استفد من وعود الله المؤكدة بقسم
«اَللهُ لَمَّا وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يَحْلِفَ بِمَنْ هُوَ أَعْظَمُ، حَلَفَ بِنَفْسِهِ». — عب ٦:١٣.
١ كَيْفَ يَخْتَلِفُ يَهْوَهُ عَنِ ٱلْبَشَرِ ٱلْخُطَاةِ؟
يَهْوَهُ هُوَ «إِلٰهُ ٱلْحَقِّ». (مز ٣١:٥) وَهُوَ «يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكْذِبَ»، بِخِلَافِ ٱلْبَشَرِ ٱلْخُطَاةِ ٱلَّذِينَ لَا يُمْكِنُ ٱلْوُثُوقُ بِهِمْ دَائِمًا. (عب ٦:١٨؛ اِقْرَأْ عدد ٢٣:١٩.) لِذلِكَ، فَإِنَّ مَا يَقْصِدُ فِعْلَهُ لِفَائِدَةِ ٱلْبَشَرِ يَتِمُّ دَائِمًا. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، لَقَدْ تَحَقَّقَتْ كُلُّ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي قَالَ فِي بِدَايَةِ كُلِّ يَوْمٍ خَلْقِيٍّ إِنَّهُ سَيَصْنَعُهَا. وَهكَذَا، فِي نِهَايَةِ ٱلْيَوْمِ ٱلْخَلْقِيِّ ٱلسَّادِسِ، «رَأَى ٱللهُ كُلَّ مَا صَنَعَهُ، فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا». — تك ١:٦، ٧، ٣٠، ٣١.
٢ مَا هُوَ يَوْمُ رَاحَةِ ٱللهِ، وَلِمَاذَا قَدَّسَهُ؟
٢ بَعْدَمَا نَظَرَ يَهْوَهُ ٱللهُ بِعَيْنِ ٱلرِّضَى إِلَى أَعْمَالِهِ ٱلْخَلْقِيَّةِ، أَعْلَنَ بِدَايَةَ ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ. وَلَيْسَ ٱلْيَوْمُ ٱلسَّابِعُ يَوْمًا مِنْ ٢٤ سَاعَةً، بَلْ فَتْرَةٌ زَمَنِيَّةٌ طَوِيلَةٌ ٱسْتَرَاحَ فِيهَا يَهْوَهُ مِنْ أَيِّ عَمَلٍ إِضَافِيٍّ خَلْقِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِٱلْأَرْضِ. (تك ٢:٢) وَيَوْمُ ٱلرَّاحَةِ هذَا لَمْ يَنْتَهِ بَعْدُ. (عب ٤:٩، ١٠) صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ لَا يَكْشِفُ مَتَى ٱبْتَدَأَ بِٱلتَّحْدِيدِ، لكِنَّهُ يُشِيرُ أَنَّهُ ٱبْتَدَأَ فِي وَقْتٍ مَا بَعْدَ خَلْقِ زَوْجَةِ آدَمَ، حَوَّاءَ، أَيْ مُنْذُ حَوَالَيْ ٦٬٠٠٠ سَنَةٍ. وَهذَا ٱلْيَوْمُ سَيَسْتَمِرُّ حَتَّى نِهَايَةِ حُكْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْأَلْفِيِّ ٱلَّذِي سَيَضْمَنُ تَحْقِيقَ قَصْدِ ٱللهِ لِلْأَرْضِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ فِرْدَوْسًا يَسْكُنُهُ إِلَى ٱلْأَبَدِ أُنَاسٌ كَامِلُونَ. (تك ١:٢٧، ٢٨؛ رؤ ٢٠:٦) فَهَلْ يُمْكِنُكَ ٱلْوُثُوقُ بِأَنَّ هذَا ٱلْمُسْتَقْبَلَ ٱلسَّعِيدَ سَيَأْتِي لَا مَحَالَةَ؟ طَبْعًا! فَقَدْ ‹بَارَكَ ٱللهُ ٱلْيَوْمَ ٱلسَّابِعَ وَقَدَّسَهُ›. وَبِذلِكَ نِلْنَا ضَمَانَةً أَكِيدَةً أَنَّهُ مَهْمَا نَشَأَ مِنْ مَشَاكِلَ، فَإِنَّ قَصْدَ ٱللهِ سَيَتِمُّ بِلَا رَيْبٍ فِي نِهَايَةِ يَوْمِ رَاحَتِهِ. — تك ٢:٣.
