ٱلْمَبْدَأُ عَلَى ٱلرِّجَالِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَيْضًا. فَقَدْ حَضَّ بُولُسُ ٱلنُّظَّارَ أَنْ يَكُونُوا ‹مُعْتَدِلِينَ فِي ٱلْعَادَاتِ، رَزِينِينَ، مُنَظَّمِينَ›. (١ تي ٣:٢) فَبِٱلْإِعْرَابِ عَنْ هذِهِ ٱلصِّفَاتِ فِي حَيَاتِنَا ٱلْيَوْمِيَّةِ، يَكُونُ تَقَدُّمُنَا ظَاهِرًا لِلْجَمِيعِ.
١٣ كَيْفَ نَكُونُ كَتِيمُوثَاوُسَ مِثَالًا فِي ٱلْعِفَّةِ؟
١ تي ٤:١٢؛ ٥:٢) وَيَنْبَغِي لِكُلِّ مَسِيحِيٍّ أَنْ يُصْغِيَ إِلَى هذِهِ ٱلنَّصِيحَةِ وَأَنْ يَحْذَرَ مِنَ ٱلسُّلُوكِ ٱلْفَاسِدِ أَدَبِيًّا حَتَّى فِي ٱلْخَفَاءِ. فَمَا قَدْ يَبْدُو مَسْتُورًا هُوَ مَكْشُوفٌ لِعَيْنَيِ ٱللهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ بِهِ ٱلْآخَرُونَ فِي آخِرِ ٱلْمَطَافِ. وَٱلْعَكْسُ صَحِيحٌ أَيْضًا. فَٱلْأَعْمَالُ ٱلْحَسَنَةُ ٱلَّتِي يَقُومُ بِهَا ٱلْمَسِيحِيُّ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَبْقَى مَخْفِيَّةً. (١ تي ٥:٢٤، ٢٥) وَٱلْكُلُّ فِي ٱلْجَمَاعَةِ فِي مَقْدُورِهِمْ أَنْ يَجْعَلُوا تَقَدُّمَهُمْ ظَاهِرًا فِي ٱلسُّلُوكِ وَٱلْعِفَّةِ.
١٣ اَلْعِفَّةُ هِيَ أَيْضًا مَجَالٌ طُلِبَ مِنْ تِيمُوثَاوُسَ أَنْ يَرْسُمَ ٱلْمِثَالَ فِيهِ. وَعِنْدَمَا ٱسْتَخْدَمَ بُولُسُ هذِهِ ٱلْكَلِمَةَ كَانَ يُشَيرُ إِلَى نَاحِيَةٍ مُحَدَّدَةٍ مِنَ ٱلسُّلُوكِ، وَهِيَ ٱلْآدَابُ ٱلْجِنْسِيَّةُ. فَقَدْ لَزِمَ أَنْ يَحْتَرِسَ تِيمُوثَاوُسُ لِئَلَّا يَجْلُبَ سُلُوكُهُ ٱلتَّعْيِيرَ خُصُوصًا عِنْدَ تَعَامُلِهِ مَعَ ٱلنِّسَاءِ. فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَامِلَ «ٱلْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ، وَٱلشَّابَّاتِ كَأَخَوَاتٍ بِكُلِّ عِفَّةٍ». (لَا غِنَى عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْإِيمَانِ
١٤ كَيْفَ تُشَدِّدُ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ مَحَبَّةِ بَعْضِنَا بَعْضًا؟
١٤ إِنَّ ٱلْمَحَبَّةَ دِعَامَةٌ رَئِيسِيَّةٌ مِنْ دَعَائِمِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْحَقَّةِ. قَالَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ: «بِهٰذَا يَعْرِفُ ٱلْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلَامِيذِي، إِنْ كَانَ لَكُمْ مَحَبَّةٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ». (يو ١٣:٣٥) وَكَيْفَ نُظْهِرُ مَحَبَّةً كَهذِهِ؟ تُنَاشِدُنَا كَلِمَةُ ٱللهِ أَنْ ‹نَتَحَمَّلَ بَعْضُنَا بَعْضًا فِي ٱلْمَحَبَّةِ›، أَنْ ‹نَكُونَ لُطَفَاءَ بَعْضُنَا نَحْوَ بَعْضٍ، ذَوِي حَنَانٍ، مُسَامِحِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا›، وَأَنْ نَتَحَلَّى بِرُوحِ ٱلضِّيَافَةِ. (اف ٤:٢، ٣٢؛ عب ١٣:١، ٢) وَقَدْ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «لِيَحِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِمَحَبَّةٍ أَخَوِيَّةٍ». — رو ١٢:١٠.
