الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

معركة قضائية طويلة تنتهي بنصر ساحق

معركة قضائية طويلة تنتهي بنصر ساحق

معركة قضائية طويلة تنتهي بنصر ساحق

عام ١٩٩٥،‏ ابتدأ مقاومو الحرية الدينية بشن هجوم على شهود يهوه بهدف حظر عملهم في موسكو وسواها.‏ لكن يهوه وجد ملائما ان يكافئ استقامة اخوتنا الاعزاء في روسيا بنصر قانوني ساحق بعد ١٥ سنة.‏ فما الذي ادى الى هذه المواجهة؟‏

حرية طال انتظارها

في اوائل تسعينات القرن العشرين،‏ استعاد اخوتنا في روسيا حريتهم الدينية بعد ان خسروها عام ١٩١٧.‏ فجرى تسجيلهم كدين رسمي لدى حكومة الاتحاد السوفياتي سنة ١٩٩١.‏ وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي،‏ سُجلوا لدى روسيا الاتحادية.‏ اضافة الى ذلك،‏ اعترفت الدولة رسميا بأن الشهود الذين عانوا الاضطهاد الديني لعشرات السنين هم ضحايا القمع السياسي.‏ كما ان دائرة العدل في موسكو سجَّلتنا عام ١٩٩٣ باسم «جماعة شهود يهوه في موسكو»،‏ اسم صرنا نُعرف به شرعيا هناك.‏ وفي السنة عينها،‏ اصبح دستور روسيا الجديد —‏ الذي يضمن الحرية الدينية —‏ ساري المفعول.‏ فلا عجب ان هتف احد الاخوة قائلا:‏ «نحن لم نتوقع ان ننعم بهذه الحرية .‏ .‏ .‏ ولو في الاحلام!‏» ثم اضاف:‏ «لقد انتظرنا هذه الحرية طوال ٥٠ سنة!‏».‏

احسن الاخوة والاخوات في روسيا استخدام هذا ‹الوقت المؤاتي› بمضاعفة نشاطهم الكرازي،‏ فتجاوب كثيرون مع البشارة.‏ (‏٢ تي ٤:‏٢‏)‏ علَّقت احدى الاخوات:‏ «صار الناس يهتمون كثيرا بالدين».‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى ازداد كثيرا عدد الناشرين والفاتحين والجماعات ايضا.‏ فبين سنتي ١٩٩٠ و ١٩٩٥،‏ قفز عدد الشهود في موسكو من ٣٠٠ تقريبا الى اكثر من ٥٬٠٠٠.‏ وفيما كانت صفوف خدام يهوه تزداد في تلك المدينة،‏ راح القلق ينتاب مقاومي الحرية الدينية.‏ فشنوا هجوما بإثارة حرب قضائية في منتصف تسعينات القرن العشرين.‏ وكانت هذه المعركة ستمر في اربع مراحل طويلة قبل ان تُحسم نهائيا.‏

تحقيقات جنائية تنتهي بتطور مفاجئ

ابتدأت المرحلة الاولى من هذه المعركة في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٥ عندما تقدم فريق من موسكو،‏ وهو من انصار الكنيسة الارثوذكسية الروسية،‏ بشكوى ضد اخوتنا متهما اياهم بالتورط في اعمال اجرامية.‏ وقد ادعوا انهم يمثلون اشخاصا مستائين من انضمام رفقاء زواجهم او اولادهم الى الشهود.‏ وفي حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٦،‏ ابتدأ المحققون يبحثون عن ادلة تجرِّم الشهود،‏ لكنهم لم يجدوا شيئا.‏ مع ذلك،‏ تقدم الفريق نفسه بشكوى اخرى متهمين الاخوة مجددا بالاعمال الاجرامية.‏ فتولى المحققون تحقيقا آخر لم يؤدِّ سوى الى دحض كل التهم.‏ الا ان ذلك لم يمنع هؤلاء المقاومين عن رفع شكوى ثالثة على اساس التهم ذاتها.‏ ومرة اخرى،‏ خضع شهود يهوه في موسكو للتحقيق،‏ ولكن ليصل المدعي العام الى الاستنتاج عينه:‏ ما من اساس لرفع قضية جنائية.‏ بعد ذلك،‏ تقدم المقاومون بالشكوى عينها للمرة الرابعة.‏ وهذه المرة ايضا لم يجد المدعي العام اية ادلة.‏ وما يثير العجب هو ان هذا الفريق نفسه طلب تحقيقا آخر.‏ وأخيرا،‏ في ١٣ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٨،‏ اغلق المحقق الجديد ملف القضية.‏

