تمهيد السبيل لنشر «تعليم يهوه»
«لَمَّا رَأَى ٱلْوَالِي مَا حَدَثَ، آمَنَ مَذْهُولًا مِنْ تَعْلِيمِ يَهْوَهَ». — اع ١٣:١٢.
١-٣ لِمَاذَا لَمْ يَكُنْ سَهْلًا عَلَى تَلَامِيذِ يَسُوعَ أَنْ يُوصِلُوا ٱلْبِشَارَةَ إِلَى «جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ»؟
فَوَّضَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ إِلَى أَتْبَاعِهِ مُهِمَّةً فِي غَايَةِ ٱلضَّخَامَةِ حِينَ أَمَرَهُمْ: «اِذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا أُنَاسًا مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ». فَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكْرِزُوا «بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ . . . فِي كُلِّ ٱلْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ». — مت ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩.
٢ لَقَدْ أَحَبَّ ٱلتَّلَامِيذُ يَسُوعَ، وَأَحَبُّوا ٱلْبِشَارَةَ أَيْضًا. وَلٰكِنَّهُمْ رُبَّمَا تَسَاءَلُوا كَيْفَ عَسَاهُمْ يُتَمِّمُونَ ٱلتَّفْوِيضَ ٱلَّذِي أُوكِلَ إِلَيْهِمْ. فَعَدَدُهُمْ صَغِيرٌ، وَيَسُوعُ ٱلَّذِي كَانُوا يُعْلِنُونَ أَنَّهُ ٱبْنُ ٱللهِ نُفِّذَ فِيهِ حُكْمُ ٱلْمَوْتِ. كَمَا أَنَّ أُنَاسًا كَثِيرِينَ ٱعْتَبَرُوهُمْ ‹غَيْرَ مُتَعَلِّمِينَ وَعَامِّيِّينَ› لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّمُوا فِي مَدَارِسَ دِينِيَّةٍ مِثْلَ رِجَالِ ٱلدِّينِ ٱلْمَرْمُوقِينَ. (اع ٤:١٣) عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ، كَانَتْ رِسَالَتُهُمْ تَتَعَارَضُ مَعَ ٱلتَّقَالِيدِ ٱلسَّائِدَةِ مُنْذُ مِئَاتِ ٱلسِّنِينَ. حَتَّى فِي وَطَنِهِمْ كَانُوا مَنْبُوذِينَ، فَكَيْفَ عَسَاهُمْ يُلَاقُونَ أُذُنًا صَاغِيَةً فِي بَاقِي أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ ٱلْعَظِيمَةِ؟!
٣ وَمَا زَادَ ٱلطِّينَ بِلَّةً هُوَ أَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ مُبْغَضِينَ وَمُضْطَهَدِينَ، وَبَعْضُهُمْ لو ٢١:
٤ أَيَّةُ نَتَائِجَ حَقَّقَهَا عَمَلُ ٱلْكِرَازَةِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟
٤ لَمْ تُعِقْ هٰذِهِ ٱلْمَخَاوِفُ ٱلتَّلَامِيذَ عَنْ إِطَاعَةِ وَصِيَّةِ يَسُوعَ. فَقَدِ ٱنْشَغَلُوا بِإِعْلَانِ ٱلْبِشَارَةِ فِي أُورُشَلِيمَ وَٱلسَّامِرَةِ وَكُلِّ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَعْرُوفِ آنَذَاكَ. وَرَغْمَ أَنَّهُمْ وَاجَهُوا ٱلْمَصَاعِبَ، لَمْ تَكَدْ تَمْضِي ٣٠ سَنَةً حَتَّى أَصْبَحَتِ ٱلْبِشَارَةُ «مُثْمِرَةً وَنَامِيَةً فِي ٱلْعَالَمِ كُلِّهِ» وَ «كُرِزَ بِهَا فِي كُلِّ ٱلْخَلِيقَةِ ٱلَّتِي تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ». (كو ١:
٥ (أ) مَاذَا أَكَّدَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ؟ (ب) مَاذَا ٱسْتَنْتَجَ ٱلْبَعْضُ بَعْدَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي ٱلْأَحْوَالِ ٱلسَّائِدَةِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟
٥ عَرَفَ تَلَامِيذُ يَسُوعَ أَنَّهُمْ لَنْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ إِتْمَامِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بِقُوَّتِهِمِ ٱلْخَاصَّةِ. لٰكِنَّ يَسُوعَ أَكَّدَ لَهُمْ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَعَهُمْ وَأَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ سَيَدْعَمُهُمْ. (مت ٢٨:٢٠) وَيُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ أَيْضًا إِنَّ أَوْضَاعَ ٱلْعَالَمِ آنَذَاكَ سَاهَمَتْ فِي تَسْهِيلِ ٱلْعَمَلِ عَلَيْهِمْ. يَذْكُرُ كِتَابُ اَلتَّبْشِيرُ فِي ٱلْكَنِيسَةِ ٱلْبَاكِرَةِ (بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ): «رُبَّمَا لَمْ تَأْتِ فِي تَارِيخِ ٱلْعَالَمِ فَتْرَةٌ زَمَنِيَّةٌ أَفْضَلُ مِنَ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ ٱلْمِيلَادِيِّ لِٱحْتِضَانِ ٱلْكَنِيسَةِ فِي مَهْدِهَا . . . بِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلثَّانِي . . . كَانَ هُنَاكَ [بَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ] مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ ٱلْعِنَايَةَ ٱلْإِلٰهِيَّةَ هِيَ مَنْ هَيَّأَتِ ٱلْمَسْرَحَ ٱلْعَالَمِيَّ تَمْهِيدًا لِمَجِيءِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ».
٦ مَاذَا سَنُنَاقِشُ (أ) فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟ (ب) فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
٦ لَا يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ إِلَى أَيِّ حَدٍّ وَجَّهَ ٱللهُ ٱلْأَحْدَاثَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ تَمْهِيدًا لِنَشْرِ ٱلْبِشَارَةِ. لٰكِنْ مَا نَحْنُ أَكِيدُونَ مِنْهُ هُوَ أَنَّ يَهْوَهَ أَرَادَ نَشْرَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ وَٱلشَّيْطَانَ لَمْ يُرِدْ ذٰلِكَ. وَفِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ، سَنُنَاقِشُ بَعْضَ ٱلْعَوَامِلِ ٱلَّتِي رُبَّمَا سَهَّلَتْ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ. وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنُسَلِّطُ ٱلضَّوْءَ عَلَى تَطَوُّرَاتٍ تَحْصُلُ فِي أَيَّامِنَا تُسَاعِدُنَا عَلَى إِعْلَانِ ٱلْبِشَارَةِ فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ.
اَلسَّلَامُ ٱلرُّومَانِيُّ
٧ مَا هُوَ ٱلسَّلَامُ ٱلرُّومَانِيُّ، وَبِمَ تَمَيَّزَتْ هٰذِهِ ٱلْفَتْرَةُ؟
٧ نَعِمَتِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةُ ٱلرُّومَانِيَّةُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ بِفَتْرَةِ سَلَامٍ سَهَّلَتِ ٱلْكِرَازَةَ عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ. وَقَدْ دُعِيَتْ هٰذِهِ ٱلْفَتْرَةُ بِٱللَّاتِينِيَّةِ بَاكْسْ رُومَانَا، أَيِ ٱلسَّلَامَ ٱلرُّومَانِيَّ. فَقَدْ فَرَضَ ٱلْحُكْمُ ٱلرُّومَانِيُّ ٱلِٱسْتِقْرَارَ فِي أَرْجَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْمُتَرَامِيَةِ ٱلْأَطْرَافِ. طَبْعًا، لَمْ تَخْلُ تِلْكَ ٱلْفَتْرَةُ كُلِّيًّا مِنَ ‹ٱلْحُرُوبِ وَأَخْبَارِ ٱلْحُرُوبِ› ٱلَّتِي أَنْبَأَ بِهَا يَسُوعُ. (مت ٢٤:٦) فَٱلْجُيُوشُ ٱلرُّومَانِيَّةُ مَثَلًا دَمَّرَتْ أُورُشَلِيمَ سَنَةَ ٧٠ بم، وَكَانَتْ هُنَالِكَ أَيْضًا مُنَاوَشَاتٌ عَلَى حُدُودِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ. غَيْرَ أَنَّ مِنْطَقَةَ ٱلْمُتَوَسِّطِ عَاشَتْ بِسَلَامٍ نِسْبِيٍّ لِحَوَالَيْ ٢٠٠ سَنَةٍ بَعْدَ زَمَنِ يَسُوعَ. يُعَلِّقُ أَحَدُ ٱلْمَرَاجِعِ: «لَمْ يَعْرِفِ ٱلْجِنْسُ ٱلْبَشَرِيُّ فِي كُلِّ تَارِيخِهِ فَتْرَةَ هُدُوءٍ بِهٰذَا ٱلطُّولِ، وَلَمْ تَأْتِ مِنْ بَعْدُ فَتْرَةٌ مِثْلُهَا ٱسْتَتَبَّ فِيهَا ٱلسِّلْمُ بَيْنَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ».