١٥ لِمَاذَا مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ يُعْرِبَ ٱلْجَمِيعُ، وَخُصُوصًا ٱلنُّظَّارَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ، عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ؟
١٥ فَلَوْ عَامَلَ تِيمُوثَاوُسُ إِخْوَتَهُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ بِقَسَاوَةٍ وَفَظَاظَةٍ لَنَسَفَ كُلَّ ٱلْأَعْمَالِ ٱلْحَسَنَةِ ٱلَّتِي صَنَعَهَا كَمُعَلِّمٍ وَنَاظِرٍ. (اِقْرَأْ ١ كورنثوس ١٣:١-٣.) بِٱلْمُقَابِلِ، لَا شَكَّ أَنَّ إِظْهَارَهُ ٱلْمَوَدَّةَ ٱلْأَصِيلَةَ نَحْوَ إِخْوَتِهِ، فَضْلًا عَنْ حُسْنِ ٱلضِّيَافَةِ وَٱلْأَعْمَالِ ٱلصَّالِحَةِ، جَعَلَ تَقَدُّمَهُ ٱلرُّوحِيَّ بَادِيًا لِلْعِيَانِ. إِذًا، كَانَ مِنَ ٱلْمُلَائِمِ أَنْ يَطْلُبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ مِنْ تِيمُوثَاوُسَ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا فِي ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ.
١٦ لِمَاذَا لَزِمَ أَنْ يُعْرِبَ تِيمُوثَاوُسُ عَنْ إِيمَانٍ قَوِيٍّ؟
١٦ عِنْدَمَا كَانَ تِيمُوثَاوُسُ فِي أَفَسُسَ وُضِعَ إِيمَانُهُ عَلَى ٱلْمِحَكِّ. فَٱلْبَعْضُ كَانُوا يُرَوِّجُونَ تَعَالِيمَ تَتَنَافَى مَعَ ٱلْحَقِّ ٱلْمَسِيحِيِّ. كَمَا كَانَ آخَرُونَ يَنْشُرُونَ ‹قِصَصًا بَاطِلَةً› أَوْ يُجَادِلُونَ فِي مَسَائِلَ لَا تُجْدِي ٱلْجَمَاعَةَ أَيَّ نَفْعٍ رُوحِيٍّ. (اِقْرَأْ ١ تيموثاوس ١:٣، ٤.) وَقَدْ قَالَ بُولُسُ عَنْ هؤُلَاءِ إِنَّهُمْ ‹مُنْتَفِخُونَ بِٱلْكِبْرِيَاءِ، لَيْسُوا يَفْهَمُونَ شَيْئًا، بَلْ مُعْتَلُّونَ عَقْلِيًّا بِمَرَضِ ٱلْمُبَاحَثَاتِ وَٱلْمُمَاحَكَاتِ عَلَى كَلِمَاتٍ›. (١ تي ٦:٣، ٤) فَهَلْ كَانَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ يَسْمَحَ تِيمُوثَاوُسُ لِنَفْسِهِ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي ٱلْأَفْكَارِ ٱلْمُؤْذِيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ تَتَسَلَّلُ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ؟ كَلَّا. فَقَدْ حَثَّهُ بُولُسُ أَنْ ‹يُجَاهِدَ جِهَادَ ٱلْإِيمَانِ ٱلْحَسَنَ› وَأَنْ يُعْرِضَ عَنِ «ٱلْكَلَامِ ٱلْفَارِغِ ٱلَّذِي يَنْتَهِكُ مَا هُوَ مُقَدَّسٌ وَعَنْ مُتَنَاقِضَاتِ مَا يُدْعَى زُورًا ‹مَعْرِفَةً›». (١ تي ٦:١٢، ٢٠، ٢١) وَلَا رَيْبَ أَنَّ تِيمُوثَاوُسَ عَمِلَ بِنَصِيحَةِ بُولُسَ ٱلْحَكِيمَةِ هذِهِ. — ١ كو ١٠:١٢.