يقول محامٍ موكل بالقضية:‏ «بعدئذ،‏ حدث امر غريب».‏ فمع ان ممثلة مكتب المدعي العام الذي تولى التحقيق الخامس اعترفت انه لا يوجد دليل على اي نشاط اجرامي،‏ فقد نصحت برفع دعوى مدنية ضد اخوتنا.‏ وزعمت ان جماعة شهود يهوه في موسكو تنتهك القوانين المحلية والدولية.‏ فوافق المدعي العام لدائرة موسكو الادارية الشمالية ورفع شكوى مدنية.‏ * فاستُهلت جلسات الاستماع في ٢٩ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٨ في محكمة مقاطعة ڠولوڤينسكي في موسكو.‏ وهكذا ابتدأت المرحلة الثانية.‏

الكتاب المقدس في المحكمة

في محكمة ضيقة في شمالي موسكو،‏ باشرت المدعية العامة تاتيانا كوندْراتْيِيڤا هجومها على اساس قانون فدرالي وُقع سنة ١٩٩٧ واعتُبرت بموجبه المسيحية الارثوذكسية،‏ الاسلام،‏ اليهودية،‏ والبوذية اديانا تقليدية.‏ * وقد صعَّب هذا القانون على الاديان الاخرى نيل الاعتراف الشرعي.‏ كما انه اجاز للمحاكم حظر الاديان التي تعزز البغض.‏ ووفقا لهذا القانون،‏ زعمت المدعية العامة ان شهود يهوه يروِّجون البغض ويفككون الأُسر وبالتالي يجب حظرهم.‏

وعندما سألت محامية الدفاع:‏ «مَن في جماعة موسكو مذنبون بانتهاك القانون؟‏»،‏ لم تستطع المدعية العامة ان تذكر اي اسم.‏ مع ذلك،‏ ادعت ان مطبوعات شهود يهوه تحرِّض على العداء الديني.‏ وراحت تقرأ مقتطفات من مجلتَي برج المراقبة و استيقظ!‏ ومطبوعات اخرى لدعم فكرتها (‏انظر الصورة اعلاه)‏.‏ وإذ سئلت كيف تتسبب هذه المطبوعات بالعداء،‏ كان جوابها:‏ «شهود يهوه يعلِّمون ان دينهم هو الحق».‏

وفي الجلسة اعطى احد محامي الدفاع،‏ وهو اخ لنا،‏ نسخة من الكتاب المقدس الى القاضية وأخرى الى المدعية العامة،‏ ثم قرأ افسس ٤:‏٥‏:‏ «رب واحد،‏ ايمان واحد،‏ معمودية واحدة».‏ وسرعان ما راح هؤلاء الثلاثة يناقشون آيات مثل يوحنا ١٧:‏١٨ ويعقوب ١:‏٢٧ والكتاب المقدس بين ايديهم.‏ بعد ذلك،‏ سألت القاضية:‏ «هل تحرِّض هذه الآيات على العداء الديني؟‏».‏ فأجابت المدعية العامة انها غير مؤهلة للتعليق على ما يقوله الكتاب المقدس.‏ عندئذ،‏ عرض المحامي مطبوعات للكنيسة الارثوذكسية الروسية تنتقد شهود يهوه بشدة وسأل:‏ «هل تنتهك هذه العبارات القانون؟‏».‏ فأتى جواب المدعية العامة مرة اخرى:‏ «انا لست مؤهلة للتعليق على الحجج الاكليريكية».‏

حجج الادعاء تنهار

في محاولة لدعم التهمة ان شهود يهوه يفككون العائلات،‏ ذكرت المدعية العامة انهم لا يحتفلون بالاعياد كعيد الميلاد.‏ لكنها اعترفت لاحقا ان القانون الروسي لا يفرض على المواطنين الاحتفال بعيد الميلاد.‏ فالروسيون،‏ شهودا ليهوه كانوا ام لا،‏ لديهم الخيار.‏ كما انها اكدت ان هيئتنا ‹تحرم الاولاد من الراحة والافراح التي يتمتع بها سائر الناس›.‏ رغم ذلك،‏ اقرت انها لم تتكلم قط مع اي حدث والداه من الشهود.‏ اما حين سألتها محامية اخرى هل سبق لها ان حضرت اجتماعا لشهود يهوه فقالت:‏ «لم يكن هنالك من داعٍ».‏