٣ (أ) كَيْفَ حَدَثَ ٱلتَّمَرُّدُ بَعْدَمَا ٱبْتَدَأَ يَوْمُ رَاحَةِ ٱللهِ؟ (ب) كَيْفَ عَبَّرَ يَهْوَهُ عَنْ نِيَّتِهِ فِي قَمْعِ ٱلتَّمَرُّدِ؟
٣ لكِنْ بَعْدَمَا ٱبْتَدَأَ يَوْمُ رَاحَةِ ٱللهِ، وَقَعَتِ ٱلْكَارِثَةُ. فَقَدْ تَمَرَّدَ ١ تي ٢:١٤) وَهِيَ بِدَوْرِهَا حَمَلَتْ زَوْجَهَا عَلَى ٱلتَّمَرُّدِ. (تك ٣:١-٦) حَتَّى فِي تِلْكَ ٱللَّحَظَاتِ ٱلْحَرِجَةِ مِنَ ٱلتَّارِيخِ ٱلْكَوْنِيِّ ٱلَّتِي جَرَى فِيهَا ٱلتَّشْكِيكُ فِي مِصْدَاقِيَّةِ ٱللهِ، لَمْ يَرَ يَهْوَهُ ٱلْحَاجَةَ أَنْ يُؤَكِّدَ بِقَسَمٍ أَنَّ قَصْدَهُ سَيَتِمُّ. بِٱلْأَحْرَى، ٱكْتَفَى بِذِكْرِ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي سَيَقْمَعُ بِهَا ٱلتَّمَرُّدَ مِنْ خِلَالِ كَلِمَاتٍ كَانَتْ سَتُفْهَمُ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ. فَقَدْ قَالَ: «أَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ [ٱلشَّيْطَانِ] وَبَيْنَ ٱلْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ [ٱلنَّسْلُ ٱلْمَوْعُودُ بِهِ] يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». — تك ٣:١٥؛ رؤ ١٢:٩.
ٱلشَّيْطَانُ — أَحَدُ أَبْنَائِهِ ٱلْمَلَائِكِيِّينَ — وَنَصَّبَ نَفْسَهُ إِلهًا مُنَافِسًا حِينَ كَذَبَ ٱلْكِذْبَةَ ٱلْأُولَى وَخَدَعَ حَوَّاءَ، مَا أَدَّى بِهَا إِلَى عِصْيَانِ يَهْوَهَ. (اِسْتِخْدَامُ ٱلْقَسَمِ كَأَدَاةٍ قَانُونِيَّةٍ
٤، ٥ مَاذَا ٱسْتَخْدَمَ إِبْرَاهِيمُ أَحْيَانًا كَأَدَاةٍ قَانُونِيَّةٍ؟
٤ فِي تِلْكَ ٱلْمَرْحَلَةِ ٱلْبَاكِرَةِ مِنَ ٱلتَّارِيخِ ٱلْبَشَرِيِّ، مِنَ ٱلْمُسْتَبْعَدِ أَنْ يَكُونَ ٱللهُ قَدْ أَعْطَى آدَمَ وَحَوَّاءَ مُفْرَدَاتٍ لِٱسْتِخْدَامِهَا كَقَسَمٍ بُغْيَةَ إِثْبَاتِ صِحَّةِ أَمْرٍ مَا. فَٱلْبَشَرُ ٱلْكَامِلُونَ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ ٱللهَ وَيَقْتَدُونَ بِهِ لَيْسُوا بِحَاجَةٍ أَنْ يَحْلِفُوا. فَهُمْ دَائِمًا يُخْبِرُونَ ٱلْحَقِيقَةَ وَيَثِقُونَ وَاحِدُهُمْ بِٱلْآخَرِ ثِقَةً تَامَّةً. لكِنَّ ٱلْأُمُورَ تَغَيَّرَتْ مَعَ دُخُولِ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلنَّقْصِ إِلَى ٱلْعَالَمِ. وَحِينَ تَفَشَّى ٱلْكَذِبُ وَٱلْخِدَاعُ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بَاتَ مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ أَنْ يَلْجَأُوا إِلَى ٱلْقَسَمِ بِهَدَفِ إِثْبَاتِ صِحَّةِ ٱلْمَسَائِلِ ٱلْهَامَّةِ، وَذلِكَ تَحْتَ طَائِلَةِ ٱلْقَانُونِ.