١٧ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُوضَعَ إِيمَانُنَا عَلَى ٱلْمِحَكِّ ٱلْيَوْمَ؟
١٧ مِنَ ٱللَّافِتِ أَنَّهُ قِيلَ لِتِيمُوثَاوُسَ إِنَّهُ فِي «أَزْمِنَةٍ لَاحِقَةٍ سَيَنْحَرِفُ قَوْمٌ عَنِ ٱلْإِيمَانِ، مُصْغِينَ إِلَى عِبَارَاتِ وَحْيٍ ١ تي ٤:١) لِذَا يَنْبَغِي لِكُلِّ أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلَّذِينَ فِي مَرَاكِزِ مَسْؤُولِيَّةٍ، أَنْ يُعْرِبُوا كَتِيمُوثَاوُسَ عَنْ إِيمَانٍ قَوِيٍّ لَا يَنْثَلِمُ. فَبِٱتِّخَاذِ مَوَاقِفَ وَإِجْرَاءَاتٍ صَارِمَةٍ ضِدَّ ٱلِٱرْتِدَادِ، نَجْعَلُ تَقَدُّمَنَا ظَاهِرًا وَنَكُونُ مِثَالًا فِي ٱلْإِيمَانِ.
مُضِلَّةٍ وَتَعَالِيمِ شَيَاطِينَ». (لِيَكُنْ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا
١٨، ١٩ (أ) كَيْفَ يَكُونُ تَقَدُّمُكُمْ ظَاهِرًا لِلْجَمِيعِ؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٨ يَتَّضِحُ مِمَّا نُوقِشَ آنِفًا أَنَّ تَقَدُّمَ ٱلْمَسِيحِيِّ ٱلرُّوحِيَّ لَيْسَ مَنُوطًا بِمَظْهَرِهِ ٱلشَّخْصِيِّ أَوْ مَقْدِرَاتِهِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ أَوْ مَكَانَتِهِ، وَلَا يَعْتَمِدُ بِٱلضَّرُورَةِ عَلَى سَنَوَاتِ ٱلْخِدْمَةِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. فٱلتَّقَدُّمُ ٱلرُّوحِيُّ يَكُونُ ظَاهِرًا بِإِطَاعَتِنَا يَهْوَه فِي ٱلتَّفْكِيرِ وَٱلْكَلَامِ وَٱلسُّلُوكِ. (رو ١٦:١٩) كَمَا أَنَّهُ يَتَجَلَّى فِي تَطْبِيقِنَا ٱلْوَصِيَّةَ أَنْ نُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا وَنَتَحَلَّى بِإِيمَانٍ رَاسِخٍ. فَلْنَتَمَعَّنْ فِي كَلِمَاتِ بُولُسَ لِتِيمُوثَاوُسَ وَنَنْهَمِكْ فِيهَا لِيَكُونَ تَقَدُّمُنَا ظَاهِرًا لِلْجَمِيعِ.
١٩ وَهُنَاكَ صِفَةٌ أُخْرَى تُعْطِي ٱلدَّلِيلَ عَلَى تَقَدُّمِنَا ٱلرُّوحِيِّ وَنُضْجِنَا ٱلْمَسِيحِيِّ: اَلْفَرَحُ، ٱلَّذِي هُوَ أَحَدُ أَوْجُهِ ثَمَرِ رُوحِ ٱللهِ ٱلْقُدُسِ. (غل ٥:٢٢، ٢٣) وَسَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ كَيْفَ نُنَمِّي ٱلْفَرَحَ وَنُحَافِظُ عَلَيْهِ فِي ٱلْأَوْقَاتِ ٱلْعَصِيبَةِ.
كَيْفَ تُجِيبُونَ؟
• أَيُّ أَمْرٍ يُمْكِنُ أَنْ يُظْهِرَهُ كَلَامُنَا لِلْآخَرِينَ؟
• كَيْفَ يَكُونُ تَقَدُّمُنَا ظَاهِرًا فِي ٱلسُّلُوكِ وَٱلْعِفَّةِ؟
• لِمَاذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِثَالًا فِي ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْإِيمَانِ؟
[اسئلة الدرس]
[الصورة في الصفحة ١١]
كَانَ ٱلْحَدَثُ تِيمُوثَاوُسُ نَاضِجًا جِدًّا نِسْبَةً إِلَى عُمْرِهِ
[الصور في الصفحة ١٣]
هَلْ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرٌ لِلْغَيْرِ؟