«علّمني ان افعل مشيئتك»
«عَلِّمْنِي أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ إِلٰهِي». — مز ١٤٣:١٠.
١، ٢ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ إِذَا أَخَذْنَا مَشِيئَةَ ٱللهِ بِعَيْنِ ٱلِٱعْتِبَارِ، وَمَاذَا سَنَتَعَلَّمُ بِشَأْنِ ذلِكَ مِنَ ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ؟
هَلِ ٱسْتَخْدَمْتَ مَرَّةً أَثْنَاءَ سَفَرِكَ نِظَامَ كُمْبْيُوتِر لِلْخَرَائِطِ يُتِيحُ لَكَ رُؤْيَةَ مَنْظَرٍ جَوِّيٍّ لِلْمَكَانِ ٱلَّذِي تَقْصِدُهُ؟ فَلَرُبَّمَا سَاعَدَكَ ذلِكَ عَلَى تَحْدِيدِ ٱلْمَسَارِ ٱلْأَفْضَلِ ٱلَّذِي يَجِبُ أَنْ تَسْلُكَهُ. وَيَنْطَبِقُ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ عِنْدَ ٱتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ مُهِمَّةٍ. فَرُؤْيَةُ ٱلْأُمُورِ مِنْ وُجْهَةِ نَظَرِ ٱلْخَالِقِ ٱلسَّامِيَةِ سَتُتِيحُ لَنَا ‹ٱلسُّلُوكَ فِي ٱلطَّرِيقِ› ٱلَّتِي تُرْضِيهِ. — اش ٣٠:٢١.
٢ وَهذَا مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ فِي إِسْرَائِيلَ قَدِيمًا. فَقَدْ أَخَذَ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ بِعَيْنِ ٱلِٱعْتِبَارِ مُعْظَمَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. فَلْنَسْتَعِدْ مَعًا بَعْضَ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلَّتِي عَاشَهَا دَاوُدُ بُغْيَةَ ٱلتَّعَلُّمِ مِنْ هذَا ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي كَانَ قَلْبُهُ كَامِلًا مَعَ يَهْوَهَ ٱللهِ. — ١ مل ١١:٤.
رَفَّعَ دَاوُدُ ٱسْمَ يَهْوَهَ عَالِيًا
٣، ٤ (أ) مَا ٱلَّذِي دَفَعَ دَاوُدَ أَنْ يَتَصَدَّى لِجُلْيَاتَ؟ (ب) عَلَامَ حَثَّ دَاوُدُ رُفَقَاءَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟
٣ تَأَمَّلْ فِي مُوَاجَهَةِ دَاوُدَ لِلْمُبَارِزِ ٱلْفِلِسْطِيِّ جُلْيَاتَ. فَمَا ٱلَّذِي دَفَعَهُ وَهُوَ بَعْدُ فَتِيٌّ إِلَى مُجَابَهَةِ جَبَّارٍ مُدَجَّجٍ بِٱلسِّلَاحِ طُولُهُ ٣ أَمْتَارٍ تَقْرِيبًا؟ (١ صم ١٧:٤) أَشَجَاعَتُهُ أَمْ إِيمَانُهُ بِٱللهِ؟ لَا شَكَّ أَنَّ كِلْتَا ٱلصِّفَتَيْنِ لَعِبَتَا دَوْرًا حَيَوِيًّا فِي إِعْرَابِهِ عَنِ ٱلْبَسَالَةِ. لكِنَّ ٱلسَّبَبَ ٱلرَّئِيسِيَّ ٱلَّذِي جَعَلَهُ يَتَصَدَّى لِهذَا ٱلْعِمْلَاقِ هُوَ ٱلِٱحْتِرَامُ ٱلَّذِي أَكَنَّهُ لِيَهْوَهَ وَٱسْمِهِ ٱلْعَظِيمِ. فَبِنَبْرَةٍ سَاخِطَةٍ، سَأَلَ دَاوُدُ: «مَنْ هُوَ هٰذَا ٱلْفِلِسْطِيُّ ٱلْأَغْلَفُ حَتَّى يُعَيِّرَ صُفُوفَ ٱللهِ ٱلْحَيِّ؟». — ١ صم ١٧:٢٦.
٤ وَعِنْدَمَا وَقَفَ وَجْهًا لِوَجْهٍ مَعَ جُلْيَاتَ قَالَ لَهُ: «أَنْتَ تَأْتِينِي ١ صم ١٧:٤٥) وَإِذِ ٱتَّكَلَ عَلَى ٱلْإِلهِ ٱلْحَقِيقِيِّ، أَرْدَاهُ قَتِيلًا بِحَجَرٍ وَاحِدٍ مِنْ مِقْلَاعِهِ. وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةَ ٱلْوَحِيدَةَ ٱلَّتِي وَثِقَ دَاوُدُ فِيهَا بِيَهْوَهَ وَرَفَّعَ ٱسْمَهُ عَالِيًا. بَلْ أَعْرَبَ عَنْ ثِقَةٍ كَهذِهِ كَامِلَ مَسْلَكِ حَيَاتِهِ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، حَثَّ دَاوُدُ رُفَقَاءَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ ‹يَفْتَخِرُوا بِٱسْمِ يَهْوَهَ ٱلْقُدُّوسِ›. — اِقْرَأْ ١ اخبار الايام ١٦:٨-١٠.
بِسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَمِزْرَاقٍ، أَمَّا أَنَا فَآتِيكَ بِٱسْمِ يَهْوَهِ ٱلْجُنُودِ، إِلٰهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ، ٱلَّذِي عَيَّرْتَهُ». (٥ أَيُّ وَضْعٍ قَدْ تُوَاجِهُونَهُ يُشْبِهُ ٱلْحَادِثَةَ ٱلَّتِي عَيَّرَ فِيهَا جُلْيَاتُ يَهْوَهَ؟
٥ وَمَاذَا عَنْكَ؟ هَلْ تَفْتَخِرُ بِأَنَّ يَهْوَهَ هُوَ إِلهُكَ؟ (ار ٩:٢٤) كَيْفَ تَتَجَاوَبُ حِينَ تَسْمَعُ جِيرَانَكَ، زُمَلَاءَكَ، رُفَقَاءَ صَفِّكَ، أَوْ أَقْرِبَاءَكَ يَتَكَلَّمُونَ بِٱلسُّوءِ عَنْ يَهْوَهَ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِشُهُودِهِ؟ هَلْ تَثِقُ بِدَعْمِهِ وَتُدَافِعُ عَنِ ٱسْمِهِ عِنْدَمَا يُعَيَّرُ؟ صَحِيحٌ أَنَّهُ «لِلصَّمْتِ وَقْتٌ»، وَلكِنْ يَنْبَغِي أَلَّا نَخْجَلَ بِكَوْنِنَا شُهُودًا لِيَهْوَهَ وَأَتْبَاعًا لِيَسُوعَ. (جا ٣:١، ٧؛ مر ٨:٣٨) وَرَغْمَ أَنَّ عَلَيْنَا ٱلِٱتِّصَافَ بِٱللَّبَاقَةِ وَٱلتَّهْذِيبِ عِنْدَ ٱلتَّعَامُلِ مَعَ ٱلْمُقَاوِمِينَ، فَلَا نَكُنْ مِثْلَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلَّذِينَ «ٱرْتَاعُوا وَخَافُوا جِدًّا» حِينَ سَمِعُوا جُلْيَاتَ يُعَيِّرُ يَهْوَهَ. (١ صم ١٧:١١) عِوَضَ ذلِكَ، لِنَتَصَرَّفْ بِحَزْمٍ وَشَجَاعَةٍ لِتَقْدِيسِ ٱسْمِ يَهْوَهَ ٱللهِ. فَرَغْبَتُنَا هِيَ مُسَاعَدَةُ ٱلنَّاسِ عَلَى مَعْرِفَتِهِ حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ. وَلِهذِهِ ٱلْغَايَةِ، نَسْتَخْدِمُ كَلِمَتَهُ ٱلْمَكْتُوبَةَ بَاذِلِينَ مَا فِي وِسْعِنَا كَيْ نُرِيَهُمْ أَهَمِّيَّةَ ٱلِٱقْتِرَابِ إِلَى ٱللهِ. — يع ٤:٨.