٥ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، ٱسْتَخْدَمَ إِبْرَاهِيمُ ٱلْقَسَمَ كَأَدَاةٍ قَانُونِيَّةٍ فِي ثَلَاثِ مُنَاسَبَاتٍ عَلَى ٱلْأَقَلِّ. (تك ٢١:٢٢-٢٤؛ ٢٤:٢-٤، ٩) فَذَاتَ مَرَّةٍ، بَعْدَ عَوْدَتِهِ مِنْ هَزِيمَةِ مَلِكِ عِيلَامَ وَحُلَفَائِهِ، لَاقَاهُ مَلِكَا شَلِيمَ وَسَدُومَ. فَبَارَكَهُ مَلْكِي صَادِقُ مَلِكُ شَلِيمَ، ٱلَّذِي كَانَ أَيْضًا «كَاهِنَ ٱللهِ ٱلْعَلِيِّ»، وَمَجَّدَ ٱللهَ ٱلَّذِي نَصَرَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ. (تك ١٤:١٧-٢٠) أَمَّا مَلِكُ سَدُومَ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يُكَافِئَهُ لِأَنَّهُ أَنْقَذَ شَعْبَهُ مِنْ يَدِ ٱلْجُيُوشِ ٱلْغَازِيَةِ. عِنْدَئِذٍ، أَقْسَمَ إِبْرَاهِيمُ قَائِلًا: «إِنِّي رَافِعٌ يَدِي بِقَسَمٍ إِلَى يَهْوَهَ ٱللهِ ٱلْعَلِيِّ، خَالِقِ ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ، لَا آخُذَنَّ لَا خَيْطًا وَلَا سَيْرَ نَعْلٍ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ، لِئَلَّا تَقُولَ: ‹أَنَا أَغْنَيْتُ أَبْرَامَ›». — تك ١٤:٢١-٢٣.
وَعْدُ يَهْوَهَ لِإِبْرَاهِيمَ مُؤَكَّدٌ بِقَسَمٍ
٦ (أ) أَيُّ مِثَالٍ رَسَمَهُ إِبْرَاهِيمُ لَنَا؟ (ب) أَيَّةُ فَائِدَةٍ نَجْنِيهَا بِسَبَبِ طَاعَةِ إِبْرَاهِيمَ؟
٦ يَهْوَهُ ٱللهُ أَيْضًا ٱسْتَخْدَمَ عِبَارَاتِ قَسَمٍ مِثْلَ: «حَيٌّ أَنَا»، وَذلِكَ لِفَائِدَةِ ٱلْبَشَرِ. (حز ١٧:١٦) وَيَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَكْثَرَ مِنْ ٤٠ مُنَاسَبَةً حَلَفَ فِيهَا يَهْوَهُ ٱللهُ. وَلَعَلَّ أَشْهَرَ مِثَالٍ عَلَى ذلِكَ يُرَى فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ. فَقَدْ أَعْطَاهُ وُعُودًا عَدِيدَةً تُظْهِرُ، إِذَا مَا جُمِعَتْ، أَنَّ ٱلنَّسْلَ ٱلْمَوْعُودَ بِهِ سَيَتَحَدَّرُ مِنْ هذَا ٱلْأَبِ ٱلْجَلِيلِ بِوَاسِطَةِ ٱبْنِهِ إِسْحَاقَ. (تك ١٢:١-٣، ٧؛ ١٣:١٤-١٧؛ ١٥:٥، ١٨؛ ٢١:١٢) وَبَعْدَ ذلِكَ، أَخْضَعَهُ لِٱمْتِحَانٍ قَاسٍ حِينَ أَمَرَهُ بِتَقْرِيبِ ٱبْنِهِ ٱلْحَبِيبِ. فَأَطَاعَ إِبْرَاهِيمُ دُونَ إِبْطَاءٍ، وَكَانَ عَلَى وَشْكِ أَنْ يُقَدِّمَ ٱبْنَهُ ذَبِيحَةً لَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ. عِنْدَئِذٍ أَقْسَمَ يَهْوَهُ: «بِنَفْسِي