٨ كَيْفَ ٱسْتَفَادَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأَوَائِلُ مِنَ ٱلْجَوِّ ٱلسِّلْمِيِّ؟
٨ كَتَبَ ٱللَّاهُوتِيُّ أُورِيجَانُس فِي ٱلْقَرْنِ ٱلثَّالِثِ مُعَبِّرًا عَنْ وُجْهَةِ نَظَرِهِ فِي ٱلْمَوْضُوعِ: «مَا كَانَتْ تَعَالِيمُ يَسُوعَ لِتَنْتَشِرَ فِي ٱلْعَالَمِ أَجْمَعَ لَوْ وُجِدَتْ آنَذَاكَ مَمَالِكُ كَثِيرَةٌ . . . لِأَنَّ ٱلرِّجَالَ فِي كُلِّ مَكَانٍ كَانُوا سَيُضْطَرُّونَ إِلَى تَأْدِيَةِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْعَسْكَرِيَّةِ وَٱلْمُحَارَبَةِ دِفَاعًا عَنْ بَلَدِهِمْ. . . . وَفِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ، كَيْفَ لِهٰذَا ٱلتَّعْلِيمِ، ٱلَّذِي يُنَادِي بِٱلسَّلَامِ وَيُحَرِّمُ ٱلِٱنْتِقَامَ مِنَ ٱلْأَعْدَاءِ، أَنْ يَلْقَى نَجَاحًا لَوْلَا أَنَّ ٱلْأَحْوَالَ ٱلْعَالَمِيَّةَ تَغَيَّرَتْ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَسَادَ جَوٌّ مِنَ ٱلْهُدُوءِ زَمَنَ مَجِيءِ يَسُوعَ؟». فَمَعَ أَنَّ ٱلتَّلَامِيذَ تَعَرَّضُوا لِلِٱضْطِهَادِ فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ، كَانُوا مُسَالِمِينَ وَٱسْتَفَادُوا عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنَ ٱلْجَوِّ ٱلسِّلْمِيِّ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ لِيُعْلِنُوا ٱلْبِشَارَةَ فِي كُلِّ مَكَانٍ. — اقرأسُهُولَةُ ٱلْمُوَاصَلَاتِ
٩، ١٠ لِمَ كَانَ ٱلسَّفَرُ سَهْلًا نِسْبِيًّا فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ؟
٩ أَنْشَأَ ٱلرُّومَانُ أَكْثَرَ مِنْ ٨٠٬٠٠٠ كلم مِنَ ٱلطُّرُقَاتِ ٱلَّتِي رَبَطَتْ كُلَّ نَوَاحِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ تَقْرِيبًا بَعْضَهَا بِبَعْضٍ. وَهٰذِهِ ٱلشَّبَكَةُ سَهَّلَتْ عَلَى ٱلْجَيْشِ ٱلرُّومَانِيِّ ٱلْجَبَّارِ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى أَيِّ مَكَانٍ لِلدِّفَاعِ عَنْ أَرْضِهِ وَفَرْضِ ٱلنِّظَامِ. وَقَدِ ٱسْتَغَلَّهَا ٱلْمَسِيحِيُّونَ لِٱجْتِيَازِ ٱلْغَابَاتِ وَٱلصَّحَارَى وَٱلْجِبَالِ وَإِيصَالِ بِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ إِلَى شَتَّى ٱلْأَمَاكِنِ.
١٠ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ٱلسَّفَرِ بَرًّا، سَافَرَ ٱلرُّومَانُ بِٱلْمَرَاكِبِ عَبْرَ ٱلْأَنْهَارِ وَٱلْقَنَوَاتِ ٱلصَّالِحَةِ لِلْمِلَاحَةِ ٱلَّتِي بَلَغَ طُولُهَا نَحْوَ ٢٧٬٠٠٠ كلم. كَمَا سَلَكَتِ ٱلسُّفُنُ ٱلرُّومَانِيَّةُ حَوَالَيْ ٩٠٠ طَرِيقٍ بَحْرِيٍّ رَبَطَتْ مِئَاتِ ٱلْمَرَافِئِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ. فَٱسْتَطَاعَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ أَنْ يُسَافِرُوا بِٱلْمَرَاكِبِ لِيَصِلُوا إِلَى كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ. صَحِيحٌ أَنَّ ٱلسَّفَرَ لَمْ يَخْلُ مِنَ ٱلْمَشَقَّاتِ، وَلٰكِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْتِيشٌ وَجَمَارِكُ. فَٱسْتَطَاعَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ وَغَيْرُهُ ٱلتَّنَقُّلَ أَيْنَمَا أَرَادُوا دُونَ ٱلْحَاجَةِ إِلَى جَوَازَاتِ سَفَرٍ وَتَأْشِيرَاتِ دُخُولٍ. وَرَغْمَ وُجُودِ قُطَّاعِ طُرُقٍ قَلِيلِينَ، كَانَتِ ٱلطُّرُقَاتُ آمِنَةً نِسْبِيًّا، لِأَنَّ ٱلْخَارِجِينَ عَلَى ٱلْقَانُونِ خَافُوا مِنْ عِقَابِ ٱلسُّلْطَةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ. وَكَذٰلِكَ كَانَ ٱلسَّفَرُ بَحْرًا، ذٰلِكَ أَنَّ ٱلْأُسْطُولَ ٱلرُّومَانِيَّ أَبْعَدَ شَبَحَ ٱلْقَرَاصِنَةِ. فَمَعَ أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يَذْكُرُ أَنَّ بُولُسَ تَحَطَّمَتْ بِهِ ٱلسَّفِينَةُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ وَوَاجَهَ أَخْطَارًا فِي ٱلْبَحْرِ، لَا يَأْتِي عَلَى ذِكْرِ قَرَاصِنَةٍ ٱعْتَرَضُوا طَرِيقَهُ أَثْنَاءَ أَسْفَارِهِ. — ٢ كو ١١:
اَللُّغَةُ
١١ لِمَ ٱسْتَعْمَلَ ٱلتَّلَامِيذُ ٱللُّغَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ؟
١١ بِسَبَبِ غَزَوَاتِ ٱلْإِسْكَنْدَرِ ٱلْكَبِيرِ، صَارَتِ ٱللُّغَةُ ٱلْيُونَانِيَّةُ ٱلشَّائِعَةُ، أَيِ ٱلْكُيْنِيَّةُ، لُغَةً مَحْكِيَّةً وَمَفْهُومَةً فِي كُلِّ مَكَانٍ. وَهٰكَذَا، تَمَكَّنَ خُدَّامُ ٱللهِ مِنَ ٱلتَّوَاصُلِ مَعَ شَتَّى ٱلنَّاسِ، مَا سَاهَمَ فِي نَشْرِ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٱلْيَهُودَ ٱلْعَائِشِينَ فِي مِصْرَ كَانُوا قَدْ تَرْجَمُوا ٱلْأَسْفَارَ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ إِلَى ٱلْيُونَانِيَّةِ. فَكَانَ ٱلنَّاسُ مُعْتَادِينَ عَلَى هٰذِهِ ٱلتَّرْجَمَةِ ٱلسَّبْعِينِيَّةِ، وَغَالِبًا مَا ٱسْتَشْهَدَ بِهَا أَتْبَاعُ ٱلْمَسِيحِ ٱلْأَوَّلُونَ. كَمَا وَجَدَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ أَنَّ ٱلْيُونَانِيَّةَ هِيَ ٱللُّغَةُ ٱلْمِثَالِيَّةُ لِتَدْوِينِ بَاقِي أَسْفَارِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِأَنَّهَا غَنِيَّةٌ بِٱلْمُفْرَدَاتِ وَٱلتَّعَابِيرِ ٱلَّتِي تُسَاعِدُ عَلَى شَرْحِ ٱلْمَسَائِلِ ٱلرُّوحِيَّةِ. وَقَدْ سَاهَمَتِ ٱللُّغَةُ ٱلْيُونَانِيَّةُ فِي تَعْزِيزِ ٱلتَّوَاصُلِ وَٱلْوَحْدَةِ بَيْنَ ٱلْجَمَاعَاتِ.
١٢ (أ) مَا هُوَ ٱلْمُجَلَّدُ، وَلِمَ كَانَ ٱسْتِخْدَامُهُ أَسْهَلَ مِنِ ٱسْتِخْدَامِ ٱلدَّرْجِ؟ (ب) مَتَى أَصْبَحَ ٱسْتِعْمَالُ ٱلْمُجَلَّدِ شَائِعًا عِنْدَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ؟
١٢ وَمَاذَا ٱسْتَخْدَمَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ لِتَعْلِيمِ حَقَائِقِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ؟ فِي ٱلْبِدَايَةِ ٱسْتَعَانُوا بِٱلْأَدْرَاجِ، وَلٰكِنَّهَا كَانَتْ مُلَبِّكَةً وَصَعْبَةَ ٱلِٱسْتِعْمَالِ. فَكُلَّمَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْتَحَ ٱلدَّرْجَ وَمِنْ ثُمَّ أَنْ يَلُفَّهُ مِنْ جَدِيدٍ. وَكَانَتِ ٱلْكِتَابَةُ عَادَةً عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ مِنَ ٱلصَّفْحَةِ. فَكَانَ إِنْجِيلُ مَتَّى مَثَلًا يَمْلَأُ دَرْجًا بِكَامِلِهِ. بَعْدَ ذٰلِكَ ٱبْتَكَرَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْمُجَلَّدَ، ٱلشَّكْلَ ٱلْبِدَائِيَّ لِلْكِتَابِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعَةِ صَفَحَاتٍ تُخَاطُ مَعًا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. فَبَاتَ بِمَقْدُورِ ٱلْقَارِئِ فَتْحُ ٱلْمُجَلَّدِ وَقِرَاءَةُ ٱلنَّصِّ ٱلَّذِي يُرِيدُهُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. وَمَعَ أَنَّ ٱلْوَقْتَ ٱلَّذِي بَدَأَ فِيهِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِٱسْتِعْمَالِ ٱلْمُجَلَّدِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، يَذْكُرُ أَحَدُ ٱلْمَرَاجِعِ: «كَانَ ٱلْمُجَلَّدُ شَائِعًا جِدًّا عِنْدَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلثَّانِي بِحَيْثُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدِ ٱسْتُخْدِمَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى قَبْلَ سَنَةِ ١٠٠ بم بِوَقْتٍ طَوِيلٍ».
اَلْقَانُونُ ٱلرُّومَانِيُّ
١٣، ١٤ (أ) كَيْفَ ٱسْتَغَلَّ بُولُسُ جِنْسِيَّتَهُ ٱلرُّومَانِيَّةَ؟ (ب) كَيْفَ ٱسْتَفَادَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنَ ٱلْقَانُونِ ٱلرُّومَانِيِّ؟
١٣ كَانَ ٱلْقَانُونُ ٱلرُّومَانِيُّ سَارِيَ ٱلْمَفْعُولِ فِي كُلِّ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ، وَتَمَتَّعَ ٱلْمُوَاطِنُ ٱلرُّومَانِيُّ بِحُقُوقٍ وَحَصَانَاتٍ لَا يُسْتَهَانُ بِهَا. وَقَدِ ٱسْتَغَلَّ بُولُسُ جِنْسِيَّتَهُ ٱلرُّومَانِيَّةَ فِي عِدَّةِ مُنَاسَبَاتٍ. فَعِنْدَمَا كَانَ عَلَى وَشْكِ أَنْ يُجْلَدَ فِي أُورُشَلِيمَ، سَأَلَ ضَابِطًا رُومَانِيًّا: «أَيَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَانًا رُومَانِيًّا وَغَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ؟». وَلَمَّا أَعْلَنَ بُولُسُ أَنَّهُ مُوَاطِنٌ رُومَانِيٌّ مُنْذُ ٱلْوِلَادَةِ، «تَنَحَّى عَنْهُ ٱلَّذِينَ كَانُوا سَيَسْتَجْوِبُونَهُ تَحْتَ ٱلتَّعْذِيبِ. وَخَافَ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ لَمَّا تَحَقَّقَ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ وَقَدْ قَيَّدَهُ». — اع ٢٢:
١٤ فِي فِيلِبِّي، لَعِبَتْ جِنْسِيَّةُ بُولُسَ فِي ظِلِّ ٱلْقَانُونِ ٱلرُّومَانِيِّ دَوْرًا فِي تَلَقِّيهِ مُعَامَلَةً أَفْضَلَ. (اع ١٦:
تَشَتُّتُ ٱلْيَهُودِ
١٥ مَا مَدَى ٱنْتِشَارِ ٱلْيَهُودِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟
١٥ ثَمَّةَ عَامِلٌ آخَرُ رُبَّمَا سَهَّلَ عَمَلَ ٱلتَّبْشِيرِ عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ، أَلَا وَهُوَ تَشَتُّتُ ٱلْيَهُودِ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ. فَقَبْلَ قُرُونٍ، أَخَذَ ٱلْأَشُّورِيُّونَ ثُمَّ ٱلْبَابِلِيُّونَ ٱلشَّعْبَ ٱلْيَهُودِيَّ إِلَى ٱلسَّبْيِ. وَبِحُلُولِ ٱلْقَرْنِ ٱلْخَامِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ، كَانَتْ هُنَاكَ جَالِيَاتٌ يَهُودِيَّةٌ فِي أَقَالِيمِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ ٱلْـ ١٢٧. (اس ٩:٣٠) وَحِينَ كَانَ يَسُوعُ عَلَى ٱلْأَرْضِ، تَوَاجَدَ ٱلْيَهُودُ فِي مِصْرَ وَغَيْرِهَا مِنْ بُلْدَانِ شَمَالِ إِفْرِيقْيَا، وَكَذٰلِكَ فِي ٱلْيُونَانِ وَآسِيَا ٱلصُّغْرَى وَبِلَادِ مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ. وَيُقَالُ إِنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ مَلَايِينِ يَهُودِيٍّ عَاشُوا فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلرُّومَانِيَّةِ ٱلَّتِي بَلَغَ عَدَدُ سُكَّانِهَا ٦٠٬٠٠٠٬٠٠٠ نَسَمَةٍ عَلَى وَجْهِ ٱلتَّقْدِيرِ. وَحَيْثُمَا حَلَّ ٱلْيَهُودُ، نَشَرُوا دِيَانَتَهُمْ هُنَاكَ. — مت ٢٣:١٥.
١٦، ١٧ (أ) أَيَّةُ فَائِدَةٍ نَجَمَتْ عَنْ تَشَتُّتِ ٱلْيَهُودِ؟ (ب) أَيَّةُ مُمَارَسَاتٍ أَخَذَهَا ٱلتَّلَامِيذُ عَنِ ٱلْيَهُودِ؟
١٦ نَتِيجَةَ تَشَتُّتِ ٱلْيَهُودِ فِي بُلْدَانٍ كَثِيرَةٍ، صَارَتِ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ مَأْلُوفَةً لَدَى ٱلْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ ٱلْيَهُودِ. فَعَرَفُوا أَنَّ هُنَالِكَ إِلٰهًا حَقِيقِيًّا وَاحِدًا وَأَنَّ ٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَهُ لَدَيْهِمْ مَقَايِيسُ أَدَبِيَّةٌ رَفِيعَةٌ. كَمَا أَنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ كَانَتْ مَلِيئَةً بِٱلنُّبُوَّاتِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِٱلْمَسِيَّا. (لو ٢٤:٤٤) لِذٰلِكَ عِنْدَمَا كَرَزَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِٱلْبِشَارَةِ، لَمْ تَكُنْ كِرَازَتُهُمْ غَرِيبَةً كُلِّيًّا عَلَى مَسَامِعِ ٱلْيَهُودِ وَغَيْرِ ٱلْيَهُودِ. وَقَدْ مَكَّنَ هٰذَا ٱلْأَمْرُ بُولُسَ مِنْ وَضْعِ أَسَاسٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَامِعِيهِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَدْخُلَ مَجَامِعَ ٱلْيَهُودِ بَحْثًا عَنْ ذَوِي ٱلْقُلُوبِ ٱلطَّيِّبَةِ لِيُحَاجَّهُمْ مَنْطِقِيًّا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. — اقرإ الاعمال ١٧:
١٧ لَقَدْ كَانَ ٱلْيَهُودُ بِحُكْمِ دِيَانَتِهِمْ يَجْتَمِعُونَ مَعًا لِلْعِبَادَةِ فِي ٱلْمَجَامِعِ أَوْ فِي ٱلْهَوَاءِ ٱلطَّلْقِ. وَٱعْتَادُوا إِنْشَادَ ٱلتَّرَانِيمِ، إِقَامَةَ ٱلصَّلَوَاتِ، وَمُنَاقَشَةَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. وَقَدْ أَخَذَ عَنْهُمُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ هٰذِهِ ٱلْعَادَاتِ، وَهِيَ لَا تَزَالُ تُمَارَسُ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْيَوْمَ.
لَا مُسْتَحِيلَ بِمَعُونَةِ يَهْوَهَ
١٨، ١٩ (أ) مَاذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ عَنِ ٱلظُّرُوفِ ٱلَّتِي سَادَتْ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟ (ب) مَا هُوَ شُعُورُكَ تِجَاهَ يَهْوَهَ عَلَى ضَوْءِ هٰذِهِ ٱلْمَعْلُومَاتِ؟
١٨ أَلَيْسَ جَدِيرًا بِٱلْمُلَاحَظَةِ أَنْ تَتَوَفَّرَ كُلُّ هٰذِهِ ٱلظُّرُوفِ لِإِنْجَاحِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ؟ فَقَدِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلْعَوَامِلُ كُلُّهَا، مِنَ ٱلسَّلَامِ ٱلرُّومَانِيِّ إِلَى سُهُولَةِ ٱلْمُوَاصَلَاتِ، ٱللُّغَةِ ٱلْمُشْتَرَكَةِ، ٱلْقَانُونِ ٱلرُّومَانِيِّ، وَتَشَتُّتِ ٱلْيَهُودِ، وَسَاعَدَتْ تَلَامِيذَ يَسُوعَ عَلَى إِتْمَامِ ٱلتَّفْوِيضِ ٱلَّذِي أَوْكَلَهُ ٱللهُ إِلَيْهِمْ.
١٩ كَتَبَ ٱلْفَيْلَسُوفُ ٱلْيُونَانِيُّ أَفْلَاطُون قَبْلَ مَجِيءِ ٱلْمَسِيحِ بِأَرْبَعِ مِئَةِ سَنَةٍ: «إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّعْبِ أَنْ نَكْتَشِفَ مَنْ هُوَ خَالِقُ وَأَبُو كَوْنِنَا هٰذَا. وَلَوْ وَجَدْنَاهُ، فَمِنَ ٱلْمُسْتَحِيلِ أَنْ نُخْبِرَ عَنْهُ ٱلْعَالَمَ أَجْمَعَ». لٰكِنَّ يَسُوعَ قَالَ: «إِنَّ ٱلْمُسْتَحِيلَ عِنْدَ ٱلنَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ ٱللهِ». (لو ١٨:٢٧) فَخَالِقُ ٱلْكَوْنِ يُرِيدُ أَنْ يَجِدَهُ ٱلنَّاسُ وَيَتَعَرَّفُوا بِهِ. بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذٰلِكَ، قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ: «تَلْمِذُوا أُنَاسًا مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ». (مت ٢٨:١٩) وَإِتْمَامُ هٰذِهِ ٱلْمُهِمَّةِ مُمْكِنٌ بِمَعُونَةِ يَهْوَهَ. وَسَتُنَاقِشُ ٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ كَيْفَ يُنْجَزُ هٰذَا ٱلْعَمَلُ فِي أَيَّامِنَا.