٦ مَاذَا كَانَ هَدَفُ دَاوُدَ مِنْ مُوَاجَهَتِهِ لِجُلْيَاتَ، وَمَاذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَدَفُنَا ٱلرَّئِيسِيُّ؟
٦ يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ دَرْسًا مُهِمًّا آخَرَ مِنَ ٱلْمُوَاجَهَةِ ٱلَّتِي حَصَلَتْ بَيْنَ دَاوُدَ وَجُلْيَاتَ. فَحِينَ وَصَلَ دَاوُدُ إِلَى جَبْهَةِ ٱلْقِتَالِ، سَأَلَ: «مَاذَا يُفْعَلُ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَضْرِبُ ذٰلِكَ ٱلْفِلِسْطِيَّ هُنَاكَ وَيُزِيلُ ٱلْعَارَ عَنْ إِسْرَائِيلَ؟». فَأَجَابَهُ ٱلشَّعْبُ مُرَدِّدِينَ مَا قَالُوهُ سَابِقًا: «اَلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَضْرِبُهُ يُغْنِيهِ ٱلْمَلِكُ غِنًى عَظِيمًا، وَيُعْطِيهِ ٱبْنَتَهُ». (١ صم ١٧:٢٥-٢٧) بَيْدَ أَنَّ هَدَفَ دَاوُدَ ٱلرَّئِيسِيَّ لَمْ يَكُنِ ٱلْمَكْسَبَ ٱلْمَادِّيَّ، بَلْ تَمْجِيدَ ٱلْإِلهِ ٱلْحَقِيقِيِّ. (اِقْرَأْ ١ صموئيل ١٧:٤٦، ٤٧.) نَحْنُ أَيْضًا، لَا يَنْبَغِي أَنْ نَصُبَّ ٱهْتِمَامَنَا عَلَى صُنْعِ ٱسْمٍ لِأَنْفُسِنَا بِتَكْدِيسِ ٱلثَّرَوَاتِ وَٱلسَّعْيِ إِلَى ٱلْبُرُوزِ فِي ٱلْمُجْتَمَعِ. بَلْ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَحْذُوَ حَذْوَ دَاوُدَ ٱلَّذِي رَنَّمَ: «عَظِّمُوا يَهْوَهَ مَعِي، وَلْنَرْفَعِ ٱسْمَهُ مَعًا». (مز ٣٤:٣) إِذًا، لِنَتَّكِلْ عَلَى ٱللهِ مُرَفِّعِينَ ٱسْمَهُ، لَا ٱسْمَنَا. — مت ٦:٩.
٧ كَيْفَ نُنْمِي ٱلْإِيمَانَ ٱلرَّاسِخَ ٱلَّذِي يُسَاعِدُنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ مَعَ أُنَاسٍ لَا يُحِبُّونَ رِسَالَتَنَا؟
٧ إِنَّ ٱلْمَوْقِفَ ٱلشُّجَاعَ ٱلَّذِي ٱتَّخَذَهُ دَاوُدُ عِنْدَ ٱلتَّصَدِّي لِجُلْيَاتَ تَطَلَّبَ ثِقَةً تَامَّةً بِيَهْوَهَ وَإِيمَانًا قَوِيًّا بِهِ. وَكَيْفَ نَمَّى دَاوُدُ إِيمَانًا كَهذَا؟ إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ هِيَ بِٱتِّكَالِهِ عَلَى يَهْوَهَ حِينَ كَانَ رَاعِيًا. (١ صم ١٧:٣٤-٣٧) نَحْنُ أَيْضًا نَحْتَاجُ إِلَى إِيمَانٍ رَاسِخٍ كَيْ نَسْتَمِرَّ فِي خِدْمَتِنَا، وَخُصُوصًا عِنْدَمَا نَلْتَقِي أُنَاسًا لَا يُحِبُّونَ رِسَالَتَنَا. وَفِي وِسْعِنَا تَعْزِيزُ إِيمَانِنَا بِٱلِٱعْتِمَادِ عَلَى ٱللهِ فِي نَشَاطَاتِنَا ٱلْيَوْمِيَّةِ. مَثَلًا، نَسْتَطِيعُ أَنْ نَبْدَأَ مُحَادَثَةً عَنْ حَقِّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مَعَ ٱلَّذِينَ يَجْلِسُونَ بِقُرْبِنَا فِي وَسَائِلِ ٱلنَّقْلِ ٱلْعَامَّةِ، أَوْ مَعَ ٱلَّذِينَ نُصَادِفُهُمْ فِي ٱلشَّارِعِ أَثْنَاءَ خِدْمَتِنَا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ. — اع ٢٠:٢٠، ٢١.
اِنْتَظَرَ دَاوُدُ يَهْوَهَ
٨، ٩ كَيْفَ أَظْهَرَ دَاوُدُ أَنَّهُ أَبْقَى مَشِيئَةَ ٱللهِ فِي بَالِهِ فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلْمَلِكِ شَاوُلَ؟
٨ يَظْهَرُ أَيْضًا ٱسْتِعْدَادُ دَاوُدَ لِلِٱتِّكَالِ عَلَى يَهْوَهَ فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلْمَلِكِ شَاوُلَ، أَوَّلِ مَلِكٍ فِي إِسْرَائِيلَ. فَفِي ثَلَاثِ مُنَاسَبَاتٍ، حَاوَلَ شَاوُلُ أَنْ يُسَمِّرَهُ إِلَى ٱلْحَائِطِ بِٱلرُّمْحِ. لكِنَّهُ كَانَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَتَنَحَّى مِنْ أَمَامِهِ وَلَا يُحَاوِلُ ٱلِٱنْتِقَامَ مِنْهُ. وَأَخِيرًا، هَرَبَ لِيَنْجُوَ بِحَيَاتِهِ. (١ صم ١٨:٧-١١؛ ١٩:١٠) عِنْدَئِذٍ، أَخَذَ شَاوُلُ ثَلَاثَةَ آلَافِ رَجُلٍ مُخْتَارِينَ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَذَهَبَ يَطْلُبُهُ فِي ٱلْبَرَارِي. (١ صم ٢٤:٢) وَفِيمَا هُوَ يُطَارِدُهُ، دَخَلَ إِلَى إِحْدَى ٱلْمَغَاوِرِ غَيْرَ عَالِمٍ بِوُجُودِهِ هُوَ وَرِجَالِهِ هُنَاكَ. وَكَانَ بِمَقْدُورِ دَاوُدَ أَنْ يَسْتَغِلَّ ٱلْفُرْصَةَ لِيَقْضِيَ عَلَى خَصْمِهِ ٱلَّذِي هَدَّدَ حَيَاتَهُ. أَفَلَمْ تَكُنْ مَشِيئَةُ ٱللهِ أَنْ يَرْتَقِيَ هُوَ عَرْشَ ٱلْمُلْكِ فِي إِسْرَائِيلَ بَدَلَ شَاوُلَ؟ (١ صم ١٦:١، ١٣) وَلَوْ أَصْغَى لِمَشُورَةِ رِجَالِهِ لَكَانَ قَتَلَ شَاوُلَ. لكِنَّهُ قَالَ: «حَاشَا لِي، مِنْ قِبَلِ يَهْوَهَ، أَنْ أَفْعَلَ هٰذَا ٱلْأَمْرَ لِسَيِّدِي، مَسِيحِ يَهْوَهَ». (اِقْرَأْ ١ صموئيل ٢٤:٤-٧.) فَشَاوُلُ كَانَ لَا يَزَالُ ٱلْمَلِكَ ٱلْمَمْسُوحَ مِنَ ٱللهِ. لِذلِكَ أَبَى دَاوُدُ أَنْ يَسْلُبَهُ ٱلْعَرْشَ مَا دَامَ يَهْوَهُ لَمْ يَخْلَعْهُ عَنْهُ بَعْدُ. وَقَدِ ٱكْتَفَى بِقَطْعِ ذَيْلِ جُبَّتِهِ لِيُثْبِتَ أَنْ لَيْسَ فِي نِيَّتِهِ إِلْحَاقُ ٱلْأَذَى بِهِ. — ١ صم ٢٤:١١.
٩ أَظْهَرَ دَاوُدُ مُجَدَّدًا ٱلِٱحْتِرَامَ لِمَسِيحِ يَهْوَهَ فِي آخِرِ مَرَّةٍ رَآهُ فِيهَا. فَفِي تِلْكَ ٱلْحَادِثَةِ، وَصَلَ هُوَ وَأَبِيشَايُ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي عَسْكَرَ فِيهِ شَاوُلُ وَوَجَدَاهُ نَائِمًا. وَإِذِ ٱسْتَنْتَجَ أَبِيشَايُ أَنَّ ٱللهَ قَدْ أَسْلَمَ ٱلْعَدُوَّ إِلَى يَدِ دَاوُدَ، عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَمِّرَهُ بِٱلرُّمْحِ إِلَى ٱلْأَرْضِ. لكِنَّ دَاوُدَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِذلِكَ. (١ صم ٢٦:٨-١١) فَبِسَبَبِ مُدَاوَمَتِهِ عَلَى طَلَبِ إِرْشَادِ ٱللهِ، بَقِيَ لَدَيْهِ تَصْمِيمٌ رَاسِخٌ أَنْ يَعْمَلَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ رَغْمَ تَحْرِيضَاتِ أَبِيشَايَ.
١٠ أَيُّ وَضْعٍ صَعْبٍ قَدْ نُوَاجِهُهُ، وَمَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى ثَبَاتِنَا؟
١٠ نَحْنُ أَيْضًا، قَدْ يُحَاوِلُ عُشَرَاؤُنَا جَرَّنَا إِلَى ٱتِّبَاعِ تَفْكِيرِهِمِ ٱلْبَشَرِيِّ لِحَلِّ مَشَاكِلِنَا عِوَضَ أَنْ يَدْعَمُونَا فِي فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللهِ. حَتَّى إِنَّ ٱلْبَعْضَ، مَثَلُهُمْ مَثَلُ أَبِيشَايَ، قَدْ يُشَجِّعُونَنَا عَلَى ٱتِّخَاذِ إِجْرَاءٍ فِي مَسْأَلَةٍ مَا دُونَ أَخْذِ وُجْهَةِ نَظَرِ ٱللهِ بِعَيْنِ
ٱلِٱعْتِبَارِ. لِذَا، كَيْ نُحَافِظَ عَلَى ثَبَاتِنَا، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَأْيُ يَهْوَهَ حَوْلَ هذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ وَاضِحًا فِي ذِهْنِنَا وَأَنْ نُصَمِّمَ عَلَى ٱلِٱلْتِصَاقِ بِطُرُقِهِ.١١ مَاذَا تَعَلَّمْتُمْ مِنْ دَاوُدَ حَوْلَ ٱلتَّفْكِيرِ أَوَّلًا فِي مَشِيئَةِ ٱللهِ؟
١١ صَلَّى دَاوُدُ إِلَى يَهْوَهَ ٱللهِ: «عَلِّمْنِي أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ». (اِقْرَأْ مزمور ١٤٣:٥، ٨، ١٠.) فَقَدْ تَاقَ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ يَهْوَهَ عِوَضَ ٱلِٱتِّكَالِ عَلَى آرَائِهِ ٱلْخَاصَّةِ أَوِ ٱلِٱنْصِيَاعِ لِتَحْرِيضَاتِ شَخْصٍ آخَرَ. لِذَا، ‹تَأَمَّلَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَهْوَهَ، وَبِصَنَائِعِ يَدَيْهِ شَغَلَ نَفْسَهُ رَاغِبًا›. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، يُمْكِنُنَا أَنْ نُدْرِكَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ ٱللهِ مِنْ خِلَالِ ٱلتَّعَمُّقِ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَٱلتَّأَمُّلِ فِي رِوَايَاتِهَا ٱلَّتِي تَحْكِي عَنْ تَعَامُلَاتِ يَهْوَهَ مَعَ ٱلْبَشَرِ.
