اخدم الله بولاء ولو «بضيقات كثيرة»
«بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا بُدَّ أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللهِ». — اع ١٤:٢٢.
١ لِمَ لَا يَتَفَاجَأُ خُدَّامُ ٱللهِ بِٱلضِّيقَاتِ؟
هَلْ تَتَفَاجَأُ إِذَا قِيلَ لَكَ إِنَّكَ سَتُكَابِدُ «ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً» قَبْلَ أَنْ تَنَالَ جَائِزَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ؟ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ لَا. فَسَوَاءٌ ٱعْتَنَقْتَ ٱلْحَقَّ حَدِيثًا أَوْ كُنْتَ خَادِمًا لِيَهْوَهَ مُنْذُ وَقْتٍ طَوِيلٍ، فَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنَّ ٱلشَّدَائِدَ أَمْرٌ لَا مَفَرَّ مِنْهُ فِي عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ. — رؤ ١٢:١٢.
٢ (أ) أَيُّ ضِيقٍ إِضَافِيٍّ يُعَانِيهِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.) (ب) مَنِ ٱلسَّبَبُ فِي ضِيقَاتِنَا، وَكَيْفَ نَعْرِفُ ذٰلِكَ؟
٢ يُعَانِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ضِيقًا إِضَافِيًّا عَدَا «مَا هُوَ مَعْهُودٌ عِنْدَ ٱلنَّاسِ»، أَيْ عَدَا ٱلْمَشَاكِلِ ٱلَّتِي تَبْتَلِي كُلَّ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ. (١ كو ١٠:١٣) وَمَا هُوَ هٰذَا ٱلضِّيقُ؟ إِنَّهُ ٱلْمُقَاوَمَةُ ٱلشَّدِيدَةُ ٱلَّتِي يُوَاجِهُونَهَا بِسَبَبِ تَصْمِيمِهِمْ عَلَى إِطَاعَةِ شَرَائِعِ ٱللهِ. قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ: «لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ أَيْضًا». (يو ١٥:٢٠) وَمَنِ ٱلسَّبَبُ فِي مُقَاوَمَةٍ كَهٰذِهِ؟ إِنَّهُ ٱلشَّيْطَانُ ٱلَّذِي يُشَبِّهُهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ بِـ «أَسَدٍ زَائِرٍ . . . يَطْلُبُ أَنْ يَلْتَهِمَ» شَعْبَ ٱللهِ. (١ بط ٥:٨) فَهُوَ لَا يُوَفِّرُ وَسِيلَةً لِكَسْرِ ٱسْتِقَامَةِ تَلَامِيذِ يَسُوعَ. تَأَمَّلْ فِي مَا حَدَثَ مَعَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ.
ضِيقٌ فِي لِسْتَرَةَ
٣-٥ (أ) أَيُّ ضِيقٍ عَانَاهُ بُولُسُ فِي لِسْتَرَةَ؟ (ب) مَا ٱلْمُشَجِّعُ فِي كَلَامِ بُولُسَ عَنِ ٱلضِّيقَاتِ؟
٣ تَعَرَّضَ بُولُسُ لِلِٱضْطِهَادِ مِرَارًا كَثِيرَةً بِسَبَبِ إِيمَانِهِ. (٢ كو ١١:
٤ بَعْدَ ذٰلِكَ، غَادَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا إِلَى دِرْبَةَ، «ثُمَّ عَادَا إِلَى لِسْتَرَةَ فَإِيقُونِيَةَ فَأَنْطَاكِيَةَ، يُقَوِّيَانِ نُفُوسَ ٱلتَّلَامِيذِ، وَيُشَجِّعَانِهِمْ أَنْ يَبْقَوْا فِي ٱلْإِيمَانِ، وَيَقُولَانِ لَهُمْ: ‹بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا بُدَّ أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللهِ›». (اع ١٤:
٥ نَجِدُ ٱلْجَوَابَ فِي كَلِمَاتِ بُولُسَ ذَاتِهَا. فَهُوَ لَمْ يَقُلْ: «لَا بُدَّ أَنْ نَحْتَمِلَ ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً»، بَلْ قَالَ: «بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا بُدَّ أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللهِ». فَقَدْ قَوَّى بُولُسُ ٱلتَّلَامِيذَ بِٱلتَّشْدِيدِ عَلَى ٱلنَّتِيجَةِ ٱلْإِيجَابِيَّةِ ٱلَّتِي تَنْجُمُ عَنِ ٱتِّبَاعِ مَسْلَكٍ أَمِينٍ. وَلَمْ تَكُنْ هٰذِهِ ٱلْمُكَافَأَةُ وَهْمًا أَوْ خَيَالًا لِأَنَّ يَسُوعَ قَالَ: «اَلَّذِي يَحْتَمِلُ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ هُوَ يَخْلُصُ». — مت ١٠:٢٢.