أَحْلِفُ . . . أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هٰذَا ٱلْأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ٱبْنَكَ وَحِيدَكَ، لَأُبَارِكَنَّكَ وَأُكَثِّرَنَّ نَسْلَكَ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ وَكَٱلرَّمْلِ ٱلَّذِي عَلَى شَاطِئِ ٱلْبَحْرِ، وَيَمْتَلِكُ نَسْلُكَ أَبْوَابَ مُدُنِ أَعْدَائِهِ. وَتَتَبَارَكُ بِنَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ ٱلْأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي». — تك ٢٢:١-٣، ٩-١٢، ١٥-١٨.
٧، ٨ (أ) مَا ٱلْغَايَةُ مِنْ قَسَمِ ٱللهِ لِإِبْرَاهِيمَ؟ (ب) كَيْفَ يَسْتَفِيدُ ‹ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ› مِنْ قَسَمِ ٱللهِ؟
٧ وَلِمَاذَا حَلَفَ ٱللهُ لِإِبْرَاهِيمَ أَنَّ وُعُودَهُ سَتَتَحَقَّقُ؟ كَيْ يُعَزِّزَ ثِقَةَ وَإِيمَانَ ٱلَّذِينَ سَيُصْبِحُونَ شُرَكَاءَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلْمِيرَاثِ، أَيِ ٱلْجُزْءَ ٱلثَّانَوِيَّ مِنَ «ٱلنَّسْلِ» ٱلْمَوْعُودِ بِهِ. (اِقْرَأْ عبرانيين ٦:١٣-١٨؛ غل ٣:٢٩) فَحَسْبَمَا أَوْضَحَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ، «تَوَسَّطَ [يَهْوَهُ] بِقَسَمٍ، حَتَّى بِأَمْرَيْنِ عَدِيمَيِ ٱلتَّغَيُّرِ [وَعْدِهِ وَقَسَمِهِ] يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكْذِبَ ٱللهُ فِيهِمَا يَكُونُ لَنَا . . . تَشْجِيعٌ قَوِيٌّ عَلَى ٱلتَّمَسُّكِ بِٱلرَّجَاءِ ٱلْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا».
٨ وَٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ لَيْسُوا ٱلْوَحِيدِينَ ٱلَّذِينَ يَسْتَفِيدُونَ مِنْ قَسَمِ ٱللهِ لِإِبْرَاهِيمَ. فَقَدْ حَلَفَ يَهْوَهُ أَنَّ ‹جَمِيعَ أُمَمِ ٱلْأَرْضِ سَتَتَبَارَكُ› بِوَاسِطَةِ «نَسْلِ» إِبْرَاهِيمَ. (تك ٢٢:١٨) وَيَشْمُلُ هؤُلَاءِ ٱلْمُبَارَكُونَ ‹ٱلْخِرَافَ ٱلْأُخَرَ› ٱلطَّائِعِينَ ٱلَّذِينَ وَضَعُوا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ رَجَاءَ ٱلْعَيْشِ حَيَاةً أَبَدِيَّةً عَلَى أَرْضٍ فِرْدَوْسِيَّةٍ. (يو ١٠:١٦) وَسَوَاءٌ كَانَ رَجَاؤُكَ سَمَاوِيًّا أَمْ أَرْضِيًّا، تَمَسَّكْ بِهِ مِنْ خِلَالِ ٱتِّبَاعِ مَسْلَكِ ٱلطَّاعَةِ كَامِلَ حَيَاتِكَ. — اِقْرَأْ عبرانيين ٦:١١، ١٢.
قَسَمَانِ مُرْتَبِطَانِ بِوُعُودِ ٱللهِ لِإِبْرَاهِيمَ
٩ أَيُّ قَسَمٍ أَقْسَمَهُ ٱللهُ حِينَ كَانَ ٱلْمُتَحَدِّرُونَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ مُسْتَعْبَدِينَ فِي مِصْرَ؟
٩ بَعْدَ قُرُونٍ، أَقْسَمَ يَهْوَهُ قَسَمًا يَرْتَبِطُ بِٱلْوُعُودِ ٱلْمَذْكُورَةِ آنِفًا، وَذلِكَ حِينَ أَرْسَلَ مُوسَى لِيُخَاطِبَ ٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مُسْتَعْبَدِينَ لِلْمِصْرِيِّينَ. (خر ٦:٦-٨) فَبِٱلْإِشَارَةِ إِلَى تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةِ، قَالَ ٱللهُ فِي سِفْرِ حَزْقِيَالَ: «إِنِّي يَوْمَ ٱخْتَرْتُ إِسْرَائِيلَ، . . . رَفَعْتُ لَهُمْ يَدِي مُقْسِمًا أَنْ أُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي تَجَسَّسْتُهَا لَهُمْ، أَرْضٍ تَفِيضُ حَلِيبًا وَعَسَلًا». — حز ٢٠:٥، ٦.
١٠ أَيُّ وَعْدٍ قَطَعَهُ ٱللهُ لِإِسْرَائِيلَ بَعْدَ تَحْرِيرِهِمْ مِنْ مِصْرَ؟
١٠ وَبَعْدَ تَحْرِيرِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ فِي مِصْرَ، وَعَدَهُمْ يَهْوَهُ مَرَّةً أُخْرَى مُؤَكِّدًا: «إِنْ أَطَعْتُمْ قَوْلِي وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي، تَكُونُونَ لِي مِلْكًا خَاصًّا مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ، لِأَنَّ ٱلْأَرْضَ كُلَّهَا لِي. وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ وَأُمَّةً مُقَدَّسَةً». (خر ١٩:٥، ٦) فَيَا لَلْمَكَانَةِ ٱلْخُصُوصِيَّةِ ٱلَّتِي مَنَحَهَا ٱللهُ لِلْأُمَّةِ ٱلْإِسْرَائِيلِيَّةِ! فَبِوَعْدِهِ هذَا أَتَاحَ لَهُمُ ٱلْفُرْصَةَ — إِذَا أَطَاعُوهُ — أَنْ يَكُونُوا مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ يَتَبَارَكُ بِوَاسِطَتِهَا بَاقِي ٱلْبَشَرِ. وَلَاحِقًا، وَصَفَ يَهْوَهُ مَا فَعَلَهُ لِهذِهِ ٱلْأُمَّةِ فِي تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةِ، قَائِلًا: «أَقْسَمْتُ لَكِ وَدَخَلْتُ مَعَكِ فِي عَهْدٍ». — حز ١٦:٨.
١١ كَيْفَ تَجَاوَبَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ عِنْدَمَا دَعَاهُمُ ٱللهُ لِيَكُونُوا فِي عَلَاقَةِ عَهْدٍ مَعَهُ؟
١١ آنَذَاكَ، لَمْ يُجْبِرْ يَهْوَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَحْلِفُوا لِيُؤَكِّدُوا أَنَّهُمْ سَيُطِيعُونَهُ، وَلَمْ يَفْرِضْ عَلَيْهِمِ ٱلدُّخُولَ فِي تِلْكَ ٱلْعَلَاقَةِ ٱلْمُمَيَّزَةِ. بَلْ هُمْ قَالُوا بِمِلْءِ إِرَادَتِهِمْ: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ يَهْوَهُ نَفْعَلُهُ». (خر ١٩:٨) وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَعْلَمَهُمْ بِمَا يَتَطَلَّبُهُ مِنَ ٱلْأُمَّةِ ٱلَّتِي ٱخْتَارَهَا. فَسَمِعُوا أَوَّلًا ٱلْوَصَايَا ٱلْعَشْرَ، وَمِنْ ثُمَّ أَطْلَعَهُمْ مُوسَى عَلَى وَصَايَا إِضَافِيَّةٍ مُسَجَّلَةٍ فِي سِفْرِ ٱلْخُرُوجِ، مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ ٢٠ ٱلْعَدَدِ ٢٢ حَتَّى ٱلْإِصْحَاحِ ٢٣ ٱلْعَدَدِ ٣٣. فَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ إِسْرَائِيلَ؟ «أَجَابَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَقَالُوا: ‹كُلُّ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ يَهْوَهُ نَفْعَلُهُ›». (خر ٢٤:٣) بَعْدَ ذلِكَ، كَتَبَ مُوسَى ٱلشَّرَائِعَ فِي «كِتَابِ ٱلْعَهْدِ» وَقَرَأَهَا بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ بِحَيْثُ تَمَكَّنَتِ ٱلْأُمَّةُ بِأَسْرِهَا أَنْ تَسْمَعَهَا مُجَدَّدًا. وَلِلْمَرَّةِ ٱلثَّالِثَةِ، قَالَ ٱلشَّعْبُ مُؤَكِّدًا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ يَهْوَهُ نَفْعَلُهُ وَنُطِيعُهُ». — خر ٢٤:٤، ٧، ٨.
١٢ مَاذَا فَعَلَ يَهْوَهُ ٱلْتِزَامًا مِنْهُ بِعَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ، وَكَيْفَ يَتَبَايَنُ ذلِكَ مَعَ مَوْقِفِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟
١٢ شَرَعَ يَهْوَهُ عَلَى ٱلْفَوْرِ فِي إِتْمَامِ مَا وَعَدَ بِهِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ فِي عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ. فَأَمَرَ بِنَصْبِ خَيْمَةٍ لِلْعِبَادَةِ وَإِقَامَةِ كَهَنُوتٍ يُمَكِّنُ ٱلْبَشَرَ ٱلْخُطَاةَ أَنْ يَقْتَرِبُوا مِنْهُ. أَمَّا هُمْ فَنَسُوا بِسُرْعَةٍ ٱنْتِذَارَهُمْ لِلهِ وَ «أَحْزَنُوا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ». (مز ٧٨:٤١) عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، حِينَ كَانَ مُوسَى يَتَلَقَّى ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْإِرْشَادَاتِ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، نَفَدَ صَبْرُهُمْ وَتَزَعْزَعَ إِيمَانُهُمْ بِٱللهِ وَظَنُّوا أَنَّ مُوسَى تَخَلَّى عَنْهُمْ. فَصَنَعُوا عِجْلًا ذَهَبِيًّا وَقَالُوا: «هٰذَا إِلٰهُكَ، يَا إِسْرَائِيلُ، ٱلَّذِي أَصْعَدَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ». (خر ٣٢:١، ٤) ثُمَّ أَقَامُوا ٱحْتِفَالًا دَعَوْهُ ‹عِيدًا لِيَهْوَهَ› وَسَجَدُوا لِلصَّنَمِ ٱلَّذِي صَنَعَتْهُ أَيْدِيهِمْ وَذَبَحُوا لَهُ. فَرَأَى يَهْوَهُ ذلِكَ وَقَالَ لِمُوسَى: «حَادُوا سَرِيعًا عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي أَوْصَيْتُهُمْ أَنْ يَسْلُكُوهُ». (خر ٣٢:٥، ٦، ٨) وَلِلْأَسَفِ، مِنْ ذلِكَ ٱلْوَقْتِ وَصَاعِدًا، ٱعْتَادَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَنْ يَصْنَعُوا نُذُورًا لِلهِ وَلَا يَفُوا بِهَا. — عد ٣٠:٢.