ثم استعان الادعاء ببروفسور في الطب النفسي كشاهد خبير.‏ فزعم هذا الاخير ان مطبوعاتنا تسبب مشاكل عقلية.‏ الا ان احدى محامي الدفاع ذكرت ان افادته الخطية للمحكمة مطابقة للوثيقة التي اعدتها بطريركية موسكو.‏ فما كان من البروفسور الا ان اعترف انه نقل بعض اجزاء افادته كلمة كلمة.‏ وبعد طرح المزيد من الاسئلة عليه،‏ تبيَّن انه لم يسبق ان عالج احدا من شهود يهوه.‏ في المقابل،‏ شهد بروفسور آخر في الطب النفسي انه اجرى دراسة على اكثر من ١٠٠ شاهد في موسكو.‏ وقد وجد ان جميعهم يتمتعون بصحة عقلية جيدة،‏ ثم اضاف انهم باتوا اكثر تسامحا مع الاديان الاخرى منذ صاروا من الشهود.‏

انتصار وقتي

في ١٢ آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٩،‏ عينت القاضية خمسة اكاديميين لتفحص مطبوعات شهود يهوه وارجأت المحاكمة.‏ من جهة اخرى،‏ كانت وزارة العدل في حكومة روسيا الفدرالية قد اصدرت امرا ان تجري هيئة من الاكاديميين دراسة لمطبوعاتنا.‏ وفي ١٥ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٩،‏ صرَّحت هذه الهيئة انهم لم يجدوا ان لمطبوعاتنا اي تأثير مفسد.‏ نتيجة لذلك،‏ اعادت وزارة العدل تسجيل شهود يهوه رسميا في ٢٩ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٩.‏ ولكن،‏ رغم هذه النتيجة الايجابية،‏ اصرت محكمة موسكو ان تتفحص هيئة اخرى مطبوعاتنا.‏ وكم كان الوضع غريبا!‏ ففي حين اقرَّت وزارة العدل الروسية ان شهود يهوه يطيعون القانون واعترفت بهم دينا رسميا،‏ كانت دائرة العدل في موسكو لا تزال تُخضعهم للتحقيقات بتهمة مخالفة القانون.‏

مرت سنتان تقريبا قبل الابتداء بالمحاكمة من جديد.‏ وقد توصلت القاضية يلينا پروهوريتشيڤا الى قرار في ٢٣ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠١.‏ فبعد التأمل في نتائج البحث الذي اجراه الاكاديميون الخمسة،‏ حكمت بما يلي:‏ «ما من اساس لحل جماعة شهود يهوه الدينية في موسكو وحظر نشاطها».‏ وأخيرا،‏ برِّئ رسميا اخوتنا من كل التهم الموجهة ضدهم.‏ غير ان المدعية العامة رفضت الحكم واستأنفت الدعوى الى محكمة مدينة موسكو.‏ وبعد ثلاثة اشهر،‏ نقضت هذه المحكمة قرار القاضية پروهوريتشيڤا في ٣٠ ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠١.‏ وأمرت بإعادة المحاكمة،‏ على ان تتولى المدعية العامة نفسها جهة الادعاء وأن يرأسها قاضٍ آخر.‏ وهكذا كانت المرحلة الثالثة على وشك ان تبدأ.‏

هزيمة وقتية

في ٣٠ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٠٠١،‏ باشرت القاضية ڤيرا دوبينسكايا المحاكمة.‏ * فأعادت المدعية العامة كوندْراتْيِيڤا صياغة التهمة ان شهود يهوه يشجعون على البغض،‏ ثم اضافت ان حظر جماعة شهود يهوه الرسمية هي وسيلة لحماية حقوق الشهود في موسكو.‏ وردا على هذا الادعاء الغريب،‏ وقَّع على الفور الشهود الـ‍ ١٠٬٠٠٠ في موسكو عريضة تطلب من المحكمة رفض «الحماية» التي عرضتها المدعية العامة.‏

