أظهِر المراعاة للوالدين المتوحدين
أظهِر المراعاة للوالدين المتوحدين
قلة هم الذين يستنزفون الوقت والطاقة كالوالدين المتوحدين. ومرد ذلك هو ان التحديات التي يواجهها هؤلاء الوالدون لا تحصى. فعلى عاتقهم تقع المسؤوليات الكثيرة لتنشئة عائلة، كالتبضع والطبخ والتنظيف والاعتناء بالاولاد، هذا الى جانب الوظيفة التي يشغلونها. كما انه من الضروري ان يوفروا لأولادهم العناية الصحية والدعم العاطفي ووسائل الاستجمام، وفوق ذلك كله ان يجدوا — إن استطاعوا — القليل من اللحظات الثمينة التي يخصصونها لحياتهم الشخصية.
رغم ان العائلات ذات الوالد الواحد تزداد عددا اكثر فأكثر وباتت تشكل شريحة كبيرة في المجتمع، فمن السهل ان يُغفَل عنها. اعترفت احدى الامهات بصراحة: «لم اكن آبه لحال الوالدين المتوحدين حتى اصبحت واحدة منهم». فكيف يمكنك مراعاة الوالدين المتوحدين؟ وهل ينبغي ان تهتم لأمرهم؟ لنتأمل في ثلاثة اسباب تدفعنا الى الاهتمام بحاجاتهم.
اسباب تدعو الى مراعاتهم
كثيرون من الوالدين المتوحدين يرغبون في نيل المساعدة. ذكرت ارملة عمرها ٤١ سنة لها ولدان: «احيانا لا اكون متيقنة مما علي فعله، وأشعر ان مسؤولياتي الكثيرة تثقل كاهلي». فالترمل، الهجر، او الاوضاع الاخرى غير المؤاتية تجعل والدين متوحدين كثيرين يمتلكون مشاعر مماثلة لمشاعر أم قالت: «اننا نلتمس العون، ونحن بحاجة ماسة اليه!».
مساعدتهم تؤول الى سعادتك. هل سبق ان ساعدت احدا على حَمل شيء اثقل من ان يحمله المرء بمفرده؟ في هذه الحال، لا بد انك شعرت بالاكتفاء لأنك قدمت العون له بطريقة عملية. بشكل مماثل، يحمل الوالدون المتوحدون حِملا قد يكون احيانا فوق طاقتهم. وحين تأخذ بيدهم، تختبر صحة كلمات المزمور ٤١:١: «سعيد هو الذي يراعي المسكين».
مساعدتهم ترضي الله. تقول يعقوب ١:٢٧: «الديانة الطاهرة غير المدنسة في نظر الهنا وأبينا هي هذه: الاعتناء باليتامى والارامل في ضيقهم». وهذا يشمل العناية بالوالدين المتوحدين. * تذكر عبرانيين : «لا تنسوا فعل الصلاح ومشاركة الآخرين، لأنه بذبائح مثل هذه يرضى الله». ١٣:١٦
لنرَ الآن ما يمكننا فعله ليس فقط لنقدم لهم المساعدة، بل ايضا لتكون هذه المساعدة عملية، مبقين في بالنا الاسباب الثلاثة التي تدفعنا الى مراعاتهم.
تمييز حاجاتهم
قد يبدو لك ان ما يجب فعله هو ان تسأل الوالد المتوحد: «كيف يمكنني مساعدتك؟». لكن الواقع هو ان ذلك نادرا ما يحمله على اخبارك بحاجاته الحقيقية. فكما ذُكر آنفا، يوصينا المزمور ٤١:١ ان نتصف ‹بالمراعاة›. ويوضح احد المراجع ان التعبير العبراني المستعمل هنا يمكن ان يعني «ترتيب مترابط للأفكار في الذهن يؤدي الى معاملة الآخر بحكمة».
اذًا، كي تعرف ما هي افضل طريقة لتقديم المساعدة، يلزم ان تفكر مليا في التحديات التي يواجهها الوالدون المتوحدون. كن شديد الانتباه، ولا تكتفِ بامتلاك نظرة سطحية الى الامور. واسأل نفسك: ‹اية مساعدة احتاج اليها لو كنت مكانهم؟›. طبعا، يعتقد والدون متوحدون كثيرون انك مهما حاولت، فلن تفهم معاناتهم كاملا إلا اذا كنت في الوضع نفسه. مع ذلك، فإن بذل وسعك لتتفهم ظروفهم يساعدك على ‹اظهار المراعاة› لهم.
اقتدِ بمثال الله الكامل
يهوه الله هو خير مَن يهتم اهتماما حبيا وعمليا بالوالدين المتوحدين. فالكثير من الآيات تلقي الضوء على عنايته ومراعاته للأرامل واليتامى، وبالتالي للوالدين المتوحدين. وإذ نفحص الطريقة التي بها يسد حاجات المساكين، يمكننا تعلم الكثير عن كيفية منح المساعدة العملية للآخرين. اليك اربعة عوامل رئيسية لتتأمل فيها.
اعرهم اذنا صاغية
اعلن يهوه في الشريعة التي اعطاها لإسرائيل القديمة انه ‹يسمع صراخ› المحرومين. (خروج ٢٢:٢٢، ٢٣) فكيف تحتذي بمثاله الرائع؟ كثيرا ما ينتاب الوالدين المتوحدين الشعور بوحدة شديدة بسبب عدم وجود شخص راشد يتحدثون اليه. قالت أم متوحدة بأسى: «حين يأوي الاولاد الى فراشهم، اعجز احيانا ان امسك عن البكاء. فالوحدة التي تتملكني تفوق في بعض الاوقات قدرتي على الاحتمال». فهل انت على استعداد ‹لتسمع صراخ› والد متوحد بحاجة ان يفضي بمشاعره الى شخص ما، إن كان ذلك لائقا؟ لا شك ان إعارته اذنا صاغية في ظروف مناسبة يساعده كثيرا ان يتغلب على التحديات التي يواجهها.
امنحهم التشجيع
اوحى يهوه بكتابة ترانيم مقدسة، او مزامير، انشدها الاسرائيليون في مناسبات خاصة بالعبادة. تخيل كم تشجع الارامل واليتامى الاسرائيليون لدى ترنيمهم الكلمات الموحى بها من الله التي ذكَّرتهم بأن يهوه «اب» و «قاضٍ» لهم وأنه سيعينهم! (مزمور ٦٨:٥؛ ١٤٦:٩) بإمكاننا نحن ايضا ان نتفوه بكلام مشجِّع يبقى في ذاكرة الوالد المتوحد طوال سنوات. فثمة والدة متوحدة اسمها رُوث لا تزال تتذكر بسرور ما قاله لها اب ذو خبرة رغم مرور ٢٠ سنة: «انت تبلين بلاء حسنا في تربية ابنيك. واصلي عملك الجيد». تذكر رُوث: «اثّرت هذه الكلمات فيّ تأثيرا بالغا». نعم، «الكلمات اللطيفة دواء ناجع»، وهي تشجِّع الوالد المتوحد اكثر مما نتصور. (امثال ١٥:٤، الترجمة الانكليزية المعاصرة) فهل يمكنك التفكير في كلام مدح صادق ومحدد تقوله لوالد متوحد؟
ساعِدهم ماديا عند الحاجة
تضمنت شريعة يهوه لإسرائيل القديمة ترتيبات تتيح للأرامل واليتامى ان يحصلوا على القوت بطريقة تحفظ لهم كرامتهم. ومن خلال هذه التدابير، نال هؤلاء المساكين ما يكفي ‹ليأكلوا ويشبعوا›. (تثنية ٢٤:١٩-٢١؛ ٢٦:١٢، ١٣) نحن ايضا بإمكاننا تقديم المساعدة المادية لعائلة محتاجة ذات والد واحد دون المسّ بكرامتهم او التسبب بإحراجهم. فهل تستطيع ان تجلب لهم بعض المأكولات، او المواد الغذائية والمعلبات؟ هل لديك ثياب لهم او لأولادهم؟ او هل يمكنك منح الوالد المتوحد مبلغا من المال ليسد به بعضا من حاجات عائلته؟
وفِّر لهم معاشرة بناءة
امر يهوه امة اسرائيل ان تشمل الارامل واليتامى بأعيادها السنوية؛ وذلك لكي تتوفر لهم معاشرة مبهجة. فيهوه اوصى الشعب بأن ‹يفرحوا›. (تثنية ١٦:١٠-١٥) بشكل مماثل، يُنصح المسيحيون اليوم بأن ‹يكونوا مضيفين بعضهم لبعض›، مهيئين بذلك فرصا ليستمتعوا بمعاشرة واحدهم الآخر. (١ بطرس ٤:٩) فلمَ لا تدعو عائلة ذات والد واحد الى بيتك لتناول وجبة طعام؟ لا حاجة ان تبذل جهدا كبيرا للقيام بالتحضيرات. فحين كان يسوع يتمتع بمعاشرة الآخرين في بيت اصدقاء له، اكد ان ‹الحاجة هي الى قليل، او الى واحد›. — لوقا ١٠:٤٢.
اظهارك المراعاة سيلقى التقدير
تقول كاثلين، والدة متوحدة ربت ثلاثة اولاد، انها لن تنسى ابدا هذه النصيحة الحكيمة: «لا تتوقعي شيئا، وقدِّري كل شيء». وعلى غرارها، يدرك والدون متوحدون كثيرون ان تربية الاولاد هي مسؤولية شخصية ملقاة على عاتقهم. لذا فهم لا يتوقعون ان يتولى الآخرون ما يجب ان يفعلوه هم بأنفسهم. لكنهم يقدِّرون دون شك اية مساعدة تُقدم لهم. وبمراعاتك اياهم تعمل لخيرهم وتنعم بالسعادة. ولا ريب ان يهوه الله ‹يجازيك عن صنيعك›. — امثال ١٩:١٧.
[الحاشية]
^ الفقرة 7 رغم ان عبارة «الوالدين المتوحدين» لا ترد في الكتاب المقدس، يكثر فيه استعمال الكلمتين «الارملة» و «اليتيم». وهذا يشير انه في ازمنة الكتاب المقدس ايضا، كان هنالك الكثير من الوالدين المتوحدين. — اشعيا ١:١٧.
[الصورة في الصفحة ٢٤]
متى كانت آخر مرة دعيت فيها عائلة ذات والد واحد الى تناول وجبة طعام؟ لمَ لا تقوم بذلك في وقت قريب؟