قَسَمَانِ آخَرَانِ
١٣ أَيُّ قَسَمٍ أَقْسَمَهُ ٱللهُ لِلْمَلِكِ دَاوُدَ، وَمَا عَلَاقَةُ هذَا ٱلْقَسَمِ بِٱلنَّسْلِ ٱلْمَوْعُودِ بِهِ؟
١٣ أَثْنَاءَ حُكْمِ ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ، أَقْسَمَ يَهْوَهُ قَسَمَيْنِ آخَرَيْنِ لِفَائِدَةِ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ. فَفِي مز ٨٩:٣٥، ٣٦؛ ١٣٢:١١، ١٢) وَقَدْ عَنَى ذلِكَ أَنَّ ٱلنَّسْلَ ٱلْمَوْعُودَ بِهِ سَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ وَأَنَّهُ سَيُدْعَى «ٱبْنَ دَاوُدَ». (مت ١:١؛ ٢١:٩) لكِنَّ دَاوُدَ دَعَاهُ بِتَوَاضُعٍ «رَبًّا»، لِأَنَّهُ سَيَتَوَلَّى مَرْكَزًا أَسْمَى مِنْ مَرْكَزِهِ. — مت ٢٢:٤٢-٤٤.
ٱلْمُنَاسَبَةِ ٱلْأُولَى، حَلَفَ لَهُ أَنَّ عَرْشَهُ سَيَثْبُتُ إِلَى ٱلْأَبَدِ. (١٤ أَيُّ قَسَمٍ أَقْسَمَهُ يَهْوَهُ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلنَّسْلِ ٱلْمَوْعُودِ بِهِ، وَكَيْفَ نَسْتَفِيدُ نَحْنُ مِنْهُ؟
١٤ وَفِي ٱلْمُنَاسَبَةِ ٱلثَّانِيَةِ، أَوْحَى يَهْوَهُ لِدَاوُدَ أَنْ يُنْبِئَ بِأَنَّ ٱلْمَلِكَ ٱلْمُتَحَدِّرَ مِنْهُ سَيَخْدُمُ عَلَى نَحْوٍ ٱسْتِثْنَائِيٍّ كَرَئِيسِ كَهَنَةٍ. فَفِي إِسْرَائِيلَ، كَانَ ٱلْمُلْكُ وَٱلْكَهَنُوتُ مُنْفَصِلَيْنِ تَمَامًا. فَقَدْ تَحَدَّرَ ٱلْكَهَنَةُ مِنْ سِبْطِ لَاوِي، أَمَّا ٱلْمُلُوكُ فَمِنْ سِبْطِ يَهُوذَا. لكِنَّ دَاوُدَ تَنَبَّأَ عَنْ وَرِيثِهِ: «قَالَ يَهْوَهُ لِرَبِّي: ‹اِجْلِسْ عَنْ يَمِينِي إِلَى أَنْ أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ›. حَلَفَ يَهْوَهُ (وَلَنْ يَنْدَمَ): ‹أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى ٱلدَّهْرِ عَلَى غِرَارِ مَلْكِي صَادِقَ!›». (مز ١١٠:١، ٤) وَإِتْمَامًا لِهذِهِ ٱلنُّبُوَّةِ، يَحْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ. كَمَا أَنَّهُ يَخْدُمُ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، إِذْ يُسَاعِدُ ٱلْبَشَرَ ٱلتَّائِبِينَ عَلَى ٱمْتِلَاكِ عَلَاقَةٍ مَقْبُولَةٍ مَعَ ٱللهِ. — اِقْرَأْ عبرانيين ٧:٢١، ٢٥، ٢٦.
وِلَادَةُ إِسْرَائِيلِ ٱللهِ
١٥، ١٦ (أ) كَمْ إِسْرَائِيلَ يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِهِ، وَأَيٌّ يَحْظَى ٱلْيَوْمَ بِبَرَكَةِ ٱللهِ؟ (ب) أَيَّةُ وَصِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِٱلْحَلْفِ أَعْطَاهَا يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ، وَأَيَّ سُؤَالَيْنِ سَنُنَاقِشُ فِي مَقَالَةِ ٱلدَّرْسِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٥ عِنْدَمَا رَفَضَتْ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ، خَسِرَتْ حُظْوَتَهَا لَدَى ٱللهِ وَفُرْصَتَهَا بِأَنْ تُصْبِحَ «مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ». فَحَسْبَمَا قَالَ يَسُوعُ لِلْقَادَةِ ٱلْيَهُودِ: «مَلَكُوتُ ٱللهِ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تُنْتِجُ ثِمَارَهُ». (مت ٢١:٤٣) وَقَدْ وُلِدَتْ هذِهِ ٱلْأُمَّةُ ٱلْجَدِيدَةُ فِي يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم حِينَ سَكَبَ ٱللهُ رُوحَهُ عَلَى نَحْوِ ١٢٠ تِلْمِيذًا لِيَسُوعَ مُجْتَمِعِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَسُرْعَانَ مَا ٱنْضَمَّ إِلَيْهِمْ أُنَاسٌ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْمَعْرُوفِ آنَذَاكَ، فَبَاتُوا يُعَدُّونَ بِٱلْآلَافِ. وَدُعِيَتْ هذِهِ ٱلْأُمَّةُ ٱلْجَدِيدَةُ «إِسْرَائِيلَ ٱللهِ». — غل ٦:١٦.
١٦ بِخِلَافِ إِسْرَائِيلَ ٱلطَّبِيعِيِّ، ٱسْتَمَرَّتْ أُمَّةُ ٱللهِ ٱلرُّوحِيَّةُ ٱلْجَدِيدَةُ تَحْمِلُ ثَمَرًا جَيِّدًا بِمُدَاوَمَتِهَا عَلَى إِطَاعَتِهِ. وَإِحْدَى ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي يُطِيعُهَا أَفْرَادُهَا تَتَعَلَّقُ بِٱلْحَلْفِ. فَحِينَ أَتَى يَسُوعُ إِلَى ٱلْأَرْضِ، كَانَ ٱلنَّاسُ قَدِ ٱعْتَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا زُورًا أَوْ لِأَتْفَهِ ٱلْأَسْبَابِ. (مت ٢٣:١٦-٢٢) لِذَا أَوْصَى يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ: «لَا تَحْلِفُوا أَلْبَتَّةَ . . . كَلِمَتُكُمْ نَعَمْ فَلْتَعْنِ نَعَمْ، وَكَلِمَتُكُمْ لَا فَلْتَعْنِ لَا. وَمَا زَادَ عَلَى ذٰلِكَ فَهُوَ مِنَ ٱلشِّرِّيرِ». (مت ٥:٣٤، ٣٧). فَهَلْ يَعْنِي ذلِكَ أَنَّهُ مِنَ ٱلْخَطَإِ دَائِمًا أَنْ نَحْلِفَ؟ وَٱلْأَهَمُّ، مَاذَا يَشْمُلُهُ أَنْ تَعْنِيَ نَعَمْنَا نَعَمْ؟ سَنُنَاقِشُ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ فِي مَقَالَةِ ٱلدَّرْسِ ٱلتَّالِيَةِ.
يَهْوَهُ يَصْدُقُ دَائِمًا فِي وُعُودِهِ
١٧ إِلَامَ تُؤَدِّي ٱلْمُدَاوَمَةُ عَلَى إِطَاعَةِ يَهْوَهَ؟
١٧ إِذًا، لِنُدَاوِمْ عَلَى إِطَاعَةِ ٱللهِ فِيمَا نُوَاصِلُ ٱلتَّأَمُّلَ فِي كَلِمَتِهِ. وَهُوَ بِدَوْرِهِ سَيَفْرَحُ بِأَنْ يُغْدِقَ عَلَيْنَا بَرَكَاتِهِ إِلَى ٱلْأَبَدِ ٱنْسِجَامًا مَعَ وُعُودِهِ ٱلرَّائِعَةِ.