لاحقا،‏ ذكرت المدعية العامة انه لا حاجة ان تزود ادلة تثبت ان الشهود مذنبون بانتهاك القانون.‏ فالمحاكمة،‏ على حد قولها،‏ متعلقة بمطبوعات شهود يهوه ومعتقداتهم وليس بأعمالهم.‏ وأعلنت انها ستستدعي ناطقا باسم الكنيسة الارثوذكسية الروسية كشاهد خبير.‏ وإعلانها هذا اكَّد ان رجال الدين متورطون الى حد بعيد في الحملة الرامية الى حظر الشهود.‏ وفي ٢٢ ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠٣،‏ امرت القاضية ان يتفحص فريق من الخبراء مطبوعات شهود يهوه مرة اخرى ايضا.‏

جرت متابعة المحاكمة في ١٧ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠٤ للنظر في نتائج دراسة فريق الخبراء.‏ وقد وجد الخبراء ان مطبوعاتنا تشجع قراءها على «صون زواجهم ووحدة عائلاتهم» وأن «لا دليل على» الادعاء انها تعزز البغض.‏ وهذا ايضا ما وافق عليه خبراء آخرون.‏ على سبيل المثال،‏ سألت المحكمة بروفسورا في التاريخ الديني:‏ «لمَ يكرز شهود يهوه؟‏».‏ فأجاب:‏ «ان الكرازة واجب كل مسيحي.‏ فهذا ما يذكره الانجيل وما فوض يسوع تلاميذه ان يفعلوه حين قال:‏ ‹اذهبوا وبشروا في كل الارض›».‏ ولكن رغم ذلك كله،‏ حظرت القاضية في ٢٦ آذار (‏مارس)‏ ٢٠٠٤ نشاط شهود يهوه في موسكو.‏ وأيدت محكمة مدينة موسكو هذا القرار في ١٦ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠٠٤.‏ * قال احد الاخوة القدامى معلِّقا على هذا الحكم:‏ «ايام الاتحاد السوفياتي لزم ان يكون الروسي ملحدا.‏ اما اليوم فعليه ان يكون ارثوذكسيا».‏

وكيف تجاوب اخوتنا مع الحظر؟‏ تماما كما فعل نحميا قديما.‏ فعندما حاول الاعداء عرقلة جهوده لإعادة بناء اسوار اورشليم،‏ لم يسمح هو وشعبه للمقاومة ان تثنيهم.‏ بل ‹تابعوا البناء› و ‹كان لهم قلب في العمل›.‏ (‏نح ٤:‏١-‏٦‏)‏ على نحو مماثل،‏ لم يسمح اخوتنا في موسكو للمقاومين ان يثنوهم عن القيام بعمل الكرازة بالبشارة الموكل اليهم.‏ (‏١ بط ٤:‏١٢،‏ ١٦‏)‏ واذ وثقوا ان يهوه سيعتني بهم،‏ كانوا مستعدين لخوض المرحلة الرابعة من هذه المعركة الطويلة.‏

تصاعد حدة العداء

في ٢٥ آب (‏اغسطس)‏ ٢٠٠٤،‏ قدم اخوتنا عريضة الى الكرملين موجهة الى رئيس جمهورية روسيا آنذاك فلاديمير بوتين.‏ وقد تألفت تلك العريضة،‏ التي تعبر عن قلق الشهود حيال هذا الحظر،‏ من ٧٦ مجلَّدا واحتوت على ٣١٥٬٠٠٠ توقيع.‏ عندئذ،‏ ظهر رجال دين الكنيسة الارثوذكسية الروسية على حقيقتهم.‏ فقد اعلن ناطق باسم بطريركية موسكو:‏ «نحن ضد نشاط شهود يهوه الى اقصى الحدود».‏ وقال احد القادة المسلمين ان قرار المحكمة بالحظر هو «حدث ايجابي بارز».‏

لا عجب اذا ان تجرَّأ افراد المجتمع الروسي المضلَّلون على مهاجمة شهود يهوه.‏ فقد تعرض بعض الشهود اثناء الكرازة للضرب والركل من المقاومين.‏ مثلا،‏ لحق رجل غاضب بإحدى اخواتنا الى خارج مبنى ورفسها بعنف على عمودها الفقري حتى وقعت ارضا وصدمت رأسها.‏ ومع انها احتاجت الى العناية الطبية،‏ لم تتخذ الشرطة اي اجراء لمعاقبة مهاجمها.‏ كما اعتُقل شهود آخرون،‏ أُخذت بصماتهم وصورهم،‏ واحتُجزوا ليلة في السجن.‏ وهُدد ايضا القيِّمون على اماكن الاجتماعات في موسكو بالصرف من عملهم ان استمروا في تأجير قاعاتهم للشهود.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى خسرت جماعات عديدة اماكن اجتماعها المستأجَرة.‏ فاضطرت اربعون جماعة ان تتشارك في مجمَّع واحد يضم اربع قاعات ملكوت.‏ فكان على جماعة تستخدم احدى قاعات هذا المجمَّع ان تعقد الاجتماع العام الساعة السابعة والنصف صباحا.‏ قال احد النظار الجائلين:‏ «رغم انه وجب على الناشرين ان يستيقظوا الساعة الخامسة لكي يحضروا الاجتماع،‏ فقد فعلوا ذلك عن طيب خاطر لأكثر من سنة».‏

قضية تعطي «شهادة»‏

بهدف اثبات عدم شرعية الحظر الذي فُرض في موسكو،‏ استنجد محامونا في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٢٠٠٤ بالمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان.‏ (‏انظر الاطار «لمَ أُحيلت القضية الى فرنسا؟‏» في الصفحة ٦.‏)‏ وبعد مضي ست سنوات،‏ اي في ١٠ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠١٠،‏ اصدرت المحكمة قرارا بالاجماع يبرِّئ شهود يهوه كاملا.‏ * وبعد ان راجعت كل التهم التي وُجهت ضدنا،‏ وجدتها باطلة.‏ كما ذكرت ان روسيا ملزمة قانونيا «ان تضع حدًّا للتعديات التي تجدها المحكمة وتصلح قدر الامكان الاضرار المتأتية عنها».‏ —‏ انظر الاطار «قرار المحكمة» في الصفحة ٨.‏

ان قرارات المحكمة الواضحة التي تظهر كيف تحمي الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان نشاطات شهود يهوه لا تلزِم روسيا فقط،‏ بل ايضا البلدان الاعضاء الاخرى الـ‍ ٤٦ في مجلس اوروبا.‏ علاوة على ذلك،‏ ستكون هذه القرارات غاية في الاهمية لعلماء القانون،‏ القضاة،‏ المشرِّعين،‏ واختصاصيي حقوق الانسان بسبب التحليل الشامل والمفصل الذي أُجري للقوانين والوقائع المتعلقة بالقضية.‏ فلكي تتوصل المحكمة الى حكم،‏ لم تستند الى ثمانية احكام سبق ان اصدرتها لصالح شهود يهوه فحسب،‏ بل ايضا الى تسعة انتصارات سابقة حققها الشهود في المحاكم العليا في كل من الارجنتين،‏ اسبانيا،‏ جنوب افريقيا،‏ روسيا،‏ كندا،‏ المملكة المتحدة،‏ الولايات المتحدة،‏ واليابان.‏ وهذه الاحكام السابقة،‏ اضافة الى الادلة الدامغة التي قدمتها المحكمة لدحض تهم الادعاء العام في موسكو،‏ تزود شهود يهوه حول العالم بأداة فعالة للدفاع عن ايمانهم ونشاطاتهم.‏

قال يسوع لأتباعه:‏ «تُساقون امام حكام وملوك من اجلي،‏ شهادة لهم وللامم».‏ (‏مت ١٠:‏١٨‏)‏ فالمعركة القضائية التي دامت ١٥ سنة قدمت لإخوتنا فرصة ان يجعلوا اسم يهوه معروفا في موسكو وسواها بشكل لم يسبق له مثيل.‏ فالتحقيقات والدعاوى القضائية وقرار المحكمة الدولية سلَّطت الاضواء على الشهود،‏ ما ادى الى «شهادة» وساهم في «تقدم البشارة».‏ (‏في ١:‏١٢‏)‏ واليوم،‏ حين يكرز الشهود في موسكو كثيرا ما يسألهم اصحاب البيوت:‏ «ألم يحظروا عملكم؟‏».‏ وهذا السؤال غالبا ما يفسح المجال لإخوتنا ان يخبروا الناس عن معتقداتنا.‏ من الواضح اذًا انه ما من مقاومة بإمكانها ان تعيقنا عن الكرازة بالملكوت.‏ ونحن نصلي ان يستمر يهوه في مباركة ودعم اخوتنا وأخواتنا الاعزاء والشجعان في روسيا.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 8‏ قُدمت هذه الشكوى في ٢٠ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٨.‏ وبعد اسبوعين،‏ في ٥ ايار (‏مايو)‏،‏ أقرَّت روسيا الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان.‏

^ ‎الفقرة 10‏ ‏«جرى تبني هذا القانون تحت ضغط من الكنيسة الارثوذكسية الروسية التي تحرص اشد الحرص على حماية مركزها في روسيا وتتوق الى رؤية الحظر على شهود يهوه».‏ —‏ أسّوشيايتد پرِس،‏ عدد ٢٥ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٩.‏

^ ‎الفقرة 20‏ ان ما يثير السخرية هو ان هذا التاريخ صادف الذكرى العاشرة لسن قانون في روسيا يعترف بشهود يهوه كضحايا للقمع الديني تحت ظل النظام السوفياتي.‏

^ ‎الفقرة 22‏ لقد حل الحظرُ الكيانَ القانوني المسجل الذي يستخدمه شهود يهوه في موسكو.‏ وبذلك،‏ امل المقاومون ان يعيقوا اخوتنا عن القيام بخدمتهم.‏

^ ‎الفقرة 28‏ في ٢٢ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٠١٠،‏ رفضت لجنة من خمسة قضاة في «الغرفة الكبرى» التابعة للمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان التماس روسيا ان تُحال القضية الى «الغرفة الكبرى».‏ وهكذا،‏ اصبح القرار نهائيا وملزِما في ١٠ حزيران (‏يونيو)‏ ٢٠١٠.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٦]‏

لمَ أُحيلت القضية الى فرنسا؟‏

في ٢٨ شباط (‏فبراير)‏ ١٩٩٦،‏ وقَّعت روسيا الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان.‏ (‏وفي ٥ ايار [مايو] ١٩٩٨ اقرَّت الاتفاقية)‏.‏ وبتوقيع حكومة روسيا هذه المعاهدة،‏ اعلنت ان لرعاياها

‏‹الحق في حرية العقيدة،‏ في ممارستها على انفراد او بصفة علنية،‏ وفي تغيير الدين ان هم ارادوا›.‏ —‏ المادة ٩.‏

‏‹الحق في حرية التعبير عن أفكارهم شفهيا وخطيا بطريقة مسؤولة وفي تقديم المعلومات للآخرين›.‏ —‏ المادة ١٠.‏

‏‹الحق في حرية المشاركة في الاجتماعات السلمية›.‏ —‏ المادة ١١.‏

وفي وسع الافراد او الهيئات،‏ الذين يقعون ضحية انتهاكات هذه المعاهدة،‏ ان يرفعوا دعواهم الى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان في مدينة ستراسبورغ الفرنسية (‏الصورة اعلاه)‏ بعد ان يستنفدوا جميع الوسائل القانونية المحلية.‏ وهذه المحكمة مؤلفة من ٤٧ قاضيا،‏ عدد يساوي عدد البلدان التي وقَّعت الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان.‏ وقرارات المحكمة ملزِمة.‏ فعلى البلدان التي وقَّعت المعاهدة ان تذعن لهذه القرارات.‏

‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

قرار المحكمة

في ما يلي بعض المقتطفات من قرار المحكمة.‏

زعمت احدى التهم ان شهود يهوه يفككون العائلات.‏ لكن قرار المحكمة كان مخالفا.‏ فقد ذكرت:‏

‏«يعود سبب النزاع الى مقاومة ورفض افراد العائلة غير الشهود احترام حرية قريبهم في اعلان دينه وممارسته».‏ —‏ الفقرة ١١١.‏

لم تجد المحكمة دليلا يدعم تهمة «السيطرة على العقول»،‏ فذكرت:‏

‏«تستغرب المحكمة ان محاكم (‏روسيا)‏ لم تذكر اسم اي شخص ادعى انه جرى انتهاك حقه في حرية الضمير بهذه الوسائل».‏ —‏ الفقرة ١٢٩.‏

زعمت تهمة اخرى ان شهود يهوه يضرون بصحتهم بعدم قبولهم نقل الدم.‏ لكن المحكمة قضت بما يخالف ذلك حين ذكرت:‏

‏«ان حرية قبول او رفض علاج طبي معين،‏ او اختيار علاج بديل،‏ جزء لا يتجزأ من مبدأي تقرير المصير واتخاذ القرارات الشخصية.‏ فالمريض الناضج والكامل الاهلية لديه مثلا حرية التقرير هل يخضع لجراحة او علاج ما،‏ او هل يقبل نقل الدم».‏ —‏ الفقرة ١٣٦.‏