٦ أَيَّةُ مُكَافَأَةٍ سَيَحْصُلُ عَلَيْهَا ٱلَّذِينَ يَحْتَمِلُونَ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ؟
٦ وَأَيَّةُ مُكَافَأَةٍ سَنَحْصُلُ عَلَيْهَا إِذَا ٱحْتَمَلْنَا إِلَى ٱلنِّهَايَةِ؟ سَيَنَالُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْخَالِدَةَ فِي ٱلسَّمَاءِ كَحُكَّامٍ مُعَاوِنِينَ لِيَسُوعَ. أَمَّا ‹ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ› فَسَيَعِيشُونَ إِلَى ٱلْأَبَدِ عَلَى أَرْضٍ ‹يَسْكُنُ فِيهَا ٱلْبِرُّ›. (يو ١٠:١٦؛ ٢ بط ٣:١٣) غَيْرَ أَنَّنَا سَنُكَابِدُ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلرَّاهِنِ ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً سَنُنَاقِشُ ٱلْآنَ نَوْعَيْنِ مِنْهَا.
اَلْهَجَمَاتُ ٱلْمُبَاشِرَةُ
٧ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلضِّيقَاتِ يُمْكِنُ أَنْ نَصِفَهُ بِٱلْهَجَمَاتِ ٱلْمُبَاشِرَةِ؟
٧ أَنْبَأَ يَسُوعُ: «سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ٱلْمَحَاكِمِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ، وَتُضْرَبُونَ فِي ٱلْمَجَامِعِ، وَتَمْثُلُونَ أَمَامَ حُكَّامٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي». (مر ١٣:٩) تُشِيرُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ أَنَّ ٱلضِّيقَ ٱلَّذِي سَيُوَاجِهُهُ بَعْضُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ سَيَكُونُ ٱضْطِهَادًا جَسَدِيًّا، رُبَّمَا بِتَحْرِيضٍ مِنْ رِجَالِ ٱلدِّينِ أَوِ ٱلسِّيَاسَةِ. (اع ٥:
٨، ٩ كَيْفَ أَظْهَرَ بُولُسُ أَنَّهُ مُصَمِّمٌ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ، وَكَيْفَ يُظْهِرُ ٱلْبَعْضُ فِي زَمَنِنَا تَصْمِيمًا مُشَابِهًا؟
٨ لَقَدْ وَقَفَ بُولُسُ بِشَجَاعَةٍ فِي وَجْهِ هَجَمَاتِ ٱلشَّيْطَانِ ٱلْمُبَاشِرَةِ وَقَالَ: «لَا أَحْسِبُ نَفْسِي ذَاتَ قِيمَةٍ، كَأَنَّمَا هِيَ عَزِيزَةٌ عَلَيَّ، حَسْبِي أَنْ أُنْهِيَ شَوْطِي وَٱلْخِدْمَةَ ٱلَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ، لِأَشْهَدَ كَامِلًا بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ ٱللهِ». (اع ٢٠:٢٤) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ لَمْ يَخْشَ ٱلِٱضْطِهَادَ، بَلْ كَانَ مُصَمِّمًا عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ مَهْمَا كَلَّفَ ٱلْأَمْرُ. فَكَانَ هَمُّهُ ٱلرَّئِيسِيُّ أَنْ ‹يَشْهَدَ كَامِلًا› بِٱلْبِشَارَةِ رَغْمَ كُلِّ ٱلضِّيقَاتِ.
٩ وَٱلْيَوْمَ، يَمْتَلِكُ ٱلْعَدِيدُ مِنْ إِخْوَتِنَا وَأَخَوَاتِنَا
تَصْمِيمًا مُشَابِهًا. مَثَلًا، بَقِيَ بَعْضُ ٱلشُّهُودِ فِي أَحَدِ ٱلْبُلْدَانِ ٢٠ سَنَةً تَقْرِيبًا مَسْجُونِينَ دُونَ مُحَاكَمَةٍ بِسَبَبِ حِيَادِهِمِ ٱلْمَسِيحِيِّ، لِأَنَّهُ مَا مِنْ نَصٍّ فِي قَوَانِينِ ٱلْبَلَدِ يَتَنَاوَلُ مَسْأَلَةَ ٱلِٱعْتِرَاضِ بِسَبَبِ ٱلضَّمِيرِ. وَلَمْ يُسْمَحْ لِأَحَدٍ بِزِيَارَتِهِمْ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَعْضَاءِ عَائِلَتِهِمْ. كَمَا تَعَرَّضَ بَعْضُهُمْ لِلضَّرْبِ وَشَتَّى أَنْوَاعِ ٱلتَّعْذِيبِ.١٠ لِمَ لَا يَجِبُ أَنْ نَخَافَ مِنَ ٱلضِّيقَاتِ ٱلْفُجَائِيَّةِ؟
١٠ يَحْتَمِلُ إِخْوَتُنَا فِي أَمَاكِنَ أُخْرَى ضِيقَاتٍ تَنْشَأُ بِشَكْلٍ فُجَائِيٍّ. فَلَا تَسْتَسْلِمْ لِلْخَوْفِ إِنْ مَرَرْتَ بِظَرْفٍ مُمَاثِلٍ. فَكِّرْ فِي مِثَالِ يُوسُفَ ٱلَّذِي بِيعَ فَجْأَةً لِلْعُبُودِيَّةِ، لٰكِنَّ يَهْوَهَ «أَنْقَذَهُ مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ». (اع ٧:
اَلْهَجَمَاتُ غَيْرُ ٱلْمُبَاشِرَةِ
١١ كَيْفَ تَخْتَلِفُ هَجَمَاتُ ٱلشَّيْطَانِ غَيْرُ ٱلْمُبَاشِرَةِ عَنْ هَجَمَاتِهِ ٱلْمُبَاشِرَةِ؟
١١ نُوَاجِهُ أَحْيَانًا نَوْعًا آخَرَ مِنَ ٱلضِّيقَاتِ، أَلَا وَهُوَ ٱلْهَجَمَاتُ غَيْرُ ٱلْمُبَاشِرَةِ. فَكَيْفَ تَخْتَلِفُ هٰذِهِ ٱلْهَجَمَاتُ عَنِ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلْمُبَاشِرِ؟ يُمْكِنُ تَشْبِيهُ ٱلْهَجَمَاتِ ٱلْمُبَاشِرَةِ بِٱلْإِعْصَارِ ٱلَّذِي يَضْرِبُ ٱلْمِنْطَقَةَ وَيُدَمِّرُ مَنْزِلَكَ عَلَى ٱلْفَوْرِ. أَمَّا ٱلْهَجَمَاتُ غَيْرُ ٱلْمُبَاشِرَةِ فَيُمْكِنُ تَشْبِيهُهَا بِمُسْتَعْمَرَةِ ٱلنَّمْلِ ٱلْأَبْيَضِ ٱلَّذِي يَنْسَلُّ إِلَى بَيْتِكَ وَيَنْخُرُ خَشَبَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إِلَى أَنْ يَتَسَبَّبَ بِٱنْهِيَارِهِ. فَلَا تُدْرِكُ ٱلْخَطَرَ ٱلْمُحْدِقَ بِكَ حَتَّى يَكُونَ قَدْ فَاتَ ٱلْأَوَانُ.
١٢ (أ) مَا هُوَ أَحَدُ أَسَالِيبِ ٱلشَّيْطَانِ غَيْرِ ٱلْمُبَاشِرَةِ، وَلِمَ هُوَ فَعَّالٌ جِدًّا؟ (ب) كَيْفَ أَثَّرَ ٱلتَّثَبُّطُ فِي بُولُسَ؟
١٢ يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ يُدَمِّرَ عَلَاقَتَكَ بِيَهْوَهَ، سَوَاءٌ بِٱلِٱضْطِهَادِ ٱلْمُبَاشِرِ أَوْ بِنَخْرِ إِيمَانِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا عَبْرَ ٱلْهَجَمَاتِ غَيْرِ ٱلْمُبَاشِرَةِ. وَٱلتَّثَبُّطُ هُوَ أَحَدُ أَنْجَحِ أَسَالِيبِ ٱلشَّيْطَانِ غَيْرِ ٱلْمُبَاشِرَةِ. حَتَّى ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ٱعْتَرَفَ أَنَّهُ شَعَرَ بِٱلتَّثَبُّطِ أَحْيَانًا، دَاعِيًا نَفْسَهُ ‹إِنْسَانًا بَائِسًا›. (اقرأ روما ٧:
١٣، ١٤ (أ) لِمَاذَا يَشْعُرُ بَعْضُ خُدَّامِ ٱللهِ بِٱلتَّثَبُّطِ؟ (ب) مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَرَى إِيمَانَنَا يَنْهَارُ، وَلِمَاذَا؟
١٣ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ، يَشْعُرُ إِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ كَثِيرُونَ أَنَّهُمْ مُثَبَّطُونَ وَقَلِقُونَ. وَقَدْ يَشْعُرُونَ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ عَدِيمُو ٱلْقِيمَةِ. مَثَلًا، تَذْكُرُ فَاتِحَةٌ غَيُورَةٌ: «حِينَ أَرْتَكِبُ خَطَأً مَا، أُفَكِّرُ فِيهِ مَرَّةً تِلْوَ ٱلْأُخْرَى. وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يَنْتَابُنِي شُعُورٌ أَسْوَأُ تِجَاهَ نَفْسِي. وَعِنْدَمَا أُفَكِّرُ فِي كُلِّ أَخْطَائِي، أَشْعُرُ أَنَّهُ لَا مَجَالَ أَنْ يُحِبَّنِي أَحَدٌ، وَلَا حَتَّى يَهْوَهُ».
١٤ فَلِمَاذَا يَتَثَبَّطُ خُدَّامٌ غَيُورُونَ لِيَهْوَهَ، كَٱلْأُخْتِ ٱلْآنِفَةِ ٱلذِّكْرِ؟ هُنَاكَ أَكْثَرُ مِنْ سَبَبٍ. فَٱلْبَعْضُ بِطَبْعِهِمْ يَنْظُرُونَ نَظْرَةً سَلْبِيَّةً إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَظُرُوفِهِمْ فِي ٱلْحَيَاةِ. (ام ١٥:١٥) أَمَّا آخَرُونَ فَلَدَيْهِمْ مُشْكِلَةٌ صِحِّيَّةٌ تُؤَثِّرُ عَلَى حَالَتِهِمِ ٱلنَّفْسِيَّةِ. وَلٰكِنْ مَهْمَا كَانَ ٱلسَّبَبُ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُبْقِيَ فِي بَالِنَا أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَهُمُّهُ ٱسْتِغْلَالُ هٰذِهِ ٱلْمَشَاعِرِ. فَمَنْ غَيْرُهُ يُرِيدُ أَنْ نَسْتَسْلِمَ لِلتَّثَبُّطِ وَنَتَوَقَّفَ عَنْ خِدْمَةِ يَهْوَهَ؟! فَهُوَ مَحْكُومٌ بِٱلْإِعْدَامِ وَلَا أَمَلَ لَهُ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ، وَيُرِيدُ أَنْ تَشْعُرَ مِثْلَهُ أَنَّكَ بِلَا أَمَلٍ. (رؤ ٢٠:١٠) وَهَدَفُهُ هُوَ أَنْ يُثْقِلَكَ بِٱلْهُمُومِ وَيُضْعِفَ غَيْرَتَكَ وَيَحْمِلَكَ عَلَى ٱلِٱسْتِسْلَامِ، سَوَاءٌ بِٱلِٱضْطِهَادِ ٱلْمُبَاشِرِ أَوْ بِٱلْهَجَمَاتِ غَيْرِ ٱلْمُبَاشِرَةِ. فَلَا يَغِبْ عَنْ بَالِكَ أَبَدًا أَنَّ شَعْبَ ٱللهِ يَخُوضُونَ حَرْبًا رُوحِيَّةً.
١٥ عَلَامَ نَحْنُ مُصَمِّمُونَ حَسْبَمَا تَقُولُ ٢ كُورِنْثُوس ٤:
١٥ صَمِّمْ إِذًا أَلَّا تَسْتَسْلِمَ، وَٱبْقَ مُرَكِّزًا عَلَى ٱلْمُكَافَأَةِ. كَتَبَ بُولُسُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي كُورِنْثُوسَ: «لَا يَفْتُرُ عَزْمُنَا، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا ٱلْخَارِجِيُّ يَضْنَى، فَإِنْسَانُنَا ٱلدَّاخِلِيُّ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا. فَٱلضِّيقُ، مَعَ أَنَّهُ وَجِيزٌ وَخَفِيفٌ، يُنْتِجُ لَنَا مَجْدًا أَعْظَمَ جِدًّا وَأَبَدِيًّا». — ٢ كو ٤:
تَهَيَّإِ ٱلْآنَ لِمُوَاجَهَةِ ٱلضِّيقِ
١٦ لِمَ مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ نَتَهَيَّأَ ٱلْآنَ لِمُوَاجَهَةِ ٱلضِّيقِ؟
١٦ كَمَا رَأَيْنَا، يَلْجَأُ ٱلشَّيْطَانُ إِلَى «مَكَايِدَ» عَدِيدَةٍ فِي ٱلْحَرْبِ ٱلَّتِي يَشُنُّهَا عَلَيْنَا. (اف ٦:١١) لِذَا، عَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَعْمَلَ بِٱلنَّصِيحَةِ ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي ١ بُطْرُس ٥:٩: «قَاوِمُوهُ رَاسِخِينَ فِي ٱلْإِيمَانِ». وَلِفِعْلِ ذٰلِكَ، عَلَيْنَا أَنْ نُهَيِّئَ عَقْلَنَا وَقَلْبَنَا، أَيْ أَنْ نَتَدَرَّبَ ٱلْآنَ عَلَى فِعْلِ مَا هُوَ صَوَابٌ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْإِيضَاحِ، غَالِبًا مَا يَخْضَعُ ٱلْجُنُودُ لِتَدْرِيبَاتٍ قَاسِيَةٍ قَبْلَ أَنْ يَلُوحَ خَطَرُ ٱلْمَعْرَكَةِ بِوَقْتٍ طَوِيلٍ. وَيَنْطَبِقُ ٱلْأَمْرُ عَيْنُهُ عَلَى جَيْشِ يَهْوَهَ ٱلرُّوحِيِّ. فَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ مَاذَا سَنُوَاجِهُ فِي حَرْبِنَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. أَفَلَيْسَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نَقْسُوَ عَلَى أَنْفُسِنَا فِي ٱلتَّدْرِيبِ ٱلْآنَ فِيمَا نَنْعَمُ بِهُدُوءٍ نِسْبِيٍّ؟ كَتَبَ بُولُسُ إِلَى ٱلْكُورِنْثِيِّينَ: «دَاوِمُوا عَلَى ٱمْتِحَانِ أَنْفُسِكُمْ هَلْ أَنْتُمْ فِي ٱلْإِيمَانِ، دَاوِمُوا عَلَى ٱخْتِبَارِ أَنْفُسِكُمْ». — ٢ كو ١٣:٥.
١٧-
١٧ إِنَّ إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ لِتَطْبِيقِ نَصِيحَةِ بُولُسَ ٱلْمُوحَى بِهَا هِيَ أَنْ يَطْرَحَ كُلٌّ مِنَّا عَلَى نَفْسِهِ أَسْئِلَةً مِثْلَ: ‹هَلْ أُوَاظِبُ عَلَى ٱلصَّلَاةِ؟ هَلْ أُطِيعُ ٱللهَ حَاكِمًا بَدَلَ ٱلنَّاسِ عِنْدَمَا أَتَعَرَّضُ لِضَغْطٍ لِأُسَايِرَ مَنْ حَوْلِي؟ هَلْ أَحْضُرُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ بِٱنْتِظَامٍ؟ هَلْ أَتَكَلَّمُ عَنْ مُعْتَقَدَاتِي بِجُرْأَةٍ؟ هَلْ أَتَحَمَّلُ نَقَائِصَ رُفَقَائِي ٱلْمُؤْمِنِينَ كَمَا يَتَحَمَّلُونَ هُمْ نَقَائِصِي؟ هَلْ أُطِيعُ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ وَٱلْإِخْوَةَ ٱلْمَسْؤُولِينَ عَنِ ٱلْعَمَلِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ؟›.
١٨ لَاحِظْ أَنَّ ٱثْنَيْنِ مِنَ ٱلْأَسْئِلَةِ أَعْلَاهُ يَتَعَلَّقَانِ بِٱلدِّفَاعِ عَنْ مُعْتَقَدَاتِنَا وَمُوَاجَهَةِ ضَغْطِ رِفَاقِنَا بِجُرْأَةٍ. وَهٰذَا مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرُونَ مِنْ إِخْوَتِنَا وَأَخَوَاتِنَا ٱلتَّلَامِيذِ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ. فَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِٱلْإِحْرَاجِ أَوِ ٱلْخَجَلِ مِنْ مُعْتَقَدَاتِهِمْ، بَلْ يُدَافِعُونَ عَنْهَا بِجُرْأَةٍ. وَقَدْ نُشِرَتْ فِي مَطْبُوعَاتِنَا ٱقْتِرَاحَاتٌ مُسَاعِدَةٌ فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ. مَثَلًا، فِي عَدَدِ تَمُّوزَ (يُولْيُو) ٢٠٠٩ مِنْ مَجَلَّةِ إِسْتَيْقِظْ! (بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)، وَرَدَتِ ٱلْفِكْرَةُ ٱلتَّالِيَةُ: إِذَا سَأَلَكَ رَفِيقُكَ فِي ٱلصَّفِّ: «لِمَ لَا تُؤْمِنُ بِٱلتَّطَوُّرِ؟»، يُمْكِنُكَ أَنْ تُجَاوِبَهُ بِكُلِّ بَسَاطَةٍ: «وَلِمَ يَجِبُ أَنْ أُومِنَ بِٱلتَّطَوُّرِ؟ حَتَّى ٱلْعُلَمَاءُ مُنْقَسِمُونَ بِشَأْنِ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ، وَٱلْمُفْتَرَضُ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْخُبَرَاءُ». وَهُنَا يَأْتِي دَوْرُكُمْ أَيُّهَا ٱلْوَالِدُونَ. فَٱحْرِصُوا عَلَى أَنْ تَعْقِدُوا جَلَسَاتِ تَدْرِيبٍ تُهَيِّئُونَ فِيهَا أَوْلَادَكُمْ لِمُوَاجَهَةِ ضُغُوطٍ كَهٰذِهِ مِنْ رُفَقَائِهِمْ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ.
١٩ طَبْعًا، لَيْسَ مِنَ ٱلسَّهْلِ دَائِمًا أَنْ نُدَافِعَ عَنْ إِيمَانِنَا أَوْ نَفْعَلَ مَا يَطْلُبُهُ مِنَّا يَهْوَهُ. فَبَعْدَ يَوْمِ عَمَلٍ طَوِيلٍ، رُبَّمَا نُضْطَرُّ لِجَرِّ قَدَمَيْنَا إِلَى ٱلِٱجْتِمَاعِ. كَمَا أَنَّ ٱلنُّهُوضَ بَاكِرًا لِلِٱشْتِرَاكِ فِي ٱلْخِدْمَةِ قَدْ يَتَطَلَّبُ مِنَّا أَنْ نُقَاوِمَ إِغْرَاءَ فِرَاشِنَا ٱلْمُرِيحِ. وَلٰكِنْ تَذَكَّرْ: إِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِكَ ٱلْآنَ ٱلْقِيَامُ بِهٰذِهِ ٱلْأُمُورِ، فَسَتَكُونُ أَكْثَرَ ٱسْتِعْدَادًا لِمُوَاجَهَةِ ظُرُوفٍ أَصْعَبَ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.
٢٠، ٢١ (أ) كَيْفَ يُسَاعِدُنَا ٱلتَّأَمُّلُ فِي ٱلْفِدْيَةِ عَلَى مُحَارَبَةِ ٱلْمَشَاعِرِ ٱلسَّلْبِيَّةِ؟ (ب) مَاذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَصْمِيمُنَا؟
٢٠ وَمَاذَا عَنِ ٱلْهَجَمَاتِ غَيْرِ ٱلْمُبَاشِرَةِ؟ مَثَلًا، كَيْفَ نُحَارِبُ مَشَاعِرَ ٱلتَّثَبُّطِ؟ إِنَّ ٱلتَّأَمُّلَ فِي ٱلْفِدْيَةِ هُوَ وَسِيلَةٌ فَعَّالَةٌ جِدًّا لِلتَّغَلُّبِ عَلَى ٱلْأَفْكَارِ ٱلسَّلْبِيَّةِ. هٰذَا مَا فَعَلَهُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ. فَقَدْ عَرَفَ حَقِيقَةَ مَشَاعِرِهِ، أَنَّهُ إِنْسَانٌ بَائِسٌ. وَلٰكِنَّهُ عَرَفَ أَيْضًا أَنَّ ٱلْمَسِيحَ لَمْ يَمُتْ مِنْ أَجْلِ أُنَاسٍ كَامِلِينَ، بَلْ مِنْ أَجْلِ ٱلْخُطَاةِ. وَكَانَ هُوَ مِنْ بَيْنِهِمْ. لِذٰلِكَ كَتَبَ: «إِنَّمَا أَحْيَا . . . بِٱلْإِيمَانِ ٱلَّذِي هُوَ بِٱبْنِ ٱللهِ، ٱلَّذِي أَحَبَّنِي وَسَلَّمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِي». (غل ٢:٢٠) لَقَدْ قَبِلَ بُولُسُ ٱلْفِدْيَةَ وَأَدْرَكَ أَنَّ فَوَائِدَهَا تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ شَخْصِيًّا.
٢١ هٰذِهِ ٱلنَّظْرَةُ إِلَى ٱلْفِدْيَةِ، أَيِ ٱعْتِبَارُهَا هِبَةً مِنْ يَهْوَهَ لَكَ أَنْتَ شَخْصِيًّا، هِيَ أَمْرٌ مُسَاعِدٌ حَقًّا. طَبْعًا، لَنْ يَزُولَ ٱلتَّثَبُّطُ بِسِحْرِ سَاحِرٍ. فَقَدْ يَظَلُّ ٱلْبَعْضُ مِنَّا يُوَاجِهُونَ هٰذَا ٱلْهُجُومَ غَيْرَ ٱلْمُبَاشِرِ حَتَّى مَجِيءِ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ. وَلٰكِنْ أَبْقِ فِي بَالِكَ أَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَسْتَسْلِمُونَ هُمْ مَنْ يَنَالُونَ ٱلْجَائِزَةَ. لَقَدْ أَصْبَحْنَا ٱلْآنَ أَقْرَبَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى إِلَى ٱلْيَوْمِ ٱلْمَجِيدِ ٱلَّذِي سَيُحِلُّ فِيهِ مَلَكُوتُ ٱللهِ ٱلسَّلَامَ وَيُعِيدُ كُلَّ ٱلْبَشَرِ ٱلْأُمَنَاءِ إِلَى ٱلْكَمَالِ. لِذٰلِكَ، صَمِّمْ أَنْ تَدْخُلَ هٰذَا ٱلْمَلَكُوتَ، وَلَوْ بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ.