يهوه يحبنا محبة لا مثيل لها
«اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا ٱلْآبُ». — ١ يو ٣:١.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٩١، ١٣
١ عَلَامَ حَثَّنَا ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا، وَلِمَاذَا؟
دَوَّنَ ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا فِي ١ يُوحَنَّا ٣:١ كَلِمَاتٍ تَسْتَحِقُّ مِنَّا كُلَّ ٱهْتِمَامٍ وَتَقْدِيرٍ. حَثَّنَا قَائِلًا: «اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا ٱلْآبُ»، أَيْ فَكِّرُوا مَلِيًّا كَمْ يُحِبُّنَا يَهْوَهُ وَكَيْفَ يُعْرِبُ عَنْ مَحَبَّتِهِ هٰذِهِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ تَطْبِيقَ هٰذَا ٱلنُّصْحِ يُقَوِّي مَحَبَّتَنَا لِإِلٰهِنَا وَيُرَسِّخُ عَلَاقَتَنَا بِهِ.
٢ لِمَ لَا يَسْتَوْعِبُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ ٱللهَ يُحِبُّهُمْ؟
٢ وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُحْزِنِ أَنَّ ٱلْبَعْضَ لَا يَسْتَوْعِبُونَ أَنَّ ٱللهَ يُحِبُّهُمْ. فَهُمْ لَا يَقْرُنُونَهُ سِوَى بِٱلْخَوْفِ وَٱلطَّاعَةِ. وَرُبَّمَا يَشْعُرُ آخَرُونَ أَنَّ ٱللهَ لَا يُحِبُّ وَلَا يُحَبُّ بِسَبَبِ تَعَالِيمَ خَاطِئَةٍ مُتَرَسِّخَةٍ فِي أَذْهَانِهِمْ. مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، ثَمَّةَ مَنْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ ٱللهِ تَحْصِيلُ حَاصِلٍ سَوَاءٌ فَعَلُوا مَرْضَاتَهُ أَوْ لَا. فِي كُلِّ ٱلْأَحْوَالِ، لَا بُدَّ أَنَّكَ تَعَلَّمْتَ مِنْ خِلَالِ دَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَنَّ ٱلْمَحَبَّةَ هِيَ ٱلصِّفَةُ ٱلْأَبْرَزُ فِي شَخْصِيَّةِ يَهْوَهَ، وَهِيَ ٱلَّتِي دَفَعَتْهُ إِلَى تَقْدِيمِ ٱبْنِهِ فِدْيَةً مِنْ أَجْلِنَا. (يو ٣:١٦؛ ١ يو ٤:٨) وَلٰكِنْ رُبَّمَا يَصْعُبُ عَلَيْكَ بِفِعْلِ تَرْبِيَتِكَ وَبِيئَتِكَ أَنْ تُدْرِكَ إِلَى أَيِّ دَرَجَةٍ يُحِبُّكَ يَهْوَهُ.
٣ مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَفْهَمَ مَحَبَّةَ يَهْوَهَ لَنَا؟
٣ وَكَيْفَ يُعْرِبُ يَهْوَهُ عَنْ مَحَبَّتِهِ لَنَا؟ لِنَعْرِفَ ٱلْجَوَابَ، عَلَيْنَا بِدَايَةً أَنْ المزمور ١٠٠:
٤ (أ) كَيْفَ يَخْتَلِفُ يَهْوَهُ عَنِ ٱلْآبَاءِ ٱلْبَشَرِ؟ (ب) مَاذَا تُنَاقِشُ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ وَٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ؟
٤ غَيْرَ أَنَّ ٱلْآبَاءَ ٱلْبَشَرَ أَشْخَاصٌ نَاقِصُونَ. وَمَهْمَا حَاوَلُوا، فَلَنْ يَعْكِسُوا كَامِلًا مَحَبَّةَ يَهْوَهَ ٱلْأَبَوِيَّةَ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، طَبَعَ ٱلْبَعْضُ فِي أَذْهَانِ أَوْلَادِهِمْ ذِكْرَيَاتٍ أَلِيمَةً عَنْ طُفُولَتِهِمْ تَرَكَتْ فِيهِمْ نُدُوبًا عَاطِفِيَّةً وَنَفْسِيَّةً عَمِيقَةً. إِلَّا أَنَّ يَهْوَهَ لَا يُشْبِهُ هٰؤُلَاءِ ٱلْآبَاءَ لَا مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ. (مز ٢٧:١٠) فَهُوَ يُحِبُّنَا حُبًّا جَمًّا وَيَهْتَمُّ بِنَا كَثِيرًا، وَإِدْرَاكُنَا هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ يُقَرِّبُنَا إِلَيْهِ حَتْمًا. (يع ٤:٨) لِذَا سَنُنَاقِشُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ أَرْبَعَةَ مَجَالَاتٍ تَكْشِفُ لَنَا مَحَبَّةَ يَهْوَهَ. وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنَتَأَمَّلُ كَيْفَ عَسَانَا نُبَادِلُهُ هٰذِهِ ٱلْمَحَبَّةَ فِي ٱلْمَجَالَاتِ ٱلْأَرْبَعَةِ عَيْنِهَا.
يَهْوَهُ يَدْعَمُ حَيَاتَنَا
٥ مَاذَا قَالَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ عَنِ ٱللهِ لِأَهْلِ أَثِينَا؟
٥ حِينَ كَانَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ فِي أَثِينَا بِٱلْيُونَانِ، لَاحَظَ أَنَّ ٱلْمَدِينَةَ مَلِيئَةٌ بِأَصْنَامِ آلِهَةٍ وَإِلَاهَاتٍ ظَنَّ ٱلنَّاسُ أَنَّهَا تَمْنَحُهُمُ ٱلْحَيَاةَ وَتَسُدُّ حَاجَاتِهِمْ. فَٱنْدَفَعَ بُولُسُ إِلَى إِخْبَارِهِمْ عَنِ «ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي صَنَعَ ٱلْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ»، وَقَالَ إِنَّ هٰذَا ٱلْإِلٰهَ «يُعْطِي ٱلْجَمِيعَ حَيَاةً وَنَسَمَةً وَكُلَّ شَيْءٍ . . . بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ». (اع ١٧:
٦ كَيْفَ تَتَجَلَّى مَحَبَّةُ يَهْوَهَ فِي ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي صَمَّمَهَا لَنَا؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.)
٦ إِلَيْكَ مَثَلًا ٱلْأَرْضَ ٱلَّتِي صَنَعَهَا يَهْوَهُ وَ «أَعْطَاهَا لِبَنِي ٱلْبَشَرِ». (مز ١١٥:
٧ كَيْفَ تُظْهِرُ ٱلطَّرِيقَةُ ٱلَّتِي خَلَقَنَا بِهَا يَهْوَهُ أَنَّهُ حَقًّا يُحِبُّنَا؟
٧ صَحِيحٌ أَنَّ يَهْوَهَ خَلَقَ لَنَا مَسْكَنًا رَائِعًا، لٰكِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ ٱلتَّدَابِيرَ ٱلْمَادِّيَّةَ وَحْدَهَا لَا تَمْنَحُنَا ٱلسَّعَادَةَ وَٱلرِّضَى. لِذَا فَقَدْ خَلَقَنَا عَلَى صُورَتِهِ وَمَنَحَنَا بِٱلتَّالِي ٱلْقُدْرَةَ أَنْ نَشْعُرَ بِمَحَبَّتِهِ وَعِنَايَتِهِ وَنَتَفَاعَلَ مَعَهُمَا. فَهٰذَا مَا يَمْنَحُنَا إِحْسَاسًا حَقِيقِيًّا بِٱلْفَرَحِ وَٱلْأَمَانِ، تَمَامًا مِثْلَ ٱلْوَلَدِ حِينَ يَلْمُسُ مَحَبَّةَ وَٱهْتِمَامَ وَالِدَيْهِ. (تك ١:٢٧) هٰذَا وَسَلَّطَ يَسُوعُ ٱلضَّوْءَ عَلَى مَصْدَرٍ آخَرَ لِلسَّعَادَةِ قَائِلًا: «سُعَدَاءُ هُمُ ٱلَّذِينَ يُدْرِكُونَ حَاجَتَهُمُ ٱلرُّوحِيَّةَ». (مت ٥:٣) فَيَهْوَهُ، مِثْلَ أَبٍ مُحِبٍّ، «يُزَوِّدُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِمُتْعَتِنَا» جَسَدِيًّا وَرُوحِيًّا عَلَى ٱلسَّوَاءِ. — ١ تي ٦:١٧؛ مز ١٤٥:١٦.
يَهْوَهُ يُعَلِّمُنَا ٱلْحَقَّ
٨ كَيْفَ يُظْهِرُ «إِلٰهُ ٱلْحَقِّ» ٱلْمَحَبَّةَ تِجَاهَنَا؟
٨ إِنَّ مَحَبَّةَ ٱلْآبَاءِ لِأَوْلَادِهِمْ تَدْفَعُهُمْ إِلَى حِمَايَتِهِمْ مِنَ ٱلضَّلَالِ وَٱلْخِدَاعِ. إِلَّا أَنَّ وَالِدِينَ كَثِيرِينَ يَعْجَزُونَ عَنْ مَنْحِ أَوْلَادِهِمِ ٱلْإِرْشَادَ ٱلسَّدِيدَ لِأَنَّهُمْ هُمْ أَنْفُسَهُمْ لَا يُعِيرُونَ مَقَايِيسَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَيَّ ٱنْتِبَاهٍ. نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، غَالِبًا مَا يَسُودُ ٱلْعَائِلَةَ جَوٌّ مِنَ ٱلتَّشْوِيشِ وَٱلتَّعَاسَةِ. (ام ١٤:١٢) بِٱلْمُقَابِلِ، يَهْوَهُ هُوَ «إِلٰهُ ٱلْحَقِّ». (مز ٣١:٥) وَلِأَنَّهُ يُحِبُّ أَوْلَادَهُ، يُسَرُّ بِأَنْ يُضِيءَ نُورُ حَقِّهِ سَبِيلَهُمْ وَيَهْدِيَهُمْ فِي كُلِّ مَجَالَاتِ حَيَاتِهِمْ، وَلَا سِيَّمَا فِي مَسَائِلِ ٱلْعِبَادَةِ. (اقرإ المزمور ٤٣:٣.) فَمَا ٱلْحَقُّ ٱلَّذِي يَكْشِفُهُ يَهْوَهُ؟ وَكَيْفَ يُتَرْجِمُ ذٰلِكَ مَحَبَّتَهُ لَنَا؟
٩، ١٠ كَيْفَ يُبَيِّنُ يَهْوَهُ مَحَبَّتَهُ (أ) بِكَشْفِ ٱلْحَقِّ عَنْ نَفْسِهِ؟ (ب) بِٱلْكَشْفِ عَنْ مَكَانِنَا فِي تَرْتِيبِهِ؟
٩ بِدَايَةً، يَكْشِفُ يَهْوَهُ ٱلْحَقَّ عَنْ نَفْسِهِ. فَهُوَ يُعَرِّفُنَا بِٱسْمِهِ ٱلشَّخْصِيِّ ٱلَّذِي يَرِدُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ ٱسْمٍ آخَرَ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، مُقَرِّبًا نَفْسَهُ إِلَيْنَا وَفَاسِحًا لَنَا ٱلْمَجَالَ أَنْ نَعْرِفَهُ عَنْ كَثَبٍ. (يع ٤:٨) وَيُخْبِرُنَا يَهْوَهُ أَيْضًا عَنْ صِفَاتِهِ وَشَخْصِيَّتِهِ. فَفِي حِينِ تَعْكِسُ ٱلْخَلِيقَةُ قُوَّتَهُ وَحِكْمَتَهُ، تُطْلِعُنَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ عَلَى عَدْلِهِ وَمَحَبَّتِهِ ٱلَّتِي لَا تَحُدُّهَا حُدُودٌ. (رو ١:٢٠) فَإِذَا كَانَ لَدَيْكَ أَبٌ قَدِيرٌ وَحَكِيمٌ، عَادِلٌ وَمُحِبٌّ، أَفَلَا يَسْهُلُ عَلَيْكَ أَنْ تُنَمِّيَ عَلَاقَةً حَمِيمَةً بِهِ؟!
١٠ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، يَكْشِفُ لَنَا يَهْوَهُ عَنْ مَكَانِنَا فِي ٱلتَّرْتِيبِ ٱلَّذِي أَعَدَّهُ لِإِتْمَامِ قَصْدِهِ، مَا يُسَاهِمُ فِي تَحْقِيقِ ٱلسَّلَامِ وَٱلنِّظَامِ فِي عَائِلَتِهِ ٱلْكَوْنِيَّةِ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُعَلِّمُنَا أَنَّ ٱلْبَشَرَ لَمْ يُخْلَقُوا لِيُحَدِّدُوا ٱلصَّوَابَ وَٱلْخَطَأَ بِٱسْتِقْلَالٍ عَنِ ٱللهِ، وَيُحَذِّرُنَا أَنَّ تَجَاهُلَ هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ يُؤَدِّي إِلَى عَوَاقِبَ وَخِيمَةٍ. (ار ١٠:٢٣) فَيَهْوَهُ هُوَ ٱلْأَدْرَى بِمَصْلَحَتِنَا. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَنْعَمَ بِٱلسَّلَامِ وَٱلرَّاحَةِ فِي ٱلْحَيَاةِ إِلَّا إِذَا ٱعْتَرَفْنَا بِسُلْطَتِهِ وَأَطَعْنَاهُ. فَكَمْ هُوَ إِلٰهٌ مُحِبٌّ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْفِ عَنَّا هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ!
١١ بِمَ يَعِدُ يَهْوَهُ مُبَرْهِنًا عَنْ مَحَبَّتِهِ لَنَا وَٱهْتِمَامِهِ بِنَا؟
١١ إِنَّ ٱلْوَالِدَ ٱلْمُحِبَّ يَهْتَمُّ أَيْضًا ٱهْتِمَامًا مُخْلِصًا بِمُسْتَقْبَلِ أَوْلَادِهِ. فَجُلُّ مَا يُرِيدُهُ أَنْ يَعِيشُوا حَيَاةً هَادِفَةً لَهَا مَعْنًى حَقِيقِيٌّ. وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلنَّاسِ يَجْهَلُونَ ٱلْمُسْتَقْبَلَ أَوْ يُضَيِّعُونَ سَنَوَاتِ حَيَاتِهِمْ سَعْيًا وَرَاءَ أَهْدَافٍ فَانِيَةٍ. (مز ٩٠:١٠) أَمَّا نَحْنُ، أَوْلَادَ ٱللهِ، فَلَسْنَا فِي ظُلْمَةٍ. فَيَهْوَهُ يَعِدُنَا بِمُسْتَقْبَلٍ زَاهِرٍ، وَهٰذَا يُبَرْهِنُ مَحَبَّتَهُ لَنَا وَيُعْطِي قَصْدًا لِحَيَاتِنَا.
يَهْوَهُ يَنْصَحُنَا وَيُؤَدِّبُنَا
١٢ كَيْفَ حَاوَلَ يَهْوَهُ بِمَحَبَّةٍ أَنْ يُسَاعِدَ قَايِينَ وَبَارُوخَ؟
١٢ حِينَ رَأَى يَهْوَهُ أَنَّ قَايِينَ عَلَى وَشْكِ ٱرْتِكَابِ فِعْلٍ خَطِيرٍ، حَاوَلَ مُسَاعَدَتَهُ قَائِلًا: «لِمَاذَا ٱحْتَدَمَ غَضَبُكَ وَلِمَاذَا تَجَهَّمَ وَجْهُكَ؟ إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلَا تُرْفَعُ؟ . . . هَلْ تَسُودُ أَنْتَ عَلَى [ٱلْخَطِيَّةِ]؟». (تك ٤:
١٣ لِمَ سَمَحَ يَهْوَهُ أَنْ تَنْزِلَ ٱلْمِحَنُ بِخُدَّامِهِ ٱلْأُمَنَاءِ؟
١٣ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «اَلَّذِي يُحِبُّهُ يَهْوَهُ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ مَنْ يَتَّخِذُهُ لَهُ ٱبْنًا». (عب ١٢:٦) إِلَّا أَنَّ ٱلتَّأْدِيبَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى ٱلْعِقَابِ بَلْ يَتَّخِذُ أَشْكَالًا مُخْتَلِفَةً. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَزْخَرُ بِأَمْثِلَةٍ عَنْ خُدَّامٍ أُمَنَاءَ ٱحْتَمَلُوا مِحَنًا قَاسِيَةً كَانَ بَعْضُهَا بِمَثَابَةِ تَأْدِيبٍ لَهُمْ لٰكِنَّهَا مَنَحَتْهُمُ ٱلتَّدْرِيبَ ٱللَّازِمَ. فَكِّرْ مَثَلًا فِي يُوسُفَ وَمُوسَى وَدَاوُدَ. فَسِيَرُ حَيَاتِهِمْ هِيَ بَيْنَ ٱلرِّوَايَاتِ ٱلْأَكْثَرِ تَفْصِيلًا وَحَيَوِيَّةً فِي كَلِمَةِ ٱللهِ. وَحِينَ نَقْرَأُ كَيْفَ سَانَدَهُمْ يَهْوَهُ فِي خِضَمِّ مِحَنِهِمْ وَكَيْفَ سَاهَمَ تَدْرِيبُهُمْ فِي تَوَلِّيهِمْ لَاحِقًا مَسْؤُولِيَّاتٍ ثَقِيلَةً، نَلْمُسُ لَمْسَ ٱلْيَدِ عِنَايَتَهُ بِخُدَّامِهِ وَمَحَبَّتَهُ ٱلْفَائِقَةَ لَهُمْ. — اقرإ الامثال ٣:
١٤ كَيْفَ نَلْمُسُ مَحَبَّةَ يَهْوَهَ إِذَا ٱرْتَكَبْنَا خَطَأً؟
١٤ وَيُسَاعِدُنَا تَأْدِيبُ يَهْوَهَ أَنْ نَرَى وَجْهًا آخَرَ لِمَحَبَّتِهِ. فَهُوَ «يُكْثِرُ ٱلْغُفْرَانَ» لِمَنْ يَتَجَاوَبُ مَعَ تَأْدِيبِهِ وَيَتُوبُ مِنْ صَمِيمِ قَلْبِهِ. (اش ٥٥:٧) وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ أَبُونَا ٱلسَّمَاوِيُّ رَحِيمٌ؟ يَصِفُ دَاوُدُ بِكَلِمَاتٍ مُؤَثِّرَةٍ غُفْرَانَ يَهْوَهَ قَائِلًا: «هُوَ ٱلَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكَ، وَيَشْفِي جَمِيعَ أَمْرَاضِكَ، يَسْتَرِدُّ مِنَ ٱلْحُفْرَةِ حَيَاتَكَ، وَيُتَوِّجُكَ بِٱللُّطْفِ ٱلْحُبِّيِّ وَٱلرَّحْمَةِ. كَبُعْدِ ٱلْمَشْرِقِ عَنِ ٱلْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا». (مز ١٠٣:
يَهْوَهُ يُحِيطُنَا بِحِمَايَتِهِ
١٥ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ شَعْبَ يَهْوَهَ ثَمِينُونَ فِي نَظَرِهِ؟
١٥ غَنِيٌّ عَنِ ٱلْقَوْلِ إِنَّ مِنْ أَوْلَوِيَّاتِ ٱلْأَبِ ٱلْمُحِبِّ حِمَايَةَ عَائِلَتِهِ وَحِفْظَهَا مِنْ أَيِّ أَذًى أَوْ خَطَرٍ مُحْتَمَلٍ. فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى أَبُونَا ٱلسَّمَاوِيُّ يَهْوَهُ؟! ذَكَرَ صَاحِبُ ٱلْمَزْمُورِ أَنَّ يَهْوَهَ «حَافِظٌ نُفُوسَ أَوْلِيَائِهِ، مِنْ يَدِ ٱلْأَشْرَارِ يُنْقِذُهُمْ». (مز ٩٧:١٠) وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ يَحْرِصُ عَلَيْنَا؟ حِرْصَ ٱلْإِنْسَانِ عَلَى حِمَايَةِ عَيْنِهِ مِنَ ٱلْأَذَى. (اقرأ زكريا ٢:٨.) فِعْلًا، نَحْنُ ثَمِينُونَ جِدًّا فِي نَظَرِ خَالِقِنَا ٱلْمُحِبِّ!
١٦، ١٧ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ يَحْمِي يَهْوَهُ شَعْبَهُ؟
١٦ وَإِحْدَى ٱلْوَسَائِلِ ٱلَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا يَهْوَهُ لِحِمَايَةِ شَعْبِهِ هِيَ ٱلْمَلَائِكَةُ. (مز ٩١:١١) فَفِي ٱلْمَاضِي، قَضَى مَلَاكٌ عَلَى جَيْشٍ مِنْ ١٨٥٬٠٠٠ جُنْدِيٍّ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، مُنْقِذًا أُورُشَلِيمَ مِنْ غَزْوِ ٱلْأَشُّورِيِّينَ. (٢ مل ١٩:٣٥) كَمَا ظَهَرَ دَوْرُ ٱلْمَلَائِكَةِ فِي تَحْرِيرِ ٱلرَّسُولَيْنِ بُطْرُسَ وَبُولُسَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ ٱلسِّجْنِ. (اع ٥:
١٧ طَبْعًا يَسْمَحُ يَهْوَهُ فِي بَعْضِ ٱلْمُنَاسَبَاتِ أَنْ يَمُوتَ خُدَّامُهُ ٱلْأُمَنَاءُ عَلَى يَدِ أَعْدَائِهِمْ، كَمَا حَدَثَ مَعَ إِسْتِفَانُوسَ. إِلَّا أَنَّهُ يَحْمِي شَعْبَهُ كَمَجْمُوعَةٍ إِذْ يُزَوِّدُهُمْ بِتَحْذِيرَاتٍ فِي حِينِهَا مِنْ مَكَايِدِ ٱلشَّيْطَانِ. (اف ٦:
اِمْتِيَازٌ رَفِيعٌ
١٨ كَيْفَ تَشْعُرُ حِيَالَ مَحَبَّةِ يَهْوَهَ لَكَ؟
١٨ مَا نَاقَشْنَاهُ هُوَ مُجَرَّدُ ٱلْقَلِيلِ مِنَ ٱلطَّرَائِقِ ٱلرَّائِعَةِ ٱلَّتِي تَشْهَدُ عَلَى مَحَبَّةِ يَهْوَهَ لَنَا. فَلَا يَسَعُنَا إِلَّا أَنْ نُشَاطِرَ مُوسَى مَشَاعِرَهُ ٱلَّذِي قَالَ بَعْدَمَا تَأَمَّلَ سِجِلَّهُ ٱلطَّوِيلَ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ: «أَشْبِعْنَا فِي ٱلصَّبَاحِ مِنْ لُطْفِكَ ٱلْحُبِّيِّ، فَنُهَلِّلَ وَنَفْرَحَ كُلَّ أَيَّامِنَا». (مز ٩٠:١٤) فِعْلًا، إِنَّهَا لَبَرَكَةٌ عَظِيمَةٌ بَلِ ٱمْتِيَازٌ رَفِيعٌ أَنْ نُدْرِكَ عُمْقَ مَحَبَّةِ يَهْوَهَ لَنَا وَنَلْمُسَهَا فِي كُلِّ أَوْجُهِ حَيَاتِنَا. فَلْنَضُمَّ صَوْتَنَا إِلَى ٱلرَّسُولِ يُوحَنَّا وَلْنَقُلْ: «اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا ٱلْآبُ»! — ١ يو ٣:١.