أَدْرَكَ دَاوُدُ ٱلْمَبَادِئَ وَرَاءَ ٱلشَّرِيعَةِ
١٢، ١٣ لِمَاذَا سَكَبَ دَاوُدُ ٱلْمَاءَ ٱلَّذِي جَلَبَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ رِجَالِهِ؟
١٢ أَدْرَكَ دَاوُدُ أَيْضًا ٱلْمَبَادِئَ ٱلَّتِي تَعْكِسُهَا ٱلشَّرِيعَةُ وَرَغِبَ أَنْ يُطَبِّقَهَا فِي حَيَاتِهِ. تَأَمَّلْ مَثَلًا مَاذَا حَدَثَ حِينَ ٱشْتَهَى ‹أَنْ يَشْرَبَ مَاءً مِنْ جُبِّ بَيْتَ لَحْمَ›. فَقَدِ ٱقْتَحَمَ ثَلَاثَةٌ مِنْ رِجَالِهِ ٱلْمَدِينَةَ، ٱلَّتِي كَانَتْ آنَذَاكَ تَحْتَ سَيْطَرَةِ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ، وَجَلَبُوا لَهُ ٱلْمَاءَ. لكِنَّ دَاوُدَ «أَبَى . . . أَنْ يَشْرَبَهُ، بَلْ سَكَبَهُ لِيَهْوَهَ». وَلِمَاذَا؟ أَوْضَحَ قَائِلًا: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ إِلٰهِي أَنْ أَفْعَلَ ذٰلِكَ! أَأَشْرَبُ دَمَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ خَاطَرُوا بِنُفُوسِهِمْ؟ فَإِنَّهُمْ خَاطَرُوا بِنُفُوسِهِمْ لِيَأْتُوا بِهِ». — ١ اخ ١١:١٥-١٩.
١٣ عَرَفَ دَاوُدُ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَكْلُ ٱلدَّمِ، بَلْ سَكْبُهُ لِيَهْوَهَ. كَمَا أَدْرَكَ أَنَّ ٱلسَّبَبَ هُوَ أَنَّ «نَفْسَ ٱلْجَسَدِ هِيَ فِي ٱلدَّمِ». لكِنَّ مَا قُدِّمَ لَهُ كَانَ مَاءً لَا دَمًا. فَلِمَاذَا رَفَضَ شُرْبَهُ؟ هذَا لِأَنَّهُ أَدْرَكَ ٱلْمَبْدَأَ وَرَاءَ نَصِّ ٱلشَّرِيعَةِ. فَقَدِ ٱعْتَبَرَ أَنَّ ٱلْمَاءَ ٱلَّذِي خَاطَرَ رِجَالُهُ بِحَيَاتِهِمْ لِيَجْلُبُوهُ يُسَاوِي دَمَهُمْ مِنْ حَيْثُ ٱلْقِيمَةُ. لِذلِكَ، أَحْجَمَ عَنْ شُرْبِهِ وَسَكَبَهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ. — لا ١٧:١١؛ تث ١٢:٢٣، ٢٤.
١٤ مَا ٱلَّذِي سَاعَدَ دَاوُدَ عَلَى ٱمْتِلَاكِ وُجْهَةِ نَظَرِ يَهْوَهَ؟
مز ٤٠:٨) فَقَدْ دَرَسَ شَرِيعَةَ ٱللهِ وَتَأَمَّلَ فِيهَا مَلِيًّا. كَمَا وَثِقَ بِحِكْمَةِ وَصَايَا يَهْوَهَ. نَتِيجَةً لِذلِكَ، لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَى تَطْبِيقِ حَرْفِ ٱلشَّرِيعَةِ فَقَطْ، بَلْ رُوحِهَا أَيْضًا. عَلَى غِرَارِ دَاوُدَ، حِينَ نَدْرُسُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ، مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نَتَأَمَّلَ فِي مَا نَقْرَأُهُ وَنَغْرِسَهُ فِي قُلُوبِنَا بِحَيْثُ نَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْيِيزِ مَا يُرْضِي يَهْوَهَ فِي أَيِّ مَسْأَلَةٍ نُوَاجِهُهَا.
١٤ سَعَى دَاوُدُ أَنْ يَتَمَحْوَرَ تَفْكِيرُهُ دَائِمًا حَوْلَ شَرِيعَةِ يَهْوَهَ. رَنَّمَ قَائِلًا: «أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلٰهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي». (١٥ كَيْفَ أَعْرَبَ سُلَيْمَانُ عَنْ قِلَّةِ ٱحْتِرَامٍ لِشَرِيعَةِ ٱللهِ؟
١٥ نَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بَرَكَاتٍ جَزِيلَةً مِنَ ٱللهِ. لكِنَّهُ مَعَ ٱلْوَقْتِ لَمْ يَعُدْ يَحْتَرِمُ شَرِيعَتَهُ. فَهُوَ لَمْ يُصْغِ إِلَى وَصِيَّتِهِ بِأَنْ «لَا يُكَثِّرَ [ٱلْمَلِكُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّ] لِنَفْسِهِ ٱلزَّوْجَاتِ». (تث ١٧:١٧) بَلْ تَزَوَّجَ نِسَاءً غَرِيبَاتٍ كَثِيرَاتٍ. وَحَدَثَ فِي زَمَنِ شَيْخُوخَتِهِ «أَنَّ زَوْجَاتِهِ أَمَلْنَ قَلْبَهُ إِلَى ٱتِّبَاعِ آلِهَةٍ أُخْرَى». وَمَهْمَا تَكُنِ ٱلطَّرِيقَةُ ٱلَّتِي حَلَّلَ بِهَا سُلَيْمَانُ، فَقَدْ «فَعَلَ . . . ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيْ يَهْوَهَ، وَلَمْ يَتْبَعْ يَهْوَهَ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ». (١ مل ١١:١-٦) فَمِنَ ٱلْحَيَوِيِّ جِدًّا أَنْ نَلْتَزِمَ بِٱلشَّرَائِعِ وَٱلْمَبَادِئِ ٱلْمُسَطَّرَةِ فِي كَلِمَةِ ٱللهِ، كَتِلْكَ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِمَسْأَلَةِ ٱلزَّوَاجِ.
١٦ كَيْفَ يُؤَثِّرُ فِينَا إِدْرَاكُ ٱلْمَبْدَإِ وَرَاءَ ٱلْوَصِيَّةِ بِأَنْ نَتَزَوَّجَ «فِي ٱلرَّبِّ فَقَطْ»؟
١٦ مَثَلًا، إِذَا حَاوَلَ شَخْصٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ أَنْ يَتَوَدَّدَ إِلَيْنَا، فَهَلْ نَقْتَدِي بِدَاوُدَ أَمْ بِسُلَيْمَانَ؟ لَقَدْ أَوْصَى يَهْوَهُ ٱلْعُبَّادَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ بِأَنْ يَتَزَوَّجُوا «فِي ٱلرَّبِّ فَقَطْ». (١ كو ٧:٣٩) وَهذَا يَعْنِي أَنَّ عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ شَاهِدٍ مُعْتَمِدٍ. أَضِفْ إِلَى ذلِكَ أَنَّ إِدْرَاكَ ٱلْمَبْدَإِ وَرَاءَ ٱلْوَصِيَّةِ يَدْفَعُنَا أَلَّا نُحْجِمَ فَقَطْ عَنِ ٱلتَّزَوُّجِ بِغَيْرِ مُؤْمِنٍ، بَلْ أَيْضًا عَنْ قُبُولِ أَيِّ كَلَامٍ أَوْ تَصَرُّفٍ يَصْدُرُ عَنْ شَخْصٍ غَيْرِ مُؤْمِنٍ يُحَاوِلُ ٱلتَّوَدُّدَ إِلَيْنَا.
١٧ مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَتَجَنَّبَ ٱلْوُقُوعَ فِي فَخِّ ٱلْفَنِّ ٱلْإِبَاحِيِّ؟
١٧ إِنَّ طَلَبَ إِرْشَادِ ٱللهِ أُسْوَةً بِدَاوُدَ يُسَاعِدُنَا أَيْضًا عَلَى مُقَاوَمَةِ إِغْرَاءِ مُشَاهَدَةِ ٱلصُّوَرِ ٱلْإِبَاحِيَّةِ. فَمَا رَأْيُكَ أَنْ تَقْرَأَ ٱلْآيَاتِ ٱلتَّالِيَةَ، تُفَكِّرَ فِي ٱلْمَبَادِئِ ٱلَّتِي تَحْتَوِيهَا، وَتُحَاوِلَ مَعْرِفَةَ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ بِشَأْنِ هذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ؟ (اِقْرَأْ مزمور ١١٩:٣٧؛ متى ٥:٢٨، ٢٩؛ كولوسي ٣:٥.) فَٱلتَّأَمُّلُ فِي مَقَايِيسِهِ ٱلسَّامِيَةِ يُجَهِّزُنَا لِنَتَجَنَّبَ ٱلْوُقُوعَ فِي فَخِّ ٱلْفَنِّ ٱلْإِبَاحِيِّ.
أَبْقِ دَائِمًا وُجْهَةَ نَظَرِ يَهْوَهَ فِي بَالِكَ
١٨، ١٩ (أ) مَاذَا سَاعَدَ دَاوُدَ أَلَّا يَخْسَرَ رِضَى ٱللهِ رَغْمَ نَقْصِهِ؟ (ب) مَا هُوَ تَصْمِيمُكُمْ؟
١٨ رَغْمَ أَنَّ دَاوُدَ كَانَ مِثَالِيًّا فِي نَوَاحٍ عَدِيدَةٍ، فَقَدِ ٱرْتَكَبَ خَطَايَا خَطِيرَةً فِي حَيَاتِهِ. (٢ صم ١١:٢-٤، ١٤، ١٥، ٢٢-٢٧؛ ١ اخ ٢١:١، ٧) لكِنَّهُ تَابَ تَوْبَةً أَصِيلَةً عَنْ خَطَايَاهُ، وَتَجَلَّى مَوْقِفُهُ هذَا فِي كَامِلِ مَسْلَكِ حَيَاتِهِ. فَقَدْ سَارَ أَمَامَ يَهْوَهَ «بِٱسْتِقَامَةِ قَلْبٍ». (١ مل ٩:٤) وَلِمَاذَا يُمْكِنُنَا قَوْلُ ذلِكَ؟ لِأَنَّهُ سَعَى أَنْ يَعْمَلَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ.
١٩ عَلَى ٱلرَّغْمِ مِنْ نَقْصِنَا ٱلْبَشَرِيِّ، يُمْكِنُنَا أَنْ نَحْظَى دَائِمًا بِرِضَى ٱللهِ. وَلِهذِهِ ٱلْغَايَةِ، لِنَجِدَّ فِي دَرْسِ كَلِمَتِهِ، لِنَتَأَمَّلْ مَلِيًّا فِي مَا نَتَعَلَّمُهُ، وَلْنُصَمِّمْ عَلَى ٱلْعَمَلِ وَفْقَ إِرْشَادَاتِهِ. وَهكَذَا، يَكُونُ لِسَانُ حَالِنَا مِثْلَ لِسَانِ حَالِ دَاوُدَ ٱلَّذِي صَلَّى بِتَوَاضُعٍ: «عَلِّمْنِي أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ».